رئيـس التحـريرحيـدر حب الله

مدير التحريرمحمد عباس دهيني

المدير المسؤولربيع سويدان

)الهيئة االستشارية (أبجديا

راجخوإتنضيد papyrus

تصميم الغالفIdea Creation

االجتهادوالتجديد

فصلية مختصة بقضـــايا االجتهاد والفقــهاإلسالمي

، السنة الثانيةالخامس واألربعونالعدد عشرة

هـ1439م ـ 2018شتاء

:شروط النشرترحب المجلة بمســاهمات البــاحثين

في مجاالت الفقه اإلسالمي وأصــوله،ــات ــال، ومراجع وعلم الحديث، والرج

الكتب، والمناقشات.يشـــترط في المـــادة المرســـلة أن

ــول البحث العلمي على ــ ــتزم بأص ــ تل مختلـــــــف المســـــــتويات: المنهج،ــة، التوثيــق، وأن ال تكــون قــد المنهجي نشرت أو أرسلت للنشر في كتــاب أو

دورية عربية أخرى.ــة ــادة المرســلة لمراجع تخضــع الم

هيئــة التحريــر، وال تعــاد إلى صــاحبها،نشرت أم لم تنشر.

يحــق لهيئــة التحريــر إعــادة صــياغة النصوص الــتي تــرد إليهــا إذا اقتضــت الضرورة ذلك، شرط أن ال يــؤدي إلى

اإلخالل بمقصود الكاتب.ــواد ــر الم ــادة نش ــق إع ـة ح ـ للمجل

المنشورة، منفصلة أو ضمن كتاب.

الشيخ خميس

العدوي

د. محمد خير

قيرباش أوغلو

د. محمد سليم

عمان

تركيا

مصر

إيران

فصلية مختصة بقضـــايا االجتهاد والفقــه اإلسالميتصدر عن مركز البحوث المعاصرة في بيروت

وكالء التوزيع: ــحف ٭ ــع الصـ ــرون لتوزيـ ــركة الناشـ ــان: شـ لبنـ

ــل وزارة ــرفية، مقاب ــيروت، المش ــات، ب والمطبوعــه، ط ــل الل ــنتر فض ــل، س ،184/25، ص. ب: 4العم

+(.9611)277007/277088هاتف: ــر ــط للنشـ ــركة دار الوسـ ــرين: شـ ــة البحـ ٭ مملكـ

+(.973)17596969والتوزيع، هاتف: ــرام، ــة األهـ ــة: مؤسسـ ــر العربيـ ــة مصـ ٭ جمهوريـ

+(.202)7704365القاهرة، شارع الجالء، هاتف: ٭ اإلمـــارات العربيـــة المتحـــدة: دار الحكمـــة، دبي،

+(.9714)2665394هاتف: ٭ المغــرب: )ســبريس( الشــركة العربيــة اإلفريقيــة

زنقــة70للتوزيع والنشر والصحافة، الدار البيضاء، سجلماسة.

ــ ــراق: ٭ ــارعـ 1الع ــداد، ش ــربي، بغ ــاب الع دار الكت ـــ مكتبــة2+(.ــ 964)7901419375المتنبي، هاتف:

العين، بغــــــداد، شــــــارع المتنــــــبي، هــــــاتف: ـ مكتبة القائم، الكاظمية،3+(ـ. 964)7700728816

ـــ دار الغــدير،4بــاب المــراد، خلــف عمــارة النــواب. ــاتف: ــويش، ه ــوق الح ــف، س )7801752581النج

ـ مؤسسة العطار الثقافية، النجف، سوق5(ـ. +964ــاتف: ــ 964)7501608589الحــويش، ه ــ6+(. دار ـ

الكتب للطباعة والنشر، كربالء، شــارع قبلــة اإلمــام ، الفـرع المقابـل لمرقـد ابن فهــد الحلي،×الحسين

المراســالت: باسم رئيس التحرير

327لبنان ــ بيروت ــ ص. ب: /25

www.nosos.netinfo@nosos.net

التنفيذ الطباعي ومركز النشر: مؤسســة دلتــا للطباعــة والنشـر، لبنــان ــ بيروت، الحدث، قرب مستشــفى الســان

اب، خلـــفتريـــز، مفـــرق ملحمـــة كســـــد ــة عب ــاني، بناي المركــز الثقــافي اللبن

تلفـــــاكس: الكـــــريم وعطيـــــة، 009615464520

كلمة التحرير البشرية الشخصــية المرجعيــة للنــبي، بين الرســولية التبليغيــة والذاتيــة

5.......................................................حيدر حب الله

دراسات المحكم والمتشابه في القرآن، قراءة جديدة

23..........................................روح الله ملكيانالشيخ ــنيهوم، من مســؤولية أداء ــد الصــادق ال الشعائر إلى مسؤولية األمور الدنيوية نقــد الفقــه اإلســالمي عن

74................................................د. محمد بن سباعد الديني، تقييم نقدي ألدلــة مصــطفى ملكيان عقالنية أو عدم عقالنية التعب

99..............................................پورآرش جمشيد د. أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري

ن 117.........................الشيخ أحمد بن عبد الجبار السميتكميلية لرؤية المحقق الخوئي الرد في اإلرث في ضوء القرآن الكــريم، دراســة تحليليــة تقويميــة

133............................د. الشيخ خالد الغفوري الحسنينقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية

152............................محمد عيسى الجعفريد. الشيخ بين تراث دعاء السمات والتلمود البابلي

173..........................................گراميد. محمد هادي رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي

184......................السيد محمد كاظم المددي الموسوي

منهج القدماء في العمل باألخبار، ودور الفهارس فيه200.....................................الشيخ محمد باقر ملكيان

الثاني / القســمإرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القــائم208....................................الشيخ فخر الدين الصانعي

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية236...............................................أ. نبيل علي صالح

القسم الثانيأخالق المعرفة الدينية / 256............................................د. أبو القاسم فنائي

القسم الثانيالتأريخية أصــول فقــه اإلماميــة، رصــد للتكــون والنشــأة على ضــوء الوثــائق / ن 315.........................الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمي

ــبل ــأة وس ــل النش ــديني، قــراءة في عوام ــرف والعنــف ال المواجهة التط340...................................أ. د. عبد األمير كاظم زاهد

قراءات البحيري( دراسات في عالم الــروح، قــراءة في كتــاب )للســفير عــزت علي

356................................................أ. مختار األسدي

ملحق خاص هـ1439 ـ 1434م / 2017 ـ 2013في سنوات خمس «االجتهاد والتجديد» من مجلة 44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني

الشخصية المرجعية للنبيبين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية

حيدر حب الله

مدخل في توضيح المفهوم من الواضح أن النبي أو اإلمـام تصـدر منهمـا أقـوال وأفعـال ومســلكيات. وأول شــيء يواجهنــا في مــا يصــدر منهم هــو مــدى عالقة ما يصدر منهم بالدين نفسه. فهل كل ما يصدر منهم نابع أو

خذ شكال آخر؟ حاك عن الدين أو أن القضية تت يرى العلماء المسلمون أن هناك بعض األمور التي قد تصـدرــه ــة عن ــدين، أو حاكي ــة من ال ــون نابع ــ وال تك ــ مثال ـ ــبي ـ عن الن بالضرورة، فلو قال النـبي: أنــا عطشــان فـإن عطشــه ليس أمــراــة وشــعورية تعــرض دينيا، وإنما هو إخبار شخصــي عن حالــة ماديــال جسده ونفسه. وال يظهر اختالف كبير إزاء وجود كلمات أو أفعل بالنســبة من النــبي ال تتصــل بالـدين ومضـمونه األصـلي، وال تمث

إلينا أمرا دينيا جاءت به السماء، وإن كان حقا وصائبا. إال أن الموضوع اإلشــكالي يكمن في الجــانب المــرجعي منــدر شخصية المعصوم، وأعني بذلك أنه ما هو األصل في الذي يص عنه؟ هل هو البعد التبليغي للدين، بحيث نستطيع األخذ به ونسبتهــبي دون إلى الدين، أو هو البعد غير التبليغي، بحيث ننسبه إلى الن

أن تحكي هذه النسبة عن أمر ديني؟ وجوهر الموضوع يكمن في أنه هل كل كالم يصدر عن النبي هو دين إلهي أرسلته السماء، أو أنه قد يصدر عنه ما هو وإن كان

حقا، لكنه ال ينبع من السمة الرسولية التي تجعل ما يقول منتسبا إلى جوهر الرسالة الــتي أتى بهــا؟ ومن ثم فهــل كــل قــول نبــويــة األصــلية أضع يدي عليه يمكنني أن أنســبه إلى المنظومــة الديني الثابتة، أو أنه مع احتمال صدور هذا القول من شــخص النــبي بمــا هو إنسان أو حاكم أو مجاهد أو غير ذلك ـ ال بما هو حاك عن اللهع في نســبته إلى ومخبر عن الدين السماوي ـ فال يمكنــني التســر

الدين نفسه بوصفه المكلف به في حياتي؟ ولكي أعيد صياغة القضية بشكل آخــر نفــترض في

النبي شخصيتين: الشخصــية الرســولية أوونســميها :الشخصية األولى

ل سوى الحاكي والناقل لماالمرآتية . وهي الشخصية التي ال تمث أرسل النبي إلخباره، وهو الدين نفسه والرسالة نفسها. وفي هذه الشخصية يكون كل مــا يصــدر عن النـبي طريقــا لمعرفــة مــا هــو

الدين، وما تتضمنه الرسالة التي جاء بها.ــميهاالشخصـــية الثانية الشخصـــية الذاتيـــة أو: ونسـ

ل النــبي بوصــفه محمــد بنالمحمدية . وهي الشخصــية الــتي تمث عبد الله بن عبد المطلب، ال بوصفه ناقال للرسالة. فما يصدر منــه ولو كان حقا، لكنه ليس إخبارا عن الرسالة، ولــو كــان خادمــا لهــا

ومنسجما مع قضاياها. وهذا الفرق يمكن تمثيلــه بشــخص أرســل إلى آخــر ليوصــل إليه رسالة شفوية مثال. إن الرسول وهو يقوم بنقل نص الرســالةر عن الشخصية المرآتية الــتي يمـر بهــا المســتمع، وصـوال إلى يعبل صــاحب الرســالة ومكونهــا جوهر الموضــوع الــذي بعثــه المرســ وصانعها. أما عندما ينتهي من نقــل الرســالة، ويجلس للمســامرة مع المرسل إليه، ويتحدثان بأخبار البالد والعباد، فإن ما يقوله هذا الرسول ال يكون من ضمن رســالته الــتي بعث بهــا، حتى لــو كــان

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

المرسل راضيا بما قاله الرسول خارج نقل الرسالة. والسؤال الجوهري هنا: هل نعتبر أن كل مـا يقولــه الرســولــا ــل م هو رسالة من المرسل إلى أن يثبت العكس؛ أو نعتبر أن كــ، ل ـ ل فيه نفسه ـ ولو كان صحيحا ومرضيا من المرســ يقوله يمث لكنه ليس مسطورا في النصوص األصــلية للرســالة؛ أو ال هــذا وال

ذاك؟ــة بصــيغة أخــرى، ــات الديني هذا التساؤل قــد نجــده في األدبيــدين اإللهي؛ أو أن غ لل ـه مبل ـ ــوم أن ــل في المعص ــل األص وهي: هــه ال يوجــد أصــل مــرجعي في المقــام األصل فيه عدم ذلــك؛ أو أن

أبدا؟ وسؤالنا الجوهري هنا أو اإلشكالية العمــدة ال معــنى لهمــا إال بعد االعتراف بوجود هذين الجانبين في المعصوم، كمــا هــو محــلــدى ــود إح ــو أصــر شــخص على نفي وج ــا ل ــيرين. أم ــول الكث قب الشخصيتين مطلقا فمن الطبيعي أنه ال معنى عنده لهذا التساؤلــة ــبر أصــل معقولي ــذا، ســوف نعت ــا. وله ــه هن ــذي نشــتغل علي ال الشخصيتين في النبي أو اإلمام مصادرة مفروضة مسبقا، ونعمــلـة ــ في الجـــواب عن التســـاؤل الـــرئيس، منطلقين من مفروغي

معقولية وإمكان هذه المصادرة.

أطروحة أصالة التبليغ في الشخصية النبويةــار والذي يبدو ـ في مجال الجواب عن هذا التساؤل ـ أن التيــة بشــكل أكــبر ـــ أن السائد في الفكــر اإلســالمي ـــ وعنــد اإلماميــغ حتى يثبت ــو التبلي ــام ه ــبي واإلم ــا يصــدر عن الن األصــل في م العكس. فلو أمر النبي الجيش اإلسالمي بعدم قطــع األشــجار، أو أمرهم باسترقاق النساء، فإن األصل أن هذا الحكم قـد تلقــاه من

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد7هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

الله بوصفه جــزءا من الرســالة اإلســالمية؛ األمــر الــذي يعــني أن بإمكان الفقيه المسلم أن يفتي بحرمة قطع الشــجر في الحــرب،

ناسبا ذلك إلى جوهر الشريعة بوصفه حكما إلهيا. وهذا األصل يناقض أصالة عدم التبليغ؛ إذ لو قبلناهــا ســيعني ذلك أن األصل في هذه األوامر النبوية الموجهة للجيش اإلسالمي أنها تدبيرات صــدرت من النــبي إلدارة وضــع الجماعــة المســلمة، وأن هذه التدبيرات كانت صائبة ومسددة ومؤيدة من الله، لكن الــل جــزء من األداء بوصفها جزءا من الدين الذي أرسل به النبي، بل النبوي الحق في خدمة الدين الذي أرسل به. فالنهج النبــوي يمثــتي ــة ال درسا لنا، ال الناتج الزمني عن هذا النهج في الفترة الزمني

مورس فيها سابقا. ال شك في أنه لو قال النبي: إن الله يــأمركم بكــذا وكــذا، أوع الله كــذا جاء نص يقول: إن الله يأمر بأداء األمانة، أو يقول: شرــة هي الحاكمــة، ــا من الواضــح أن الشخصــية المرآتي وكــذا... فهن

وعنصر اإلخبار والتبليغ هو المهيمن.ر باألمس ـ أن نفعل كذا وكذا لو قال النبي: بدا لي ـ وأنا أفكــا ــاقال لرســالة، وإنم وكذا، فما رأيكم؟ فإنه من الواضح أنه ليس ن هو إنشاء نبوي. وهــذا اإلنشــاء إذا لم يتعقبــه إمضــاء إلهي ينســب مضمونه إلى الله، بوصف ذلــك جــزءا من الــدين، فلن نتمكن منــرين نسبته إلى الدين، وإال أمكن ذلك. نعم، قد يجب على المعاص للنــبي طاعتــه في مــا أنشــأ بنفســه، لكن هي طاعــة لــه بوصــفهز غا، والمفروض أننا قبلنا بالمصادرة التي تمي حاكما، ال بوصفه مبل

بين الشخصية الرسولية التبليغية وغيرها. أما لو لم يقم شاهد على أحد الطرفين، فما هو األصل؟ وما

الذي يجب علينا اتباعه هنا اجتهاديا؟

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية عشرة، االجتهاد والتجديد8هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

هنا طرح المشــهور أصــالة التبليــغ، أو فلنقــل: مارســوها في وعيهم المستكن داخل العمليات االجتهادية؛ إذ من النــادر أن نجــد

زا بعنوانها في أصول الفقه. حولها بحثا مرك

التمييز بين أصالة التبليغ وأصالة التأبيدـد أن وقبل طرح أو مناقشة قضية أصـالة التبليـغ وأدلتهـا ال ب

نميز بين مفهوم التبليغ ومفهوم التأبيد؛ وذلك: قد يكون الحكم تبليغيا، إذن فهو منسوب إلى الله تعالى.ـ1

عه اللــه في ولكن ذلك يحتاج إلى بحث في أنه هــل كــل مــا يشــر ــا ع حكما مرحلي ع حكما أبديا وقد يشر اإلسالم أبدي أو أنه قد يشر

خاصا بظروف عصر النص؟ هــذه هي أصــالة التأبيــد في التشــريع اإللهي. فــإذا قلنــا بــأنــه أبــدي إال مــا خــرج بالــدليل، األصل في كــل مــا يشــرعه اللــه أن كاألحكام المنســوخة، فــإن أي حكم يبلغنــاه النــبي ينبغي التعامــل معه فورا بوصفه أبديا. وإذا رفض شخص هذا األصل أمكنه القولــه، ليس من بأن ما جاء في القرآن، أو نقله النبي صــراحة عن الل الضروري أن يكون أبديا، ومن ثم فإثبات الطبيعة األبدية له يحتاج

إلى دليل. وعليـــه، فنحن نبحث هنـــا في أصـــالة التبليـــغ وعـــدمها فيــة فهي بحث الشخصية النبوية. أما أصالة التأبيد في األحكام اإللهي آخر، األمــر الــذي يلــزم بحثــه في محلــه مجــددا. ومن ثم فإثبــاتــا ـــ إثبــات ــة ال يســاوق ـــ منطقي أصالة التبليغية في األحكام النبوي أصالة التأبيد، تبعا لــذلك، إال بفــرض البرهنــة على األصــالة الثانيــة

بعد األولى. قد يكون الحكم نبويا غير تبليغي، بعد فرض عــدم لحــوقـ 2

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد9هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

ــة اإلمضــاء بعــد تشــريعه، إمضــاء يلحقــه بواقــع الــدين، ولكن نبوي الحكم بذاتها ال تعني زمنيتــه بالبداهــة؛ وذلــك أن هنــا بحثــا في أنـة للنـبي أو اإلمــام هــل هي ــ بحسـب األحكام السـلطانية والوالئي طبيعتها ـ أبدية بافتراض واليته على األمة إلى يوم القيامة، فيلزمفناها من أصل الــدين أم ال، أو أنهــا غــير أبديــة؟ طاعتها، سواء صنــة وهذا يعني ضرورة استئناف بحث آخر في موضوع أبدية أو زمنيهم ألبــديتها. وقــد ــة؛ إذ قــد انتصــر بعضــ ــة التدبيري األحكــام الوالئيــة تعرضنا لهذا الموضوع في مناســبة أخــرى، وأثبتنــا أصــالة الزمنيــة في ــة )انظــر: األحكــام التدبيري ــام التدبيري ــأقيت في األحك والتــة والتأبيــد، مجلــة االجتهــاد والتجديــد، الســنة الشــريفة بين الزمني

(. 10 ـ 5: 39 ـ 38العددان وهــذا كلــه يعــني أن من الضــروري تحديــد مركــز الكالم في الشخصية المرجعية للنبي أو اإلمام؛ حتى ال تتــداخل الموضــوعات

وتلتبس األمور.

مســتندات ســبعة لتشــييد بنيــان أصــالة التبليــغ، وقفــاتوتأمالت

ــو يمكن هنا طرح مجموعة من األدلة التي تثبت أن األصل هالتبليغ. ونسوقها على الشكل التالي:

ـ المرجعية االستقرائية في النصوص، قراءة نقدية1ــو ــغ. فل ــو التبلي ــدر على نح ــرعية ص ــام الش إن أغلب األحك استقرأنا أغلب التشــريعات الــتي وردت في النصــوص لرأينــا أنهــا تبليغية. وهذا يعني أننا لو وضعنا يدنا على حكم مشكوك، واحتملنا فيه التبليغية وعدمها، فــإن احتمــال عــدم تبليغيتــه، حيث ال قرينــة على ذلــك، هــو احتمــال ضــئيل جــدا، يســاوي عــدد األحكــام غــير

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية عشرة، االجتهاد والتجديد10هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

التبليغية قياسا إلى مجموع األحكام الشرعية. وبهذه الطريقة نثبت أصالة التبليغية، التي ترجع في روحها ـ وفقا لهذا الدليل ـ إلى حصول الظن الغــالب أو الظن االطمئنــاني

بكون الحكم تبليغيا. واالطمئنان حجة. ؛ فنحنإال أن هذا الدليل غير واضح، بل فيه مصادرة

اآلن نفــترض أنفســنا في بدايــة الطريــق االجتهــادي النظــري فيــبة التبليغي إلى ــرف كم هي نس ــد أن نع ـة، ونري ـ ــوص الديني النصــير التبليغي إلى ــبة غ ــادرة؟ أو كم هي نس ــام الص ــوع األحك مجمالمجموع؟ وفي هذه المرحلة بالذات ال نعرف لمن تكون الغلبة.

وهذا يعني أن هذا االدعاء ـ أعني ادعاء الغلبــة ـــ هــو بنفســه يحتاج إلى دليل؛ فكيف عرفنــا أن أغلب النصــوص تبليغي؟ وكيــفــد من معطى قبلي يثبت لنــا هــذه الغلبــة؛ إذ دنا من ذلك؟ فال ب تأكــة، أو أن نســبة قد نحتمل أيضا أن أغلب النصوص كانت غير تبليغي

% مثال، وهذا يعني فقدان حال40غير التبليغي إلى المجموع هي االطمئنان عند الشك في كل حكم أنه تبليغي أو غيره، بل حتى لو

% فإن هذا يعني أن احتمال تبليغية30% أو 20كانت النسبة هي ــو ــة ه ــكوك التبليغي ــذا ال80% أو 70% أو 60الحكم مش %، وه

يعدو أن يكون ظنا ال يغني من الحق شيئا.ــد فيوخالصــة القــول ــذا الح ــة إلى ه ــوى الغلب : إن دع

النصوص النبوية هي بعينها تحتاج إلى دليــل. ولم يقــدم هنــا دليــلعليها حتى اآلن.

ـ اإلطالقات الزمكانيــة والمرجعيــة الهرمنوطيقيــة، نقــد2بنيوي

قد يبني اإلنسان هنا على االســتناد إلى إطالقــات وعمومــاتــإن اإلطالق ــة و... من حيث الزمــان والمكــان؛ ف النصــوص النبوي

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد11هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

ــا. وهــذه ــا نبوي الزمكــاني شــاهد أن الحكم تبليغي، وإال كــان زمنيــة، تســتعين بالنصــوص نفســها ــة هرمنوطيقي ــة تأويلي مرجعية داللي

إلسعافنا هنا.لكن يمكن أن نناقش هذه المحاولة:

ــةأوال: إن في هذا الكالم خلطا ـــ أشــرنا إليــه ـــ بين التبليغي والتأبيدية؛ حيث ظن هنــا أن الحكم مــا دام مطلقــا زمكانيــا فهــذاــاني ــ على بعض المب ــا ـ ــه ال تالزم قهري ــع أن ــه تبليغي، م ــني أن يع

والنظريات ـ بين األمرين. بغض النظــر عن المالحظــة األولى، ومــع قبــول مبــدأثانيا:

ك ــة الحكم النبــوي، كمــا نرجحــه نحن، لكن ال معــنى للتمســ زمانيــرع باإلطالق هنا، بل هو قلب لمنهج البحث؛ وذلك أن اإلطالق متف على إمكانــه، وكــون المتكلم في مقــام البيــان من حيث الزمــان. فـــإذا احتملنـــا أن هـــذا الحكم نبـــوي غـــير تبليغي، أي صـــدر منــولية أو ــية الرس ــام، ال الشخص ــبي أو اإلم ـة للن ـ ــية الذاتي الشخص التبليغية، فهذا يعـني أننـا نحتمـل كونـه في غـير مقــام البيـان من

حيث ما بعد زمانه. ــو ــا ل ـة ونحوه ـ ـة والتدبيري ـ ــام الوالئي ــك أن األحك ــبب ذل وس فرضناها غير تأبيدية بطبعها، وأن هذا هو مقتضى األصل فيها، كماـة ـ ـة والتدبيري ـ ــال الوالئي ــني أن احتم ــذا يع ــاه في محله، فه رجحنة، يساوق احتمال كونه في مقام البيان ألهل عصــره وزمنــه خاصــــه فال نحرز أنه في مقام البيان لألزمنة الالحقة، ومع الشــك في أنــاني؛ في مقام البيان لتلك األزمنة ال يمكن التمسك باإلطالق الزم لعدم تــوفر )مقــدمات الحكمــة( فيــه، كمــا هــو واضــح. فــاإلطالق الزماني متوقف على إحراز أنه في مقــام البيــان لســائر األزمنــة، وهو متوقف على إثبات أنه تبليغي، فكيف نثبت التبليغية باإلطالق

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية عشرة، االجتهاد والتجديد12هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

الزماني؟!ــه في مقــاموربما تقــول: إن لــدينا أصــال عقالئيــا يثبت أن

البيان؛ وذلك أن األصل في كل متكلم أنه في مقام البيـان. وبهـذااألصل نثبت اإلطالق الزماني.

إنه قد حصل خلط والتباس هنا بين أمرين، هما:والجواب: أصالة البيان في المتكلم، مقابل كونه ال يريد بيــان مــرادهأـ

جدا. وهذه األصالة العقالئية تنفي احتمال كونــه هــازال أو غــافال أو مازحا أو قاصدا اإلجمال. فأي متكلم يصدر منــه كالم فــإن العقالء يتعاملون معه على أنه مريد جاد لبيان مــراده الجــدي من كالمــه،ــا وليس هادفا لمحض المزاح أو مطلقا كالما مجمال ال بيان فيه، م

لم ينصب قرينة على مزاحه أو نحو ذلك. وهذا األصل صحيح. ووفقا لهذا األصل نحن نتعامل بجدية مع النصوص الدينية. ومرجــع هــذا األصــل إلى أن البشــر يحصــل لهمــا مــراده من كالمــه؛ إذ عنــدما ال اطمئنان بكون المتكلم جادا مبين ينصب قرينة وال شاهدا وال يعرف بهذا األمر ـ أي بكونه مازحا في بياناته ـ فــإن احتمــال عــدم جديتــه في بيــان مــراده الحقيقي هــو احتمال ضعيف جــدا ال ينتبــه إليــه العقالء. فأصــالة البيــان، مقابــل اإلهمال أو اإلجمــال المطلقين، أصــالة عقالئيــة تقــوم على نظــام

االطمئنان عند البشر. أصالة السعة في بيان المتكلم، بمعنى أن المتكلم بعــدب ـ

ــل على أن أثبتنا أنه في مقام البيان من حيث المبدأ هل هناك أصكونه في مقام البيان من جميع الجهات المتصلة بكالمه أو ال؟

ــار. ــذا اإلط ــل عقالئي في ه ــود أص ــل على وج ــد دلي ال يوجــل لبي، ـة دلي ـ ــيرة العقالئي ــك للنفي العملي؛ ألن الس ويكفي الش ــني أحــترم زيــدا يؤخذ فيه بالقدر المتيقن. فلو أن شخصا قــال: إن

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد13هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

النزيه، فهذا ال يعني أنه في مقام البيان من تمــام نــواحي عالقتــهبزيد، بل نأخذ بالمقدار الذي يتكلم فيه، والجهة التي يشير إليها.

وعليه، ال يوجــد أصـل عقالئي يفـرض كـون النـبي في مقــام البيان في كــل مــا يقــول، ومن تمــام الجهــات، بمــا فيهــا الجهــاتــة. نعم، هــو في مقــام البيــان مقابــل اإلجمــال المطلــق أو الزماني اإلهمال المطلق ال غير. فال نستطيع التمسك بأصالة البيان إلثباتــد مســبقا من إثبــات كونــه كونه يتحدث عن سائر األزمنة، بــل ال بك بــاإلطالق في مقام البيان من حيث مــا بعــد زمانــه، حتى نتمســ الزماني. والمفروض أن هــذا متفــرع على إثبــات تبليغيتـه، فكيـف نثبت التبليغية بـاإلطالق، مــع أن اإلطالق متوقــف ومحتـاج إلحــرازــات مي باإلطالق ــ ــا س ــتناد لم ــه، فاالس ــبقا؟! وعلي ـة مس ـ التبليغي

الزمكانية غير مقنع.

ـ نصــوص الوظــائف النبويــة وتأصــيل التبليغيــة، تفكيــك3وتحليل نقديين

ــة ــة والحديثي ربمــا يعتمــد هنــا االســتناد إلى النصــوص القرآني الواضــحة في بيــان أن وظيفــة النــبي هي اإلنــذار والتبليــغ وبيــان الرسالة والتبشير وغير ذلك، بل إن جملة وافرة منها واضــحة في حصر مهمته بهذه األمور، وأنه ليس عليه إال البالغ ال غير. وهذا ماــو: أصــل الوظيفــة ــبي، ه ــا في شخصــية الن س أصــال قرآني يؤســد بــدليل التبليغية. فنرجع إلى هذا األصل في كل مورد، مــا لم نتأكر الخروج منه، وكونه في مقام بيــان حكم حكــومي تــدبيري ما يبر

مثال.ولكن هذا الدليل قابل للمناقشة أيضا؛ وذلك:

إن نظر هذه النصوص إلى إثبــات وظيفــة النــبي تجــاهأوال: قومه، في مقابل إلزامهم بشيء أو فرض شــيء عليهم قهــرا من

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية عشرة، االجتهاد والتجديد14هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

جهة، وفي مقابل كونه قادرا على فعل شــيء تكويــني في العــالمــذه غير بعده الرسولي من جهة ثانية. وهذا ما نالحظه في بعض ه

ــه تعــالى: ت﴿اآليات، مثــل: قول ر * لســ �نمــا أنت مــذك ر إ فذكم ب�مصيط�ر (، فإن هــذه اآليــة واضــحة22 ـ 21 )الغاشية: ﴾عليه�

ــالبالغ، في مقابــل ــه مســيطرا عليهم،في إرادة حصــر دوره ب كون ، فهي متوازنــة مــع قولــه تعــالى:قــادرا على جعلهم مؤمــنين قهــرا

اء﴿ ــ ــد�ي من يش ــه يه ــد�ي من أحببت ولك�ن الل �نك ال ته ﴾إ نحن أعلم ب�مــا يقولــون ومــا﴿(، وقوله تعــالى: 56)القصص:

يــد� اف وع� ــالقرآن� من يخــ ر ب� م ب�جبار فــذك )ق:﴾أنت عليه�45.)

ــك وهكــذا نــرى أن وظيفــة البالغ جيء بهــا لتقــول للنــبي بأن لست مسؤوال في إعالن الدعوة وإيصال الرســالة إال عن تبليغهم، وال يلزمك الله بما هو أكثر من ذلك، إنما المسؤولية على النــاس.

�نمــا﴿قــال تعــالى: �ن تولوا فإ د� اهتــدوا وإ لموا فقـ فإ�ن أســير ب�الع�بــاد� (، وقــال20 )آل عمــران: ﴾عليك البالغ واللــه بصــ�

إ�ن تولوا﴿تعــالى: ول فــ ســ قل أط�يعــوا اللــه وأط�يعــوا الرــوه �ن تط�يع لتم وإ ــا حم ل وعليكم م ــا حم ــه� م ــا علي �نم فإ

ول� إ�ال البالغ المب�ين ســ (،54 )النــور: ﴾تهتدوا ومــا على الرن قبل�كم ومــا﴿وقال تعــالى: د كــذب أمم م� �ن تكذبوا فقــ وإ

ول� إ�ال البالغ المب�ين ســـ ــوت: ﴾على الر ــال18 )العنكبـ (، وقـــد�ي﴿تعــالى: ــا يهت �نم ــدى فإ رآن فمن� اهت ــ ــو الق وأن أتل

ــذ�ر�ين ن المن ــا م� �نمــا أن ل إ ه� ومن ضل فقــ )النمــل:﴾ل�نفس�92 .)

فهذه النصوص واضحة في أنها تريد أن تقول بــأن مســؤولية النبي هي إبالغ الدين، وأنه إذا كفر الناس ولم يقبلوا فأمرهم إلى

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد15هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

الله، ال إليه، وال يتحمل هو شــيئا، وال هــو بــالمتولي أمــورهم. كمــاــا أو تحدثت آيات عديدة أخرى عن عدم جعل النبي وكيال أو حفيظ

ــدهم أو﴿محاســـبا، قـــال تعـــالى: ينك بعض الذ�ي نع� ا نر� �م وإساب �نما عليك البالغ وعلينا الح� ينك فإ (.40 )الرعد: ﴾نتوف

وعليه، فهذه النصوص ال تريد حصر مهمــة النــبي في اإلبالغ، بمعنى أنه ال يقول كلمة إال عن تبليــغ ولــو في أمــوره الشخصــية، وإنما تريد أن تقصر مهمته تجاه قومه بمهمة التبليــغ، وال تريــد أن تحمله مسؤولية أزيد؛ فال هو بمسيطر عليهم، له الحق في فــرض دينه؛ وال هو بالمتحمل لــذنوبهم وحســابهم، بــل أمــرهم إلى اللــه، وليس له من األمر شيء في هــذا. هــذا هــو الســياق العــام الــذي جاءت فيه هذه النصوص؛ فال إطالق فيها يخدمنا في موضوع بحثنا

هنا.ــه قـدثانيا: إن القائلين بأصالة التبليـغ يقـرون ــ عـادة ــ بأن

ــة. وهــذا معنــاه ــة غــير التبليغي صدر من النبي بعض األحكام الوالئي أنهم يعترفون بأن هــذه النصــوص تريــد بيــان الوظيفــة األساســية للنبي، ال الوظيفة الحصرية. وعليه، يجب أن نأخذ مجموع نصوص النبي، ال خصوص نصوصه الفقهية؛ لنقارنها مع نصوص الفقه غــير التبليغية. وهذا ما يفتح احتمــال أن هنــاك ربــع نصــوص الفقــه مثالــو غير تبليغي؛ ألن هذا الربع نسبته إلى مجموع النصوص الدينية ه العشر مثال. وعليه فال يمكن أن يحصل ظن اطمئناني بالتبليغية لو

وضعنا يدنا على نص نبوي فقهي، وشككنا في تبليغيته.ــة الحصــرية فيثالثا: إن غاية مــا يثبتــه هــذا الــدليل التبليغي

النــبي نفســه، وال يشــمل اإلمــام، وال الصــحابي، بينمــا من يــدعي التبليغية غالبا ما يطبقها أيضا على اإلمام والصحابي. وعليه، فهــذا

الدليل غير تام لتأسيس أصل مرجعي في مجال بحثنا.

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية عشرة، االجتهاد والتجديد16هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

ــديني في ظــل مفهــوم4 ــاد فلســفة الخطــاب ال ــ اعتم ـالخاتمية، تعليق وتقويم

االستناد إلى فلسفة الخطــاب الــديني في الرســالة الخاتمــةــة، بــأن نقــول بــأن النــبي يخــاطب الخالــدة، وهي فلســفة عقالئي اإلنسانية إلى يوم القيامــة، كمــا يخــاطب أهــل عصــره. وهــذا من مستلزمات افتراضه مرسال إلى العــالمين، وكــون رســالته خاتمــةه الــتي أطلقهــا وخالدة. وعليه يفترض ـ عقالئيا ـ أن تكون نصوصــ خطابا لألجيال كلها؛ ألنه أرسل للجميع. فاعتبــار نص من نصوصــه خاصا بفضائه الزمني، وحكما غير تبليغي، هو على خالف المســارــد من فــرض ذلــك حالــة العام لخطتــه ورســالته ومشــروعه. فال بر، فإذا لم يتوفر لــدينا مــبرر لهــا استثنائية هي التي تحتاج إلى مبر كان مقتضى الحال الطبيعية هو التبليغية لعموم األجيال، مما ينتج

العموم الزمكاني.ــدمج بين إال أن هذا الدليل ـ بغض النظر عن كونه ي مسألة التبليغية والتأبيدية ـ ال يصلح مرجعـا قانونيــا لنــا

ــدليلهنا ــذا ال ــا ه ــق منه ــتي اتس ــار األصــلية ال ــك أن األفك ؛ وذلــة صحيحة. لكن بعد فرض أن النــبي كــان ملزمــا بخطابــات مرحلي ألهل زمانه؛ من حيث إن هذا األمر تقتضــيه أيضــا طبــائع األشــياء،ــة هــو بالفعــل تبليغي؟! كيف نعرف أن نصا نبويا مشــكوك التبليغيــة، ال ـتين في الحقيقـ ــ ــؤوليتين نبوي ــتين ومسـ ــام وظيفـ فنحن أمـ

مسؤولية واحدة:ــة،أـ ــوم القيام ــة إلى ي ــال الالحق ــة األجي ــؤولية مخاطب مس

بمقتضى عمومية رسالته وخاتميتها وخلودها.ــه غــيرب ـ ومسؤولية مخاطبة أهل زمكانــه، انطالقــا من أن

قادر ـ عقالنيا ومنطقيا ـ على تجاهل الظروف الزمكانية المحيطة ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

17هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

ة بتلــك المرحلــة؛ به أيضا. األمر الذي يفــرض عليــه نصوصــا خاصـإلدارة وضع آني معين أو وضع محكوم لظروف ذلك الزمان.

فهاتــان معــا مهمتــان مترقبتــان للنــبي، وتفرضــهما القــراءة العقالئية العقالنية لطبائع األشياء. ومعه كيف نعرف أن هــذا النص

المشكوك صدر من قبل مهمته األولى أو الثانية؟ــف ولعل االستدالل هنا ينطلق من تصور أن عدم الذهاب خل أصـالة التبليـغ يسـاوق بطالن الخلـود الثـابت للشـريعة؛ ألن بعض األحكام لن يمكن إثبــات البعــد التبليغي فيــه. وهــذا خطــأ منهجي؛ ألن هناك مقــدارا واضــحا في بعــده الخالــد في مــا جــاء بــه النصــد قليال من الديني اإلسالمي عموما، والسؤال: مهما كان هــذا البع حيث الكم هل هناك دليل على أن الشريعة الخالــدة هي في حــق

األجيال الالحقة أكثر من ذلك؟ــه إن الجــواب عن هــذا الســؤال باإليجــاب هــو مصــادرة؛ ألن يفرض أن واقع الفقه اليوم هو الشريعة الخالــدة، ويريــد تخريجــه بمثل: أصالة التبليغ، مع أن البحث أسبق رتبة بكثير من خلود هذهــا، ال األحكام الفقهية كلها. فنحن نريد مرجعية قانونية تثبت خلوده

أننا نريد بخلودها المفترض خلق مرجعية قانونية. وعليه، فهذا الدليل أيضا غير مقنع.

ـ أدلــة حجيــة الســنة ودورهــا في التوصــيف الــوظيفي،5تأمالت نقدية

ما مــا كــان االستناد إلى نصوص حجية السنة نفسها، وال ســي�ن هو إ�ال وحي يوحى﴿من نوع قوله تعالى: ي،﴾إ ــ ، ودليل التأس

ودليل لزوم طاعة النبي مطلقا، وغير ذلك. فهــذه النصــوص تفيــد بإطالقها أن كل ما صدر من النبي هو واسطة بلــوغ الشــريعة لنــا

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية عشرة، االجتهاد والتجديد18هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

والدين. وغيره يحتاج إلى دليل. إن أدلــة حجيــة الســنة الــتي تســعفنا هنــا ـــ بعــدوالجواب:

حجيـة»حذف ما هو بالغ الضعف منها، كما توصلنا إليـه في كتابنـا ـ تقع على ثالثة أنواع:«السنة

ــة على طاعــةالنوع األول: النصوص القرآنية وغيرها الدالالنبي مطلقا، واالئتمار ألمره، واالنتهاء عما نهى عنه.

ــة وهذا النوع قلنا في محله بأن بعض نصوصه دال على حجي السنة النبوية في مجال الطاعة، وهو ال يفيد حجية السنة في كــل ما يقوله النبي؛ ألن موضوعه الطاعة، وهي ال تكون إال في مجــال األمر والنهي ونحوهما. ولهــذا التزمنــا هنــاك بــأن إطالقــات األمــر

بالطاعة تثبت مبدأ حجية السنة في مجال الطاعة.ــا يصــدر عن ــة م ــة ال يثبت تبليغي ــوع من األدل ــذا الن إال أن هــه ال تســتبطن اعتبــار مــا النــبي؛ ألن النص أمرنــا بطاعتــه، وطاعت يقوله تبليغا عما أوحي إليه. تماما كأمرنا بطاعــة ولي األمــر، فــإن الطاعة ال تعني أن كل مــا يصــدر عن ولي األمــر فهــو تبليــغ ألمــر إلهي، بل قد يكون حكما حكوميا أو والئيا أو زمنيا صــدر لمصــلحة شخصها النبي، لنقوم بفعلها، ال لكون ما أمر به مندرجا ضــمن مــا أوحي إليــه بوصــفه جــزءا من الــدين. فلــو أمــر النــبي المســلمين بالخروج للحرب غرة شهر ربيع األول مثال فإن أدلة األمر بإطاعته مطلقة تشمل هذه الحال، لكن هذا ال يعني أن مضمون أمره هذاــه جــزء من هو جزء من الدين الذي يقوم بتبليغه، وإنما نكتشف أن الدين من خالل ثبوت اإلطالق في أمره لجميــع األزمنـة واألمكنــة،ــة مثال. ثم القول بعدم إمكان هذا اإلطالق في أوامره غــير التبليغي

وهذا رجوع إلى دليل اإلطالق الذي تكلمنا عنه سابقا. : إن األمر بإطاعة شــخص ال يســتبطن بالضـرورةوالحاصل

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد19هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

كون ما يأمر به جــزءا من الــدين يقــوم بتبليغــه لنــا، بــل هــو أعم. وعصمة النــبي تثبت كــون المــأمور بــه حقــا، وهــذا أعم من كونــهــه جزءا من الدين. تماما كحالة مطابقة أمر ولي األمر للواقــع، فإن يكون حقا، لكن مضمون أمــره ال ننســبه إلى اللــه تعــالى بوصــفه

جزءا من الدين، وإن وجبت طاعته. النصوص القرآنية وغيرها التي تعتبر أن كــلالنوع الثاني:

ما صدر من النبي هــو وحي من اللــه تعــالى. فكــل مــا يقولــه هــوــا وحي الله له، فهو يبلغ للناس ما أوحي إليه. وهذا يعني أن كل م

يصدر عن النبي بمقتضى هذه النصوص هو تبليغ. وعمدة هذه النصوص ـ كما حققناه في )حجية السنة( ـــ هــو

�ن هو إ�ال وحي يــوحى﴿آيــة: بــأن ســورة». وقــد قلنــا هنــاك ﴾إ النجم قــد وقعت في ســياق مخاطبــة المشــركين الــذين يكــذبون

ــا«ضل» و«صاحبكم»النبي في دعواه النبوة والقرآن، بقرينة ، كم أن تكملــة اآليــات تشــير إلى جبرئيــل الــذي ارتبــط اســمه بــنزولــبي من معلومــات من الوحي القرآني، ال مطلق ما حصل عليه الن

دا إلطالق «هو»عند الله تعالى. وهاتان القرينتان تصلحان معا مقي في اآلية، وال أقل من أنهما تمنعاننا عن األخذ باإلطالق فيهــا. وقــد ذهب العالمــة الطباطبــائي إلى ذلــك، آخــذا بعين االعتبــار القرينــة األولى. بل إن اآليات ـ نظرا لمكيتها ـ تدور حــول اإلشــكالية الــتي كانت قائمة في تلك المرحلة، وهي ليست أفعال النــبي وحجيتهــا،

ــك في ،«هو»بل صدقية النبوة والقرآن...، وبعبارة أخرى: إننا نش هل هي راجعة إلى المقدر في اآلية السابقة عليها، أو أنها راجعــةــدر المــتيقن، وهــو إلى القــرآن؛ لهــذه القــرائن؟ ومعــه نأخــذ بالقك بــاإلطالق، وإن لم الثاني؛ انطالقا من وجود ما يمنــع من التمســ

)حيدر حب الله، حجية السنة في الفكــر«يصلح مقيدا اصطالحا...

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية عشرة، االجتهاد والتجديد20هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

(.75 ـ 74اإلسالمي: وعليه، فالنوع الثاني من األدلة ال يفيد أصالة التبليغ أيضا، بلــة أن نلــتزم بــأن كــل مــا يلزم لو استندنا إلى هــذا النــوع من األدلــة ال غــير؛ بشــهادة النص القــرآني صدر عن النبي هو أحكام تبليغي المتقدم. وكثيرون ال يلــتزمون بهــذا، بــل هــو مفــروض العــدم في

بحثنا، كما قلنا مطلع الكالم. مــا دل من النصــوص القرآنيــة وغيرهــا علىالنوع الثالث:

لزوم التأسي برسول الله، وأنه قدوة وأسوة. وهذا يعني أنها تريد جعله طريقــا لمــراد اللــه تعــالى في كــل مــا يصــدر عنــه، فتكــون

شخصيته الرسولية المرآتية هي األصل. بمــا حققنــاه في مبــاحث حجيــةولكن يمكن أن ينــاقش

السنة، من أن جعل النبي قــدوة وأســوة ال يعــني حجيــة تمــام مــا يصدر منه، بل يعني اتخاذ مساره العــام في حياتــه قـدوة لنــا؛ ألني بــه في كلمة )أسوة( ال إطالق فيها، ال بمعنى أنها تصدق بالتأســ مورد واحــد، كمــا ذكــره مثـل المحقــق الحلي )انظــر: نجم الــدين

(؛ حيث ناقشــناه هنــاك، بــل بمعــنى119الحلي، معارج األصــول: ــو لم ــا، ول صدق عنوان األسوة، بجعل مسار حياته العام منهاجا لن نأخذ كل مورد من هذا النوع؛ فهذا هو االستخدام العرفي المتيقن

لكلمة أسوة، وغيره يحتاج إلى دليل. يضاف إلى ذلك أن هذه اآلية يتيقن منها حجية الفعل النبوي. أمــا حجيــة القــول النبــوي مطلقــا، وكــذا التقريــر، فيحتاجــان إلى

وبهــذا يظهــر أنقرينة، وعمدة بحثنا هنا في النصوص القولية. دليل حجية السنة ال يؤسس أصالة التبليغ.

ـ نفي االجتهاد النبوي وتأصيل الوحيية، نقد مبنائي6

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد21هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

ــة الــتي تنفي اجتهــاد النــبي مطلقــا، االستناد إلى جميــع األدل وهذا معنــاه أن النــبي في كــل مــا يقــول ويعمــل يصــدر عن وحيـه بالتفصـيل إلهي، ال عن اجتهاد بشـري. وقـد استعرضـنا في محل ــا أدلة منع االجتهاد النبوي، وذكرنا أكثر من خمسة عشر دليال عقليها تصب في صالح إثبات وقرآنيا و... على منع االجتهاد النبوي. وكلـه مــا من شـيء يصـدر عن النـبي إال وهــو عــبر وحي أو اتصــال أنــوحي بين. وهذا ما يثبت أصــالة ال مباشر بالله تعالى ورسله المقر

والتبليغية. إن جميع األدلة التي سيقت لمنع مطلق االجتهادوالجواب:

ــة النبوي قد ناقشــناها بالتفصــيل في محله، بــل إننــا قلنــا بــأن أدل تجويز االجتهاد النبوي وإن كــان أغلبهــا ضــعيفا، لكن بعضــها مفيــد ونافع. ولهذا خرجنا هناك بقاعدة تقــول: إن كــل مــا لم نفهم منــهــو خاضــع ــدين فه ــوحي اإللهي أو ال ــوي عن ال ــار النب جــانب اإلخب لقانون االجتهاد النبوي، حتى لــو قلنــا بعصــمة هــذا االجتهــاد؛ فــإن العصمة شيء وكون ما يقوله هو تبليغ عن الله تعالى لدينه حصراناه أيضا )انظر: حيدر حب الله، حجية السنة شيء آخر، على ما بي

(. ومعنى ذلك أن نرجع في غــير501 ـ 369في الفكر اإلسالمي: ما ثبت أنه تبليغ إلى مقتضى طبيعة األشياء من كون النــبي بشــراــه في مــا يقــول ويفعــل يمــارس تطبيقــه ر ويجيـل النظــر، وأن يفكــه في نهايـة الزمني للدين. ومهما فرضناه معصوما في ذلك، إال أن المطاف ال يحكي ـــ بالضــرورة ـــ عن جــزء من أجــزاء المنظومــة

الدينية الموحاة إليه.

ــاهرة7 ــك الظ ــالمي األول، تفكي ــة التلقي اإلس ــ مرجعي ـوتحليلها

عية واالرتكــاز اإلســالمي العــام؛ حيث يظهــر السيرة المتشر ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية عشرة، االجتهاد والتجديد22

هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

من ســيرة المســلمين منــذ العصــر النبــوي وإلى يومنــا هــذا أنهم يتعاملون مع نصوص النبي على أن األصل فيها أنها تبليغ من الله،

. وهــذا|وينسبونها إلى شريعة اإلسالم في كــل مــا يقولــه أو يفعلهــير دليـــل على أن التلقي اإلســـالمي األول كـــان على أصـــالة خـ التبليغية. وعلى هذا ســار األئمــة والعلمــاء فيمــا بعــد، كمــا يظهــر

منهم، ومن بينهم أئمة أهل البيت النبوي أنفسهم.ــ من أقــوى األدلــة في ــد بعض ـ ــ عن ــد ـ ــدليل قــد يع هــذا ال موضوعنا. وعلينا أن نتوقف عنده قليال، لنتوجه إليه ببعض األسئلة

األولية في البداية: ـ ما هو الدليل على أن مسلمي القرن الهجري األول كــان1

لديهم هذا التلقي؟ وما هي حدوده؟ ـ هل يمكن أن ينشأ هذا التلقي من طبع إنســاني غــالب، ال2

من أصل ديني مقرر؟ ـ هل يحتمل أنهم لم يجــدوا فرقــا بين زمنهم وزمن النــبي،3

حتى يؤثر ذلك في شعورهم بوقف تنفيذ الحكم النبوي أو ال؟ ـ هل أنهم كانوا يجرون أصــالة التبليــغ، أو كــانوا على يقين4

بأن هذا الموقف أو ذلك هو جزء من الدين، ومن ثم لم يقعوا في؟ مرحلتهم الزمنية في شك

هذه هي األسئلة األربعة األساسية التي يلــزم أن نجيب عنهــاهنا بالتدريج:

فالــذي يبــدو من بعض النصــوص أنهمأما الســؤال األول كانوا يتعاملون مع النبي بتمييز بين مــا جــاء بــه من اللــه وبين مــا كان من عنده، كما في حادثة معركــة األحــزاب. بــل إن الحــوادثفها الكثـــير من الشـــيعة طعنـــا في بعض والنصـــوص الـــتي يصـــن الصحابة في تعاطيهم مع النبي قد يمكن فهم بعضها ال في ســياق

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد23هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

الطعن، وإنما في سياق وجــود تميــيز عنــد الصــحابة في شخصــية النبي بين ما يأتيه من الله تعالى وما يكون من نفسه. فأصل هذه رنا إلى قســم الفكرة توحي به بعض النصوص التاريخية الــتي أشــ منها في مباحث اجتهاد النبي أيضـا. وهـذا هنـا أشـبه شـيء بحـال المكلفين اليوم، من حيث إن ما يقوله المرجع في الشأن الفقهيــة. يرونه جزءا من الدين، كما في مثل ما يأتي في رســالته العملي بينما الذي يقوله في مجال التشــخيص أو غــيره ال يعتبرونــه جــزءاــه من الدين، حتى لو اتبعوه فيه. فهذا الوعي ال يوجد ما ينفي كون

كان موجودا في العصر النبوي، بل الشواهد لصالحه. ــدا لكن ظهور النبي، وتغييره عادات كبيرة، وخلقه نمطا جديل شخصــيته، واألخــذ بكــل مــا من العيش، دفع المسلمين إلى تمث يقول، باعتبار ذلك أصــال ومرجعــا. ولهــذا وجــدناهم يحتجــون علىد أنهم كــانوا يعتــبرون بعضهم بعد وفاته بكالمه وأفعاله. وهــذا يؤك ما يصدر عنه مرجعا يحتجون به. وعليه يمكننا الجزم بــأن األجيــالــدأ، لكن األولى تلقت التجربة النبوية بوصفها مرجعا من حيث المب

ليس مرجعا تبليغيا بالضرورة.ــا أن هــذا التلقي العــاموأمــا الســؤال الثــاني فــإذا أثبتن

)المســتدل بـه في أصـل هــذا الــدليل( الــذي كــان محيطــا بـالنبي وبعيده قد كان تطبيقا لتوجيه إلهي في هذا الصدد ثبت المطلوب، وإال فإن نفس ســكوت القــرآن والســنة عن التنبيــه على خطــورة هذا التلقي كاشف عن صــحته، حتى لــو نبــع هــذا التلقي من طبــعــرض إنساني غالب؛ فإن أمرا بهــذا الحجم من الخطــورة كــان يفتــك ــا دل ذل دات له. ولما لم نجد نهي النهي عنه، مع أننا قد نجد مؤي

على أن الدين يرضى بهذا التلقي. بأن النصوص التي تحدثت عن األنبياء تصــبلكن قد يقال

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية عشرة، االجتهاد والتجديد24هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

كلها في صالح خلق القــرآن لــوعي آخــر مختلـف حــولهم، يفــرض التمييز بين أدائهم الشخصي وتبليغهم، ولــو كــان تميــيزا من حيث

ا اللــه عنــك ل�م أذ�نت لهم﴿المبــدأ؛ فنصــوص: عبس﴿، و﴾عفــز في الــوعي اإلســالمي أن النــبي يتصــرف﴾وتولى ، وغيرها، ترك

في غير ما يعلن ويوحي بأنه تبليغ إلهي بوصفه إنسانا لـه طريقتـه في العمل، التي قــد يلفت اللــه نظــره إلى وجــود طريقــة أفضــلــة ة في الموضــوعات الخارجي ــا، وخاصــ ــا، وهــو لم يكن ملتفت منه والتشخيص الميداني، الذي قد ناقش بعض المســلمين في وجــود

دليل حاسم على العصمة والعلم فيه.ــا أن نســتبعد فرضــية أنوأما الســؤال الثــالث فال يمكنن

ــبي حتى ــرق بين عصــرهم وعصــر الن المســلمين لم يشــعروا بفما يوقفوا مضمون التوجيهات النبوية بحجة أنها غير تبليغية، وال سي في تلك الفترة التي لم تشهد تحــوالت كــبرى في أنمــاط العيش. ومعنى ذلك أن مسلمي الصدر األول والقرن الهجري األول عندماــدين أو ال، تلقوا النصوص النبوية لم يكن يعنيهم كونها جزءا من ال بقدر ما كان يعنيهم كونها ملزمة لهم أو ال؟ )وخاصة بالنســبة إلى الشيعة الــذين يمكن أن يكونــوا اعتمــدوا في ذلــك على حالــة منــة فاعلــة؛ لبقــاء موضــوعها إقرار األئمــة ببقــاء تلــك األوامــر النبويــة االســتمرار، مــع المحافظــة على وظروفهــا، ممــا يمنحهــا قابلي والئيتها وعدم تبليغيتها؛ ألن الوالئية في مرحلــة االســتمرار جــاءت

من موقع حاكمية اإلمام نفسه(.ــه في الحالــة األولى هم يأخــذون مــا والفرق بين الحالتين أن صــدر عن النــبي بوصــفه جــزءا من الــدين، ويقومــون بتطبيقــه أوــة ــا في الحال ــة. أم ــذا األســاس في أزمنتهم الالحق ــه على ه تلقي الثانية فهم ال يهتمون لكون الصادر عن النبي هــو جــزء من الــدين

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد25هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

أو ال، بل يعتبرون أن الظــروف واحــدة، ومن ثم فتشــخيص النــبيع ن أو األرجح بالنسبة إليهم، نظرا لما يتمت وموقفه يظل هو المتعي به النبي من صفات، ولكون تشخيصـه ومــا صـدر عنـه بشــريا فيــرد فيــه ردع إلهي، ومن الطــبيعي في هذه الظــروف أو تلــك لم ي هـــذه الحـــال أن يكـــون األداء النبـــوي مرجعـــا لهم يـــترجح على تشخيصهم المظنون بعد وحدة الظروف. ويشهد لذلك أننا رأيناهمجهون نحو تغيير بعض ـ كما عند مدرسة أهل الرأي والمصلحة ـ يت ما صدر عن النبي عندما يجدون الظــروف قــد تحــولت، وال ينتقــد عليهم أحد ـ في تلك الفترة ـ بأن ذلــك تغيـير لشــرع اللـه تعــالى،

عدا في مواضع محدودة جدا. الفكــرة الــتي أريــد التركــيز عليهــا تكمن في تحليــل طبيعــةــع تلقيهم للتجربة النبوية القريبة جدا من زمنهم، والمتحدة غالبا م ظروف حياتهم. إنهم هنا ال ينظرون بالضــرورة إلى اعتبارهــا بكــلرون في هذا؛ ألنهم غير مضطرين أجزائها جزءا من الدين، وال يفك إليه، بل يهمهم اعتبار ما أفرزته هو الموقف الســليم في التعامــل مع األمور في ظروفهم المشــابهة للظــرف النبــوي. وســالمة هــذا الموقف عندهم ال تنبع بالضرورة من دينيته ووحييته، بــل قــد تنبــع من رجحان التشخيص النبوي وهيبته ونفوذه الــروحي بعــد النجــاح

الذي حققه، ووحدة ظروفه الموضوعية مع ظروفهم.ــة ــة والتغييري وهذا أمــر يحصــل في مختلــف الحركــات الدينيس تشــعر بصــواب الكــبرى، فـإن األجيـال الالحقــة للجيــل المؤســ االعتماد على تجربة جيل التأسيس، ال بوصفها جزءا من النظرية ـر األصل )الثابت(، بل بوصفها تجربة ناجحة، هي األرجح ما لم تتغيرون، األمــر الــذي يحتمــل ر الظروف قد يغي الظروف. فعندما تتغي أن الصيغة السابقة له كانت جزءا من المشروع، كما يحتمــل أنهــا

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية عشرة، االجتهاد والتجديد26هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

ــتوى لم تكن جزءا منه، وإنما هي إفراز طبيعي زمني له على مســة ــدأ فكــرة المرجعي ــة تب التطــبيق. نعم، بعــد مــرور جيلين أو ثالث

بالتبلور. فال نملك أي معطى يتصف بالقطعيةوأما السؤال الرابع

د لنا أنهم لو شكوا في أن هذا النص أو ذلك جزء من والحسم يؤكـة عنـدهم في ظـرف الدين أو ال فإنهم يرجعون إلى أصالة التبليغي

الشك، إن لم نقل بأن بعضهم كان أكثر ميال لعدم هذه األصالة. وعليه، فالسيرة اإلسالمية ال تشكل معطى حاســما هنــا، في غير كون سنة النبي حجة ومرجعا في الجملــة، ومن حيث المبــدأ. ــا ــبي تبليغ وأما أنهم في العقود األولى كانوا يرون كل ما يقوله النــرآن ــد نصــوص الق ما بع ــابت، وال ســي ــير ث ــذا غ ــوحي إلهي، فه ل الواضحة في الكشف عن مواقف نبوية تــدخل القــرآن في توجيــهــية حركتها نحو األفضل؛ فإن من شأن هذا الرسم القرآني لشخص النبي وعامة األنبياء ـــ أو على األقــل يحتمــل فيــه ـــ أن يحفــر في

الوعي اإلسالمي األول صورة أخرى غير ما نحن فيه.نتيجة البحث

ــة أصــالة التبليغ ـه لم يقموحصــيلة الكالم في أدل ـ أنــة، فضــال عن دليل قــاطع على أصــالة التبليــغ في النصــوص النبوي نصــوص الصــحابة وأهــل الــبيت النبــوي. وهــذا يعــني أن االجتهــادــة فعليـه أن الشرعي عندما يمـارس فهمــه للنصــوص غـير القرآنيــد، من قــرائن يضع معايير تبليغية النص الصــادر؛ فــإذا أمكنــه التأك اللفــظ والمقــام والســياقات ومناســبات الحكم والموضــوع، ومن قــرائن الــداخل والخــارج، أن النص أراد تبليــغ حكم إلهي صــار باإلمكان نسبة هذا الحكم إلى الله تعــالى بوصــفه جــزءا من دينــه

ــدين، حتى|الذي بلغه النبي ؛ وإال فالالزم التوقف في نسبته إلى ال

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد27هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

لو كان واجب الطاعة بمالك آخر.ــة وهذا هو المستند الرئيس ألطروحتنا في إعادة فهم التجربــه نتيجــة ــة بأفعالهــا وأقوالهــا ومواقفهــا. وهــو فهم نــزعم أن النبوي طبيعية لمنطق األشياء. فالمسلمون ملزمون بالتعامل مع النــبي، لكن ما يصدر من النبي تارة يكون بيانا لما هو الدين الذي جاء به؛ــة ــا لألداء النبــوي خــارج إطــار الديان وأخــرى يكــون وضــعا طبيعي المبلغة، لكنه منسجم مع روحهــا وأهــدافها من حيث المبــدأ. نعم، هذه التجربة التي تقــع خــارج اإلطــار يمكن أن نســتلهم خطوطهــاــك كلــه العامة ومساراتها ومؤشراتها وآليات العمل بها، بوصف ذل ملهمات لنا يقتدى بها بوصفها نهجا، ال مفردات، انطالقا من األمــر

اإللهي لنا بأخذ التجربة النبوية أسوة.وبذلك نحصل في ما أتانا به النبي على أمرين:

ــ1 ــانب التبليغيـ ــو الج ــذا ه ــا. وه ــتي بعث به ــالة ال الرسوالرسولي.

ــغ، فيـ 2 أداؤه البشري وتجربته اإلنسانية خارج إطــار التبليممارسة حياته، وفي إدارته لواقع الدين في الحياة.

أما الجانب األول فنأخذه بحرفيته، بعيدا عن قضية التاريخية. وأما الجانب الثاني فنأخذه بوصفه قدوة، ال بوصف ما أفرزهــات، عبارة عن أحكام شرعية؛ فالقدوة في النهج والمســار والكلي

ال في مصاديق هذا النهج. هذا جانب من فهمنـا للشخصــية الــتي يتحلى بهــا المعصــوم، وكيفية استنطاقها، نطرحه ـ باختصار ـ للتــداول. والعلم عنــد اللــه

سبحانه.

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية عشرة، االجتهاد والتجديد28هـ1439م ـ 2018شتاء

المحكم والمتشابه في القرآنقراءة جديدة

(**()الشيخ روح الله ملكيان

ــرآن ــوم القـ ــير وعلـ ــة في التفسـ ــاحث المطروحـ من المبـــا مبحث ــه وغيره ،«المحكم والمتشــابه»والحــديث وأصــول الفق

فيطرح غالبا تبعا وذيال لآلية السابعة من ســورة آل عمــران، الــتيمت آيــات الكتــاب الــذي أنزلــه اللــه تعــالى على النــبي إلى|قســ

هو الذ�ي أنــزل عليــك﴿المحكمــات والمتشــابهات، حيث قــال: ر ــ ــاب� وأخـ ــات هن أم الك�تـ ــات محكمـ ــه آيـ نـ ــاب م� الك�تـــون مــا ــغ فيتب�ع م زي ــوب�ه� ا الذ�ين في قل اب�هات فأم ــ متشــه يل�ه� ومــا يعلم تأويل تنة� وابت�غاء تأو� نه ابت�غاء الف� تشابه م�ن ــه� كــل م� � يقولــون آمنا ب� خون في الع�لم اس� إ�ال الله والر

ند� ربنا وما يذكر إ�ال أولو األلباب� . ﴾ع�ر اآليــة، يجب التنبيــه على دقيقــة، هنا، وقبل الخوض في تدبر المزيل لألوهــام، الموصــل إلى حقيقــة المــرام، ألي هي أن التدب

م )بــل ألي شــيء من خلقــه تعــالى(، هــوكالم من كالم اللــه العالــذي ال نه كالواحد المتناسق ال ر الذي يعم جوانبه العديدة، ويبي التدب تناقض فيه، ويفسره تفســيرا ال يبقى معــه أي تــوهم تعــارض بين

إن مجاري»أجزائه أوال، ثم بينه وبين سائر كالمه ثانيا، فقد قالوا: . وهذا ال يحصل(1)«القرآن مجاري الكالم الواحد والسورة الواحدة

ــا إلى أي كالم من كالمــه تعــالى كجــزء من منظومــة إال إذا نظرن منظمة، غير مهملين سائر أجــزاء المنظومــة، متــدبرين للعالقــات

أستاذ في حوزة قم العلمية.)*(*(

القائمة بينها. ــا ــة الشــريفه بدراســة مفرداته ــاد اآلي ــدأ البحث عن مف فلنبــابهات، ــاب، والمتش ــات، وأم الكت ــاب، والمحكم ــة، كالكت الرئيس

ل، وغيرها. يوالتأوالكتاب

في القرآن أكــثر من مئــتي مــرة،«الكتاب»استعملت لفظة تشترك كلها في الداللة على معنــاه المعــروف من عصــر الــنزول إلى عصرنا هــذا، وهــو مــا ثبت فيــه خطــوط أو نقــوش يــدل علىــه تعــالى: المراد والمقصود؛ سواء كان في قرطاس، كما في قول

ــاس﴿ رط ــك ك�تابــا في ق� لنا علي ــام: ﴾ولو نز (، أو في7 )األنعــه تعــالى: ن كــل﴿لوح، كما في قول وكتبنا لــه في األلــواح� م�

ــا؛ وســواء اشــتمل على145 )األعــراف: ﴾شيء (، أو في غيرهم جمالت كثيرة، كما في غــالب الكتب، أو جمالت يســيرة، كمــا في

يم� * أن ال تعلوا علي﴿قوله تعالى: ح� حمن� الر ب�سم� الله� الرين ل�م� (، فــأطلق عليــه الكتــاب،31 ـ 30 )النمــل: ﴾وأتون�ي مسـ

﴿حيث قال قبله: ا المأل ــا أيهــ الت ي اذهب ب�ك�تاب�ي هــذا... قــ�لي ك�تاب كر�يم ي إ �ني ألق� (. 29 ـ 28 )النمل: ﴾إ

الذي تعلــق بــه اإلنــزال والتنزيــل«الكتاب»وكالمنا هنا حول ــالحق﴿تارة، كما في قوله تعالى: ــاب ب� ــك الك�ت �لي ثالث﴾أنزلنا إ

ذل�ــك ب�ــأن اللــه﴿ ثالث مرات، و﴾أنزلنا عليك الك�تاب﴿مرات، وــالحق ــاب ب� ل الك�ت ــز ــالحق﴿، و﴾ن ــاب ب� ــك الك�ت ل علي ــز ،﴾ن

ل على رسول�ه�﴿و ؛ والتالوة والقــراءة أخــرى،﴾الك�تاب� الذ�ي نز الذين آتينــاهم الك�تــاب يتلونــه حــق﴿كمــا في قولــه تعــالى:

ــه� ــاب�﴿، و﴾ت�الوت� ن الك�ت ــك م� �لي ي إ ــل مــا أوح� الت�﴿، و﴾ات وقــارى الت� النصــ يء وقــ ارى على شــ ت� النصــ اليهــود ليســ

ــاب ــون الك�ت يء وهم يتل إ�ن﴿، و﴾ليست� اليهــود على شــ فــرؤون أل� الذ�ين يقــ �ليــك فاســ ا أنزلنــا إ م ك م� كنت في شــ

ن قبل�ك ــة،﴾الك�تاب م� ؛ واإليمان والكفر والتصديق والتكذيب ثالثر� والمالئ�كة�﴿كما في قوله تعالى: من آمن ب�الله� واليوم� اآلخ�

نون ب�الك�تاب� كله�﴿، و﴾والك�تاب� ــوا﴿، و﴾تؤم� ا الذ�ين آمن يا أيهــول�ه� ل على رســ ول�ه� والك�تــاب� الذ�ي نــز نــوا ب�اللــه� ورســ آم�

ن قبل نون ب�بعض� الك�تاب�﴿، و﴾والك�تاب� الذ�ي أنزل م� أفتؤم�رون ب�بعض ــه�﴿، و﴾وتكفـــ ا وكتبـ� دقت ب�كل�مـــات� ربهـــ ،﴾صـــ

؛ واإليتاء واإليراث رابعة، كما في قولــه﴾الذين كذبوا ب�الك�تاب�﴿و الذ�ين آتينــاهم﴿ عشر مــرات؛ و﴾آتينا موسى الك�تاب﴿تعالى:

ن قبل�ه� أربـــع﴾الذ�ين أوتوا الك�تاب﴿ ثماني مرات، و﴾الك�تاب م�طفينا م�ن﴿عشـــرة مـــرة، و ــ ــاب الذ�ين اص ــا الك�ت ثم أورثن

باد�نا رائ�يل الك�تـــاب﴿، و﴾ع� إ�ن الذ�ين﴿، و﴾أورثنـــا بن�ي إ�ســـم ن بعد�ه� .﴾أور�ثوا الك�تاب م� في عشرات اآليــات،«أهل الكتاب»وله أهل سماهم القرآن

ن أنهم أهل التوراة واإلنجيل والذكر، حيث قال: قل يا أهــل﴿وبييــل يموا التوراة واإل�نج� الك�تاب� لستم على شيء حتى تق�

ن ربكم �ليكم م� ــدة: ﴾وما أنز�ل إ ــال: 68 )المائ فاسألوا﴿(، وق (، وغــير ذلــك، ممــا يحــدد لـ7، األنبيــاء: 43 )النحل: ﴾أهل الذكر�

نا. وعليه يكون المراد«الكتاب» مفهوما واضحا، ويعين له مفادا بي بالكتاب في آيتنا المبحوث عنها هو كتاب الله الذي منــه أنــزل مــا

بنســخ مختلفــة، وبأســماء شــتى،^أنــزل على رســله المتقــدمين كالتوراة واإلنجيل والفرقان والذكر والزبور وغيرها، ثم أنزله على

في نســخته األخــيرة التامـة الخالــدة باســم القــرآن.|خــاتم أنبيائه فالكتاب نسخة األم لجميع الكتب التي أنزلها على رسله في نسخ متعددة، وبأسماء مختلفة. والنسخة األخيرة منه هو ما أنزلــه اللــه

، وسماه القرآن. |تعالى على هذا الرسول وعلى هذا فالكتــاب ليس واحــدا من المفــاهيم ذات األهميــة

في القرآن فحسب، بل هو أيضا المفهوم الذي يتحــدد بــه مفهــوم القرآن نفسه. وبهذا المعــنى للكتـاب فـإن القــرآن ليس إال خاتمــا

دات الكتـــاب، ــاب�﴿لتجســـ ن الك�ت ــه� م� ــا بين يدي دقا ل�م ــ مصنــا عليه ــدة: ﴾ومهيم� ــوراة48 )المائ ــل الت ــه في ذلــك مث (، فمثل

هــا من الكتــاب، ولكن والذكر والزبور واإلنجيــل من قبلــه، فهي كل. (2) بألف والم التعريف«الكتاب»من دون أن يكون أي واحد منها

: لو كــان الكتــاب نســخة األم لجميــع الكتب الــتيفإن قيلى﴿أنزلها على رسله فكيف قال تعــالى: �ذ قال اللــه يــا ع�يســ إ

�ذ �ذ... وإ ــدت�ك إ ــك وعلى وال� ــر ن�عمت�ي علي ــريم اذك ابن مــل ي كمــة والتوراة واإل�نج� ــاب والح� ــك الك�ت ــدة:﴾علمت )المائ

يــل﴿(، و110 كمــة والتوراة واإل�نج� ــاب والح� )آل﴾يعلمه الك�ت (، حيث جعــل تعليم الكتـاب في مقابـل تعليم التـوراة48عمران:

واإلنجيل، ولو كــان التــوراة واإلنجيــل نســختين من الكتــاب لكــانتعليم الكتاب تعليمهما أيضا، وال حاجة إلى إفرادهما بالذكر؟!

: كما أن كل نسخة من تلك النسخ المنزلة من الكتابيقال تختلف عن األخرى، كذلك نسخة األم تختلف عن كل واحدة منها، والتساوي أيا منها؛ وذلك ألنه كانت للمنزل إليهم ظروف مختلفــة بحسب الزمان والمكان والقـوم واإلقليم وغيرهـا، بحيث لم يمكن عــدم لحــاظ ظــروفهم المختلفــة في النســخ الــتي أنــزلت إليهم،ر فتختلف تلك النسخ باختالف تلك الظــروف في مســائل كــان تغي الظروف دخيال في تغييرهـا. فنسـخة األم إذا أنـزلت على موســى لوحظت فيها خصائص تناسب ظــروف المــنزل إليهم، وكــذلك إذا أنزلت على عيســى لــوحظت فيهــا خصــائص أخــرى تناســب تلــك ظــروفهم أيضــا. وهــذا ال يعــني أن كــل نســخة من نســخ الكتــاب يختص بقوم أو زمان؛ فإن أصول الحياة اإلنسانية في المجتمعاتر منــذ بعد أن تشكلت مدائن وممالــك وتكــاملت الحضــارة لم تتغي

ــر هــو طــرق أكــثر من ألفين أو ثالثــة آالف ســنة، وإنمــا الــذي تغي التوصل إليها، وآليات إعمالها. وأكثر مــا جــاء في هــذه النســخ من األحكام ناظر إلى هذه األصول الثابتة المشــتركة بين المجتمعــات اإلنسانية. وهذا هو السر في اختالف تلك النسخ بعضها عن بعض،

على«اإلنجيل» و«التوراة»وعن نسخة األم، وهو المصحح لعطف ــاب» ــير: «الكت ــل التفس ــال بعض أه ــذا ق ــوراة». ول ــر الت إن ذك

واإلنجيل بعد ذكر كلمة كتــاب ـــ مــع أنهمــا من الكتب الســماوية ـ ، أو(3)، كمــا في األمثل«إنما هــو من بــاب التفصــيل بعــد اإلجمــال

في»، كمــا في «يكــون عطفهمــا على الكتــاب هــو عطــف بيــان»ــل(4)«ظالل القرآن ؛ وقال بعضهم اآلخر: إن عطف التوراة واإلنجي

ــاب عطــف الخــاص على العــام، كمــا في آالء ــاب من ب على الكت .(9) واألمثل(8) والبالغ(7) وتبيين القرآن(6) وإرشاد األذهان(5)الرحمان

كمة﴿هنا »: &قال بعض المعاصرين التوراة﴿ قبــل ﴾الك�تاب والح�ــل ي عله من ذكـــر العـــام قبـــل الخـــاص، حيث التـــوراة﴾واإل�نج�

ــاب واإلنجيل هما كتابان حكيمان، فقد علم قبلهما أو معهما كل كت وحكمة بالوحي، تحليقا لوحيه الرســالي على كــل كتابــات الــوحي

ــة فيها ــل الحكم المطوي ــل، وك ه في(10)«من ذي قب ــال نفســ . وق هنا ـ وهو جنسه ـ كل كتابات الســماء«الكتاب»عل »موضع آخر:

ــة قبلــه، وذلــك من شــروطات كــل رســالة الحقــة أن يعلم النازل رســولها ســابقتها بســابغتها، حيث الرســاالت ككــل هي سلســلة موصولة بعضها ببعض، صــادرة عن مصــدر واحــد، واردة إلى أمــةــا... ثم ــة فيه ــوس ظاهري ــكليات وطق ــا اختلفت ش ــدة، مهم واح

ــوراة واإلنجيل» قبــل القــرآن،«الكتــاب» همــا أهم مصــاديق «الت وأتمهــا رباطــا بالرســالة العيســوية؛ حيث التــوراة تحمــل شــريعة

تبدل في اإلنجيل إال نذرا. وممــا يلمح لــه إفــراد الناموس التي لمما«التوراة واإلنجيل» وحدة كل منهما، دون كثرة مختلقة، وال ســي

. (11)«في اإلنجيلــة ــتخدمت لفظـ ــا وإن اسـ ــذه أيضـ ــا هـ ، ال«الكتـــاب»وآيتنـ

ــرآن» ــالت: «الق ــك الك�تــاب﴿، فق ــزل علي ــايران﴾أن ــا متغ ، وهم مفهوما، قضية تغايرهما لفظا والقول بعدم ترادفهما اتفاقا، ولكن اختالف لفظي الكتــاب والقــرآن ومفهوميهمــا ال يمنــع من صــدقه

ــدة المســماة بـ ، فــإن من«القــرآن»على نســخته األخــيرة الخال كتابـا غـير القـرآن،| يـنزل على رسـولنا المعلوم أن الله تعالى لم

وفقا آليات تقول: إن الكتاب فصلت آياتـه أو جعـل أو أنـزل قرآنـا﴿عربيا، منها: قوله تعــالى: ــا ــه قرآنــا عرب�ي لت آيات ك�تاب فصــ

�نا جعلناه قرآنا عرب�يا لعلكم﴿(ـ، 3 )فصلت: ﴾ل�قوم يعلمون إلــون ــا لعلكم﴿(،ــ 3 )الزخــرف: ﴾تعق� �نا أنزلنــاه قرآنــا عرب�ي إلون ــ 2 )يوسف: ﴾تعق� ،)﴿ ــا )طــه:﴾وكذل�ك أنزلناه قرآنا عرب�ي

113 .)ــيات نعم، هنا نكتة الينبغي أن يغفل عنها، وهي أن من مقتض البالغــة ـــ الــتي هي مطابقــة الكالم لمقتضــى الحــال ـــ أن توجيــه الكالم إلى عنوان من عناوين شــيء إنمــا هــو ألجــل إفــادة معــنى تقتضيه البالغة، فالله تعــالى ـــ وهــو خــالق البالغــة ـــ حين يقــول:

ــاب» ــول:«الكت ــه حين يق ــا أراد إفادت ــير م ــنى غ ــادة مع أراد إفــد أن نعــرف مــا اقتضــى اختيــار «القــرآن» على«الكتــاب»، فال ب ، مــع«هو الذي أنــزل عليــك القــرآن» يقل: هنا حيث لم«القرآن»

أن القرآن نسخة من الكتاب. ولنذكر مثاال من حياتنا االعتيادية؛ تمهيدا لذلك، وهو أن زيــدا مثال معنون بعناوين شــتى، مثــل: االبن واألخ والــزوج واألب والعم والخال والمعلم والمسلم والعالم والمواطن واإلنســان وعشــرات غيرها، كلها ذات مصداق واحد هـو زيـد المفـروض، فبالغـة الكالم

؛ وأخــرى أن«هــو أب كــذا»تقتضــي مــرة أن نحكم عليــه بقولنــا:

، وهكــذا بالنســبة إلى ســائر«هــو معلم كــذا»نحكم عليــه بقولنــا: نريد إفادة شيء غــير مــا نريــد«هو أب كذا»عناوينه، فإننا بقولنا:

، وإن كــان مصــداق كال الحكمين«هــو معلم كــذا»إفادتــه بقولنــا: ــا يحســن في«األب»إنسانا واحدا؛ وذلك ألن استخدام عنوان إنم

كالم ذي ربط بأبوته، مثل: أن يكون المخــاطب أو الســامع ولــده، هــو معلم» مثال، وال نقــول: «هو أب كريم»فنالحظ أبوته، ونقول:

، إال في كالم ذي ربط بمعلميته، مثل: أن يكــون المخــاطب«كريم أو السامع تلميذه أو مدير مدرسته مثال. وهذا من مقتضيات بالغـة الكالم، وقانون مطرد في كل شيء له أكثر من عنوان، يراد بكــل عنــوان من عناوينــه إفــادة شــيء تقتضــيها بالغــة الكالم، بحيث ال يجوز أن يســتخدم غــير هــذا العنــوان الــذي اقتضــت بالغــة الكالم

استخدامه. وفي مقامنا يظهر بأدنى التفات إلى آيات صــدر الســورة أن هذه اآليات موجهة إلى أهل الكتــاب، كمــا أشــار إليــه ذكــر إنــزال

الـذين»التوراة واإلنجيل فيهـا، وسـيجيء تفصـيله عنـد الكالم في . فمطابقــة الكالم لمقتضــى الحــال تســتدعي أن«في قلوبهم زيغ

يستخدم عنوانا يعرفه السامع، بــل يــؤمن بــه، ولهــذا يقــول ألهــل اللــه...﴿الكتاب المؤمنين بالكتاب المــنزل إليهم من عنــد اللــه::

دقا ل�مـا بين يديـه� وأنـزل الحق�� مصـ ل عليك الك�تـاب بـ� نزان... هــو الذ�ي أنــزل يــل... وأنــزل الفرقــ التوراة واإل�نج�

ــات محكمــات... نه آي ــزل﴾عليك الك�تاب م� ــذي أن يعــني أن ال عليكم الكتاب بالنسخة التوراتية والنسخة اإلنجيليــة وغيرهمــا هــو

أيضا بنســخته الراهنــة، فــإن|الذي أنزل الكتاب على هذا الرسوليب كنتم مؤمنين بكتاب اللــه الــذي أنزلــه إليكم فال ينبغي لكم الــر فيه إذا أنزله إلى رسول من بعد رسلكم، معتذرين بأن بعض آياتهــاب اإللهي ــات الكت ــة من آي ــإن طائف ــابكم، ف ــات كت ــابق آي ال يط

«الكتــاب» أن أحكامها في النسخ المتعددة من ىمتشابهات، بمعن ليســت متماثلــة، بــل هي متشــابهة. فالكتــاب نســخة األم لجميــع الكتب الــتي أنزلهــا على رســله، في نســخ متعــددة، وبأســماء مختلفة. والنسخة األخيرة منه هو مـا أنزلـه اللـه تعـالى على هـذا

الرسول، وسماه القرآن. في آيات كثيرة.«القرآن» و«الكتاب»وعليه ال بد أن يشترك

الر ت�لك آيــات الك�تــاب�﴿وهذا ما صرح به في مثل: قوله تعالى: (، فاآليــة تقــول: إن اآليــات المــذكورة1 )الحجــر: ﴾وقرآن مب�ين

في سورة الحجر آيات الكتاب، كما أنهــا آيــات القــرآن. بــل يوجــد فيفي القرآن تصريحات عديدة باشتراكات كثــيرة بينهمــا، منهــا:

يونس، حيث إنه بعد أن أنزل الله ثالثا وعشرين آية )اآلياتسورة ــول: ’( من قصة نوح وموسى93 ـ 71 ك﴿ يق فإ�ن كنت في شــ

ــك ن قبل� �ليك فاسأل� الذ�ين يقرؤون الك�تاب م� ا أنزلنا إ م م�ن الممتر�ين ن ربك فال تكونن م� ، فـــإن﴾لقد جاءك الحق م�

لم يكن ليشك قط في ما أنزله إليه ربه، وإنمــا كــان شــكه|النبي في مطابقة ما أنزل إليه لما أنزل في الكتب السابقة، ولهذا أمره

فإنه ثابت في كتبهم مطابقتــه»بسؤال الذين يقرؤون تلك الكتب، فإن ذلك محقق عندهم، ثابت في كتبهم،»، (12)«لما قصصنا عليك

ــه محقــق عنــدهم، ثــابت في كتبهم،»، (13)«حسبما أنزلناه إليك فإن ومن». وقــال الســيد الطباطبــائي: (14)«على نحــو مــا ألقينــا إليك

يــذكر في القصــص المــذكورة لطيف اإلشارة أن الله ســبحانه لم في هذه السورة قصة هود وصالح؛ لعدم تعرض التوراة الموجودة

. وعليه فهذه اآليات أيضا نفس آيات الكتاب.(15)«عندهم لقصتهما ومنها: في سورة األعلى، فقــد صــرح بــأن آياتهــا جــاءت في

حف� األولى﴿الصحف السابقة، حيث يقول: ــ ي الص إ�ن هذا لف�يم وموسى �براه� (.19 ـ 18 )األعلى: ﴾* صحف� إ

ــالى: «النجم»وفي سورة ــال تع أم لم ينبأ ب�ما﴿، بعد أن قيم الذ�ي وفى �بــراه� ى * وإ حف� موســ ـ36 )النجم: ﴾في صــ

(، جاءت ثمـاني عشــرة آيـة من صـحف موسـى وإبـراهيم، ثم37ن النذر� األولى﴿قال: (.56 )النجم: ﴾هذا نذ�ير م�

ل�ين﴿كما أن قوله تعالى: ــر� األو ي زب �نه لف� )الشــعراء:﴾وإ ( يشعر بذلك، فقد روى الحافظ الــرازي بإســناده عن قتــادة196

ــه: ــه قال ــل ذلــك«أي في كتب األولين»أن . وروى عن الســدي مث ــاء المتقــدمين». وقــال الســبزواري: (16)أيضــا .(17)«في كتب األنبي

أي كتب الرســل الســالفين، أي إن القــرآن»وقــال ابن عاشــور: كائن في كتب األنبياء السالفين، مثل: التــوراة واإلنجيــل والزبــور،

. (18)«وكتب األنبياء التي نعلمها إجماالــتمل على ــرآن مش ــا إن الق ــذكر»وأيض ــه«ال ، بتصــريح قول

أنزل على«الذكر»(، و1 )ص: ﴾ص والقرآن� ذ�ي الذكر﴿تعالى: ل عليــه�﴿ بتصريح هذه اآليات: |النبي ا الذ�ي نــز وقالوا يــا أيهــ

�نك لمجنون ــ 6 )الحجــر: ﴾الذكر إ ــه� الــذكر م�ن﴿(، أأنز�ل عليــ 8 )ص: ﴾بين�نا ن بين�نا﴿(، ي الذكر عليه� م� ــر: ﴾أألق� (،25 )القم

بتصــريح هــذه اآليــة:«الزبــور»وغيرها. وهو كتاب نزل قبل كتــاب ا﴿ ثهــ ــذكر� أن األرض ير� ــد� ال ن بع بور� م� ولقد كتبنا ف�ي الز

ال�حون باد�ي الص (، وله أهل في جزيرة العــرب105 )األنبياء: ﴾ع�ــتين: اال نــوح�ي﴿بتصــريح اآلي ــك إ�ال ر�جــ ن قبل� لنا م� وما أرســ

م فاسألوا أهــل الــذكر� إ�ن كنتم ال تعلمــون �ليه� )النحــل:﴾إــ 43 ألوا﴿(، م فاســ �ليه� ــوح�ي إ وما أرسلنا قبلك إ�ال ر�جاال ن

ــذكر� إ�ن كنتم ال تعلمــون ــاء: ﴾أهــل ال ــ 7 )األنبي ــه(، ــا في كمتصريحات بأن للتوراة واإلنجيل أهال فيها.

ســور الســجدة والزمــر وغــافركمــا ال يبعــد أن تكــون آيــات إذ هي ابتــدأت بقولــه:نفس آيات ذلك الكتاب؛ والجاثية واألحقاف

ين﴿ ن رب العــالم� يــه� م� ــاب� ال ريب ف� ــه:﴾تنز�يل الك�ت ، أو قولن الله� العز�يز� الحك�يم�﴿ . ﴾تنز�يل الك�تاب� م�

وبعد هذا كله اشتراك القــرآن مــع الكتب الســابقة في بعضــذا جعــل الســيوطي في اإلتقــان ــابت، ول النــوع(19)اآليــات أمــر ث

ما أنزل منــه على بعض األنبيــاء»الخامس عشر من علوم القرآن . «وما لم ينزل منه على أحد قبل النبي

بقي هنا إشكاالن، ال بد من دفعهما: الر ت�لــك﴿: إن اآليات المشار إليها في قوله تعالى: أحدهما

( بعض آيــات الكتــاب أو1 )الحجر: ﴾آيات الك�تاب� وقرآن مب�ين ، ليفيــد«تلك من آيــات الكتــاب»القرآن، فالمناسب التعبير بمثل:

أن تلك اآليات المنزلة بعض آيات القرآن أو الكتــاب، فكيــف قــال؟! ﴾ت�لك آيات الك�تاب�﴿تعالى:

ــواب : إن المتكلم إذا علم أن الســامع أو غــيره ممنوالج يبلغه كالمه عارف بأن ما يشير إليه في كالمــه أو مــا يحــدث عنــهــه، ، وليس كله، فال بأس عليه أن يشير إليه في كالم بعض من كلح بأنه بعض منه؛ وذلك لداللة القرينة الحالية عليــه. وهــذا وال يصر

فال نريــد أن«&اقرأ لنا أشعار السيد الحمــيري»كما نقول ألحدنا: يقرأ جميع أشعاره، وذلك لقرائن واضحة، مثل: ضـيق المجــال، أو إيجاد الملل للقارئ والسامع بقراءة جميعهــا واســتماعها، أو عــدمــر بالنســبة إلى طاقة القارئ، أو لغيرها من القرائن الحالية. واألمــه نـزل القرآن كــذلك؛ فـإن من ســمع عن القــرآن شــيئا عــرف أن

الر ت�لــك﴿ يتلــو القــرآن، ويقــول: |نجوما، فإذا سمع أن الرســولــه،﴾آيات الك�تاب� وقرآن مب�ين لم يشك أحد أن هــذه بعض آيات

ها. . هذا أوالال كل يسبقها إنكــار فهي : إن الجملة الخبرية إذا ألقيت ولموثانيا

تتوجه محضا إلى حكاية الواقع فقــط، فهي جملــة خبريــة محضــة.

ــا. مثال: وهذا بخالف ما لو سبقها إنكار، فهي تتكفل رد اإلنكار أيض من&لو كان هنا مجلس أراد شخص أن يقرأ أشــعارا من الكميت

ــك ــل تل ــة، وأراد أن يخــبر الســامعين بقائ ــه أو من ورق ــر قلب ظه األبيات، وهم غير عالمين أن الكميت أنشـأ أشـعارا كثـيرة غيرهـا،

هـذه»وأن ديوان الكميت يحتوي على أبيات كثيرة غيرهــا، يقـول: ، وال يقــول«هــذه أبيــات للكميت»، أو «أبيــات من ديــوان الكميت

. وأمــا«هذه أبيــات الكميت»، أو «هذه أبيات ديوان الكميت»لهم: ــارئ أنهم ينكـــرون ذلـــك، ــاد يعلم القـ ــان في المجلس آحـ إن كـ ويصرون على أن تلك األبيــات أنشــأها القــارئ نفســه، ال الكميت،

،«هذه أبيـات الكميت»، أو «تلك أبيات ديوان الكميت»فهو يقول: ؛ ليتمكن من تركـــيز صـــوته على لفظـــة«من»فيحـــذف لفظـــة

«ديوان الكميت» أو «الكميت» والجهر به أكثر؛ ألنه يريد ـ مضــافا إلى اإلخبار ـ أن يفيد السامعين )المنكرين وغير المنكرين( أن هنا منكــرين، وهــذا رد إلنكــارهم، وإن تلــك األبيــات ليســت أنشــودتي

أكيدا. ت�لك آيـات اللـه�﴿فهذه اآلية، ونحوهــا، مثــل: قولــه تعــالى:

، الجاثية:108، آل عمران: 252 )البقرة: ﴾نتلوها عليك ب�الحقرآن�﴿(، و6 ــات القــ ــك آي ــا1 )النمــل: ﴾طس ت�ل ــل: م (، من قبي

ذكرناه في المثــال، فاللــه تعــالى ليس في مقــام اإلخبــار المحض ليقال: إن تلك اآليات بعض آيات الله أو بعض آيات القرآن، وليس

تلــك من آيــات» أو «تلــك من آيــات الله» يقــل: كلهــا، فلم لم ، بــل هــو في مقــام رد إنكــار المنكــرين وريب المرتــابين«القرآن

المدعين أن هذه اآليات افتراءات على الله، إنكارا وريبــا دامــا مــاــه�﴿دام الــوحي نــازال، فقــال: ــات الل ــك آي ده بقولــه:﴾ت�ل ، وأك

﴾نتلوها﴿ ده بقوله: |، ال أن محمدا .﴾عليك ب�الحق﴿ افتراها، ثم أكرآن مب�ين﴿كما أن قوله: ــر:﴾الر ت�لك آيات الك�تاب� وقــ )الحج

دان بــذكر1 )النمل: ﴾طس ت�لك آيات القرآن�﴿( وقوله: 1 ( مؤكــروف ــأن الح ــول ب ــا، على الق ــالى أو اليمين به ــه تع ــماء الل أس المقطعة في أوائل السور أسماء الله العظمى أو أيمان بهــا، كمــا

،«كهيعص»ذكره جماعة من أهــل التفســير والحــديث واللغــة في فراجع كتبهم.

والحاصــل أن اللفــظ وتكثــيره وجهــر الصــوت وتشــديده من أسباب التأكيد عند العرف، كما في القــرآن. وأســلوب المشــافهةــد قد يختلف عن أسلوب الكتابة، فقد ينتفع المشافه؛ إلفادة التأكي ورد اإلنكار، بتشديد الصوت أو تركيزه على كلمة، والكاتب يحــرمــرآن. ــافهة في الق ــلوب المش ــتخدام أس ــوم اس ــه، ومن المعل من

ــة: ــذه اآلي ــانظر إلى ه وا م�ن﴿ف قــ ــوا أنف� ا الذ�ين آمن ــا أيهــ يا أخرجنـــا لكم م�ن األرض� وال م بتم وم� طيبـــات� مـــا كســـذ�يــه� إ�ال أن تم ب�آخ� قــون ولســ نــه تنف� تيممــوا الخب�يث م�

يــد يه� واعلموا أن الله غن�ي حم� (،267 )البقــرة: ﴾تغم�ضوا ف� يستعمل أداة االستفهام اإلنكاري إلفادة العتــاب والتقريــع كيف لم

ون﴿في قوله تعالى: قـ نه تنف� ة.﴾م� ؟! وإنمــا انتفــع بــاللحن خاصــ ومما يدل على هذا اللحن األمر باإلنفاق من الطيبات، والنهي عن

ــه: ذ�يــه�﴿تيمم الخبيث، والتعريض المســتفاد من قول ولستم ب�آخ�يه� . فهذه األمور تنــافي صــريحا إرادة اإلخبــار﴾إال أن تغم�ضوا ف�

ون﴿بقولــه: قــ نه تنف� ، وهي قــرائن ترشــد غــير المشــافهين ـ﴾م�كالمشافهين ـ إلى اللحن المستخدم في اآلية.

: إن القــرآن إن كــان نســخة من الكتــاباإلشكال الثـانيــاب» على «القــرآن»فكيف عطــف ــه تعــالى: «الكت الر﴿ في قول

، فإنه ال يجوز عطــف الشــيء﴾ت�لك آيات الك�تاب� وقرآن مب�ينعلى نفسه؟

يظهر مما تقدم في وجه جعــل تعليم الكتــاب فيوالجواب

مقابل تعليم التوراة واإلنجيل، حيث قلنا: إن كــل نســخة من تلــك النسخ المنزلة من الكتاب تختلف عن نسخة األم. فنسخة األم إذا

لوحظت فيها خصــائص تناســب ظـروف المـنزل|أنزلت على نبيناــه خصــائص أخــرى إليهم، كمــا لــوحظت في النســخ الماضــية من تناسب ظروف األمم الماضــين أيضــا. فالمصــحح لعطــف القــرآن على الكتاب هــو لحــاظ اختالفهمــا، بعــد اشــتراكهما في كثــير من اآليات. فتلك اآليات آيات الكتاب بلحاظ أنه كتاب الله الـذي أنـزل

، بنســخ مختلفــة، وبأســماء شــتى، وآيــات^على رســله الماضــين القرآن بلحاظ أنه نسخة منــه غــير النســخ المتقدمــة، أنزلهــا على هذا الرسول. واآلية تقول: إن آيات سورة هود آيات الكتــاب، كمــا أنها آيات القرآن. فالقرآن والكتاب يشتركان في كثير من اآليات، منهــا: آيــات الســورة المــذكورة. ومــا روى الحافــظ الــرازي، ذيال

رآن مب�ين﴿لقوله تعالى: ــناده﴾الر ت�لك آيات الك�تاب� وقــ ، بإس ، وعن الحسن، من أنه«الزبور»عن مطر، من أن المراد بالكتاب

ــه الكتب الــتي خلت قبــل«التــوراة والزبــور» ، وعن قتــادة، من أن ، فكلها من قبيل: مصاديق للكتاب، ال أن المراد بالكتاب(20)القرآن

ــدم أن ــذكورة؛ إذ تق ــا من الكتب الم ــوراة أو غيره ــه نفس الت في التــوراة والــذكر والزبــور واإلنجيــل كلهــا من الكتــاب، من دون أن

. كمــا أن مــا حكي عن مجاهــد، من«الكتاب»يكون أي واحد منها ، كــذلك. وســيأتي مزيــد(21)«التــوراة واإلنجيل»أن المراد بالكتاب

. «المتشابهات« و«المحكمات»توضيح عند البحث عن إ�ن﴿وعليه كما أن الدين المقبول عند الله واحد، حيث قــال:

الم نــد اللــه� اإل�ســ ومن﴿(، وقــال: 19 )آل عمــران: ﴾الــدين ع�رة� نــه وهــو ف�ي اآلخ�ــ يبتغ� غير اإل�سالم� د�ينا فلن يقبــل م�

ر�ين ن الخاس� كلهم، من نوح إلى^(، واألنبياء85 )آل عمران: ﴾م� ، كانوا مسلمين، وأرسـلوا باإلســالم، وإن اختلفت صـياغات|محمد

ــة الدين من رسول إلى آخر، حتى انتهت صياغاته بالصياغة الخاتمــا محمد ن خه من|لنبي ــ ــه واحــد، وإن اختلفت نس ــاب الل ــذلك كت ، ك

ــا ــدة لكتابن ــخة الخال خه بالنس ــ ــر، حتى انتهت نس ــول إلى آخ رسالقرآن.

ــارة أخــرى: وإن كــان كــل رســول لم يبعث إال بلســان وبعب﴿قومه، كما صرح به قوله تعالى: �ال ول إ ن رســ لنا م� وما أرســ

اء ويهــدي ل اللــه من يشــ ب�ل�سان� قوم�ــه� ل�يبين لهم فيضــ� (، ولكن الرســل4 )إبــراهيم: ﴾من يشاء وهـو العز�يـز الحك�يم

فــون جميعا، وعلى اختالف ألسنتهم وتعدد أقــوامهم، إنمــا هم مكل . وعليــه«أم الكتــاب»بتبليغ رسالة واحدة هي تلك المحفوظة في

ــة بلغــات األقــوام المبعــوث إليهم إنمــا هي إن كــل الكتب المنزل ، أي ذلــك الكتــاب األصــلي األزلي«أم الكتــاب»ترجمــات لفحــوى

الســرمدي المتجــوهر بــالمعنى ال باللفــظ، والعــابر لكــل اللغــات، والقابل للترجمة إلى كل األلسنة قابلية الجوهر الالمتناهي للتجليـة األولى ـ ــة الكوني ـة اللغ ـ ــة، وقابلي ــيرة المتناهي ــه الكث في أعراضية المجـــردة والالمنطوقـــة إلى الترجمـــة إلى األلســـنة الحســـ

. (22)المنطوقة والمتعددة بتعدد األمم التي تنطق بها فــالكتب المنزلــة على تعــدد أســمائها ولغاتهــا هي نســخ من

الذي هو عند الله وحده، ينزل منه ما«أم الكتاب»أصل واحد، هو يشاء على من يشاء باللغة التي يشاء. ومن هذا المنظــور تضــيء

من«مجعــول» القرآنيــة بداللــة جديــدة، فــالقرآن ﴾جعلناه﴿كلمة ﴿، أي مستنسخ منها بلغة عربية: «أم الكتاب» ــاه قرآنــا �نا جعلن إ

�نه في أم الك�تــاب� لــدينا لعل�ي لــون * وإ عرب�يــا لعلكم تعق� (، وقــد كــان يمكن للــه أن يجعلــه بلغــة4 ـ 3 )الزخــرف: ﴾حك�يم

﴿أعجمية، ولكان بالتالي يا لت: ﴾قرآنا أعجم� ــا أن44 )فصــ (. وبمــماؤه،«أم الكتاب»كل كتاب منزل مجعول من لذا قد تعددت أس

ــل؛ ــارة اإلنجي كما تعددت لغاته، فهو تارة التوراة؛ وطورا الزبور؛ ت. (23)وطورا أخيرا القرآن

ألم تر﴿ولهذا أضــاف اللــه الكتــاب إلى نفســه، حيث قــال: ن الك�تاب� يدعون إ�لى ك�تاب� الله� يبا م� �لى الذ�ين أوتوا نص� إ

ون نهم وهم معر�ضــ )آل﴾ل�يحكم بينهم ثم يتولى فريـق م�الة﴿(، و23عمران: إ�ن الذ�ين يتلون ك�تاب الله� وأقاموا الص

ارة لن ــة يرجــون تجــ را وعالن�ي ا رزقناهم ســ� م وأنفقوا م� (، وغيرهما؛ كما أضاف الدين إلى نفســه، حيث29 )فاطر: ﴾تبور

لم من ف�ي﴿قـــال: ــ ــه أسـ ــون ولـ ــه� يبغـ ــر د�ين� اللـ أفغيـــه� يرجعــون �لي ماوات� واألرض� طوعــا وكرهــا وإ )آل﴾الســ

ــه�﴿(، و83عمــــران: ــ ــدخلون في د�ين� الل ــ ورأيت الناس ي(، وغيرهما. 2 )النصر: ﴾أفواجا

ــالى: فإن قلت ــات﴿: الضمير المجرور في قوله تع نه آي م�، فاآلية صريحة في أن بعض﴾محكمات يرجع إلى الكتاب بال شك

الكتاب آيات محكمــات. فلــو كــان المــراد بالكتــاب المــذكور فيهــا الر ك�تــاب أحك�مت﴿ كانت منافيــة آليــة أخــرى تقــول: «القرآن»

ن لدن حك�يم خب�ير لت م� (، حيث أرادت1 )هود: ﴾آياته ثم فصــات محكمــة، وال ــة لهــا آي ــا أحكمت؛ إذ الكتب اإللهي أن آياتهــا كله فضل للقرآن أن تكون بعض آياته محكمة، وإنما فضله على سائر

الكتب في أن آياته كلها محكمات. : ليس المراد بالكتــاب هنــا القــرآن، بــل المــراد نفسأقول

ة السورة، أو على األقل آياتها األولى إلى اآليــات المتضــمنة لقصــ ، وهي أربع وعشرون آيـة منهــا؛ والــدليل على^نوح وبعض األنبياء

ذلك أن آيات صــدر ســورة هــود مماثلــة آليــات من ســورة النمــل المتضمنة لقصة إرسال سليمان كتابا إلى ملكــة ســبأ، وهي قولــه

�لي ك�تــاب كــر�يم *﴿تعالى: ي إ �ني ألق� ا المأل إ قالت يــا أيهــ

يم� * أن ال ح� حمن� الــر �نه ب�سم� الله� الــر ن سليمان وإ �نه م� إين ل�م� (، ففي هــذه31 ـ 29 )النمــل: ﴾تعلوا علي وأتون�ي مسـ

ن مضــمون الكتــاب بقولــه: «كتــاب»اآلي جاء ذكر من أن»، ثم بي . وهذا ما نرى مثله في آيات صدر سورة هــود، حيث يقــول:«ال...

ن لدن حك�يم خب�ير *﴿ لت م� الر ك�تاب أحك�مت آياته ثم فصير * وأن نـه نـذ�ير وبشــ� �نن�ي لكم م� أن ال تعبـدوا إ�ال اللـه إ

... روا ربكم ثم تغف� (، فجــاء فيهــا ذكــر عن3 ـ 1 )النمــل: ﴾اسـن هــذا الكتــاب بقولــه: «كتــاب» . وكمــا أن كتــاب«أن ال...»، ثم بي

نـه بقولـه سـليمان إلى الملكـة مشــتمل بعــد البســملة على مــا بي ، كذلك الكتاب المذكور في اآليــة األولى من«أن ال...»المصدر بـ

نــه بقولــه المصــدر بـ ،«أن ال...»ســورة هــود مشــتمل على مــا بيــذي ــاب ال ــالمراد بالكت ــذا ف ــه. وعلى ه ــثر من ــيره وال أك وليس غ أحكمت آياته هذه السورة، وآياتهــا من قســم اآليــات المحكمــات، وهي ـ على مــا سـيأتي ــ آيـات ثابتـة المضـامين في جميــع نســخ الكتاب المنزل من عند الله تعــالى. نعم، هنــا آيــات تــدل على أن

ر وال يبدل بغيره، وسيأتي الكالم حولها. القرآن حكيم ال يغي

المحكمات قـالوا بالنســبة إلى اآليـات المحكمــات: إنهــا آيــات ظــاهرات

إن القرآن الــذي أنــزل على»: (24)واضحات. ففي التفسير الواضح بعض آياته محكمات واضــحات ظــاهرات ال خالف بينملسو هيلع هللا ىلصمحمد

:(25). وفي التفســير الوسـيط«ظاهر اللفــظ والمعـنى المـراد منهاــة ال خالف في» آيات القرآن نوعان: محكمات، أي ظاهرات الدالل

نه آيات محكمات﴿ قوله: »: (26). وفي متشابه القرآن«معناها ﴾م�ــاب، أي ــه أم الكت خصص البعض بكونه محكما من حيث وصفه بأن

يخــبر»: (27). وفي تفســير ابن كثــير«منه آيــات ظــاهرات المعــاني

تعالى أن في القــرآن آيــات محكمــات، هن أم الكتــاب، أي بينــاتــد ــا على أح ــاس فيه ــة ال التب ــحات الدالل (28). وفي الجاللين«واض

نه آيات محكمات﴿»: (29)ومحاسن التأويل .« واضــحات الداللة﴾م� آيــــات﴿»: (30)وفي التفســـــير المعين للـــــواعظين والمتعظين

ــات . وفي التفســير« واضــحات الداللــة ال احتمــال فيها﴾محكم واضــحات الداللــة، ال خالف في معناهــا،﴾محكمات﴿»: (31)المنــير

من أحكم الشيء: وثقــه وأتقنــه، مفردهــا محكم: وهــو مــا عــرف وقــد»: (32). وفي التفســير الوســيط«تأويله، وفهم معناه وتفسيره

نه آيــات﴿اقتضــت حكمــة اللــه تعــالى أن يجعــل هــذا الكتــاب م� ، أي واضــحات الداللــة، محكمــات الــتراكيب، جليــات﴾محكمــات

المعاني، متقنات النظم والتعبير، حاويــات لكــل مــا يســعد النــاسنات، ال التبــاس فيهــا، وال اشــتباه . وفي«في معاشهم ومعادهم، بي

ــه﴿»: (33)تفســير من وحي القــرآن ن ــات﴿ أي من الكتــاب، ﴾م� آي واضــحات الداللــة على المعــاني، فال مجــال فيهــا ألي﴾محكمات

.«لبس في التفسير، وألي غموض في المعنى، أو أي احتمال بعيدوفي غيرها من التفاسير نحو هذه العبارات.

ــا من ــا في غيره ــارات ونحوه ــذي يســتفاد من هــذه العب وال هو وضوح المعنى والداللة والمــراد،«اإلحكام»التفاسير أن معنى

أو ظهورها. ـه لمولكن يالحــظ عليها ـ يوجــد في اللغــة والعــرف بأن

واستعماالت القرآن مورد يدل اإلحكام ومشتقاته على معــنى منقبيل: ظهور المعنى ووضوح الداللة ونحوهما.

والتوضيح أن المحكمات جمع المحكمـة من اإلحكـام، ومنــه:إ�ذا﴿قوله تعالى: ورة فــ لت ســ ــز ــوال ن ويقول الذ�ين آمنوا ل

ــال رأيت الذ�ين في ت يها الق� أنز�لت سورة محكمة وذك�ر ف�ن ــه� م� ي علي ــر المغشــ� ــك نظ �لي ــرون إ م مرض ينظ قلوب�ه�

(. فالمحكمــة هنــا معناهــا غــير20 )محمد: ﴾الموت� فأولى لهميها﴿قابلة لإلزالة واإلبطال والتغيير واإلبدال؛ إذ مع قوله: وذك�ر ف�

تال ، الذي هــو صــريح في ذكــر القتــال، ال حاجــة إلى وصــف﴾الق� فـإذا أنـزلت ســورة»السورة بكونها واضحة ظاهرة، بل لــو قـال:

كفى، ولكن من المعلوم أن الســورة الــتي كــان«ذكر فيها القتال الذين في قلوبهم مرض يفزعون منها هي التي ذكر فيهــا القتــال،

تكن قابلة لإلزالة واإلبطــال والتغيــير واإلبــدال، بخالف مــا لــو ولمنــة، وكــان القتــال المــذكور كانت السورة واضحة أو ظاهرة أو مبي فيها قابال لإلزالة أو اإلبدال؛ إذ حينئــذ لمــا بقي لفــزعهم وجــه، وال

ورة﴿»لخــوفهم ســبب. ولــذا قــال الشــوكاني: فإ�ذا أنــز�لت ســتــال﴿ أي غــير منســوخة، ﴾محكمة ا الق� يهــ أي فــرض﴾وذك�ــر ف�

ورة محكمـة»: (35). وقال الزبيدي في تـاج العـروس(34)«الجهاد سـورة محكمــة﴿»: (36). وفي تفسير الجاللين«أي غير منسوخة ﴾ســ

ــه« ينسخ منها شيء أي لم . وروى الطبري، بإسناده عن قتــادة، أنــرد . فلم(37)«كــل ســورة ذكــر فيهــا الجهــاد فهي محكمة»قــال: ي

قتادة، وال الطبري، باإلحكام الوضوح وما شابهه، بل أرادا به عـدمده مــا قبول اإلزالة واإلبطال والتغيير واإلبدال، كما هو واضح. ويؤي

ــة«سورة محدثة»حكي من أن ابن مسعود قرأ: ، وتسمى المحدث. (38) ينسخ منها شيء محكمة؛ ألنها إذا نزلت تكون محكمة ما لم

رين من أن ــا«المحكمة»وعليه فما قاله كثير من المفســ هن بمعــنى الواضــحة أو الظــاهرة أو المبينــة أو نحوهــا مــردود إليهم؛

.أوالوذلك لمخالفته لسياق اآلية والستعماالت القرآن ؛ حيث جعل اإلحكام مقابل النسخثانيا

ن رسول وال نب�ي﴿في قوله تعالى: ن قبل�ك م� وما أرسلنا م�ــه مــا يطان في أمن�يت�ه� فينسخ الل �ذا تمنى ألقى الش إ�ال إيطان ثم يحك�م اللــه آيات�ــه� واللــه عل�يم حك�يم ي الشــ ﴾يلق�

(.52)الحج: والستعماالت العرف في مقابل«المحكم»؛ فإنه يجعل ثالثا

اآلية محكمة أو»، فيقال مثال: «المبهم»، ال في مقابل «المنسوخ»حوا في بعض التفاســير«منســوخة في مئــات المــوارد. وقــد صــر

والجواهر(39)بكون النسخ واإلحكام ضدان، كما في البحر المحيطــان ــن التأويل(40)الحس ــيز(41) ومحاس ــرر الوج ــاتيح(42) والمح ومف

وغيرها.(43)الغيبوللغة ، ففي متــون اللغــة تصــريحات كثــيرة تــدل علىرابعا

نحو من الثبات والنضج والحصــانة والوثاقـة واألصـالة ونحوهـا فيبات محكمه»، فقالوا مثال: «اإلحكام» رجل»، «رصين أي شديد الث

رجل حصيف الــرأي أي محكمــه، مــأخوذ»، «نضيج الرأي: محكمه درع حصــينة أي»، «من الحبــل المحصــف، وهــو الشــديد الفتل

يص: محكم»، «بناء مؤجد: مقوى وثيق محكم»، «محكمة بناء أصــيص تمر أي محكم قــوي»، «كرصــ حر مســ د أي»، «ســ حبــل محصــ

ــديده، على ــه س ــرأي: محكم د ال ــ ــل محص ــول... ورج محكم مفتــذلك ــبيه ب لبة»، «التش ــ ــة ص ــق محكم قة الحل ي ــ داء: ض ــ درع حص

ق: أحكمــه،»، «شديدة قه توثيقا، فهــو موث أوثقه فيه أي شده، ووثق الخلق أي محكمه أي أي محكمه»، «وإنه لموث . هــذه«أصيل الــر

نر ولن ترى فيها مجيء المحكم في تفسير نصوص كلماتهم، ولم كلمة له معنى من قبيل: الواضح والظاهر والمــبين ونحوهــا. ولــذا

المتبــادر من مــادة اإلحكــام معــنى وجــودي»قال الشهيد الحكيم: إيجابي، هو اإلتقان والوثوق، كما يشير إلى ذلك تصريح أهل اللغة

. (44)«في تفسير أصل المادة وعلى هذا كله فالمحكمة بمعنى الثابتــة والمتقنــة والســديدةــر ونحوها مما هو مصــون من طــرو مــا ينافيهــا من الــزوال والتغيــة: ال والتبدل ونحوها. فاآليات المحكمات آيات كل واحدة منها ثابت

تزول وال تتغير وال تتبدل، فإذا أنزلها اللــه على رســول من رســله مرة، ثم أراد أن ينزلها مــرة أخــرى على رســول آخــر، أنزلهــا من دون أي تغيـــير في مضـــامينه أو أي تبـــديل فيهـــا، فهي ثابتـــة المضامين في جميع مــا أنــزل اللــه من صــحف إبــراهيم وموســى والتــوراة والزبــور واإلنجيــل وغيرهــا. والمحكمــات، كمــا قــال مال

ال يحــول حولهــا التغيــير والتبــديل بــالتعبير إلى أبــد»حــويش: . وما حكي عن ابن عباس وابن مســعود وقتــادة والربيــع(45)«اآلبد

، فـــإنهم أرادوا(46)«المحكم الناسخ»والضـــحاك، من أنهم قـــالوا: بالناسخ الثابت غير المنســوخ؛ إذ هــو في مقابــل المتشــابه الــذي

ر والتبدل، كما سيأتي. وقع فيه التغي

أم الكتاب : في آيتناأوالهاذكر هذا االصطالح في القرآن ثالث مرات:

اء ويثب�ت﴿: في قوله تعالى: والثانيةهذه؛ ــ يمحو الله مــا يشــاب� ــده أم الك�تـ نـ (، فيقـــول، ردا على طعن39 )الرعـــد: ﴾وع�

عليه بأنه لو كان صادقا في دعواه أن ما نزل عليه|مخالفي النبي هو من عند الله تعــالى فلمـاذا غـاير مــا نـزل من قبلـه على أهــل

والذ�ين﴿الكتــاب في بعض األحكــام. انظــر إلى اآليــات قبلهــا: زاب� ن األحــ ــك وم� �لي ــز�ل إ آتيناهم الك�تاب يفرحون ب�مــا أنرت أن أعبد الله وال أشر�ك ب�ه� �نما أم� من ينك�ر بعضه قل إــا ولئ�ن �ليه� مآب� * وكذل�ك أنزلناه حكمــا عرب�ي �ليه� أدعو وإ إن اللــه ــك م� � مــا ل ن الع�لم اءك م� اتبعت أهواءهم بعدما جــــا ن قبل�ك وجعلن ن ولي وال واق * ولقد أرسلنا رسال م� م�ــة إ�ال ــأتي ب�آي ول أن ي ية ومــا كــان ل�رســ لهم أزواجــا وذر

(، قال في إرشــاد38 ـ 36 )الرعد: ﴾ب�إ�ذن� الله ل�كل أجل ك�تابه﴿»: (47)األذهــان ــ ــر بعض وهــو مــا خــالف أحكــامهم﴾من ينك�

مما يخالف أحكــامهم وغــير»: (48). وفي جوامع الجامع«وشريعتهمفــوه وبــدلوه من الشــرائع :(49). وفي روح المعــاني«ذلــك ممــا حر

وهو مــا ال يوافــق كتبهم من الشــرائع الحادثــة، إنشــاء أو نســخا،» يفرحــوا بــه. وعن ابن ينكــروه وإن لم وأمــا مــا يوافــق كتبهم فلم

ة، فــالمراد عباس وابن زيد: إنهــا نــزلت في مؤمــني اليهــود خاصــ وهــو مــا»: (50). وفي األصفى«بالكتاب التوراة، وباألحزاب كفرتهم

وهــو مــا يخــالف»: (51). وفي أنــوار التنزيل«يخــالف شــرائعهمفوه منها و»: (52). وفي البحــر المديد«شرائعهم أو ما يوافق ما حر

هو ما يخالف شرائعهم التي نسخت بــه، أو مــا يوافــق مــا حرفــوا يعني: من أهل الكتــاب من ينكــر مــا»: (53). وفي بحر العلوم«منها

ر«كان فيه نسخ شرائعهم ب وهــو مــا خــالف»: (54). وفي تفسير شــ فــاألحزاب هنــا هم»: (55). وفي التفسير القرآني للقرآن«أحكامهم

جماعات اليهود الذين كانوا حزبا على النبي مــع مشــركي قــريش . ونحوها أو مثلها في التفسير«ومن انضم إليهم من قبائل العرب

ــير ــير الواضح(56)المنـ ــيط(57) والتفسـ ــان(58) والوسـ (59) وروح البيـ

وغيرها. نــده أم الك�تــاب�﴿فآية اء ويثب�ت وع� ﴾يمحو الله مــا يشــ

هو ينسخ ما يشــاء، ويبقي مــا يريــد، في كــل عصــر وكــل»تقول: نده﴿؛ إذ (60)«زمان، بحسب ما تقضي مصالح العباد ، ال عنــدكم،﴾ع�

، على ما رواه الطــبري بإســناده«ال يغير وال يبدل»، ﴾أم الك�تاب�﴿ب على قولــه: ». قال ابن عجيبة: (61)عن ابن زيد ــترت وم�ن﴿هــذا ي

، وهــو مــا ال يوافــق شــريعتهم. قــال﴾األحزاب� من ينك�ر بعضه ما يستصوب﴾يمحو الله ما يشاء﴿سيدي عبدالرحمن الفاسي:

ما تقتضــيه حكمتــه، فال ينكــر مخالفتــه للشــرائع﴾ويثب�ت﴿نسخه، في بعض األحكــام مــع موافقتــه للحكم، وهــو األصــول الثابتــة في

نده أم الك�تاب�﴿أصول الشرائع، ولذا قال: . وقــال بعض(62)«﴾وع�

اء﴿ ينســخ ﴾يمحو اللــه﴿»: &المعاصرين مــا يستصــوب﴾مــا يشــــه، ﴾ويثبت﴿نسخه، ــاب�﴿ ما يشاء مكان نده أم الك�ت أي أصــل﴾وع�

الكتاب، وهو اللوح المحفوظ فيه كل شيء. وهــذا رد لقــولهم: إن . ونحوه في(63)«كانت أحكام التوراة واإلنجيل صحيحة فلم نسخت

(64)محاسن التأويل . وفي متشابه القرآن، البن شهرآشوب، مرسال ـ[ ســوى أم الكتــاب1هما كتابان: ]»: |عن ابن مسعود: قال النبي

ال يغير﴾أم الك�تاب�﴿ـ[ 2؛ و]﴾ما يشاء ويثب�ت﴿ منه ﴾يمحو الله﴿ ، عن(67) وزاد المســير(66). ومثلــه في مجمــع البيــان(65)«منه شيء

ابن عباس، موقوفا.�نا﴿: في قوله تعالى: والثالثة ــاب� المب�ين� * إ حم * والك�ت

ــاب� �نه في أم الك�ت لون * وإ جعلناه قرآنا عرب�يا لعلكم تعق� في﴿(، أي إن القرآن كائن 4 ـ 1 )الزخرف: ﴾لدينا لعل�ي حك�يم

ــدر بين الكتب، شــريف﴾لدينا لعل�ي﴿، وهو ﴾أم الك�تاب� رفيع الق ال يغير وال يبدل. ﴾حك�يم﴿المنزلة،

ــاب»ويظهر من هذه اآليات، ومن النبوي، أن اســم«أم الكتــة، للجزء األصلي من الكتاب اإللهي، استنسخت منــه الكتب اإللهي

ــعادة ــان الس ــاخ في بي ــذلك االستنس ــرحوا ب ــا ص ــع(68)كم ومجم وغيرها. وهو الجزء(71) ومقنيات الدرر(70) ومعالم التنزيل(69)البيان

ــر وال يتبــدل، ولــذا جعــل في آيتنــا الثــابت الــذي ال يــزول وال يتغيــزول وال ــات: ال ت المبحوث عنها اآليات المحكمات ـ وهي أيضا ثابت

أي مجمــوع هــذه﴾هن﴿تتغير وال تتبدل ـــ أم الكتــاب، حيث قــال: اآليات المحكمــات، فجمــع الضــمير تأكيــدا على الجميــع، ولكن لم

ــابت﴾أم الك�تاب�﴿يجمع األم، بل قال: ؛ إذ هي اسم لهذا الجزء الثــه تعــالى لم ــل: من الكتــاب. كمــا أن أم»؛ ليفيــد أن «هن أمه» يق

ــه: «الكتاب وما كــان﴿ اسم لجزء من الكتــاب، وهــذا بخالف قولها رسوال )القصــص:﴾ربك مهل�ك القرى حتى يبعث في أم

ــة المكرمــة. نعم،«أم القرى» يقل: (، حيث لم59 ؛ ألنها اسم لمك يرد بــه مــا علما، حيث لم«عبد الله» وإن كان يشبه «أم الكتاب»

يهجــر منفــردتين، ولكن مــع ذلــك لم«الله» و«عبد»يراد بكلمــتي في تسميته بأم الكتاب معــنى األم اللغــوي والعــرفي رأســا، ولــذا

ــير،«أم الكتاب»صرحوا بأن يعني أصله، كما في كثير من التفاســان ــاد األذه ــل: إرش ــوار التنزيل(73)، األصــفى(72)مث ــر(74)، أن ، البح

ــير(77)، الصــافي(76)، الجاللين(75)المديد ،تفســير(78)، تفســير ابن كثــبر ــبين(79)شـ ــير المـ ــير المعين(80)، التفسـ ــير(81)، التفسـ ، التفسـ

، وغيرهــا من(84)، التحريــر والتنــوير(83)، روح المعــاني(82)الوســيط التفاسير. وبلحاظ المعنى اللغوي أيضا فأم الكتــاب ثابتــة ال تــزولر وال تبدل؛ إذ هي أصله لغة وعرفا، وأصل كل شــيء ثــابت وال تغي

ال يزول وال يتغير وال يتبدل. ــالى: ــه تع ــدينا﴿ثم ال يخفى أن قول �نه في أم الك�تاب� ل وإ

( يدل بوجهين على أن القــرآن ممــا ال4 )الزخرف: ﴾لعل�ي حك�يم : إن القــرآن كــائن في أم الكتــابأحدهمايتغير وال يتبدل بغيره:

: وصــف القــرآنوثانيهماالتي هي مجموعة اآليــات المحكمــات؛ بكونــه حكيمــا. كيــف ال، وهي النســخة األخــيرة من الكتــاب الــتي أنــزلت هــدى للنــاس! وهــذا من لطيــف التعبــيرات، حيث وصــف القــرآن بــالحكيم، ال بــالمحكم، وهمــا وإن كانــا قريــبين مفهومــا ـر بعضــهم الشتراكهما مــادة ـــ ولكن ال يتســاويان معــنى، وإن فســ

ينسخ منــه شــيء المحكم الذي لم»الحكيم بالمحكم، حيث قالوا: .(86)« ينســخ شــيء منها محكم آياتــه لم»، أو (85)«بكتاب آخر بعــده

فالمحكمات آيات ثابتة المضامين في جميــع الكتب المنزلــة. ومن المعلوم أن مضامين بعض آيات القرآن يختلف عما في غــيره من تلك الكتب، كما سيأتي. وأما كون القرآن حكيما فيعني أنه بجميعــره أو يبدلــه. كمــا أن قولــه آياتــه مصــون من أن يأتيــه شــيء يغي

ــالى: ــاب﴿تع �نه لك�ت اءهم وإ ا جــ إ�ن الذ�ين كفروا ب�الــذكر� لمه� تنزيل ن خلف� ن بين� يديه� وال م� عز�يز * ال يأت�يه� الباط�ل م�

يد ن حك�يم حم� ( يقول: إن الذكر الــذي هــو42 ـ 41 )فصلت: ﴾م� من القرآن ـ كما سبق ـ ال يعتريه البطالن. ولما كان النسخ إبطاالــرد على القــرآن الحكيم. وتقــدم لمــا في اآليــة من حكم فهــو ال يــع. بعض اآليات الدالة على أن الذكر بعض القرآن، ال نفسه، فراج وعليه ففي هذه اآليات، ونحوها من اآليــات الــتي وصــفت القــرآن

ــة2 )يس: ﴾والقرآن� الحك�يم�﴿بالحكيم، مثل: قوله تعالى: (، دالل تنسخ منــه آيــة، ال بآيــة منــه، وال صريحة على أن القرآن كتاب لم

برواية. سخ المذكور في قوله تعالى: ن آية أو﴿وأما الن ما ننسخ م�

ا ألم تعلم أن اللــه على ثل�هــ ا أو م� نهــ ــر م� ها نأت� ب�خي ننس� ( فهــو نســخ بالنســبة إلى أهــل106 )البقــرة: ﴾كل شيء قد�ير

مــا يــود﴿الكتــاب؛ ضــرورة الترابــط بين اآليــة والســابقة عليهــا: ل ر�ك�ين أن ينــز ن أهــل� الك�تــاب� وال المشــ الذين كفروا م�اء ــ ن ربكم والله يختص ب�رحمت�ه� من يش ن خير م� عليكم م�

ل� العظ�يم� ــرة: ﴾واللــه ذو الفضــ ــيخ105 )البقـ ــال الشـ (. قـــا؟»: &الطوسي ــتي قبله فإن قيل: أي تعلق بين هذه اآلية وبين ال

ن أهــل�﴿قلنا: لما قال في اآلية األولى: ما يود الذ�ين كفروا م�ن ن خيـــر م� ل عليكم م� ر�ك�ين أن ينـــز الك�تـــاب� وال المشـــ

ال يخليهم من إنزال«جل وعز» دل في هذه اآلية على أنه ﴾ربكم . فاآليــة األولى تقــول:(87)«خير إليهم، خالف ما يــود أعــداؤهم لهم

يؤمنوا بما أنــزل عليكم، مــا إن الذين كفروا من أهل الكتاب، ولم يودون أن ينزل عليكم خــير من ربكم، قــد يكــون ذلــك الخــير آيــة تنسخ آية من آياتهم. ثم تقول الثانية: إذا مــا ننســخ أو ننســي آيــةــل ــه على ك من آياتهم نأت بخير منها أو مثلها في القرآن، فإن الل

شيء قدير. ولذا قــال أبــو مســلم اإلصــفهاني على مــا حكى عنــه إن المــراد من اآليــات المنســوخة هي الشــرائع»الفخــر الــرازي:

التي في الكتب القديمة من التوراة واإلنجيــل، كالســبت والصــالةدنا ــا، وتعب ــالى عن ــه تع ــا وضــعه الل ــرب، مم ــرق والمغ إلى المش

. وكيــف كــان، فــإذا ثبت باآليــات المتقدمــة وغيرهــا أن(88)«بغــيره تنسخ منه آية فال بد أن يكون النسخ المذكور في قولــه القرآن لم

ن آية﴿تعالى: نسخا آلية من غير القرآن. ﴾ما ننسخ م� بــأن(89)والفخــر الــرازي، بعــد أن اعــترف في مفــاتيح الغيب

ــال: االستدالل بهذه اآلية على إثبات النسخ في القرآن ضــعيف، قــالى: ــه تع �ذا بدلنا﴿األقوى أن نعول في إثبات النسخ على قول وإ

ــر �نمــا أنت مفت ل قالوا إ آية مكان آية والله أعلم ب�ما ينز (. ولكن الحق أن التبديل101 )النحل: ﴾بل أكثرهم ال يعلمون

المذكور فيه كان بالنسبة إلى أهل الكتاب أيضا؛ وذلك لداللة اآليةن ربك﴿التاليــة عليــه، حيث تقــول: دس� م� لــه روح القــ قل نز

ين ل�م� رى ل�لمســ ــوا وهــدى وبشــ ــالحق ل�يثبت الذ�ين آمن ﴾ب� (، فهي تدل بــوجهين على أن المــراد تبــديل آيــة من102)النحل:

ــة»: أولهماالكتب السابقة بآية قرآنية: إن النســخ لآليــات القرآنيــه يكــون داعيــا من ت قلوب المؤمنين، بل إن ليس من شأنه أن يثب دواعي اإلزعــاج النفســي؛ بســبب تلــك اآليــات الــتي يعيش معهــا

ــون عنها «المســلمين»: إن ثانيهما؛ (90)«المسلمون زمنا ثم يتخل هم من أهــل الكتــاب«الــذين آمنــوا»المــذكورين هنــا في مقابــل

ــزل على الرســول ــا ن ــوا بم ــذين آمن ــرائن: |ال ــك لق :أوالها؛ وذل : إن تبــديلثانيتها؛ «الــذين آمنــوا»المقابلة في اآليــة بينهم وبين

يكن لهم هدى وبشرى، وإنمــا الهــدى والبشــرى لهم آية قرآنية لمــذا ــارات ه ــا من أم روا بأنه ــ ــة بش ــاتهم بآي ــة من آي ــديل آي في تب

. ولذا قــال أبــو مســلم األصــفهاني، على مــا حكي عنــه:|الرسول

في الكتب المتقدمة، مثل: إنه حــول﴾إذا بدلنا آية مكان آية﴿»�نما أنت مفتر﴿القبلة إلى الكعبة، قالوا: .(91)« في هذا التبــديل﴾إ

ة، ففي مثل تبديل القبلة تثبيت للذين آمنوا، بجعل قبلـة لهم خاصـروا في كتبهم بــأن النــبي وهدى وبشرى ألهــل الكتــاب الــذين بشــ

: تصــريح القــرآن بــذلك،ثالثتها؛ (92) يصلي إلى القبلتين|الموعودــوان ــاب بعنـ ــل الكتـ ــالقرآن من أهـ ــوا بـ ــذين آمنـ ــر الـ حيث ذكـ

ــه�﴿، حيث قــال: «المســلمين» ن قبل� الذ�ين آتيناهم الك�تــاب م��نه ـه� إ م قــالوا آمنا بـ� �ذا يتلى عليه� نــون * وإ ـه� يؤم� هم بـ�

ين ل�م� ن قبل�ــه� مســ �نا كنا م� ن ربنا إ ـ52 )القصــص: ﴾الحق م�53.)

المتشاب�هات قالوا بالنســبة إلى اآليــات المتشــابهات: إنهــا آيــات مجمالت

آيــات القــرآن نوعــان:»: (93)مبهمــات. ففي التفســير الوســيطضح، بــل محكمات...؛ ومتشابهات، أي التي لم يظهر معناها ولم يت

وأخر﴿»: (94). وفي الجاللين«خالف ظاهر اللفــظ المعــنى المــراد . وفي تفســير ابن« ال تفهم معانيهــا، كأوائــل الســور﴾متشاب�هات

ومنه آيات أخر فيهــا اشــتباه في الداللــة على كثــير من»: (95)كثيرــير«الناس أو بعضهم اب�هات﴿»: (96). وفي التفسير المن هي﴾متشــ

التي لم يظهر معناها ولم يتضح، بل خالف ظــاهر اللفــظ المعــنىــور ــل السـ ــراد، كأوائـ ــرآن«المـ ــير من وحي القـ :(97). وفي تفسـ

اب�هات﴿» ــ ر متش ــة على﴾وأخــ ــوح في الدالل ــك من الوض ال تمل معناها ما تملكه اآليات المحكمات، فقد يــتردد معناهــا بين نــوعينــد ــظ عن ــنى الحقيقي من اللف ــادر المع ــاني من حيث تب من المعــه المــراد منــه، ومن حيث وجــود بعض ل للســامع أن إطالقــه، فيخي

. «القرائن الموحية بالمعنى المجازي أو الكنائي

والــذي يســتفاد من هــذه العبــارات، ونحوهــا في غيرهــا من هو اإلبهام وإجمــال المعــنى وخفــاء«التشابه»التفاسير، أن معنى

ــرف المراد وعدم فهمه ونحوها. وهذا ما ال تساعد عليه اللغة والع واالســتعماالت القرآنيــة، وإن كــان ـــ كمــا ســيجيء ـــ من لــوازم التشابه إجمال في المصاديق أحيانا. ولكن هنا دالئــل عديــدة على

أن المراد بالتشابه في اآلية ليس اإلبهام واإلجمال، نذكر منها: ـ إن إجمال بعض آيات الكتــاب نقض للغــرض الــذي ألجلــه1

أنزل الكتاب، ومناف له؛ إذ الكالم المجمل ال يهــدي المخــاطب أو السامع، بل يجعله شاكا باقيا في حيرة الضاللة وتيه الجهالــة! بــل

ــذاهب» ــان ســببا الختالف الم ــرآن ك ــود المتشــابه في الق إن وج واآلراء، وتمسك كل واحد منها بشيء من القــرآن بالشــكل الــذي ينسجم مع متبنياتــه. وهــذا ينــاقض األهــداف الــتي جــاء من أجلهــا

. وبهذا يظهر بطالن ما جاء في بعض التفاسير،(98)«القرآن الكريم أنه متى كانت المتشابهات موجــودة»، من (99)مثل: غرائب القرآن

كان الوصول إلى الحــق أصــعب وأشــق، وزيــادة المشــقة تــوجبــد مزيد الثواب. وأيضا لو كان كله محكما كان مطابقا لمذهب واح فقط، فكان ينفر أربــاب ســائر المــذاهب عن قبولــه، وعن النظــر فيه واالنتفاع به، وإذا كان مشــتمال على القســمين فحينئــذ يطمــعد مقالتــه، فيجتهــد في فهم صاحب كل مذهب أن يجد فيــه مــا يؤيرة معانيه، وبعــد الفحص واالستكشــاف صــارت المحكمــات مفســ للمتشابهات، ويتخلص المبطل عن باطله ويصل إلى الحق. وأيضا إذا كــان فيــه محكم ومتشــابه افتقــر النــاظر فيــه إلى االســتعانةــة ــد إلى ضــياء البين ــة التقلي ــة، فيتخلص من ظلم ــدالئل العقلي بال واالســتدالل والطمأنينــة، وافتقــر أيضــا إلى تحصــيل علــوم أخــر، كالصرف والنحو والمعاني والبيــان وأصــول الفقــه وأصــول الكالمــابت ــيز بين الث إلى غير ذلك، ولما في المشابهة من االبتالء والتمي

على الحق والمتزلزل فيه. وهاهنــا ســبب أقــوى، وهــو أن القــرآن كتاب مشتمل على دعوة الخواص والعوام، وطباع العامة تنبو فيــات األغلب عن إدراك الحقائق، فمن سمع منهم في أول األمر إثبــز وال مشــار إليــه ظن أن هــذا عــدم موجود ليس بجســم وال متحيــاظ دالــة ونفي، فوقع في التعطيل، فكان األصلح أن يخاطبوا بألفلــوه، مخلوطــا بمــا يــدل على الحــق على بعض مــا توهمــوه وتخي الصريح. فاألول وهو الــذي يخــاطبون بــه في أول األمــر من بــاب المتشابهات، والثاني وهو الذي يكشف لهم آخر الحــال من قبيــل:

. «المحكمات ـ عشرات اآليات تقول بصراحة تامة: إن القرآن مبين ونور2

وبيان للناس وبالغ لهم وهــدى لهم، وآياتــه بينــات مبينــات، والــذي هذا شأنه ووصفه ال يتطرق إليه شائبة اإلجمال واإلبهام أبدا، فضالــة ــام على جه ــال واإلبه ــا؛ إذ اإلجم ــون مجمال أو مبهم عن أن يك

النقيض من هذه األوصاف. ــذين رأوا أن اآليــات المتشــابهات هي3 ـ أغلب المفسرين ال

ــع اآليات المجملة والمبهمة قالوا بأن اآليات المحكمات مرجع لرف اإلبهام واإلجمال عن غيرها؛ حيث إنها أم الكتــاب. ثم لــو بقي مــع

نها للنــاس، فحينئــذ لم|ذلك إبهام لها فالنبي يدع تلك اآليات إال وبي يبق مجــال للفتنــة للــذين يبق لها من اإلبهام شيء، وعليه فلم لم

في قلوبهم زيغ. ولكن اآلية صرحت ببقاء هذا المجال لهم. وحينئذ لرفــع|ال بد من رفع اليد عن مرجعيــة اآليــات المحكمــات والنــبي

اإلبهـــام واإلجمـــال عن المتشـــابهات، أو عن كـــون المتشـــابهاتث مجمالت ومبهمات، أو عن كليهما. وبعبارة أخرى: إن وجه تشــب الذين في قلوبهم زيغ باآليات المتشابهات للفتنـة هــو تشــابه هــذه

يبق لهــا إبهــام وإجمــال. لم|اآليات، ومع اآليات المحكمات والنبي واآلية صرحت ببقاء مجال الفتنــة لهم. فتشــابه هــذه اآليــات كــان

باقيا. وعليه فالتشابه اليعني اإلبهام واإلجمال. ـ اآليات المتشابهات ـ كما تقول اآلية ـ آيــات يتبعهــا الــذين4

ــغ، و ــوبهم زي ــاع»في قل ــق إال في حــال كــان للفــظ«االتب ال ينطب مفهوم لغوي يكون أخذه والعمل بــه اتباعــا لــه؛ إذ ليس من اتبــاع الكالم ـ أي كالم ـ أن نأخذ بأحد معانيه المشــتركة أو المــرددة إذا

يكن له ظهور فيــه، وإنمــا يكــون هــذا العمــل من اتبــاع الهــوى لمنه . (100)والرأي االنفرادي في تعيين المعنى؛ ألن الكالم اليعي

ــذي يمكن»ـ 5 ــة الكريمــة أخــذ بالشــكل ال التشــابه في اآلي . فلــو كــانت المتشــابهات مجمالت(101)«استغالله في مجال الفتنة

ث بها للفتنة؛ إذ الكالم المجمــل المبهم مبهمات لما أمكنهم التشب مجمــل مبهم ال يتــبين مــراده عنــد النــاس، ولــو وجهــه الــذين في

ــد أن قلوبهم زيغ للناس بما يوجب الفتنة لم يقبل الناس منهم، بعــه. لم يفهموا منه المراد بأنفسهم، وما زالوا في شك في المراد ب

يكن للفظ ظهــور في معــنى معين اليمكن إذا لم»وبعبارة أخرى: حيث جــرى دأب أهــل اللســان»؛ (102)«اســتغالله في مجــال الفتنة

بعــوا مــا هــذا شــأنه من األلفــاظ، فلم في ظــرف التفــاهم أن ال يت يقدم على مثلــه أهــل اللســان، ســواء في ذلــك أهــل الزيــغ منهم

هو». فإن الفتنة كما يظهر من القرآن (103)«والراسخون في العلم ، وال يعد مطلق اختالف الناس(104)«ما يوجب اختالال مع اضطراب

في أمر، مثل: اختالفهم في استظهار مــرادات اآليــات، فتنــة، بــل هو محض اختالف أو تنــازع، ومــا كــان مبهمــا أو محتمال ألكــثر من معنى إنما يوجب اختالف أنظار النــاس في اســتظهار المــراد بــه،رين والفقهــاء واألصــولين كمــا نــرى هــذا االختالف بين المفســ

ــا لم والمحدثين وغيرهم، ولكنه لم تنضــم ينته إلى الفتنة بينهم، مإليه الدواعي غير العلمية واألهواء الفاسدة.

ــه ال يقــدر6 ـ معنى كون القرآن إعجازا أن الســامع يــدرك أن

ــذا اإلدراك العقالئي يتوقف على ــه. وه ــد على إنشــاء كالم مثل أحبع عجــزهم عن إتيــان كالم مثلــه. فلــو فهم آياته جيدا؛ ليدركوا بالت

يدركوا عجــزهم عن إتيــان كان بعض آيات القرآن مبهما عليهم لم بإنشاء جمالت مبهمة، ثم عدها من|مثله، بل لهم أن يقابلوا النبي

سنخ اآليات المبهمات. واألمر بالنسبة إلى التحدي أيضا كذلك. ولهذا كله عد الشهيد مطهري التصور المتقــدم بالنســبة إلى

هنا تصور عامي بالنســبة»المحكم والمتشابه تصورا عاميا، فقال: ــزعم أن اآليــات المحكمــات هي إلى المحكمات والمتشــابهات، في التي طرحت فيها المطالب بشكل بسيط وصــريح، وعلى العكســز ومعمى. في اآليات المتشابهات، طــرحت المطــالب بصــورة لغر في اآليـات المحكمــات وطبقا لهذا التعريــف فللنــاس حــق التـدبر فيهــا فقــط، واآليــات المتشــابهات ال يمكن المعرفــة بهــا والتفكــات ــة اآلي ــا هي حكم ــو: م ــؤال ه ــا س ــرح هن ــالطبع يط ــال. وب أص المتشابهات؟ ولماذا جــاءت في القــرآن آيــات ال يمكن معرفتهــا؟ والجواب اإلجمالي أن معنى المحكم ليس الصــريح والبســيط، وال

. (105)«معنى المتشابه اللغز والمعمى نعم، هنا إبهامات كثــيرة على كثــير من النــاس في كثــير من كلمــات القــرآن وعباراتــه في عصــرنا، وكــذا في ســائر األعصــار المتـأخرة عن عصـر الـنزول، فإنهــا إبهامـات حملهـا على الكتـاب

المبين أمور، منها:ـة ـ1 ـ ـ تطور اللغة العربية بمفرداتها وتركيباتها. فاللغة العربي

ب الزمــان كأي لغة ـ كائن متحرك، تختلف مدلوالت كلماتهــا حســب ــ ـة، وحسـ ــ ــذاهب الفكري ــف والمـ ب الطوائـ ــ ــان، وحسـ والمكـ

المجتمعات.م مــرض﴿ـ محاولة 2 ــاني﴾الذ�ين في قلوب�ه� ــف مع لتحري

القرآن أوال، وتلبسه باإلبهام واإلجمال ثانيا.

فــة الــتي زعمت أنهــا قــرائن3 ـ الروايات المختلقة أو المحرمنفصلة لبعض مداليل اآليات والكلمات.

ـ قصور أو تقصير علماء العربية في ضبط معاني مفــردات4القرآن وتراكيبه.

ـ البعد الزمني بين عصر النزول واألعصــار المتــأخرة عنــه،5ر الهائل في أساليب الحوار والكالم من ذلك العصر الموجب للتغي إلى ما بعــده. فلم يمض من عصــر الــنزول إال مائــة أو مئــتين من السنين وحــدثت أو أحــدثت هــذه األمــور وغيرهــا، وحملت اإلبهــام واإلجمال على كثير من مداليل ومرادات الكتاب المبين، الذي هونات. ومع ذلك هنا نات المبي نور وبيان وبالغ وهدى للناس بآياته البي فارق بين المؤمن وغيره؛ فإن المؤمن يؤمن بما وصف الله كتابــهــا أو مهمال )أي ليس في ــزل مجمال أو مبهم ــه ن ــول بأن ــه، وال يق ب مقام البيان(، وإن ير في القرآن كثيرا مما ال يتبين مراده لــه، بــلــة، وللبالغ قمــة، وللهــدى رايــة؛ خالفــا لغــير ــه للبيــان قل يقــول: إنــه ــزعم أن المؤمن، فحيث يرى في القرآن ما ال يتــبين لــه مــراده يــرة مبهم أو مجمل أو قاصر أو غيرها مما يليق بنا وبأنظارنا القاص وأفكارنا الفاترة. واليقدح في هذا ما عرض من اإلبهام على نوادرــرآن ــات الق ــوادر من كلم ــنزول في ن ــرين لل ــاس المعاص من النــدار على ــا؛ إذ الم ــتفهام عنه ــوجهم إلى االس ــه، بحيث يح وعبارات الغالب، وما نقل في التاريخ من هذه االستفهامات ـ لو ثبت ـ نادر كل النــدرة، بــل في بعضــه داللــة على أن القــرآن كــان مــرجعهم

ومالك عملهم، وإن أخطأوا أحيانا نادرة في فهمه وتطبيقه. ــا بعد أن ثبت فساد ما قيل بالنسبة إلى المتشابه أقــول تبيين للمراد به: إن المتشابهات ـ جمع المتشــابهة ـــ من التشــابه، وهــوــيئين مختلفين أو ــارب بين ش ــق والتق ــاكل والتواف ــو من التش نح

التشــابه توافــق أشــياء مختلفــة»أشياء مختلفــة. وبعبــارة أخــرى:

. واســـتعمل في(106)«واتحادهـــا في بعض األوصـــاف والكيفيـــاتالقرآن على نحوين:

. وهذا في آيتين:«على»: يذكر متعديا بـ أحدهما )البقــرة:﴾إ�ن البقر تشابه علينا﴿: قوله تعالى: إحداهما

ــير، وشــابه70 (، أي بما أن البقر الموصوف بالتعوين والصفرة كث . والبقــر(107)بعضه بعضا، صار البقر متشابها، فاشتبه علينا شخصه

ــل: ــابها، وقي ــه متش ــف بكون ــابه واتص ــه التش ــند إلي ــر»أس البق ، إذا شابه بعض أفــراده بعضــا. ولــذا قــال ابن منظــور:«المتشابه

.(108)«تشابه الشيئان واشتبها: أشبه كل واحد منهما صاحبه»وا﴿: قوله تعالى: وثانيتهما ركاء خلقــ أم جعلوا للــه� شــ

م ه� فتشابه الخلق عليه� والمعــنى أنهم»(،ــ 16 )الرعد: ﴾كخلق�خــذوا للــه شــركاء خــالقين مثلــه حتى يتشــابه عليهم الخلــق، ما ات

. والخلــق أســند إليــه(109)«فيقولــوا هــؤالء خلقــوا كمــا خلــق الله ، إذا«الخلـق المتشــابه»التشابه، واتصف بكونـه متشــابها، وقيـل:

شابه بعض أفراده بعضا. إذن هذه المشابهة بين األفراد قــد تنتهيــا إلى التباس بينها وعدم امتياز لبعضها عن بعض، ولكن الكالم إنم

ومــدخولها،«على»يفيد االلتباس إذا اســتخدم المتكلم في كالمــه ــادي: ــال الفيروزآب ــذا ق ــدلول. ول ــدال والم ــدد ال ــل تع ــك ألج وذل

. ولكن(110)«وتشابها واشتبها: أشبه كل منهمــا اآلخــر حتى التبسا» هذا االلتباس التباس في ناحيــة المصــاديق فقــط، وال يســري إلى

المعنى والمراد من الكالم. ــذكر من دون أن يتعــدى بـ النحو الثــاني ــه«على»: ي ، ومن

﴿قوله تعالى: اب�ها ــه� متشــ ابهت﴿(، و25 )البقــرة: ﴾وأتوا ب� تشــــوبهم ــرة: ﴾قل ــون﴿(، و118 )البق يت ــاب والز ن أعن وجنات م�

ان مشتب�ها وغير متشاب�ه م يتون﴿(، و99 )األنعام: ﴾والر والزان متشاب�ها وغير متشاب�ه م ــام: ﴾والر ــذا141 )األنع (. وفي ه

النحو أيضا أسند التشابه إلى شــيء واتصــف بالمتشــابه إذا شــابه بعض أفراده بعضا، من دون أي فــرق مــع النحــو األول. فــالقلوبــان ــا، والزيتـــون والرمـ ــها بعضـ ــابه بعضـ ــابهة قلـــوب شـ المتشـ المتشــابهان زيتــون ورمــان شــابه بعض أفرادهمــا بعضــا. كمــا أنــا كــذلك. البقر والخلق المتشابهين المذكورين في النحو األول كان فال يســند التشــابه إلى الشــيء وال يتصــف بكونــه متشــابها إال إذا شابه فــردا آخــر من نوعــه أو صــنفه. وأمــا إذا شــابه بعض أجــزاء

ــال: هــذا شــيء»الشــيء للبعض اآلخــر من أجــزاء نفســه فال يق ، إال على نحــو«هذا شــيء أجــزاؤه متشــابهة»، بل يقال: «متشابه

من التجوز، ومن باب وصف الشيء بحال أجزائه. ﴿ومنه أيضا: قوله تعالى: ــا ل أحسن الحد�يث� ك�تاب الله نز

اب�ها ــ ــر: ﴾متش ــاب23 )الزم ــرف أن الكت ــا تع ــاه آنف ــا قلن (. وبمــال المحقق ــذا ق ــراده بعضــا. ول ــاب أشــبه بعض أف المتشــابه كت

أي كتابــا يحتــوي على أحســن»مصــطفوي في توضــيح اآليــة: الحديث، يحدث عن الحقــائق والمواعــظ والمعــارف وقصــص من

، ال مــا أشـبه(111)«السابقين، وهــو في ظــاهره شـبيه كتب أخـر...بعض أجزائه بعضها اآلخر.

إال أن يقــال: إن إفــراد الكتــاب وتنكــيره ال يســاعدان لحــاظ جنس الكتاب أو لحـاظ كتـاب آخـر أشـبه أحـدهما اآلخـر، وأطلـق على كليهما كتاب متشابه، فال بد أن يكــون إطالق المتشــابه علىــع ــه ترتف الكتاب الواحد بلحاظ مشابهة أجزائه بعضها لبعض. وعلي الخدشة في ما قالوه في تفسير اآلية، من أن تشابه الكتاب ألجل

»مشابهة بعض أجزائه بعضا. قال الشيخ الطوسي: معناه متشابها في الحكم التي فيه من الحجج والمواعــظ واألحكــام الــتي يعمــلــاقض ــدبير يشــبه بعضــه بعضــا ال تن ــدين وصــالح الت ــا في ال عليه

﴿» وقال الطبرسي: (112)«فيه هــو مطلــق في مشــابهة﴾متشاب�ها

بعضه بعضا، فيتناول تشابه معانيــه في الصــحة واإلحكــام ومنفعــةـر ـ األنــام، وتشــابه ألفاظــه في التناســب، والتناصــف في التخي

. وقـــال(113)«واإلصـــابة، وتجـــاوب النظم والتـــأليف في اإلعجـــاز وتشابهه تشابه أبعاضه في اإلعجــاز، وتجــاوب النظم،»البيضاوي:

ــافع العامة ــة على المن . ونحــوه في(114)«وصــحة المعــنى، والدالل معناه أنه يشبه بعضــه بعضــا في صــحة». وقال أيضا: (115)األصفى

معنــاه يشــبه بعضــه». وقال أبو حيان: (116)«المعنى وجزالة اللفظــديق ــ ــور: (117)«بعضـــا في الجنس والتص ــ أي». وقـــال ابن عاش

متشابهة أجزاؤه، متماثلــة في فصــاحة ألفاظهــا وشــرف معانيهــا، . وقــال عبــد الكــريم(118)«فهي متكافئــة في الشــرف والحسن

ــه،»الخطيب: ــو منزلت ــدره، وعل ــاب متشــابه في جالل ق ــو كت وهــدة وسمو معانيه. إنه الحق في آياته وكلماته. فهو على درجة واح

المقصــود من». وقــال بعض المعاصــرين: (119)«في كمالــه وجالله هنا هــو الكالم المتناســق الــذي ال تنــاقض فيـه، ويشــبه«متشابه»

بعضه البعض، فال تعارض فيه، وال تضاد، وكل آيــة فيــه أفضــل من األخـــرى، والمتماثـــل من حيث اللطـــف والجمـــال والعمـــق في

. (120)«البيانــالى: ــه تع ــ أي قول ــا ـ وأخر﴿وكيف كان فآيتنا المبحوث عنه

ـ أيضا مما ذكر فيهــا التشــابه من دون أن يتعــدى بـ﴾متشاب�هات ، فال يفيد التشابه فيها إال معنى مثـل المعـنى الـذي يفيـده«على»

في اآليات المتقدمة. ولعمــري، ال أدري كيــف كــان المتشــابه في تلــك اآليــات بمعــنى المتشــاكل والمتماثــل والشــبيه، بــل بمعــنى

، كمــا«الكالم المتناسق الذي ال تناقض فيه ويشبه بعضــه البعض» اآليــات»تقدم عن بعض المعاصرين، ولكن إذا وصــلت النوبــة إلى

صار معناه المجمالت والمبهمات! «المتشابهات يشــبه بعضــها»وعليه، فالصواب أن اآليات المتشابهات آيات

، فهي مجموعــة من اآليــات المتشــابهة(121)، كمــا في العين«بعضاــه يشــابه بعضــها بعضـا موضـوعا، في نسخ الكتـاب المتعــددة، فإن ويختلف حكما اختالفا تحفظ معه الشباهة العرفية بينها. ولذا روى

ــه قــال: ×العياشــي، مرســال عن أبي عبــد الله ...والمتشــابه:»، أن (123). ونحوه في مجمع البيــان(122)«الذي يشبه بعضه بعضا . وأيضــا

علم»نرى أن الزركشي جعل النــوع الخــامس من علــوم القــرآن فه بقوله: «المتشابه وهو إيــراد القصــة الواحــدة في صــور»، وعر

،(124)«شتى وفواصل مختلفــة، ويكــثر في إيــراد القصــص واألنبــاءنها﴿وجعل قوله تعالى: �ذ قلنا ادخلوا هذ�ه� القرية فكلوا م� وإ

طة ــوا ح� دا وقول ج ــاب ســ ــوا الب ئتم رغــدا وادخل حيث شــ�ن�ين نز�يد المحســ� ــاكم وســ ر لكم خطاي ــ ــرة: ﴾نغف� (58 )البق

ــوا﴿مشابها لقوله: ــة وكل كنوا هــذ�ه� القري يل لهم اســ وإ�ذ ق� دا ج ــاب ســ ــوا الب طة وادخل ــوا ح� ئتم وقول ا حيث شــ� نهــ م�

ن�ين ر لكم خط�يئات�كم سنز�يد المحس� ــراف: ﴾نغف� (،161 )األع )البقــرة:﴾قل إ�ن هدى اللــه� هــو الهــدى﴿وجعل قوله تعالى:

)آل عمــران:﴾قل إ�ن الهدى هدى اللــه�﴿( مشابها لقوله: 120 (. ومثل للمتشابه بآيات كثيرة غيرهــا. وهــذا تصــريح منــه بــأن73

البرهــان في»تشابه اآليات شــباهة بعضــها لبعض. كمــا أن كتــاب كشف المعــاني عن متشــابه»، للكرماني، وكتاب «متشابه القرآن

ح به نفســه«المثاني ، يبحثان عن آيات أشبه بعضها بعضا، كما صر .(126)، وغـــيره، كالســـيوطي في اإلتقـــان(125)في نفس الكتـــاب

والينقضي عجــبي منــه كيــف قــال مــع ذلــك، في النــوع الســادس :«معرفة المحكم من المتشــابه»والثالثون من علوم القرآن، وهو

المتشـــابه ال يـــرجى بيانـــه، والمحكم ال تتوقف معرفتـــه على»! (127)«البيان

ثم إن تصــنيف آيــات الكتــاب إلى الصــنفين المــذكورين في

ــا،﴾وأخر متشاب�هات﴿اآلية، حيث قال: يدل على أن ال ثالث لهم وأن المتشــابهات صــنف يضــاد المحكمــات، فهمــا ضــدان ال ثــالث لهما. وبما أن التضاد بينهما تعلق بوصف اإلحكام والتشــابه، ونشــأـــة تـــدل على أن عنهمـــا، فإلقـــاء المقابلـــة بينهمـــا قرينـــة داخلي المتشابهات آيات ذات صفة هي ضد صفة اتصف بها المحكمــات. وثبت في ما تقدم أن المحكمات آيات ثابتة المضامين، ال يعرضها تغيير أو تبديل. وعليه فما يضادها من المتشابهات يعرضه التغيــيرر أو تتبدل من كتاب إلى كتاب، وإن كــانت مــع والتبديل، فهي تتغيــة بينهــا، ذلك التغيير والتبــديل متشــابهة، أي تبقى الشــباهة العرفي

تكن متماثلة. ولذا روى في الكافي، فيشبه بعضها بعضا، ولكن لمـه قــــــــــال: ×عن أبي جعفر وخات م�ن» أنـــــــــ المنســــــــ

اب�هات ــ ــــ على مـــا في الروايـــة ــــ بـــأن×، فقـــال(128)«المتشــل بــأن المنســوخات هي المنســوخات بعض المتشــابهات، ولم يق

المتشابهات؛ إذ المتشابهات مجموعة المنسوخات ونواسخها. وما حكي عن ابن عباس وابن مسعود وقتــادة والربيــع والضــحاك من

ــابه المنســـوخ»أنهم قـــالوا: فلم(129)«المحكم الناســـخ، والمتشـ يريــدوا بــذلك أن جميــع المحكمــات ناســخة وجميــع المتشــابهاتــر والتبــدل، فهن منسوخة، بل أرادوا أن المحكمات اليعرضها التغيــر ــة، والمتشــابهات آيــات يــأتي فيهــا التغي ثابتــات في الكتب اإللهي والتبدل من كتاب إلى كتاب بعــده. ولعلــه لهــذا قــال ســليمان بن

إنمــا أمرنــا»حبيب المحاربي، على ما رواه الحافظ الــرازي عنــه: ؛ فــإن عمــل(130)«أن نؤمن بالتوراة واإلنجيــل، وال نعمــل بمــا فيها

ــا رواه أيضــا المسلمين على القرآن فقط. وقال الضحاك، على م . فما في(131)«نؤمن بمتشابهه، وال نعمل به»الحافظ الرازي عنه:

التوراة واإلنجيل مما ال نعمــل بــه من األحكــام المشــابهة للقــرآنيكون من اآليات المتشابهات.

نـا من القــرآن؛ ولنـذكر لهـذه اآليـات المتشـابهات نموذجــا بي ابتعادا من االفتراضية واقترابــا إلى الموضــوعية، وهــو أن القــرآن حكى لنا ما كتبه الله في التــوراة على بــني إســرائيل في مجــازاة

فس والطرف، حيث قال: ا﴿الجناية على الن ــ يه م ف� وكتبنا عليه�ــاألنف� ــف بـ� ــالعين� واألنـ ــالنفس� والعين بـ� أن النفس بـ�اص فمن روح ق�صــ ن والجــ ن ب�الســ ــاألذن� والســ واألذن ب�

ارة لــه ومن لم و كف يحكم ب�مــا أنــزل اللــه تصدق ب�ه� فهــ (، فجعــل عليهم مجــازاة45 )المائــدة: ﴾فأولئ�ك هم الظال�مون

القتل عمدا قتل القاتل مهما كــان المقتــول، وجعــل للجنايــة علىــا. هــذا بعض األعضاء مجازاة مثلها، ولمجازاة الجروح جروحا مثله ما كتبه الله في التوراة على بني إسرائيل بتصريح اآلية. فهذه آيةر ــه تعــالى غي من آيات التوراة حكاها الله تعالى في القــرآن. ولكنــة ــبة إلى األم ــدي بالنس ــل العم ــازاة القت ــام مج ــما من أحك قس

ــوا كت�ب عليكم﴿اإلســـالمية، حيث قــال: ا الذ�ين آمن ــ ــا أيه يــد� واألنثى ــد ب�العب صاص ف�ي القتلى الحر ب�الحر والعب الق�

(، ففــرض على المؤمــنين في مجــازاة178 )البقرة: ﴾ب�األنثى...ــة، القتل عمدا المساواة بين القاتل والمقتول في الحرية والعبودي والذكورة واألنوثـة. وتنتج هــذه المســاواة ــ على مــا شـرحناه في

ـــ عــدم مجــازاة القاتــل في«القصاص في القرآن الكريم»مقالة ــا. ــل فيه ست صور، هي أكثر ابتالء من تلك العشر التي يقاد القاتفقتان في الموضوع، وهو القتل عمــدا، وكــذا في فهاتان اآليتان متــاني على الطرف، ــاني على النفس والج ــازاة الج أصــل حكم مج ولكنهمــا تفترقــان في بعض أحكــام مجــازاة الجــاني على النفس، فكــان حكم التــوراة قــود القاتــل مهمــا كــان مقتولــه، ولكن حكم القــرآن يختلــف عنــه في بعض صــور الموضــوع والمســألة. فكــل واحدة من هاتين اآليتين تشــابه األخــرى في الموضــوع وفي بعض

ــان متشــابهتان، األحكام، وتختلف عنها في بعض األحكام. فهما آيترت اآليــة القرآنيــة حكم اآليــة التوراتيــة في بعض صــور القتــل غي العمدي بالنســبة إلى المؤمــنين فقــط، وأمضــاه في بعض صــوره األخرى، كمــا أمضــاه بالنســبة إلى مجــازاة الجنايــة على الطرف،

. المذكورةوبالنسبة إلى الجروح. والتفصيل يطلب من مقالتنا ــرائع، ال من وقد ظهر مما ذكر أن المتشابهات من آيات الشنة، ــة واألخالق الحســ ــد الحق ــإن العقائ ــد واألخالق؛ ف ــات العقائ آي وأضــدادهما من العقائــد الباطلــة واألخالق الســيئة، أمــور ثابتــة الر هــو الشــرايع. ولــذا أشــاروا في كلمــاتهم إلى ر، وإنما المتغي تتغيــرة العمل باآليات المتشابهات، كما تقدم، وما يتعلق بالعمل مباشــاب ــا أن الكت ــر أيض ــدة، وال األخالق. وظه ــريعة، ال العقي هي الش بنسخه المتعددة كان مشتمال على المتشابهات من اآليات، بعد إذ أنزلت نسخة ثانية منــه، وفيهــا مــا ينســخ شــيئا من نســخة قبلهــا، وهكذا بعد إنزال النسخة الثالثة، فليس التشابه ظاهرة مســتحدثةــة على ظهرت في الكتاب بإنزال نسخته الخاتمة المهيمنــة القرآني

ــبي الخــاتم ــاب|الن ــول: إن الكت ــة، حيث تق ــده اآلي ــا تفي ــذا م . وهــود ــندت الحكم )أي وج ــابهات، فأس ــات المتش ــتمل على اآلي مش اآليات المتشابهات( إلى الكتاب بما هــو كتــاب، ال بمــا هــو قــرآن،

بــالقرآن. نعم، بمــا أن|وإن سمي ما نزل منه على النــبي الخــاتم ، وأن اللـه هــو الــذي|اآلية وجهت للـذب عمــا نـزل على الرســول

أنزلــه عليــه، يكــون توجه اآليــة إلى متشــابهات القــرآن وموقــف معارضيه أكثر وأصرح. فالله تعالى؛ بغرض إثبات أن القــرآن نــزل من عنده، قال: إن بعض آيات القرآن ال تطــابق أو ال تماثــل آيــات

ند� الله�﴿كتابكم، ولكنه اليضر بأنه ن ع� ؛ القصــص:89 )البقرة: ﴾م� (؛ فإن آيات47؛ النساء: 41 )البقرة: ﴾مصدقا ل�ما معكم﴿ـ( 49

ــان: ــه طائفت ــاب الل خطائفــةكت ــ جــاءت في مــا جــاءت من نس

ــات»، من دون أي تغيير في مفادها ومضامينها، هي «الكتاب» اآليــات ــخة منوالطائفــة الثانية؛ «المحكم رت من نس ــات تغي : آي

، فأحكامهــا«اآليات المتشابهات» إلى نسخة أخرى، هي «الكتاب» في تلك النسخ المتعددة ليست متماثلة، بل هي مشــابهة لبعضــها

البعض.

الذين في قلوبهم زيغم زيغ﴿ : إنهم ـ على ما أسند إليهم هنــا﴾الذ�ين ف�ي قلوب�ه�

يكونوا كافرين أو منكرين للكتاب رأسا؛ إذ المنكــر أو الكــافر‌ـ لمــق ، وليس الكتــاب عنــده بشــيء ليتعل ينكره رأســا، ويكفــر بــه كال بجزء منه؛ لغرض، صالحا كان أو فاســدا. بــل هم على الــرغم من دعواهم اإليمان بالكتاب كانوا على مر العصور يعارضــون الرســلما المبعــوثين منهم بنســخة أو نســخ المبعوثين بعد رسلهم، وال سي من الكتاب غير نسختهم، بطرق عديدة، منها: إنكار أنهم مبعوثون بوحي الله تعالى وأن ما أتوا به من الكتاب أنزله اللــه. وفي اآليــة

�ذ هــديتنا﴿التالية، وهو قوله تعالى: ﴾ربنا التــز�غ قلوبنــا بعــد إ ( إشـارة إلى ذلـك، حيث جعـل نقمـة إزاغـة القلب8)آل عمران:

بعد نعمة الهداية، فزيغ القلب يتحقق بعد أن كفر اإلنسان بالهدايةى﴿التي أنعم الله عليه بها. كما أن قوله تعالى: �ذ قــال موســ وإ

ه� يا قوم� ل�م تؤذونن�ي وقد تعلمون أني رسول الله� ل�قوم�ا زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله ال يهد�ي القوم �ليكم فلم إ

ين ق� ــذائهم5 )الصف: ﴾الفاس� ر عن إي ( يشير إليه أيضــا، حيث عبـه رسـول اللـه، بـالزيغ. فـالزيغ يتحقق في لموسى، مع علمهم بأن

من كان عالما بالحق، ومع ذلك يكفر به. م زيغ﴿وعلى هذا فـ من أهــل الكتــاب،﴾الذ�ين ف�ي قلوب�ه�

كما يشهد على ذلك قول بعض أهل الســيرة والحــديث والتفســير

ا﴿»: (132)بأن هذه اآليات نزلت في اليهود، ففي تفســير مقاتل فأمم زيـغ يعــنى ميــل عن الهــدى، وهم هــؤالء﴾الذ�ين ف�ي قلـوب�ه�

ــود ــع آخر«اليه ــوه في موض ــمرقندي:(133)، ونح ــال الس ــه. وق من يعــني». وقــال الطــبري: (134)«يعني ميل عن الحــق، وهم اليهــود»

. وفي(135)«هؤالء اليهود، الـذين قلـوبهم مائلـة عن الهــدى والحـقم زيغ﴿»: (136)بيان المعاني ا الذ�ين ف�ي قلوب�ه� عن الحــق،﴾فأم

. وســيأتي أن قولــه«وميــل إلى الشــك، كوفــد نجــران... واليهــودندهم التوراة...﴿تعالى: مما يشــير إلى﴾وكيف يحكمونك وع�

بعض مواضع اليهود الفاسدة في ذلك. وقال بعض آخر: إنها نزلت في وفد نجران. ففي تفســير ابن

قد ذكر محمد بن إسحاق وغـير واحـد أن صـدر سـورة»: (137)كثير .«آل عمران، إلى بضع وثمانين آية منهــا، نــزلت في وفــد نجــران

»: (138)وفي زاد المسير ــة، وأن صــدرا ذكر أهل التفســير أنهــا مدني قـال»: (139). وفي مجمــع البيــان«من أولهــا نــزل في وفــد نجــران

ــل الســورة الكلبي ومحمد بن إسحاق والربيع بن أنس: نزلت أوائــة في وفــد نجــران ــف وثمــانين آي . وفي أحكــام القــرآن،«إلى ني

روى الربيع بن أنس أن هذه اآلية نــزلت في وفــد»: (140)للجصاص . وبــه قــال«هم نصارى نجران»: (141). وفي البحر المحيط«نجران

ابن عاشور ودروزة وغيرهما. ــون﴾يتب�عون﴿ هؤالء من أهل الكتاب ﴾فـ﴿ مــا﴿ (142) أي يتعلق

نه أي اآليــات المتشــابهة من الكتــاب؛ فإنهــا في نســخ﴾تشابه م� الكتاب ـ مع كونهــا مشــابهة لبعضــها البعض ـــ يختلــف بعضــها عنخ ســـ ـرت أو تبـــدلت في الن ــ بعض في بعض األحكـــام، فهي تغي

مجمــوع اآليــات الناســخة﴾ما تشابه﴿المتأخرة. وعليه فالمراد بـ والمنسوخة، فهي متشابهات؛ لكون الناسخ منها يشــابه المنســوخدي منها. ولذا حكى الحافظ ابن أبي حاتم الرازي، مسندا عن الس

بعون المنسوخ والناسخ»أنه قال: . (143)«فإنهم يتــاب أمــرين ــهم من اتبــاع مــا تشــابه من الكت وكــان غرض

فاسدين:ــة�﴿: ما ذكره تعالى بقوله: أحدهما تن ﴾ابت�غاء الف� ــا ، أي طلب

لما يوجب اختالال واضطرابا بين المؤمنين بالرسـل الــذين أرســلوا بعد رسولهم، وبكتبهم التي أنزلت بعد كتابهم؛ إذ ما من رسول إالــه من الكتــاب، فلمــا وهو مصدق للرســل من قبلــه، ولمــا بين يدي سمعوا ذلك التصــديق منهم ورأوا أن مــا أتــوا بــه من الكتــاب قــد يختلف عما بأيديهم من الكتاب قالوا: لو كنتم رسل الله، وكتــابكم أنزل من عند الله تعالى، لماذا يختلف كتابكم عما قــد أنزلــه اللــه علينا سابقا؟ وكان البتغاء الفتنة هذا سابقة بسابقة مــا تشــابه من

يستحدث بعد نزول ما تشــابه من القــرآن، وإن وقــع الكتاب، فلم بالنسبة إلى رسول اللــه وكتابــه القــرآن أظهــر وأكــثر، حيث كــان

ــاب: إن هــذا الرســول ــا ألهــل الكت دق﴿يقــول القــرآن خطاب صــل�ين نــد� اللــه�﴿(، وهــو 37 )الصــافات: ﴾المرســ ن ع� ول م� ﴾رســ

ــرة: دق ل�مــا معكم﴿(، و101)البق ول مصــ ــران:﴾رســ )آل عمند� اللــه�﴿(، وكتابه أيضا 81 ن ع� (،49، القصــص: 89 )البقــرة: ﴾م� مصدقا ل�مـا﴿(، و47، النساء: 41 )البقرة: ﴾مصدقا ل�ما معكم﴿

،31، فاطر: 48، المائدة: 3، آل عمران: 97 )البقرة: ﴾بين يديه� (. وحيث أطلق التصديق المذكور للرســل الماضــين30األحقاف:

ده بقيــد، ولم والكتب الســابقة، ولم يســتثن منــه شــيئا، فال يقي بعض مــا| يطابق كتاب هذا الرســول يتحقق التصديق بداهة إذا لم

، فطعنوا عليه، وقالوا: لو كان القــرآن^في كتب الرسل الماضين من عند الله تعالى لماذا اليطابق بعض ما قد أنزله الله علينا أهلــره. كمــا تقــدم آنفــا كالم في طعنهم على القــرآن، الكتاب، بل غي

نــده أم﴿عنــد قولــه تعــالى: اء ويثب�ت وع� يمحو اللــه مــا يشــ

ــاب� (. فكــانوا يبتغــون بــذلك تزلــزل إيمــان39 )الرعــد: ﴾الك�ت وبما أنزل إليــه، فيقولــون؛ إلقــاء للشــبهة في|المؤمنين بالرسول

قلـوبهم: مـا بـال هـذه اآليـات المنزلـة على رسـولكم، مـع كونهـا مشابهة لما أنــزل علينــا، تختلــف عنــه في بعض األحكــام؟! أليس رسولكم يقول: إن كتابه مصدق لما في كتبنا فلمــاذا يختلــف عنــه في بعض هذه األحكام من هذه اآليات؟! فإن شبهتهم هذه تــوجب

وكتابه. |الشك في قلوب المسلمين في حقانية الرسولــه�﴿: مــا ذكــره تعــالى بقولــه: وثانيهما يل� ، أي﴾وابت�غاء تأو�

طلبا لتأويله. فقال كثير: إن المراد بالتأويل هو التفسير.ولكنه ليس كذلك؛ لوجهين:

1 ـ لو كانت في الكتاب آيــات ال يعلم تفســيرها ومراداتهــا إال الله )أو هو والراسخون في العلم( ألخل ذلك بغرض الهداية الذي ألجله أنــزل الكتــاب، بــل لنافــاه؛ إذ الهدايــة بــه تتوقــف على فهم مراداته، وال يمكن الرجــوع إلى اللـه لتعـيين المـرادات. ولــو كــانــوا ــا دام ــالرجوع إليهم ممكن م ــون تفســيرها ف ــخون يعلم الراســانوا ــا إذا ك معلومين مشهودين، غير مقهورين، وال محبوسين، وأم مجهـــولين بالنســـبة إلى أكثريـــة المســـلمين، أو مقهـــورين أو محبوسين أو محجوبين بالنسبة إلى آخرين منهم، فال. فبقيت هذهــا بقيت وســيلة ــول: إنه ــة يق ــل صــريح اآلي ــة، ب ــير هادي ــات غ اآلي

الستغالل الذين في قلوبهم زيغ. ألجــل»وبهذا اتضــح فســاد مــا قيــل: إن إنــزال المتشــابهات

ــاد إلى مســألة األوصــياء، ورفــع مفســدة مصــلحة أن يحــوج العبــا رواه(144)«اســتغنائهم عن مســألة األوصــياء ــل مســتنده م . ولع

، في احتجاجــه الطويــل×الطبرســي، مرســال عن أمــير المؤمــنين عليه بآي من القرآن: إن الله جل ذكره؛»على زنديق جاء مستدال

ـير ــدلون من تغي ـه المب لسعة رحمته ورأفته بخلقه وعلمه بما يحدث

ــه يعرفــه العــالم ما من م كالمه ثالثة أقسام؛ فجعــل قســ كتابه، قسح ه وصــ ــه ولطــف حســ فا ذهن والجاهل؛ وقسما اليعرفه إال من صــــه إال اللــه ما اليعرف الم؛ وقســ دره لإلســ تمييزه ممن شرح الله صــعي ــد ــك لئال ي مــا فعــل اللــه ذل خون في العلم. وإن اســ وأمناؤه والر

ول اللــه تولين على مــيراث رســ |أهــل الباطــل من المســ من علمطرار إلى االئتمــار الكتاب ما لم يجعــل اللــه لهم، وليقــودهم االضــــراء على اللــه زا وافت لمن واله أمرهم، فاستكبروا عن طاعته؛ تعزـد اللـه عـز ـاهرهم وعـاونهم وعان ـرة من ظ ، واغترارا بكث عز وجل

كانوا في معزل^. فإن العترة الطاهرة الهادية(145)«وجل ورسوله عن المجتمــع، مقهــورين أو محبوســين أو مقتــولين أو محجــوبين،

ــه في ذيــل المرســلة، حيث قــال: ح ب تكبروا عن»كمــا صــر فاســ ، فهل يعقل أن يجعل الله قسما من كالمه ما ال يعرفــه«طاعته...

يزالــوا مقهـورين أو محبوســين أو لم^إال أمنـاؤه، وهــو يعلم أنهم محجوبــا عن أعين النــاس، عجل×مقتــولين، إلى أن جعــل بقيتهم

الله تعالى فرجــه الشــريف؟! وعلى أي حــال كــانت أيــدي النــاســات؟! ــاالت واإلبهام ــذه اإلجم ــوا لهم ه ــف بين ــرة، فكي عنهم قاص

حوا بــه من تأويــل أكــثر^عــدم بيــان األئمة»مضــافا إلى مــا صــرـة، ال المتشابهات، بل تفسيرهم المتشابه بالمتشابه مزيد في العلـ

ــا للقلة ــا للشــبهة، وال مورث ــاس إلى(146)«رافع . مــع أن حاجــة الن الينحصر في هذا؛ إذ هم والة المجتمع اإلنساني. ولعمري^العترة

ما والة ليست حاجة المجتمع إلى شيء كحاجته إلى واليه، وال ســي. ^كهؤالء الصالحين

ـ إبراز المتكلم كالمــه الموجه إلى النــاس لإلفــادة والبيــان2 بعبارة ال يفهمها إال نفس المتكلم واألوحدي من النــاس يــدل على

. (147)عجزه، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا تأويلــه عواقبــه، مــتى يجيء الناســخ فينســخ»قــال الســدي:

. يعــني(149). ونحــوه عن الســدي في جــامع البيــان(148)«المنســوخـر أو يبــدل حكمــا من أحكــام ـ دون أن يجيء مــا يغي أنهم يترصــثوا بــه؛ للفـــرار عن الحكم الثــابت عليهم في شــرائعهم، ليتشـــب

اعون﴿شــرائعهم. كمــا أشــير إلى ذلــك في هــاتين اآليــتين: م سـاحكم بينهم أو اؤوك فــ إ�ن جــ حت� فــ الون ل�لســ ــذ�ب� أك ل�لك�ن يئا وإ وك شــ ر ــ �ن تعر�ض عنهم فلن يض أعر�ض عنهم وإط�ين سط� إ�ن الله يح�ب المقســ� حكمت فاحكم بينهم ب�الق�ا حكم اللــه� ثم يهــ نــدهم التوراة ف� ــك وع� * وكيف يحكمون

ن�ين ن بعد� ذل�ك وما أولئ�ك ب�المؤم� ـ42 )المائــدة: ﴾يتولون م� فأخبر تعالى أنهم لم»(. قال الجصاص: 43 ــديقا يتحاكموا إليه تص

إنهم». وقال الكياهراسي: (150)«منهم بنبوته، وإنما طلبوا الرخصة يتحــاكموا إليــك طلبــا لحكم اللــه تعــالى، وإنمــا تحــاكموا إليــك لم

وفيــه تنبيــه على»: &. وقال الفيض الكاشاني(151)«لطلب الرخصة أنهم ما قصدوا بالتحكيم معرفة الحق وإقامة الشرع، وإنما طلبــوا

.(152)« يكن حكم الله في زعمهم به ما يكون أهون عليهم، وإن لمــال بعض المعاصــرين: ــوراة»وق ــا في الت ــرون حكم ــانوا حين ي ك

اليوافق ميولهم وأهواءهم يتركون ذلك الحكم، ويبحثــون عن حكموا ولم آخر في مصادر لم . (153)« يعترفوا بها يقر

ــا لم ــاني أيض ــاء الث ــاء األول، فاالبتغ ــدم في االبتغ ــا تق وكم يستحدث بعد إنزال القرآن ومتشابهاته وبالنســبة إليهــا، بــل ظهــرخ الســابقة من الكتــاب، ســ قبله، وبعــد إنــزال المتشــابهات في الن فهــؤالء أهــل الزيــغ لمــا رأوا أن مســير بعض األحكــام النازلــة في المتشابهات إلى السهولة، كما أشار إليـه القـرآن، حيث حكى عن

م عليكم﴿ أنه قال: ×عيسى ر ل لكم بعض الذ�ي حــ )آل﴾وألح� الذ�ين يتب�عـون﴿: |(، وحيث قــال بالنســبة إلى النــبي50عمران:

م ر ــ ــات� ويح ــل لهم الطيب ... ويح� ول النب�ي األمي ــ س الر

رهم واألغالل الت�ي ــ ع عنهم إ�صـ ــ ــائ�ث ويضـ م الخبـ عليه�م... اص في﴿(، وذكرنا أن 157 )األعراف: ﴾كانت عليه� ــ ص الق�

كــذلك، اســتقربوا أن مــا نــزل من األحكــام في نســخة﴾القتلى الكتــاب األخــيرة على خــاتم النــبيين ـــ وهي ال محالــة من اآليــاتبعوا ما تشــابه من كتبهم؛ المتشابهات ـ أسهل مما نزل عليهم، فات ابتغاء تأويله األسهل في النسخة األخيرة من الكتــاب، فــرارا عمــا

ثبت عليهم في كتبهم. يقــل: في اآليــة، حيث لم«االبتغــاء»وبهذا ظهر وجــه تكــرار

، فإن للذين في قلوبهم زيغ ابتغاءين اثنين:«ابتغاء الفتنة وتأويله» : بالنســبة إلى الــذين آمنــوا للرســل بعــد رســولهم، وهــوأحدهما

: بالنســبةوالثانيابتغاء الفتنة بينهم بإلقــاء شــبهتهم المــذكورة؛ إلى أنفســهم، وهــو ابتغــاء تأويــل المتشــابه؛ طلبــا للرخصــة لهم،ر ــر وفرارا عما ثبت عليهم. ومثل هذا في إفادة التكرار تغاير المك

ــه تعــالى: ول﴿قول ســ في خمس﴾أط�يعــوا اللــه وأط�يعــوا الر يدل على أن متعلق إطاعــة«أطيعوا»آيات، حيث قالوا: إن تكرار

اللــه وموردهــا يغــايران متعلق إطاعــة الرســول وموردهــا. راجــع وغيره. (154)الميزان

ــه﴿كما يظهر وجه التعبير بقوله: يله إ�ال الل ،﴾وما يعلم تأو� فالتغيير والتبديل في الشرائع بيده، وهــو الــذي يعلم أن الشــريعةـر أو تبــدل أي حكم من أحكــام الشــرائع ـ الخاتمــة القرآنيــة تغي

م زيــغ﴿السابقة لصالح األمة المحمدية. و لم﴾الذ�ين في قلوب�ه�ــال لم لم ــرآن، ليق يبتغوا التأويل بعد نزول جميع ما تشابه من الق

، بــل ابتغــوه قبلــه، وحتى قبــل القــرآن«ومــا يفعــل تأويله»يقــل: ــاب، ثم ــطى من الكت خ الوس ــ س ــابه في الن ــا تش ــبة إلى م بالنس استمروا على ذلك إلى عصر نــزول القــرآن، علمــا منهم بــأن في القــرآن أيضــا مــا يشــابه متشــابهات الكتب الســابقة، فيبــدلها أو

يغيرها. ــبري، عن ــرازي والطـ ــاه الحافـــظ الـ ــا حكـ وال يخفى أن مـ

هــ(، من أن تأويلـه عواقبـه هـو الـذي يناسـب سـائر127السدي) اســتعماالت التأويــل في القــرآن، وهي خمســة عشــر مــوردا، في أربع عشرة آية، غير آيتنا هذه، نذكرها، مع مــا في بعض التفاســير

ذيال لها. يــا أيهــا الذ�ين آمنــوا أط�يعــوا اللــه وأط�يعــوا﴿ـ 1

يء ــازعتم ف�ي شــ إ�ن تن نكم فــ ول وأول�ي األمــر� م� ســ الرنون ب�الله� واليوم� �ن كنتم تؤم� سول� إ فردوه إ�لى الله� والر

ر� ذل�ك خير وأحسن تأو�يال (. 59 )النساء: ﴾اآلخ�ــان ــاد األذهـ ــير(155)في إرشـ ــدة التفاسـ ــواتح(156) وزبـ والفـ

ــاب التأويل(157)اإللهية ــيز(158) ولب ــد عاقبة»: (159) والوج ؛«أي وأحمــان ــان(160)وفي التبي ــع البي ــال»: (162) والبحــر المحيط(161) ومجم ق

(163)؛ وفي زاد المســير«قتــادة والســدي وابن زيــد: أحســن عاقبة

»: (164)والبحر المديد (165)؛ وفي تفســير مقاتل«أحسن عاقبة ومآال

ــوم ــر العل ــن عاقبة»: (166)وبح ــبين«أحس ــير الم (167)؛ وفي التفس

؛ وفي«مــآال وعاقبة»: (169) ومعــالم التنزيل(168)والتفسير الوســيطــة، وأجمـل عاقبة»: (170)جــامع البيــان ؛«يعــني: وأحمـد مــوئال ومغب

»: (171)وفي محاسن التأويل ؛ وفي إيجــاز«أحســن عاقبــة ومصــيراــان ــ ــابوري: (172)البي ــ »، للنيش ــا ــ ــة ومرجع ــ ــير«عاقب ــ ؛ وفي تفس﴿»: (173)خسروي . « يعني أحمد عاقبة﴾أحسن تأو�ياللم هــدى﴿ـ 2 لناه على ع� ــاب فصــ ــاهم ب�ك�ت ئن د ج� ولقــ

يله يوم يأت�ي نون * هل ينظرون إ�ال تأو� ورحمة ل�قوم يؤم�ــا ل ربن ن قبل قد جاءت رســ يله يقول الذ�ين نسوه م� تأو�ــرد فنعمــل ن شفعاء فيشفعوا لنا أو ن ب�الحق فهل لنا م�روا أنفسهم وضل عنهم مــا غير الذ�ي كنا نعمل قد خس�

(. 54 ـ 53 )األعراف: ﴾كانوا يفترون ، عن قتادة أنه(175) وجامع البيان(174)في تفسير ابن أبي حاتم

أي»، البن قتيبــة: (176)؛ وفي غــريب القــرآن«تأويلــه عاقبته»قال: أي هــل»: (177)؛ وفي تفســير المــراغي«هــل ينتظــرون إال عاقبته

ــنة الرسل ــه على ألس ــدوا ب ــا وع ــة م ــرون إال عاقب ؛ وفي«ينتظ :(179)؛ وفي روح البيــان«أي عاقبــة مــا فيه»: (178)التفســير المنــير

:(180)؛ وفي تفسير سورآبادي«أي يوم يأتيهم عاقبة ما وعدوا فيه» :(181)؛ وفي زبدة التفاسير« ما ينظرون إال عاقبة وعيد القرآنأي»ــه﴿المعنى: ما ينتظرون إال عاقبة ما وعدوا بــه. » ــأتي تأويل ــوم ي ﴾ي

، عن الحســن وقتــادة(182)؛ وفي مجمع البيــان«عاقبة ما وعدوا به أي هل ينتظرون إال عاقبــة الجــزاء عليــه، ومــا»ومجاهد والسدي:

أي ما ينتظر أهــل»: (183)؛ وفي مراح لبيد«يؤول مغبة أمورهم إليه. «مكة إذ اليؤمنون إال عاقبة ما وعدوا به في القرآن

م﴿ـ 3 ــأت�ه� ا ي ــه� ولم ــوا ب�ع�لم� يط ــذبوا ب�مــا لم يح� ــل ك بانظر كيــف كــان م فــ ن قبل�ه� يله كــذل�ك كــذب الذ�ين م� تأو�

ين بة الظال�م� (.39 )يونس: ﴾عاق�ــرآن ــ ــريب الق ــ ــة: (184)في غ ــ ؛ وفي«أي عاقبته»، البن قتيب

؛ وفي بحــر«معناه ما يؤول أمــره اليــه، وهــو عاقبته»: (185)التبيان ؛«يعني: ولما يأتهم عاقبة ما وعدوا في هــذا القــرآن»: (186)العلوم

يعني: ولما يأتهم عاقبة ما وعد الله عز»: (187)وفي كشف األسرار أي عاقبـة مــا وعـد»: (188)؛ وفي معــالم التنزيل«وجل في القــرآن

. «الله في القرآنــل�﴿ـ 7 إلى 4 ي ن تأو� ــك ربك ويعلمــك م� ــذل�ك يجتب�ي وك

ا ــ ه األحاد�يث� ويت�م ن�عمته عليك وعلى آل� يعقوب كما أتمحاق إ�ن ربك عل�يم ــ يم وإ�س ــراه� �ب ــل إ ن قب ــك م� على أبوي

صر ألمرأت�ه�﴿(ـ؛ 6 )يوسف: ﴾حك�يم ن م� وقال الذ�ي اشتراه م�

ذه ولــدا وكــذل�ك ى أن ينفعنــا أو نتخ�ــ أكر�م�ي مثــواه عســاد�يث� ن تأو�يــل� األحــ ف ف�ي األرض� ول�نعلمــه م� مكنا ل�يوســــر الناس� ال يعلمــون ﴾واللــه غــال�ب على أمــر�ه� ولك�ن أكث

ــ 21)يوسف: ﴿(؛ دا ج وا له ســ ورفع أبويه� على العرش� وخرا ربي ن قبل قــد جعلهــ وقال يا أبت� هذا تأو�يل رؤياي م�اء ب�كم جن� وجــ ن الســ رجن�ي م� �ذ أخــ حقا وقد أحسن ب�ي إوت�ي �خــ يطان بين�ي وبين إ ــزغ الشــ ن بعد� أن ن ن البدو� م� م�

�نه هو العل�يم الحك�يم )يوســـف:﴾إ�ن ربي لط�يف ل�ما يشاء إــ 100 ــل�﴿(؛ ي ن تأو� ــك� وعلمتن�ي م� ن المل رب قــد آتيتن�ي م�

ماوات� واألرض� أنت ول�يي ف�ي الدنيا األحاد�يث� فاط�ر السين ال�ح� قن�ي ب�الصــ ل�ما وألح� ن�ي مســ ــوف رة� ت )يوســف:﴾واآلخ�

101 .)اص: (189)في أحكام القرآن يــل�﴿»، للجصــ ن تأو� ويعلمــك م�

: فــإن التأويــل مــا يــؤول إليــه المعــنى، ويرجــع إليــه.﴾األحاد�يث�ــو مرجعه ــيء ه ــل الش ــير«وتأوي ــير المن م�ن﴿»: (190)؛ وفي التفس

تعبير الرؤيا، أي اإلخبار بما يؤول إليـه الشــيء﴾تأو�يل� األحاد�يث� في الوجود. وسميت الرؤيا أحاديث باعتبار حكايتها والتحديث بهــا.ــاديث ــك الصــادقة وبين أح ــاديث المل ز بين أح ــا يمي ــير الرؤي وتعب

ــان«النفس والشيطان الكاذبة يــل�﴿»: (191)؛ وفي روح البي ن تأو� م� ... المراد بتأويـل األحــاديث تعبـير الــرؤى... وتســميتها﴾األحاد�يث�

ر ــذكره المعب ؛ وفي«تأويال ألنه يؤول أمرها إليه، أي يرجع إلى ما ياد�يث�﴿في »: (192)غرائب القــرآن وجــوه، منهــا: إنــه﴾تأو�يل� األحــ

تأويل أحاديث الناس في ما يرونه في منامهم، سمى التعبير تأويال ألنه يؤول أمره إلى مــا رآه في المنــام، أو يــؤول أمــر مــا رآه في

ويعلمــك م�ن﴿قولــه: »: (193)؛ وفي جامع البيــان«المنام إلى ذلك يقــول: ويعلمــك ربــك من علم مــا يــؤول إليــه﴾تأو�يل� األحاد�يث�

؛ وفي«أحاديث الناس عما يرونه في منــامهم، وذلــك تعبــير الرؤيااد�يث�﴿قــالوا: »: (194)دقائق التأويل المــراد عــواقب﴾تأو�يل� األحــ

:(195)؛ وفي زاد المســـير«األمـــور، وهـــو مـــا يـــؤول إليـــه آخـــرهن تأو�يل� األحاد�يث�﴿» ــهأحدها فيه ثالثة أقوال: ﴾ويعلمك م� : إن

مي تعبير الرؤيا، قالــه ابن عبـاس ومجاهــد وقتـادة. فعلى هــذا ســ ؛ وجاء نحو هذه العبارات«تأويال؛ ألنه بيان ما يؤول أمر المنام إليه

(198) ولبــاب التأويل(197) والكشــف والبيــان(196)في زبــدة التفاســير

وغيرها. (200) ومعالم التنزيل(199)ومجمع البيانال أحــدهما﴿ـ 11 إلى 8 جن فتيـان� قــ ودخل معه الســ

ــل �ني أران�ي أحم� ر إ ر خمــرا وقــال اآلخــ �ني أران�ي أعصــ� إ�نا نــراك يل�ه� إ نه نبئنا ب�تأو� ي خبزا تأكل الطير م� فوق رأس�

ن�ين ن المحســ� ــف: ﴾م� ــ 36 )يوس ــام﴿(؛ قــال ال يأت�يكمــا طعا م يل�ــه� قبــل أن يأت�يكمــا ذل�كمــا م� ترزقان�ه� إ�ال نبأتكمــا ب�تأو�ــون ب�اللــه� وهم ن لة قــوم ال يؤم� �ني تركت م� علمن�ي ربي إ

رون رة� هم كاف� ــ 37 )يوسف: ﴾ب�اآلخ� ﴿(؛ غاث أحالم قالوا أضــين � ب�عــال�م� وقــال﴿(؛ــ 44 )يوســف: ﴾وما نحن ب�تأو�يل� األحالم

ـه� يلـ� ة أنــا أنبئكم ب�تأو� نهمــا وادكــر بعــد أم الذ�ي نجــا م�لون� (. 45 )يوسف: ﴾فأرس�

يل�ه�﴿ أخبرنا ﴾نبئنا﴿»: (201)في تقريب القرآن ــؤول﴾ب�تأو� ــا ي ميل�ه�﴿ أي أخبرنا ﴾نبئنا﴿»: (202)؛ وفي روح المعاني«إليه منامنا ﴾ب�تأو�

أي تفســير»: (203)؛ وفي بيان المعاني«بتعبيره وما يؤول إليه أمره والتفســير(204)؛ وفي مجمــع البيــان«ما رأيناه وما يؤول أمر رؤيانا

أي أخبرنـا بتعبـيره ومـا يـؤول»: (206) والتفسير الوجـيز(205)المعين أي بتفســيره، ومــا يــؤول»: (207)؛ وفي تفسير الســعدي«إليه أمره

ــره ــه أم ــن التأويل«إلي ــاب التأويل(208)؛ وفي محاس أي»: (209) ولب ؛ وفي«أخبرنـا بتفســير مــا رأينـا ومــا يـؤول إليـه أمــر هــذه الرؤيا

يل�ه�﴿»: (210)أطيب البيان تأويل: نتيجة العمــل وعاقبتــه،﴾نبئنا ب�تأو� ؛ وفي«تعبـير»ومــا هــو أثـر هــاتين الــرؤيين؟ ويقولــون لــه أيضــا:

ــراغي ــير الم ــاي﴿»: (211)تفس ــل رؤي ي ــا وعاقبتها﴾تأو� ؛« أي مآلهاد�يث�﴿»: (212)وفيه ن تأو�يــل� األحــ ــني مــا﴾علمتن�ي م� أي وعلمت

ر به عن مآل الحوادث ومصــداق الرؤيــا الصــحيحة، فتقــع كمــا أعب أي﴾هــذا تأو�يــل﴿»: (213)؛ وفي البحـــر المحيط«قلت وأخـــبرت

ــر رأيتهم لي ــواكب والشــمس والقم ــك الك ــاي، أن تل ــة رؤي عاقبــل﴿»: (215) والوســيط(214)؛ في التفســير المنــير«ســاجدين ي تأو�

. « ما آل إليه األمر﴾رؤيايطاس�﴿ـ 12 ســ �ذا ك�لتم وز�نــوا ب�الق� وأوفــوا الكيــل إ

يم� ذل�ك خير وأحسن تأو�يال (.35 )اإلسراء: ﴾المستق� معنــاه أن ذلــك خــير لكم»، للجصاص: (216)في أحكام القرآن

، البن(217)؛ وفي أحكــام القــرآن«وأحسن عاقبة في الدنيا واآلخرة أي عاقبة. معناه: إن العــدل والوفــاء في الكيــل أفضــل»العربي:

ــه، للتـــاجر وأكـــرم للبـــائع من طلب الحيلـــة في الزيـــادة لنفسـقين ؛ وفي«والنقصان على غيره، وأحسن عاقبة؛ فإن العاقبة للمت

ــان ــ ــاد األذه ــ ــبزواري: (218)إرش ــ ــآال وعاقبة»، للس ــ ؛ وفي«أي م وفتح(221) وأنــوار التنزيل(220) وإعــراب القــرآن وبيانه(219)األصــفىــدير ــن عاقبة»: (222)الق ــرآن«أحس ــام الق ــامع ألحك (223)؛ وفي الج

، عن سعيد(225)؛ وفي الدر المنثور«أي عاقبة»: (224)وروح المعاني﴿»بن جبــير: ــأو�يال ن ت ــ ؛ وفي التســهيل لعلــوم« عاقبــة﴾أحس

»: (226)التنزيل ؛ وفي التفســير لكتــاب اللــه«أي أحسن عاقبة ومآال :(228)؛ وفي البحر المحيط«بمعنى أحسن مآال وعاقبة»: (227)المنير

أي عاقبة؛ إذ ال يبقى على المــوفي والــوازن تبعــة، ال في الــدنيا،» خير﴿وال في اآلخرة. وهــو من المــآل، وهــو المرجــع، كمــا قــال:

﴿، ﴾مردا ﴿، ﴾خير عقبا ــه﴾خير أمال ، وإنما كانت عاقبته أحسن ألن

اشتهر باالحتراز عن التطفيف، فعول عليه في المعامالت ومــالت. «القلوب إليه

راق بين�ي وبين�ك سأنبئك ب�تأو�يل�﴿ـ 14 و13 قال هذا ف� برا ــه� صــ تط�ع علي ــ 78 )الكهــف: ﴾ما لم تســ دار﴿(؛ ــ ا الج� وأم

فكان ل�غالمين� يت�يمين� في المد�ينة� وكان تحته كنــز لهمــادهما ال�حا فــأراد ربك أن يبلغــا أشــ ـان أبوهمــا صــ وكـن ربك وما فعلتــه عن أمــر�ي ويستخر�جا كنزهما رحمة م�

(. 82 )الكهف: ﴾ذل�ك تأو�يل ما لم تستط�ع عليه� صبرا ما لم تستط�ع عليه�﴿يعني بعاقبة »: (229)في تفسير مقاتل

التأويل: رجــوع»: (231) وروح البيان(230)؛ وفي البحر المديد«﴾صبرا ؛ وفي روح«الشـــيء إلى مآلـــه، والمـــراد هنـــا: المـــآل والعاقبة

ــا المــآل»: (232)المعاني التأويل رد الشيء إلى مآله، والمراد به هن أي ســأخبرك بعاقبــة هــذه»: (233)؛ وفي تفسير المــراغي«والعاقبة

والمحــرر(234)؛ وفي الجــواهر الحســان«األفعال التي صدرت مني. « أي مآل﴾ذل�ك تأو�يل﴿قوله: »: (235)الوجيز

حــدت كلمتهم على أن تأويــل ها القارئ الخبير كيف ات انظر أي الشيء عاقبته ومآله ومرجعه ونحوهــا. فهي معنــاه عنــدهم. ولــذا

روا التأويل بـ ما تقدم عن بعضهم ـ تراهم ـ ك «التفســير»كلما فس.«ما يؤول إليه أمره» يكتفوا بذلك حتى ضموا إليه قولهم: لم

ح به كثير من أهل اللغــة أيضــا. ففي وهذا المعنى هو ما صر آل»: (237)؛ وفي المحيط«آل يؤول إليــه، إذا رجــع إليه»: (236)العين

ــه إلى ــة. وأول الحكم: أي أرجع ــع، واألول: المراجع ي ء: رج ــ الشــه آل أي رجــع. يقــال: طبخت الشــراب»: (238)؛ وفي الصــحاح«أهل

ــدر كــذا وكــذا، أي رجع ، عن(239)؛ وفي لســان العــرب«فآل إلى قه:»التهذيب: ــأويال، وثالثي ــؤول ت أويل فهــو تفعيــل من أول ي وأما الت

ح ابن فارس أن هذا أحــد معنييــه«آل يؤول أي رجع وعاد . بل صر

الهمزة والواو والالم أصــالن: ابتــداء األمــر،»األصليين، حيث قال: وانتهاؤه. أما األول فاألول، وهــو مبتــدأ الشــيء... واألصــل الثــانيـؤول ـ ال ألنه ي ل الذكر من الوعول... وإنما سمى أي قال الخليل: األي إلى الجبل يتحصن... وآل يؤول أي رجع... ومن هـذا البـاب تأويـل

ــه ومــا يــؤول إليــه، وذلــك قولــه تعــالى: هل﴿الكالم، وهــو عاقبت. (240)﴾ينظرون إ�ال تأو�يله

ومع ذلك شاع عند كثير من أهــل التفســير واللغــة والحــديث وغيرهـــا اســـتعمال التأويـــل مقـــام التفســـير، حتى أن بعضـــهم،

جــامع البيــان»كالطبري، بعد أن سمى كتابه الكبــير في التفســير ر في آالف المواضــع من كتابــه عن أهــل«عن تأويــل القــرآن ، عب

؛«تأويل هــذه اآلية»، و«أهل التأويل»التفسير وتفسير اآلية بقوله: ــتين، ولكنه اصطالح مستحدث بعد عصر النزول، بمائة ســنة أو مئ انطالقــا ممــا كــانوا تســالموا عليــه قبــل ذلــك من أن اآليــاتــو ــه، أو هـ ــا إال اللـ ــات ال يعلم تأويلهـ ــات مبهمـ ــابهات آيـ المتشـــو فهم ــات ه ــل المبهم ــان العلم بتأوي ــة ك ــخون. وال محال والراس مــداليلها والوصــول إلى مراداتهــا، وهــذا يعــادل التفســير عنــدهم، فحينئذ قالوا بــأن التأويــل هــو التفســير على مــا اصــطلحوا عليــه.

تعمل في»ر المنــار: يففي تفســ ــانت تســ ــيرا من األلفــاظ ك إن كثــزمن قــريب ــك، ب نزيل لمعان، ثم غلبت على غيرها بعد ذل زمن الت

أويل»أو بعيد، من ذلك لفظ ير مطلقــا،«الت فســ تهر بمعنى الت ، اشـه جاء في القرآن بمعان أخرى .«أو على وجه مخصوص، ولكن

المراد بالتأويــل نقــل ظــاهر اللفــظ»كما أن ما قالوا من أن ــرك ظــاهر عن وضعه األصلي إلى ما يحتاج إلى دليــل لــواله مــا ت

مصطلح آخر عنـدهم، مســتحدث بعـد القــرون الثالثـة(241)«اللفظ وأما»األولى، على مـــا في تفســـير المنـــار، نقال عن ابن تيميـــة:

اجح رف اللفـظ عن االحتمـال الـر الث، وهو صـ أويل بالمعنى الث الت

ــرف في ــد ع طالح لم يكن بع ــذا االصــ إلى االحتمال المرجــوح، فهــان ــة، وال ك ــل وال األئمة األربع ابعين، ب ــل وال الت حابة، ب ــد الصــ عهــل وال علمت ــة، ب الث م بهذا االصطالح معروفــا في القــرون الث كل التــظ يص لف ار تخصــ أويل بهذا. ولكن لما صــ أحدا فيهم خص لفظ التــوا أن ــأخرين فطن ــير من المت ــرف كث ائعا في ع ــذا شــ ــل به أوي التابه القـرآن اروا يعتقـدون أن لمتشــ ـاه صـ أويل في اآلية هذا معن الت

ـه . ولكن ــ بحمــد اللـه ــ قـد ثبت؛ بمـا«معاني تخالف ما يفهم منــد تقدم، أن ما أرادت اآلية بالمتشابهات بعيد عما شــاع عنــدهم بع المشرقين، فال جرم ما نشأ منه من معنى التأويل وغيره مما جاءــرف في اآلية كذلك. وعلى هذا كله ال يبعد أن يقال: إن اللغة والعفقة على ذلــك، فال يوجــد في عصر النزول واستعماالت القرآن مت فيها ما استعمل التأويل وأريد به التفســير، خصوصــا في القــرآن،

وفي آيتنا هذه.

الراسخون في العلم ﴿� خون في الع�لم ــ� اس ة هم من﴾والر أهــل الكتــاب خاصــ

أيضا؛ وذلك لوجوه أربعة: ــ متوجهــة إليهم، فينبغي أناألول ــ كمــا تقــدم ـ ــة ـ : إن اآلي

يكون الراسخون منهم أيضا. ــدم أن الثــاني ــغ﴿: تق م زي ــوب�ه� من أهــل﴾الذ�ين في قل

�﴿الكتــاب، فالمقابلــة بينهم وبين خون في الع�لم اســ� قرينــة﴾الرتدل على أن هؤالء أيضا منهم.

: القـرآن أطلـق على طائفـة من أهـل الكتـاب نفسالثالثــاب�﴿هذا العنوان في موضع آخر، حيث قــال: يسألك أهــل الك�ت

ى ألوا موســ د ســ ماء� فقــ ن الســ م ك�تابــا م� ل عليه� أن تنزنهم � م� خون ف�ي الع�لم اســــ� ـــك... لك�ن� الر ن ذلـ� أكبــــر م�

ن قبل�ــك ــز�ل م� �ليك ومــا أن نون ب�ما أنز�ل إ نون يؤم� والمؤم� (، فأسند اإليمــان بكــل مــا أنــزل اللــه162 ـ 153 )النساء: ﴾و...

إلى الراســخين في العلم من أهــل الكتــاب، وجعــل هــذا اإليمــان عالمة رسوخهم في العلم. كما أنه هنا أيضا أســنده إليهم، وجعلــه

ــل﴿عالمة رسوخهم في العلم، فقال تعالى: ﴾يقولون آمنا ب�ه� كــا لم» ــه وم ــا نســخ من ــني م ــا روي عن ابن(242)« ينسخ يع ، في م

ند� ربنا﴿عباس، ن ع� . كما أسند إلى بعض أهل الكتاب اإليمــان﴾م� بكل ما أنزل اللــه في مواضــع أخــرى، منهــا: آخــر نفس الســورة،

ن ب�اللـه﴿حيث قال تعــالى: ن أهـل� الك�تـاب� لمن يـؤم� وإ�ن م�م... �ليه� �ليكم وما أنز�ل إ (. 199 )آل عمران: ﴾وما أنز�ل إ

ــا نشــأالرابع : إن الراسخين المذكورين إيمانهم المذكور هن عن علمهم التفصيلي بما نزل عليهم وما نسخ منه وبما نزل علينا وهو ناسخ لبعض ما نزل عليهم، ولكن المؤمنين ما كـانوا يعلمـون بما نزل على أهل الكتاب وما نسخ منه، بل كانوا مؤمنين بما نزل

يا أيها﴿على أهل الكتاب، حيث أمرهم الله تعالى في مثل قوله: ل على نوا ب�الله� ورسول�ه� والك�تاب� الذ�ي نز الذ�ين آمنوا آم�

ــل ن قب ــزل م� ــاب� الذ�ي أن ول�ه� والك�ت ــ (136 )النســـاء: ﴾رسباإليمان بالكتب السابقة، من دون أن يعلموها تفصيال أو إجماال.

ــأن ــغ﴿بل ال يبعــد القــول ب م زي ، وكــذا﴾الذ�ين في قلوب�ه�﴿� خون في الع�لم اس� ، من اليهود خاصة؛ وذلك لقرائن: ﴾الر

ــالى: األولى ــه تع ــغ إليهم في قول ــناد الزي �ذ قــال﴿: إس وإــوبهم ا زاغوا أزاغ الله قل ه�... فلم )الصــف:﴾موسى ل�قوم�

5 .) : التصـريح بـأن الراســخين في العلم منهم في قولــهالثانية

م ك�تابــا م�ن﴿تعــالى: ل عليه� ألك أهــل الك�تــاب� أن تنــز يســـك... لك�ن� ن ذلـ� ى أكبـــر م� ألوا موســ د ســ ماء� فقـــ الســـ

نهم... � م� خون في الع�لم اس� (. 162 ـ 153 )النساء: ﴾الرــالى: الثالثة ــه تع ــدم في قول ــا تق ــك﴿: م ــف يحكمون وكي

ــدهم التوراة... ن ــبي﴾وع� ــهم من تحكيم الن ــا| أن غرض طلب ميكون أهون عليهم، وهو ابتغاء التأويل المذكور في آيتنا هذه.

: مــا تقــدم من تصــريح بعضــهم بــأن المــراد بقولــهالرابعةن األحزاب� من ينك�ر بعضه﴿تعالى: هم اليهود خاصة. ﴾وم�

ــة ــ ــذا ظهـــــر أن جملـ ــ �﴿وبهـ خون في الع�لم اســــ� والرــة ﴾يقولون... ــة على جمل ــغ﴿ معطوف م زي ــوب�ه� الذ�ين في قل

، كما عليه جماعة من أهل النحو. قال ابن هشــام: قــد﴾فيتب�عون يترك تكرار إما بكالم يذكر بعدها في موضع ذلــك القســم الثــاني،

نه﴿نحو: م زيغ فيتب�عون ما تشابه م� ا الذ�ين في قلوب�ه� فأميل�ه� تنة� وابت�غاء تأو� أي وأما غــيرهم فيؤمنــون بــه....﴾ابت�غاء الف�

ــك ــدل على ذل ــه�﴿وي ــون آمنا ب� � يقول خون في الع�لم اس� والرند� ربنا ن ع� ، أي كل من المتشابه والمحكم من عند اللــه،﴾كل م�

ــه قيــل: ــا الراســخون في العلم»واإليمــان بهمــا واجب، وكأن وأم . وهنــاك روايــات أيضــا تــدل على أن الرســوخ في(243)«فيقولــون

العلم هــو اإليمــان بالمتشــابهات بال علم بتأويلهــا. فراجــع: توحيــد . وعليـــه(246)، ونهج البالغة(245)، وتفســـير العياشي(244)الصـــدوق

يله إ�ال الله﴿فجملة ــه﴾وما يعلم تأو� ــل: قول معترضة بينهما، مثعت وليس الــذكر كــاألنثى﴿تعــالى: ﴾واللــه أعلم ب�مــا وضــ

ــة عن امــرأة عمــران. والوجــه في المعترض بين الجمالت المحكي اعـتراض هــذه الجملــة، وكـذا كـل جملـة اعتراضــية، رفـع الـدخل

ــه تعــالى لمــا قــال: ابت�غــاء﴿المتــوهم ممــا تقــدم من الكالم، فإنيل�ه� لعل أن يتوهم أن تأويل ما تشابه من الكتــاب ممــا يمكن﴾تأو�

ــه، فقــال من دون أي فصــل؛ حســما لمــادة هــذا ــاس العلم ب للنيله إ�ال الله﴿التوهم الباطل: . ﴾وما يعلم تأو�

وعلى هذا، من أن الراسخين في العلم هم من أهل الكتاب، يقينـا، ورتب أنبيـائهم دون رتب^فهم في رتبة دون رتب أنبيـائهم

نا ــال: إن|، ورتبهم دون رتبة النــبي^عترة نبي ، فكيــف يمكن أن يقــه ثالث|النبي ــل رتبت من الراسخين في العلم؟! أليس هذا إال تنزي

منهم تنزيل لرتبهم مرتبتين! كيف ال،^مراتب؟! كما أن عد عترته ، فعنهم ينبع العلم، ال أن العلم(247)«معدن العلم»وهم بفضل الله

|عـــرض عليهم، فرســـخوا واســـتقروا فيـــه. تـــرتيب رتب النـــبي يستفاد من عدة آيات، منهــا: طائفــة من^ وسائر األنبياء^وعترته

آيات سـورة اإلنسـان، عسـى اللـه أن يوفقنـا للكالم فيهــا في مـايأتي.

النتيجةر اآليــة الشــريفة، أن اللــه هــو الــذي والمعنى الحاصل؛ بتــدب

كتابه، الذي أنزل نسخا متعددة منه على رسله|أنزل على رسوله ، بأسماء مختلفة، كالتوراة واإلنجيــل والفرقــان والــذكر^الماضين

والزبور وغيرها.ــر وال فصــنف من آيــات هــذا الكتــاب آيــات محكمــات ال تتغيــات ــدل في نســخه المتعــددة وأســمائها المختلفــة، وهــذه اآلي تتب

بمجموعها تسمى أم الكتاب. وصــنف من آيــات هــذا الكتــاب متشــابهات، فمنهــا في بعضحد مع ما في بعضها اآلخر في الموضوعات وبعض نسخ الكتاب مت متعلقات الموضوعات، ولكنها مختلفــة في بعض األحكــام اختالفــابه العرفي. فأما الــذين في قلــوبهم زيــغ عن الحــق يبقى معه الشبعون ما تشابه من الكتــاب؛ ابتغــاء الفتنــة بين من أهل الكتاب فيت الناس بإلقاء الشبهة؛ لتزلزل إيمانهم برسولهم وبالنسخ المتأخرةما النســخة القرآنيــة منــه، وابتغــاء عاقبــة مــا من الكتــاب، وال ســي

ثوا بــه للفــرار عمــا ثبت تشابه ومآله من التغيير أو اإلبدال، ليتشــب عليهم في شرائعهم، وما يعلم عاقبته ومآله إال اللــه تعــالى. ولكن الراسخون في العلم من أهل الكتاب يقولون: آمنا بما تشابه منه،

نا. وما يذكر إ�ال أولو﴿ناسخا كان أو منسوخا؛ إذ كله من عند رب. صدق الله العلي العظيم. ﴾األلباب�

وبهــذا كله اتضــحت وجــوه الخدشــة في األقــوال الــتي بناهــا أصحابها على أن اإلحكام بمعنى الوضوح والظهور، أو أن التشــابه معناه اإلجمال واإلبهــام، أو أن التأويــل هــو التفســير. وهي أقــوالرين، وتبعهم غيرهم فيهــا. وقــد تعــرض لتفنيـد قال بها أكثر المفس

(248) في الميزان&ستة عشر منها السيد الطباطبائي ــوال ، واختار قــر، ــوال آخ ــاقر الحكيم ق ــد ب ــار الســيد الشــهيد محم ــر. ثم اخت آخ

ــرآن ــوم الق ــه عل ــه في كتاب ــول الســيد(249)واســتدل ل ، وجعــل ق سادس االتجاهات الرئيسة في المحكم والمتشــابه،&الطباطبائي

، فربمــا تنــاهز هــذه األقــوال(250)وناقش في جميع تلك االتجاهــاتــه القــرآن»عشرين قوال، كما صرح به السيد الطباطبائي في كتاب

.(251)«في اإلسالمــات ــة وبين اآلي كما ظهر أنه ال تعارض وال تنافي بين هذه اآلي

الدالة على أن القرآن حكيم، أو أنه كتاب حكيم. كما ظهر أنه ال تنافي بينها وبين ما يقــول: إن القــرآن كتــاب متشابه، وبينها وبين ما دل على أنه الكتاب المبين، وهو نور وبيان وبالغ وهدى للناس بآياته البينــات المبينــات؛ إذ الحظنــا هــذه اآليــة المباركة كجزء من منظومة منظمة، مركبــة من نحــو ســتين آيــة،رين للعالقــات القائمــة ناظرين إلى سائر أجــزاء المنظومــة، متــدب

بينها.ر المزيل لألوهام، الموصل إلى حقيقة المـرام، وهذا هو التدب

آلية من آيات الله الملك العالم.

الهوامش

نقد الفقه اإلسالمي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية األمور الدنيوية

نقد الفقه اإلسالمي عند الصادقالنيهوم

من مسؤولية أداء الشعائر إلى مسؤوليةاألمور الدنيوية

*(*()د. محمد بن سباع

تمهيد من المفكرين العرب الذين قدموا(252) يعتبر الصادق النيهوم

قراءة معاصرة للفكر اإلسالمي، وتحديدا للفقــه اإلســالمي، ولكن حتى لو كان النيهوم واحدا من الذين انتقدوا هــذا الفقــه إال أن مــازه عنهم في الوقت نفسه هو أن كل ما كتبــه عن الفقــه كــان يمين للــنيهوم أن الفكــر نقدا له وإظهــارا لعيوبــه وتناقضــاته، حيث تبي اإلسالمي عموما لم يعــد قــادرا على مواكبــة مســتجدات الــراهن، وأنه يعيش تناقضات كثيرة، حيث يعتبر الفقه اإلسالمي تحديدا هوــاوز م، لذا وجب علينا تجاوزه بتج من أوصله إلى هذا الوضع المتأز أحكامــه وآراء الفقهــاء. إن كــل االنتقــادات الــتي قــدمها الصــادق النيهوم للفقه اإلسالمي كانت انطالقا من قناعتـه بـأن هــذا الفقــهنة أوجدته من أجــل خدمــة ظهر في ظروف تاريخية وسياسية معي النظام السياسي وضمان بقائه واستمراره، دون مراعاة مصــلحة المواطن المسلم. وهنا دعا النيهوم إلى تحرير الــدين من ســطوة

الفقهاء.

.أستاذ في جامعة قسنطينة ـ قسم الفلسفة، من الجزائر)*( *( ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

87هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

نـا لقد تبين للنيهوم أن الفقـه اإلسـالمي كــرس مفهومـا معي حول اإلسالم، مفاده أن اإلسالم هــو شــعائر وشــعارات يجب على الفرد المسلم أن يتنازل عن أموره الدنيوية، ويتفرغ لاللتزام بأداء هذه الشعائر، إذا أراد أن ينال رضا ربه، ويكون مصيره الجنة، فيــل ــالم عم ــالم يكمن في أن اإلس ــنى الحقيقي لإلس حين أن المع وممارسة، ال يهمل الدنيا لحساب اآلخرة، وهذا هو المنزلــق الــذيــلم من الحكم وقع فيه الفقه اإلسالمي عندما أبعد المواطن المس والمســـؤولية والحيـــاة، فـــانحرف هـــذا الفقـــه عن أداء رســـالته الحقيقية، التي هي تعريف المسلم بدينه، بل األخطر من ذلك أنــه

عمل على تجهيله به. إن من أكثر النتائج السلبية المترتبة عن تكلم الفقهاء باسم الدين هو أننا لم نعد نعمل بالدين، وإنما نتحدث عن الــدين فقــط. وهذا هــو الوضــع الــذي أصــبحنا نعيشــه اليــوم، وخصوصــا بعــد أنــاد المســلم عن المســاهمة في تســبب الفقــه اإلســالمي في إبع تسيير شؤون الحكم، مع أن اإلسالم في حــد ذاتــه هــو دعــوة إلى العمل وإلى االجتماع، وما التقاء المسلمين معــا في مكــان واحــد في الجــامع، سـواء في صـالة الجمعــة أو خمس مــرات يوميـا، إالقــه الفــرد المســلم في أكبر دليل على ذلك، وهذا ما يجب أن يطب حياته، من خالل تفعيل عالقاتــه بكــل أفــراد مجتمعــه، ســاعيا إلى تحقيق مصلحته الخاصة، دون إهمال المساهمة كذلك في تحقيــق

المصلحة العامة؛ ألن هذا ما دعانا إليه الدين اإلسالمي. إن من بين أهم األسباب التي جعلت الصادق الــنيهوم ينتقــد الفقــه اإلســالمي هــو الحــال الــذي وصــل إليهــا المجتمــع العــربي المسلم، ذاك أن حريــة المــواطن المســلم، وبالتــالي مســؤوليته، انتفت في ظل مجتمــع تســيطر عليــه الطبقــة السياســية ورجــال الدين، حيث أصــبح المــواطن المســلم مغلوبــا على أمــره، ملزمــا

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية عشرة، االجتهاد والتجديد88هـ1439م ـ 2018شتاء

نقد الفقه اإلسالمي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية األمور الدنيوية

باتباع األوامر، وليس له حـق التكلم وإبـداء الــرأي. فالـدين أصـبح ملكية خاصة ألشخاص معينين يتكلمون باســمه، هم الفقهــاء، مــع أن الدين اإلســالمي عنــدما ظهــر لم يكن ملكــا لبعض األشــخاص،ــنيهوم وإنما كان رسالة للناس أجمعين. لذلك فقد تبين للصادق ال أن تاريخ الفكر الديني نأى تمامــا عن المغــزى الحقيقي لإلســالم، الذي من المفروض أن يدعو إلى الخير والعــدل والصــالح وخدمــة مصــالح اإلنســان وضــمان حــريتهم، ال إلى االقتصــار على تطــبيققت كــانت في األحكام الشرعية، كالسرقة والقتــل، والــتي إن طب أغلبها خدمة لمصالح السياسة ونظام الحكم. وعليــه نتســاءل: مــاــا هي أهم هي مبررات انتقاد الصادق النيهوم للفقه اإلســالمي؟ م هذه االنتقادات التي وجهها له؟ وما هو النقد الموجه لنقد الصادق

النيهوم للفقه اإلسالمي؟

أوال: الفقه اإلسالمي بين الدين والسياسة لقــد رأى الصــادق الــنيهوم أن الفقــه اإلســالمي تاريخيــا لم يظهر خدمة للدين واإلنسان، وإنما خدمة للحكم والسياسة، وهــذا من خالل ربط اإلسالم بالشعائر، والتأكيد على ضرورة اتباع الفرد المسلم لها إذا أراد الفوز في اآلخرة. وبالتــالي فقــد عمــل الفقــه اإلسالمي على تحويل انتباهه واهتمامه عن مصلحته الدنيوية، مــع

ــه ــدين في حقيقت ــاه المــرء من معلم، بــل»أن ال ــا يتلق ليس فقه استجابة لغريزة في طبيعة اإلنسان نفسه، إنه دســتور يقــوم على االعــتراف على أن اإلنســان الحي مفطــور على حب الحيــاة، وأن الحياة ال يضمنها قيام مؤسسة فقهيــة، بــل يضــمنها قيــام مجتمــعــر ــ ــد الظلم والفق ــ ــا ض ــ ــدفاع عنه ــ ــادر على ال ــ ــراطي ق ــ ديمق

ــوف ــه(253)«والخ ــط الفق ــرورة رب ــد على ض ــه للتأكي ــعيا من . وس

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد89هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

اإلسالمي بما هو دنيوي، على غرار األمور األخروية، يؤكد الصادق النيهوم على أن اإلنســان مفطــور على حب الحيــاة اآلمنــة، وعلى العيش مــع األشــخاص اآلخــرين في جــو من العدالــة واحــترام الحقوق والواجبات. وهذا هــو الفــرق بين دعــوة األنبيــاء والرســل ودعوة الفقهاء؛ فالرســل يــدعون إلى إقامــة العــدل واإلخــاء؛ أمــاــك ــدها، وذل ــعائر والتوقف عن ــة الش ــدعون إلى إقام ــاء في الفقه

إن الدين»بتوظيف الدين في خدمة المصالح الخاصة، ومنه قوله: ــود ــدد ببن ــام إداري مح ــة في نظ ــدل لألغلبي ــمن الع ــذي ال يض ال الدستور ال يستحق اسم الدين، وال يستطيع أن يجمع الناس حوله إال بوســائل الوعــد والوعيــد وغســيل المخ، الــتي يتــولى الفقهــاء تطويرها لحساب اإلقطاع، في حلف شيطاني ينتحل لنفسه صــفة

.(254)«القداسة بالذات لطالما أكد الصادق النيهوم أنه بين رسالة الفقــه اإلســالمي

ر تسمية كتابه بـ إسالم ضــد»ورسالة اإلسالم فرق كبير، وهو مبر ؛ إذ يعتقد أن الفقيه اإلسالمي لم يفهم الرسالة الحقيقية«اإلسالم

ــه أن للدين اإلسالمي، فعمل الصادق النيهوم من خالل كل مؤلفات يبين أن اإلسالم ليس فقها، أو على األقل ليس فقها فقط، بل هو وسيلة تهدف إلى بناء مجتمــع عــادل. فقــد عبث الفقهــاء بالــدين، وذلك منذ أن دخلوا في أحالف سياسية مع األطــراف المتصــارعة على السلطة، وتحديدا منذ عصر األمــويين. وهــذا مــا تحــدث عنــه

تعــود أولى محــاوالت إلغــاء»أيضا نصر حامد أبو زيد عنـدما قـال: ــنة ــاحف على أس ــع المص ــة رف ــاب النص إلى حادث ــل لحس العق

من جانب األمويين في«تحكيم كتاب الله»السيوف والدعوة إلى ــة ــفين»موقع ــة«ص ــة أيديولوجي ــانت حيل ــا ك ، وال خالف على أنه

اسـتطاعت أن تخـرق باسـم النص صـفوف قـوات الخصـوم، وأن

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية عشرة، االجتهاد والتجديد90هـ1439م ـ 2018شتاء

نقد الفقه اإلسالمي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية األمور الدنيوية

وهذا ما جعل.(255)«توقع بينهم خالفا أنهى الصراع لصالح األمويين رسالة اإلسالم تنحرف عن مســارها، وتتحــول إلى خدمــة مصــالح السياسة، مثل: إهدار دم المعارضين السياســيين، وأيضــا الفتــوى بشــرعية الحكم الــوراثي، وغيرهــا، وهي جــرائم يتحمــل الفقهــاءلــوا التشــريع اإلســالمي، وأعطــوا مســؤوليتها؛ ألنهم هم من مث ألنفسهم كامل الوصاية عليه، وجعلوا أحكامهم الفقهية في خدمــة

مــا على الفقهــاء: ــنيهوم، متهك إن»أسيادهم الحكام. وهنا يقول ال الفقيه المسلم الذي يرفع يديه على المنــبر المقــام في بيت اللــه لكي يدعو لسيده بطول العمر والبقــاء لم يجــد ذلــك في القــرآن، ولم يطلب منه الله أن يجعل شعائر الصالة الخاشعة بمثابة إعالنـه علم ذلـك من التـاريخ الكهنـوتي مجاني للدعاية السياسية، ولكنئ الســمعة. فرجــال الــدين في مصــر القديمــة كــانوا يقيمــون سي

كلها باسم الملك؛ ألنه هو الرب نفسه. أما أحبار المعبد«الصالة» اليهودي، الذين فقدوا لعبتهم الوثنيــة بتــدخل التــوراة، فقــد نقلــوا اسم الملك من بداية الصالة، ووضعوه في النهاية؛ لكي يطلبوا له

بالتــالي فــإن.(256)«المغفــرة من اللــه، ويــدعوا لــه بطــول العمر الكثير من األحكـام الفقهيـة والتصــرفات الــتي يقــوم بهــا الفقهــاء المسلمين، كما يرى الــنيهوم، ليســت فقــط انحرافــا عن المغــزى الحقيقي لرســـالة اإلســالم، وإنمـــا هي تقليــد أعمى للكثــير من العــادات والتصــرفات الــتي كــانت موجــودة من قبــل عنــد اليهــود

والمسيحيين. إن النقد الذي يوجهه الصادق النيهوم للفقه اإلســالمي ليســوانب النقص ــان ج ــعى إلى تبي ــد يس ــو نق ــا ه ــداما، وإنم ــدا ه نق والتناقض الكامنة في الفقه اإلســالمي. كمــا أنــه ال يقلل أبــدا منــه ــوير الفقـ ــاهمته في تطـ ــرورة مسـ ــه، وال من ضـ ــأن الفقيـ شـ

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد91هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

اإلســالمي، بــل إنــه يــرى ضــرورة إعــادة ربــط الفقيــه بوظيفتــه الحقيقيــة، الــتي هي الــدفاع عن رســالة اإلســالم، مــع توفــير كــلــه: ــه: قول ــك. ومن ــاعده على ذل ــتي تس ــروف ال ــروط والظ الش

امنحــوه فرصــة العمــل واســع النطــاق، الــذي يمتــد على طــول» مسرح الفكر اإلنساني، واتركوه يبحث لنا عن سبيل الرشاد. فهذاــه الرجل الغارق في الخرافات ال يستطيع أن يفهم القرآن بمعارفــه الفرصــة ــه إذا أتيحت ل طــة من القــرون الوســطى، ولكن المحن لفهمه فإنه وحده يســتطيع أن يجــد لنــا الطريــق. أعطــوه فرصــة العمل بوسائل الفكر الشــجاع، كمــا أعطيتمــوه الســيارة الحديثــةــة جره لخدمــة الدعاي ــ ــتركوا أحــدا يس ــه القديمــة، وال ت ــدل ناقت ب السياســـية، والـــدعاء على المنـــابر لمن يـــدفع راتبـــه في وزارة

. إن هذا الموقف النقدي من طرف الصادق النيهوم(257)«األوقافرين للفقــه اإلســالمي، ولشــخص الفقيــه، نجــده عنــد بعض المفك الذين تندرج مواقفهم في إطار مــا يســمى بــالقراءات المعاصــرة للفكر الديني، وتحديــدا للفقــه اإلســالمي، مثــل: القــراءة النقديــة التي قدمها محمد شحرور للفقه اإلسالمي، والتي رأى من خاللهــا أن الفقيه المسلم لم يعد قادرا على مواكبة التطــورات المعرفيــةــا في ــل توظيفه ــا من أج ــه معرفته ــتي يجب علي ــرة، وال المعاص أحكامه الفقهية، ال أن تنحصر وظيفته في خدمة السياســة، لــذلك

في كل بلد نجد عشرات المشــايخ من فقهــاء ومتصــوفة،»يقول: دورها األساس تخدير النـاس، وإبعــادهم عن مشــاكلهم المباشــرةــاع ــلطة واألوض ــدة الس ــيين، فقــد كــانوا أعم ــدائهم الحقيق وأع االقتصادية واالجتماعية والسياسية الفاسدة، سواء عرفوا ذلــك أم لم يعرفوا. وما زال ورثة هــؤالء النــاس يعيشــون بيننــا حتى يومنــا هذا، تحت أســماء شــتى، يعيشــون ويفقهــون على المســلمين مــا

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية عشرة، االجتهاد والتجديد92هـ1439م ـ 2018شتاء

نقد الفقه اإلسالمي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية األمور الدنيوية

يسمى باإلسالم، حسب زعمهم، ولم يعلموا أن وجودهم هــو أحــد . وربمــا يكــون محمــد(258)«المشــاكل الــتي يعــاني منهــا اإلســالم

شحرور هنا متأثرا بموقف الصادق الــنيهوم من الفقــه اإلســالمي، وخصوصا أن موقف النيهوم ظهر قبل موقف محمد شــحرور، مــعــه المســؤولية ــنيهوم يحمل الفقي ل في أن ال ــارق بينهمــا، يتمث ف الكاملــة في تخلف المجتمــع المســلم، وينظــر بالتــالي إلى الفقــه اإلسالمي نظرة سلبية خالصة، في حين أن محمــد شــحرور، على ــبرا الرغم من االنتقادات الكثيرة التي وجهها للفقه اإلسالمي، معت أنه لم يعد قادرا على االستجابة لمقتضيات الواقع الــراهن، ســعى في الوقت ذاته إلى تطوير الفقــه اإلســالمي، بدعوتــه إلى تجديــد مصادر التشــريع، وإصــدار أحكــام شــرعية جديــدة يمكن اعتبارهــا

حلوال للكثير من المشكالت التي يعيشها الفرد المسلم اليوم. يزداد انتقاد الصادق الــنيهوم للفقيــه اإلســالمي، معتــبرا أنــه نصب نفسه متحدثا باسم الدين، حتى أصبح اإلسالم هو مــا يقولــهب، وكــأن اللــه اختــارهم ألداء هــذه الفقهــاء ورجــال الــدين فحســــوى أداء المهمة. أما المواطن المسلم فليس لديه مهمة أخرى ســتزام الشعائر الدينية التي أقر بها السادة الفقهاء، وما عليه إال االل بهــا إذا أراد الفالح في الــدنيا واآلخــرة. هــذا هــو الفهم الــذي أرادـاه حــول اإلســالم. فمــا رأي الـنيهوم ثنــا إي الفقه اإلسـالمي أن يور

اإلسالم هو الشرع الجماعي نفسه، وليس مــا»فيه؟ يجيبنا بقوله: يقوله الفقهاء عن هذا الشرع. إنه ليس معلومــات في الكتب عن دين عــادل، بــل إنــه نظــام إداري موجه لتحقيــق العــدل في أرض الواقع، بإخضاع اإلدارة إلى سلطة األغلبية. من دون هذه السلطةــة ــة ملح ــدو الحاج ــاس، وتب ــع الن ــأة من واق ــالم فج يختفي اإلس بتعويضهم بإسالم ال يلمس واقعهم، وهي مهمة استدعت دائما أن

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد93هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

. هــذه(259)«يصبح الفقهاء ـ وليس األغلبية ـــ هم مصــدر الشــرعيةفاتــه أنهــا باطلــة؛ د الــنيهوم في كــل مؤل الشرعية التي لطالمــا أك ألنها لم تكن في خدمة الــدين من جهــة، وال في خدمــة المــواطن المسلم من جهة أخــرى، وإنمــا كــانت وال تــزال في خدمــة نظــام

الحكم والفقيه على حد سواء.

ثانيا: عالقة العبادة بالشعائر إن أكــبر انتقــاد وجهــه الصــادق الــنيهوم للفقــه اإلســالمي

؛ إذ رأى أن الفقهــاء«أركــان اإلســالم»التقليدي كان حول مفهوم ــتي هي: ــان الخمســة، وال ــدما ربطــوا اإلســالم باألرك أخطــأوا عن شهادة أن ال اله إال الله وأن محمــدا رســول اللــه؛ وإقــام الصــالة؛ وإيتاء الزكاة؛ وصوم رمضان؛ وحج البيت لمن استطاع إليه سبيال؛ إذ يرى الصادق النيهوم أن الــدين اإلســالمي ال ينحصــر بالضــرورةــذين في هذه األركان تحديدا، كما أنها ال تنطبق على كل األنبياء ال وصفهم نص القــرآن بــأنهم مســلمون، مثــل: إبــراهيم وإســماعيل

يم بن�يه�﴿وإسحاق، وخصوصا في قوله تعالى: �براه� ووصى ب�ها إ ويعقوب يا بن�ي إ�ن الله اصطفى لكم الــدين فال تمــوتن

ما﴿ وأيضــا قولــه تعــالى: .(132 )البقــرة: ﴾إ�ال وأنتم مسل�مونيم يهود�يا وال نصران�يا ولك�ن كان حن�يفا مسل�ما �براه� كان إ

ر�ك�ين ن المشــ ــالي فهــذه.(67 )آل عمــران: ﴾وما كان م� وبالت الشعائر الخمس هي من وضـع الفقهــاء؛ خدمــة لمصـالح مــا كــان

. وهنا يقول:«العقد والحل»النيهوم قد أسماهم بالحكام وأصحاب فاإلسالم رسالة تقوم على األلفة بين جميــع الرســاالت، وتتوجــه»

الحتـواء الشــقاق الفقهي بـإعالن وحــدة العقيـدة، وتقــديم العمـل على شكل الشعائر، واعتماد مبدأ مســؤولية النــاس عمــا كســبت

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية عشرة، االجتهاد والتجديد94هـ1439م ـ 2018شتاء

نقد الفقه اإلسالمي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية األمور الدنيوية

أيديهم، وإن كان الفقه قد أصر على القول بأن اإلسالم ال يستقيم أنــه قــد اســتمد هــذا الحكم من ــد إال بــأداء الشــعائر الخمس فال ب

ألن العبــادة في اإلســالم ال تقتصــر على؛(260)«قرآن ال يعرفه أحدــة ــا ثابت ــاء أركان ــا الفقه ــتي رأى فيه ــا ال ــعائر، وخصوص أداء الش لإلســالم، وإنمــا أيضــا على العمــل الملمــوس الــذي يحقق العــدل ويضمن حقوق كل الناس. وفي هذا اإلطــار بالتحديــد نجــد محمــد

إننــا نــرى»شحرور يقول عن موقف الفقهاء من أركــان اإلســالم: ــة ــذه الثقاف ــاظ على ه ــاولين الحف ــون مح ــف يتخبط ــوح كي بوض بالتركيز وبشدة عل الشعائر )إقامة الصــالة/الصــيام/الحج(، علمــا أن هذه الشعائر ال تدخل في الثقافــة، وإنمــا تحــدد هويــة االنتمــاء إلى الرسالة المحمديــة، وإن مــا يــدخل في الثقافــة هــو التشــريع

.(261)«وحقوق اإلنساند على أن يبين لنــا الصــادق الــنيهوم أن الفقــه اإلســالمي أك اإلسالم ينحصــر في القواعــد الخمس تحديــدا في العهــد األمــوي،ــاد عندما استبد األمويون بالسلطة، وعمل الحجاج بن يوســف وزي بن أبيه على هدم بيوت مكــة، وتخويــف النــاس، وقتــل حفيــد أبي بكر، وحتى قتل الحسين في كربالء، وغيرها من الحوادث، وعندما قام يزيد بن معاوية بأداء فريضة الحج بعد أن أحرق ستار الكعبة.

وأمام هذا الســيف القــاطع كــان على الفقــه اإلســالمي أن»وهنا، : أنواألخــرى: أن يموت الفقهــاء؛ إحداهمايختار بين طريقين:

يموت اإلسالم. ورغم أن الكثــير من الفقهــاء العظــام قــد اختــاروا سبيل الشهادة والجنة، فإن أغلبهم كان مضطرا للعودة إلى عياله

وهنا ظهر مفهوم جديد لإلسالم، يــراعي حكم .(262)«في آخر النهارــاس عن شــؤون الحكم. ــرد، وعــدم االعــتراف بمســؤولية الن الف فكانت قواعد اإلسالم الخمس المعروفة من وضع الحكم األموي،

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد95هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

وبمصــادقة من طــرف الفقهــاء، مــع أن القــرآن ذاتــه، كمــا يــرى الصادق النيهوم، لم يحصــر قواعــد اإلســالم في خمس، ولم يمنح الوصاية على الدين ألحد، حتى يأتينــا الفقهــاء ليأمرونــا بــأداء هــذا

الشعائر، دون غيرها. إن الفقه اإلسالمي، كما يؤكد على ذلك الصادق النيهوم، لم يكن فقها حقيقيا، بمعنى أنه لم يكن في خدمة اإلســالم، بــل كــان في ذمة السياسة وتحقيق مصالحها التي تتعــارض بالضــرورة مــعــان ــو أن أرك ــك ه ــدليل على ذل ــوق المســلمين. وال مصــالح وحق اإلسالم المعروفة أريد لها من قبل الفقه اإلســالمي أن ال تعــارض السياسة من جهة؛ وأن تكــون إرضـاء لضــمير الفــرد المســلم منــه. هــذا جهة أخرى، الساعي إلى إثبات إســالمه ابتغــاء مرضــاة رب التشريع الذي صدر عن الفقهاء يعتبر فصــال بين اإلســالم وشــؤونــنيهوم: الحكم، من خالل حصر اإلسالم في قواعد محددة. يقول ال

إن هذا المسلم الذي صنعه فقهاء بني أمية على هواهم قد صــار»ــو ال اآلن عمره أربعة عشر قرنا، من دون أن يبلغ سن الرشد، فهـا من ــ ــه، ومعفي ــؤوليته عن حياتـ ـا من مسـ ــ ــا معفي يـــزال مواطنـــه، وال ر مصيره ومصير عيال مسؤوليته عن شؤون الدولة التي تقر يــزال اإلعفـــاء ســـاري المفعــول بضــمان من نظريــة األركــان

، لتبقى هــذه النظريـــة الـــتي مـــا هي إال جـــزء من(263)«الخمسةــذي اإلسالم، وليست اإلسالم كله، والذي هو اإلســالم الحقيقي، ال ال يخدم بالضرورة مصالح النظام السياسي، وإنما يراعي مصــلحة

اإلنسان باعتباره فردا في المجتمع. ب الفقــه اإلســالمي عــبر مــدة زمنيــة طويلــة في لقــد تســب تكريس ســيطرة الحــاكم، وبالتــالي تعطيــل دور العقــل، فأصــبحنام يحتاج إلى تشخيص، بل إلى حل مســتعجل، اآلن أمام وضع متأز

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية عشرة، االجتهاد والتجديد96هـ1439م ـ 2018شتاء

نقد الفقه اإلسالمي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية األمور الدنيوية

ل في أن ننظر إلى الواقع في عينه، وننصت مليا إلى صوت»يتمث الحق. فاإلسالم الذي ورثناه عن أســالفنا ليس هــو اإلســالم الــذيــه القــرآن، بــل نســخة ناقصــة عنــه، ومشــوهة إلى مــا ال ر ب بشــــا، ويهمنــا أن نهايــة)...( وإذا كنــا حريصــين على جــوهر الــدين حق نلتزم بروح النص ومحتواه، فإن علينا أن نراعي أن جميع نصوص القرآن وفتاوى أصحاب المذاهب وخــبراء التشــريع اإلســالمي قــد التقت على القول بأن اإلسالم ال يقــوم من دون ســلطة األغلبيــة، وأن كل محاولة لتطبيق الشريعة من دون إشراف المواطن على سير اإلدارة وإصدار القوانين فكرة موجهة عمدا لضــرب اإلســالم

؛ ألن الكثــير من اآليــات القرآنيــة واألحــاديث(264)«باســم اإلســالم النبوية الشريفة تبين أن المواطن المسلم مسؤول عما يحدث لهد الصـــادق الـــنيهوم على أن المبــدأ ويحــدث حولـــه. وعليــه يؤك

األمــر»الحقيقي الــذي يجب أن تقــوم عليــه أركــان اإلســالم هــو ؛ وذلك ألهميتــه في تســيير شــؤون«بالمعروف والنهي عن المنكر

األمر بالمعروف»المسلمين ومراعاة العالقات بينهم، بحيث يكون ــا وحفــظ«والنهي عن المنكر واجبا على كل مسلم. فتحــريم الرب

حقــوق المــرأة والــدفاع عن المستضــعفين والمجادلــة بالحســنى وحفظ حق الطفل والعمل بكتاب اللـه هــذه القواعـد وغيرهـا هيب عنه الكثير التي أهملها الفقهاء؛ خوفا من بني أمية. وهذا ما ترت من النتائج السلبية على اإلسـالم، وعلى المـواطن المسـلم الـذي حرم حتى من ممارسة مســؤوليته تجــاه نفســه. لــذلك يجب على

أن يعــرف أن قواعــد اإلســالم فكــرة جــاءت»المــواطن المســلم لحرمانه شخصيا من بقية اإلسالم، أن يعرف أن أداء الشعائر هو ـ فقط ـ نصف القاعدة، وأن النصف الباقي أن يكــون أداء الشــعائر ــا شكرا لله على نعمة الحياة، هنا فوق هذه األرض، وليس طقوس

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد97هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

.(265)«للبحث عن النعمة في أرض الله األخرى

ثالثا: الفرق بين السنة اإللهية والسنة الرسوليةرين المعاصرين الذين قدموا قراءات هناك الكثير من المفك جديدة للنص الــديني، ســواء القــرآن أو الســنة، وإذا كــانت إعــادة قراءة القرآن تهدف إلى تقديم فهم جديــد لمعــاني النص، وتبيــان أن له بعدا تاريخيـا ال ينبغي إهــداره في محاولـة توظيفــه في فهم مشــكالت الـراهن، وهـذا مــا نجــده مثال عنـد بعض المفكرين، من أمثال: محمد أركون ومحمد شحرور ونصر حامد أبو زيد وغيرهم،ــا وبين ــاواة بينه ــرفض المس ــنة ت ــف من الس ــإن أغلب المواق فز بين مــا القرآن، وهذا ما نجده عند محمد شــحرور مثال، الــذي مي

، ومنــه: قولــه:«الســـنة النبوية» و«الســـنة الرســولية»أســماه الرسالة المحمديــة هي الصــيغة النهائيــة للســنة اإللهيــة األبديــة،»

جرى التعبير عنها بين دفتي المصحف بأسلوب نظري مجرد، على كان بمثابة بدايــة|اعتبار أن الرسول خاتم المرسلين، وأن عصره

لمرحلة ما بعد الرساالت في تاريخ المسيرة النبوية. فجاءت بهذه الصيغة حتى يتمكن الناس من سن مناهجهم االجتهادية التطبيقيــة النســبية على ضـوئها؛ ذلــك أن سـنة اللـه مطلقــة؛ ألن اللـه ليس مجتهـدا، بـل عـالم ذو علم مطلـق أبـدي، بينمـا النـاس متعلمـونــبيعتهم ــ ــع ط ــ ــق م ــ ــرفي متواف ــ ــبي ظ ــ ــدون بعلم نس ــ ومجته

لــة في .(266)«اإلنسانية فتبين لــه أن الســنة النبويــة الشــريفة، ممث آنذاك، هي تعبير عن فهمه الخاص آليات نصملسو هيلع هللا ىلصأقوال الرسول

القرآن، وليست أقواله وحيا، كما اعتقــد الفقهــاء، فجعلــوا الســنةمن مرتبة القرآن.

ب الصــادق الــنيهوم، إن الخطأ الذي وقع فيه الفقهــاء، حســ

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية عشرة، االجتهاد والتجديد98هـ1439م ـ 2018شتاء

نقد الفقه اإلسالمي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية األمور الدنيوية

عندما أنشأوا علم الحديث هو أنهم أعطوه قداسة تضاهي قداسة نص القرآن، واعتبروه مصدرا من مصادر التشريع اإلســالمي، مــع

لم يدع إلى ذلك. فاألحكام الشــرعية كلهــا، كمــاملسو هيلع هللا ىلصأن الرسولــه تعــالى: اليوم﴿يرى النيهوم، موجــودة في القــرآن، ومنــه: قول

يت لكم ــ� ــ أكملت لكم د�ينكم وأتممت عليكم ن�عمت�ي ورض اإل�سالم د�ينا فمن اضطر ف�ي مخمصة غير متجان�ف إل�ثم

يم حيث تفيــد اآليــة هنــا بــأن،(3 )المائدة: ﴾فإ�ن الله غفور رح� الحكم الشرعي انتهى واكتمل مع القرآن، الذي جعلــه اللــه كالمــاد الصادق النيهوم، لها معــنى محفوظا. بالتالي فإن السنة، كما يؤك واحد، هو الذي نجده في نص القــرآن ذاتــه؛ وذلــك لقولــه تعــالى:

نة� اللـه�﴿ د ل�ســ ن قبـل ولن تجـ� سنة الله� الت�ي قـد خلت م�حا موقفــه من.ــ (23 )الفتح: ﴾تبـد�يال وهنــا يقــول الــنيهوم، موضــ

فالسنة التي يتحدث عنها القرآن ليست»المعنى الحقيقي للسنة: هي كتب الحديث النبوي، بـل هي نص القــرآن الــذي رفض فكـرةر الشــريعة من عبوديــة التــاريخ، ــة بالــذات، وحــر األحــاديث النبويــاعي؛ لكي وأنهى سلطة رجال الدين، واعتمد دستور الشرع الجمن ضــد الظلم يعيد القرار إلى أيدي الناس في نظــام إداري محصــ بقدر اإلمكان. هذه السنة ال تقوم على أحاديث منســوبة إلى أحــد من األنبياء؛ ألنهــا ليســت ســيرة تاريخيــة، بــل منهج تطــبيقي حي،ــاال ال تحصــى، في ظــروف ال يعيش عــبر العصــور، ويخــاطب أجيــه ــد علي ــول محم ــة لم تغب على علم الرس ــى، وهي حقيق تحص

ــنة ــالة والســـالم، بـــل غـــابت عن علم السـ ــا أن.(267)«الصـ وبمـ رسول من الله يبلغ رســالته فقــد اعتقــد الفقهــاء أنملسو هيلع هللا ىلصمحمدا

كالمه أيضا هو وحي، فرفعــوا حديثــه إلى مرتبــة القــرآن الـــمنزلــاني مصــدر من مصــادر ــوي أهم ث ــديث النب ــبروا الح ــه، واعت علي

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد99هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

ولهــذا الســبب تعــرض الحــديث»التشريع اإلسالمي بعــد القــرآن. للبحث عنــه بشــكل منقطــع النظــير في كــل األمصــار بعــد مــوت

.(268)«النبي، وذلك من أجل جمعه وتثبيته كتابة، كما حصل للقرآنــدع النــاس إلى كتابتــه فالرسول الكــريم لم يكتب الحــديث، ولم ي في حياته، بل كان همه تبليغ الرسالة كما هي؛ ألنه يعلم أن النص الشرعي اكتمــل مــع القــرآن، وبالتــالي فــإن ظهــور علم الحــديث الحقــا لم يكن ألســباب دينيــة، وإنمــا ألســباب سياســية. وهــذا مــا

ــه: ــرفي في قول ــد الش ــد المجي ده عب ــون»يؤك ــبي أن يك أراد الن القــرآن وحــده النـبراس الــذي يهــدي المســلمين في حياتـه وبعــدــة، وأراد ــة ملزم ــه هــو صــبغة معياري ــه، وأن ال تكــون ألقوال ممات المسلمون غــير ذلــك، بــل عكســه، أو قــل: إن جــدة األمــر الــذي دعاهم إليه، وعدم تهيئتهم لتحمل المســؤولية الجســيمة المترتبــة على اجتهـــــــاداتهم في تنظيم حيـــــــاتهم، حـــــــال بينهم وبين

.(269)«االستجابةــة إلى لقد حدث التحول بعد وفاة الرسول من الســنة اإللهيــنيهوم مــؤامرة على ســنة ــبره ال الســنة الرســولية. وهــو مــا اعت القــرآن، وخصوصــا أن علم الحــديث أصــبح يحمــل الكثــير من األحاديث التي تخدم نظــام الحكم، وتحديــدا نظــام الحكم األمــوي آنذاك، حتى أصبحت السنة هي الحق اإللهي المقدس في الحكم،

ــد. ــورث الســلطة ألح ــات ولم ي ــريم م ــع أن الرســول الك إن»م الرسول لم يكتب الحـديث؛ ألنـه كـان يقصـد أن ال يكتبــه. وكــانت رســالته موجهــة أساســا إلى إلغــاء كتب الحــديث، وتحريــر النص المقــدس من أهــواء المؤسســات السياســية، وجمــع النــاس على سنة نافعة واحدة، وهي رسالة أبلغها الرسول حرفيا، واختار حجة الوداع لكي يسمع بشهادة المسلمين على أنفسهم بــأن البالغ قــد

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد100هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الفقه اإلسالمي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية األمور الدنيوية

ــيغة ــل في صـ ــد اكتمـ ــرعي قـ ــامال، وأن النص الشـ ــلهم كـ وصـ .(270)«القرآن

رابعا: انتقاد النيهوم ألحكام الفقه اإلسالمي إن أهم بــل أخطــر مــا يعيبــه الصــادق الــنيهوم على الفقــه اإلسالمي هو تأثره بالفكر اليهــودي والمســيحي؛ ذلــك أن الفقهــاء المسلمين قاموا ـ حسب رأيه ـ بنقل الكثير من العادات واألحكامــالمي، الموجودة في اليهودية والمسيحية وإدراجها في الفقه اإلس جاعلين هذه األحكام من ثوابت اإلسالم، مع أنه في حقيقــة األمــر ال عالقة لها بديننا، ال من قريب وال من بعيد، وخصوصا أنها ليستــه ر الفق ــأث ــنيهوم عن ت ــول الصــادق ال ــا يق ــرآن. وهن من نص الق

إن الفقيــه الــذي يضــع»اإلسالمي بــالتراث اليهــودي والمســيحي: عمامة فوق رأسه، ويلبس جبته الحريرية؛ لكي نعــرف أنــه فقيــه،ل يده من بـاب التـأدب، لم يجــد هـذا الــزي في القــرآن، ولم ونقبه تعلم ز نفســه عن بقيــة المواطــنين. ولكن يطلب منه اللــه أن يميئ الســمعة. فرجــال الــدين في هذه الحيلة من تاريخ الكهنوت سيا؛ لكي يتعــرف عليهم ــا خاصــ مصــر الفرعونيــة كــانوا يلبســون زي اليهودي الورع، ويســارع بتقبيــل أيــديهم عنــدما يجــدهم يطــاردون امرأته من باب المحبة في الله. وقسس الكنيسة المسيحية كانواــاع. ــة الرع يلبسون زيا خاصا؛ لكي يميزهم جباة الضرائب عن بقيا؛ من أجــل ذلــك كله مــرة ــا خاصــ وفقهــاء المســلمين يلبســون زي

.(271)«واحدةــة، ــة الخاطئ يرى النيهوم أن هناك الكثير من األحكام الفقهي والــتي ال عالقــة لهــا باإلســالم، حتى وإن حققت إجمــاع الفقهــاء. لذلك نحن مطالبون اليوم بإعادة تجديد فهمنا للدين، وتجاوز هــذه

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد101هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

ت األحكام التي لم تكن في خدمــة الــدين، بــل تشــويه لــه، وأضــرــيرا بســمعة اإلســالم. وعليه ــراءة »كث ــوم إلى الق ــدعو الي ــا ن فإنن

ــة ــاب والقوام ــات اإلرث والحج ــل الحكيم، وآلي ــرة للتنزي المعاص والتعددية الزوجية، وألحكام الحدود كما جاءت، وللجهــاد والحــربــذب، وأن الماضــين والقتال والغزو، واعين تماما أننــا ســنكفر ونكــا، الـــتي نعرفهـــا كمـــا هم ذاتهـ في دروب اآلبائيـــة ســـيكيلون الت ــا يعرفونها، وسيقيمون الدنيا ويقعدونها، وسينعون أهــواءهم، ال حبـا بامتيــازاتهم، ودفاعــا عن ـ بالحقيقــة وباللــه ورســوله، بــل حب

ومن بين أخطر هذه األحكام هو ما أسماه الصادق.(272)«وجودهم أو الحكم باإلعــدام؛ نتيجــة الــردة عن«قطــع الرقــاب»الــنيهوم بـ

اإلسالم؛ إذ يرى أن هذه الفتوى ال عالقة لها باإلسالم، منطلقا فيــالى: د﴿تبريره لموقفه هذا من قوله تع ال إ�كراه ف�ي الــدين� قــ

ــؤم�ن ر ب�الطاغوت� ويـ ــ ن الغي فمن يكفـ د م� ــ شـ تبين الرا ام لهــ صــ ك ب�ــالعروة� الــوثقى ال انف� د استمســ ب�اللــه� فقــ

يع عل�يم وهــذا مــا يحــدث في بعض.ــ (256 )البقرة: ﴾والله سم�ــريح، الدول اإلسالمية، خصوصا في السعودية، مع أن نص اآلية ص ويرفض إكراه المــرء على الــدين. كمــا أن اإلســالم يــراعي حريــة

ــواع»الفرد في اختيار دينه أو حتى عدم اختيار أي دين: إن أشد أنــديولوجيا اإلكراه في الدين هو إكراه اإلنسان على تبني عقيدة وأي

خلق جوا عاما ضد األصــنام قبــل تحطيمهــاملسو هيلع هللا ىلصال يريدها، والنبيــه لم يــدخل بيت أحــد ليبحث مــاذا يوجــد في األماكن العامة، ولكنــة هي من فيه؟ ولم يكره أحدا على أداء شعائر اإليمان. وهذه اآليــه تعاليم الرسالة المحمدية، وضمان لحرية اإلنسان في اختيار دين

ــة.(273)«وعقيدته ــدا تثبت عالق ــوى تحدي ــذه الفت ــإن ه ــالي ف بالت التواطؤ بين الفقه اإلسالمي ونظــام الحكم السياســي، الــذي رأى

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد102هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الفقه اإلسالمي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية األمور الدنيوية

ــا يقــول الصــادق في الفقــه وســيلة لتحقيــق بعض أغراضــه. وهندا على األصول التوراتية المسيحية للفقــه اإلســالمي النيهوم، مؤك

الواقـع»من جهة، وعلى عالقة الفقيه بالسياسي من جهة أخــرى: أن ما يدعوه الفقهاء المسلمون بـ ]أحكام السنة النبويــة[ هــو في شكله ومحتواه تطــبيق حــرفي ألحكــام التــوراة، يمارســه الحــاكم المسلم والمواطن المسلم على حد سواء، في اســتعراض علــني لمدى التخــريب الـذي لحــق بمفهــوم الــدين، تحت ســتار الحفــاظ

.(274)«على السنة هذا بالنسبة إلى حكم اإلعدام.

ــد رأى أما بالنسبة إلى موقف الفقه اإلسالمي من المرأة فقال في آراء الفقهــاء الصادق النيهوم أن الفكر الديني اإلسالمي ممث وأحكامهم عمل على اضطهاد المرأة. وحاشا الدين اإلســالمي أنده الكثــير من نصــوص القــرآن، يكون مضطهدا لهــا. وهــذا مــا تؤك الـتي تعلي من شــأن المــرأة، وتـدعو إلى الحفـاظ على كرامتهـا،

ــه تعــالى: نــات�﴿ومنه: قول ن�ين والمؤم� والذ�ين يؤذون المــؤم�ــا ــا مب�ين �ثم ــا وإ ــوا بهتان د� احتمل بوا فقــ ــ ــر� مــا اكتس ﴾ب�غي

ا تــرك﴿وأيضا قوله تعالى: ،(58)األحزاب: م يب م� جال� نص� ل�لرــدان� ــرك الوال� ا ت م يب م� الوال�دان� واألقربون ول�لنساء� نصــ�

يبا مفروضــا نه أو كثر نص� ا قل م� م ــاء:﴾واألقربون م� )النس (. وعلى الــرغم من أنــه يقــال: إن المجتمعــات الغربيــة قطعت7

ــك بالضــرورة أن ــة المــرأة فال يعــني ذل أشــواطا في مجــال حريع المــرأة الغربيــة وصــلت إلى أعلى درجــات الحريــة، أو أنهــا تتمت بكامل حقوقها. وإن كانت حققت بعضا منهــا فإنهــا لم تتخلص منــا باهظــا للخالص منــه، من خالل االضــطهاد إال بعــد أن دفعت ثمن

الحروب والثورات لقرون متتالية. ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

103هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

ــلحة إن اضطهاد المرأة في المجتمع اإلسالمي كان في مص ، والــذي هــو الســلطة أو«نظــام اإلقطــاع»مــا أســماه الــنيهوم بـ

النظام الحاكم، مع أن النظام االجتمــاعي بكــل مؤسســاته ســاهم في اضطهادها وتكريس هيمنــة الرجــل عليهــا. وأهم مظــاهر هــذا االضطهاد دعوتها إلى تغطية شعرها، بل حتى تغطية وجهها، مثلما يدعو البعض من الفقهاء، معتبرين وجهها عورة. وهنا اعتمد الفقه

ــه تعــالى: ــات�﴿اإلسالمي في هــذا الحكم على قول ن وقل ل�لمؤم�ــد�ين ار�ه�ن ويحفظن فــروجهن وال يب ــ ن أبص ن م� يغضضــر�بن ب�خمـــر�ه�ن على ا وليضـــ نهـــ ر م� ز�ينتهن إ�ال مـــا ظهـــ

ن (، رغم أن نص القـرآن هنـا لم يـذكر الوجــه31 )النور: ﴾جيوب�ه�ــدر. والشعر، وإنما الجيب، الذي هو ـ حسب النيهوم ـ منطقة الصر إلى نــوع محــدد من اللبــاس، وإنمــا نهى كما أن القــرآن لم يشــ

ج: أمــا لمــاذا»المرأة عن ارتداء اللباس الذي يكون عرضــة للتــبر اختار الفقه اإلسالمي أن يخــالف نص القـرآن، ويتوجــه إلى إلــزام المرأة بتغطية وجهها؟! فـذلك مـرده إلى أن تغطيـة الوجـه تشــل حركة المرأة كليا، وتوقفهــا عن أداء أي عمــل خــارج الــبيت، ممــا

ــة الجارية ــدها إلى خان .(275)«يسلبها حقها في الكسب شرعا، ويعيــل إن وبالتالي فاإلسالم بريء من إذالل المرأة، وسلب حقوقها، ب الفقه اإلسالمي هو من شوه صورة المرأة، وألحق باإلسالم صــفة

ك المــرء»اضــطهاد المــرأة؛ ألنــه من المثــير للســخرية أن يتمســ اليــوم بنظــرة فوقيــة إلى المــرأة جاءتــه من عصــور حكمتهــاــار من مبطالت الذكورية، كانت فيها المرأة والكلب األسود والحمكه هــذا أنــه صالة الرجل. واألكــثر إثــارة للســخرية أن يظن بتمســ

.(276)«يتمسك بالكتاب المنزلــة إن أهم األحكام التي أخذها الفقهاء المســلمون عن الكهن

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد104هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الفقه اإلسالمي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية األمور الدنيوية

، حيث رأى فيه«الختان »اليهود، كما يرى النيهوم، ما تعلق منها بـ الفقهاء أنه شرط ال يستقيم إسالم المرء إال بــه، مــع أنــه ال يوجــد في القرآن نص يتحدث عن ضرورة ختن األطفال. أما الختان فهو وصفة قديمة جدا للعالج من األمراض التناسلية، أخذها اليهود عن

ئل الفقيــه المســلم عن المصــدر»المصــريين القــدامى: ــو ســ ول الشرعي للختان لما وجد أمامه نصا دينيا واحدا يبيح هــذه الفعلــة،

وقال»سوى اإلصحاح السابع عشر من سفر التكوين الذي يقول: الله إلبراهيم: هذا هو عهــدي الــذي تحفظونــه بيــني وبينكم، يختن

. فالنظرية اليهوديــة تقــوم على االعتقــاد بــأن«منكم كل ذكر)...( الختــان هــو القربــان الــذي يقدمــه اليهــود للــدخول في عهــد

وهذا الفعل غير موجود أصــال في المســيحية. أمــا في.(277)«الرب اإلسالم فقد رأى الفقهاء أن في ختان األطفال حفاظا على السنة النبوية الشريفة، وبالتالي فإن ما قام بــه الفقهــاء هــو تمريــر هــذا

الفعل تحت غطاء الدين. ــامهم على ــاء وأحك ــنيهوم على الفقه ــتراض ال ال يتوقف اع مسائل اإلعدام واضطهاد المرأة وختان األطفال، وإنما يتعداه إلى

،«الذبح الشرعي»مسائل كثيرة أخرى، مثل: ما يسميه الفقهاء بـ الذي يرى أنه ال يوجد نص قــرآني حــول طريقــة الــذبح الشــرعي،

هــو طقــوس شــكلية أوردهــا«الذبح الشــرعي»وإنما ما يسمى بـ ــذبح المعاصــرة. ــة ال ــع طريق ــا ال تتناســب م ــرى أنه ــاء. وي الفقهر بهــا فقهــاء وبــالعودة إلى طريقــة الــذبح عنــد اليهــود، وكيــف تـأثــة مــأخوذ من اإلسالم؟ فإننا نجد أن توجيه رأس الذبيحة إلى القبل أن التوراة تشترط توجيه الذبيحة نحو الهيكل. أما قطع الشــرايين فهدفه تفريغ الجســم من الــدم، الــذي تعتقــد التـوراة أنــه الــروح،م أكــل الــدم؛ م أكلــه، مــع أن نص القــرآن أيضــا يحــر وبالتالي تحر

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد105هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

نز�ير�﴿لقوله تعالى: ــ ــدم ولحم الخ� مت عليكم الميتة وال ﴾حرــ (3)المائدة: ــأمر. وهذا ما لم يفهمه فقهاء اإلسالم. فالقرآن لم ي

ولعــل الــدليل على أن مــا»بسفك الدم، وإنما باالمتناع عن أكلــه. هو مجــرد بدعــة فقهيــة مســتعارة من«الذبح الشرعي»يسمى بـ

ل بوضــوح في ذبح الجمــل؛ فتحــريم أكــل الجمــل في اليهــود يتمثــة التوراة ترك الباب مفتوحا أمام المسلمين الختيار أفضــل طريقفقــوا على طعنــه عنــد أســفل العنــق، من دون أي لقتلــه، وقــد ات

.(278)«تفاصيل فقهية يناقش الصادق النيهوم حكما فقهيا آخر شــاع في األوســاط

فهم قد أفتوا بأن كل.«تحريم الصور والتماثيل»الفقهية هو حكم من يرسم صورة إنسان أو حيوان فقــد تعــدى حــدود اللــه. وهــذهــدى المســلمين، ــنيهوم، قــد عطلت الفن ل ــرى ال ــوى، كمــا ي الفتــاحف ــبر المت ــد أن أك ــرون. ففي حين نج ــدة ق ــأخر ع ــه يت وجعلتــان، ر عن اإلنس العالمية تزخر بالكثير من األعمال الفنية، التي تعبــذوق ــا نحن المســلمون بت ــاة بصــفة عامــة، ننظــر إليه وعن الحيم الرسـم والتصـوير. وإعجاب، مع أننا ال نجد نصا قرآنيا واحدا يحر

وفي مــا تزخــر اللوحــات العالميــة باللوحــات»وهنا يقول النيهوم: د مالمح المجتمعــات في جميــع الحضــارات والتماثيــل الــتي تجســ القديمة يضيع وجه الحضــارة اإلســالمية، وتغيب ذاكرتهــا في غبــارر لها سوى الجهل المطلــق، أو التاريخ؛ بسبب فتوى مريبة، ال مبر

ــوء النية ــدرت عن(279)«س ــتي ص ــام ال ــإن أغلب األحك ــذا ف . هك الفقهاء، سواء في القضــايا الســابقة أو غيرهــا، ال تســتند إلى نصر الفقهــاء المســلمين ر عن تــأث ديني صريح؛ وإنما هي من جهة تعبر عن قناعــة الفقيــه بالــديانات األخــرى؛ وهي من جهــة أخــرى تعبــام الحكم ــاكم ونظ ــاء الح ــه إلرض ــة من ــية، أو هي محاول الشخص

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد106هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الفقه اإلسالمي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية األمور الدنيوية

السياسي. وبالتالي جاءت أغلب أحكام الفقــه اإلســالمي في كلتــا الحالتين بعيدة كل البعد عن التعبير عن الرســالة الحقيقــة للــدين

اإلسالمي.

خامسا: الجامع كبديل عن المسجد يرى الصادق النيهوم أن اجتماع المسلمين كــل يــوم جمعــة لم يعد له معــنى؛ وذلــك ألننــا لم نعــد ننــاقش الموضــوعات الــتيرنا تتعلق بحاضــرنا، وإنمــا نكتفي باالســتماع إلى اإلمــام وهــو يــذك بذنوبنا، وهذا راجع إلى أن المواطن المسلم تنازل تماما عن حقه في إبداء رأيه، مع أنه من المفروض أن الجامع ليس مكانا للصالة فقط، بل للحوار أيضا. فقبل اإلسالم كان بيت اللـه مكانـا للصــالة فقط، مثل: المعبد والكنيسة وغيرهما، ولكن لما جاء اإلسالم دعــا

إلى االجتماع في الجامع من أجل التحاور ومناقشــةملسو هيلع هللا ىلصالرسول في»األمور االجتماعية والسياسية. وهنـا يقــول الصــادق الــنيهوم:

الجامع اكتسب بيت الله وظيفة سياسية ألول مرة وآلخر مرة في التاريخ، فلم يعد بيتا مقدســا للصــالة وحــدها، بــل صــار أيضــا بيتــا مقدســـا للحـــوار السياســـي، ونقـــد اإلدارة، وصـــياغة القـــوانين،ــل والمحاسبة والمراجعة دوريا، كل أسبوع ومن دون انقطاع، وقب

كان هذا الجامع مــؤتمرا مفتوحــا رســميا أمــامملسو هيلع هللا ىلصوفاة الرسولــة ــتوى األمـ ــة على مسـ ــوم جمعـ ــل يـ ــد كـ ــواطن، ينعقـ ــل مـ كـ

.(280)«بأسرهاــامع؛ إننا نالحظ اليوم أنه حدث تحول جذري في وظيفة الج إذ لم يعد هناك حوار سياسي، ولم يعد المــواطن المســلم يســمعب الخلفــاء الراشــدين على أخطــائهم، كلمتــه بعــد أن كــان يحاســ كعثمـــان وعلي، وهـــذا عنـــدما كـــان الجـــامع يمـــارس وظيفتـــه

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد107هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

ــذي هــو ــذاك، وال ــان المســؤول السياســي آن السياســية، حيث ك الخليفة، هو من يؤم الناس ويصلي بهم، حتى تتاح فرصــة الحــوار المباشر بينه وبين المواطنين المسلمين. لذلك وجب على الثقافة اإلسالمية أوال أن تدرك الفــرق بين المســجد والجــامع؛ فــإذا كــان

كلمة مشتقة من ســجد؛ ألنــه خلــوة للصــالة؛ فــإن الجــامع»األول مشتق من كلمة جمع؛ ألنه مؤتمر سياسي، مهمته أن يضمن لكل مواطن حق المشاركة شخصيا في اتخــاذ القــرار السياســي. وإذاز اآلن بين المســجد والجــامع فــذلك كانت ثقافتنا اإلســالمية ال تمي أمر مرده إلى أنهــا ثقافــة فقهيــة مســخرة أساســا لتغــييب نظــام

أما إذا أردنا توضيح المعنى الحقيقي للجامع،.(281)«الجامع بالذاتــوم المســجد، والذي عمل الفقه اإلسالمي على تغييبه لصالح مفه

ــا: الجــامع ليس هــو المســجد، وليس مدرســة لتلقين علــوم»قلنــيير اإلدارة ــ ــؤول عن تس ــ ــاز إداري مس ــ ــو جه ــ ــل ه ــ ــدين، ب ــ ال

.(282)«جماعيا لقــد غــاب الحــوار السياســي واالجتمــاعي اليــوم، وإن هــذا التحـــول في وظيفـــة الجـــامع من الحـــوار القـــائم على إشـــراك المواطن إلى االقتصار على الوعظ، واكتفاء المواطن باالســتماع،ب الصــادق دون أن يكون له الحــق في إبــداء رأيــه، راجــع ـــ حســ النيهوم ـ إلى العهد األموي؛ ألن األمويين ســعوا إلى إلغــاء الحــوار في الجامع عندما أرسلوا خطباء وعاظا من أجــل إلقــاء المواعــظ على الناس فقط. وبالتالي حتى لو أن االجتماع ال زال قائمــا فــإن الذي زال هو الحوار. ومنه يقول النيهوم، معقبــا على هــذا الوضــع

ــاع»الجديد: فهذا مواطن اسمه عبد الله يذهب أسبوعيا إلى اجتم في بيت الله؛ لكي يحضر مؤتمرا رسميا على مستوى األمة، لكنه ال يفتح فمه خالل االجتماع، وال يتكلم مع المجتمعين، وال يبوح لهم

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد108هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الفقه اإلسالمي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية األمور الدنيوية

بكلمة، وال يطلب عونهم، وال يعاتبهم، وال يقــول لهم شــيئا، ســوىــترك عملــه لحضــور المــؤتمر، ويغتســل«عليكم الســالم» ــه ي . إن

ويستعد وينطلق إلى الجامع، حــامال في صــدره أكــثر من مأســاة، لكنه ال يفعل شيئا في الجامع نفســه ســوى أن يجلس ســاكتا بين

ــاكتين ــؤالء، (283)«صــفوف من الس ــرغم من أن من بين ه على ال المصلين الساكتين من هو فقير ومن هــو مــريض ومن هــو منبــوذ اجتماعيا، وربما ال يجد ما يأكل، ولــو اســتمع المصــلون إلى هــؤالء جميعا لحلت مشاكلهم، وما بقي بيننا مــريض وال فقــير وال منبــوذ.ــة الــدنيا لكي فهل فعال أن الله دعانا إلى أن نحرم أنفســنا من جن

نحصل على جنة اآلخرة؟! إن الفقه اإلسالمي هو من عطل دور المواطن المسلم في المساهمة في اإلدارة والحكم، وحرمه من إبداء رأيه، عندما جعلــاء ــوم الجمعــة، لق ــاء ي ــو لق ــذي ه ــاء بين المســلمين، وال أهم لق لالستماع فقط، يلتقي فيه المواطنــون لالســتماع والموافقــة دون إبداء الــرأي. فأصــبحت دروس وخطب يــوم الجمعــة إمالءات من الطبقة السياسية يبلغها األئمة والفقهاء لكل المواطنين الذين هم مطالبون بااللتزام بها. أمــام هــذا الوضــع إذا أردنــا التغيــير يقــترح

،«حــزب الجــامع»علينا الصادق النيهوم أن نؤسس حزبا يسميه بـ سيتوجه إلى تغيير لقاء الجمعة من مناسبة للصالة والوعظ»الذي

إلى مؤتمر للديمقراطية المباشرة على مستوى القاعدة، ويمتلــك بذلك أوسع وأفضل برنامج سياسي عرفه العرب طــوال تــاريخهم

حيث يجب على هــذا الحــزب إذا أراد أن ينجح في، (284)«بأســره أداء مهمته أن يتصف بمجموعة من الخصائص، أهمها أنه حــزب الل أي طــرف على يحكم، وإنمــا يــدعو إلى تحكيم األمــة، فال يمث حساب اآلخــر، وإنمــا يكــون هدفــه الجمــع بين كــل األطــراف، وال

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد109هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

ل اإلسالم؛ ألن ما نــأى باإلســالم ل مذهبا فقهيا معينا، وإنما يمث يمث عن بعـده العـالمي هـو حصـره في مــذاهب وأحكـام فقهيـة ثابتـةح تجاوزها الزمن، ولم تعد قادرة على مسايرة الواقع. ولكي يوضــ الـــنيهوم حقيقـــة حـــزب الجـــامع، وضـــرورته في تغيـــير أوضـــاع

إن نظام الجامع ـ مثل نظام األحزاب ـ صــيغة»المسلمين، يقول: إداريــة لتحقيــق ســلطة الجماعــة، ظهــر في تاريخنــا بعــد ســحق المؤسسات العسكرية والدينية في زلزال أكثر قــوة وأكــبر نطاقــاــام ــا. لكن نظ ــرب أوروب ــعوب غ ــته ش ــذي عايش ــزال ال من الزل األحزاب صيغة ال نملك لها دســتورا في ثقافتنــا؛ أمــا الجــامع فهــوــة بينهم، صيغة لها تاريخ نعرفه ودستور بلغة مواطنينــا، بلغــة معلن باعتباره أعز مقدساتهم. إن كل مواطن يعرف في الجــامع معــنى

كذلك فــإن الجــامع، كمــا .(285)«الكالم الذي يقوله اآلن دون معنى يرى النيهوم، هو الحزب الحقيقي الذي ينبغي أن يجمع كــل أفــرادــذي يجب أن يتم ــو الدســتور الحقيقي ال المجتمــع اإلســالمي، وه االتفاق على مواده داخل الجامع بحضور وإشراك كل المســلمين، الذين يجب أن يتكلموا عن أنفسهم بأنفسهم، ال أن يتكلم الفقهاء

باسمهم وباسم الدين. هذا هو نظام الجامع الذي يدعو إليه الصادق النيهوم، الــذي يكون الحكم فيه لله واإلدارة للناس. لكن لألسف إن ثقافتنا اليوم هي ثقافة مسجد، وليست ثقافــة جــامع، أي ثقافــة كالم، وليســت ثقافة عمل، مع أن اإلسالم جاء ليثبت أن كــل فــرد مســؤول عمــا يحدث له انطالقا من أنه حر في قراراتــه وأفعالــه. لــذلك فعنــدما نتحدث عن المسلمين نقول: األمة اإلسالمية؛ ألن األمــة تعــني أن هناك صلة وثيقة بين أفرادها، فكل فرد مســؤول عمــا يحــدث لــهــدي وما يحدث لغيره من المسلمين، حيث ال تكون السلطة في أي

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد110هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الفقه اإلسالمي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية األمور الدنيوية

ــت»المؤسسة السياسية، وال المؤسسة الدينية: فكلمة األمة ليس مجرد كلمة، بل لغة ونظــام في الحكم واإلدارة، يقــوم على ثالثــة

:الشرط األولشــروط عقائديــة، ال تتــوفر في شــريعة أخــرى: «إن الملك لله وحده» ــا ــا إلهي ، فال أحد داخل نظام األمة يملك حق

،«إن كل نفس بما كسبت رهينة»: والشرط الثانيفي الحكم. إن الــدين عنــد اللــه»: والشرط الثــالثفال أحــد يشــفع ألحــد.

، فنظــام األمــة ليس دعــوة لعقيــدة أخــرى، بــل دعــوة«اإلســالم .(286)«الحتواء جميع العقائـد واأللــوان واألنســاب في مجتمـع جديد

ــرار بين أيـــدي النـــاس، فهم ــا القـ ــع دائمـ ــة يضـ ــام األمـ إن نظـــام ــه نظ ــك ألن ــة؛ وذل ــلحتهم العام ــق مص ــؤولون عن تحقي المس السلطة الجماعية التي تمارس عن طريق الشورى المباشرة في الجـــامع. وإن زوال هـــذا النظـــام اليـــوم في مجتمعنـــا المســـلم المعاصر دليل على أن ثقافتنــا أصــبحت ثقافــة نظريــة، ال عمليــة،

بعيدة تماما عن اإلسالم.

سادسا: نقد نقد الصادق النيهوم للفقه اإلسالمي ال يعتبر الموقف النقدي من الفقــه اإلســالمي عنــد الصــادق النيهوم الموقف الوحيد في الفكر العــربي المعاصــر؛ إذ إننــا نجــد الكثير من المواقــف النقديــة األخــرى عنــد المفكرين العــرب، من أمثــال: محمــد شــحرور ومحمــد أركــون وعبــد المجيــد الشــرفي وغيرهم. لكن ما يميز الصادق النيهوم عن هؤالء جميعا هو رفضــهع آلرائه حـول الفقـه اإلسـالمي يبـدو لـه لكل ما هو فقهي. فالمتتب وكأن هذا الفقه دخيل على اإلسالم، وأن الفقهــاء لم يطلعــوا أبــداــدعي أن أغلب أحكــام الفقــه على القرآن، وخصوصا أن النيهوم ي اإلسالمي مستمدة فقط من التراث اليهودي والتراث المســيحي.

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد111هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

ــا ــه لم يكن مطلع ــد ذات ــنيهوم في ح ــا أن ال ــة هن ــع أن المفارق م بالشكل الكافي على الفقــه اإلســالمي، فجــاءت كــل آرائــه عامــة ســطحية، ولم تخض في تفاصــيل الفقــه. فكيــف يمكن لمن لم

يطلع على الفقه اإلسالمي أن ينتقده؟ إن حــال الــنيهوم ال يختلــف كثــيرا عن حــال المستشــرقين ــدا الذين يتخذون مواقف نقدية من الفكر الديني اإلسالمي، وتحدي الفقه اإلسالمي، وهم لم يطلعوا عليه إال اطالعا ســطحيا؛ ألنهم ال تربطهم عالقة مباشرة بالثقافــة العربيــة اإلســالمية. والكالم ذاتــه يقــال هنــا عن الصــادق الــنيهوم، الــذي درس في أوروبــا على يــدــه متنقال بين ــترات حيات ــى أغلب ف ــان، وقض ــرقين األلم المستش

الدول األوروبية تلميذا مجتهدا ينهل من الثقافة العلمانية. إن أكبر وأهم االنتقـادات الـتي وجهت إلى الصـادق الـنيهوم كانت حول موقفه الــذي أرجــع فيــه الفقــه اإلســالمي إلى أصــولرين بأحبـار يهودية، وكأن الفقهـاء المســلمون كــانوا معجـبين متـأث

ــدملسو هيلع هللا ىلصاليهود، متجاهلين قرآنهم وأقوال الرسول . وهنا يقول محم من: اإلمام أحمــد»سعيد رمضان البوطي: وما الدليل على أن كال

ــان، ــة النعم ــافعي، وأبي حنيف ــد بن إدريس الش ــل، ومحم بن حنب ومالك بن أنس، وأتباعهم جميعا، كانوا أقطابا في مدرسة التــوراة وطليعة المعلمين فيها؟ ومن أين لنا أن نعلم ما قد علمه الصادق النيهوم من أن الفتاوى التي كان يصدر عنها هؤالء األئمــة لم تكنــنا س صادرة من القرآن، وإنما من أقوال التوراة. لقد درسنا ثم در ما يمأل قلب كل عربي ومسلم فخرا واعــتزازا بتاريخنــا الحضــاريله هؤالء األساطين من علماء الشريعة في القرنين األعز، الذي مث األول والثاني الهجريين، ومــا رأينــا باحثــا حــرا إال وينغض الــرأس؛

.(287)«إجالال لعلمهم، ثم إكبارا ألمانتهم

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد112هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الفقه اإلسالمي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية األمور الدنيوية

لقد أراد النيهوم أن يحول اإلســالم من شــعائر تربـط الفــرد المسلم بربه إلى مجرد نظــام إداري عنــدما دعــا إلى التحــول من مسؤولية أداء الشــعائر إلى المســؤولية عن أمــور دنيويــة، فـأفرغ بالتالي اإلسالم من محتواه الروحي؛ انطالقا من دعوته إلى تجاوز الفقــه اإلســالمي إلى فقــه الواقــع. ومــا يريــده الصــادق الــنيهوم،

ــديني، ــر ال ــراءات المعاصــرة للفك ن»وأغلب الق ــدي أن يصــبح التيا لقيمهــا، فال رقابــة تقيــد حريــة متجاوبا مع فلسفة الحداثة، ومتبنــات تكلــف، األفراد، وال طقــوس شــعائرية توجه الســلوك، وال غيبين ن المــوروث، واالكتفــاء بالتــدي ر من أسر التدي وعليه ينبغي التحرة الشخصــي، الــذي يترجمــه كــل إنســان في دائــرة حياتــه الخاصــ

هكذا كان تهجم النيهوم عل الفقــه اإلســالمي،.(288)«بحسب هواه ،ملسو هيلع هللا ىلصمتناسيا أن أول ظهور لهذا الفقه كان مــع شــخص الرســول

ر ــدب ــير من األحــاديث إلى ت ــا المســلمين في الكث ــذي دع ــو ال وهــل: ــو القائ ــه، وه ــه وأفعال ــداء بأقوال ــرآن، وإلى االقت عليكم»الق

. فلــوال(289)«بسنتي وسنة الخلفاء الراشــدين المهــديين من بعــدي المجهود الذي بذله فقهاء وعلمـاء األمـة في الحفــاظ على السـنة

،ملسو هيلع هللا ىلصالنبوية الشريفة وجمع األحاديث لما وصلنا شيء من أقواله وهو رســول اللــه إلينــا وإلى النــاس أجمعين. لــذلك يجب أن يعلم الصادق النيهوم وغيره، من منتقدي الفقــه اإلســالمي والرافضــين

الفضــل»اعتبار السنة النبوية من مصادر التشــريع اإلســالمي، أن ع األعظم، رائــد األول في تأســيس علم الفقــه يرجــع إلى المشــر

، فهــو من أقــامملسو هيلع هللا ىلصالحركة العلميــة في األرض، الرســول محمدــع مظــاهر الســمو ــل بجمي ــذا النظــام العلمي المتطــور، الحاف ه

.(290)«واالرتقاءــل؛ ألن االهتمــام الكبــير من طــرف إن رفض السنة أمر جل

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد113هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

الفقهــاء بالســنة ال يرجــع، كمــا يعتقــد الــنيهوم، إلى اعتبــارهم أن السنة وحي، وإنما لكونهــا أقــواال صــدرت عن الرســول. فأهميتهــا ترتبط بمكانة الرسول عند اللــه وعنــد المســلمين. وبالتــالي فــإن

إبعاد السنة والتشكيك في مكانتها في التشريع اإلسالمي مسألة» ــا ــرا ممكن ــريم أم ــالقرآن الك ــبح التالعب ب ــدها يص ــيرة، فبع خط

ــة. (291)«ويسيرا أما تبرير ظهور علم الحديث فذلك راجع إلى حاج المسلمين لالستفادة منه في أخذ الكثير من األحكام التي ال توجد صراحة في نص القـرآن. ولكن رغم ذلـك كــان الفقهــاء على علم ودراية بضرورة تحصين هذا العلم، بالتحقق من مصــادر الحــديث، والتمييز بين الصحيح والضعيف منها؛ ألنهم يــدركون أن مســؤولية

نة. وعليــه ــد من الوصــل»إصدار األحكام الفقهية ليست بالهي فال ب بين الفقـه والحـديث النبـوي. فممـا ال جــدال فيـه أن معظم أدلـة الفقه من السنة؛ فإن آيات األحكــام في القــرآن قليلــة محــدودة، وجل استدالل الفقهاء إنما هو باألحــاديث)...(. وهــذا يــوجب علينــا االهتمام بعلم الحديث رواية ودرايــة، ومراجعــة أدلــة األحكــام في ضوء علوم الحــديث الكثــيرة، مثــل: علم الجــرح والتعــديل، وعلم الرجــال، وعلم علــل الحــديث، وعلم مختلــف الحــديث، والناســخ

.(292)«والمنسوخ منه، إلخ هكذا، فقد قدم الــنيهوم قــراءة علمانيــة لإلســالم، من خالل تأكيده على أن الفقهــاء أخطــأوا عنــدما ربطــوا اإلســالم بــاآلخرة،ــاع ــوتهم إلى اتب ــدنيا، وأيضــا من خالل دع ــط بال ــه ال يرتب ورأوا أنــة. فوصــل األمــر بــالنيهوم إلى حــد الشعائر من أجــل الفــوز بالجنر عن حقيقة اإلســالم. وإن اعتبار أن أركان اإلسالم الخمسة ال تعبدين هذا االفتراء هــو مــا اعــترض عليــه الفقهــاء المعاصــرون، مؤك

أن الذي يقرأ كتاب اللــه وســنة رســوله يجــد في نصوصــها»على

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد114هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الفقه اإلسالمي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية األمور الدنيوية

ارتباط األحكام بالمعاني والعلــل في مئــات من المواضــع. وحــتىدية نفسها لم تخل من هذا التعليل، الذي هــو مظهــر الشعائر التعب

«تنهى عن الفحشــاء والمنكر»حكمة الله في ما شــرع. فالصــالة ، والحج«الصيام لعلكم تتقــون»، و«الزكاة تطهرهم وتزكيهم بها»و . وقد أخذ الراسـخون من«ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله»

علماء األمة، من أمثال: الغــزالي، وابن عبـد الســالم، وابن تيميـة،م، والشاطبي، وغيرهم، من اســتقراء األحكــام الجزئيــة، وابن القي وتعليالتهــا الــتي ثبتت بنصــوص الكتــاب والســنة، أن الشــريعة مــاــرور جاءت إال إلقامة مصالح العباد في المعاش والمعاد ودفع الش

.(293)«والمفاسد عنهم. وهذا ما ال ريب فيه أما بالنسبة إلى نقــد الــنيهوم لموقــف الفقهــاء من المــرأة،د على واعتبــاره أن الفقــه اإلســالمي قــد أهــان المــرأة عنــدما أك ضرورة ارتدائها الحجاب وسترها لوجههــا؛ حيث اعتــبر الــنيهوم أن هذا الحكم تعد على حقوق المرأة، وإقصــاء لهــا من أداء وظيفتهــا في المجتمع، فقد كان موقف النيهوم هذا محل اعتراض من كثير من الفقهــاء؛ إذ نجــد مثال محمــد ســعيد رمضــان البــوطي يقــول،

فهل لي أن أعود وأسال الصادق النيهوم»منتقدا لفهمه الخاطئ: ــاب ــه الحج ــذي فرض ــوت ال ــذا الم ــاريخي له ــداق ت عن أي مص اإلسالمي على المرأة، ثم عن العالقــة اللزوميــة بين ثيــاب العفــة

.(294)«والستر والتخلف العلمي واالجتماعي؟ وهنا أيضا نجد موقفادا في آخر ينفي تماما إمكانية احتقار الفقه اإلسالمي للمرأة، مؤكم المـرأة مثــل: الـدين الــوقت ذاتـه على أنـه ليس هنــاك دين كــرعت كــل األحكــام الفقهيــة إلى إثباتــه في اإلســالمي. وهــذا مــا ســ

ــه ــك أن لمــا من اللــه على البشــرية بعبــده ورســوله»الواقــع؛ ذل أنقذ المرأة من واقعها المريــر، وأضــفى عليهــا جميــعملسو هيلع هللا ىلصمحمد

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد115هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

ألــوان التبجيــل والتكــريم، وســاوى بينهــا وبين الرجــل في معظم الحقوق، فمنحها حق التملك، وحق التصرف في أموالها، من دون إذن زوجها وأبيهــا، وحــق اإلرث، وأشــاد بمكانتهــا ومنزلتهــا، ونعىــة في أي ــا كامل ــل المــرأة حقوقه ــذين يحتقرونهــا، ولم تن على الــوق قانون أو نظام اجتماعي ـ قديما وحديثا ـ مثل ما نالته من حق

.(295)«في التشريع اإلسالمي عطفا على ما سبق ذكره، يتــبين لنــا أن النقــد الــذي وجهــهــه الصادق النيهوم للفقه اإلسالمي نقد هدام، ال بناء. كما أن موقف ــق من علم واه ال يقوم على حجة دامغة. باإلضافة إلى أنه ال ينطلــة ــه الحقيقي ودراية. بل كان النيهوم جاهال بالفقه اإلسالمي وعالقت باإلســالم. وهــو إذ أراد أن يثبت أن الفقــه اإلســالمي انحــرف عن رسالة اإلسالم فإن النيهوم هو من شوه مفهــوم اإلســالم والفقــه اإلسالمي معا. وبالتالي فإن موقفــه من الفقــه اإلســالمي لم يكن في خدمة اإلسالم، وال في خدمة المــواطن المســلم، كمــا ادعى،

وإنما كان خدمة للمواقف العلمانية المعادية لإلسالم.

خاتمة فاتــه أن يــبين أن لقــد حــاول الصــادق الــنيهوم في كــل مؤل المجتمع العربي المســلم أصــبح يعيش حالــة من العمى الفكــري،ــره وســلوكه؛ حيث رأى أن ل في التنــاقض الصــارخ بين فك يتمثم هـو الفقـه اإلسـالمي. ب الرئيس في هــذا الوضـع المتـأز المتسب وقــد أراد الــنيهوم فضــح عالقــة التواطــؤ بين الفقهــاء والساســة، فوجه كل انتقاداته إلى الفقهاء، متهما إياهم بأنهم ســرقوا الــدين، وهم من أوجــدوا األنظمــة اإلقطاعيــة في بالد اإلســالم، فســاهموا بالتالي في سلب المواطن المسلم كل حقوقه، وحرمــوه من أداء

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد116هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الفقه اإلسالمي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية األمور الدنيوية

مسؤوليته تجاه نفسه وتجاه مجتمعه. ز موقف النيهوم من عالقة الدين باإلنســان هــو إن الذي يمي تأكيده على ضرورة ربط الفقه اإلســالمي بــاألمور الدنيويـة، الــتيــه معيشــة كريمــة، ــراعي تحقيــق مصــلحة اإلنســان، وتضــمن ل ت معترضــا بالتــالي على الفقــه اإلســالمي التقليــدي، الــذي رأى أنــه أخطـأ في فهم الــدين عنـدما ربطـه بـأمور أخرويـة فقـط، ملزمــا بالتالي اإلنسان المسلم بــأداء شــعائر محــددة ليس لهــا ثــواب إال

الجنة. لقد تبين للنيهوم أن من أهم مظاهر سيطرة السياسة على الدين هو أن المواطن وحده من يطبق قوانين الشريعة، وال يكون له أي دخل في اختيار حكامه وحكومته، وهذا ما أفرز تاريخيا قيام .سلطة الحاكم، وسقوط حكومة النــاس الــتي دعــا إليهــا اإلســالم

كما أن العبـادة الحقيقيـة ليســت في الشـعائر الـتي يـدعونا إليهــا الفقهاء، وإنما في تحقيق العدل والسالم والمصــلحة العامــة، ولن

، الذي تكون«حزب الجامع»تتأتى هذه النتائج العملية إال بتأسيس مهمته األولى تحويل يوم الجمعة من موعد للصالة فقط إلى لقاءــدعونا ــالي ي ــراطي بين المواطــنين المســلمين. وبالت ــوار ديمق ح الــنيهوم إلى ديمقراطيــة اجتماعيــة جديــدة تبــدأ من الجــامع، مــع ضــرورة تحقيــق شــرط مهم، أال وهــو تحريــر الجــامع من ســلطة الفقيــه؛ ألن المنعــرج الخطــير الــذي حــدث في تــاريخ الفكــر اإلســالمي هــو عنــدما ســلب الفقيــه المــواطن المســلم حقه في

الحوار، وأعطى لنفسه دون غيره حق التكلم. يبــدو لنــا أن موقــف الصــادق الــنيهوم من الفقــه اإلســالميره الشديد بالحداثة الغربية، ونمط الحيــاة فيهــا، حتى راجع إلى تأث

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد117هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

جعلتــه تجربــة الدراســة والعيش في أوروبــا ينظــر إلى الشــعوبر شــيئا. هــذا فــة، وال تعــرف من التحضــ المســلمة على أنهــا متخل ناهيــك عن أن نقــده للفقــه اإلســالمي لم يكن من منطلــق درايــةــل؛ إذ إنــه لم يكن واطالع، وإنما نظر إلى الفقــه اإلســالمي من ع متخصصا في الفقه اإلسالمي، وهــذا مــا جعــل من نقــده لــه نقــدا

هداما، ال بناء.

الهوامش

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد118هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقالنية أو عدم عقالنية التعبد الديني، تقييم نقدي ألدلة مصطفى ملكيان•

د الديني عقالنية أو عدم عقالنية التعبتقييم نقدي ألدلة مصطفى ملكيان

*(*()د. آرش جمشيد پور

ترجمة: وسيم حيدر

ن، واالرتبـــاط بين اإليمـــان» إن العالقـــة بين التعقل والتـــديل ـ من وجهة نظــري ـ د واالستدالل، تمث والعقل، والصلة بين التعب

. (296)«أهم مشاكلنا

مصطفى ملكيان ج مصطفى ملكيان عبر خمس مراحل فكرية. فطبقا لقد تدر

ل إلى1380لما قاله بنفسه: إنه منذ عام ــ هـ.ش فما بعد قد توصــة( ــة والمعنوي ــ )العقالني ــه بـ ر عن ــا يعب ــواره(297)م ــدأ مش ، حيث ب

ــديني ــوير ال الفكري من األصولية اإلسالمية، ثم التقليدية، إلى التن )أو التجديد اإلسالمي(، والوجودية اإللهية، ليصل إلى ما هــو عليــه اآلن، حيث أقام على نحو مؤقت في المرحلة الخامسة، التي هي

. إن من األسئلة الهامة حول انتقال )ملكيان((298)من بنات أفكاره من هــذه المراحــل الفكريـة هــو الســؤال القائــل: مــا الــذي أزعج

، ودفعه ـ بمعزل عن المرحلة الرابعة«التنوير الديني»ملكيان من . إن(299)؟«العقالنيــة المعنوية» ـ نحــو مشــروع «الوجودية اإللهية»

اإلجابة عن هذا السؤال هو ما يــدعوه الــدكتور مصــطفى ملكيــان أن»بعدم التناغم بين التعبد الــديني وبين العقالنيـة. يـرى ملكيـان

الغربية من جامعة الشهيد بهشتي. أستاذ جامعي، حائز على شهادة الدكتوراه في الفلسفة)*(*( ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

119هـ1439م ـ 2018شتاء

آرش جمشيد پور• د.

ــة ال قوام التنوير بالعقالنية، وقوام التدين بالتعبد، والتعبد والعقالنيــوع من ــديني ينطــوي على ن ــوير ال ــإن التن ــالي ف ــان، وبالت يتناغم

ــد الــديني(300)«التناقض الداخلي . إن مسألة عدم التناغم بين التعبــة ــروع العقالني ــة في مش ــاث الرئيس ــد األبح ــد أح ــة تع والعقالني والمعنوية، واستدعت إجابات من قبل تيارين في منظومــة الفكــر

. وفي(301)الديني، وهما: تيار الحوزة العلمية؛ وتيار التنــوير الــدينيــه. هذا المقال سنبحث في مدعى الدكتور مصطفى ملكيان، وأدلت والنتيجة التي سوف نصل إليها هي أن األدلة التي يسوقها ملكيان على إثبات عدم عقالنية التعبد الديني غــير قاطعــة. ومن الواضــح أني ال أرد مدعى ملكيان، غاية ما هنالــك أني ال أرى كفايــة األدلــة التي يسوقها على هذا المــدعى. وعلى هــذا األســاس فــإني أبقيــة ــديني والعقالني ـد ال ـ ــاغم بين التعب ــدم التن ــألة ع ــاب في مس الب مفتوحا، وأكتفي بتقـييم وانتقـاد أدلــة ملكيـان فقـط. والمــراد من

هنا ليس مجرد بيان مواطن اإلشــكال في رأي الــدكتور«االنتقاد» ملكيان فقط، بل سنعمل في الوقت نفسه على بيان نقاط القوة

في أبحاثه أيضا. ومن الضروري قبل كل شيء التذكير بهذه النقطة، وهي أنــد الــديني الدكتور ملكيان قد ذكــر مســألة عــدم التنــاغم بين التعب والعقالنية في مواضــع متعــددة. وقــد ورد ذكــر هــذه المســألة فيفاته ومحاوراتــه وكلماتــه ومقترحاتــه وندواتــه طيف واسع من مؤلــدين ــاحثين والناق ــر على الب ــد األم ت يعق ــذا التشــت ودروســه. وه ألفكاره. ولســت أدعي أني قــرأت جميــع األمــور المرتبطــة بهــذهــطفى ــة من كتب مصـ ــراءة خمسـ ــا اكتفيت بقـ ــألة، وإنمـ المسـ

، وبعض كلماته والحــوارات الــتي أجــريت معــه في مــا(302)ملكيان يتعلق بمسألة التعبد والعقالنية. وعليه فإن التفســير الــذي أقدمــه

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد120هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقالنية أو عدم عقالنية التعبد الديني، تقييم نقدي ألدلة مصطفى ملكيان•

عن موقف الدكتور مصطفى ملكيان يقــوم على ثالث مجموعــاتــا في فاته، وهي: الكتب، والحوارات، والكلمات التي ألقاه من مؤل

. (303)األوساط العامة في البداية يجب أن نعمل على تقرير مدعى ملكيان. ويجــدر بنا أن نميز هنا بين مسألتين؛ إذ قد يتم الخلط بينهما، األمر الــذيــان من حين ب ببعض الغموض واإلبهام. يتحدث الدكتور ملكي يتسب

. ويبـدو أن(304)آلخر عن مسألة إثبات )الحجيـة المعرفيـة للـوحي( مراد الدكتور مصطفى ملكيان هو: هــل المســائل المطروحــة في النصوص المقدسة تقدم لنا معرفـة عن عـالم الواقـع أم ال؟ يـرى

تضــع بين»ملكيان أن الحس والعقل والشهود والعلــوم التاريخيــة . في حين أن ســؤال مصــطفى(305)«أيدينا معرفة عن عالم الواقع

هـل يقــدم الـوحي لنـا صـورة معرفيـة عن عـالم»ملكيان يقــول: الواقع؟ إذ لربما عرضـنا الــوحي إلى الــوهم، ولربمــا دفـع بنــا إلى

.(306)«مجرد الخياالت واألوهــام، وال يقربنــا من الوقــائع قيــد أنملة نوع من»يذهب الدكتور مصطفى ملكيان إلى االعتقاد بأن الوحي

. وعليـه يمكن طـرح(307)، وأنه من أقسام التجربة الدينية«الشهود تساؤل الدكتور ملكيــان على النحــو التــالي: هــل تحظى التجــارب العرفانيــة أو التجــارب الدينيــة أو التجــارب القائمــة على الكشــف والشهود باالعتبار المعرفي؟ وهنا يوجد غمــوض؛ إذ يمكن تفســير هذا التساؤل على شــكلين. وعلى أســاس أحــد التفســيرين يمكن بيان السؤال األول على النحو التــالي: هــل يحظى هــذا النــوع من التجارب باالعتبار المعرفي لدى أصحاب هذه التجارب أنفسهم أم ال؟ بمعنى: هل يحق لألنبياء والعرفاء ـ من الناحية المعرفيــة ـــ أن يعتمدوا على تجاربهم الدينية ــ العرفانيـة، واعتبـار هـذه التجـارب مخبرة عن الواقـع؟ وهــذا السـؤال يرتبــط بمجــال فلســفة الــدين

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد121هـ1439م ـ 2018شتاء

آرش جمشيد پور• د.

وفلســفة العرفــان. وعلى أســاس التفســير اآلخــر يقــول الســؤال الثاني: هل تكون تجارب األنبياء والعرفــاء حجــة على اآلخــرين أم ال؟ أرى أن هذين السؤالين مختلفان. فعنــدما نســأل عن عقالنيــةــاء التعبد الديني ال يكون سؤالنا عما إذا كانت التجربة الدينية لألنبي معتبرة بالنسبة إليهم أنفسهم أم ال؟ وإنما السؤال يقــول: هب أنــة، ولكن األنبياء كانوا على حق في اعتمادهم على تجــاربهم الديني هل يحق لآلخــرين، الــذين لم يعيشـوا هـذه التجـارب، أن يعتمـدواــوى ــوا بمحت ــ، ويؤمن ــة ـ ــة المعرفي ــ من الناحي ــاء ـ على كالم األنبي كشــفهم وشــهودهم؟ وعلى الــرغم من ارتبــاط هــذين الســؤالينــه يمكن القــول بوجــود الفــرق بينهمــا. وإن الــدكتور ببعضــهما فإن

ــد أن جــل أبحاثــه(308)ملكيان يطرح هــذا الســؤال األول أحيانــا ، بي تدور حول محور السؤال الثــاني. وأنــا في هــذا المقــال أبحث فيــارة بعض ــال بإث ــة المق ــاني، وســوف أكتفي في نهاي الســؤال الث

المسائل حول السؤال األول. د الـديني؟ إن»ما هو سبب عدم انســجام العقالنيـة مـع التعب

د د؛ وعليــه فــإن التعب ن بالتعب قوام التنوير بالعقالنيــة، وقــوام التــدي والعقالنية ال يتناغمــان... إن العقالنيــة تقتضـي أنـني إذا ادعيت أن )أ( هي )ب(، وطالبني شخص بالدليل، قلت: إن )أ( هي )ب(؛ ألن

د فهــو أن أقــول:«)أ( هي )ج(، و)ج( هي )ب( . أمــا مقتضــى التعب . ومن الواضــح«إن )أ( هي )ب(؛ ألن فالنا قــال: إن )أ( هي )ب(»

أن هذين النمطين من االستدالل ال يتطابقان مع بعضهما، فإنــك ال تستطيع أن تدين بدين إال إذا كنت تــؤمن مطلقــا بكالم شــخص أو

. لقــد(309)«أشــخاص أسســوا لــذلك الــدين، أو كــانوا من أئمتهــد الــديني»استعملت في هــذا المقــال عبــارة في أكــثر من«التعب

يـأتي من بـاب«التعبد» بعــد «الــديني»موضع. وإن ذكــري لصــفة

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد122هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقالنية أو عدم عقالنية التعبد الديني، تقييم نقدي ألدلة مصطفى ملكيان•

في غير الدائرة الدينية أيضا. وسوف«التعبد»إمكان الحديث عن ــد في ــد في مجــال العقائــد الدينيـة يشــبه التعب نـرى أن بنيــة التعبــذي المجاالت غير الدينية في الكثير من الجهات. وهذا األمر هو ال يزيــد من اســتعار جــذوة النقــاش بين الــدكتور مصــطفى ملكيــان

والمخالفين له. ما الذي يمكن لنا قوله في مــورد نقــل الكالم المتقــدم؟ من الواضح أن الدكتور ملكيان يســتعمل العقالنيــة بمعــنى المعياريــة. ومن هنا يندرج بحثه في دائرة أخالق المعتقد. وطبقا لتعاليم هــذه الــدائرة علينــا أن نــراعي سلســلة من األصــول والقواعــد في مــا يتعلق بفعــل اإليمــان النفســاني. إن أخالق المعتقــد تفــرض علينــا وظائف وتكاليف معرفية، ومن بين تلــك الوظــائف أن ال نقبــل أي عقيدة من دون دليل، أو بعبــارة أخــرى ـــ ربمــا كــانت أقــل إثــارةــدو من ــل. يب للجدل ـ: أن ال نقبل بأي أمر غير بديهي من دون دلي كالم مصطفى ملكيان المتقدم أنه يرى أن اإليمان بشيء بال دليل فعل غير أخالقي، بمعنى أن القبول بمعتقد من دون دليل عمل الــد أخالقي، تماما كما هو الكذب بوصفه فعال غير أخالقي. وهنــا ال ب

من دراسة مسألتين: ـدالمســألة األولى ــ : هـــل قـــوام التـــدين يكمن في التعب

حقيقة؟ واإلجابة عن هذا السؤال رهن بماهيــة المتــدينين المــأخوذين بنظر االعتبار. فلو أخذنا عرفاء المسلمين بنظــر االعتبــار ربمــا لم يكن للحديث عن التعبد محل من اإلعراب؛ إذ يدعي العرفــاء أنهم من خالل اتباعهم لتعاليم النبي توصلوا إلى تجارب روحية مماثلة، وأنهم قد عاشــوا تجربــة التعــاليم القرآنيــة بأنفســهم. وربمــا قــال شــخص: إن العرفــاء في الحــد األدنى قــد قبلــوا كالم األنبيــاء في

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد123هـ1439م ـ 2018شتاء

آرش جمشيد پور• د.

بدايـــة األمـــر من دون دليـــل، ثم حصـــلوا على تلـــك المقامـــاتوالتجارب الحقا.

وعلى الرغم من صحة هذا الكالم، ال يمكن اعتبــار مثــل هــذا اإليمان عمال غير عقالئي؛ ألننا نرى مــا يماثلــه في غــير المجــاالت الدينيــة أيضــا. فعلى ســبيل المثــال: إن الــذين يمارســون عمليــة التحقيق في العلوم التجريبية والطبيعية يؤمنــون في بدايــة األمــر بالكثير من المعطيات والمعلومــات الــتي يأخــذونها من أســاتذتهم

. كما أن الدكتور مصطفى ملكيان نفسه يذعن(310)أخذ المسلمات ال تعني عــدم التعلم من اآلخــرين، وعــدم الجلــوس»بأن العقالنية

بين يــدي األســاتذة؛ لالســتفادة منهم، وعــدم االســتعانة بتجــارب . ومن(311)«اآلخرين، أو عدم االهتمــام بمعطيـات العلـوم البشــرية

ــرى ــان ن ناحية أخرى لو نظرنا إلى عامة المتدينين عبر تاريخ األدي أنهم قد آمنوا بكالم األنبيــاء بشــكل مطلــق، دون أن يتوصــلوا إلى تجارب مماثلة، وبقوا على إيمــانهم النظــري بتعــاليم األنبيــاء حتى آخــر لحظــة من حيــاتهم. فمــا الــذي يمكن أن نســتنتجه من هــذا البحث؟ إن النتيجــة الــتي أصــل إليهــا هي أن البنيــة التعبديــة فيــد في غــير العقائــد العقائد الدينيــة ال تختلــف كثــيرا عن بنيــة التعب الدينيــة. أجــل، إن العرفــاء في بدايــة ســيرهم وســلوكهم يقبلــونــد ـــ كمــا ــد أن هــذا الســنخ من التعب بالتعبد بكلمات أئمة الدين، بي

أسلفنا ـ موجود حتى في غير مجاالت الدين، مثل: العلم، أيضا. : لو افترضنا أن قــوام الــدين بالنســبة إلىالمسألة الثانية

ــه ليس جميع المتدينين في الحقيقة والواقع إنما يكون بالتعبد، وأنــهود ــف والش ــة الكش ــول إلى مرحل ــه الوص ــدين يمكن ــاك مت هن الشخصي أبدا، فالسؤال الذي يطرح نفسـه في هــذا المقـام هـو:ــل على هل التعبد منحصر بمجال العقائد الدينية فقط؟ وهل نحص

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد124هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقالنية أو عدم عقالنية التعبد الديني، تقييم نقدي ألدلة مصطفى ملكيان•

ــدد من ــخص أو ع ـد بكالم ش ـ ــاس التعب ــة على أس ــدنا الديني عقائ األشخاص اآلخرين؟ وهل أن مخزون العقائــد والمتبنيــات العلميــة والتاريخية والرياضية والفلسفية وما إلى ذلك من العلــوم األخــرى هي بأجمعها حصيلة التحقيق والدراسات الشخصية لنــا؟ هــذه هي المسألة التي تدور حولها عامة أبحاث الــدكتور مصــطفى ملكيــان

ما من المنتسبين إلى الحوزة العلمية. ومخالفيه، وال سي وحقيقة األمــر هي أننــا نحصــل على الكثــير من عقائــدنا من طريــق الشــهود، ويصــطلح علمــاء المعرفــة على هــذا النــوع من

. والنقطــة الهامــة(312)«المعرفة من طريــق الشــهادة»المعرفة بـ في البين هي أن المعرفة من طريـق الشــهادة إذا اقـترنت ببعض القيود ستكون مبررة من الناحية المعرفية، وال يمكن من الناحيــة األخالقية مؤاخذة شخص على ما يــؤمن بــه من طريــق الشــهادة.ــبرره يجب في فإذا قبلنا بأن التعبد في غير المجال الديني له ما ي مثل هذه الحالة إعادة النظر في حكم أخالق اإليمان الذي ذكرناه ــدا عمال سابقا. إن أخالق اإليمان ال ترى في القبــول بالمــدعى تعب ــد عمال غير أخالقي. فإذا لم نعتبر قبول العقائــد على أســاس التعب غير أخالقي أمكن للمتدين أن يــدعي أن اعتمــاده على كالم أئمــة

الدين هو من سنخ الرجوع إلى المتخصص. إن الدكتور مصطفى ملكيان مدرك لهذه المسألة، وقال في

...إن على الشخص في المجــاالت األخــرى، غــير مجــال»تأييدها: ين في تخصصه، أن يتخذ موقف المتعبد في حضرة جميع المختصــ

. وعليــه يمكن لنــا أن نتســاءل )كمــا تســاءل(313)«تلــك المجــاالتــد»ملكيان نفســه ذات الســؤال(: كيــف نقــول من جهــة: إن التعب

بالنسبة إلى اإلنسان العصري يعــد عمال غــير مقبــول، ونقــول في الوقت نفسه: إن ضرورات تطور العلوم تلزمنا بأن نتعبد بالرجوع

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد125هـ1439م ـ 2018شتاء

آرش جمشيد پور• د.

.(314)«إلى المتخصص؟ يمكن لنا أن نحدس جواب الدكتور ملكيان عن هــذا الســؤال

ر؛»على النحو التالي: ص هــو رجــوع مــبر إن الرجوع إلى المتخصــ : إن األمــر الــذي يــبيحالطريق األولوذلك ألحد الطرق التالية:

ص. ص هـو عـرف أصـحاب ذلـك التخصـ لنـا الرجـوع إلى المتخصـ فعندما يجمع كافة علماء الفيزياء على اعتبــار أنشــتاين عالمــا فيــد مجال الفيزياء فإننا إذا رجعنا إليه بدورنا إنما نكون في الواقع ق رجعنا إلى إجماع علماء الفيزياء الذين يعتبرون أنشــتاين فيزيائيــا. يوجد هنــا نــوع من االتجــاه العــام، واالتجــاه العــام في الكثــير من

:والطريــق الثــانيالموارد ـ ومنها: هذا المورد ـ يبدو مجديا.... ن...؛ وذلــك ألنــه أن نرجــع أحيانــا إلى عــالم في مجــال علمي معي أثبت في مقام العمل أن كل ما قـام بـه على أسـاس علمـه كـانـد ـ موفقا وناجحا.... وفي هذا الرجوع ليس لدينا تجربة شخصية، بيع بخــبرة شخصــية أن تجارب اآلخرين تثبت أن هــذا الشــخص يتمت

: أن نرجع إلى شخص دون أنالطريق الثالثاستثنائية.... وأما ره، ولكننا بعد هذا الرجوع يكون لرجوعنا في الوهلة األولى ما يبر

را . وعلى هــذا(315)«األولي ندرك أن رجوعنا إليه كان موفقـا ومــبرص في غــير العقائــد الدينيــة األســاس فــإن للرجــوع إلى المتخصــ

شروطا ال تتوفر في مجال التعبد الديني. فهل األمر كذلك حقا؟

لنبدأ قبــل كــل شــيء من الطريــق األول. إننــا نــؤمن بــاآلراءــاء ــائر علم ــتاين(؛ ألن س ــرت أنش ــ )ألب ــة لـ ــات الفيزيائي والنظري الفيزيــاء يعــترفون بأنــه مرجــع بــارز في علم الفيزيــاء. وعليــه أالــدوا بكالم أئمــة يمكن للمتدينين العاديين أن يقولــوا: إنهم إنمــا تعبــرين قــد اعــترفوا الدين؛ ألن الكثير من العرفاء والفالسفة والمفك

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد126هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقالنية أو عدم عقالنية التعبد الديني، تقييم نقدي ألدلة مصطفى ملكيان•

بأن هؤالء األئمة في الدين يمثلون مرجعية هامة وبارزة في مجال ــا األمور الروحانية؟ يمكن لنا أن نأخذ ـ على سبيل المثال ـ شخصد بكالم النــبي؛ ألنـه وجــد الكثـير من أصـحاب البصــائر مسلما يتعب الثاقبة، من أمثال: موالنا جالل الدين الرومي، ومحــيي الــدين ابن عربي، وصدر المتــألهين، وشــيخ اإلشــراق الســهروردي، ومنصــور الحالج، وبايزيــد البســطامي، وعين القضــاة، والكثــير غــيرهم، قــد اعتبروه مرجعا موثوقا، ويعترفون بقدره وقيمته، أو صــحة كشــفه وشهوده. فهل هناك بين هذين السنخين من اإليمان بكالم ألــبرت أنشتاين والنبي فجوة ال يمكن سدها؟ وما هو الفرق بين أن نؤمنــه، وبين اإليمــان ــائيين ب بكالم أنشــتاين، اعتمــادا على ثقــة الفيزي بكالم النــبي، اعتمــادا على ثقــة هــذا العــدد الكبــير من الفالســفة

والمتكلمين والمفكرين به؟ ولو قــال شــخص: ليس جميــع العرفــاء في التــاريخ يؤمنــون بشأن ومنزلة النبي األكرم، قلنا له في المقابل: وهل جميع علماء الفيزيـاء يؤمنـون بجميـع آراء ونظريـات ألـبرت أنشـتاين في علم الفيزياء؟! يضاف إلى ذلك أننا إذا رجعنا إلى العلوم األخــرى ـــ والما العلوم اإلنسانية ـ سوف نجــد أن دائــرة االختالف والتفــاوت سي بين التعبد في الدائرة الدينية والدائرة غــير الدينيــة ســوف تضــيق أكثر. فعلى سبيل المثـال: هنـاك الكثـير من علمـاء النفس الـذينــد( والفرويــديين في يؤمنون تعبدا بآراء ونظريات )ســيغموند فرويــاء ــ ــع العلم ــ ــني أن جمي ــ ــذا ال يع ــ ــال علم النفس، ولكن ه ــ مج والمختصين في علم النفس طوال القرن المنصرم كــانوا يقبلــون

.(316)بآراء فرويد ونظرياته في هذا المجالــدائرة ـد في ال ـ ــاوت بين التعب ــور تثبت أن التف ــذه األم إن ه الدينية والتعبد في غـير الـدائرة الدينيـة ليس بهـذا الحجم الكبـير،

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد127هـ1439م ـ 2018شتاء

آرش جمشيد پور• د.

كما يبدو. كما يمكن لنا أن نذكر ذات هذا الشيء بالنسبة إلى الطريــق الثاني أيضا. أال يمكن للمتــدينين االدعــاء بــأن تجــارب المتقــدمين منهم تثبت إمكانية اإليمان بتعاليم إمام الدين على أساس التعبد؟ لنتصور مرة أخرى ـ مثال ـــ مســلما يصــل من خالل التعويــل علىــدين ــال: جالل ال ــخاص من أمث ــة ألش ــة واألخالقي ــاة الروحي الحي الرومي، ومنصور الحالج، وعين القضــاة، وســائر العرفــاء وعلمــاءــك إلى نتيجــة ــة، يصــل من خالل ذل األخالق في العصــور المتقدم

مفادها إمكان االعتماد على تعاليم النبي األكرم. وطبقا للطريق الثــالث يمكن للمتــدينين االدعــاء بــأنهم حيث التزموا بالتعاليم االعتقادية واألخالقية ألئمة الدين فــإنهم يعيشــون

تجربة آثار هذا االلتزام والتعهد بالحياة الروحية ـ الدينية أيضا. يبدو أن الشروط التي يفترضــها ملكيـان في تجــويز الرجــوع

إلى المتخصص متوفرة في دائرة التعبد الديني أيضا. بيد أن هذا األمر ال يمثل نهاية للمطاف؛ إذ هناك أدلة أخــرى لدى األستاذ ملكيان أيضا. ومن بين األدلــة الكثــيرة والهامــة الــتيــد الــديني: إننــا ال يســوقها ملكيــان في إثبــات عــدم عقالنيــة التعبــة قبــل المــوت. وإن نستطيع أن نحــرز صــحة بعض العقائــد الديني اإليمان بالمعاد وعالم ما بعــد المــوت في األديـان اإلبراهيميـة هــوــراد األســتاذ ــدات. إن م ــوع من المعتق ــذا الن من بين مصــاديق ه ملكيان من هذا الكالم هو أننــا في مــا يتعلق بــاألمور غــير الدينيــةــه من خالل عندما نرجع إلى المختص يمكن لنا أن ندرك صحة رأيــا في اآلثار المترتبة على رأيه. فإننا ـ على سبيل المثــال ـــ وإن كن بداية األمر نؤمن بكالم األطباء تعبدا، ولكن عندما نستعيد عافيتنــا ونبرأ من المــرض بعــد تنــاول الــدواء نحــرز صــحة رأيهم في هــذا

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد128هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقالنية أو عدم عقالنية التعبد الديني، تقييم نقدي ألدلة مصطفى ملكيان•

العــالم. ومن الواضــح أن مثــل هــذا األمــر ال يصــدق على اإليمــان بالمعاد وعالم ما بعــد المــوت، فإننــا من خالل االعتمــاد على كالم األنبياء ال نستطيع الوصول إلى صحة آرائهم في هــذه الــدنيا أبــدا،ت من صحة كالم األنبياء عنــدما تقــوم القيامــة وإنما يمكن لنا التثب

في العالم اآلخر. ــد في األمــور ق بين التعب وعلى هذا األساس فإن ملكيان يفر الدينية والتعبد في غير األمور الدينية؛ فاألول من وجهة نظره غير

عقالني؛ وأما الثاني فهو عقالني. ولكن توجــد هنــا بعض النقــاط الجــديرة بالتأمل. يبــدو أنــد الــديني األمثلــة الــتي يســوقها ملكيــان إلثبــات الفــرق بين التعب والتعبد غير الـديني أمثلـة انتقائيـة. وال بـأس بـذكر مثـال لتوضـيح األمر. لنفــترض أن شخصــا ال يمتلــك أي اســتعداد لفهم المســائل الفيزيائية، كما أنه ال يمتلك حتى معلومات بسيطة ومستهلكة فيــه هذا العلم، ثم يذهب إلى متخصص بارز في الفيزياء، ويطلب من أن يشــرح لــه نظريــة النســبية العامــة والخاصــة. من الواضــح أن جهــود هــذا الفيزيــائي في إفهــام معــنى النظريــات النســبية لهــذا الشخص ستبوء بالفشل. ومن الواضح أن هذا الشخص لن يتمكنــدها يمكن من فهم هذه النظريات حتى آخر لحظة من حياته. وعن لهذا الشخص أن يقــوم بأحــد أمــرين؛ فإمــا أن يتخلى عن جهــودهــو افترضــنا أن في فهم النظرية النسبية؛ أو أن يؤمن بها تعبدا. ولــه ــبر إيمان ــبية ال يمكن أن نعت ــة النس ــخص آمن بالنظري ــذا الش هـــدي عمال غـــير عقالني، حتى إذا بقي على جهلـــه بالنظريـــة التعب

النسبية إلى آخر حياته. ــاء في بعض ــدقوا بكالم األنبي ــدينين إذا ص ــإن المت ــذا ف وهكن صــدقها قبــل المــوت، ال يمكن الموارد، دون أن يتمكنوا من تــبي

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد129هـ1439م ـ 2018شتاء

آرش جمشيد پور• د.

القول بأن تعبدهم غير عقالني. ثم إنه يمكن أن نفترض متــدينا لم يتوصل إلى نتيجة حاسمة بشأن اإليمان باليوم اآلخــر، يمكن لهــذا أن يعلق الحكم أو يؤمن بوجود اليوم اآلخر والقيامــة بعــد المــوت تعبدا. فهل إذا آمن باليوم اآلخر في مثل هذه الحالة يكــون عملــه غير عقالني؟ يبـدو أنـه طبقــا آلراء ملكيـان نفســه ال يمكن اعتبـار اإليمان بوجود اآلخرة تعبدا في مثل هذه الحالة عمال غير عقالئي.

،(317)يرى األستاذ ملكيان أننا عنــدما نتعــاطى مــع مــورد ال عقالني يجب علينــا»بحيث يتساوى هو ونقيضه من حيث النفي واإلثبــات،

اإليمــان بتلــك القضــية الــتي تكــون اآلثــار والنتــائج المترتبــة علىــا من«االعتقاد بها أكثر ضمانا وتلبية لسالمتنا النفسية ، بمعــنى أنن

ــة المعرفية(318)الناحية الواقعية ـ(319) ـ أو بعبارة أخرى: من الناحيـد أننـا هــذه ال يمكن لنـا االنحيـاز إلى أي واحـدة من القضـيتين. بي

، وبرؤيــة(320)المـــرة ننظــر إلى القضـــية بشـــيء من البراغماتية ذرائعية تبحث في اآلثـار المترتبـة على اإليمــان بهــا على مســتوىــتي تضــمن ســالمتنا ــك القضــية ال ــار تل الســالمة النفســية، فنخت الروحية والنفسية بشــكل أكــبر. وهــذا األمــر ال يحــدث في الــدين والمذهب فقط. فعلى سبيل المثال: ما هــو الــدليل الــذي تمتلكــه على إثبات أن العالم الخارجي مستقل عن ذهنــك ونفســك؟ ليســل على أن ــاك أي دلي هناك أي دليل على ذلك. كما أنه ال يوجد هن عن ذهنــك ونفســك. ومــع ذلــك هذا العالم الخارجي ليس مستقال عن ذهنــك ونفســك ســتجد عندما تعتبر العــالم الخــارجي مســتقال ذلــك أضــمن لســالمتك الروحيــة والنفســية. وهنــا يــأتي دور بحث مالكات سالمة النفس والـروح، وســيتخذ البحث من اآلن فصـاعدا

(321)«منحى نفسيا، ومنحى إنسانيا . وعلى هذا األساس، فإنه طبقا لرأي األستاذ مصطفى ملكيــان نفســه لن يكــون اإليمــان باللــه أو

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد130هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقالنية أو عدم عقالنية التعبد الديني، تقييم نقدي ألدلة مصطفى ملكيان•

اآلخرة ـ شريطة أن يضمن لنا سالمتنا الروحيــة والنفســية ـــ عمالغير معقول.

تتخذ انتقادات األستاذ ملكيان ـ من حين آلخــر ـــ شــكال آخــرــا على ــديهم دليال عقلي ــان: إن ل ــالفون لملكي ــول المخ ــا. يق أيض

ــه: ــدهم. ويجيب األســتاذ ملكيــان عن ذلــك بقول : هــاتواأوال»تعبــاص. دليلكم العقلي على التعبد بشــخص خ ــد إذاوثانيا : إن التعب .(322)«استند إلى دليل سوف يخرج عن كونه تعبدا

ولنتجاوز اآلن النقطة الثانيــة؛ لكونهــا أشــبه بــالنزاع اللفظيــد أو الذي ال ينطوي على أهميــة كبــيرة؛ إذ إن إطالق عنــوان التعب

التعقل على التعبد المستند إلى الدليل لن يغير شيئا.ــا مــا هــو أما الدليل األول لملكيان فإنه مثير للتأمل جدا. حق الدليل على التعبد بشخص خاص؟ في الحقيقة إن األستاذ ملكيانــدهم بشــخص بعينــه. يطــالب خصــومه بــأن يــأتوا بــدليل على تعبـد. وإن ـ ــذا التعب ــل ه ـة على مث ــون أدلـ ــدورهم يمتلك ــومه ب وخص التمسك بوحيانية تجربــة األنبيــاء، والتشــبث بــالمعجزات الصــادرة

على األنبياء، من بين األدلة التي يسوقونها على التعبد باألنبياء. مالك»يبحث األستاذ مصطفى ملكيان، في مقال له بعنوان:

، في مالكات تمييز الدين الحق من الدين الباطل.«أحقية كل دين إن ذكر جميــع المســائل المتعلقــة بمقــال األســتاذ ملكيــان تطيــل البحث دون طائل، ولــذلك ســأكتفي باإلشــارة إلى إحــدى النقــاط الهامــة. فكمــا تقــدم أن ذكرنـا إن أحــد أهم أدلـة خصــوم ملكيـانــتي لتبرير التعبد بشخص هو التمسك بالمعاجز. ومن بين األمور ال يذكرها األستاذ ملكيان في مقاله أن الكرامة والموهبة والفيض أو

دليال على صــدق أحكــام»االستعدادات الربانية ال يمكنها أن تكون . (323)«وتعاليم الدين

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد131هـ1439م ـ 2018شتاء

آرش جمشيد پور• د.

يقول األستاذ مصطفى ملكيان: ال بد أن يكون هناك نوع من التناسب بين الدليل والمدعى. وهنــا يــذكر األســتاذ ملكيــان مثالــه

إن الذي يدعي أن مجمــوع زوايــا المثلث تعــدل»البديع؛ إذ يقول: درجة لن يستطيع إثبات ذلك من خالل حمــل سلســلة جبــال180

ــا نســتطيع أن الهمااليا وإرسالها إلى أمريكا الالتينية؛ إذ إن غاية م نفهمه من ذلك هو أن لديــه قــدرة خارقــة أو علمــا يســتطيع معــهــيره أن ــز، الـــذي ال يمكن لغـ ــر المعجـ ــذا األمـ ــتراح مثـــل هـ اجـ

ــوتى ـ(324)«يفعله . وعلى هذا األساس فإن فلق البحر أو إحياء المعلى فرض تحققه ـ ال يثبت أحقية تعاليم الشخص.

ــد ــدعو إلى التأمل. ولكن ق ــان ي ــتاذ ملكي ــتدالل األس إن اس يمكن للمتدينين أن يأتوا بتوضيح معقول في هذا الشــأن؛ إذ يمكن لهم أن يدعوا أن اجتراح مثل هــذه األمــور الخارقــة ال تحصــل في التاريخ إال نادرا، ولذلك يجب في بيــان أســباب حــدوث مثــل هــذه األمور أن نفترض أن الذين يستطيعون اجتراح مثل هذه الخــوارق مسددون ومؤيدون بنصر اللــه. ال أقــول: إن هــذا الكالم يمكن لــه أن يكون جوابا مقنعا عن إشكال األستاذ مصطفى ملكيان، إال أنهــداث ــذه األح ــل ه ــان لمث ــير بي ــدعوا أن خ ــدينين أن ي يمكن للمتك بالمــدد أو النصــر اإللهي. ومن ناحيــة أخــرى الخارقة هو التمســ فإن التعبد في غير األمور الدينيـة هـو من هـذا القبيـل أيضـا. فلـو تســاءلنا: لمــاذا يجب االعتمــاد والتعويــل على إجمــاع العلمــاء في مجال علمي بعينه؟ قـد يكـون الجــواب: إن العلمـاء المتخصصـينــاتهم في ذلك العلم قد أفنوا سنين طويلة من حياتهم، وأوقفوا حي على البحث والتحقيق في مسائل ذلك العلم، وعليــه تكــون نتــائج تحقيقهم موثوقة، ويمكن االعتماد عليها. فهنا أيضا ال يوجد تناسب متين بين المدعى العلمي الخاص وأدلتنا على اإليمان والقبول به.

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد132هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقالنية أو عدم عقالنية التعبد الديني، تقييم نقدي ألدلة مصطفى ملكيان•

خالصة الكالم إن انتقادات األستاذ ملكيان بشأن عقالنية التعبد الديني قوية وجادة. بيد أنه يمكن القول في الوقت نفســه: إن اإلجابــات الــتي يقدمها خصومه مقنعة إلى حد ما. إن بعض أدلة األستاذ مصطفى ملكيان تبدو للوهلة األولى حاسمة، وتحمل معها فصــل الخطــاب، ولكن يمكن في المقابـــل تصـــور إجابـــات ال تخلـــو من القـــوة

االستداللية.وعلى أي حال يبدو أن ملف البحث يبقى مفتوحا على حاله.ــان وربما كانت النقطة الرئيسة في إجابات المخالفين لملكي تكمن في أن صيغة وبنية التعبد في األمــور الدينيــة ال يختلــف عن بنية التعبد في غير األمور الدينيــة كثــيرا، وإن االختالفــات القائمــة

بين هذين التعبدين ال يضر بعقالنية التعبد الديني. ولو نظرنا إلى نقاش الطرفين بنظرة حيادية ومتجــردة يبــدو أن الكفة ال تميل لصالح أحد الطرفين. وال بأس هنا بإعادة النقطة المنطقية التي افتتحنا بها هــذا المقــال، وهي أني قــد استعرضــت األدلة التي أقامها األستاذ ملكيان على مدعاه، واستنتجت أن هذه األدلــة ليســت قاطعــة، كمــا يبــدو. ولكن كمــا نعلم فــإن رد أدلــة المـــدعى ال يمكنـــه أن يـــرد ذات المـــدعى. فلكي نثبت بطالن المدعى من الضروري أن نثبت نقيض المدعى. وأنا لم أتعرض إالفاته وحواراته وكلماته العامة، إلى رد أدلة األستاذ ملكيان في مؤلـــد الـــديني وتـــركت ملـــف البحث في مســـألة التنـــافي بين التعب

والعقالنية مفتوحا. وفي الختام ال بد من التذكير ببعض النقاط:

: ال شك في أن جميع المسائل التي أثارهــاالنقطة األولى

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد133هـ1439م ـ 2018شتاء

آرش جمشيد پور• د.

ــد األســتاذ ملكيــان في بــاب عــدم االنســجام بين العقالنيــة والتعبــديني دقيقــة، وتــدعو إلى التأمــل. لقــد فتح األســتاذ مصــطفى ال ملكيــان من خالل أســئلته الجديــدة وإثاراتــه الفكريــة أعيننــا على آفاق جديدة. إن مفهوم التعبد يعد اليوم واحــدا من أهم المســائل النظرية والعمليــة. وقــد تحــدث )هانــا آرنت( في بعض كتاباتــه أنــائص القضاء على جميع أنواع التعبد التقليدي يعد واحدا من الخص

(325)المبهرة للعالم الحــديث ل تحــديا كبــيرا ــد تمث . إن مســألة التعب لعلمــاء المعرفــة وفالســفة السياســة، فقــد أخــذ علمــاء المعرفــة

،(326)يواجهون البعد االجتماعي لمسار المعرفــة أكــثر من ذي قبل وبـــدأ الليـــبراليون من فالســـفة السياســـة يســـعون للـــدفاع عن

. لقــد(327)مشروعية الحاكمية السياســية في مواجهــة الفوضــويين تسبب االستقالل الــذاتي، والمطالبــة بالمســاواة، بمعضــلة كبــيرةــح أن ــة. ومن الواض ــية التقليدي ــة والسياس ــات المعرفي للمؤسس المجتمع الذي تعمـل فيـه المؤسسـات غـير الجماهيريـة )أي تلـك التي ال تخضع للرقابة، وال تتحمل المسؤولية( على انتهاك الحقوق السياســية للنــاس، وتقضــي على كافــة فــرص التنميــة السياســيةــد ـــ ســواء على المســتوى واالقتصادية، تكتسب فيه مســألة التعب المعرفي أو السياسي ـــ أهميــة مضــاعفة. إن جانبــا من مشــاكلناــاتج عن أن بعض األشــخاص والمؤسســات تطــالب ــة ن االجتماعي بتعبد ال يحظى بأي مكانة في ذهن العاملين في الوســط الثقــافيفنــا ـــ من الحديث. ولإلنصاف فــإن األســتاذ ملكيــان هــو الــذي عر خالل إثارته لألسئلة الناظرة إلى الحجية المعرفية للوحي، والقول بعدم التناغم بين العقالنية والتعبد الديني ـ إلى أحــد أهم األبحــاث النظرية والسياسية الحديثة. وقد ال تكون إجاباتنا عن تلك األسئلة هي ذات إجابات األستاذ ملكيان عنها، بيد أن األمــر الــذي ال يمكن

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد134هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقالنية أو عدم عقالنية التعبد الديني، تقييم نقدي ألدلة مصطفى ملكيان•

ــر إلى ــتطيع النظ ــاره ال نس ــق في آث ــد التعم ــا بع ــو أنن ــاره ه إنك المسائل بنفس النظرة القديمة. ومن هذه الناحيــة فــإن األبحــاث المتنوعة الــتي يثيرهــا األســتاذ ملكيــان ترفــع من مســتوى البحث والتأمل النقدي في مجال المسائل المعرفية والدينية إلى الحــدود

القصوى. ــانالنقطة األخرى : إن النقاش والبحث بين األســتاذ ملكي

وخصومه من الحوزويين نقاش غــير متكــافئ. ولســنا نــرى حاجــةــ ال إلى القول بأن األستاذ ملكيان ـ ألسباب ال تخفى على اللبيب ـ يستطيع اإلدالء بكــل مــا يجــول في ذهنــه، خالفــا لخصــومه الــذينــا ــل م ــة، يســمح لهم بقــول ك ــير من الحري ــامش كب ــون به ع يتمت يريدون. إن األمر بين ملكيان وخصومه من هذه الناحية يشبه إلى حد كبير منافسة في مباراة بين فريقين لكرة القدم، يســمح فيهــا ألعضاء أحد الفــريقين باســتعمال أيــديهم مــع أرجلهم، في حين ال يسمح ألعضاء الفريق اآلخر باستخدام أيديهم. ومثل هــذا االمتيــاز هو الذي حرم منه األستاذ ملكيــان، دون خصــومه. إن هــذا البحث والحوار غير المتكافئ، الــذي هــو نتــاج الفضــاء الفكــري المغلــق، ينتهك قواعد اللعبة، ويســدل الســتار دون مواصــلة الحــوار الحــر. ومن هنا فإن البرم والشكوى الصادرة عن األستاذ ملكيان بقولــه:

لهــا مــا«إن البحث والتحقيــق الفلســفي ال ينســجم مــع التكفــير»رهـــا. وعليـــه نأمـــل من الـــذين يـــدعون اآلخـــرين إلى البحث يبر والنقاش أن يعملوا على منح خصومهم فرصة متكافئــة من حريــة

التعبير، وهامشا واسعا في الحوار. ــة»وفي الختام ال بد من اإلشارة إلى نقطة في مجال الحجي

. سبق لنا أن ذكرنــا أن هــذه المســألة هي غــير«المعرفية للوحيــاط بين مسألة عقالنية التعبد الديني. فعلى الرغم من وجود االرتب

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد135هـ1439م ـ 2018شتاء

آرش جمشيد پور• د.

ــدو لي هاتين المسألتين، بيد أن باإلمكان التفكيك بينهما. والذي يب هو أن النقطة الرئيسة في األبحاث التي يطرحها األســتاذ ملكيــان تكمن في البحث عن الحجية المعرفية للــوحي؛ إذ إن الــذي ينكــر الحجية المعرفية للوحي ـ أو يشــكك فيهــا على أحســن التقــادير ـ

تكون مسألة التعبد الديني مرتفعة بالنسبة إليه من تلقائها. وربما أمكن تبــويب مســألة األســتاذ مصــطفى ملكيــان على

ما الذي تعنيه النصوص الدينية المقدســة المجــردة»النحو التالي: ــد؟ ومــا هي منزلتهــا وآليتهــا؟ ك في أن األســتاذ«عن التعب . ال شــ

فاته العديد من األسئلة الجــادة في مصفى ملكيان قد أثار في مؤلهذا الشأن. إن األسئلة الثالثة التي يثيرها األستاذ ملكيان، وهي:

أـ الحجية المعرفية للوحي. ب ـ وثاقة النصوص الدينية المقدسة من الناحية التاريخية.

ج ـ المنهجيــة واالعتبــار الهرمــنيوطيقي لتفســيرنا للنصــوص. (328)المقدسة

ــع على ــذي لم يطل ــة جــدا. ومن ذا ال هي من األســئلة الهام األبحاث الجديدة في هذا المجــال، وال يــدري أن دراســاتنا الدينيــة في هذه المحاور الثالثة ال تعدو أن تكون مجــرد شــكليات بحتــة؟! والــذي يبـدو أن هــذه المســائل الثالث هي الــتي أوصـلت األســتاذــد ملكيــان إلى مــا هــو عليــه اآلن، وليس البحث في عقالنيــة التعب

ـه المـــرتبطين بـ ــ ضـــرورات البحث»الـــديني. وإن دراســـة لقاءيــرآني ــول المعنوية» و«الق ــتفهامات ح ــلط«اس ــا أن تس يمكن له

ضوءا كاشفا من هذه الناحية. وأرى أن على الراغبين في االطالع على مشروع العقالنية والمعنويـة، وعلى الشــغوفين بتيـار التنـوير الديني، أن يتابعوا البحث بشأن المسائل الثالث المتقدمــة بشــكل جاد؛ إذ يمكن لهذا المشروع التحقيقي أن ينطوي على الكثـير من

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد136هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقالنية أو عدم عقالنية التعبد الديني، تقييم نقدي ألدلة مصطفى ملكيان•

.(329)الثمار النظرية والعلمية

الهوامش

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد137هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

أصول الفقه المقارنمحاولة للتأصيل النظري

ن *(*()الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمي

عــرف العلمــاء المســلمون قــديما الدراســات المقارنــة فيــتراث ع لل ــالمتتب ــة؛ ف ــتوى الممارس ــالمية على مس ــوم اإلس العل اإلسالمي منذ بداياتــه ســيالحظ هــذا األمــر، ولــو بصــورته وشــكله البســيطين. وقــد شــملت هــذه المقارنــة علومــا متعــددة، كالفقــه

وأصوله، وتفسير وعلوم القرآن، وعلوم الحديث، وغيرها.ل ولكن على مستوى النظرية لم نجد بحوثا تحــاول أن تؤصــــوابط للبحث المقارن في العلوم اإلسالمية؛ لتعطي المعايير والضــديها، واألطر للبحث المقارن، حتى يسير الباحث والطالب على ه

كسيره في البحوث غير المقارنة. ففي مجال علم أصول الفقه ـ وبعــد متابعــة متواضــعة ـــ لم أجد عند اإلمامية، على سبيل المثال، محاوالت للتأصــيل النظــري للبحث األصولي المقارن، ســوى بعض التجــارب، والــتي تتصــدرها تجربة السيد محمد تقي الحكيم، في كتابه المهم )األصول العامــة للفقه المقارن(، الــذي كــان حصــيلة محاضــرات كــان الحكيم قــدــافة إلى ــف، باإلض ــه في النج ــة الفق ــه في كلي ــا على طالب ألقاه

تجارب ومحاوالت أخرى ال تتعدى هذه التجربة الرائدة.ــة عي أي محاول أما في الوسط السني فلم أجد في حدود تتب تأصيلية نظرية لهذا الفــرع من أصـول الفقــه، وخصوصـا بـالمعنى

أستاذ في الحوزة العلمية، من المملكة العربية السعودية.)*( *( ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد138

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري•

الذي نقصده هنا، على ما سيأتيك الحقا بحول الله تعالى. في هـــذه األوراق الماثلـــة أحـــاول أن أتقمص دور البـــاحث األصــولي المقــارن؛ للتأصــيل النظــري ألصــول الفقــه المقــارن؛ ألساهم في وضع األطر العامة لهذا الفــرع المهم من علم أصــول

الفقه.وسيتم البحث من خالل المحاول التالية:

ـ تمهيد حول فلسفة أصول الفقه المقارن.1ـ التعريف والهوية.2ـ الموضوع ومحور البحث.3ـ الغايات، والفوائد.4ـ بين أصول الفقه المذهبي والمقارن والعام.5

ـ تمهيد حول فلسفة أصول الفقه المقارن1 بداية، وقبل الدخول في هــذه المقــدمات التمهيديــة ألصــول الفقــه المقــارن، ينبغي مواجهــة ســؤال أساســي في إطــار هــذا البحث، من شأنه أن يشرعن أصل دخولنا في بحث بعنوان أصول الفقه القارن، وهذا الســؤال هــو: هــل توجــد حاجــة لبحث بعنــوان

أصول الفقه المقارن؟فها ضــمن ــة يمكن أن نصــن وبتعبير آخر: هل توجد مادة علمي زاوية ورؤية محددة يطلق عليها اسم أصــول الفقــه المقــارن؟ ثم

إن كانت لماذا وجد؟ وإن لم تكن هل ينبغي أن توجد؟ــد من وبغية اإلجابة عن هذا الســؤال األساســي وفروعــه ال ب النظــرة التحليليــة إلى موضــوع علم أصــول الفقــه الموجــود بينضــح أيدينا، ومحاولة فــرز مســائله أو موضــوعاته الجزئيــة؛ حتى يت

المشهد كامال.

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد139هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

ه إلى أن الحــديث والبحث أعم من إطــاره ــد من التنب هنا ال ب المذهبي الخاص، إنما هو شامل لعلم أصول الفقه عند المسلمينس جميعا، سنة وشــيعة؛ من أجــل التعــرف على األفــق الــذي أســ

عليه علماء المسلمين علم أصول الفقه الذي بين أيدينا. وســـيكون تركيزنـــا على المـــذهب اإلمـــامي من المـــذاهب الشــيعية، وعلى الجــامع المشــترك بين المــذاهب الســنية، إال في

بعض الحاالت التي قد نضطر إلى التفصيل بينها.ــتويين: ــم البحث على مس ــتوىاألولوسينقس : على المس

: المستوى التطبيقي.واآلخرالنظري؛

أوال: موضوع علم أصول الفقه في مستواه النظريــ في الجــانب اإلمــامي1 ــاـ ــد رض ــيخ محم ــدد الش : يح

هـ( مثال موضوع علم األصول بقوله: )إن هذا العلم1380المظفر) غير متكفل للبحث عن موضوع خــاص، بــل يبحث عن موضـوعات شتى، تشترك كلها في غرضــنا المهم منــه، وهــو اســتنباط الحكم

هـــ( إلى أن1400، كما يذهب السيد الشهيد الصدر)(330)الشرعي(.(331)موضوعه )األدلة المشتركة في االستدالل الفقهي(

فقــا ـ هذان أنموذجان لتحديــد موضــوع علم األصـول. وقــد ات كما نرى ـ على تحديده في مركز واحد، وهو )األدلــة المشــتركة(.دا هذه األدلة بالــدائرة المذهبيــة والمالحظ فيهما أيضا أنهما لم يقيفق عليهــا والمختلــف الخاصة، إنما أطلقا األدلة لتشمل األدلة المتــترقب منــه فيها، ليكون أصول الفقه شــامال لكــل دليــل ومصــدر ي إنتاج حكم شرعي. فموضوع علم األصول كما يشمل البحث حول حجيــة القــرآن والســنة النبويـة، يشــمل أيضــا البحث حــول حجيـة المصـــالح المرســـلة ومقاصـــد الشـــريعة، الـــتي هي من األدلـــة

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد140هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري•

المبحوث فيها عند المــذاهب الســنية. فعلم األصــول بحســب هــذا التحديد لموضوعه محايـد من الجهــة المذهبيــة، فال يعنيــه االنتمــاءــروعية المذهبي للدليل والمصدر، إنما عمدة البحث فيه حول مشب مــا تقــوده أدوات الرجوع إليــه، واعتمــاده في االســتنباط، حســ

البحث العلمي المعتمدة.ــ(،1231ولهذا نقد أعالم األصول اإلمامي المحقق القمي) هـ

وغيره من الذين قصروا األدلة التي يبحثها علم األصول بمجموعةة، كاألدلــة األربعــة. قــال في )القــوانين(: )أدلــة ــة الخاصــ من األدل الفقه هي الكتاب والسنة واإلجماع والعقل. وأما االستصحاب فإن أخذ من األخبار فيدخل في الســنة، وإال فيــدخل في العقــل. وأمــا

.(332)القياس فليس من مذهبنا( : قد حدد موضوعه الشيخ محمــدـ وفي الجانب السني2

ــة(1421العثيمين) .(333)هـ( بقوله: )يبحث عن أدلة الفقــه اإلجمالي هـ( بـ )األدلة الشرعية الكلية1436وحدده الدكتور وهبة الزحيلي)

ــام الشــرعية من من حيث ما يثبت بها من األحكام الكلية، واألحك هـــ(1435. والــدكتور عبـد الكـريم النملـة)(334)حيث ثبوتها باألدلة(

يقول في تحديد موضوعه: )األدلة اإلجمالية الموصلة إلى األحكام الشرعية العملية وأقسامها واختالف مراتبها وكيفية أخــذ األحكــام

. والمالحظ، وبشكل واضح، أنها كلها(335)الشرعية على وجه كلي( أيضا لم تحد األدلة التي يبحث عنها أصول الفقه في دائرة معينــة، بــل أطلقت في التحديــد لكــل مــا يمكن أن ينتج أحكامــا شــرعية، سواء كانت هذه األدلة من األدلة المعتــبرة في الوســط األصــولي السني أو خارج هذه الدائرة المذهبية الخاصة، لتشمل حتى األدلة

المعتبرة عند المذاهب اإلسالمية األخرى. إذن، على المســـتوى النظـــري يتنـــاول علم أصـــول الفقـــه

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد141هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

اإلســالمي كــل األدلــة والمصــادر الــتي من شــأنها أن تنتج أحكامــا شرعية، وال فرق بين هذه األدلة والمصــادر في انتمائهــا المــذهبي الخاص. ووفقا لهــذه التحديــدات لــدائرة علم أصــول الفقــه ينبغي على األصولي أن يتناول في بحثــه عن الحجيــة والمشــروعية كــل

تلك األدلة المنتجة أو المترقب إنتاجها للحكم الشرعي.ــه هذا كله في الجانب النظري الذي حدده علماء أصول الفق

اإلسالمي.

ثانيا: موضوع علم أصول الفقه على مستواه التطبيقيع كتب أصول الفقه والمقصود من هذه الخطوة الثانية هو تتب والمدونات األصولية، وتحديد األدلــة والمصــادر الــتي بحث أصــولــا، وإلى أي الفقه اإلمامي والسني حجيتها ومشروعية الرجوع إليه مدى تطــابق تحديــدهم النظــري لموضــوع علم أصــول الفقــه مــع

البحوث التي تناولوها في كتبهم ومدوناتهم.ــاـ في المدونات األصولية الشيعية اإلمامية1 : يمكننـ

مالحظة المشهد بتجزئته إلى جزءين: : المالحــظ في المــدونات األصــولية اإلماميــةالجــزء األول

األولى الحضور البــارز للبحث في حجيــة بعض المصــادر الخالفيــةــاس؛ التي يترقب إنتاجها للحكم الشرعي، وبالتحديد موضــوع القي فنجد البحوث حول حجية القرآن والسنة واإلجماع وبجانبها البحث حول القياس. ففي كتاب )الذريعة إلى أصــول الشــرعية(، للســيد

هـ(، باب بعنــوان: )الكالم في القيــاس ومــا يقابلــه436المرتضى) . وكذلك في كتاب )العدة في أصول الفقه(، للشيخ(336)ويلحق به(

ــي) ــوان: )الكالم في460الطوس ــا بعن ــر باب ــو اآلخ ــد ه ــ(، عق هـ هـــ(676. وكذلك من جاء بعــدهما، كــالمحقق الحلي)(337)القياس(

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد142هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري•

هـ( في كتابه726، والعالمة الحلي)(338)في كتابه )معارج األصول(101، إلى الشــيخ حســن)(339))مبادئ الوصــول إلى علم األصــول(

.(340)هـ( في كتابه )معالم الدين ومالذ المجتهدين(1ــتزام ـ فإلى بدايات القرن الحادي عشر كان هناك توافق وال ولو في الحد األدنى ـ بين التحديــد النظــري لموضــوع علم أصــولــذا ــول: إن ه ــه. ويمكن الق ــبيقي في مدونات ــه والبحث التط الفق التوافق كان قريبا من مستوى الظاهرة العلمية، بغض النظــر عن الــدافع لهــذا االستحضــار للموضــوعات الخالفيــة الجدليــة، بجــانب

فق عليها. األصول المتــدونات الثلثالجزء الثــاني ــه من خالل م : ويمكن مالحظت

الثاني من القرن الحــادي عشــر الهجــري إلى الفــترة المعاصــرة، والــتي نجــد فيهــا تراجعــا ملحوظــا للبحث في موضــوعات أصــولة بكــل الفقه الخالفية إلى حد االنحســار لصــالح موضــوعات خاصــ

مذهب ومدرسة أصولية. وفي هذا الجزء من المشــهد وقعت المفارقــة المنهجيــة في موضوع علم أصول الفقــه؛ فمن الجهــة النظريــة نجــد أنهم حــدوا الموضوع بما يشمل كل ما يترقب إنتاجه لألحكام الشرعية؛ ولكن من الجهة التطبيقيــة حصــروا أنفســهم في موضــوعات راجت في األوساط المذهبية الخاصة، فلم نعد نجــد نقاشــا حــول مشــروعية القياس الموضــوع الــذي كــان لــه حضــوره األساســي في مصــادر

الفترة األولى. وهنــا يحــق التســاؤل عن ســبب حــدوث هــذه المفارقــة بين التحديد النظري لموضوعات األصــولية والممارســة التطبيقيــة في

البحث األصولي؟ ربما يرجــع هــذا إلى تــأريخ التـأليف األصـولي عنـد اإلماميـة؛

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد143هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

فالمدونات األولى لهــذا العلم جــاءت محاكيــة للمصــادر األصــوليةــدرة ــبب ن ــك بس ــوع والمنهج؛ وذل ــتويي الموض ــنية على مس الســة، المدونات األصولية الكاملة عند اإلمامية في تلك الفترة الزماني والتي من المفترض أن تشكل المصادر األساسية ألصــول الفقــه.ــني، فاضطر أصوليو اإلمامية أن يعتمدوا على مصادر األصول الس

ر واالنجرار لبحث األصول الخالفية. فوقع التأث وقد اســتمر األمــر على هــذه الوتــيرة إلى صــاحب المعــالم، الــذي تشــكلت بعــد عصــره المصــادر األصــولية اإلماميــة، فبــدأتــذا على ر ه مدوناتهم تستقل في التأليف عن المصادر السنية، فأث

.(341)استحضار األصول غير المذهبيةع في البحث ويمكن القول تلخيصا: إن ما الحظناه من التوســة ــاتج قناعـ ــهد لم يكن نـ ــزء األول من المشـ ــولي في الجـ األصـ بالشمولية في البحث األصولي، إنما بسبب ظــرف تــأريخي أجــبر

الباحث األصولي لخوضه.ــالبحثـــ أمــا في الجــانب الســني2 : فكــان االهتمــام ب

المقارن بين المـذاهب أكــثر حضـورا من الوسـط اإلمـامي. وهـذاــني يرجع إلى تعدد المذاهب داخل الوسط السني، فاألصولي الس يجــد أمامــه آراء متعــددة حــول الموضــوع الواحــد، فيستحضــرها ويناقشها؛ فإن التركة األصولية عنده كبــيرة تســاعده على خــوض

هذا الميدان. إال أن المؤاخذ على هذه المصادر أنها لم تستوعب المذاهب اإلســالمية من غــير الســنة، ســوى بعض المــذاهب، وفي بعض الموضــوعات. فال نجــد استحضــارا ألصــول الفقــه الشــيعي بكــل مدارسه وتوجهاته، وربما يكون سبب هذا هو كــون الشــيعة أقليــة في مقابل أكثرية المذاهب السنية، وكأن األصولي الســني ال يجــد

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد144هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري•

نفسه معنيا بمالحظة أصول هذه األقليات. وبناء على مــا تقــدم فالمصــادر واألدلــة الــتي يبحثهــا أصــول الفقه اإلسالمي العام الشامل لألصول الشيعي اإلمامي واألصــول

عند السني يمكن تصنيفها صنفين:فق عليها في األصــولين الســنياألول : المصادر واألدلة المت

واإلمامي على السواء، والتي نجدها مبحوثة عند علماء المذهبين، مثل: مصدرية القرآن الكــريم وحجيتــه، ومصــدرية الســنة النبويــة

وحجيتها، وكذلك اإلجماع، وغيرها. وهــذا يشــمل تفاصــيل البحــوث في هــذه المصــادر واألدلــةفق عليها؛ فهناك بعض البحوث التفصــيلية حــول مصــدر معين المتــذلك ــني، وك ــول الس ــا األص ــامي لم يتناوله ــول اإلم ــا األص تناولهــدليل العقلي مثال بحثت العكس. فكثير من تفاصــيل البحث عن ال

عند اإلمامية، ولم يتناولها السنة. : المصادر واألدلة المختصة بأصول مذهب دون آخــر،الثاني

ــتي نجــد ــف فيهــا بين األصــولين الســني واإلمــامي، وال أو المختل بعضها مبحوثة في األصول اإلمامي، دون السني، كمصــدرية ســنة

وحجيتها، وبعضها اآلخر مبحوثة في األصــول الســني،^أهل البيتدون اإلمامي، كمصدرية القياس أو مذهب الصحابي وحجيتهما.

ووفقا للتحديد النظري لموضــوع علم أصــول الفقــه، والــذي اتفقوا فيــه على أن أصــول الفقــه يتنــاول المصــادر واألدلــة الــتي يترقب إنتاجها للحكم الشرعي، وبغض النظر عن انتمائها لألصولــة في ــادر واألدل ــذه المص ــل ه ــالواجب أن تبحث ك ــة، ف المذهبي الصــنفين الســابقين في علم األصــول، ويكــون لــدينا علم أصــولفــق عليهــا إسالمي عام، يشمل بالبحث كل تلك الموضـوعات المت

أو المختلف فيها والمختصة بمذهب ما.

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد145هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

ولكن، حيث إن واقع علم األصول عند المسلمين ـ كما رأينــاــدعونا إلى جمــع ز بين األصول المذهبية وغيرها، هذا الواقع ي ـ يمي هذه المصادر واألدلة المختصة أو المختلف فيها ضمن إطار واحد، تستعرض فيه جميع اآلراء بجانب بعضها البعض، وبغض النظر عنــق عليــه )أصــول الفقــه انتمائها المذهبي. هذا اإلطــار هــو مــا يطل

المقارن(.

ـ التعريف والهوية2 عند تعريفنا لـ )أصول الفقه المقارن( يمكننـا مالحظــة هــذاــاظ يمكن ــل لحـ ــاظين، ومن خالل كـ ــوي من لحـ ــتركيب اللغـ الـ

استعراض تعريف خاص به.

التعريف األول وفيه يالحظ قيد )المقارن( قيدا للفقه، فتكون قراءة العنوان هكذا )أصول )الفقه المقارن(( وبهذا التقييد سيكون الحــديث هنــاة بالفقــه المقــارن أو أصــول المقارنــة الفقهيــة. عن أصــول خاصــ

وبهذا اللحاظ جاء هذا التعريف األول. ولقلة وندرة مصادر أصول الفقه المقارن فإن تعريف السيد

هـــ( في كتابــه )األصــول العامــة للفقــه1423محمــد تقي الحكيم)فــه المقارن( يعد أقدم تعريف لألصول المقارن بهذا اللحــاظ، فعر بأنه )القواعد التي يرتكز عليها قيــاس اســتنباط الفقهــاء لألحكــامــل الشــارع الشرعية الفرعية الكلية، أو الوظائف المجعولة من قبأو العقــل عنــد اليــأس من تحصــيلها من حيث الموازنــة والتقــييم(

(342).ــل ــذا على تحلي ــه ه ــيد الحكيم في تعريف ــد الس ــد اعتم وق المفردات الواردة في العنوان الرئيس للبحث، وهو )أصول الفقه

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد146هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري•

المقارن(. وهذه المصــطلحات هي: )األصــول، الفقــه، المقارنــة(.ولهذا جاء تعريفه موازيا للمصطلحات الثالثة.

وهنا سنوضح هذه المصطلحات؛ حتى يتضح التعريف أكثر: : وهو في اللغة األساس الذي يقوم عليه الشيء،ـ األصل1

.(343)ومنشأه الذي يبنى عليهــة من ــ ــق على مجموع ــ ــطلح علمي يطل ــ ــل( كمص ــ و)األص

ــاس، على(344)المعاني ، منها: )ما يقابل الفرع(، كما في بحث القي ما سيأتيك؛ ومنها: )الدليل(، أي الكاشف عن الشيء؛ ومنهــا: )مــاــة في يقابل الدليل المحرز(، الــذي يحــدد للمكلف وظيفتــه العملي

بعض الظروف.ــا بمعــنى )القاعــدة(، وهي ولكن المقصــود من )األصــل( هن

.(345)أساس الشيء، واألمر الكلي المنطبق على جزئياته فقوله: )القواعــد الــتي يرتكــز عليهــا...( إشــارة إلى مفــردة

)أصول(. : ويراد بــه في المــدلول اللغــوي الفهم والفطنــة؛ـ الفقه2

.(346)ففقه الشيء فهمه، وفطن إلى ما فيهــيرة. استنســب الســيد ــات كث ــه في االصــطالح تعريف وللفق الحكيم منهــا التعريــف القائــل بأنــه )مجموعــة األحكــام الشــرعية الفرعية الكلية، أو الوظائف المجعولة من قبل الشــارع أو العقــل

.(347)عند عدمها(ــة الكليــة....( فقوله في التعريف: )األحكام الشــرعية الفرعي

إشارة إلى مفردة )الفقه(. : الموازنة بين الشيئين أواألول: ولها معنيان: ـ المقارنة3

ــال: أمـــرانوالثـــانياألشـــياء؛ ــتران والمصـــاحبة، فيقـ : االقـ.(348)مقارنان

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد147هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

والمقصود هنا المعنى األول، وهو الموازنة. فقولــه في التعريــف: )من حيث الموازنــة والتقــييم( إشــارة

إلى )المقارن( في اصطالح )أصول الفقه المقارن(. وبعد هذا التبيين للمصطلحات يمكن إعــادة صــياغة التعريــف

بما يوضحه أكثر، وبالتالي: : هي القواعد الــتي يتم من خاللهــاأصول الفقه المقارن

ــة، موازنة وتقييم استنباط الفقهاء لألحكام الشرعية الفرعية الكليأو الوظائف المجعولة شرعا أو عقال.

التعريف الثاني ويمكن مالحظة قيد )المقارن( بلحاظ آخر، بــأن يكــون قيــداب اإلضافي )أصول الفقه(؛ فيقرأ العنــوان ))أصــول الفقــه( للمركا بالفقــه، كمــا في اللحــاظ المقارن(، فال يكون قيد المقارنة خاصــ

ب. األول، وإنما هو لكل المرك وبتوضيح أكــثر: اتضــح من خالل االســتعراض في التمهيـد أن ثمة أدلة ومصادر تشريعية مشتركة بين المذاهب، ومصادر تختص بهــا بعض المــذاهب دون األخــرى تبحث في إطــار أصــول الفقــه

المذهبي. يحاول أصول الفقه المقارن أن يــأتي على المصــادر واألدلــة المختصة بكل مذهب، ويبحثها بحسب المباني األصــولية المذهبيــة األخرى؛ ليعطي التصــور العــام لكــل مــذهب تجــاه تلــك المصــادر

واألصول.فق عليهــا، فيبحث طريقــة كما يتناول المصادر واألصول المتــالج بعض تناول كل مذهب لهذه المصادر؛ فأصول الفقه السني عفــق عليهــا، ولعــل األصــول الموضوعات المرتبطــة بالمصــادر المت

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد148هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري•

اإلمامي يتناولها بأسلوب وطريقة ومنهج مختلف.ـة وقابليـــة ــ فاألصـــولي المقـــارن يبحث مثال في مـــدى أهليــتنباط الحكم )القياس( أو )سنة أهل البيت( ألن تكون مصدرا الس

الشرعي، وفقا للمباني األصولية العامة لكل مذهب. كمــا يبحث المقــارن مثال مصــدرية القــرآن الكــريم بوصــفهاــة أصــول كــل مــذهب إســالمي مصــدرا مشــتركا، ولكن من زاوي

بحسب ما يواجهه من مسائل وعوائق مانعة من الحجية. فأصــول الفقــه المقــارن يبحث في تلــك المصــادر أو األدلــة االجتهادية المختلــف فيهــا مــادة أو منهجــا، ومــدى أهليتهــا لتكــون

مصدرا أو دليال مشتركا الستنباط الحكم الشرعي منها.ــام ــادر األحك ــو: البحث في مص ــارن ه ــه المق ــول الفق فأصــة اعتبارهــا، والمختلــف فيهــا فق عليها من جهة كيفي الشرعية المت

من جهة اعتبارها وعدم اعتبارها بين المذاهب اإلسالمية.

ـ الموضوع ومحور البحوث3 اتضح من تعريف األصول المقارن أن الموضــوع الــذي تــدور حوله مسائله هو المصادر الخالفية والمتوافق عليها بين المــذاهب

اإلسالمية في علمية استنباط األحكام الشرعية.حد في مجموعــة من فمن المعلوم أن المذاهب اإلسالمية تت مصادر التشــريعات الفقهيــة، وهي على العمــوم: القــرآن الكــريم

واإلجماع والعقل، مــع خالف بينهم في تفاصــيل هــذه|وسنة النبيالمصادر، وطرق اعتبارها، وحقيقة بعضها.

وبجانب االتفاق على هذه المصــادر، فقــد امتــازت المــذاهب عن بعضها البعض بمصادر أخرى، كاعتبار سنة الصحابة عند بعض المذاهب وعدم اعتبارها عند آخرى، وكاعتبار سنة أهل البيت عنــد

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد149هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

مذاهب أخرى وعدم اعتبارها عند آخرين.ــدى ــدرس م ــارن نحن نبحث ون ــول المق ــتنا لألص في دراسة في عمليــة اعتبــار ومشــروعية هــذه المصــادر المذهبيــة الخاصــفــق عليهــا استنباط األحكام الشرعية، وكيفية اعتبار المصــادر المت

منهجا وأسلوبا.

ـ الغايات والفوائد4ــام، ــكل ع ــة بش ــوث المقارن ــاع عن البح ــون االنطب ــد يك قــة، الــتي ال رفي واألصول المقارن بشكل خاص، أنها من البحوث الت

ب عليها أثر عملي. يرتجى منها فائدة علمية أساسية، واليترت وفي أحسن االنطباعات ما يعتقده البعض من أن فائدة هــذا البحث تنحصــر في مقــام المحاجــة والجــدل المــذهبيين. فــالبحثــم المقارن يؤمن لهذا الفريق التعرف على المباني الفكرية للخص المــذهبي؛ للكشــف عن الثغــراث المنهجيــة في مذهبــه، وبالتــالي

إثبات عدم صحة بناءاته، وإلزامه بلوازمها. إال أن االطالع التفصيلي على البحــوث المقارنــة وممارســتهار في بعض األحيـان العمليــة تكشــف عن أهميـة علميـة جــادة تـؤث

على سير البحث العلمي ونتائجه. ويمكن هنا ذكـر مجموعـة من الفوائـد ألمثـال هـذه البحـوث

المقارنة، وهي:ــدة األولى : إبـــراء الذمـــة في تبني أو رفض بعضالفائـ

المصادر واألدلة التي من شــأنها أن تنتج أحكامــا شــرعية. فينبغي على الشــيعي دراســة المصــادر التشــريعة الــتي يتبناهــا المــذهب السني والبحث فيها، فإذا أسلمه البحث إلى رفض هــذه المصــادر أو بعضها فسيكون رفضه وعدم اعتماده عليها قائما على مبررات

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد150هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري•

علمية، وبهذا سيخلي ذمته من أي مســؤولية تجــاه هــذه المصــادرواألدلة التي ثبت له عدم صالحية االعتماد عليها.

وكــذلك في الجــانب الســني في مــا يرتبــط ببعض المصــادرــتنباط الحكم ــيعي في اس ــذهب الش ــدها الم ــتي يعتم ــة ال واألدل

الشرعي. فالبحث المقارن في مصــادر التشــريع ضــرورة دينيــة إلبــراء

الذمة أمام الله عز وجل وأمام الحقيقة. : تحديــد مركــز الخالف والوفــاق المــذهبي،الفائدة الثانية

وحدودهما. فقد يبحث األصولي المقــارن في مصــادر الخالف، وال يقوده بحثه إلى تبني أو مشــروعية االعتمــاد على هــذه المصــادر،ــواطن ــرف على م ــه تع ــدة، وهي أن ــيخرج بفائ ــاحث س ولكن الب الخالف مــع اآلخــر؛ فالســني عنــدما يبحث في حجيــة ســنة أهــل

سيتضح مركــز خالفــه مــع اآلخــر الشــيعي في دائــرة هــذا^البيتــة المصدر، فهل أصل مصدرية سنة أهل البيت لم تثبت بدليل حج عنده، أو أن هناك تفصــيال في الحجيــة والمشــروعية، وإنهــا حجــةــني في ــ الس ــيعي ـ ــري، إال أن الخالف الش ــتوى النظ على المســر ــا من دوائ ــبيت؟ وغيره ــل ال ــنة أه ــود من س ــداقية الموج مص

الخالف. وكــذلك عنــد األصــولي المقــارن الشــيعي عنــدما يبحث فين لــه عــدم حجيــة القيــاس كلــه، وقــد حجية القياس مثال، فقد يتبيــوع يظهر له أن خالفه مع السني فيه محدد في نقطة معينة ، أو ن

ن منه، وهكذا. معي فــالبحث األصــولي المقــارن ســيحد من النظــرة الشــمولية لمصادر التشريع عند اآلخــر، والــتي لهــا دور في تشــكيل الصــورة

مطية عن اآلخر المذهبي. الن

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد151هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

س وأســباب الخالفــاتالفائدة الثالثة ــ : التعــرف على أس ــا الفقهية المذهبية، والتماس األعذار لهذا الخالف. وهذا األمر أيض مما يؤمنه البحث المقارن؛ إذ قد يكون هناك خالف بين المــذاهب اإلسالمية حول موضوع فقهي ما، ومن خالل التعرف على مصادر التشريع عند المذاهب وأدلة حجية هذه المصــادر ســيقف البــاحث على أهم المناشئ لهذا الخالف الذي قد يرجع إلى أن يكون خالفا مبنائيا، كأن يعتمد الفقيه الســني في حكم مســألة مــا على )ســد الــذرائع( مثال، فيفــتي بحكم إيجــابي في المســألة؛ وفقيــه شــيعيــبيت ــل ال يفتي بحكم سلبي في نفس المسألة؛ لتوفر نص عن أهنة بسبب الخالف في الفتوى بين في المسألة، هنا سنكون على بي

الفقيهين الشيعي والسني. وألن البــاحث قــد تعــرف على أدلــة الســني في قبــول )ســد الذرائع(، وعلى أدلة الشيعي في حجية )سنة أهل البيت(، ســنعذر لالثنين نتيجتهما الفقهية. فكما أن هناك خالفات فقهيـة بين فقهـاء المذهب الواحد يرجع بعضها العتبار حجية ومشــروعية مصــدر مــاــاء المــذاهب لدى فقيه دون آخر، فكذلك الخالف الفقهي بين فقه

قد يرجع بعضه إلى نفس السبب.ــدة ــف من ح ــدور التخفي ــيقوم ب ــارن إذن س ــالبحث المق ف

الخالف المذهبي، ال أقل في إطاره الفقهي. : تربية النفس على الموضوعية في البحثالفائدة الرابعة

العلمي. فالموضوعية لها دور كبير في جودة البحث بشــكل عــام، وحاجــة البــاحث المقــارن لهــا أجلى وأوضــح؛ ألن المواضــيع الــتيــزداد يبحثها ذات طابع حساس؛ الرتباطها بالجانب المذهبي، وهنا ت

معاناته في االتصاف بالموضوعية. فالواجب أن تكــون لــدى البــاحث المقــارن اللياقــة النفســية

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد152هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري•

ــول ــان البحث ألدوات البحث العلمي، والقب ــليم عن ــة لتس والعلميبالنتائج التي سوف تخلص إليها.

ــول ــية للقب ــة النفس ــة واللياق ــوعية البحثي إن امتالك الموض بالنتائج يحتاج من الباحث السعي الحثيث الكتســاب هــذه الصــفة، وذلك من خالل دراســة آراء اآلخــرين، وبــذل الجهــد في إنصــافهم

فهما ونقدا. ويعتبر الدرس األصولي المقارن من البيئات العلميــة الهامــة

المساهمة في بناء هذه الموضوعية. : المساهمة في تطوير الدرس األصــوليالفائدة الخامسة

ــادر ــة المص ــه في دراس ــارن خالل تجربت ــولي المق ــام. فاألص الع الخالفية سوف يكتســب عناصــر جديــدة، بعضــها غــير متــوافر في بيئته البحثية، وهذا سيفيده في تطــوير األدوات البحثيــة المعتمــدةــذاهب ــا الم ــلوبا أو أداة عرفته ــا أو أس ــل منهج ــوله، فلع في أص

األخرى لم يعرفها علماء مذهبه.ــاحث ــا الب ــرج به ــدة يمكن أن يخ ــة من الفوائ ــذه مجموع ه المقارن من هذا النوع من البحث. وثمــة فوائــد أخــرى تظهــر من

ثنايا البحث، وتراكم التجربة في هذا الميدان.

ـ بين أصول الفقه المذهبي والمقارن والعام5 اتضح من المقدمة التمهيدية أن موضــوع أصــول الفقــه عنــد المــذاهب اإلســالمية على المســتوى النظــري يشــمل كــل األدلــة ومصادر التشريع الــتي من شــأنها أن تنتج أحكامــا شــرعية؛ ولكن على المستوى التطــبيقي لم يلــتزم أصــول الفقــه عنــد المــذاهبقت دائرتــه على مجموعــة من األصــول بهذه الشمولية، وإنما تضي العامة واألصول المذهبية. فال نجــد في الــدرس األصــولي الســني

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد153هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

بحوثا مرتبطة ببعض األدلــة المبحوثــة في أصــول الفقــه اإلمــاميــامي ــدرس األصــولي اإلم ــود في ال ــذلك العكس، فال وج مثال؛ وك لبحوث مرتبطة ببعض األدلة المبحوثة في أصول الفقه السني، ال

أقل في األصول المعاصر.وعلى هذا يمكن تقسيم علم أصول الفقه إلى فرعين:

: نطلق عليه أصول الفقه المذهبي، وهو أصول الفقهاألول الخاص بكل مذهب من مذاهب المسلمين، كأصول الفقه اإلماميــه ــول الفق ــدي وأص ي ــه الز ــول الفق ــه الحنفي وأص ــول الفق وأص اإلباضي وغيرها. وفيــه يتم تنــاول األصــول االجتهاديــة العامــة بين عموم المسلمين واألصول االجتهادية الخاصة بهذا المذهب، والتي قد يقــع الخالف فيهــا بين علمــاء هــذا المــذهب في جزئيــات هــذه

األصول والمصادر. : نطلق عليه أصول الفقه المقــارن، وهــو الــذي يهتمالثاني

بدراسة األصول الخالفية بين المــذاهب اإلســالمية، بالمقارنــة بينأدلة قبولها ورفضها، بالتفصيل المذكور سابقا.

ــدرس كـل تلـك األصــول ففي هذا الفرع من أصـول الفقـه ت بجانب بعضــها البعض، من دون مالحظــة انتمائهــا المــذهبي، فيتم ــة وفقــا ــة الطــرفين أو مــا يمكن أن يســاق من أدل اســتعراض أدل لمباني كل مذهب، فتناقش هذه األدلة، وتعطى النتيجة المتوقعــة

وفقا للمباني. وينبغي المالحظة هنــا أن بعض األصــول لم تنــاقش بعنوانهــا المستقل، ولكن يمكن أن تكون قد نوقشت ضمن موضــوع آخــر،ــه ــة في أصــول الفق ــار. فبجول ــارة واالختص ــو اإلش ــو على نح ول اإلسالمي نالحــظ أن ثمــة موضــوعات تمت مناقشــتها وبحثهــا في أصول الفقه اإلمــامي أو الســني، وهي موجــودة في أصــول فقــه

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد154هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري•

المذاهب اإلســالمية األخــرى، لكنهــا ليســت بعنوانهــا، وإنمــا بحثت بعنوان آخر، أو أن روح البحث وجوهره تم بحثه ضــمن بحث آخــر أو بعنوان آخر. فقد ذهب بعض إلى أصــول الفقــه اإلمــامي يبحثــواجب(. ــة ال موضوع )سد وفتح الذارئع( بعنوان آخر، وهــو )مقدم وإن بحث )إجمــاع أهــل المدينــة( يرجــع في روحــه إلى مــا بحثــه

أصول فقه اإلمامية بعنوان )عمل المشهور وإعراضهم(. فمادة أصول الفقــه المقــارن يمكن الحصــول على كثــير من

موادها في ثنايا أصول الفقه المذهبي.ــدر أن جمــع الفرعــان األصــوليان ضــمن درس وبحث وإذا ق واحد فسيكون اإلطار العام الجامع هو )أصول الفقه اإلسالمي( أوفق )أصول الفقه العام(، الجامع بين طياته األصول االجتهادية المتــذاهب، ــل الم ــاتها من ك ــلمين، ومناقش ــاء المس ــا بين علم عليه كالبحث حول مصدرية القرآن الكريم، وتذكر كل المناقشات التي سجلها علماء المسلمين، اإلماميــة والزيديــة واإلباضــية واألحنــاف

والشافعية وغيرها، وكذلك بقية المصادر. كما يتناول األصول الخالفيــة بين المــذاهب باســتعراض أدلــةـة ــتعرض أدلـ ــا. فتس ــة بينه ــتها، والموازن ــراف، ومناقش ــل األط ك

، ومناقشــات علمــاء أهــل^اإلمامية في حجيــة ســنة أهــل الــبيتالسنة لهذه األدلة، وكذلك بقية المصادر.

وبتعبير آخر: أصول الفقه العام يتناول المواد األصولية الــتي بحثها علماء المسلمين، مع تجاوز حاجز االنتمــاء المــذهبي للمــادة األصــولية ومصــدرها. ويتم التعامــل معهــا وفــق المنهج األصــوليى عند الباحث. كل هذا ليصل علم أصول الفقــه إلى نضــجه المتبن. في مساهمته الستنباط الحكم الشرعي الحجة عند الله عز وجل

خاتمة

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد155هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

عرفنا بعد هذه المحاولة المتواضعة للتأصيل النظري ألصول الفقــه المقــارن حجم الفــراغ الموجــود في هــذا الفــرع من علمــاحثين المهتمين ــاء والب ــذي يتطلب من العلم ــه، وال ــول الفق أص بأمثال هذه البحوث والدراسات المزيد من االهتمام بــه؛ للوصــول بـــه إلى المســـتوى المطلـــوب في حوزاتنـــا العلميـــة وجامعاتنـــاــة ــام التعليمي والممارسـ ــه في النظـ ــذ طريقـ ــة، فيأخـ األكاديميـ

االجتهادية، والتأثير على واقعنا الذي يحتاج إلى نهضة جادة.

الهوامش

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد156هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في اإلرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

الرد في اإلرث في ضوء القرآنالكريم

دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤيةالمحقق الخوئي

*(*()د. الشيخ خالد الغفوري الحسني

المقدمة للوارثفي البدء ينبغي أن نعرف حاالت قسمة التركة؛ فإن

عدة حاالت؛ فهو تارة ينفرد؛ وأخرى يتعدد: ففي حالــة االنفــراد إن كــان الــوارث يــرث بغــير فــرض ]= بالقرابة[ فإنه يحوز جميــع التركــة، كــاالبن؛ وأمــا إن كــان الــوارث يرث بالفرض؛ فإن كــان من ذوي األنســاب فيأخــذ البــاقي بــالرد،ـة، كـالبنت الواحـدة؛ وأمـا إن كـان من ذوي األسـباب ـ طبقا لألدل كالزوج أو الزوجة ـ فإما أن يقال بالرد عليه؛ وإما يعود الزائد إلى

اإلمام، وحينئذ ال تبقى أي زيادة. وأما في حالة تعدد الوارث فلذلك عدة أقسام:

أـ إما أن يرث كل واحد منهم بالقرابة، دون الفرض، فالمـالبينهم، وال يفضل شيء من التركة، كاجتماع ابن وبنت.

ــة، فيأخــذ ب ـ وإما أن يرث بعضهم بالفرض، واآلخــر بالقراب ذو الفرض فرضه، والباقي للوارث بالقرابة، فال يفضل شــيء من

التركة، كاجتماع األب واالبن. . من العراق.^ورئيس تحرير مجلة فقه أهل البيت العالمية،| عضو الهيئة العلمية في جامعة المصطفى)*(*(

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد157هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

ج ـ وإما أن يرث جميع الورثة بالفرض، وفيه عدة صور، تبعا: (349)لنوع النسبة بين التركة والسهام

ــتي يســتوي فيهــا مالهــاالصورة األولى: وهي الصــورة ال وفروضـها، وذلـك فيمـا إذا كـان الورثـة أصـحاب فـروض، وكـانت

، فيقع التساوي بين التركة والســهام.(350)فروضهم مساوية للتركةوسميت هذه المسألة بالعادلة، كالزوج واألخت.

وهي الصــورة الــتي تزيــد فروضــها علىالصورة الثانيــة: ــة ــتين وأب وأم وزوج، أي تنقص الترك مالها، وسميت بالعائلة، كبن عن الســهام، وذلــك ال يتحقق إال بمزاحمــة الــزوج أو الزوجــة إمــاــل األبــوين أو األب. للبنت أو البنـات، أو لألخت أو األخــوات من قب

.(351)والقول بالعول ناظر إلى هذه الصورةوأما ما هو الموقف في معالجة هذا النقص؟

المعـــروف لـــدى المـــذاهب الســـنية هـــو القـــول بـــالعول؛ القــول بعــدم العــول، وورود النقص^والمعروف عن أهــل الــبيت

على البنت أو البنات. ــا على فروضــها،الصــورة الثالثــة: ــد ماله ــتي يزي وهي ال

، بــل قــد يطلــق(354) أو الــرد(353) أو العاذلة(352)وسميت بالقاصــرة. (355)عليها الناقصة. (356)أبوان، وبنت(: 1مثال )

لألبـــــوين الثلث = 13 =

2، وللبنت النصـــــف = 6

12 =

36،

واإلخوة ال شيء لهم. 1فهنا تكون التركة زائدة على السهام، كالتالي:

3 + 12 =

26 +

36 =

56

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد158هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في اإلرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

فزيادة التركة = 66-

56 =

16

زوجة، وبنت. (: 2مثال )للزوجة الثمن =

1، وللبنت النصف = 8

12 =

48

1فهنا تكون التركة زائدة على السهام كالتالي: 8 +

48 =

58

فزيادة التركة = 88 -

58 =

38

زوجة، وبنتان فصاعدا.(: 3مثال )للزوجة الثمن =

18 =

3، وللبنتين الثلثان = 24

23 =

1624

3فهنا تكون التركة زائدة على السهام كالتالي: 24 +

1624 =

1924

فزيادة التركة = 2424 -

1924 =

524

وليعلم أنه في صورة زيادة التركــة على الفــروض فــإن هــذاالمقدار الزائد عن الفروض له ثالث حاالت:

ــأنثى، وهيالحالة األولى: إذا كان ثمة من يتصل بالميت ب طبقة أولي األرحام بحسب ما هــو المصــطلح في الفقــه الســني،ال في كما لو كان الوارث أختين مع خال. وهذه الحالة تبحث مفصــ

بحث )إرث أولي األرحام( المختلف فيه بين الفقهاء. إذا لم يكن ثمــة وارث غــير أهــل الفــروض.الحالة الثانية:

ــرد عليهم أو ال؟ وهــذه الحالــة تبحث في بحث وهــذا الزائــد هــل ي)الرد(. وهو من المسائل الخالفية أيضا أصال وفروعا.

بالحالة الثالثة: بة ـــ بحســ إذا كان ثمة عاصــب ـــ أو عصــ

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد159هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

اصطالح الفقه السني. وهذا هو المراد بحثــه هنــا بالدرجــة األولى. وتجدر اإلشارة الى أنهم ذكروا للعصبة بعض التعاريف، منها: إنهــا

؛ أو كــل ذكــر ليس بينــه وبين الميت أنــثى،(357)الوارث بغير تقديرـدلي إلى(358)لي بهماوهم األب واالبن ومن يد ــ ــر ال ي ــل ذكـ ؛ أو كـ

.(360)؛ أو إنهم القرابة الذكور الذين يدلون بالذكور(359)الميت بأنثىبة، وهــو كما أن البحث هنا ينصب على نوع واحــد من أنـواع العصـ

العصبة بنفسه.

مفاصل البحث الموقف تجاه مشكلة زيادة التركة عن السهام

وأما ما هو الموقف تجاه زيادة التركة عن سهام الورثة؟ لقد اختلف موقف الفقه اإلمامي عن موقــف الفقــه الســني

تجاه هذه الزيادة: بة المعروف عند المذاهب السنية القــول بالتعصــيب. فالعصــ

يرثون هذه الزيادة.ــرد ^والمعروف عن أهل البيت عدم القول بالتعصــيب، بــل ي

أو بعضا. الفاضل على الورثة الذين يرثون بالفرض، كالإذن، حلت هذه المشكلة بشكلين، وهما: التعصيب؛ والرد.

والشكل األول في تقسيم الزائـد من التركـة هـو مــا اختـارهــأخرة إذا ــدرجات المت أهل السنة من إعطاء الباقي للطبقات أو ال كانوا من العصبة. ومن هنــا جــاء اســم التعصــيب، أي دفــع المــال

للعصبة. والشكل الثاني في تقسيم الزائد من التركــة هــو مــا اختــارهــة على ذوي الفــروض ــة من رد الفاضــل من الترك ــاء اإلمامي فقهــدرجات ــات أو ال ــائر الطبق ــة، دون س ــك الطبق ــبيين من تل النســزوجين مــع ــرد على ال ــة؛ ألنهم أقــرب إلى الميت. نعم، ال ي التالي

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد160هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في اإلرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

اجتماعهما مع األنساب، وأما مع انفرادهما عن األنساب ـ كمــا لــو انحصر الوارث بالزوج فقط أو بالزوجة فقط ــ ففي ذلــك اختالف

ن في بحث الرد. وتفصيل، كما هو مبي

أدلة اإلمامية لقد استدل اإلمامية على رد الزيادة على الوارث ذي الفرض في هذه الحالة وعــدم إعطائهــا للعاصــب بعــدة وجــوه. وغايــة مــا يمكن استفادته من كلمات الفقهاء واســتدالالتهم ســبعة أو ثمانيــة

ــة&وجوه. ولكن الوجــه الــذي أفــاده المحقق الخــوئي هــو: إن أدل اإلرث الدالة على تعيين الفروض هي بذاتها يستفاد منها توزيع كلــة التركة على ذوي الفروض، بحيث ال يبقى باق كي نحار في كيفيــات التعامل معه ولمن يعطى، بل ال زائد ثمة. وهذا الوجــه في إثب

.&الرد وإبطال التعصيب هو الذي ابتكره المحقق الخوئي ل قراءة خاصة وتفســيرا مة، وتمث وهي وجهة نظر جديدة وقي تجديديا للنص القرآني؛ فإننــا لــو ألقينــا نظــرة على الوجــوه الــتي يستدل بها عادة، أو يمكن انتزاعها من كلمات الفقهاء، فإنها تخلو

من ذكر هذا الوجه أو اإلشارة إليه. ونحن في هــذه المقالــة نتصــدى لتســليط الضــوء على هــذهالرؤية، وبيانها، وعرض أدلتها أوال، ثم تحليلها وتقويمها وتكميلها.

ق الخوئي &تبيين رؤية المحقــني،&لقد استدل المحقق الخوئي على إبطال التعصيب الس

يكم﴿وإثبات الرد اإلمامي، بهذه اآليات، وهي: قوله تعــالى: يوصــ�اء ثل حظ األنثيين� فإ�ن كن ن�ســ الله ف�ي أوالد�كم ل�لذكر� م�ا دة فلهــ ــ �ن كــانت واح� ــرك وإ فوق اثنتين� فلهن ثلثا ما ت�ن ــرك إ ا ت م دس م� نهمــا الســ د م� النصف وألبويه� ل�كل واح�

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد161هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

ه� الثلث كان له ولد فإ�ن لم يكن له ولد وور�ثه أبواه فألمي ية يوصــ� ن بعد� وصــ� دس م� ه� الس �خوة فألم فإ�ن كان له إ

ا أو دين ف مــا﴿(، وقولــه تعــالى: 11 )النســاء: ﴾ب�هــ ولكم ن�صــــان لهن ولــد إ�ن ك �ن لم يكن لهن ولــد فــ تــرك أزواجكم إا أو دين ين ب�هــ ية يوص� ن بعد� وص� ا تركن م� م بع م� فلكم الرإ�ن كــان ــد فــ �ن لم يكن لكم ول ــركتم إ ا ت م ــع م� ب ولهن الرون ية توصــ ن بعد� وصــ� ا تركتم م� م لكم ولد فلهن الثمن م�ــه أخ ــة أو امــرأة ول ب�ها أو دين وإ�ن كان رجل يورث كاللن ــر م� دس فإ�ن كــانوا أكث نهما الس د م� أو أخت فل�كل واح�ية يوصى ب�ها أو ن بعد� وص� ذل�ك فهم شركاء ف�ي الثلث� م�

يستفتونك قل﴿وقوله تعالى: (،12 )النساء: ﴾دين غير مضار�ن امرؤ هلك ليس لــه ولــد ولــه الله يفت�يكم ف�ي الكاللة� إــد ا ول �ن لم يكن لهــ أخت فلها ن�صف ما ترك وهو ير�ثها إ

ا تـرك م ،(176 )النســاء: ﴾فإ�ن كانتا اثنتين� فلهما الثلثان� م� حيث ادعى أن ظاهر اآليات يستفاد منه كون تقسيم الحصص في

اإلرث تقسيما بالنسبة، ال على اإلطالق. ــدمهما المحقق ــذين ق ــوابين الل ــد الج ــو أح ــان ه ــذا البي وه

لما قد يتوجه من اإلشكال على تعــيين ســهام اإلرث في&الخوئي الشريعة اإلسالمية، من أن بعض السهام ال مصــداق لهــا، كــالبنتن سهمها، وهو النصف، بيد أنه ال توجد صورة واحدة ترث التي عي

.(361)فيها البنت الواحدة النصف ولهذا التقسيم باب في علم الحساب، ومنــه: مــا»: &ثم قال

×نسب الى أمير المؤمنين حينما أوصى رجل له سبعة عشر بعيراعا، فأضـاف ×بأن يعطى أحد أوالده نصفا واآلخر ثلثـا والثـالث تســ

ــف مها بينهم: لصاحب النص إليها بعيرا، فصارت ثمانية عشر، فقس

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد162هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في اإلرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

تسعة، ولصاحب الثلث ستة، ولصاحب التســع اثنــان، فبقي واحــدب مـوازين×فأخــذه . وهـذا التقسـيم هـو التقســيم الصـحيح بحسـ

.(362)«القسمة بالنسبة

الفرق بين التقسيم المطلق والتقسيم بالنسبة لقد ذكر تقريبان لكالم المحقق الخوئي في بيان الفــرق بين

التقسيم المطلق والتقسيم بالنسبة:

ق الخوئي &التقريب األول لرؤية المحق &وهــو مــا يظهــر من تقريــرات بحثــه المطبــوع. وقــد أوضح

الفرق بين التقسيم المطلق والتقسيم بالنسبة بأن للمــال الواحــدب الحصــص المشــاعة بينهم، فكــان إذا جعل ألشــخاص على حســ المال زائــدا على حصصــهم؛ فإمــا أن ال يكــون من األول لهم، بــل لهم الحصص فقط؛ وإما أن يكــون المــال من األول لهم، ثم تــبين

كيفية التقسيم على الحصص المذكورة. إذن هنا حالتان. ــه تـارة يوصــي الميت بـأن ومثال ذلك في بـاب الوصـية؛ فإن لولده األكبر نصف األغنام، ولولده األوسط ربعها، ولولده األصــغر ثمنها، فيبقى حينئذ ثمن األغنام خارجا عن مورد الوصــية، فينتقــل

إلى الورثة. ن كيفيــة وأخرى يوصي أن تكــون جميــع األغنــام لهم، ثم يــبيــدي الثالثــة، القسمة، كما لو قال: مــا أتركــه من األغنــام كلهــا لولم المــال نصفها لألكبر، وربعها لألوسط، وثمنها لألصــغر، فــإذا قســــا، وهــذا الثمن أيضــا داخــل في الوصــية، فنصــفه ــد ثمن بينهم يزي لألكبر، وربعــه لألوســط، وثمنــه لألصــغر، ويبقى ثمن الثمن أيضــا،

م هكذا، وهكذا إلى أن تستوفى التركة. فيقس

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد163هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

ومورد التقسيم بالنسبة إنما هو الثــاني، ال األول. والمســتفاد من آيات اإلرث أن الوارث هم أولو األرحام واألقربون. فما تأخذه البنت إذا اجتمعت مع األبوين ـ أو مع أحــدهما ـــ النصــف بالنســبة

إلى التركة. (، ولكــل واحــد من15( دينارا كان لهــا )30فلو ترك الميت )

ــا ) ــاقي )5أبويه ــذ البنت نصــفه5(، والب ــة، فتأخ ( أيضــا من الترك واألبوان سدسيه، ويبقى سدس السدس، وهكذا إلى أن تســتوفى

التركة. (، ونصــف النصــف15وكذا لو انفردت البنت، فلها النصــف )

(، إلى أن3.75(، ونصف النصف الباقي، وهــو )7.5الباقي، وهو ) تستوفى الفريضة. فال تتصور هنا زيادة أبدا؛ ألن التقسيم كمــا هــو

.(363)ظاهر اآليات المباركة تقسيم بالنسبة، ال على اإلطالقــوئي أن&وبهذا البيان الفني والصناعي استطاع المحقق الخ

د صــحته، قــال: وبهــذا يتضــح»ينتصر لموقف الفقه اإلمامي، ويؤكــا ــا ورد عن أئمتن ــا لم ــا األعالم، تبع ــه فقهاؤن ــا ذهب إلي ــحة م ص

إنه ال يتصور على هذا ف؛(364)«المعصومين، من بطالن التعصيب... في الخارج مورد تكون فيه الزيــادة على التركــة؛ كي يبحث عنــه.

هــو الموافــق لظــاهر(365)فما ورد من أن العصبة في فيه الــتراب هذا الوجه أول الوجوه في إبطال&. وقد جعل(366)اآليات المباركة

. (367)التعصيب

تعليق وتعميق وتكميل : &لدينا بعض التعليقات على ما أفادهأقول:

، وهو المحكي عن اإلمام أمــير&إن المثال الذي أوردهأوال: في قسمة اإلبل الموصى بهــا، ال ينطبــق على المقــام×المؤمنين

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد164هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في اإلرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

من كون القسمة بحسب النسبة؛ وذلك ألن كــل واحــد من هــؤالءنــة لــه بلحــاظ الثالثة الموصى إليهم قد أخذ أكثر من الحصة المعي كـل المـال، أي ال يصـدق النصـف على مـا أخـذه األول، وال الثلث على ما أخذه الثاني، وال التسع على ما أخذه الثالث؛ فــاألول أخــذ أكثر من النصف كثيرا، والثاني أخذ أكــثر من الثلث قليال، والثــالث

ــا لــو بــدلنا اإلبــل بالقيمــة، أي أكثرأخذ من التسع، وهذا يتضح جلينبدلها إلى دنانير؛ تخلصا من الكسور.

( دينــارا،54وبيان ذلك: إننــا نفــترض كــون قيمــة كــل بعــير )ــارا 54فيكون مجموع التركة = قيمة البعير الواحد ) (17 )×( دين

دينارا. 918بعيرا = أــ فلو كانت القسمة بــاإلطالق لــوجب تعــيين الحصــص كمــا

يلي: ــارا، وللثـــاني )الثلث( = 459لألول )النصـــف( = 306 دينـ

دينارا. 102دنانير، وللثالث )التسع( = (، ال يعطى ألحد من الموصى لهم. 17والباقي )

ب ـ ولو كانت القسمة بالنسبة لــوجب تعــيين الحصــص كمــايلي:

(، وهكـذا، وهــو ال8.5 دينارا، ونصــف البـاقي )459لألول = ( دينارا. 469يتجاوز )

(، وهكــذا، وهــو5.666 دينارا، وثلث الباقي )306وللثاني = ( دينارا. 313ال يتجاوز )

(، وهكذا، وهــو1.888 دينارا، وتسع الباقي )102وللثالث = ( دنانير. 105ال يتجاوز )

ــذوه ج ـ ولكن بحسب ما ذكر في المثال المنقول كان ما أخكما يلي:

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد165هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

دينارا، وهو أكثر من النصف486 ـ= 54 ـ× 9ـ( ـ= 9لألول )( دينارا.17النسبي بما يزيد عن )

دينارا، وهو أكثر من الثلث324 ـ= 54 ـ× 6ـ( ـ= 6وللثاني )( دينارا.11النسبي بما يزيد عن )

من التسع أكثر دنانير، وهو108 ـ= 54 ـ× 2( = 2وللثالث )( دنانير.3النسبي بما يزيد عن )

ــا بلحـــاظ الحصـــص المطلقـــة )وهي: النصـــف والثلث وأمـ والتسع( فهي تفوق على الحصص المطلقة أيضا. وهذه الزيــادات

(. 17استوفوها من الفائض من مجموع المبلغ، وهو ) وهذا ما يكشف عن وجــود نكتــة في القســمة المـذكورة في

وهي عبــارة عن وجــود قرينــة،×النص المأثور عن أمير المؤمنينخاصة في المورد.

ــا: ــاده المحققثاني ــذي أف ــ ال ــه ـ ــذا الوج ــأن ه ال يخفى بــوئي ــروض دون&الخ ــحاب الف ــل ألص ــتدالل على رد الفاض لالس

العصبة ـ لو تم فإنما يتم في صــورة اجتمــاع ذوي الفــروض، وأمــا في صورة انفــراد ذي الفــرض بــاإلرث فال يمكن اإلفــادة من هــذا الوجه. فلو كان الوارث بنتا فلها النصف بالفرض، وأمــا رد البــاقي

ك بآيــة أولي األرحــام.عليها فهــو بحاجــة إلى دليــل آخــ ر، كالتمســ وعليه فإن اآليات المعينة للســهام لوحــدها ال تــدل على رد الزائــد

على الورثة. ضح مما ذكرنــاه في النقطــة األولى أن للقســمةثالثا: قد ات

ــمة أكثر من معنى؛ فتارة يراد القسمة العرفية؛ وأخرى يراد القسعلى اإلطالق؛ وثالثة يراد القسمة بالنسبة.

ونحن إذا دققنـا النظـر يتضــح عـدم كــون هـذه األقســام في عرض واحد؛ لعدم كونها أقساما لمقسم واحد. لذا فاألدق القــول:

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد166هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في اإلرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

تنقســم القســمة إلى قســمين: قســمة على اإلطالق؛ وقســمةبالنسبة.

وكل منهما تارة يلحظ بالمنظار العرفي المسامحي؛ وأخــرى يلحــظ بالمنظـار الرياضـي الــدقي. وإن شــئت قلت: إنهــا تنقســم

بلحاظ آخر إلى: قسمة عرفية مسامحية؛ وقسمة رياضية دقية. فالقسمة الملحوظة باللحــاظ العــرفي المســامحي

وم أدنى م�ن﴿من قبيــل: قولــه تعــالى: إ�ن ربك يعلم أنك تقـن الذ�ين معــك واللــه ثلثي الليل� ون�صفه وثلثه وطائ�فة م�

وه فتــاب عليكم ﴾...يقدر الليل والنهار عل�م أن لن تحصــ وهي هنا قسمة عرفية مسامحية؛ فإن المراد من،(20)المزمل:

قيام ثلــثي الليــل أو نصــفه أو ثلثــه قيــام هــذه األزمنــة على وجــهالتقريب، ال الدقة والتحقيق، كما هو صريح اآلية.

وأما القسمة الملحوظة باللحاظ الرياضــي الــدقيقــا غن�متم م�ن﴿فهي من قبيــل: قولــه تعــالى: ــوا أن م واعلم

سول� ول�ذ�ي القربى واليتامى شيء فأن لله� خمسه ول�لرب�يل� اك�ين� وابن� الســ ــال: ﴾...والمســ ــراد؛(41 )األنف ــإن الم ف

استقطاع )الخمس( من المال كله، وحساب المال بصورة دقيقة، من دون ترك شيء منــه، ولــو كــان يســيرا؛ إذ مــع تــرك شــيء ال يصدق عليه أنه أخرج الخمس من جميــع مالــه. وكــذا في حســاب

األنصبة في الخمس والزكاة. ـ ال على اإلطالق ـ فهي من قبيل:وأما القسمة بالنسبة

قسمة المال المشاع بين الشركاء، وقسمة الــربح في المضــاربة؛ب ــه بحســ ــال كلــه وتقســيمه على أرباب ــا الم ــإن الملحــوظ هن ف

حصصهم. ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

167هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

فهي من قبيل: أغلب مواردوأما القسمة على اإلطالقــأن لزيــد الثلث، ولبكــر الوصية السائدة، فحينما يوصي الموصي ب الربع، ولعمرو الخمس، فيلحظ إعطــاؤهم النســب المــذكورة من

المال فقط، من دون أي زيادة، وأما الفاضل فيدفع للورثة. ــة النحــو المــراد منوهنا يبرز سؤال: ــف يمكن معرف كي

القسمة في األدلة في ما نحن فيه ـ أي في باب اإلرث ـ ما دامتكل هذه األنحاء واللحاظات ممكنة وواقعة؟

ــواب: في&إن الظـــاهر من بيانـــات المحقق الخـــوئيالج المقام أن المقصود هنا من تعــيين الســهام هــو النــوع الثــاني من

...إن ظاهرهــا ـــ أي» :&التقســيم، وهــو التقســيم بالنســبة. قــال .(368)«اآليات ـ كون التقسيم تقسيما بالنسبة، ال على اإلطالق

المناقشة إن هذه مجرد دعوى غير بينة، وال مبينة، فتفتقر إلى الدليل. ــتي عينت الفــرائض ينا نحن واآليات ال فالصحيح هو أننا لو خلــا التقســيم بنحــو اإلطالق. وهــذا مقتضــى الظهــور الســتفدنا منه األولي، كما هو واضح. وهذا المعنى هــو الــذي يتبــادر إلى الــذهن،رين، على اختالف ــ ــاء ومفس ــل من فقه ــل أو الك ــه الج ــا فهم كم

مذاهبهم. ؛ لعدم حجيته،(369)وليس هذا من باب التمسك بمفهوم العدد

بل لكون المقام مقــام القســمة، فيشــكل هــذا قرينــة حاليـة علىإرادة االقتصار على الحصص المذكورة، دون زيادة عليها.

وأيضا المتبادر من تعــيين الســهام عنــد اإلطالق هــو اللحــاظــه المعــنى الحقيقي الرياضي والدقي، ال العــرفي المســامحي؛ فإن

لهذه الكسور، كالنصف والثلث والربع وغيرها. ــبة ـ وأما إرادة النوع الثاني من القسمة، وهو التقسيم بالنس

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد168هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في اإلرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

وكذا إرادة اللحاظ العرفي المسامحي ـــ، فهــو بحاجــة إلى نصــبقرينة تدل عليهما.

ــه في بــاب اإلرث قــد قــامت القرينــة اللفظيــة وهنا يدعى أنل المنفصــلة على إرادة التقســيم بالنســبة، وهــذه القرينــة تتمث

، أو ما دل على(370)بالكتاب والسنة. أما الكتاب فآية أولي األرحام . وأما السنة فالمتواتر من األخبــار الــواردة عن(371)توريث األقرب

(372)^أئمتنا . فنرفع اليد عن ذلك الظهــور األولي،(373) تواترا معنويا وينعقد ظهــور ثــانوي؛ بســبب القرينــة الــتي تفيـد انحصــار الورثــة باألقرب. ومع وجــوده ال تصــل النوبــة إلى تــوريث الــذي يليــه من الورثة. ومقتضاه استئثار األقرب بالتركة، لكن بنسبة ســهمه منهــا

من جميع المال. ثم إنه ال مجال للتشكيك في هذه القرينة، وال في ما تقتضيهــه على أســاس التســليم بهــذه القرينــة ثبت القــول من ظهور؛ ألن بالرد، وعلى أساس التســليم بمــا تقتضــيه من ظهــور ثبت القــول بكــون الــرد يكــون على أســاس الســهام بالنســبة. أجــل، لم تقم

القرينة هنا على إرادة اللحاظ العرفي المسامحي. ــا: إن التفــاوت بين اللحــاظ الرياضــي الــدقيق وبينرابع

اللحاظ العرفي المسامحي واضــح دائمــا؛ حيث يغض عن الزيــادةفيه أو النقيصة منه إذا كانتا قليلتين.

وأما التفــاوت بين القســمة على اإلطالق والقســمة بالنســبةضح فيما لو تعددت الكســور والنســب المئويـة، وإال لـو فهو إنما يتحدت فال تفاوت بينهمــا حينئــذ. فصــاحب النصــف إذا انفــرد فلــه ات نصف المال، والقســمة هنــا لهــا صــورة واحــدة ال أكــثر، ولكن إذاــر ثلث، أو تعدد أصحاب الحصص، كما لو كان ألحدهم نصف ولآلخ كان ألحدهم ثلث ولآلخر ربع وللثالث خمس، فهنا تختلــف النتيجــة

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد169هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

بحسب اختالف القسمة المقصودة. فلــو كــان المقصــود القســمة على اإلطالق فيبقى فاضــل عن المــال المقســوم، وأمــا لــو كــانر القســمة ــر ــل تتك ــاق، ب المقصــود القســمة بالنســبة فال يبقى ب بحسب الحصص عدة مرات حتى يفنى المال حقيقة أو تقريبا، أي

يبقى منه شيء حقير ال اعتداد به لدى العقالء. فــإن×وأما فى المثال المأثور عن أمــير المؤمــنينخامسا:

ب القاعـــدة هي القســـمة على اإلطالق، ال نـــوع القســـمة بحســـ القسمة بالنسبة. وأيضا ال بد أن تكون ملحوظة باللحاظ الرياضــي

الدقي. على وجـود×ومن هنا ينبغي أن تحمل فتوى أمــير المؤمــنين

قرينة لفظية أو حالية تفيد إرادة الموصي في تلك الوصية بالذات. هــذا أوالالقســمة بالنســبة، ال القســمة على اإلطالق، :وثانيــا

ــة على أن الموصــي قصــد قســمة ينبغي افتراض وجود قرينــة دال اإلبل سالمة، ال قسمة لحمها؛ فإن مــا قصــده الموصــي ليس هــو تقسيم اإلبل ولو بتقطيع لحمها إلى أجزاء، بــل قصــد التوزيــع مــع حفظ سالمة اإلبل؛ لينتفع بها الموصى له بما هي إبــل، ال بمــا هيــك لتمت ــرض أن الموصــي لم يكن يقصــد ذل ــو ف لحم وعظم. ول القسمة بنحو آخر، ولوجب التقسيم بحسب القيمة تقسيما دقيقا، من دون تســامح بالكســور واألعشــار. وبحكم هــذه القرينــة يصــح القول بأنها كانت قســمة عرفيــة مبنيــة على التســامح والتقــريب،ــه من البعيــد رفة، وإال فإن ولم يرد القسمة الرياضية والعقلية الصــ جــدا افــتراض تســاوى اإلبــل في القيمــة والســن وفي الخصــائص

كافة. ومن الطريف أن الرواية التي عثرنا عليها تشتمل على هــذه القرينـــة، وأن المشـــكلة بين األشـــخاص الثالثـــة تتعلق بانكســـار

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد170هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في اإلرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

الحصص، كما سوف تطلع عليه. ــا: ــة المــأثورة عن أمــيرسادس ــثر على الرواي ــا لم نع إنن

ــانت واردة×المؤمنين ، التي أشار إليها المحقق الخوئي من أنها ك في تقسيم مال موصى به. والــذي عثرنــا عليــه هــو روايــة أخــرىــذكر كونهــا في تشــتمل على نفس األعــداد والحصــص، لكن لم ي الوصية، بل ذكر نزاع ثالثة أشخاص في المال. ونص الروايــة كمــا

ــه جــاءه»يلي: ــة ابن المقــرئ: إن ــة رجــال×عن شــرح بديعي ثالث يختصمون في ســبعة عشــر بعــيرا، أولهم يــدعي نصــفها، وثــانيهم

ر. فقــال ــرد على كــل منهم الكســ عها، وكــان ي ×ثلثها، وثالثهم تســــمها بينكم؟»لهم: ــا وأقس ــيرا مني فوقه ــع بع ون أن أض ــ ،«أترض

قالوا: نعم، فوضع واحدا فوقها من نفسه، فصـارت ثمانيـة عشـر،عها فأعطى األول نصفها تسعة، والثــاني ثلثهــا ســتة، والثــالث تســ

. (374)«×اثنين، وبقي بعيره لهأقول:

ـ لم أعثر على المصدر األصــلي الــذي نقــل منــه التســتري1هذه الرواية. ومن المستبعد تمامية سندها.

ــ إن المحقق الخــوئي2 ــة في&ـ ــذه الرواي لم يســتند إلى هدا، ولــذا ال يضــر رؤيته التي أفادها، بل اعتبر الروايــة شــاهدا ومؤي

يتها؛ فإن مستنده كان هو ظهور اآليات. إرسالها أو عدم حج ـ الظاهر بحسب هذا النقل أن النزاع والخصومة بين أولئك3

الرجال الثالثة لم تكن في أصل الشركة، بل كــانت المشــكلة فيانكسار الحصص بسبب القسمة.

ــه بنــاء على اعتبــار الســهام بالنســبةسابعا: قد يقــال : إنم الزيادة على الورثــة بنســبة يلزم القول بصحة العول. فكما تقس سهامهم إلى أن يفنى الزائد فكذلك لو فرض زيــادة الســهام على

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد171هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

ــة بنســبة ســهامهم إلى أن ــة يتم تقســيم النقص على الورث الترك تجبر النقيصة. ومن الواضح أن االلتزام بــالعول ال ينســجم مــع مــا

هو الثابت عند اإلمامية من بطالنه.

محاولة للدفاع : إن هذا التوهم غير صحيح؛ ألن حالةلكن يمكن أن يقال

كون السهام بمقدار التركة أو دونهــا أمــر معقــول، وأمــا افــتراضــه؛ كي كون السهام أكثر من التركة فهو أمر غير معقول في نفس نحتاج إلى عالجه. كمــا لــو كــان لــدي دينــار، وأردت أن أهب زيــدا نصفه وبكرا ثلثيه، فهنا ال يعقل هذا النحو من الهبة، ال أنه معقول،

والمشكلة كامنة في عملية التقسيم خارجا.

ق الخوئي &التقريب الثاني لرؤية المحق .(375)وهــو مــا يظهــر من أحــد تقريــرات بحثــه غــير المطبــوع

والفــرق بين هــذا التقــريب والتقــريب الســابق يكمن في تصــوير )القسمة بالنسبة(، وأن المراد بها هو القســمة بلحــاظ نســبة كــل حصة إلى الحصص األخرى، ال نســبتها إلى جميــع المــال، وبعبــارة أخرى: القسمة بحسب نسبة الكسر إلى الكسر، أي نســبة ســهم كل من الشركاء من المال إلى غيره نسبة الكسر إلى الكسر من الواحد، فنسبة الثلث إلى النصف نسبة الثلثين إلى الكــل، فيكــون لصاحب الثلث ما يساوي ثلثي مــا لصــاحب النصــف. ففي المثــال

؛ حيث اجتمـع×الوارد في الخبر المــأثور عن أمـير المؤمـنين علي فيه سهام النصف والثلث والتســع في ســبعة عشــر بعــيرا، يكــون لصاحب الثلث ستة، وهي ثلثا التسعة التي هي لصــاحب النصــف، كما أن نسبة التسع إلى الثلث نســبة الثلث إلى الكــل، فلصــاحب التســع ثلث مـا لصـاحب الثلث، وهـو اثنـان. ]إلى هنــا انتهى بيـان

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد172هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في اإلرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

ر الفاضل، بتصرف يسير في العبارة[. المقر

المناقشة ــرد عليــه إن كان هذا هو المقصود من )القسمة بالنســبة( في

ما يلي: ــاس إلى1 ـ إنه لو لوحظت نسبة كل من الثلث والتسع بالقي

النصف فنسأل في المقام عن المقيس عليــه، وهــو النصــف: إلىأي شيء يقاس هذا النصف؟

والجواب: ال شك بأن النصــف يقـاس بلحـاظ األصـل، وهــو ) ، وفيوالكســر هــو عبــارة عن نســبة(؛ ألن النصف هو كســر، 17

المثال المأثور ال تكون التسعة من اإلبل مســاوية لنصــف األصــل، بل هي أكثر من النصف. وهذا التفــاوت في المقــدار ســوف يــؤثر على نتيجـــة الكســـرين اآلخـــرين، أي الثلث والتســـع، فال يكـــون مقــدارهما مطابقــا مــع النســبتين الواقعيــتين، إال إذا أريــد النســبة

والقسمة التقريبية المسامحية، ال الدقيقة. ل نســبة إلى شـيء2 ـ إن الكسر ـ أي كسر كان ــ دائمـا يمث

ما؛ باعتبار أن الكســر يتشــكل من بســط )= صــورة( ومقــام )=ل ة والجــزء، والمقــام يمث ل الســهم والحصــ مخــرج(، فالبســط يمث الكل، فكلما كان كسر كانت هناك نسبة مفترضة، أي نسبة الجزءم في إلى الكل، والقسم إلى المقسم. وهنا نسأل: ما هو المقســ

هذه الكسور؟ والجواب: إن المقسم الملحوظ هو األصل )= الكل( ال غير،

ما لجميـع الكســور، وهي النصــف والثلث17وهو ) (، ويكون مقســ(. 17والتسع، فتنسب كلها إلى )

وأما الفرضيات األخرى: ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

173هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

كــافتراض لحــاظ األصــل مقســما لبعض الكســور، والكســور األخرى يلحظ فيها الباقي بعد فرز الكسر األول، فهذا في حقيقته

يعود إلى تعدد القسمة، وهو بحاجة إلى بيان زائد. أو افتراض لحاظ نسبة كل كســر إلى الكســر اآلخــر فهــذا ال يحتاج إلى لحاظ، فإنه أمر واقعي، ككــون الكــل أكــبر من الجــزء،ل ثلثي النصــف، وال يصــح جعــل فإن أي ثلث نفترضه هو دائما يمثــرة؛ أحد الكسور مقسما إال إذا تعددت عملية القسمة ألكثر من مم حينئــذ. والظــاهر من إذ مع تعدد القســمة يمكن اختالف المقســ القسمة في اإلرث أو في الوصية وغيرهما إرادة اتحاد القسمة، ال

تعددها؛ فإن التعدد يحتاج إلى بيان زائد، وليس موجودا. ــه3 ـ لو فرض إرادة هذا التفسير للتقسيم بالنسبة فنقول: إن

ب الكسـور المــذكورة في المثـال إن أمكن تصوير القسـمة بحســ ، وهي: النصف والثلث والتسع، فمــا هــو الحــال×المأثور عن علي

لو افترضنا كسورا أخرى غير ذلك؟ كما لو كانت الكسور كالتالي:ب هــذا البيــان ســوف يكــون لصــاحب نصف وسبع وتســع، فبحســ

(، ولصاحب السبع ما يعادل نسبة الســبع إلى17( من )9النصف ) النصف، ولصاحب التسع ما يعــادل نســبة التســع إلى الســبع، فيــا ترى ما هي نسبة السبع إلى النصف؟! وما هي نســبة التســع إلى

السبع؟! ـ لــو فــرض إرادة هــذا التفســير للتقســيم بالنســبة فنقــول4

ــدد أيضا: لو افترضنا تبديل المقسم المذكور في المثال المأثور بع (،18آخر، مــع إبقــاء الكســور على حالهــا، كمــا لــو كــان األصــل )

(،6(، ولصــاحب الثلث ثلثــا النصــف، وهــو )9فلصــاحب النصــف ) (، فيبقى واحــد، لمن يكــون2ولصــاحب التســع ثلث الثلث، وهــو )

حينئذ؟

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد174هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في اإلرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

(، ولصــاحب8(، فلصاحب النصــف )16ولو افترضنا األصل )ــرى كيــف يتم الثلث ثلثا النصف، ولصاحب التسع ثلث الثلث، فيا ت

تحديد الكسرين اآلخرين؟! ــيف ) ــابقة، فنض ــة الس ل بالحيل ــ ــا أن يتوس ــبح2فإم (، فيص

(، وحينئــذ2( و)6( و)9(، ويكون التقسيم كالتالي: )18المجموع ) (، وهو أكــثر من األصــل بواحــد، فمن أين لنــا17يكون المجموع )

به؟ فهذا الطريق مسدود أمامنا. ــا أن نعطي ) (، وهــو8( لألول، ثم نضــيف واحــدا إلى )8وإم

مه، فنعطي للثــاني )9النصف، فيصبح ) (،2(، وللثــالث )6( ونقســــد أن وهنا ال تكون مشــكلة؛ إذ ال زيـادة وال نقصــان عن األصـل. بيد مــا قلنــاه هذا يستلزم تعدد القسمة ألكثر من مرة. وهذا مــا يؤك من أن هذا النحو من التقسيم يستبطن تعدد القسمة، وهو بحاجة

إلى بيان زائد.

ق النجفي والمحقق&المقارنة بين رؤيتي العلمين المحق &الخوئي

إنه من المحتمل العثور على جذور هــذه الرؤيــة في كلمــات في جواهره، حيث قال&بعض السابقين، ومنهم: المحقق النجفي

ــدا لم يــرث، ورد ــ شــارحا لقــول المحقق الحلي: )وإن كــان بعي ـ الفاضل على ذوي الفروض، عدا الزوج والزوجــة، مثــل: أبــوين أو

بل قد يقال: في كل مقام تبقي» ـ: (376)أحدهما وبنت وأخ أو عم( الفريضة شيئا إنما يرث ذو الفرض فرضه وغير الفــرض بالقرابــة، كما يومئ إليه جملة من النصوص. وتكون فائدة ذكر الفرض بيانـراد منـه أن المـال مقدار إرثهم ـ كمـا في مثـال المتن ــ، الـذي ي يقسم بين البنت واألبوين أخماسا: ثالثة للبنت وخمســان لألبــوين.

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد175هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

ومن ذلك يعلم الوجه في ذكر الفرض، ال أن المراد منه عدم إرثه أصال، الذي هو مقتضى مفهوم اللقب، المفــروغ من عــدم حجيتــه في األصول، ومن الخروج عنــه هنــا ـــ بعــد تســليمه في خصــوص المقام، ولو للقرائن الظــاهرة في إرادة القيديــة منــه ـــ بــالمتواتر

ــة الشــيعة في إثبــات^من األخبار عن أئمتنا ، الــتي هي عمــدة أدلــع ــة م ــق المجادل ــه من طري ــادة علي ــر بعضــهم زي ــك، وإن ذك ذل

. (377)«الخصم وصدر العبارة ناظر إلى تفسير نصوص السهام، وهي اآليات الكريمة، بأن المراد بالسهام فيها ليس استحقاق السهم فحسب، حتى لو بقي شيء من التركة، بل المراد أخــذ الســهام، واقتســامــات، الفاضل بحسب السهام أيضا؛ أما أخذ السهام فبمقتضــى اآليــار وأما اقتسام الفاضل وفقا للسهام فبمقتضى المتواتر من األخب

. ومراده بالتواتر: التواتر المعنوي، ال اللفظي،^الواردة عن أئمتنا كما هو واضح. والمتحصل من مجموع ما أفــاده أن آيــات الســهامــهام، ب الس ــ ــال بحس ــع الم ــون لجمي ــمة تك ــدل على أن القس ت

ومرجعه إلى القسمة بالنسبة، ال النسبة على اإلطالق. حــدتان في النتيجــة، وهيأقول: إذن، فرؤيتا كال العلمين مت

ـد أن المحقق ـ ــبة. بي ــمة بالنس ــهام القس ــات الس ــاد آي ــون مف كب مــا أورده&الخوئي يرى أن هذا هو المعــنى الظــاهر منهــا حســ

ر لبحثه، في حين أن المحقق النجفي يرى أنه مستفاد من&المقرالمتواتر من الروايات، كما هو صريح ذيل عبارته المتقدمة.

وبهــذا يتضــح الفــرق بين رؤيتيهمــا ورؤيــة مشــهور اإلماميــة،ــاع، ــتقلة، أال وهي: اإلجم ـة مس ــا بأدلـ ــرد ثابت ــبرون ال ــذين يعت ال

. (378)وضرورة المذهب، وآية أولي األرحام، والروايات

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد176هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في اإلرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

ق الخوئي &أهمية رؤية المحق مهمة وجديرة&إن هذه الرؤية التي طرحها المحقق الخوئي

بالبحث؛ وذلك: ــا1 ـ لكونها رؤية جديدة، بالتقريب الذي أفاده، لم يسبق إليه

أحد من قبل، بحسب الظاهر. ـ لكونها من حيث الجغرافيــا الفقهيــة تقــع في بــاب اإلرث،2

وهو باب محدود يصعب المناورة فيــه، ومجــال التجديــد فيــه يكــاديكون منعدما أو نادرا جدا.

ـ قلة البحوث االجتهادية في باب اإلرث بشكل عــام إذا مــا3 قيســت بســائر األبــواب الفقهيــة، كالطهــارة والصــالة، بــل ســائر

المعامالت. ـ لقد اعتاد الفقهاء غالبا في المسائل الخالفية القديمة بين4

ــا ــتي ذكره ــدفاعات ال ــة وال ــرار األجوب ــنة تك ــة وبين الس اإلمامي السابقون بحذافيرها، أو مع تعديل في العبارة، أو إضافات جزئية، في حين أن المحقق الخوئي حاول طرح دليل جديد، وهو االستناد إلى الظهور القرآني. وال يخفى مدى أهمية االستدالل بالكتاب في

المسائل الخالفية بين الشيعة والسنة. ر عن&ـ إن هذه الرؤية الــتي طرحهــا المحقق الخــوئي5 تعب

قراءة جديدة للنص القــرآني. ومن الواضــح أن النص القــرآني لم يأخذ نصيبه الكافي في البحوث الفقهية، ولم يلق االهتمام الكبير،ــال ــريم في مج ــاب الك ــل دور الكت ــة لتفعي ــة محاول ــذه الرؤي فه

االستنباط الفقهي. &ـ ومن الطريف أن هذا البحث قد طرحه المحقق الخوئي6

في المراحل األخــيرة من عمــره الشــريف، الــذي قضــاه بــالبحثــه ل إلي ل آخر ما توصــ والتحقيق والتدريس. ومقتضى ذلك أنها تمث

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد177هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

بعد تلك الرحلة البحثية الطويلة من عمره العلمي، وبعــد إشــرافه وتسلطه على البحث الفقهي وطريقــة االســتنباط فيــه. فــالتقرير

خ بـ )&المطبوع ألبحاثه هـ(. 1417 ـ 1413 في اإلرث مؤر ورغم أهمية هــذه الرؤيـة القرآنيـة ودقتهــا، لكن مـع األسـف الشــديد لم يلتفت إلى هــذه الرؤيــة المهمــة، ولم تعــط حقهــا منالبحث والدرس، ولم أعثر على بحث مدون تناولها أو أشار إليها.

أهم نتائج البحثنا رؤيــة قرآنيــة فقهيــة مهمــة 1 ــلـــ عرضــ مطروحــة من قب

دها أن آيــات ســهام اإلرث لوحــدها كافيــة، ومفا&المحقق الخوئي إلثبات رد الفاضل عن الســهام على الورثــة. وقــد ســلطنا الضــوء

عليها، وشرحناها. ــة2 ــة المحقق الخــوئي، مقرون ـ لقد ذكرنا تقريبين لبيان رؤي

باإليضاح والتحليل. ـ إن الرؤيــة القرآنيــة الــتي قــدمها المحقق الخــوئي تــدعم3

موقف الفقــه اإلمــامي القائــل بــرد الزائــد عن ســهام اإلرث على الورثة أنفسهم، من دون حاجة إلى روايــة؛ لتبــيين الموقــف تجــاه

الزائد. ـــ إن الرؤيــة القرآنيــة الــتي قــدمها المحقق الخــوئي تثبت4

ــد بطالن التعصيب، الذي يتبناه الفقه السني، القائل بإعطــاء الزائعن سهام اإلرث للعصبة.

ـ ذكرنا بعض التعليقات التوضيحية على هذه الرؤية، وبعض5 التعليقات التكميلية، من قبيل: بيان أنواع القسمة ولحاظاتهــا، من كونها قسمة رياضية دقيقــة أو عرفيــة مســامحية، وكونهــا قســمة

على اإلطالق أو بالنسبة.

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد178هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في اإلرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

ـ اعترضــنا على االســتدالل بالروايــة الــتي أوردهــا المحقق6د للقسمة بالنسبة، وذكرنا عــدم×الخوئي عن أمير المؤمنين كمؤي

انطباقها على محل البحث. ـ حاولنا تحليل هــذه الرؤيـة الـتي قـدمها المحقق الخــوئي،7

ــور ــة الظه ــة، وهي حجي ــة اجتهادي ــه من أدل ــا تســتند إلي ــان م وبيالقرآني.

ـ تصدينا لتقويم هــذه الرؤيــة ونقــدها، وبيــان عــدم تماميــة8 الــدليل عليهــا، وأن المفهــوم عرفــا من اآليــات المحــددة لســهام

اإلرث القسمة على اإلطالق، ال القسمة بالنسبة. ـ قارنا أوال بين رؤيــة المحقق الخــوئي وبين رؤيــة المحقق9

ــا بين الرؤيــتين من جهــة وبين رؤيــة مشــهور النجفي. وأيضــا قارننا التفاوت بين هذه الرؤى. اإلمامية من جهة أخرى. وبي

نا مــدى أهميــة الرؤيــة الجديــدة الــتي قــدمها المحقق10 ـ بيالخوئي، من حيث كونها قراءة تجديدية للنص القرآني.

ـ إن هذه الدراسة للرؤيــة الجديــدة الــتي قــدمها المحقق11 الخــوئي تعكس مــدى إمكانيـة تفعيـل الــدليل القــرآني في مجــال

االستنباط الفقهي.

الهوامش

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد179هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

نقد الصوفيةقراءة في الروايات النبوية

*(*()د. الشيخ محمد عيسى الجعفري

ترجمة: حسن علي الهاشمي

يعتبر االستناد إلى الروايات ضمن الدائرة الدينية من الســبلــ في األقل مؤنة )من حيث القدرة على اإلقناع(، واألمضى تأثيرا ـــل المخــالفين لهم. الوقت ذاته ـ في نقد وتخطئة الخصــوم من قب والصــوفية هم من أولئــك الــذين أتقن خصــومهم اســتخدام ســالح الروايات ضدهم. وفي هذا اإلطــار نســعى في هــذا المقــال ـــ من خالل دراسة طائفة من الروايات )النبوية( ـــ إلى اإلجابــة عن هــذا السؤال القائل: هل يمكن من الناحية الروائية أن نعثر على مكانة

وصورة للصوفية غير تلك التي صورها المخالفون عنها؟ ــد من التــذكير هنــا بــأن العثــور على رؤيــة إيجابيــة في وال ب معــرض الجــواب عن هــذا الســؤال ال يعــني تجاهــل االنحرافــاتــود واألخطاء الجزئية التي تعاني منها الصوفية. فال يمكن إنكار وج بعض األخطاء عند هــذه الجماعــة ـــ كمــا هــو الحــال بالنســبة إلى الكثير من الفرق والمذاهب اإلسالمية األخرى ـ، إال أن وجود هــذه األخطاء يجب أن ال يؤدي إلى إصدار األحكام المجحفة في حقهم، وذبح جميع المنتسبين إلى هذه الطائفة بمقصلة واحــدة. إن هــذه الدراسة ـ بطبيعــة الحــال ـــ ال تســعى إلى تطهــير وتنزيــه شــامل للتصــوف والصــوفية؛ إذ إن هــذا المســعى، مضــافا إلى اســتحالته

االقتصاد النظري. متخصص في مجال التصوف والعرفان، وفي مجال علم)*(*( ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد180

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

ــاع ــه؛ إذ إن األوض ــة ل ل غاي ــطور، ال يمث ــذه الس ــاحب ه على ص الســابقة والراهنــة، ونــوع الســلوك غــير المناســب لبعض الفــرق وأعيان األشخاص، لم يترك مجاال لذلك. إنما نروم في هذا المقالـة في هــذا الشـأن ـ الحصـول ــ من خالل دراسـة الروايـات النبوي

على صورة واضحة وحقيقية عن هذه الطائفة. على البحث فيأوالوفي إطار هذه الدراسة ســوف نعمــل

الروايات المــذكورة في مصــادر أعــداء الصــوفية وخصــومهم؛ ألن ذلك أدعى الستقصاء كامل الروايات ذات الصــلة بموضــوعنا. وإنل المنهج األوثـــق في البحث عـــدم إســـقاط أي واحـــد منهـــا يمث المتقن. وبعد الفــراغ من هــذه العمليــة االستقصــائية نعيــد البحث عن الروايات التي عثرنـا عليهــا مــرة ثانيـة في المصـادر الروائيـة األخرى، فإذا وجـدناها هنـاك أيضـا نأخــذ في دراسـتها من الناحيـة السندية، لننتقل بعد ذلك إلى البحث في مضامينها. وال بد هنـا من التذكير بأن الخوض في مضامين الروايات، حتى بعد إثبات ضـعفــك السند، ال يعني تجاهل ضعف أسانيدها، بل يعود الســبب في ذل إلى أن ضـعف السـند، رغم تقييـده االسـتفادة من الروايـة، ولكن

قائمــا )مهمــا كــان×يبقى احتمــال صــدور الروايــة عن المعصــوم ضئيال(، ومن هنا يكــون بحث مضــامين الروايــات مجــديا على كــل

حال.

ـ رواية الرهبانية1ــة في» أنه نهى عن الترهب، قــال: |عن رسول الله ال رهباني

ل، ونهى«اإلسالم. تزوجوا؛ فإني مكــاثر بكم األمم . ونهى عن التبتلن، ويقطعن أنفسهن من األزواج . (379)النساء أن يتبت

أـ دراسة السند ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

181هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

على الرغم من شهرة هذا الحديث، إال أن المصــدر الشــيعيفــه القاضــي أبي الوحيــد الــذي ينقلــه هــو )دعــائم اإلســالم(، لمؤلــذكر ســنده. حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي، دون أن ي ويبــدو أن التميمي قــد رواه من مصــادر أهــل الســنة. فهــو ينقــل الرواية بشكل غير مباشر، ويمكن لهذا أن يكــون عالمــة على أنــه

في نقلــه روايــة عثمــان بن مظعــون على هــذه(380)مثل ابن سعد الشاكلة. ثم إنه ال أثر لهذه الروايــة في المصــادر الروائيــة األولى ألهـــل الســـنة، من قبيـــل: الصـــحاح الســـتة، والمســـتدرك علىــير الصحيحين، والموطأ البن مالك أيضا؛ إذ لم يعثر عليه إال عند غــير، من ــري والزمخشــري وابن األث ــال: الحري ــدثين، من أمث المح

.(381)الذين عاشوا في القرنين السادس والسابع الهجريين إن ذكرنا لهـذه الروايـة هنـا يـأتي من أن عامـة المسـلمين ـ بمن فيهم الشيعة ـ قد نظروا إليها بوصفها رواية معتبرة في نفي

ــال ـ&الرهبانية؛ فقد استند إليها اإلمام الخميني ـ على سبيل المث )وإن كــان هــذا«شــرح حــديث جنــود العقــل والجهل»في كتابــه

.(382)الكتاب بصدد ترسيخ الرهبانية اإليجابية والمقبولة(ــدوي في ــرحمن ب ــد ال ــدكتور عب ــق ال ــدو من تحقي ــذي يب وال

أن هذا الحديث كان في األصــل بصــيغة أخــرى،«تاريخ التصوف» وأنه نقــل الحقــا بــالمعنى، وكــان ابن ســعد هــو أول من رواه في

. وقــد نقلت(383)مصادر أهل السنة بهذا المعــنى عن روايــة أخــرى هذه الرواية بهــذا المضــمون، ولكن بعبــارات مختلفــة، في قضــية عثمان بن مظعـون. ويبـدو أن هـذا هـو النص األول لهـذه الروايـة أيضا. وعلى أي حــال فــإن هــذه الروايــة تعــد ضــعيفة من الناحيــة

السندية.

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد182هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

ب ـ دراسة المضمون في معرض دراسة مضمون هــذه الروايــة يجب التــذكير بــأنــأن ــات بش ــائفتين من الرواي ــتمل على ط ــيعية تش ــادر الش المص الرهبانية: طائفة منها تنفي الرهبانيـة وتبطلهـا؛ والطائفـة األخـرى

دها. تثبتها وتؤي

ـ الروايات الناظرة لنفي الرهبانية1 عن ابن القــداح، عن أبي عبــدـــ عن الكليــني، في روايــة، 1

، فقــالت:|جاءت امرأة عثمان بن مظعون إلى النبي» قال: ×الله يا رسول الله، إن عثمان يصوم النهار ويقوم الليل، فخرج رســول

ـه، حتى جـاء إلى عثمـان، فوجــده يصـلي،|الله مغضبا يحمـل نعلي ، فقــال لــه: يــا عثمــان، لم|فانصرف عثمان حين رأى رسول الله

يرســلني اللــه تعــالى بالرهبانيــة، ولكن بعثــني بالحنيفيــة الســهلة الســـمحة، أصـــوم وأصـــلي وألمس أهلي، فمن أحب فطـــرتي

. (384)«فليستن بسنتي، ومن سنتي النكاح ـ وفي رواية أخرى نجد مشهدا آخر لهذه الحادثة؛ إذ تقول:2

، فاشــتد حزنــه عليــه، حتى اتخــذ&توفي ابن لعثمان بن مظعون»د فيه، فبلــغ ذلــك رســول الله فقــال لــه: يــا|من داره مسجدا يتعب

عثمان، إن الله ـ تبارك وتعــالى ـــ لم يكتب علينــا الرهبانيــة، إنمــا. (385)«رهبانية أمتي الجهاد في سبيل الله

قلت»عن عثمــان بن مظعــون قــال: ـ وفي روايــة أخــرى، 3 : يا رسول الله، أردت أن أســألك عن أشــياء، فقــال:|لرسول الله

ــا وما هي يا عثمان؟ قال: قلت: إني أردت أترهب؛ قال: ال تفعل ي عثمان؛ فإن ترهب أمتي القعود في المساجد وانتظار الصالة بعــد الصالة، قال: فإني أردت يا رسول الله أن أختصي؟ قال: ال تفعل

. (386)«يا عثمان، فإن اختصاء أمتي الصيام ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

183هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

ــال: ـ 4 ــون ق ــان بن مظع ــول الله»عن عثم : إن|قلت لرس نفسي تحدثني بالســياحة وأن ألحــق بالجبــال، قــال: يــا عثمــان ال

. (387)«تفعل؛ فإن سياحة أمتي الغزو والجهاد ويبدو أن الرواية الثالثة والروايــة الرابعــة روايــة واحــدة؛ ألنــارات، وبعض هاتين الروايتين قد وردتا ـ مع اختالف في بعض العب

جــاء عثمـان على النحـو التـالي: «دعائم اإلسالم»اإلضافات ـ في يــا رســول اللــه، قــد غلبــني»، فقال: |بن مظعون إلى رسول الله

حديث النفس، ولم أحدث شـيئا حتى أسـتأمرك، قـال: بم حـدثتكك يــا عثمــان؟ قــال: هممت أن أســيح في األرض، قــال: فال نفســ

ــال:(388)تسح في األرض؛ فإن سياحة أمتي المساجد .... إلى أن ق وهممت أن أجب نفسي، قال: يا عثمان، ليس منا من فعــل ذلــك

. قــال: وهممت أن(389)بنفســه، وال بأحــد، إن وجــأ أمــتي الصــيامم خولة على نفسي )يعني امرأته(، قال : ال تفعــل يــا عثمــان؛|أحر

خذ بيد زوجته كتب الله ـــ عــز وجــل ـــ لــه فإن العبد المؤمن إذا ات |عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات...، ثم ضــرب رســول الله بيده على صدر عثمان، وقال: يا عثمان، ال ترغب عن سنتي، فــإن من رغب عن سنتي عرضــت لــه المالئكــة يـوم القيامــة فصــرفت

. (390)«وجهه عن حوضي ،«الصــالة»، و«الهجــرة»ــ وفي روايــة أخــرى تمت إضـافة 5

. (391)«الجهاد» إلى «العمرة»، و«الحج»، و«الصيام»و إن اللــه ـ»قــال: ×ـ وفي رواية أخرى عن اإلمــام الصــادق6

ــالى ـــ أعطى محمدا ــارك وتع ــراهيم وموســى|تب ــوح وإب رائع ن شــة^وعيسى ـرة الحنيفي ـداد، والفطـ ـ ـع األن ــد واإلخالص وخلـ وحي ، الت

م فيهــا ــات، وحــر ب ة، وال سياحة، أحل فيها الطي محة، وال رهباني الس. (392)«الخبائث

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد184هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

كوني، عن أبي عبد اللهـ وفي موضع آخر: 7 ــال:×عن الس قــه ول الل ــ ــال رس ــرب، إن»: |ق ة الع جد رهباني ــ ـاء في المس ـ ك االت

. (393)«المؤمن مجلسه مسجده، وصومعته بيتهــال: ×عن عليـ 8 ــول الله» قـ ــال رسـ ــتي|قـ : ليس في أمـ

. (394)«رهبانية، وال سياحة، وال زم ـ يعني السكوت ـني، قــال:: |ـ قال رجل لرســول الله9 يــا رســول اللــه، أوصــ

ــه رأس أمــرك كله» ... قلت: يــا رســول«أوصيك بتقــوى اللــه؛ فإن. (395)«عليك بالجهاد؛ فإنه رهبانية أمتي»الله، زدني، قال:

قـد أبطـل|يتضح من مجموع هذه الروايات أن النبي األكــرمــات تم التعريــف بالجهــاد بوصــفه ــة. وطبقــا ألكــثر الرواي الرهباني رهبانية اإلسالم؛ وفي بعضها اآلخــر اعتــبرت رهبانيــة اإلســالم في

الصالة والصيام والحج والعمرة.

ـ الروايات الناظرة إلى تأييد الرهبانية2 وفي الطرف المقابل للروايات المتقدمة هناك طائفة أخرى

من الروايات تؤيد الرهبانية، وهي: في وصف شيعة أمــير المؤمــنين علي×ـ عن اإلمام الباقر1

فاه،»: ×بن أبي طالب ما شيعة علي الحلماء العلماء، الذبل الش إنة على وجوههم هباني . (396)«تعرف الر

أنــه قــال| عن النــبي األكــرم،×ـ روى اإلمام جعفر الصادق2ــل»: ×لعلي بن أبي طالب يا علي، إخوانك ]شيعتك وأنصــارك[ ذب

ــة في وجــوههم وقـد تم نقــل هــذه. (397)«الشــفاه، تعــرف الرهباني. (398)الرواية بسندين مختلفين

يــا»، يصف شيعته لنــوف البكــالي: ×ـ وقال أمير المؤمنين3ــذين تعــرف ــذبل الشــفاه، الخمص البطــون، ال ــوف، شــيعتي ال ن

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد185هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

ــذين الرهبانية والربانية في وجوههم، رهبان بالليل، أسد بالنهار، الــرافهم، ــدوا على أط ــاطهم، وارت زروا على أوس ــل ات هم اللي إذا جن وصـــفوا أقـــدامهم، وافترشـــوا جبـــاههم، تجـــري دمـــوعهم على خدودهم، يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم، وأما النهــار فحلمــاء

. (399)«علماء كرام نجباء أبرار أتقياء في وصــف الــذين يوالــون أهــل×ـــ قــال اإلمــام الصــادق4ــر، ولم...»: ^البيت الطبقة الثالثة النمط األوسط، أحبونا في الس

ــا في الســر، دون ــانوا أحبون ــة. ولعمــري لئن ك ــا في العالني يحبونــر ــرى أث ــل، ت ــون باللي ــار، القوام ــوامون بالنه ــة، فهم الص العالني

. (400)«الرهبانية في وجوههم أن قوما أتوه في أمــر من أمــور الــدنيا×روينا عن علي»ـ 5

لوا إليه بــأن قــالوا: نحن من شــيعتك يــا يسألونه في الدين، فتوس أمير المؤمنين، فنظر إليهم طويال، ثم قال: ما أعــرفكم، ومــا أرىــرا ممــا تقولــون. إنمــا شــيعتنا من آمن باللــه ورســوله، عليكم أث وعمل بطاعته، واجتنب معاصيه، وأطاعنا في ما أمرنا ودعونا إليهــني التحفظ من ــ يع ــوم ـ ــر والنج ــاة الشــمس والقم شــيعتنا، رع مواقيت الصالة ـ. شـيعتنا ذبـل شــفاههم، خمص بطـونهم، تعــرف

. (401)«الرهبانية في وجوههم اللهم صــل على محمــد وآل محمــد، واجعلنــا من الــذين»ـ 6

رتعــوا في زهــرة ربيــع الفهم حتى تســامى بهم الســمو إلى أعلىــنة ــك ألس ــوبهم، حتى ناجت ــك في قل ــر هيبت ــموا ذك عليين، فرس القلوب الخفية بطول استغفار الوحدة في محاريب قدس رهبانية

. (402)«الخاشعين ذبــل الشــفاه» في وصف الشــيعة: ×ـ وقال أمير المؤمنين7

ــون من ــ ــوع، عمش العي ــ ــون من الج ــ من العطش، خمص البط

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد186هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

. (403)«السهر، الرهبانية عليهم الئحة، والخشية لهم الزمةــال: ـ 8 ــي ق ــلمان الفارس ــنين»عن س ــير المؤم ــا أم خطبن

)صلوات الله عليه( بالمدينة، فــذكر الفتنــة وقربهــا، ثم ذكــر قيــام ثم ]بعــد... القــائم من ولــده، وأنــه يمألهــا عــدال كمــا ملئت جــورا

الفراغ من خطبته[ انضجع، ووضع يده تحت رأســه، يقــول: شــعار. (404)«الرهبانية القناعة

إن هــذه الروايــات تثبت أن الرهبانيــة ليســت غــير مذمومــة أيضا. ×فحسب، بل هي من العالمات البارزة لشيعة اإلمام علي

ــات: ــائفتين من الرواي ــه ط ــا نواج ــاس فإنن ــذا األس وعلى ه طائفة تــرفض الرهبانيــة؛ وطائفــة تقرهــا. والشــيء نفســه يســود

الروايات الواردة في مصادر أهل السنة أيضا.ــدوي إلى مقارنــة هــذه ــدكتور عبــد الــرحمن ب وقــد عمــد ال الروايات بما جاء في القرآن الكريم من اآليات الخاصة بالرهبانية؛ــوب ــوع مطل ــة: ن ــوعين من الرهباني ــود ن ــك وج ــتنتج من ذل ليس

ــوع آخــر27وممدوح، كما هو وراد في اآلية من سورة الحديد؛ ونــدنيا ر لل ــة على التنك مذموم، من قبيل: الرهبانية المسيحية القائمف ــ ــد والتقش ــو الزه ــاه نح ــذاتها، واالتج ــاع من التنعم بمل واالمتن واعتزال الناس والمبالغة في االرتيــاض، حتى أنهم كــانوا يعملــون على إخصاء أنفسهم، ويضعون األغالل في أعناقهم، إلى غير ذلــك من تحمل أنــواع العقوبــات الجســدية األخــرى. وقــد أبطــل النــبي األكرم هذا النوع من الرهبانية في اإلسالم، ومنع المسلمين منهــا،

. (405)«عليكم الجهاد. رهبانية أمتي في الجهاد»قائال: ــال ــاظرة إلى إبط ــات الن ــول: إن الرواي ــا يمكن الق ومن هنح الرهبانية إنمــا تنفي هــذا النــوع الثــاني من الرهبانيــة. كمــا تصــرــه إنمــا قــة بقضــية عثمــان بن مظعــون بأن ــات المتعل بعض الرواي

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد187هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

؛ ألنه هجر زوجته، وانشــغل عن شــؤونه|تعرض لعتاب رسول الله وشؤون أسرته بالعبادة، وفي بعضــها اآلخــر أن النــبي األكــرم قــد منعه من جب نفسه وهجران أهله وما إلى ذلك. وفي لسان أكــثر هذه الروايات عد هجران األهــل أبــرز مظــاهر الرهبانيــة الباطلــة، وفي بعضها اآلخر عد اجتنــاب أكــل اللحم وتــرك الطيب من أبــرز

خصائص هذا النوع من الرهبانية. وأمــا بالنســبة إلى الروايــات النــاظرة إلى تأييــد الرهبانيــة ـ والتي ورد في أكثرها أن الرهبانية من عالمــات الشــيعة ـــ فتعتــبر التقوى والزهد هو الميزة األبرز في هــذا النــوع من الرهبانيــة. إن هذا النــوع من الرهبانيــة الــتي تــدعو إليهــا الروايــات المــذكورة اللــة تفضي إلى اعتزال النســاء أو تــرك الطيب وبعض المتــع المحل األخرى، وإنما تدعو إلى نوع من اعــتزال النــاس. ومن هــذا النــوع

ــة في|االعتزال الخاص الذي كان النبي األكرم ــل البعث يقوم به قبــه، ــوحي علي غار حراء، والتي أدت في نهاية المطاف إلى نزول ال

وتحمل أعباء الرسالة السماوية. في الفصل بين هذين النوعين من&وقد قال اإلمام الخميني

الرهبانية بهذا المعنى ـ أي ترك المجتمع وترك النسـاء»الرهبانية: ــان عن ومنع القوى اإللهية الشريفة التي أعطاها الله تعالى لإلنسب عليهــا مفاســد كثــيرة.. العمــل ـــ هي من غايــة الجهــل، وتــترتــلحات والخوف من الله تعالى، الذي هو من جنود العقل ومن مصــل، ال يالزم النفس، ومقابله الجرأة على الله، وهي من جنود الجه الرهبانية بــذلك المعــنى ]الــذي تقــدم ذكــره[. بــل إن الخلــوة فيبهم، وإن كــانت عرف أهل المعرفــة ال تعــني اعــتزال الخلــق وتجن الخلوة في مصطلحهم عبارة عن تــرك اشــتغال القلب بغــير اللــه تعالى، وقد ال تحصل أحيانا إال من خالل اعــتزال النــاس واالختالط

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد188هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

بهم لفـترة محـددة، وهي بهـذا المعــنى ليســت رهبانيــة ]بـالمعنى . (406)«المتقدم[، بل هي راجحة شرعا وعقال

ــنين ــير المؤمـ نـــوف» في وصـــفه الشـــيعة لـ ×إن كالم أمـ ، يقــدم صــورة واضــحة(407)«همام»، أو وصفه المتقين لـ «البكالي

للرهبانية الجائزة والممدوحة في اإلســالم. وقــال أمــير المؤمــنين طــوبى للزاهــدين في الــدنيا،»في كالم آخر لــه في هــذا الشــأن:

الراغبين في اآلخرة، أولئك قوم اتخذوا أرض اللــه مهــادا، وترابهــا .(408)«وسادا، وماءها طيبا، وجعلوا الكتــاب شــعارا، والــدعاء دثــارا

وهناك الكثير من هذا النوع من الروايــات الــتي تثــني على الزهــد واإلعراض عن الدنيا في المصادر الروائية لدى الشــيعة، وهي من

الكثرة بحيث ال يمكن ذكرها بأجمعها في هذا المقال المختصر. ــه هــو أن اإلســالم لم ــذي يمكن قول ــإن ال وعلى أي حــال ف يشــجب الرهبانيــة بــالمطلق، بــل المنهي منهــا هــو المــذموم في لسان الروايات، وأما الممدوح منها فهو جائز، بل هناك حث عليه.

ـ رواية التنبؤ بالمستقبل2 ال تقوم الســاعة على أمــتي» أنه قال: |ورد عن النبي األكرم

حتى يخــرج قــوم من أمــتي يحلقــون للــذكر رؤوســهم، ويرفعــون ، بل هم أضــل×أصواتهم بالذكر، يظنون أنهم على طريق إبراهيم

من الكفار، لهم شــهقة كشــهقة الحمــار، وقــولهم كقــول الفجــار، وعملهم عمــل الجهــال، وهم ينــازعون العلمــاء، ليس لهم إيمــان،

. (409)«وهم معجبون بأعمالهم، ليس لهم من عملهم إال التعب

أـ مناقشة السند لم ترد هذه الرواية في المصادر الروائية الشيعية المتقدمــة.

. وهــو مصــدر«االثــني عشــرية»وأول مصدر وردت فيه هو كتــاب ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

189هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

غير روائي، وإنما هو كتاب في الرد على الصــوفية. وأمــا المصــدر ،«سفينة البحــار»الروائي األول الذي أورد هذه الرواية فهو كتاب

الذي هو من المصادر المتأخرة، معتمدا على أساس روايات بحــار األنوار. وقد نقــل صــاحب ســفينة البحــار هــذه الروايــة عن كتــاب

ــدور» ــة المص ــابوري)«نفث ــبي النيس ــد الن ــيرزا عب ــد بن م ، لمحمــة1232 هـ(، وهو كتاب في النقض على الصوفية. وقد نقل الرواي

ــات»، وكذلك صاحب «نفثة المصدور»صاحب ، عن«روضات الجنــه«الكشــكول» ــيرزا حــبيب الل ــا الم ــا نقله ــائي. كم ، للشــيخ البه

ــند. وإلى«شرح نهج البالغة»هـ( في 1361الخوئي) دون ذكر الس هنــا يمكن القــول: إن هــذه الروايــة ال ســند لهــا، وبــذلك تعــد من

الروايات الضعيفة. وفي ما يتعلق بالمصدر الرئيس لهــذه الروايــة يجب القــول:

، للشـــيخ البهـــائي)«الكشـــكول»إن هـــذه الروايـــة تنســـب إلى ــد أن هــذه الروايــة ال وجــود لهــا في جميــع النســخ1013 هـــ(. بي

المطبوعة والمتوفرة بين أيدينا لهذا الكتاب. ففي حدود بحثنــا في طبعــة الكشــكول ذات األجــزاء الثالثــة الصــادرة عن دار نشــرــدين الصــادرة عن دار نشــر الفراهــاني، وطبعــة الكشــكول بمجل شركة الطباعة والنشر، وطبعة الكشكول بمجلــدين الصــادرة عنــكول ــة للكش ــة الحجري ــذلك الطبع ــة، وك ــاء الكتب العربي دار إحي المتــوفرة في بعض المكتبــات، لم نعــثر على أثــر لهــذه الروايــة. وزيادة في االطمئنــان راجعنـا المخطوطــة المحفوظــة في مكتبـة

/ــ 114السيد الكلبايكاني )بــرقم ( ومــع ذلــك لم نعــثر عليهــا32 هناك. وقــد ســبق لبعض األشــخاص، الــذين تــوفر لــديهم الــداعي

، ولكنهم(410)الكافي، أن بحثوا عن هذه الروايــة في هــذا المصــدر مع ذلك لم يحققـوا نجاحـا، واكتفـوا بـاالعتراف بعـدم وجــود هـذه

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد190هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

الروايـــة في النســـخ المطبوعـــة والمتـــوفرة حاليـــا من نســـخة الكشكول. يضاف إلى ذلك أن نظرة عابرة على هذا الكتاب تثبت أن ال وجود ألرضية تساعد على نقل هذه الرواية في ذلك الكتاب؛

؛ وبــذلك«الكشــكول»إذ على الــرغم من تســمية هــذا الكتــاب بـ يمكنه أن يذكر فيه الموضــوعات من شــتى المطــالب، إال أن هــذا الكتاب يغلب عليه الطابع األخالقي والعرفاني، حيث قدم النصائح التربوية الخاصة في إطار مختلف الوصايا العمليــة. ولهــذه الغايــةرة. وفي هذا أكثر من نقل األقوال عن الشخصيات الكبيرة والمؤثــرة الشأن نجد االستفادة من كلمات كبار العرفان والتصوف حاض بقوة. وقد استعمل في معرض االستناد إلى كالم هؤالء األشخاص

ــل: ــاب، من قبي ــفات وألق ــارف»ص ــيخ الع ــيخ»، و(411)«الش الش العـــــارف»، و(413)«العـــــارف الكامل»، و(412)«العـــــارف العامل

،(416)«جمال العارفين»، و(415)«العارف الصمداني»، و(414)«الربانييه»، و(418)«العالمة»، و(417)«موالنا»و ،(419)«حشـــره اللــه مـــع محب عطر الله مرقــده»، و(421)«رحمه الله»، و(420)«قدس الله روحه»و

. وهــذه األلقــاب تفــوق نقــل(423)«طــاب ثــراه»، و(422)«بالرضــوانر عن نوع من التعلق واالرتبــاط الــروحي األقوال العادية، فهي تعب الخاص من قبل المؤلف تجاه هؤالء األشخاص. كما أن ســعة هــذا

، المصحوب بهذه األلقاب والعنــاوين المــذكورة،(424)النقل لألقوال تثبت النظرة اإليجابية تجــاه أفكــار وآراء هــؤالء األشــخاص. وعلى هذا األساس يمكن القول: إن أجــواء الكتــاب ال تســاعد أبــدا على ذكر رواية صريحة في تخطئة الصوفية، وإن الذين أسندوا الرواية إلى هــذا الكتــاب أرادوا بــذلك في الحقيقــة إنكــار تعلق المؤلف ـ الــذي هــو من مشــاهير علمــاء الشــيعة ـــ باالتجــاه الصــوفي والعرفــاني، وإظهــاره واقفــا على الطــرف النقيض من الصــوفية.

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد191هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

األمر اآلخر الذي يجب ذكره هو أن هــذا الكتــاب زاخــر بالروايــات ذات الصبغة العرفانية، األمر الــذي ينفي نســبة أي روايــة مخالفــة

. (425)للعرفان إلى هذا الكتاب ومــع عــدم وجــود هــذه الروايــة في المصــادر الروائيــة فــإن الشيء الوحيد الــذي يمكننــا قولــه هــو أن نقــل هــذه الروايــة في المصادر المناوئة للصوفية كان لدوافع غير علمية. وعلى أي حــال مــع وجــود التشــكيك الجــاد في أصــل وجــود هــذه الروايــة ـــ بــل واالطمئنان إلى عــدم وجودهــا ـــ ال يبقى هنــاك من داع لمناقشــة

مضمونها ومحتواها.

ـ رواية أبي ذر الغفاري3 يا أبا ذر، يكون في آخر الزمان قــوم يلبســون الصــوف في»

صـيفهم وشــتائهم، يـرون الفضـل لهم بــذلك على غـيرهم، أولئـك. (426)«تلعنهم مالئكة السماوات واألرض

أـ مناقشة السند إن السند المذكور لهــذه الروايــة في كتــاب وســائل الشــيعة أكمل من سائر المصادر األخرى؛ فقد ذكر السند هناك على النحوــالس ــي[، في المج ــيخ الطوس ــن ]الش ــد بن الحس ــالي: محم التل، عن رجــاء بن ــبر[، عن أبي المفضــ ــار، عن جماعــة ]معت واألخب يحيى العبرتائي، عن محمد بن الحسن بن شــمون، عن عبــد اللــهــد بن عبد الرحمن األصم، عن الفضيل بن يســار، عن وهب بن عب الله الهمــداني، عن أبي حــرب بن أبي األســود الــدؤلي، عن أبيــه،

، في وصــيته لــه، قــال: يــا أبــا ذر...،|عن أبي ذر، عن رســول اللهالحديث.

وهذا السند وقع في بدايته أبو المفضل محمــد بن عبــد اللــه ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد192

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

ــعفه ابن الغضـــــائري ــ ــد ضـ ــ ،(427)بن المطلب الشـــــيباني. وقـ. (430)، والشيخ الطوسي(429)، وابن داوود الحلي(428)والنجاشي

وأما الراوي الثاني، وهو رجــاء بن يحــيى العبرتــائي الكــاتب،. (431)، ولم يرد فيه توثيق×فهو من أصحاب اإلمام الهادي

ــد بن وأما الراوي الثالث في هذا السند فهو أبو يعقوب محم الحسن بن شمون البصري. ذهب الكشي والشــيخ الطوســي إلى

ــي(432)اعتباره غاليا، بل اعتبراه من رؤساء الغالة ، وضعفه النجاشهماه بفساد المذهب، بينما اكتفى ابن الغضــائري(433)والعالمة ، وات

. (434)بتضعيفه أيضا وأما الراوي الرابع في هذه السلسلة فهو أبو محمد عبد الله بن عبــد الــرحمن األصــم البصــري. ذكــرت في حقــه أوصــاف من

. (435)قبيل: الغلو وما إلى ذلك وأما الراوي الخامس في هذا السند فهــو الفضــيل بن يســارهدي الكــوفي البصــري اإلمــامي، وهــو ثقــة جليــل من أصــحاب الن

. (436)اإلجماع وأما الراوي السادس فهو أبو حرب بن أبي األسـود الـدؤلي،ــحاب وهو مجهول. وقد ذهب الشيخ الطوسي إلى اعتباره من أص

، وذهب الــبرقي إلى القــول بأنــه من(437)×أبي عبد اللــه الحســين ، وأنه كذلك من أصحاب أبي×أصحاب أبي محمد الحسن بن علي

×عبد الله الحسين . ولم يرد فيه أكثر من هذا. وال بد من(438) أيضا االلتفات إلى أن مجرد الصــحبة ال تكفي دليال على وثاقــة أو مــدح

الراوي. وفي آخر هذه السلسلة من السند يقــع )ظــالم( أبــو األســود

ــنين ــير المؤم ــو من أصــحاب أم ــدؤلي، وه ــام الحســن×ال ، واإلم . وهــو، مثــل(439)×، واإلمــام الســجاد×، واإلمام الحسين×المجتبى

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد193هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

ــيف أو نجله )الذي يروي عنه(، مجهول. فلم يرد في حقه أي توصتوثيق غير ما ذكر.

وعلى هذا األساس تعد هذه الرواية ـ بلحاظ أوصاف الــرواةـ ضعيفة.

كما أن ســند ورام إلى ابن أبي األســود مقطــوع. وقــد عمــدــاب ــدوره في كت ــي ب ــارم األخالق»الطبرس ــند«مك ــل س إلى نق

. وأما صــاحب كتــاب(440)الوسائل الذي يصل إلى الشيخ الطوسي«أعالم الدين» الذي أورد هذه الرواية فإنه ال يذكر سندها، مكتفيــا

بذكر أبي األسود الدؤلي فقط، مما يوحي أنه قد اعتمد على سند الشيخ الطوسي. وأما سائر أصــحاب المصــادر األخــرى المتــأخرة

عن عصر الشيخ الطوسي فقد نسجوا على ذات المنوال أيضا.

ب ـ مناقشة المحتوى إن هذه الرواية تعد واحــدة من أطــول الروايــات؛ إذ تشــتمل على أكــثر من ثالثين ألــف كلمــة. وإذا اســتثنينا األدعيــة المــأثورة فقلمــا نجــد لهــا مــثيال في الطــول بين الروايــات. وهــذه الروايــة

ــة في محلها م ــارف القي ــير من المع . إال أن(441)تشــتمل على الكث الذي يرتبـط من هــذه الروايـة بمحــل بحثنـا هـو خصـوص الفقــرة المذكورة آنفا. إن هذه الفقرة ذات بيان عام يشــمل كــل جماعــة تتصف باألوصاف المذكورة فيها. وال شك في أن الصــوفية تعــرفــذه ــوع من الملبس به ــذا الن ــيص ه ــد أن تخص ــوف، بي بلبس الص الجماعة فيه تجاهل لجماعات أخــرى من أفــراد المســلمين؛ فــإن هـــذا الملبس يعكس نوعـــا من الزهـــد، وإن الزهـــاد من غـــير الصوفيين يستعملون هذا الملبس كثــيرا. والمهم في هــذا القســم من الرواية هو التذكير برياء أصحاب هــذا الملبس. وقــد أدى هــذا

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد194هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

اللحن إلى توظيف البعض له في ذم جماعة بعينها. ومن الطبيعيــا ــة الجماعــات. ومن هن أن يوجد هذا النوع من األشخاص في كاف فإن إسقاط الرواية على جماعة بعينهــا يعتــبر نوعــا من التصــرف في منطوق الرواية، وتضييق دائرة شمولها. وال يمكن العثور على وجه مقبول لهذا التصرف. ومــع هــذا التصــرف لــو عثرنــا من بين سائر الفئات اإلسالمية على أشخاص من هــذا النمــط ـــ وبطبيعــة الحــال يمكن العثــور عليهم، وال يســتطيع أحــد أن ينكــر ذلــك ـــ ال يمكن اعتباره مشموال لهذه الروايــة. وهــذا حكم ال يمكن االلــتزام به بســهولة. فكــل شــخص أو جماعــة تبــاهي بهــذا الملبس تكــون مشمولة لهذه الرواية، ســواء أكــان من الصــوفية أم من غــيرهم. وأمــا إذا لم يكن اتخــاذ هــذا الملبس من أجــل التبــاهي، وإنمــاــل ب، ب ــه لن يكــون غــير مــذموم فحســ للتواضــع والخضــوع، فإن سيكون ممدوحا أيضــا. وبالمناســبة فــإن هــذه الناحيــة من اللبس

في ذات هــذه|المذكور قد ورد االهتمام بها من قبل النبي األكرم يا أبا» ألبي ذر: |الرواية )الوصية ألبي ذر الغفاري(؛ وذلك إذ يقول

ــو من ذر، أكثر من يدخل النار المستكبرون، فقال رجل: وهل ينج الكبر أحــد يــا رســول اللــه؟ قــال: نعم، من لبس الصــوف، وركب

. (442)«الحمار، وحلب العنز، وجالس المساكينــيته ألبي وقال النبي في موضع آخر من هذه الرواية في وص

يــا أبــا ذر، إني ألبس الغليــظ، وأجلس على األرض،»ذر الغفاري: رج، وأردف خلفي، فمن وألعق أصــابعي، وأركب الحمــار بغــير ســ رغب عن ســـنتي فليس مني... يـــا أبـــا ذر، البس الخشـــن من

. (443)«اللباس، والصفيق من الثياب، لئال يجد الفخر فيك مسلكار القســم الســابق من الروايــة بشــكل إن هذه الكلمات تفس صريح. وبــذلك يثبت أن الفهم الســابق كــان بمعــزل عن مالحظــة

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد195هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

الجوانب األخــرى من الروايــة، وهــو لــذلك فهم خــاطئ، وال يمكناالعتماد عليه.

يضــاف إلى ذلــك وجــود روايــات أخــرى تعمــل على تفســيرــداء ــرفض ارت ــات ال ت ــذه الرواي ــا. فه ــكل م ــذكور بش الكالم الم

×الصوف، بل تحكم برجحانه أيضا. فقــد روي عن اإلمــام الكــاظم جزى الله الدنيا عني مذمة بعد رغيفين من»أن أبا ذر كان يقول:

الشعير، أتغدى بأحدهما وأتعشى بــاآلخر، وبعــد شــملتي الصــوف،زر بإحداهما وأرتدي باألخرى . (444)«أت

ــدوره إن هذه الرواية ـ وجميع رواتها ثقات ـ تثبت أن أبا ذر ب لم يفهم الذم المطلق للبس الصوف الوارد في هذه الوصية. وقد قال العالمة المجلسي في توضيح هذه الرواية، والجمع بينها وبين

]إن هذا الحــديث[ يــدل على»الروايات الناهية عن لبس الصوف: ــذم محمــول جواز لبس الصوف، بل استحبابه. وما ورد بالنهي وال على المداومة عليه، أو على مــا إذا لم يكن للقناعــة، بــل إلظهــار

ألبي ذر رضــي اللــه|الزهــد والفضــل، كمــا ورد في وصــية النــبي. (445)«عنه

ومن الجدير بالذكر أن هذا القسم من بحــار األنــوار ـــ الــذيب تنظيم العالمــة المجلســي ل المجلــد الخــامس عشــر بحســ يمث نفسه ـ ال يحتوي على تاريخ كتابته. ولعــل الســبب في ذلــك يعــودــد بعــد الفــراغ من إلى أن المجلسي قد أعاد النظر في هذا المجل

ــدين . وقــد تم(446)المشروع برمته، وعمد إلى تقسيمه ضــمن مجل هـــ؛ وعليــه ـ1104الفــراغ من تنظيم المجلــد الرابــع عشــر ســنة

طبقا للترتيب المعمول ـ يجب أن يكون هذا المجلد قــد كتب بعــد هذا التاريخ. وفي مثل هذا الحال يمكن القول بأن هذا القسم من بحــار األنــوار هــو من األقســام األخــيرة من هــذه الموســوعة؛ ألن

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد196هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

العالمــة المجلســي قــد فــرغ من تــأليف البحــار في هــذه الفــترة . ويمكن لهــذا أن يعــني أن مــا كتبــه قبــل هــذا(447)الزمنيــة تقريبــا

ــاد(448)«عين الحياة»التاريخ بشأن لبس الصوف في كتاب ــد أع قالنظر فيه هنا.

ــبي األكــرم ــة أخــرى عن الن ــه قــال: |وفي رواي خمس ال» أن أدعهن حتى الممــات: األكــل على الحضــيض مــع العبيـد، وركــوبيــليم على الحمار مؤكفا، وحلبي العنز بيدي، ولبس الصوف، والتس

. (449)«الصبيان؛ لتكون سنة من بعديــال: ــه ق ــراز، عن أبي ــير الخ ــد بن الحســين بن كث وعن محم

وعليه قميص غليظ خشن تحت ثيابه، وفوقه×رأيت أبا عبد الله»ــتها، فقلت: جعلت ــظ، فمسس ــا قميص غلي ــوف، وفوقه ـة ص ـ جب فـداك، إن النـاس يكرهــون لبـاس الصــوف، فقـال: كال، كــان أبي

^ يلبســها، وكــانوا’ يلبسها، وكان علي بن الحسين’محمد بن علي .(450)«يلبسون أغلظ ثيابهم إذا قاموا إلى الصالة، ونحن نفعل ذلك

ــل وفي بعض هــذه الروايــات كالم عن لبس الصــوف من قبــاء ، ومــع ذكــر(451) بشــكل عــام، ومن دون ذكــر أســمائهم^األنبي

. وهنــاك روايــات تتحــدث(452)أسمائهم في بعض المــوارد األخــرى لهــذا النــوع من÷ والســيدة فاطمــة الزهــراء^عن لبس األئمة

. وهناك مجموعة أخرى من الروايات تحدثت عن شيوع(453)الثياب ، وبين أمــة(454)وفضــل هــذا النــوع من الثيــاب بين األمم الســابقة

. وفي بعض الموارد تم اعتبار لبس(456)، وأصحابه(455)خاتم األنبياء . وفي بعض هـذه الروايـات تم اعتبـار(457)الصوف جزءا من النبوة

ــة لــدخول(458)لبس الصــوف موجبــا إلدراك لــذة اإليمــان ، ومقدم. (459)ملكوت السماوات

وعليه فبالنظر إلى وجود كل هذه الروايات في فضــيلة لبس

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد197هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

ــذا الصوف، وأن أبا ذر كان يعتبر نفسه من أولئك الذين يرتدون ه^النوع من الثياب، وأن األنبياء وأئمة الهدى كــانوا يتخذونــه لباســا

لهم، وبااللتفات إلى ما جاء في موردين ـــ في الحــد األدنى ـــ من ذات هـــذه الوصـــية ألبي ذر في اعتبـــار لبس الصـــوف دليال على فضيلة التواضع، كيــف يمكن أن يســتفاد من هــذا القســم الخــاص من الرواية ـ الــوارد في ذم أشــخاص بعينهم ـــ ذلــك الفهم العــام

بشأن جماعة أو طائفة محددة؟!رين في تفسير قوله تعــالى: ل�بــاس﴿وقد ذهب بعض المفس

هو الذي يقتصــر عليــه من» إلى القول: (26 )األعراف: ﴾التقوى أراد التواضــع والنســك في العبــادة من لبس الصــوف والشــعر

.(460)«والوبر والخشن من الثياب وعليه فإن غاية ما يمكن قوله: إن لبس الصــوف أو أي نــوع آخــر من الثيــاب؛ بــداعي الفخــر والتبــاهي، هــو المــذموم، من أي شخص أو جماعة صدر. من هنــا إذا أراد شــخص أن يســقط هــذهن عليـه قبـل كــل الرواية على شخص بعينه، أو طائفـة بعينهــا، تعيخــذ لبس شيء أن يثبت أن هذا الشخص أو هــذه الطائفــة إنمــا تت الصــوف للفخــر والمباهــاة، عنــدها فقــط يمكنــه أن يجــري عليهــاــة ــة زمني الحكم الوارد في هذه الرواية. وال شك في أن كل مرحل قد شهدت وجود بعض األشخاص ـ سواء من الصوفية أو غيرهم ـ قــد اتخــذوا من هــذا النــوع من الثيــاب وســيلة للفخــر والتبــاهي، واإلغراء بالناس، وهذه مسألة ال يمكن إنكارها من أي منصــف، إال أن إثباتها في حــق شــخص بعينــه، أو جماعــة أو طائفــة بعينهــا، أو

تعميمها على جميع أفراد فئة خاصة، دونه خرط القتاد. وال بأس في اإلشارة إلى أن بعض الروايات قــد ربطت لبس

. وبــذلك يقــع التعــارض بينهــا وبين الروايــات(461)الصــوف بالحاجة

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد198هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

المتقدمة. وقد سبق لنا أن ذكرنا رأي العالمة المجلســي في رفـع التعارض بين هذه الروايات. وكانت نتيجة جمعه ترجيح كفــة لبس الصوف. وأما صاحب الوسائل فقد قــال في رفــع هــذا التعــارض:

ويحتمل الحمــل على نفي التحــريم؛ ويحتمــل التخصــيص بــوقت» الصالة، كما يفهم من آخــره؛ ويحتمــل التقييــد بوجــود العلــة، كمــا

. (462)«مر وللحمــل ]أي حمــل الروايــات الــتي»وقال في موضع آخــر:

تجــيز لبس الصــوف[ على النســخ ]بمعــنى أن الروايــات النــاظرة لسنة لبس الصــوف ناســخة للروايـات الـتي تـذم لبس الصـوف[،ــيص[ بلبس ــواز على التخص ــات الج ــل رواي ــيص ]أي حم وللتخص العباء؛ فإنه لم ينقل أنه كان يلبس غيرها من الصوف، بل نقل أن

. (463)«لباسه كان من القطن يستنتج مما قيل حتى اآلن أن لبس الصــوف في حــد ذاتــه ال ينطوي على إشــكال، بــل هــو مرغــوب إذا كــان للتواضــع والزهــدك، وأمــا إذا تحــول لبس الصــوف إلى وســيلة للتفــاخر والتنســب، بــل ســيكون مــذموما، والتفضل فلن يكون غير مرغوب فحســ وإن كــل شــخص أو جماعــة تتخــذه لهــذه الغايــة سيشــملها الــذم

|المذكور في هذه الرواية )وصية الرسول ــد ألبي ذر الغفــاري(. بيــار أننا ال نستطيع أن نشير بإصبع االتهام إلى جماعة خاصــة، واعتب الروايــة نــاظرة إليهــا بعينهــا، إال إذا كــانت تلــك الجماعــة متصــفة بالمالكات المذكورة في تلــك الروايــة. وعليــه إذا وجــدنا مصــاديق في ســلوك أو آثــار الصــوفية تــدل على اتخــاذهم الصــوف شــعارال على اآلخـــرين فـــإنهم ســـيكونون للتبـــاهي والتفـــاخر والتفضـــ مشمولين لحكم الروايــة بال تــردد، وأمــا إذا لم يمكن العثــور على مثل هذا الشــيء فــإن الحكم في هــذا المــورد على أســاس هــذه

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد199هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

تة. الرواية لن يكون له من دافع سوى النوايا المبي

االستنتاجــة ــد دراس ــة، بع ــة نهائي ــه كنتيج ــروج ب ــذي يمكن الخ إن ال الروايــات المتقدمــة، هــو أننــا ال نســتطيع الحصــول من مضــامينــة على مــا يمكن بــه نقــد وتخطئــة الصــوفية. أمــا الروايــات النبويل نوعا من الســلوك الخــاص بالصــوفية، والــذي الرهبانية التي تمث ينكره عليهم المخالف لهم، فهي ال تنطوي على سابقة سلبية بينــترغيب ــور على شــواهد تشــير إلى ال ــل يمكن العث المســلمين، ب والحث عليها باعتبارها أمرا مطلوبا. إنما الذي ينبغي االلتفات إليه هو نبذ اإلســالم لنــوع خــاص من الرهبانيــة المتطرفــة، حيث ينهىــد ــاز إلى الزه ــوة وانحي ــاك دع ــل هن ــا، وفي المقاب ــالم عنه اإلســة ــمولي لروايـ ــادي والشـ ــة. إن الفهم األحـ ــة المعتدلـ والرهبانيـن حــدود الرهبانية، واإلحجام عن بيان الروايــات األخــرى الــتي تــبي شـمول الروايـة المـذكورة، يمهد األرضـية لتوظيـف هـذه الروايـة بشــكل خــاطئ. ومن خالل الجمــع بين مختلــف الروايــات ينقشــع

الضباب عن حدود الدائرة االستيعابية لرواية الرهبانية. ــاال للصــوفية( كما أن روايات لبس الصوف )التي اعتبرت مث ال تعتــبر هــذا األمــر ظــاهرة ســلبية، بــل تنظــر إلى لبس الصــوفل األســلوب بوصــفه مثــاال للزهــد واإلعــراض عن الــدنيا، وأنــه يمثــل األنبيــاء الســابقين واألئمــة الكبــار في الــدين بــع من قب المت اإلسالمي أيضا. وإنما الذي اعتــبر مــذموما هــو التفــاخر والكبريــاء

في لبس هذا النوع من الثياب. إن تكثـــير المصـــادر الروائيـــة في نقـــد الصـــوفية يعـــد من األساليب التي عمدت اآلثــار المناهضــة للصــوفية إلى اتباعهــا من

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد200هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

أجــل التـأثير على المخـاطبين. وهــذا في حــد ذاتـه يشــكل ضـربةقــة بــذم الصــوفية، كمــا يضــر كبــيرة لمصــداقية الروايــات المتعل بمصداقية الناقدين للصوفيين أيضا. وفي هــذا المقــال عمــدنا إلى التعريف بمصادر الروايات المذكورة. وقد أثبتنا من خالل الشواهد أنها في بعض الموارد )كما هو الحال بالنسبة إلى الرواية الثانيــة( تنتهي بأجمعها إلى مصدر واحد، وعند الرجــوع إلى ذلــك المصــدر

وجدناه خاليا من الرواية المذكورة. وفي بعض الموارد تم تضليل المخاطب من خالل نقل بعضر الروايـة، وتعمد تجاهــل األجــزاء األخــرى من الروايــة الــتي تفســل المدعى المذكور )كما حصــل ذلــك بالنســبة إلى الجزء الذي يمثــليل والفهم ــية للتض ــوفر األرض ــذي ي ــر ال ــة(، األم ــة الثالث الرواي واالستدالل الخاطئ. وبالتالي يمكن القول: ال شيء من الروايــاتــد ــة ونق ــا تخطئ ــذي يمكن من خالله ــتوى ال ــذكورة في المس المــد في نقــد الصــوفية من البحث عن شــواهد الصــوفية، وعليــه ال ب

أخرى أفضل من هذه الشواهد.

الهوامش

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد201هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد هادي گرامي•

بين تراث دعاء السمات والتلمودالبابلي

*(*()د. محمد هادي گرامي

عماد الهاللي: وتنسيق وتعليق ترجمة

مقدمةــاء ــراث دع ــال نســعى للبحث عن مصــادر ت ــذا المق في همات ـــ في الــتراث الشــيعي، وجــذوره في السمات ـــ وليس الســ التلمــود البــابلي. ومضــافا إلى ذلــك ســعينا في هــذا التحقيــق أن

نتناول هذا الدعاء في التراث الشيعي اإلمامي.

أهمية مقدمة الدعاءــير من الكتب ــاك الكثـ مات هنـ ــ ــاء السـ ــوص دعـ في خصــــة ـة الـــتي دونت بـــاللغتين العربي ــ والبحـــوث والرســـائل الجامعي والفارسية. ولكن بحسب علمي كل هذه الدراســات والبحــوث لن تبحث ما أصبو إليه من التحقيــق في جــذور مقدمــة الــدعاء، حيثب مــا جـاء في مقدمـة فيها الكثير من المعلومـات المهمـة. بحســــر ل بن عم ــ ــان عن المفض ــل في بعض األحي ــذي ينق ــدعاء، ال ال

ــد بن180الجعفي)في حدود هـ(، والنقل الثاني واألشهر عن محم ، اإلمــام الغــائب×هـــ(، نـائب اإلمــام المهــدي304عثمان العمري)

الثاني عشر لدى الشيعة اإلمامية. وبحسب مــا جــاء في المقدمــة فإن هذا الدعاء كان متداوال لدى اليهود، وكــان لتالوة هــذا الــدعاء

أستاذ جامعي، متخصص في مجال الحديث والتراث.)*(*( ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد202

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

بين تراث دعاء السمات والتلمود البابلي•

دور واســع في انتصــار يوشــع بن نــون في حربــه على العمالقــة. وبحسب التصحيح والتحقيق والتقديم للدعاء الذي قمت به مؤخرا شاهدت أن هــذه العالقــة الوثيقــة بــدأت من المقطــع الثــاني إلى

رت مجلس»الثامن من هذا الدعاء. وإليكم هذا النص: ــال: حضــ قعيد العمــري قــدس اللــه يخ أبي جعفر محمد بن عثمان بن ســ الشاس ـيرا من الن ــرى كث ــا ن دي، مـا بالن ي ـا ســ روحه، فقال بعضنا له: يــون على رق منهم وهم ملعون ور اليهــود على من ســ ب يصدقون شــــان: ت ــذا عل ــال: له لسان عيسى بن مريم ومحمد رسول اللــه؟ فقــا ه أن ها أسماء الله ومدائحــه، إال ظاهرة؛ وباطنة. فأما الظاهرة فإنادتنا أهــل الــذكر، حيحة موفــورة عن ســ عندهم مبتورة، وعندنا صــــا ا روين ى وصلت إلينا. وأما الباطنة فإن نقلها لنا خلف عن سلف حتوت : صـ ه قال: إذا دعا المؤمن يقـول اللـه عـز وجـل عن العالم أنماء ــة بين الســ ق ــا معل ــه، واجعلوه وا حاجت ــ معه، اقض ــ أحب أن أســافر يقـول ــه، وإذا دعــا الك ي إلي ى يكثر دعاءه شوقا من واألرض حتــه، ــا ل لوه ــه، وعج وا حاجت : صوت أكره سماعه، اقضــ الله عز وجلى ال أسمع صوته، ويشتغل بما طلبه عن خشوعه. قالوا: فنحن حتى ندعو به ور حت ب ذي هو للش مات، ال نحب أن تملي علينا دعاء الس

زين علينا.... على ظالمنا ومضطهدنا والمخاتلين لنا والمتعزع بن نــون وصــي موسي×ثم قــال لمـا حــارب×: إن يوشــ

عفت نفـوس بـني إسـرائيل ـة، ضـ ور هائل العمالقة، وكــانوا في صـع أن يــأمر×عنهم، فشكوا إلى الله تعالى، فأمر اللــه تعــالى يوشــ

ة من خزف الخواص من بني إسرائيل أن يأخذ كل واحد منهم جر ـه قرنـا ر باســم عمليـق، ويأخـذ بيمين ـ فارغـة ــ على كتفـه األيسـ مثقوبا من قرون الغنم، ويقرأ كل واحد منهم في قرن هذا الدعاءــه. مون ياطين الجن واإلنس فيتعل سرا؛ لئال يسترق السمع بعض شــ

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد203هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد هادي گرامي•

رونها، ثم يأتون ]بـ[ الجرار في عسكر العماليق آخــر الليــل ويكســهم أعجــاز نخــل خاويــة، منتفخي ففعلوا ذلك فأصبح العمــاليق كــأنــاس. خذوه على من اضــطهدكم من ســائر الن األجواف، موتى. فاتائل ــون العلم ومخــزون المســ ثم قــال: هــذا هــو من )عميــق( مكن المجابة عند الله تعالى )فادعوا بــه للحاجــة عنــد اللــه، وال تبــذلوه

فهاء والصبيان والظالمين والمنافقين( ساء والس . «للن

الدراسات القديمة والحديثة للدعاء مع األسف لم نلحظ أو لم نجد في اللغة العربية أو الفارسية

ــتي(464)بحثا أو دراسة جادة في النقد الداخلي ــة ال للجذور اليهودي تنســـب لهـــذا الـــدعاء. وأغلب الكتابـــات والبحـــوث، وحتى بعضــة، الرسائل الجامعية، تدور في فلك التحقيقات الكالسيكية الرائجــل ـ ــار داخ ــوص من منظ ــق النص ــوم بتحقي ــتي تق ــان ال أو اللجــة إســالمي. وكــل مــا تفعلــه أن تجمــع وتبــوب المعلومــات القرآني

والحديثية، ومن ثم صبها على النص.

الشرارة األولى ال شك أن أول من قام بإعطائنا معلومات عن هــذه الجــذور الخارج ـ دينية لهــذا الــدعاء هــو األســتاذ الفاضـل الــدكتور حســين المدرسي الطباطبائي، الذي ندين له بالفضل على هذه المعلومــة

مة. الثمينة والقي ذكر األستاذ المدرسي في كتابه:

Tradition and Survival: a Bibliographical Survey of Early Shi‘ite Literature

ل في أثناء حديثه عن الــتراث المخطــوط المنســوب للمفضــ : ومن هــذا×بن عمــر الجعفي، أحــد أبــرز تالمــذة اإلمــام الصــادق

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد204هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

بين تراث دعاء السمات والتلمود البابلي•

التراث المنسوب للمفضل هــو نص دعــاء الســمات، الــذي وصــل إلينا. وأشار األستاذ المدرسي في الهــامش على الشــبه الموجــود

من التلمود البابلي. الهامش«موعد كتان»بين هذا الدعاء وقسم ــل ــة يتكئ على التحلي ــي في الحقيق ــتاذ المدرس ــر لألس المختصــة اللغــوي، ويســتند على علم فقــه اللغــة المقــارن للكلمــة العبري

ـة بـ «שמתא» ـ ــاكن إلى اإلنجليزي ــرجمت في أغلب األم ــتي ت »، الShammetha»ومع األسف في الترجمة العربية للتلمود التي نشرت .

من هـــذه«موعـــد كتـــان»في األردن مـــؤخرا حـــذف قســـم . (465)الترجمة

«ســمات»على العمــوم يــؤمن األســتاذ المدرســي أن كلمــة بت من كلمة العبرية. ومضافا إلى األستاذ المدرسي«شاماتا»عر

هناك البروفسور استيفن لمبدن، الذي نشر في موقعه المســمىمات، ومقــاال ألحــد شــروح دعــاء )هورقليا( مقالين عن دعــاء الســ

هـ(. ومــع أن الســيد لمبــدن1259السمات للسيد كاظم الرشتي)ــة، وكــذلك سعى لترجمة أكثر نصوص الــدعاء إلى اللغــة اإلنجليزي جهد في السعي المحمود والجاد أثناء رجوعه لبعض المصطلحات

، وغيرهــا، إلى الكتــاب المقــدس،«جبل فاران»، «بئر شيع»مثل: ولكن لم يوفق في )الرد( أو )إثبات( ما جــاء في مقدمــة الــدعاء، التي تشير إلى الصلة بينه وبين التراث اليهــودي. ومــا عــدا هــذينــني ق للنقد الخارج ـ دي البحثين لم نجد أي بحث أكاديمي آخر تطر

لهذا الدعاء. جذور الدعاء في التلمود

مع كل ذلــك سأســعى في هــذا المقــال أن أبحث عن جــذور دعاء السمات في التلمود البابلي، طبقا لنظرية فقه اللغة أو علم

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد205هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد هادي گرامي•

. وإن أي شــخص لديــه ولــو خــبرة(466)اللغــة المقــارن وتاريخانيتهــة ــي في العالق ـة المدرس ـ ــيجد نظري ـة س ـ ــة العبري ــيطة باللغ بس

ــة بين كلمــة مات»الظاهراتي أقــرب إلى الواقــع،«شــاماتا» و«ســــق في قسم ــد البحث والتحقي ــا. وبع ــة كله ولكن ليســت الحقيق

ــان» ــد كت ــة لبعض«موع ــابلي، والتوضــيحات التاريخي ــود الب للتلمــراح عن كلمة ــاماتا »الش ــتين«ش ــد نقط ــنتوقف عن ـة، س ـ العبري

أساسيتين: ــة بين مفهــوماألولى أو«شــاماتا »: مع وجــود العلقــة القوي

فــإن هــذا النص يعتــبر من النصــوص«سمات » ومفهوم«ساماتا» الدعائية في التراث الشيعي. في حين لم نجد في التلمود البابليــا بهــذا الشــكل، لكن ســنجد في التلمــود مفهومــا باسم نصا دعائي

. «شاماتا» : طبقا لبعض التوضـيحات الــتي أشــار إليهـا شــارحيالثانية

ــطلح ــة أو مص ــإن كلم ــدس ف ــاب المق ــاماتا »الكت ــنة«ش هي س اجتماعية يهودية جــاءت لطــرد األفــراد وتــأديبهم، ولفــترة محــددة

)محصورة( من الزمن، مثال: يومين أو ثالثة أيام فقط. ــا نظــرة خاطفــة وســريعة إلى بعض الشــروح إذن لــو نظرنــترو على ــة(، وشــرح جاس ــدس )البايبلي ــاب المق والتفاســير للكت

يتعلــق«شــاماتا»التلمود، سنصل إلى نتيجة ســريعة أن مصــطلح ــذه إذن من أهم بالتراث اليهودي االجتماعي، وليس نص دعائيا. هـة. ـ األمور التي بحثتها. وبعد التدقيق توصلت إلى هذه النتائج األولي علما أن البحث والتحليل الدقيق للنص التلمــودي، وإحصــاء جميــع

، ومطابقة بعضــها مــع البعض اآلخــر، تتطلب«شاماتا»استعماالت بحثا أكاديميا دقيقا لهذه الظاهرة التلمودية.

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد206هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

بين تراث دعاء السمات والتلمود البابلي•

أهمية الشاماتا في التراث اليهودي تســتخدم في«شــاماتا »وهذه الظــاهرة تــدل على أن ماهية

التراث اليهودي لنوع من العقاب االجتماعي، ومضافا إلى ذلك لهاــة. وبعبــارة أبعــاد غنوصــية مــع مــزيج من العلــوم الغريبــة اليهودي

ــة الــتي تحــدثت عن الـــ ، مثــل:«شــاماتا »أخرى: التعابير التلموديــة»، و«رمي الشاماتا على بعض األشياء»، و«قراءة الشاماتا» كتاب

، وغيرها، كل هذه األمــور تجعلنــا نميــل إلى«الشاماتا على الورقـة تســتخدم في األوراد أو الطالسـم أو مــا شـابه أن للشاماتا ماهيــا ــلنا عليه ــتي حص ــات ال ــا للمعلوم ــك، وطبق ــل ذل ــع ك ــك. وم ذل واالستنتاجات التي وصلنا لها، واإلشكالين الســابقين، من الصــعب

. «سمات» وكلمة «شاماتا »مالحظة علقة أو ارتباط بين كلمة

الشبور بين التراث اليهودي واإلسالمي ولكن أهم وأفضل شاهد يتعلق بفقه اللغة ويبعث االطمئنانــة لنا بهذه العالقة ـ التي لم يشر إليها السيد المدرسي ـ هــو أهمي

في التلمـود البـابلي، الـذي اسـتخدم بعـد كلمـة«شبور»مصطلح بمسافة قليلة جدا.«شاماتا»

النص اإلنجليزي للترجمة الشهير للتلمود هو: «There was a domineering fellow who bullied a certain Collegiate. The latter

came before R. Joseph [for advice]. Said he to him: ‘Go and put the shammetha

on him’. ‘I am afraid of him’, he replied. Said he to him, ‘Then go and take

[out] a Writ against him’. - ‘I am all the more afraid to do that!’ Said R. Joseph

to him: ‘Take that Writ, put it into a jar, take it to a graveyard and hoot into it a

thousand Shipur [horn blasts] on forty days’. He went and did so. The jar ـ

burst and the domineering bully died» (Talmud, Mo'ed Katan, 17 a - 17 b).

وطبقا ألكثر الكتب اللغوية، وما ذكــره الــدكتور محمــد جــواد ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

207هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد هادي گرامي•

«شــبور»، فــإن كلمــة (467)م( في معجمه التطبيقي1995مشكور)بة من كلمة الفارسية. وفي نص التلمــود ذكــرت«شيپور»هي معر

، ومفهومها هــو نفس المفهــوم والمعــنى المتــداول«شيپور»كلمة ــا أن نبحث وأن ــوقت علينـ ــية. وفي نفس الـ ــة الفارسـ في اللغـ نتساءل طبقا لعلم اللغة أو فقه اللغة المقارن: هــل هــذه الكلمــة الفارسية من الناحية اللغوية والتاريخية هي التي دخلت إلى النص ــا ــال طبق ــاكس؟ وعلى أي ح ــير مع ــا مس ــان له ــودي أم ك التلمــة الموجــودة بين أيــدينا كــان هنــاك تفاعــل بين للشــواهد التأريخيــة في بابــل، ومن المحتمــل أن الثقافة الفارسية والثقافــة اليهوديــة، كمــا أن هنــاك هذا المصطلح الفارســي دخــل إلى اللغــة العبري

الكثير من المصطلحات دخلت إلى العبرية. «شــبور »في مقدمة دعاء السمات سمي هذا الدعاء بـــدعاء

ــان أيضا. ومن خالل المسير التاريخي الذي نقل إلينا هذا الدعاء ك. «السمات » قرينا لـ«شبور »اسم

ــا هي مــوارد والنقطة الثانية المتممة التي نستدل بهــا تاريخي في نصوص الكتــاب المقــدس والنصــوص«شبور»استعمال لفظ

التلمودية. من المحتمــل أن بعض القــراء ال يعلم مــا مــدى أهميــةــة«الشبور» في التراث الديني اليهودي؛ حيث تقترن أهميته بأهمي في الفكــر والــتراث المســيحي. وفي الواقــع كمــا أن«الناقوس»

للنــاقوس مظهــرا ودورا مهمــا في اإلعالن عن أوقــات الصــالةــة كــذلك للشــبور أهميتــه في الــتراث اليهــودي، والمراســيم الديني حيث يعتــبر مظهــرا من مظــاهر أعالن الحــرب على العــدو، أو

للتذكير عن أوقات الصالة، أو أمور أخرى.

في الروايات التأريخية اإلسالمية

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد208هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

بين تراث دعاء السمات والتلمود البابلي•

وفي الكتب التأريخية في الصدر األول لإلسالم هناك تقـاريرــة، وإقبــال بعض تحكي وتشير ألهمية الشــبور في الثقافــة اليهوديــد المســلمين الشــبور في المسلمين عليه. وفي بعض األحيــان قل بعض المراســيم اإلســالمية. من أهم هــذه الكتب الــتي تــروي لنــا

في التــاريخ اإلســالمي«الشــبور»تقريرا عن هذا التراث اليهــودي ــظ ابن كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد، للحاف

حــدثنا عبــد اللــه بن محمــد قــال: حــدثنا»هـ(، قال: 463عبد البر) محمد بن بكر قال: حدثنا أبـو داوود قـال: حــدثنا عبــاد بن موســى وزيــاد بن أيــوب، وحــديث عبــاد أتم، قــاال: حــدثنا هشــيم، عن أبي بشــر، قــال زيــاد: أخبرنــا أبــو بشــر، عن أبي عمــير بن أنس، عن

للصــالة كيــف يجمــعملسو هيلع هللا ىلصعمومة له من األنصار قالوا: اهتم النبيــا ــإذا رأوه الناس لها؟! فقيل له: انصب راية عند حضور الصالة، ف أذن بعضهم بعضا، فلم يعجبه ذلــك، قــال: فــذكر لــه القنــع، يعــني الشبور، وقال زياد: شبور اليهود، فلم يعجبــه ذلــك، قــال: هــو من أمــر اليهــود، فــذكر لــه النــاقوس: فقــال هــو من أمــر النصــارى، فانصرف عبد الله بن زيد وهــو مهتم بهم النــبي، فــأري األذان في منامه، قال: فغدا على رسول الله، فأخبره، فقال: يا رسول الله، إني ليس بنائم وال يقظــان إذ أتــاني آت فــأراني األذان]...[ فقــال رسول الله: يــا بالل، قم فــانظر مــا يــأمرك بــه عبــد اللــه بن زيــد

. (468)«فافعله، قال: فأذن بالل هذه الرواية التأريخية هي نمــوذج من روايـات عـدة في هــذا

كــان«الشــبور اليهــودي»الموضوع، والــتي تــدل على أن مفهــوم هو«شبور ». والنكتة هنا أن أشهر لفظ لـ|معروفا في عصر النبي

، المشــهور في اللغــة«قــرن»، أو ألفــاظ أخــرى، مثــل: «شوفار» 72العربية، والذي يستخدم لإلنذار. استعمل هذا المفهوم بحــدود

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد209هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد هادي گرامي•

ــاهيم لم ــذه المف ــل ه ــدس، ولكن في ك ــاب المق ــرة في الكت مــذا«شبور »يستخدم لفظ ــيرا ه بشكل مباشر. وكذلك استعمل كث

المفهوم في التلمــود البــابلي. في حين يتوجه القــارئ أن كلمــة )Shipur/اســتعملت مــرتين فقــط في كــل التلمــود والكتــاب(ــ שפורי

.«شــامتا»المقدس، وفي هــاتين المــرتين اســتخدمت في ســياق وهذه الظاهرة ال يمكن أن نعتبر أنها جاءت من باب الصدفة أو ما

شابه ذلك.

ف على دعاء نفائس الفنون، لآلملي، مصدر مهمول للتعرمات وتداوله التاريخي الس

ـة ـ بغض النظر عن البحوث النصية والنقود الداخلية والخارجيقنـا إليهـا، حيث حاولنـا الكشـف عن لنص دعاء السمات التي تطرــة لهــذا الــدعاء المتــداول والمشــهور لــدى بعض الجــذور التلمودي الشـــيعة االثـــني عشـــرية، وبمعـــنى آخـــر: من األمـــور المهمـــةـة ـة النص والكتابـة التاريخي واألساسـية في المواجهـة بين تاريخاني هناك بحث عن جذور تــداول هــذا النص في تــراث مــا، أو مجتمــعــوع من القــراءة هــو من أهم خــاص، وفي وقت محــدد. وهــذا الن

تاريخ»الدراسات التأريخية لألديان في الغرب. وما ذكرناه بعنوان » بإمكاننــا أن نصــطلح عليــه بـ «التــداول التــأريخي» أو «التــداول

reception history»ــا أن هــذا المصــطلح ــا نشــاهد عملي . في حين أننيستخدم في البحوث التي تتعلق بتاريخ تداول النصوص.

ومضــافا إلى ذلــك، بإمكاننــا البحث عن تــاريخ تــداول دعــاء السمات من منظــار معــرفي في قــالب أو إطــار علم األنســنة أو األنثروبولوجيــا. في الحقيقــة إحــدى همــوم بــاحثي األنثروبولوجيــاعهــا، وتحليــل اآلداب ــة للنص وتتب الثقافية مشاهدة الرؤيــة التداوليـــة، مـــع التأكيـــد على آليـــات البحث والرســـوم للظـــواهر الثقافي

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد210هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

بين تراث دعاء السمات والتلمود البابلي•

ــراث المستشــرقين ــذ القــديم شــاهدنا في ت ــثروبولوجي. ومن األنــا أو علم اإلنســان أنهم يبحثــون عن الــذين يعتنــون باألنثروبولوجيــة والشــعائرية للمجتمــع الشــيعي. الجذور التداولية لألبعــاد الثقافي وإحدى الظــواهر المهمــة في الثقافــة الشــيعية هي ثقافــة قــراءةــتراث ــه. إذن طبقــا لهــذا ال ــتي تعقــد حول ــدعاء، والمجــالس ال الــه، الشيعي فإن ثقافة قراءة دعاء السمات، والمجالس المتعلقة بــة الشــيعية، وبإمكاننــا أن ندرســها من هي إحدى الظــواهر الثقافيــاريخي في ــداول الت ــافي في الت ــثروبولوجي الثق ــد األن حيث البع العصر الحاضر. وحتى اآلن صدرت بعض الدراسات عن الظــواهر الثقافية عن بعض األدعيـة وتــداولها في الثقافــة الشــيعية، كــدعاءــة في كميل، ولكن دعاء السمات ومجالسه ـ بوصفه ظاهرة ثقافي الــتراث الشــيعي ـــ لم يبحث عنــه، ولم تصــدر أي دراســة فيــل حتى لم أشــاهد أي بحث حــول هــذا الموضــوع في الشــرق، ب

الغرب. وبعـد كــل هــذه المقــدمات الــتي ذكرتهـا أردت اإلشـارة إلى

، وأهميته في البحــوث«نفائس الفنون في عرائس العيون»كتاب ــيعي. ــتراث الش ــدعاء في ال ــذا ال ــداول ه ــة بت ـة المتعلق ـ التأريخي وبحسب المعلومـات المتـوفرة لــدينا من خالل الطبعـة المتداولــة

ــعراني) ــن الش ــو الحس ــيرزا أب ــحيح: الم ــاب، بتص م(،1974للكت وتقديم: الســيد هــدايت اللــه المســترحمي، والمــدخل الــذي كتبـهــالمية ــارف اإلسـ ــرة المعـ ــوش في دائـ ــاش آذرنـ ــدكتور آذرتـ الـ

، فإن مؤلف الكتاب هو شمس الدين محمد بن محمود(469)الكبرى اآلملي، من علماء القرن الثامن للهجرة. وال توجد لدينا معلومــاتــف بــدأ بتــدوين عنه في كتب التراجم، ولكن من الواضح أن المؤل

هـــ، وقدمــه ألبي742هـ، وأتمــه بحــدود ســنة 736كتابه قبل سنة

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد211هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد هادي گرامي•

إسحاق بن محمود شاه في مدينة شــيراز ـــ جنــوب إيــران. يمتــازــة. ــه المتناهي أســلوب اآلملي ببســاطته الشــديدة ووضــوحه ودقت وينتهج فيه نهج علماء القرنين السابع والثــامن الهجــريين، ويشــبهإلى حد كبير أســلوب كــل من: الخواجــة نصــير الــدين الطوســي)

ــدين الشــيرازي)672 ــ( وقطب ال ــان المؤلف في710هـ ــ(. وك هـــائل ما في المس ــي ــده، وال س ح قص ــ ــاب يوض ــع الكت أغلب مواض العلمية، بلغة بسيطة ومفهومــة، وحــاول شــرح العبــارات الصــعبة والغامضة من دون أي تكلف. إذن هــذا الكتــاب هــو بمثابــة دائــرة معارف مهمة في قسمين)علوم األوائـل، وعلـوم األواخــر( باللغــة

الفارسية، وكان إلى حدود ما بعيدا عن األنظار. نفــائس الفنــون في عــرائس»من جهات متعددة يعتبر كتاب

من المصادر المهمــة للتحقيــق والبحث عن أهميــة دعــاء«العيونالسمات. : مــا عــدا البحــوث الســالفة الــتي ذكرناهــا، بإمكاننــا أنأوال

ف هذا الكتاب في مصاف المصادر غــير المعروفــة والمهملــة نصن لدعاء السمات. قبل ذلــك عنــدما كــانت تــذكر المصــادر المتعلقــة بدعاء السمات وشروحاته في الغــالب كــانوا يــذكرون كتب مثــل:

هـ(، وجمال األســبوع، البن460مصباح المتهجد، للشيخ الطوسي) هـ(، والبعض اآلخر من تراثه، وتراث إبراهيم664طاووس الحلي)

هـ(، واختيار مصباح المتهجد، للســيد مجــد905بن علي الكفعمي)ــد بن653الدين بن باقي الحلي)كان حيا هـ(، وعدة الداعي، ألحم

ــدم المصــادر841فهد الحلي) هـ(، و... كل هذه كانت تعتبر من أق لدعاء السمات وشروحاته. في حين أن كتاب نفائس الفنون يعتبر من المصادر المهمة في القرن الثامن الهجــري، الــتي غفــل عنهــا إلى اآلن. وإذا أردنـــا البحث العلمي واألكـــاديمي، والنهج النقـــدي

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد212هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

بين تراث دعاء السمات والتلمود البابلي•

لدراسة النص، سيكون كتاب نفائس الفنون من المصادر المهمــةالتي ستفتح لنا بعض األمور في ثنايا البحث والتحقيق.

: هذا الكتاب هو المصــدر الفارســي الوحيــد الــذي ذكــرثانيا فيه النص الكامل لدعاء السمات، قبل كتــاب زاد المعــاد، لمحمــد

. (470)هـ(1111باقر المجلسي) : طبقا للمدخل الذي كتبه األستاذ آذرتاش آذرنـوش عنثالثا

نسخ الكتاب المتعددة والمتواجدة في مختلف المكتبــات، وتــداول الدعاء في القرون التي تلت تأليف الكتاب في إيـران، فإنهـا تـدل على أهميـــة الكتـــاب واالعتنـــاء بـــه من خالل الثقافـــة والـــتراث

الشيعيين. ــة ــار، والمقدم ــيرتين بعين االعتب ــتين األخ ــذنا النقط وإذا أخ القصيرة التي كتبها المؤلف لدعاء السمات، فإن كل هــذه األمــورــة التــداول التــاريخي لهــذا ســتعيننا في البحث والتحقيــق عن كيفي الدعاء باعتباره نصا شيعيا، وظاهرة ثقافية في إيران، قبل الفترة

الصفوية. مات مــا يلي: وكــذلك» جاء في مقدمة المؤلف لــدعاء الســ

من أفضل األوقات لقراءة هذا الدعاء هــو يـوم الجمعـة. والعلمــاء قد اختلفوا في تحديد الوقت المفضل لــه. البعض قــال ـــ نقال عن

ـ: إن الوقت المفضل هو ما بين أن يجلس اإلمام إلى أن×اإلمام ؛ والبعض اآلخر قال: إن الوقت المفضل لقراءة(471)يقضي الصالة

هذا الدعاء هو قبل الزوال عنــدما ينشــغل النــاس بالصــالة؛ وقــال البعض اآلخر: إن الوقت المفضل هو أن يكون مــا بين الخطبــتين؛ وذكر البعض عندما يستقبل اإلمام القبلة، ويتوجــه إلى المحــراب؛ وقال جمع آخر: إن الوقت المفضل هو وقت الركوع األولى؛ وذكرــدرك آخرون أنه ال يوجد وقت مفضل ليوم الجمعة، ومن أراد أن ي

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد213هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد هادي گرامي•

هذا الوقت فعليه أن ينشغل بالدعاء والعبادة في هــذا اليـوم كلــه؛ لكي يدرك هذا الوقت المفضل؛ وقال البعض: إن هذا الــوقت هــو أثناء غروب الشمس من يوم الجمعة. وهذا العبــد الضــعيف ســمع عن الكثير من علماء الشريعة وأهل التقــوى بــأنهم يرجحــون هــذا

. وذكر لي أحد هــؤالء العلمــاء أنــه(472)القول على األقوال األخرىــام شــبابه بــأمراض كثــيرة، وعنــدما ســمعت هــذا قد أصيب في أيمات، القول بدأت أقرأ الدعاء المنقول، والذي يشــتهر بـدعاء الســــذا ــدما انتهي من ه ــروب، وعن ــة في وقت الغ ــوم جمع ــل ي في ك الدعاء حيث غابت الشمس أدعو الله أن ينعم لي ببدن سالم؛ ألن جسمي ال يستطيع تحمل األمراض. ومنذ ذلك الــوقت وإلى يومنــا الحاضر، الــذي مــر عليــه بحــدود ســتين عامــا، لم أدرك المــرض. ورغم طول الدعاء سأذكره في نهاية هــذا القســم من الكتــاب إنمات في كــل يــوم جمعــة، أثنـاء شاء الله تعالى... يقرأ دعــاء الســ الغروب. وإن للدعاء فوائد كثيرة، منها: الوقاية من األمراض، كما

. (473)«ذكرنا سالفا من خالل هذا البحث نستكشف أن دعاء السمات كان رائجــا ومتداوال في إيران في القــرن الثــامن الهجــري، بــل كــان متــداوال قبل شمس الدين اآلملي، أي بسنوات قبل قيام الدولة الصــفوية. وهذا الدعاء يعتبر من األدعيــة المتداولــة والمعمــول بهــا. وشــهرةــة من ــذاك تســتخدم للشــفاء والوقاي ــانت آن ــدعاء األساســية ك ال األمراض، مــع أن هــذه األمــور لم نجــدها اليــوم عنــدما يــذكر هــذاــه وســيلة للغلبــة على الدعاء؛ حيث يشــتهر هــذا الــدعاء اليــوم بأن

.(474)األعداء، واالنتقام منهم

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد214هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

بين تراث دعاء السمات والتلمود البابلي•

الهوامش

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد215هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

رؤية حول حمل الروايات على التقيةعند الشيخ الطوسي

*(*()السيد محمد كاظم المددي الموسوي

ترجمة: مرقال هاشم

ـ التقية في المرحلة السابقة لعصر الشيخ الطوسي1ــاء ــتقل لفقه ــور المس ــة األولى من الحض ــة المرحل في بداي الشيعة بعــد عصــر األئمــة، منــذ منتصــف القــرن الهجــري الثــالث وصوال إلى ظهور الشيخ الطوسي في القــرن الهجــري الخــامس، رغم الحضــور القــوي لمفهــوم التقيــة في الفقــه بوصــفه مســألة فقهية هامة، إال أننا قلما نجد حمال للروايــات على التقيــة كوســيلة

لعالج األخبار المتعارضة. ما المتقدم منها، يندر أن نعــثر ففي المصادر الروائية، وال سي على كتــاب ـــ من الكتب الــتي وصــلتنا ـــ يتعــرض صــاحبه لحمــل

مسائل»، و«فقه الرضا»الروايات على التقية. فإن كتبا من قبيل: ــناد»، و«علي بن جعفر ــرب اإلسـ ــيري، و«قـ ،«المحاسن»، للحمـ

، لمحمـــد بن«الجعفريـــات»، لألشـــعري، و«النـــوادر»للـــبرقي، و ، البن«كامــل الزيـارات»، للمغــربي، و«دعائم اإلسالم»األشعث، و ، للصـــدوق، هي من أهم المصـــادر«معـــاني األخبـــار»قولويـــه، و

الروائيــة المتقدمــة، ومــع ذلــك ال نــرى في أي منهــا أثــرا لحمــل الروايات على التقية، إال الصدوق في نهاية القرن الهجري الرابع،

. باحث في حوزة قم العلمية)*(*( ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد216

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي•

روايــتين فقــط«من ال يحضــره الفقيه»حيث نجــد لــه في كتــاب ، ومع ذلك فإن البيان الــذي يـذكره الشــيخ(475)حملهما على التقية

الصدوق لتوجيه حمل هاتين الروايتين على التقية، والموضع الذي حدث فيه التعارض، يختلف بوضوح عن مواضــع وأســاليب الشــيخ

الطوسي وغيره من المتأخرين، على ما سيأتي توضيحه الحقا. وفي مــا يتعلــق بــالكتب الفقهيــة كــذلك ال نجــد الحمــل علىــد وجــود ــار قــول عن ــأتي بــداعي الســبب في عــدم اختي ــة ي التقي

، للشــيخ الصــدوق،«الهداية» و«المقنع»االختالف. ومن هنــا فــإن ،«الكــافي»، لســالر، و«المراسم»، للمغــربي، و«تأويل الــدعائم»و

«المقنعة»، البن الــبراج، و«الجــواهر» و«المهــذب»ألبي الصالح، و ، للشيخ المفيــد، لم«النساء» و«المهر» و«اإلشراف» و«اإلعالم»و

يتم التعرض في أي منهــا لمســألة الحمـل على التقيـة. وحتى فيــة، واالضــطرار إلى حــل ــات المخالف ــاطي مــع الرواي مــوارد التع

في خصــوص«المقنعة»التعارض ـ كما حصل للشــيخ المفيــد في مسألة الحضور في المشعر الحرام ـ تم حمل الروايــة المعارضــة

. (476)على الندرة، ونسبة الرواية المختارة إلى التواتر والمورد الوحيد في هذه المرحلة، في نهاية القــرن الهجــري الرابع وبداية القرن الهجري الخامس، هو للسيد المرتضى، أستاذ الشــيخ الطوســي، حيث ذكــر الحمــل على التقيــة في موضــعين. وعلى الرغم من ذلك فإن التمعن في مبناه في خبر الواحــد يثبت أن هذا الحمــل منــه على التقيــة لم يكن من قبيــل: حمــل الشــيخ

. وخــير«إلــزام المخــالف بمــا يعتقد»الطوسي، وإنما كان أشبه بـ شــاهد على ذلــك تصــريحه في مســألة تــرجيح روايــات العــدد أوح بعــدم وجــود الرؤية في شهر رمضان بهذا الخصوص؛ حيث صــر أثر للحمل على التقية مع القول بعدم حجية خبر الواحد. ومن هنا

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد217هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

. كمــا أنــه في موضــع آخــر من(477)ال يمكن للخصم أن يتخذه دليال هذا البحث ينتقد أصل توظيف الحمل على التقية وفقا ألي مبــنى،

. (478)معتبرا إياه منهجا مفتقرا إلى ما يضمن صحته

ـ التقية في عصر الشيخ الطوسي2خذ بعد ظهور الشيخ الطوسي في القرن الهجري الخامس ات حمل الروايات على التقيــة فجــأة مســتوى مختلفــا، وســرعان مــاــتعمال في ــائعة االس ــل إلى أداة ش ــوع من الحم ــذا الن ــول ه تح التعاطي مع الروايات. وقد عمل في البداية على تفعيل هذا النوع

تهــذيب»من الحمل على نطاق واسع في مجموعتيــه الروائيــتين: . ومن ذلك، على ســبيل المثــال: إنــه في«االستبصار»؛ و«األحكامــة ـ«االستبصار»كتاب وحده عمد إلى حمل مئتين وعشــرين رواي

مما يقرب من خمسة آالف وخمسمئة روايــة ـــ على التقيــة. وقــد تم استعمال هذا الحمل في بعض األحيان بوصــفه التــبرير الوحيــد

، وفي بعض المــوارد يــذكر بوصــفه احتمــاال من(479)لحل التعارض. (480)بين سائر المحتمالت األخرى

وكان من نتائج ذلــك وقــوع انفــرادات، وحتى ظهــور عنــاوين جديدة في األبواب الفقهية، تعتبر بالقياس إلى الفقه المتقدم غير مسبوقة من حيث األسلوب، ومن حيث النتيجة أيضــا. ففي جميــع الموارد الــتي حمــل فيهــا الروايــات في الفقــه على التقيــة كــانت تختلف في الموضوع أو النتيجــة عن فقــه المتقــدمين، من قبيــل: الرواية التي لم يستند إليهــا غــير الشــيخ، وفي الفقــه لم يتعــرض

. (481)ألصل المسألة أحد غيرهــل المتــأخرين كما تم توظيــف هــذا األســلوب والمنهج من قب عن الشيخ الطوسي أيضا. وعلى الــرغم من وجــود بعض مراحــل

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد218هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي•

ما بسبب نبذ مباني الشيخ الطوســي في مــا يتعلق األفول، وال سي بحجية خبر الواحــد، فقــد تم في الفقــه بعــده في نهايــة المطــاف القبول بمــوارد حملــه على التقيــة، وتم توظيــف وتوســيع أســلوبه

ومنهجه على نطاق واسع.

ــود االختالف بين3 ــبب وج ــأن س ــية األولى بش ــ الفرض ـمرحلتين

إن الفرضــية الســائدة بشــأن بيــان الســبب في حــدوث هــذا التغيــير وهــذا االختالف المبنــائي تقــوم على التحليــل القائــل بــأنــرد ــذكرون مج ــانوا ي ــة ك ــأليف الكتب الروائي ــد ت ــدمين عن المتق الروايات المقبولــة عنــدهم بوصـفها روايـات صـحيحة، وفي كتبهم الفقهية ال يتعرضون لغير الروايات الــتي يرونهــا معتــبرة، ويفتــونــبيعي أن ال ــان من الط ــه ك ــانيهم. وعلي ــا لمب ــها طبق على أساسضوا في كتبهم إلى حمــل الروايــات على التقيــة؛ لكــونهم قــد يتعر حذفوا هذه الروايات في مرحلة سابقة على التأليف. ومن هــؤالء: الشيخ الصدوق، حيث صرح بوجــود مثــل هــذا المنهج في مقدمــة

، ببيان أن مراده في هذا الكتــاب لم«من ال يحضره الفقيه»كتاب فين الــذين يـذكرون كـل مــا وصـل يكن شبيها بمقصد سائر المـؤل إليهم من الروايات، وإنما الذي يريده هو ذكر مجرد الموارد الــتيــه وبين ــة بين أفتى على طبقها، وحكم بصحتها، والتي يرى أنها حج

ــرمي(482)الله . وهذا على خالف منهج الشيخ الطوسي الذي كان يح بــه إلى جمع كافة الروايات الصــحيحة والســقيمة، وهــو مــا صــر

، حيث يقول: إنه ـــ بعــد«تهذيب األحكام»الشيخ في مقدمة كتاب ــذلك ــذكر ك ــ ي ــدة ـ ــات المعتم ــات واإلجماع ــات والرواي ــر اآلي ذك الروايات التي ال تنافي هذه المصــادر، ثم يتعــرض إلى بيــان وجــه هذه الروايات من التأويل الذي يؤدي إلى الجمع بينها، وصــوال إلى

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد219هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

. ومن الواضــح أن ســبب هــذا األمــر أنــه لم(483)بيان وجه فسادها تبق ـ في األساس ـــ روايــات متعارضــة في كتب المتقــدمين؛ كي تمس الحاجة الحقا إلى الحمل على التقية في عالجهــا، ال أنهم لم يكونوا ليستفيدوا من هــذا النـوع من الحمـل أصـال. وفي الحقيقـة إنهم قـــد اســـتفادوا من الحمـــل على التقيـــة قبـــل أن يباشـــروا التصنيف والتأليف، وبذلك قاموا بحذف الروايات المتعارضة وغــير

المعتبرة، وهكذا لم يبق من أثر لها في تراثهم وكتبهم.

ــود االختالف بين4 ــبب وج ــأن س ــة بش ــية الثاني ــ الفرض ـمرحلتين

ــع ــجمة م ــاهر منس ب الظ ــ ــدو بحس ــية األولى تب إن الفرضــة بعمــل وأســلوب األصــحاب. إال أن ــة المتعلق الشــواهد التاريخي مالحظــة جــانب آخــر من الشــواهد، وإعــادة قــراءة المســتندات التاريخية، يثبت وجود إشكاالت جادة. ومن هنــا يتم طــرح فرضــية

ثانية بشكل جاد. وترى هذه الفرضية أن عدم وجود الحمــل على التقيــة ينشــأ من عدم اعتقاد المتقدمين بهــذا األســلوب والمنهج )منهج الشــيخ الطوسي( عند حصــول التعــارض. وطبقــا لهــذه الفرضــية لم يكن لدى المتقدمين حاجة لالستفادة من حمــل الروايــات على التقيــة،ــذا وإنهم في حل التعارض كانوا يستفيدون من أساليب أخرى. وه على خالف طريقــة المتــأخرين، حيث كــانوا يعملــون على حــل التعارض من خالل االستناد إلى القواعد العامــة، من قبيــل: حمــلــر عن ــ ــة، بغض النظ ــ ــة على التقي ــ ــة للعام ــ ــات الموافق ــ الرواي خصوصيات المــورد، وهي القواعــد الــتي تم إنتاجهــا وبلورتهــا فيــل ــة ح ــانت طريق ــد ك ــول. وق ــار علم األص ــل وازده ــار تكام إط األصحاب المتقــدمين للتعــارض، مــع فقــدان طريقــة الحمــل على

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد220هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي•

التقية وغيرهــا من القواعــد العامــة، تكمن في دراســة كــل روايــة بشــكل مســتقل على أســاس القــرائن والشــواهد التاريخيــة، من ناحية المضــمون، ومن ناحيــة الســند. وهــو المنهج المنســجم مــع

ــة،^الكالم المأثور عن األئمة األطهار بشأن خصائص مواضع التقي وكيفية التعـاطي معهــا. ويـترتب على ذلــك ضـبط تلـك المواضـع،بــة على مــا نشــاهده من أعمــال وتناغمهــا مــع النتيجــة المترت المتقدمين بالفعل. ويمكن لها أن تكون بيانا لهذا الوضــع، حيث تم مجرد نقل الروايـات المعتمــدة أيضــا. وفي مــوارد ذكــر الروايــات المتعارضة، بدال من االستعانة بقاعدة عامة، تتم دراســة الشــواهد

والقرائن الموافقة والمخالفة. وفي مـــا يلي نبحث في الشـــواهد الدالـــة على تأييــد هـــذه

الفرضية، ورد الفرضية األولى.

أـ وجود االختالف المبنائي في دائرة حجية خبر الواحد إن أهم شـــاهد على وجـــود االختالف المبنـــائي بين الشـــيخ الطوســي والمتقــدمين، والــذي يــبين بوضــوح اختالفهم المبنــائي بشأن الحكم على الروايات، يكمن في مسألة حجية خبر الواحــد. فإن الشيخ الطوسي قد سلك طريقا مغايرا لعمل األصحاب. فقد

؛ بسبب عدم وجود دليل شرعي،(484)كان أستاذه السيد المرتضىد العقلي، والشــيخ المفيد ؛(485)بعد عدم إفــادة العلم وإمكــان التعب

ــة خــبر ــدم حجي ــا يقــوالن بع ــادة العلم، كان من حيث اســتحالة إف الواحد. أما الشيخ الطوســي فإنــه بعــد ذهابـه إلى القــول بإمكـاند عقال؛ بسبب وجود الدليل الشــرعي، على الــرغم من عــدم التعب إفادة العلم ومجرد إفادة الظن، كان أول من قال صراحة بحجيــة

، وذكــر اإلجمــاع في مــا ذكــر من األدلــة الشــرعية(486)خبر الواحد

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد221هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

. (487)على حجيته، معتبرا ذلك موضع إجماع األصحاب وقد كان التخاذ هــذا المبــنى تــأثير مباشــر في بحث تعــارضــة؛ بســبب وجــود ــة التعبدي ــة القــول بالحجي ــات؛ إذ في حال الرواي الدليل الشرعي، حتى مع فرض التعــارض، ســيكون كال الطــرفينــد صــحة المتعارضين حجة، وال بد أن يكــون هنــاك مــرجح؛ كي يؤي مضمون أحد الخــبرين. وإن حمــل الروايــة الموافقــة للعامــة علىــظ ل مرجحا يحاف التقية ـ بدال من الخدش في أصل صدورها ـ يمثــقطه من ــه يس ــوقت نفس ــبر، وفي ال ــالمة الخ ــة وس على الحجي

االعتبار، ويحل التعارض. ومن هنا فإن المتقدمين لم يقولوا بحجية خبر الواحد انطالقا من عنوان الخبر، بل كانوا ينظرون إلى الخبر بما هو مفيــد للعلم.دية، ليتم بعد ذلك وإن الروايات في األساس لم تكن لها حجية تعب ـ في حالة حصــول التعــارض ـــ المحافظــة على حجيتهــا بواســطة الحمل على التقية، بــل إن مضــمون كــل روايــة عنــد إفــادة العلم يعتبر حجة، ومن بين األمارات على إفادة العلم عدم كون الرواية صادرة بداعي التقية. وبالتالي فإنهم كانوا يدرسون كل رواية قبل حصول التعارض بشكل مستقل، ويعتبرونهــا مفيــدة للعلم أو غــير مفيدة له. وكان ذلك على خالف طريقة الشــيخ الطوســي، الــذي لم يكن ينظر في األساس إلى الرواية بوصفها صــحيحة وحجــة إال بعد حصول التعارض. وعليه فإن الشــيخ الطوســي؛ بســبب مبنــاهــتي في حجية خبر الواحد، كان يعمل من جهة على جمع األخبار ال لم يعمل بها األصحاب، وكــان من جهــة أخــرى يعمــد إلى توظيــفيتها. في حين أن غيره من الحمل على التقية؛ للمحافظة على حجــ كالســيد المرتضــى ـــ؛ حيث لم يقولــوا بحجيــة خــبر األصــحاب ـــإنهم ــذلك ف الواحد، كانوا يتبعون مالكات العلم في هذا الشأن، ول

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد222هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي•

ــة ــة. كمــا أنهم من ناحي ــوا بحاجــة إلى الحمــل على التقي لم يكونــادل ــاث التع ــاس إلى أبح ــون في األس ض ــوا يتعر ــرى لم يكون أخ والتراجيح، بل لم يكونوا يحملون هاجس التعارض، كما ذكر السيدــبر المرتضى هذه المسألة في بحث إمكان وعدم إمكان التعبد بخ الواحد في فصل مختصر، إذ قال: إننــا حيث ال نعتقــد بحجيــة خــبر الواحد لسنا بحاجــة للــدخول في بحث فــروع هــذه المســألة، من

. وفي المجمــوع فــإن(488)تقسيمات الخــبر إلى مســائل التعــارضل عالمــة هامــة تــبين اختالف االختالف في حجيــة خــبر الواحــد يمث المتقدمين المبنائي في مواجهة الروايات، وكيفيــة الحكم بشــأنها،

كما يوضح منزلة الحمل على التقية في هذه المسألة أيضا.

ــكوت في ــرين أو الس ــاليب اآلخ ــتفادة من أس ــ االس ب ـموارد بيان التعارض

إن دراسة موارد نقل التعــارض، وكيفيــة تعــاطي المتقــدمينرات األخــرى على وجــود االختالف مع اختالف األقوال، من المؤش المبنــائي بينهم وبين الشــيخ الطوســي. وفي أغلب المــوارد الــتي نقلها المتقدمون بشأن وجود التعارض أو األقوال المخالفة عمدوا إلى حل التعارض القائم من خالل األساليب األخــرى النــاظرة إلى دراسة كل رواية بشكل مســتقل، بعيــدا عن الحمــل على التقيــة. ــرا ــل من صــحة الفرضــية األولى أم ــذه المســألة تجع ــا أن ه كمــة ــوارد المرتبط ــذف الم ــية ح ــك الفرض ــه، والزم تل ــكوكا في مش بالتعـــارض من كالم المتقـــدمين، واإلبقـــاء على مجـــرد أقــوالهمــير من المــوارد في المختارة. ولكننا في الوقت نفسه نشاهد الكثــات ــحابها إلى الرواي ــا أص ــرض فيه ــة، حيث تع ــك المرحل ــار تل آث المتعارضة مع األقوال والروايات المختــارة، األمــر الــذي يثبت أنضون إلى بحث التعارض، ولم يكن األمــر كمــا األصحاب كانوا يتعر

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد223هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

لــو أنهم كــانوا قــد بحثــوا هــذه المســائل في مرحلــة ســابقة علىتأليف الكتب.

ــارض في وفي ما يلي سنأتي على ذكر موارد معينة من التع ، للشيخ المفيــد، مــع«المقنعة»أحد كتب تلك المرحلة، وهو كتاب

توضيح أسلوب حل التعارض في كل واحد من تلك الموارد: وإذا أخذ الرجل حجة ففضــل منهــا شــيء فهــو لــه، وإن»ـ 1

ــرده عجزت فعليه. وقد جاءت رواية أنه إن فضل مما أخذه فإنه يــرده. وعلى ر على نفســه لم ي إن كانت نفقته واسعة، وإن كان قت

.(489)«األول العمل، وهو أفقه فنجد الشيخ المفيــد هنــا يــرجح الروايــة الثانيــة على الروايــة

ــوب«على األول العمل» و«األفقه»األولى؛ بمجرد ذكر ، ويرى وجالعمل على طبقها.

ــوم»ـ 2 فإن حضر المشعر الحرام قبل طلوع الشمس من ي النحر فقد أدرك الحج؛ وإن لم يحضره حـتى تطلـع الشـمس فقـد فاته الحج. وقد جاءت رواية أنه إن أدركه قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج. غــير أن هــذه الروايــة جــاءت من نــوادر األخبــار، ومــا

.(490)«ذكرناه متواتر ظاهر من اآلثار وفي هذا المورد يصف الشيخ المفيــد الروايــة الــتي اختارهــا

.«ومــا ذكرنــاه متــواتر ظــاهر من اآلثــار»بمجــرد التعبــير عنهــا بـ غــير أن هــذه»وكــذلك في رد الروايــة المعارضــة يكتفي بــالقول:

. «الرواية جاءت من نوادر األخبار وابن الســـبيل، وهم المنقطـــع بهم في األســـفار، وقـــد»ـ 3

جاءت رواية أنهم األضياف، يراد به من أضــيف لحاجتــه إلى ذلــك، وإن كــان لــه في موضــع آخــر غــنى ويســار، وذلــك راجــع إلى مــا

.(491)«قدمناه «ابن الســبيل»وهنا ينقل الشيخ المفيد رواية أخرى تــذكر لـ

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد224هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي•

معنى مختلفا. ولكي يحل تعارضها مع معنى الرواية المختارة عمد إلى حمل ذلـك التعبـير المختلـف على ذات المعـنى الموجـود في

الرواية األولى.

ج ـ االختالف المبنائي في تعريف مخالفة العامةن وجها آخر من هذا االختالف وجــود المسألة األخرى التي تبيــاه الشــيخ التفاوت في تعريف مخالفة الرواية للعامة. فخالفا التج الطوسي، الذي يضع فيه كل رواية تحتوي على شائبة االنفراد فيــون في ــدمين أنهم يتبن مظان التقية بشكل مطلق، يبدو من المتقــة في هذا الشأن مبنى مضيقا بشدة، حيث يحصرون روايات التقيــدم ل دليال على ع ــك ــا تش ــألة كم ــذه المس ــة. إن ه ــواب خاص أب استفادة المتقدمين من القواعد العامة، فإنها تدل أيضــا على أنهم لم يكونوا بوارد حذف الروايات المحمولة على التقية قبل التأليف الدال على عدم االستفادة من هذا الحذف. وهنــاك عبــارة للشــيخ

ن هــذه المســألة بوضــوح.«الرسالة العددية»المفيد في نهاية تــبي فهــو في معــرض رد االدعــاء القائــل بــأن الروايــة موضــع البحث صادرة بداعي التقية قال: إن حمل الرواية الموافقـة للعامـة علىــترحم على التقية يرتبط في األساس بمواضع مدح أعداء الله، والح بــأن هــذه الروايــات ال تشــمل الروايــات خصــماء الــدين، ويصــر

. (492)الفقهية

د ــــ اختالف أســـلوب الحمـــل على التقيـــة في المـــواردالمحدودة

بااللتفــات إلى أن مســألة وجــود الروايــات الصــادرة بــداعي التقية، وسقوطها عن الحجية، حقيقة تاريخية ثابتـة ومسـلمة عنـدــرد ذكــر الشيعة في جميع المراحــل يجب ـــ على القاعــدة ـــ أن ي

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد225هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

ــبين لموارد منها في كتب المتقدمين أيضا. والمسألة الهامة في ال هي أن كيفية المواجهة مــع هــذه الظــاهرة وأســلوب حلهــا كــانتــإن ــا ف تختلف اختالفا ماهويا عن مرحلة الشيخ الطوسي. ومن هن ل بدورها شاهدا هذه الموارد المعدودة من الحمل على التقية تمث

من ال»مهمــا آخــر على وجــود االختالف المبنــائي. ففي كتــاب ل المــورد الوحيــد بين«يحضره الفقيه ، للشيخ الصدوق، الــذي يمث

كتب المتقدمين في حمل الروايات على التقيــة، نجــد أن أســلوبخذ من التعــارض الحاصــل حمل الرواية على التقية والموقف المت يختلف بشكل واضح عن أساليب الشيخ الطوسي. ففي الروايتينــرازه اللتين تم حملهما على التقية تذكر التقية بوصفها أمرا تم إحــة ــة الخارجي ــاظر إلى الواقعي ــد الن ــه الوحي ــا الوج ــالقرائن، وأنه ب والتاريخية، خالفا لطريقة الشيخ الطوسي، حيث يستفيد في أكــثرــل إلى الموارد من الحمل على التقية بوصفه طريق الحل المحتمــتحباب، جانب سائر المحامل األخرى، من قبيل: الحمل على االس والخدش في السند، دون أن تكون هنــاك أمــارة بالخصــوص على

. (493)كون الرواية صادرة بداعي التقية

ــ روايــات التقيــة في المصــادر الروائيــة، والفتــاوى ــ ـ هـالمستندة إليها في الكتب الفقهية القديمة

ــنى ــتي تثبت وجــود االختالف بين مب إن من أهم الشــواهد ال المتقدمين وبين الشيخ الطوسي وجود روايات حملها الشيخ على التقية، بينما تم تصحيحها في كتب المتقــدمين. إن أكــثر الروايـات

«التهــذيب»التي حملهــا الشــيخ الطوســي في كتبــه ـــ من قبيــل: ـ على التقيـة قـد تم حــذفها في المصــادر الروائيـة«االستبصار»و

على اعتقــاد أصــحاب تلــك المتقدمــة. ويمكن لهــذا أن يكــون داال ــد أن هنــاك عــددا المصادر بصدور تلك الروايات بداعي التقيــة. بي

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد226هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي•

ــة لم يتم حــذفها، فهي ــة على التقي ــات المحمول ــيرا من الرواي كبــدورها ــارة إلى ص ــة دون أدنى إش ــادر القديم ــذكورة في المص م بداعي التقية. إال أن هذه الروايات بالقياس إلى المحذوفات قليلة جدا. ولكن يمكن لها رغم ذلك أن تطــرح شــبهة جــادة تجــاه هــذه النظرية، وهي أن المتقدمين كانوا بدورهم يحملون على التقية ما حمله الشــيخ على التقيــة أيضــا، ومن هنــا فــإنهم لم يــذكروها في

مصادرهم. وفي مــا يلي نــذكر بعض األمثلــة من الروايــات الــتي حملهــا

ــي في ــيخ الطوس ــار»الش ــام» أو «االستبص ــذيب األحك على«ته «من ال يحضــره الفقيه»التقية، وذكرها الشيخ الصدوق في كتابــه

أيضا: «الكافي»، والشيخ الكليني في كتاب «علل الشرائع»أو ؛ الشــيخ الصــدوق،331:ــ 1ـ الشيخ الطوسي، االستبصــار 1

. 342: 2علل الشرائع ؛ الشــيخ الصــدوق،387:ــ 1ـ الشيخ الطوسي، االستبصــار 2

. 262: 1من ال يحضره الفقيه ــام 3 ــذيب األحك ــي، ته ــيخ الطوس ــ الش ــ 7ـ ــيخ298: ؛ الش

. 356: 5الكليني، الكافي ــام 4 ــذيب األحك ــي، ته ــيخ الطوس ــ الش ــ 7ـ ــيخ480: ؛ الش

. 532: 5الكليني، الكافي كما أن هناك روايات على مستوى آخر موجودة في المصادر الروائية الرئيسة، ومع ذلك حملهــا الشــيخ الطوســي على التقيــة، األمر الذي يثبت في الجملة وجــود االختالف المبنــائي بين الشــيخــرواة األصــليين، وهــو غــير اختالفــه ــك المصــادر وال وأصــحاب تل المبنائي مع الجامعين لتلــك الكتب الروائيــة. ويمكن لنــا أن نــذكر

األمثلة التالية على ذلك:

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد227هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

؛ محمــد بن محمــد211:ــ 1ـ الشيخ الطوسي، االستبصــار 1. 204األشعث الكوفي، الجعفريات:

؛ مســائل علي بن313:ــ 1ـ الشيخ الطوســي، االستبصــار 2. 238جعفر: ؛ مسائل علي بن17ـ: 8ـ الشيخ الطوسي، تهذيب األحكام 3. 281جعفر:

من الممكن أن تحمــل مــوارد الروايــات الموجــودة في كتب المتقـــــدمين على النـــــدرة واختالف اآلراء بينهم وبين الشـــــيخــة ــة في الكتب الفقهيـ ــة فارقـ ــاك عالمـ ـد أن هنـ ــ ــي، بي الطوسـ للمتقدمين تعد األهم في هــذا الشــأن؛ فهنــاك في الكتب الفقهيــة القديمــة الكثــير من المــوارد الــتي حملهــا الشــيخ الطوســي على التقية، وحذفها المتقدمون في مصادرهم الروائية، ولكنهم عملــوا بها، وأفتوا على طبقها، فهي روايات لم تذكر في كتب المتقدمين لســبب من األســباب، إال أن العمــل واإلفتــاء على طبقهــا يثبت بوضوح أن عــدم ذكرهــا لم يكن بــداعي التقيــة. وهــذا األمــر يثــير الشــك في صــحة الفرضــية األولى؛ ألنهــا ذكــرت أن حــذف تلــكــة، في حين أن ــداعي التقي ــدمين كــان ب ــات في كتب المتق الروايــدل على هؤالء المتقدمين قد عملوا بها في كتبهم الفقهية، وهذا يــك. اعتمادهم الموازي لنقل تلك الروايات، إن لم يكن أشد من ذل

، للشيخ الصدوق،«المقنع»فهناك ـ على سبيل المثال ـ في كتاب روايــات كثــيرة نقلهــا على شــكل فتــوى، إال أن الشــيخ الطوســي

ــة(494)وآخرين عمدوا إلى حملها الحقا على التقية ، وإن هذه الرواي من ال يحضــره»عمــد حتى الشــيخ الصــدوق نفســه في كتــاب

«الفقيه . (495) إلى حملها على التقية أيضا

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد228هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي•

و ـ العناوين الفقهية غير الموجودة في تراث المتقدمين بغض النظــر عن الروايــات، فــإن انفــراد الشــيخ الطوســي، وعدم وجود ســابقة لهــذا المســتوى من الحمــل على التقيــة، في جميع موارد حمــل الشــيخ لروايــة على التقيــة في كتبــه ورســائله الفقهية ـ ســواء في المــوارد االســتداللية أو الفتوائيــة ـــ، حيث لم يكن هناك شخص قبله قد سبقه في حمل تلك الرواية على التقية ــ رغم أن أكـثر الروايـات الــتي يســتند إليهــا قـد ذكـرت من قبـل األصحاب ـــ، ولم يحكم أحــد بكــون تلــك المســألة صــادرة بــداعيــرع التقية، مضافا إلى أنه في بعض الموارد ال يكون أصل ذلك الف الفقهي والعنوان الذي يطرحه الشيخ موجودا في فقه المتقدمين أساســـا، إن هـــذا المســـتوى من االنفـــراد في الفقـــه الفتـــوائيما في المـوارد الـتي ال يكـون أصـل العنـوان واالستداللي ـ وال سي مطروحا في فقه المتقدمين ـــ يمكن أن يكــون شــاهدا جــادا على وجود اختالف الــرأي المبنــائي بين الشــيخ الطوســي والمتقــدمين من األصحاب في باب الحمل على التقية؛ إذ لو لم يكن مثــل هــذا االختالف المبنائي موجودا لكانت هذه المسائل والعناوين موجودةن عليهم بحسب القاعدة في فقه المتقدمين أيضــا. كمــا كــان يتعيــة أيضــا. عند ذكر هذه الروايات في موارد ذكرها حملها على التقي في حين أنهم لم يفعلوا ذلك. وهــذا أمــر أدى في نهايــة المطــاف

إلى إنتاج مسائل وعناوين جديدة في فقه الشيخ الطوسي.ــي ــيخ الطوس ــل الش ــوارد حم ــع م ــذكر جمي ــا يلي ن وفي م للروايــات في كتبــه الفقهيــة على التقيــة، مــع مقارنتهــا من حيث

المستند الروائي والحكم الفقهي بالمصادر الفقهية السابقة له: ـ في بحث المســح اســتند الشــيخ الطوســي إلى روايــة لم1

يذكرها أحد، على الرغم من وجود روايات أخرى بمضمونها، وأمــا

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد229هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

في الفقه فلم يتعرض أحد من العلماء المتقــدمين في الفقــه إلى هذه المسألة، سوى السيد المرتضى، حيث تناولها بــالبحث، ولكن دون إشارة منه إلى هذه الرواية. وبذلك كان الشيخ الطوسي هــو

. (496)أول من تعرض لها ذكر الشيخ المفيــد هــذه الروايــة في(497)ـ في بحث اإلرث2 ضــمن مــا انفــردت بــه اإلماميــة، دون أن يحملهــا«اإلعالم»كتاب

، وإنما حملها على تعجب وإنكار اإلمام، األمر الذي(498)على التقية يعكس بوضــوح مــدى االختالف بين منهج الشــيخ المفيــد ومنهج الشيخ الطوسي. وقد تقدمت نماذج مشابهة لذلك. كما أن الســيد المرتضى ـ بااللتفات إلى أصل مبناه في عدم حجية خبر الواحــد ـ

. (499)يرد هذه الرواية من األساس، وال يراها حجة ذكر الشيخ الصدوق هذه الرواية في(500)ـ في بحث الصالة3 ، ثم حملهــا ـــ بعــد التوضــيح ـــ على«من ال يحضــره الفقيه»كتابه

ــواز ــيد المرتضى(501)الجـ ــذكر السـ ــه فلم يـ ــا في الفقـ (502). وأمـ

سوى(505) وأبو الصالح الحلبي(504) وأبو الصالح سالر(503)والصدوقــة. وفي كتب من ضوا إلى الرواي الحكم بعدم الجواز، دون أن يتعر

ــرض حتى إلى«الهداية»قبيـــل: ــدوق، لم يتم التعـ ــيخ الصـ ، للشـ باب ما يجوز الصالة فيه ومــا ال»الحكم، وتم االكتفاء بذكر عنوان

. «يجوز ال وجود ألصل هذه الروايــة، حتى في(506)ـ في بحث اإلرث4

كتب الشــيخ الطوســي نفســه. وإنمــا أقــرب الروايــات الموجــودة . وإن هــذه الروايــة(507)بشأن نصراني أسلم ثم عاد إلى نصــرانيته

ذاتها لم يتعرض لها أحد، غير الشيخ الطوســي. وفي الفقــه أيضــا لم يتعرض أحد قبل الشيخ الطوسي إلى ذكر هذا الباب والعنوان.

لم يذكر الرواية التي يستند إليها هذا(508)ـ في بحث الفقاع5

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد230هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي•

. وفي الفقــه ـــ كمــا في(509)الحكم ســوى الشــيخ الطوســي فقط المورد السابق ـ لم يتعرض أحــد قبــل الشــيخ الطوســي إلى هــذا

العنوان.

ــراث ــة في ت ــع على التقي ــل لموض ــود حم ــدم وج ــ ع ز ـالمتقدمين

ــإن من الطــرق األخــرى ــة، ف ــانب الحمــل على التقي إلى ج للجمع بين الروايات المتعارضة حمل موضع إحدى الروايــتين على حالة التقية، ببيان أن مــراد اإلمــام في الروايــة األنــدر هي الحالــة التي يكون الشخص فيها على حالة التقيــة، خالفــا لحمــل الروايــة نفسها على التقية، حيث ال يكون فيها لإلمام مــراد جــدي أساســا.ــذين الحملين يثبت أن ــاهوي بين ه ــات إلى االختالف الم إن االلتف أسلوب المتقدمين في اختيار وانتخاب مجــرد الروايــات المعتــبرة كان يؤدي إلى حذف الروايات المحمولة على التقية من األساس.ــذف بيد أن هذا األسلوب يجب ـ على القاعدة ـ أن ال يؤدي إلى ح الروايات الخاصة بموضع التقية؛ ألن هذه الروايات صحيحة قطعا،ــو كــان ســبب عــدم ــة. وعليــه ل ــة التقي ــط بحال وإن حكمهــا مرتبــذف ــو ح ــة ه ــل على التقي ــدمين للحم ــف المتق ــاهدة توظي مش الروايات الصادرة بداعي التقية فيجب إبقاء موارد حمــل الموضــع على التقيــة على حالــه، وأن تشــاهد كــثرة في تــراث المتقــدمينــك ــأخرين. في حين أن الوضــع على العكس من ذل ــابهة للمت مشمــا نشــاهد في تــراث المتقــدمين حمال لموضــع على تمامــا؛ إذ قل

ـــ على«من ال يحضــره الفقيه»التقية. ففي جميع مــواطن كتــاب ــذا(510)سبيل المثال ـ ال نجد إال موردا واحدا من هذا الحمل . إن ه

األمــر، باإلضــافة إلى كــثرة وجــود هــذا الحمــل في تــراث الشــيخــدمين الطوسي والمتأخرين عنه، يشكل أمارة قوية على أن المتق

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد231هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

لم يكونــوا يعتقــدون بالحمــل على التقيــة في حــل التعــارض على نطاق واسع، كالذي نشهده عند المتأخرين، ال على نحو حمل ذات الرواية على التقية، وال على نحو حمل موضع الرواية على التقية. والشــاهد اآلخــر الــذي يزيــد من أهميــة هــذا األمــر، ويثبت وجــود االختالف المبنائي في هــذا الشــأن، ويعمــل على بيانــه بمزيــد من الوضوح، هو أن جميع المــوارد الــتي حمــل الشــيخ مواضــعها على التقية قد ذكرهــا المتقــدمون دون أي قيـد أو شــرط، األمــر الــذي يثبت بوضوح ـ بااللتفــات إلى إمكــان جمعــه مــع حــذف الروايــات الصادرة بداعي التقية ـ أن المتقدمين لم يكونوا يعتقدون بالحمل على التقية بأي صورة من الصور. هناك الكثــير من المــوارد الــتي

على التقية، في«االستبصار»تم حمل موضعها في باب واحد من ــة األخـــرى دون هـــذا ــادر الروائيـ ــرت في المصـ ــا ذكـ حين أنهـ

. (511)الحمل

ح ـ كثرة األحكــام الفقهيــة المرتبطــة بالتقيــة في جميــعاألبواب

ــة لم ربما ادعي أن عدم أنس المتقدمين بالحمــل على التقي يكن من جهــة االختالف المبنــائي في أســلوب ونهج التعــاطي مــع الروايات، وإنما يعــود الســبب في ذلــك إلى أن مســألة التقيــة لمــاء العلمي تكن في األساس جزءا من المسائل الشائعة في الفضــد أن هــذا لــدى الشــيعة، وأن األصــحاب لم يهتمــوا بهــا كثــيرا. بي اإلشكال سيرتفع بأدنى نظـرة على الكتب الفقهيـة لتلـك الحقبـة، ــوذا ن أن مسألة التقية في فقه تلك الفترة كانت أكثر نف حيث يتبي وتأثيرا بالقياس إلى فقه المرحلــة المتــأخرة، بحيث إن األصــحابضـــون إلى حكم افـــتراض التقيـــة في أكـــثر األبـــواب كـــانوا يتعر والعناوين الفرعيـة، وعمــدوا إلى التفريـع في هــذا الفـرض أيضــا.

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد232هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي•

ــف ــل تكلي ــأخر، حيث تم تحوي ــه المت ــذا النهج على خالف الفق وه المكلف في التقية بشكل عام إلى العمومات. كما أن هذا هو غيرــأن قــرب عصــر المتقــدمين من عصــر األئمــة، وكــذلك القــول ب استمرار الظروف القاسية على الشيعة في تلــك المرحلــة، جعــلــر ــل عص ــبة لهم، وليس كمث ــة بالنس ل مشــكلة فعلي ـة تمث ـ التقيل مســألة تاريخيــة. المتــأخرين؛ إذ كــانت التقيــة بالنســبة لهم تمثــف ــدم توظيـ ــتفيد من عـ ــوع أن نسـ ــه ال يمكن في المجمـ وعليـ األصحاب للحمل على التقية أن مفهوم التقيــة كــان غريبــا عليهم. بيد أن عدم غرابة التقيــة عنــدهم يمكن لهــا أن تشــكل دليال قويــا على أنهم إنمـــا لم يكونـــوا يســـتفيدون من الحمـــل على التقيـــة عالمين عامدين. فعلى سبيل المثــال: يتم ذكــر عــدة فقــرات من أحد الكتب الفقهيــة المتقدمــة، تم الحــديث فيهــا ضــمن تضــاعيف

. (512)األبواب المختلفة بشأن فرض التقية مرارا وتكرارا

االستنتاج في إطار بيان أسباب وجود االختالف بين العلماء المتقــدمين والشيخ الطوسي يمكن التوصل ـ من خالل دراسة جميع الشواهدــع ــاطي م ـ إلى أنه؛ بسبب وجود االختالف المبنائي في كيفية التع الروايات، لم يكن حمل الروايــات الموافقــة للعامــة على التقيــة ـ بوصفه طريقــا لحــل التعــارض ـــ طريقــا متــداوال بين المتقــدمين،ــوا ــاء لم يكون ــام اإلفت ــات وفي مق ــار الرواي ــام اختي وإنهم في مق يستفيدون من هذه الوســيلة إال في المــوارد النــادرة. وعنــد عــدمــان منهج االستفادة من هذا األسلوب واألساليب العامة األخــرى ك المتقــدمين من األصـحاب في التعـاطي مـع الروايـات يقــوم على دراسة كل رواية بشكل مستقل على أســاس القــرائن والشــواهد

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد233هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

التاريخية، من ناحية المضــمون، ومن ناحيــة الســند. خالفــا لرؤيــة المتــأخرين في البنــاء على القواعــد العامــة، على أســاس أصــول

وقواعد من قبيل: حمل الرواية الموافقة للعامة على التقية. وبنفس النسبة ال يمكن للفرضية األخــرى، الــتي تعتــبر عــدم وجود الحمــل على التقيــة في الكتب الفقهيــة والمصــادر الروائيــة لدى المتقدمين مجرد مسألة أسلوبية نــاظرة إلى حــذف روايــات

التقية قبل مرحلة التأليف، أن تكون دقيقة.

الهوامش

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد234هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

منهج القدماء في العمل باألخبار، ودور الفهارس فيه•

منهج القدماء في العمل باألخبارودور الفهارس فيه

*(*()الشيخ محمد باقر ملكيان

ــد من بيــان مســلك القــدماء في تعــاملهم مــع ــه ال ب اعلم أن األخبار، حتى يتضح لك وجــه تــدوين أصــحابنا الفهــارس، فــأقول ـ ومن اللــه عــز وجــل أســتمد التوفيــق ـــ: قــال الشــيخ حــول منهجــدا منهم ]أي ــلوكهم العلمي: إن واحـ ــة في سـ ــحابنا اإلماميـ أصـ أصحابنا[ إذا أفتى بشــيء ال يعرفونــه ســألوه: من أين قلت هــذا؟ فإذا أحالهم على كتاب معروف، أو أصل مشهور، وكان راويه ثقــةــذه ال ينكر حديثه، سكتوا، وسلموا األمر في ذلك، وقبلوا قوله. وه

ومن بعــده من األئمــة، ومنعــادتهم وســجيتهم من عهــد النــبي ، الـذي انتشــر العلم عنـه، وكــثرت×زمن الصادق جعفر بن محمد

. (513)الرواية من جهته وقال في موضع آخر: وإذا كــان أحــد الــراويين يــروي الخــبرــة ــدم رواي ــه إجــازة، فينبغي أن يق ســماعا وقــراءة، واآلخــر يروي

السامع على رواية المستجيز. فا اللهم إال أن يروي المستجيز بإجازته أصال معروفا، أو مصن

. (514)مشهورا، فيسقط حينئذ الترجيحــر منه ــذي يظه ــار ليس(515)فال ــدار في عملهم باألخب أن الم

باحث ومحقق بارز في مجال إحياء التراث الرجالي)*(*( والحديثي. حقق وصحح كتاب جامع الرواة، لألردبيلي، ورجال

النجاشي، في عدة مجلدات ضخمة. ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

235هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ محمد باقر ملكيان•

على كـــل خـــبر، بـــل هم عملـــوا بمـــا ورد في الكتب المعروفـــة واألصول المشهورة، وهذا بضميمة شــرط آخــر، أي وثاقــة مؤلف

الكتاب وصاحب األصل. فهــذا إن دل على شـيء يـدل على أن المناقشـات الســندية

حول الكتب المشهورة والطرق إليها مما ال محل لها. ــار ــورده من األخب ــأتي في أكــثر مــا ن وقــال الطبرســي: ال ن

ــه×بإسناده...، إال ما أوردته عن أبي محمد الحسن العسكري ، فإن ليس في االشتهار على حد ما سواه...، فألجل ذلك ذكرت إسناده

. (516)في أول جزء من ذلكــه من كتب معتمــد على صــحتها، وقال الكفعمي: وقــد جمعتــر العصــرين، وال مــر رهــا ك مأمور بالتمسك بــوثقى عروتهــا، ال يغي

. (517)الملوينــيى، وقـــال ابن الغضـــائري في الحســـن بن محمـــد بن يحـ المعروف بــابن أخي طــاهر: كــان كــذابا، يضــع الحــديث مجــاهرة، ويدعي رجاال غربــا ال يعرفــون. ويعتمــد مجاهيــل ال يــذكرون. ومــا تطيب األنفس من روايتــه إال في مــا يرويــه من كتب جــده، الــذي رواها عنه غــيره، وعن علي بن أحمــد بن علي العقيقي، من كتبــه

. (518)المصنفة المشهورةــهل ــه بن س ــد الل ــد بن عب ــهل بن أحم ــا في س ــال أيض وق الديباجي: كان ضعيفا، يضع األحــاديث، ويــروي عن المجاهيــل. والــا روى ــا مم ــأس بمــا رواه من األشــعثيات، وبمــا يجــري مجراه ب

. (519)غيره وقال أيضا في الحسن بن أسد الطفاوي البصري: يروي عن الضعفاء، ويروون عنه، وهو فاسد المذهب، ومــا أعــرف لــه شــيئا أصلح فيه إال روايته كتاب علي بن إســماعيل بن شــعيب بن ميثم،

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد236هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

منهج القدماء في العمل باألخبار، ودور الفهارس فيه•

. (520)وقد رواه عنه غيره في أحمـــد بن هالل العبرتـــائي: توقـــف ابنوقـــال العالمة

ــوب من الغضائري في حديثه إال في ما يرويه عن الحسن بن محب كتاب المشيخة، ومحمد بن أبي عمير من نوادره، وقد سمع هذين

. (521)الكتابين جل أصحاب الحديث، واعتمدوه فيها فهذا يدل على أن الرجل وإن كان ضــعيفا، فاســد المــذهب،ــه، ــل من وضاعا للحديث، إال أنه إذا روى أحد الكتب المشهورة تقب

ولم يناقش معه في هذا النقل. نعم، هذا ال يعني عدم االحتياج إلى البحث الرجالي على نحو القضية السالبة الكلية، فإن الحاجة إلى التقويم الرجالي ما زالت باقية حول صاحب الكتاب، وكــذا الــرواة من صــاحب الكتــاب إلى

، وكذا حول الكتب غير المشهورة. ×اإلمامــا كتب ــا مــع الكتب األربعــة، فإنه ــل تعاملن وليس هــذا إال مث مشهورة، وألجــل ذلــك يختص البحث الرجــالي في الكتب األربعــة

فقط. ×بالرواة من صاحب الكتاب إلى اإلمام والذي يشهد على ذلــك أن الشــيخ قــد ينقــل بعض الروايــات عن الكافي، والرواية موجودة بسندين في الكافي ـــ عن أصــل أو

ب مصــطلح المتــأخرين؛أحدهماكتاب معروف ـ، : ضــعيف بحســ ، فال(522): صــحيح، والشــيخ ينقــل الخــبر بالســند الضــعيفواآلخر

ر لذلك ظاهرا إال ما قلنا. مبر والذي يشهد لــذلك أننــا إذا ســبرنا الكتــاب الرجاليــة نجــد أن

فين. فين والمصن أكثر التوثيقات والتضعيفات حول المؤل %75هذا كتاب الرجــال للشــيخ الطوســي، فتجــد قريبــا من

من نصوص الجرح والتعديل فيه للمؤلفين، بل لم تجــد فيــه كلمــة ، وفي هــذا العهــد بدايــة نظــام× قبــل عهــد اإلمــام البــاقر«ثقة»

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد237هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ محمد باقر ملكيان•

التحديث وشروع التأليف والتصنيف. %90، فتجــد أكــثر من ومثله كتاب الرجال البن الغضــائري

فين فقط. من نصوص الجرح والتعديل فيه للمؤلـر توثيقـا أو تضـعيفا حـول كثـير من الـرواة وألجل ذلـك لم نفات الــذين ليس لهم تــأليف، بــل شــأنهم نقــل الكتب والمصــن فحسب. وهذا مثل أحمد بن محمــد بن الحســن بن الوليــد، الــذي أكثر الشيخ المفيد الرواية عنــه، وكــذا أحمــد بن محمــد بن يحــيى العطار، الذي أكثر الشيخ الصدوق الرواية عنه، وكـذا الحسـين بن

الحسن بن أبان. قال صاحب المعالم: ترك التعرض لذكرهم في كتب الرجال ليس إشعارا بعدم االعتماد عليهم؛ فإن األسباب في مثلــه كثــيرة،فة في الرجــال ــه ال تصــنيف لهم، وأكــثر الكتب المصــن وأظهرها أن لمتقــدمي األصــحاب اقتصــروا فيهــا على ذكــر المصــنفين، وبيــان

. (523)الطرق إلى رواية كتبهم وكيفما كان، تظهــر ثمــرة ذلــك إذا كــان الطريــق إلى كتــاب ضعيفا بحسب المصطح الرجالي، ولكن الكتاب مشهور، فأحاديث هذا الكتاب بحسب مصطلح المتأخرين ضعيفة، بينما الــذي يظهــر من قدماء األصحاب ـ الذين عليهم مدار الجــرح والتعــديل وقبــول

األحاديث وردها ـ أنها صحيحة. قال المحقق المجلسي: ال بأس بالوجادة مع تحقق انتســاب

. (524)الكتب إلى أصحابهاــده العالمــة: األظهــر ]في الوجــادة[ جــواز العمــل وقــال ولفيهــا، بــالكتب المشــهورة المعروفــة الــتي يعلم انتســابها إلى مؤل

. (525)كالكتب األربعة، وسائر الكتب المشهورةــق إلى ــعف الطري ــر ض ــوئي: ال يض ــل الخواج ــال الفاض وق

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد238هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

منهج القدماء في العمل باألخبار، ودور الفهارس فيه•

. (526)صاحب الكتاب أو األصل؛ الشتهارهما عند نقله عنهما وقال صاحب الحدائق ـ في ذيل رواية رواها ابن إدريس في مستطرفات سرائره ـ: رواية ابن أبي نصر صحيحة؛ ألنهــا منقولــة

. (527)من أصله المشهور بال واسطة وألجل ذلك تــرى أن القــدماء عــدوا روايــات كتبهم صــحيحة،

نظرا لكونها مستخرجة من الكتب المشهورة. قــال الصــدوق في ديباجــة كتــاب من ال يحضــره الفقيــه: لمفين في إيـراد جميـع مــا رووه، بــل قصــدت أقصد فيه قصد المصنــه حجــة فيمــا إلى إيراد ما أفتي به، وأحكم بصحته، وأعتقد فيــه أن بيني وبين ربي ـ تقدس ذكــره وتعــالت قدرتــه ـــ. وجميــع مــا فيــه مستخرج من كتب مشهورة، عليها المعول، وإليها المرجــع، مثــل:

. (528)كتاب حريز بن عبد الله السجستانيفت كتــابي هــذا، وســميته كتــاب وقــال في المقنــع: إني صــن المقنع، لقنوع من يقرأه بما فيه. وحذفت األســانيد منــه لئال يثقــل حمله، وال يصعب حفظه، وال يمل قارئه؛ إذ كان مــا أبينــه فيــه في الكتب األصولية موجودا مبينا عن المشايخ العلماء الفقهاء الثقات

. (529)ـ رحمهم الله ـ وهذا معنى قول كثير من علمائنا بأن ذكر األســانيد والطــرق

ك. للتيمن والتبر قال المحقق المجلســي: الظـاهر منهم ]أي القــدماء[ النقــل من الكتب المعتــبرة المشــهورة. فــإذا كــان صــاحب الكتــاب ثقــة يكــون الخــبر صــحيحا؛ ألن الظــاهر من نقــل الســند إلى الكتــابك، وال ســيما إذا كــان من المشهور المتواتر مجــرد الــتيمن والتــبر الجماعــة المشــهورين، كالفضــيل بن يســار، ومحمــد بن مســلم ـ

. (530)رضي الله عنهما ـ، فإن الظاهر أنه ال يضر جهالة سنديهما

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد239هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ محمد باقر ملكيان•

وقال الشيخ أحمد آل طعان البحراني: إن مدار القــدماء، والما أصــحاب الكتب األربعــة، على الكتب المشــهورة، واألصــول سي المعتــبرة، وإن ذكــر الســند للــتيمن بــذكر سلســلة الرجــال، ولئال

. (531)يتوهم في الخبر اإلرسال ولعل هذا يظهــر من الشــيخ الطوســي أيضــا، حيث قــال في بداية المشيخة: نحن نذكر الطرق التي يتوصل بها إلى رواية هــذهفات، ونذكرها على غايــة مــا يمكن من االختصــار، األصول والمصن لتخـــرج األخبـــار بـــذلك عن حـــد المراســـيل، وتلحـــق ببـــاب

. (532)المسنداتــذه ــد أوردت جمال من الطــرق إلى ه ــا: ق ــال في خاتمته وقفات واألصول. ولتفصيل ذلك شرح يطــول، هــو مــذكور في المصن الفهارس المصــنفة في هــذا البــاب للشــيوخ، من أراده أخــذه من هناك إن شاء الله. وقد ذكرنا نحن مســتوفى في كتــاب فهرســت

. (533)الشيعةــه الشــيخوهنا نسأل : ما معنى إحالة طريق كتاب روى عن

إلى فهارس األصحاب وفهرست الشيخ نفسه على حد سواء؟! بأن معــنى ذلــك أن الكتب الــتي نقــل الشــيخونحن نجيب

منها مشهورة، وذكر الطرق إليها إللحاقها بباب المسانيد فقط. ومن هنا يعرف وجــه الحاجـة إلى الفهـارس، حيث بهـا نقـدر

على تشخيص األصول المعروفة والكتب المشهورة. ــة والكتبولكن هنا نسأل ــز األصــول المعروف ــف نمي : كي

المشهورة؟ ــد من فهم النصــوص الــتيولإلجابة عن هذا السؤال ال ب

ــ وال ســيما ــا ـ ــا الشــيخ والنجاشــي في فهرســتيهما. ففيهم ذكره فهرست النجاشي ـ تعابير يستظهر منها شهرة الكتب، بل بعضــها

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد240هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

منهج القدماء في العمل باألخبار، ودور الفهارس فيه•

ــذه ــذكر بعض ه ــال، ن ــبيل المث ــك. ونحن، على س ــريح في ذل صالعبائر:

. (534)أـ له كتاب كثير الرواة. (535)ب ـ له كتاب يرويه عنه جماعة

. (536)ج ـ له كتاب يرويه عدة من أصحابنا. (537)د ـ له كتاب بروايات كثيرة

. (538)هـ ـ له كتاب قد رواه جماعات من الناس )أصحابنا(. (539)و ـ له كتاب رواه غير واحد

. (540)ز ـ رواة هذا الكتاب كثيرون. (541)ح ـ له كتاب تكثر الرواة عنه

كما أن هناك تعبـيرات يظهـر منهــا عـدم الشــهرة، منهـا: لـه. (542)كتاب لم يروه إال فالن

فهارس قدماء الشيعة وكيفما كان إن لقـدماء أصـحابنا ــ قبـل الشــيخ والنجاشـي ـ

: (543)فهارس ثمانية.(544)هـ(301ـ فهرست سعد بن عبد الله األشعري)1.(545)هـ(305ـ فهرست عبد الله بن جعفر الحميري)حدود 2.(546)هـ(310ـ فهرست حميد بن زياد النينوائي)3.(547)هـ(330ـ فهرست محمد بن جعفر بن بطة)حدود 4.(548)هـ(343ـ فهرست محمد بن الحسن بن الوليد)5.(549)هـ(368ـ فهرست ابن قولويه)6.(550)هـ(381ـ فهرست الشيخ الصدوق)7.(551)هـ(423ـ فهرست ابن عبدون)8

وهذه الفهارس ـ رغم اشتهارها، ومــع األســف الشــديد ـــ لم

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد241هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ محمد باقر ملكيان•

، وذكــرا(553). إال أن الشيخ والنجاشي ألفا فهرســتين(552)تصل إلينافيهما كثيرا من كتب قدماء أصحابنا مع ذكر الطرق إليها.

الهوامش

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد242هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

إرث الزوجةمحاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم

ـ القسم الثاني ـ

*(*()الشيخ فخر الدين الصانعي

حسن علي الهاشميترجمة:

تقــدم ذكــر أربــع من الروايـات الــتي اســتدلوا بهــا على حرمــان الزوجــة من إرث األرض والعقــار )األرض

والدور(، وهي: ×، عن أبي جعفرـ صحيحة محمد بن مســلم1ــال: ــار»قـ ــرثن من األرض، وال من العقـ ــاء ال يـ النسـ

. (554)«شيئا إن» قــال: ×، عن أبي جعفرـــ صــحيحة زرارة2

ــدور ــرك زوجهــا من القــرى وال ــا ت ــرث مم المــرأة ال تــدواب شــيئا، وتــرث من المــال والفــرش والســالح وال والثياب ومتاع البيت مما ترك، وتقــوم النقض واألبـواب

. (555)«والجذوع والقصب، فتعطى حقها منه ، والــتي هي×، عن أبي جعفرـــ موثقــة زرارة3

بــدل«الرقيق»مثــل الصــحيحة، مــع فــارق أنهــا تــذكر . (556)«األبواب»الفرش، مع عدم ذكرها لـ

، الــتي هي مثــلـــ روايــة طربــال بن رجــاء4.مقتبس من آراء المرجع الديني الشيخ يوسف الصانعي باحث وأستاذ في الحوزة العلمية، من إيران. وهذا البحث)*(*(

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد243هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

قة زرارة .(557)موث كما ذكرنا اإلشكال على االستدالل بهذه الروايات.

وبقي الحديث في بقية الروايات، وهي: ــ صــحيحة الفضــالء الخمسة5 يلـ ــ ـر وفض ـ : زرارة وبكي

ـ منهم من’وبريد ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهــد الله ــال:’؛ ومنهم من رواه عن أحــدهما×رواه عن أبي عب ــ، ق ـ

إن المرأه ال ترث من تركــة زوجهــا من تربــة دار أو أرض، إال أن»ــا يقوم الطوب والخشب قيمة، فتعطى ربعها أو ثمنها ـ إن كان له

. (558)«ولد ـ من قيمة الطوب والجذوع والخشبــرد في كتــاب«لهــا ولد»ومن الجدير بالــذكر أن عبــارة لم ت

ــذيب» ــ ــار» و(559)«الته ــ ــاب(560)«االستبص ــ ــا وردت في كت ــ ، وإنم.«إن كان» بعد عبارة «الكافي»

مناقشة االستدالل بالرواية الخامسة

ــارة ــا يتعلق بمرجــع الضــمير في عب ــاك في م ــا أو»هن ربعه احتماالن: «ثمنها

ــود إلى «ها»إن الضــمير : االحتمــال األول ــرأة» يع ،«المــع ــرث الثمن أو الرب ونتيجة لذلك يكون معنى الرواية: إن المرأة ت من جميع تركــة الميت )الزوجــة(، وذلــك بــأن يتم تقــييم الخشــب والطوب الموجود، ويدفع منه قيمة سهم المرأة من جميع التركة، بشرط أن تفي قيمة هذا الخشــب والطــوب بمقــدار قيمــة ســهم المرأة من جميـع تركــة الميت، وإال ففي غـير هــذه الحالـة يكتفى

بإعطائها ما تفي به قيمة الخشب والطوب فقط. ــاني ــال الث إلى«ها»أن يكــون مرجــع الضــمير : االحتم

، بمعنى أن الزوجة ترث من قيمة أرض الدار،«األرض» و«التربة»

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد244هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

واألراضي األخرى، وال ترث من أعيانها. وعلى كال االحتمالين تؤخذ.(561)«إن كان وفى» بمعنى «إن كان»عبارة

وعليه يكون معنى الحديث على أساس هذين االحتمالين هــو أن المــرأة ال تــرث من عين األرض، ولكنهــا تأخــذ ســهم الربــع أو الثمن من قيمة الطــوب والخشــب إن وفت قيمتهمــا بســهم إرثــوب أو الزوجة. وعلى هذا األساس إذا لم يكن في تركة الميت ط خشب، أو لم تكن لهما قيمة، لم تــرث الزوجــة من األرض )ال من

عينها، وال من قيمتها(.ــه بااللتفــات إلى كــون االســتثناء متصــال يكــون والخالصــة أن مضمون الحديث مخالفا لإلجمـاع؛ إذ لم يفت أحــد بـأن الزوجــة الــا ترث من عين األرض، ولكنها ترث من قيمتها بشرط أن تدفع له

من قيمة الطوب والخشب. اإلشكال في االحتمال الثاني

إن اإلشكال الذي يطرح في االحتمال الثــاني هــو أن أســاس هذا االستدالل على مخالفة مفاد الرواية لإلجماع منوط بأن يكون االستثناء متصال؛ إذ لو كان االستثناء منقطعا لن يكون هناك معنى الحتمــال أن يكــون المــراد من عــدم إرث الزوجــة من األرض هــو عدم إرثهــا من عين األرض، ال من قيمتهــا؛ إذ بنــاء على االســتثناء

إن المــرأة ال تــرث من»المنقطع سيكون معنى الروايــة مــا يلي: تركة زوجها من تربة دار أو أرض )ال عينا، وال قيمــة(، إال أن يقــوم

. «الطوب والخشب قيمة، فتعطى ربعها أو ثمنهاويمكن إثبات كون االستثناء منقطعا بأحد وجهين:

ـــ وهــو الضــمير المســتتر ـــ إلى«كــان»ـــ أن يعــود اســم 1 معا. «الثمن» و«الربع»

فقط. «الثمن» إلى «كان»ـ أن يعود الضمير المستتر في 2

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد245هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

دفع إشكال ال يمكن اعتبار االستثناء في الروايــة منقطعــا؛ لعــدم تماميــة

الوجهين المذكورين إلثباته. ــع الضــمير إلى : أما االحتمال األول «الربع»إن كان مرج

مســتدركة عمــا«كان» فسوف تكون الجملة التالية لـ «الثمن»أو قال: تعطى الزوجة الربع أو الثمن من قيمة×قبلها، أي إن اإلمام

الطــوب والخشــب، إن كــان الربــع والثمن ســهمها وحقهــا. وهنــا غافال ـ والعيــاذ باللــه ـ×يطرح هذا السؤال نفسه: هل كان اإلمام

ــة على نحــو القضــية ــده ثاني ــدار ســهم الزوجــة، حتى يعي عن مقالشرطية، مع شيء من التردد؟!

«الثمن»إذا كان مرجع الضمير إلى : أما االحتمال الثاني تعطى الزوجـة الثمن إذا كـان»فقط كان معــنى الروايـة مـا يلي:

. في حين أن هذا االحتمال بعيد للغاية؛ إذ ال وجه«حقها أو سهمها. «الربع» وحده، وترك تقييد «الثمن»للتقييد بـ

وخالصة القول: لو أردنا اعتبار االســتثناء منقطعــا نكــون قــد ارتكبنا ما يخالف الظاهر، وعليه نكون بحاجة إلى قرينة، وال توجد هنا مثــل هــذه القرينـة، أو دليــل على مــا يخــالف الظـاهر. وعليــه ــة داال يكون االستثناء متصال. وعلى هذا األساس يكون مفاد الرواي على مضمون لم يفت به أحد. وطبقا لهذا الكالم ال تكـون الروايــة

حجة. ×، عن أبي جعفرـ صحيحة زرارة ومحمــد بن مســلم6

»قال: . (562)«ال ترث النساء من عقار األرض شيئا

مناقشة االستدالل بالرواية السادسةــار ــة على عق ــان الزوج ــر حرم ــة تقص ــذه الرواي حيث إن ه

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد246هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

األرض ــ الـذي هـو أخص من مطلـق األرض؛ بسـب إضـافتها إلى العقار ـ، من هنا فإنها تعارض الرواية األولى والخامســة والحاديــة

عشرة، الدالة على عدم إرث الزوجة من مطلق األرض. كــان في×دليلنا على هذا االختصاص هو أن اإلمام المعصوم

مقام بيان استثناءات حكم توريث الزوجــة، وإذا كــان المتكلم فيرا عن أن مقام بيان استثناء موارد من الحكم الثابت كان ذلك معب لهذا االســتثناء مفهومــا وانحصــارا في المــوارد المــذكورة. وعليــه يكون مفهوم اللقب والموضوع هنا حجة؛ لكون الروايـة في مقــام

البيان. ليس» قـال: ’، عن أحدهماـ رواية عبد الملك بن أعين7

. (563)«للنساء من الدور والعقار شيء

مناقشة سند الرواية السابعة تعاني هذه الرواية من ضعف الســند؛ بســبب وجــود شــخص

، وهــو مشــترك بين مجاهيــل، أو أنــه«مثــنى»في ســندها باســم مشترك بين أشخاص مجهولين وآخرين ورد الكالم في تحســينهم، دون تمييز من هو المقصــود من بينهم. وبــذلك تكــون ضــعيفة من

هذه الناحية، وال يمكن االستدالل بها. ــد اللهـ رواية يزيد الصائغ8 ــال: ســألته×، عن أبي عب ، ق

ــرثن قيمــة»عن النســاء هــل يـرثن من األرض؟ فقـال: ال، ولكن يــال: «البناء ــا فلم»، قال: قلت: إن الناس ال يرضون بذا، ق إذا ولين

وا ضـــربناهم بالســـوط، فـــإن لم يســـتقيموا ضـــربناهم يرضـــ. (564)«بالسيف يقــول:× قــال: ســمعت أبــا جعفرـ رواية يزيد الصــائغ9

إن النساء اليرثن من رباع األرض شيئا، ولكن لهن قيمة الطــوب»

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد247هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

والخشب، قال: فقلت لــه: إن النـاس ال يأخــذون بهـذا، فقـال: إذا ولينــاهم ضــربناهم بالســوط، فــإن انتهــوا وإال ضــربناهم بالســيف

. (565)«عليه

اإلشكال في الروايتين الثامنة والتاسعة إن هاتين الروايتين تشــتمالن على إشــكال ســندي، وإشــكال

داللي أيضا. يزيــد»أما اإلشــكال الســندي في الروايــة فيكمن في وجــود

في سلسلة السند، وهو مجهول. وقــد ورد ذكــره في(566)«الصائغ ـــ وهــو«شــعيب»كال سندي الرواية. كما أن وجود شــخص باســم

مجهول ـ يضر بحجية الرواية الثامنة. وهكذا فإن وجود رجل باسمــة«مثنى» في الرواية التاسعة، يستوجب ضعف السند وعدم حجي

تلك الرواية؛ وذلك لذات العلة المذكورة في الرواية السابعة. ــا، أما اإلشكال الداللي في هاتين الروايتين،فيكمن في ذيلهم

كالما ال ينسجم مــع أي من القواعــد×حيث تنسبان إلى المعصومــار ــة األطه ــودة من األئم ــة والمعه ــوازين الثابت ــه ال^والم ــل إن ، ب

ينسجم مع أساليبهم عندما حكمــوا المســلمين؛ إذ تقــوم واليتهم ـ عندما استلموا السلطة ـ على الرحمــة والعــدل ورعايــة المصــالح واإلرشــاد والهدايــة، وكــانوا في إبالغ األحكــام الشــرعية والدينيــة يعتمدون على منهج اإلقنـاع، مصــحوبا ببيـان أدلــة األحكـام، ال من طريق اإلكراه واستعمال السوط والسيف؛ إذ حيث تنسجم أحكام اللــه مــع العــدل والحب والرحمــة وموافقــة الفطــرة اإلنســانية الر واإلكــراه. بــل عنــدما يــدرك تكــون هنــاك من حاجــة إلى القســــواع اإلنسان حقيقة األحكام الواقعية لإلسالم، البعيدة عن جميع أن

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد248هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

الخرافات والتزوير، يجدون أنفسهم يميلــون إلى اعتناقهــا تلقائيــا.ــير ــؤدي إلى غ ــيف ال ي ــوط والس ــراه بالس ــح أن اإلك ومن الواض العداوة والبغضاء، في حين أن الــدين اإلســالمي الحــنيف ال يقــومــدين؛ إذ ورد في ــاء ال ــدين وأولي ــغف بال ـة والش ـ ــير المحب على غ

» قولــه: ×الحديث عن اإلمــام أبي جعفــر الصــادق وهــل الــدين إال. (567)«الحب؟

، قــال: ســمعته×، عن أبي عبــد اللهـ صحيحة األحـول10 ال يرثن النساء من العقار شيئا، ولهن قيمة البناء والشجر»يقول: ، يعني )من البناء( الدور، وإنما عنى من النساء الزوجة. «والنخل

اإلشكال في الرواية العاشرة بااللتفــات إلى مفــاد هــذه الروايــة الــدال على أن النســاء ال يرثن إال من قيمة البناء، فإنها تتعــارض مــع ظــاهر صــحيحة زرارة

(، الدالــة على إرث النســاء من عين15وابن مسلم )الرواية رقم . والقاعــدة في التعــارض هي التســاقط«يرثن ذلك البنــاء»البناء:

وعدم الحجية. قــال: ال أعلمــه إال عن ميســرـ صحيحة أبــان األحمر11

، قال: سألته عن النســاء، مــا لهن×بياع الزطي، عن أبي عبد اللهــال: ــيراث؟ قـ ــاء والخشـــب»من المـ ــة الطـــوب والبنـ لهن قيمـ

والقصب، فأما األرض والعقارات فال ميراث لهن فيه، قــال: قلت: فالبنات؟ قال: البنات لهن نصيبهن )منه(. قــال: قلت: كيــف صــار ذا ولهذه الثمن ولهذه الربع مســمى؟ قــال: ألن المــرأة ليس لهــا نسب تــرث بــه، وإنمــا هي دخيــل عليهم، إنمــا صــار هــذا كــذا لئال تتزوج المــرأة، فيجيء زوجهــا أو ولــدها من قــوم آخــرين فــيزاحم

. (568)«قوما آخرين في عقارهم

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد249هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي• اإلشكال في الرواية الحادية عشرة

: إن هــذه الصــحيحة تــدل على إرث الزوجــة من قيمــةأوال الطوب والخشب والقصــب والبنــاء، بينمــا تــدل صــحيحة الفضــالء الخمسة )الرواية الخامسة( على إرث الزوجــة من قيمــة الطــوب والخشب فقط، وال تشتمل على ذكر قيمة البناء. ومن الواضح أن قيمة البناء تختلف عن قيمــة المــواد المســتعملة فيــه. وعلى هــذابعــة األساس تكون هاتان الصــحيحتان متعارضــتين، والقاعــدة المت

في التعارض هي التساقط. :االحتمــال األول: هناك في هذه الروايــة احتمــاالن: ثانيا

في الروايــة مطلــق«العقــارات» و«األرض»أن يكون المــراد من األرض، وبطبيعة الحال فــإن هــذا هــو مــا يــدل عليــه ظــاهر لفــظ

: أن يكــون المــراد من هــذهواالحتمال الثــاني أيضا. «األرض» األلفاظ ـ بقرينة ذكر قيمة األشياء الخاصة بالمنازل السكنية ـ هــو أرض الــدور الســكنية. وعليــه يكــون للروايــة احتمــاالن، وال يمكن

االستدالل بها. ــد اللهـ صحيحة محمد بن مسلم12 ــو عب :× قال: قال أب

ترث المرأة الطوب، وال ترث من الرباع شيئا، قال: قلت: كيــف» ترث من الفرع، وال ترث من الربــاع شــيئا؟ فقــال: ليس لهــا منــهــرث نسب ترث به، وإنما هي دخيل عليهم، فترث من الفرع، وال ت

. (569)«من األصل، وال يدخل عليهم داخل بسببها

اإلشكال في الرواية الثانية عشرةــطراب؛ إن العلة المذكورة في هذا الحديث تشتمل على اض إذ إن التعليل المذكور لحرمان الزوجة من الربــاع هي أن الزوجــة ال ترتبط بالميت بربــاط نســبي، إنمــا الربــاط بينهــا وبينــه ســببي،

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد250هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

ولذلك ال ترث من األصــل )األرض(، وتــرث من الفــرع )الطــوب(.ويمكن لهذه العلة أن تشمل إرث الزوجة من الطوب أيضا.

: إن المراد من الطوب قيمته.ولو قيلقلنا : حيث يحتاج هذا المعنى إلى التقدير فإنه يكون مخالفاللظاهر. ــدـ صــحيحة زرارة ومحمــد بن مســلم13 ، عن أبي عب

ال تـرث النســاء من عقــار الــدور شــيئا، ولكن يقــوم» قـال: ×الله ــك لئال ــا ذل ــال: وإنم ــا، ق ــا أو ربعه ــاء والطــوب، وتعطى ثمنه البن

. (570)«يتزوجن، فيفسدن على أهل المواريث مواريثهم

اإلشكال في االستدالل بالرواية الثالثة عشرة إن التعليل المذكور في هذه الرواية )إن النساء ال يــرثن منــه إلى األرض؛ إذ قد يتزوجن بعد وفاة أزواجهن بزوج جديد يأتين بــذي ــر ال البيت، وبذلك يعملن على تضييع حقوق سائر الورثة، األم يثقــل عليهم( ال يمكن أن يكــون تامــا لحرمــان النســاء من عقــار الدار؛ إذ إن هذا التعليل إنمــا يصــح إذا قلنــا بــأنهن يــرثن من عين األرض، وأما إذا قلنا بأنهن يرثن من قيمتهــا فال يكــون هنــاك وجــهــاء ــا يتعلق بالبن ــام نفســه في م ــا ورد عن اإلم ــل، كم ــذا التعلي له والطوب، قوله: إنهن يرثن من قيمتهما. وال فرق بين عقــار الــدور

وأرضها من ناحية اإلرث من القيمة. ــد اللهـ صحيحة حماد بن عثمان14 قــال:×، عن أبي عب

إنما جعل للمرأة قيمــة الخشــب والطــوب لئال يــتزوجن، فيــدخل». (571)«عليهم ـ يعني أهل المواريث ـ من يفسد مواريثهم

اإلشكال في االستدالل بالرواية الرابعة عشرة إن العلة المذكوة في مورد هذه الرواية يجب أن تجــري في

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد251هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

مورد البنات أيضا؛ إذ إنهن بزواجهن قد يحدثن مفسدة ونزاعا بين سائر الورثــة. وعلى هــذا األســاس فــإن العلــة ســوف تتخلف عن معلولهــا في إرث البنــات. ثم إن هــذه العلــة إذا كــانت علــة تامــة يجب أن تجـــري حتى بالنســـبة إلى إرث الـــزوج من عين غـــير

منقوالت الزوجة أيضا، وهو كما ترى. ــحيحة15 ــ صـ ــلم وزرارة ــ ــد بن مسـ ، عن أبيمحمـ

إن النساء ال يرثن من الدور وال من الضياع شيئا، إال أن»: ×جعفر. (572)«يكون أحدث بناء، فيرثن ذلك البناء

اإلشكال في االستدالل بالرواية الخامسة عشرة إن هذه الرواية ـ كما تقدم بشــأن الروايـة العاشـرة ــ؛ حيث تدل على توريث الزوجة من البناء، فإنها تعارض الرواية العاشــرةــاء. ــة البن ــة من قيم ــدالتين على إرث الزوج ــة ال ــة الثامن والرواي

والقاعدة في التعارض هي التساقط. ،«االستبصــار»التهــذيب و»ـ ما رواه الشــيخ في 16

«علل الشرائع» و«من ال يحضره الفقيه»والصدوق في ،، بإسنادهما إلى محمد بن ســنان«عيون أخبار الرضا»و

علة المرأة» كتب إليه في ما كتب من جواب مسائله: ×أن الرضا أنها ال ترث من العقار شيئا إال قيمة الطــوب والنقض؛ ألن العقــار ال يمكن تغييره وقلبه، والمرأة قد يجــوز أن تقطـع مــا بينهـا وبينـه من العصمة، ويجوز تغييرها وتبديلها. وليس الولــد والوالــد كــذلك؛ي منهمـا، والمـرأة يمكن االسـتبدال بهــا. فمـا ألنه ال يمكن التفصـ يجوز أن يجيء ويذهب كان ميراثه في ما يجوز تبديله وتغيــيره إذا أشبهه، وكان الثابت المقيم على حاله كمن كان مثلــه في الثبــات

. (573)«والقيام

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد252هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

اإلشكال في االستدالل بالرواية السادسة عشرةهناك إشكاالن في هذه الرواية:

ـ إن العلة أو الحكمة المذكورة في هذه الرواية ـ كما تقدم1ــبيت ــير في ال في الرواية الرابعة عشرة ـ ليست تامة؛ إذ إن التغي وإدخال الغرباء فيه يصدق على البنات واألمهات أيضا، بـل يصــدقــه ــه من غــير منقــوالت زوجت ــزوج في مــا يتعلق بإرث حتى على الــق ــدت )وكــانت تامــة( تحق أيضــا. ومن الواضــح أن العلــة إن وج المعلــول. في حين لم يفت أي فقيــه بعــدم إرث هــذه الجماعــات

الثالث من البيت.: إن ما ذكر إنما هو حكمة، وليس علة.ولو قيل

ــة والحكمــةقلنا في الجواب : إن الفــرق الوحيــد بين العل يكمن في أن انعدام الحكمة ال يالزم عــدم الحكم )بخالف العلــة(.

بيد أن وجود الحكمة مالزم إلثبات الحكم. ـ إن ظاهر ألفــاظ هــذه الروايــة بحيث يمكن لمن كــان لــه2

ــذه^أدنى إلمام بألفاظ أحاديث األئمة المعصومين أن يدرك أن ه األلفاظ والكلمات ال يمكن أن تكون صــادرة عن األئمــة. وهــذا مــا

ع الســيد الــبروجردي د عليه الفقيــه المتتب ، وذلــك في التقريــر&أك وهــذه الروايــة تنــادي»الذي كتبه عنه الشيخ االشتهاردي؛ إذ قال:

، كمــا يعــرف×بأعلى صوتها: إنها ليست بهذه األلفــاظ من اإلمــامــة ــاديث المنقول ــاظ األح ــيرة في ألف ــه أدنى بص ــان ل ــك من ك ذل

ــمعه من^عنهم ــه س ــه زعم أن ــديث: إن ــا في أول الح ــذا قلن ، ول. (574)«×اإلمام

عدم تمامية اإلشكال في سند الرواية لقد ذهب السيد البروجردي إلى اعتبار هذا الحــديث ـــ طبقــا

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد253هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

؛ بســبب اشــتمال ســندها على علي بن(575)لنقل الشــيخ الصــدوق العباس وقاسم بن الربيع الصحاف الكوفي، اللذين ضعفها العالمة

ـ غير صحيح وضعيف.(576)الحلي بيد أنه بااللتفات إلى رواية هــذا الحــديث ـــ مضــافا إلى نقــل

ــ في «من ال يحضــره الفقيه»الشــيخ الصــدوق في ــذيب» ـ «الته أيضا، كما سبق أن ذكرنا، وأن سند الشــيخ إلى(577)«االستبصار»و

ـ صــحيح أيضــا،(578)محمد بن سنان ـ طبقا لما جاء في الفهرستتكون هذه الرواية صحيحة من حيث السند.

ــر الواســطي17 ــة موســى بن بك ــ رواي ــال: قلتـ قــرا حــدثني عن أبي جعفر ــزرارة: إن بكي إن النســاء ال تــرث»: ×ل

امرأة مما ترك زوجها من تربــة دار، وال أرض، إال أن يقــوم البنــاء والجذوع والخشب، فتعطى نصيبها من قيمة البناء. فأما التربة فالك ــ ــذا ال ش ــال زرارة: ه ــة دار. ق ــيئا من األرض، وال ترب تعطى ش

. (579)«فيهاإلشكال في االستدالل بالرواية السابعة عشرة

إن اإلشــكال الــوارد على هــذه الروايــة هــو ذات إشــكالالمعارضة الوارد على الرواية العاشرة المتقدمة.

ــائر الـــدرجات(،18 ــفار في )بصـ ــا رواه الصـ ــ مـ ــ ،× بكتــاب علي× قــال: دعــا أبــو جعفربإسناده عن عبد الملك

ــا، فــإذا فيــه: إن النســاء»فجاء به جعفر مثــل فخــذ الرجــل مطوي ليس لهن من عقــار الرجــل )إذا تــوفي عنهن( شــيء، فقــال أبــو

. (580)«| بيده، وإمالء رسول الله×: هذا والله خط علي×جعفر

اإلشكال في االستدالل بالرواية الثامنة عشرة : تشتمل هذه الروايــة على ضــعف في الســند من جهــةأوال

. (581)«أبي مخلد»وجود ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد254

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

ــار»: تشتمل هذه الرواية على حرمان الزوجة من وثانيا عق يشمل األراضي العامرة والدار يكون«العقار»، وحيث إن «األرض

ــار األرض» ــا وبين«عق ــارض بينه ــيقع التع ــذلك س ــه، وب أخص من ـــ الشــاملة لجميــع األراضــي،«األرض»الروايات الــتي تجعــل من

األعم من البوار والعامرة ـ موضوعا لحرمــان الزوجــة من اإلرث. إال إذا قلنا: إن العقار يعني خصوص األراضــي العــامرة، والــتي تم إحياؤها، سواء بالزراعة أو البناء، وفي زمن صدور الروايات كانتــا، ولم تكن ــتي تم إحياؤه ــامرة، وال ــة هي الع ــي المملوك األراض

ــة«العقار»األراضي البوار شيئا يملك. وعليه فإن في هــذه الرواي من«األرض»يتحد مع ما ورد في ســائر الروايــات األخــرى بلفــظ

الناحية المصداقية، فال يكون هناك تعارض في البين.

إشكال التعارض، ودفعه ليس هنــاك تعــارض بين هــاتين المجموعــتين من الروايــات؛

وذلك ألمرين: ــتين مناألمــر األول ــاتين المجموع ــا ه ــال: إن كلت : أن يق

ة، إال أنهــا توافــق الروايات وإن كانت إحداها عامة واألخــرى خاصــــدار ــزوج )أرض الـ ــوال الـ ــم من أمـ ــة من قسـ نفي إرث الزوجـــات بين كالمين ــق في اإلثب ــا أن التواف ــامرة(. وكم واألراضــي الع يوجب رفع التعارض، كذلك األمر بالنســبة إلى التوافــق في النفي

»أيضا، من قبيل: ، حيث إن كال«ال تضرب الرجال، وال تضرب زيدا أكرم العلمــاء، وأكــرم»الصيغتين تشتمل على عدم ضرب زيد، أو

. «زيدا العالم : ال ضرورة لــذكر الخــاص في مثــلاألمر الثاني: لو قيل

هذه الموارد؛ ألن األمر بعدم ضرب زيد متحقــق مــع وجــود العــام

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد255هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

أيضا.: هناك احتماالن في ذكر الخاص، وهما: فجوابه

: اشتمال الخاص على خصوصية لدى المتكلم. أوال : ما يقال من أن الخاص يخصص العام. وفي مــا نحنوثانيا

ص ة، فإنهــا تخصــ فيه؛ حيث تكون )الروايــة الثامنــة عشــرة( خاصـــديم ــق األرض، ويتم تق ــة على الحرمــان من مطل ــات الدال الروايالخاص على العام، ويتم رفع التعارض، والعمل بالرواية الخاصة. بيد أنه ال شيء من هــذين االحتمــالين يمكنــه رفــع التعــارض

بين هاتين المجموعتين من الروايات. : إن اســتثناء إرث الزوجــةعدم تمامية االحتمــال األول

كمــا تقــدمت اإلشــارة إليــه في معــرضمن بعض أموال الزوج ـــ مناقشة االستدالل ببعض الروايات ـ إنمــا هــو اســتثناء من عمــوم

ا تركتم﴿قوله تعالى: م بع م� فلهن﴿(، و12 )النساء: ﴾ولهن الرا تركتم م (، وفهم العقالء لمفهــوم اإلرث12 )النســاء: ﴾الثمن م�

)شــمول اإلرث لجميــع تركــة الميت(، وكــذلك االســتثناء من قــول العامة )عدم حرمان الزوجة من جميع أموال الزوج(. وعليــه فــإنن يــدل ع والمقن هذا النوع من االســتثناء الصــادر من جهــة المشــر على حصر المستثنى، يعني أن حرمان الزوجــة من بعض أصــناف األرض )أرض الدار واألراضي العامرة( يثبت أن الشارع قد اكتفى بمجرد حرمان الزوجة من هذه الموارد المستثناة من العمومــات، وستبقى سائر الموارد األخرى من األموال تحت شمول عمومــات إرث الزوجة من جميع تركة الزوج. وإن كان مراد الشــارع مــوارد ومصاديق أخرى أيضا وجب عليه أن يذكرها أيضا. من هنا ال يكون ذكر هذه الروايات من باب ذكر الخاص بعد العــام؛ كي تكــون منــات قــد الروايات المتوافقة، بل كلتا المجموعتين من هاتين الرواي

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد256هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

صدرت في عرض بعضها، فتكونان متعارضتين. ــأما عدم تمامية االحتمــال الثــاني إن الزم تخصــيص ف

روايات الحرمــان المطلقــة بهــذه الروايــات هــو تــأخير البيــان عنــدرت في زمن ــ ــد ص ــ ــات ق ــ ــذه الرواي ــ ــة؛ إذ إن ه ــ وقت الحاج

ــات إلى ظــروف’الصــادقين ــه بااللتف ــا فإن . وكمــا ســبق أن ذكرن ، وأنهم كــانوا^وشرائط ذلك العصر، ومشــقة الوصــول إلى األئمة

في مقام بيان أحكام الله، فإن بيان العــام دون بيــان الخــاص فيــؤدي إلى زمن واحد، وترك بيان الخاص إلى زمن اإلمام الالحق، يما إذا صــدر من تأخير البيان عن وقت الحاجة، وهو قــبيح، وال ســي

ن. الشارع الحكيم والمقن

أدلة األقوال الستة لقد سلك الفقهاء العظــام في بيــان األقــوال في: المقدمة

مسألة حرمان الزوجة من األموال غير المنقولة للزوج طريقين: ــوال من خالل دراســة الكتبالطريــق األول ــويب األق : تب

الفقهية. وقد سلكنا هذا الطريق في بداية البحث. : بااللتفــات إلى اختالف األقــوال يتم ذكــرالطريق الثــاني

عنــوانين يمكن تطبيقهمــا على تلــك األقــوال، والعمــل على بحثاألقوال والقائلين بها تحت ذينك العنوانين. وهذان العنوانان هما:

ـ ما ال ترثه الزوجة من تركة الزوج. 1 ـ هــل يختص حرمــان الزوجــة من بعض تركــة الــزوج بغــير2

ذات الولد أم يشمل ذات الولد أيضا؟ ولكي نكون قد سلكنا كال هذين الطريقين في بيــان األقــوالــاألقوال نختار هنا سلوك الطريق الثاني في دراسة أدلة القائلين ب

الستة المتقدمة.

العنوان األول: مــا هي األمــور الـتي ال ترثهـا الزوجـة من ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

257هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي• تركة زوجها؟

هناك في هذه المسألة ثالثة أقوال، بل إذا أمعنا النظر يمكن القول: هناك أربعة أقوال. وإن رابعهــا يظهــر ــ كمـا قـال صـاحب

ــاب ــيعة»كتـ ــتند الشـ ــاء«مسـ ع في آراء الفقهـ ــ من خالل التتب ــ. (582)والكتب

القول األول عدم توريث الزوجة من جميع أراضي الزوج، سواء المــزروع منها وغير المزروع، وسواء أكان المزروع منهــا مزروعــا بالحنطــة والشعير أو غــيره، وســواء تلــك العــامرة بوجــود الشــجر أو البنــاء وغير ذلك. وعلى أي حال ال ترث الزوجة من عين هذه األمور، وال من قيمتها، وإنما تــرث من قيمــة األدوات المســتعملة في البنــاء، من قبيل: األبواب والشبابيك واآلجر والخشــب والطــوب ومــا إلى

ذلك، كما ترث من قيمة البناء أيضا.

القائلون بهذا القول لقــد ذهب إلى هــذا القــول جماعــة من الفقهــاء، من أمثــال:

ــي في ــيخ الطوس ــبراج في(583)«الخالف»الش ــي ابن ال ، والقاضــذب» ــزة في (584)«المه ــيلة»، وابن حم ــالح(585)«الوس ، وأبي الص

. كما اختــار هــذا القــول(586)«الكافي في الفقه»الحلبي في كتاب ،(587)«شــرائع اإلســالم»فقهاء آخــرون، مثــل: المحقــق الحلي في

إرشـــــاد»، و(588)«مختلـــــف الشـــــيعة»والعالمـــــة الحلي في ،(590)«اللمعـــة الدمشـــقية»، والشـــهيد األول في (589)«األذهـــان

، والذي عمد الشهيد الثــاني إلى تقويتــه(591)«الدروس الشرعية»وــام»في ــالك األفهـ ــاني في (592)«مسـ ــاتيح»، والفيض الكاشـ مفـ

. وهناك من الفقهــاء من ادعى اشــتهار هــذا القــول،(593)«الشرائع ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد258

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

،(594)«تحريــر األحكــام الشــرعية»ومن هــؤالء: العالمــة الحلي في إيضـــــاح»، وفخـــــر المحققين في (595)«قواعـــــد األحكـــــام»و

، والصــيمري في(597)«نكت اإلرشــاد»، وصاحب كتاب (596)«الفوائد مجمــع الفائــدة»، والمحقــق األردبيلي في (598)«غايــة المــرام»

،(600)«مســـالك األفهـــام»، والشـــهيد الثـــاني في (599)«والبرهـــان كفايــة»، وصــاحب كتــاب (601)«مفــاتيح الشــرائع»وصــاحب كتــاب

، رغم أن الشــــيخ الطوســــي ذهب في كتــــاب(602)«األحكــــام إلى ادعاء اإلجماع على هذا القول. (603)«الخالف»

ومن الجدير بالذكر أن بعض هؤالء الفقهاء الذين قــالوا بهــذاــد من الــزوج المتــوفى، القول قد قيد الزوجة بأن ال يكــون لهــا ول

، والعالمــة الحلي في(604)«شــرائع اإلســالم»كــالمحقق الحلي في ــام»، والشهيد الثاني في (605)«قواعد األحكام» ،(606)«مسالك األفه

حيث نسب هذا القول المقيد إلى المشهور من المتأخرين. وظــاهر هــذا القــول أن الزوجــة تــرث من عين الشــجر؛ ألنــق بعين األرض، واألرض ال تصــدق الحرمــان في هــذا القــول متعل

على الشجر. أدلة القائلين بهذا القول، وكيفية االستدالل بها

لقــد اســتند القــائلون بهــذا القــول إلى بعض الروايــات الــتي تقــدم ذكرهــا، من قبيــل: الروايــات األولى، والثانيــة، والخامســة،

الــتي تقتضــي عــدم تــوريث(607)والحادية عشرة، وكذلك الروايات الزوجة من األراضي التي تحتوي على أشــياء ثابتــة، مثــل: الــدور،

والنخيل، واألراضي العامرة، دون سائر األراضي األخرى. ، بشــأن االســتدالل بهــذه الروايــات(608)قال صاحب الجــواهر

ــات ــار الرواي ــيرة: إن اقتص ــان(609)األخ ــرد حرم ــة على مج الدال

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد259هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

،«عقار الدور» و«العقار»، و«رباع األرض»، و«الرباع»الزوجة من ال تتنــافى مــع الروايــات الدالــة على حرمــان الزوجــة من مطلــقــدل على نفي ــات ي ــتين من الرواي ــاتين المجموع األرض؛ إذ كال ه

ال»التوريث، فتكون من باب ذكــر الخــاص بعــد العــام، من قبيــل: . «تضرب الرجال، وال تضرب زيدا

اإلشكال في سند الروايات إن اإلشكال المشــترك بين جميـع روايـات حرمـان الزوجـة ـ كمــا ســبق أن ذكرنــا في معــرض مناقشــة الروايــات ــ؛ من حيث مرجوحية هذه الروايات عند تعارضها مع األخبار الدالة على عــدم الحرمان، يكمن في مخالفتهــا للكتــاب. وأمــا اإلشــكاالت الخاصــة بكل واحدة منها فقد تقدم تفصيلها في الصفحات السابقة. وعليه ال نرى ضرورة إلطالة الكالم فيهــا. وأمــا جــواب صــاحب الجــواهر

فقد اتضح مما تقدم في ذيل الرواية الثامنة عشرة.

(610)القول الثانيــة، فال حرمــان الزوجــة من عين وقيمــة األراضــي ذات األبني ترث إال من قيمة األبنيــة واآلالت واألدوات المســتعملة فيهــا. كمــا ترث من عين سائر أراضي الزوج، من قبيــل: المــزارع والحــدائق

والضياع أيضا.

القائلون بالقول الثاني لقد ذهب إلى هذا القول بعض الفقهاء، مثل: الشــيخ المفيــد

،(612)«الســـــــــرائر»، وابن إدريس الحلي في (611)«المقنعة»في ، والفاضــل اآلبي في(613)«المختصــر النــافع»والمحقق الحلي في

. هــذا وقــد مــال العالمــة الحلي في كتــاب(614)«كشــف الرمــوز» ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد260

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

كفايــة» إلى هذا القول. كمــا ذهب صــاحب (615)«مختلف الشيعة»ــيد(616)«األحكام إلى عدم خلو هذا القول من القوة، بعد قول الس

المرتضى.

االستدالل على القول الثاني لقد ذكروا إلثبات هـذا القـول الثـاني ــ المعـروف بأنـه قـول

الشيخ المفيد وأتباعه ـ وجهين:

الوجه األولــة في كالم صــاحب لقد تم بيان هذا الوجه من خالل ثالثة أدل

. «السرائر» وصاحب «مستند الشيعة»ــات اإلرث على إرث: الدليل األول ــات ورواي تدل عموم آي

ــات أخــرى ــاك رواي ــد أن هن ــزوج. بي ــع أمــوال ال الزوجــة من جمي تستثني بعض الموارد من هذه العمومات. إن هذه الموارد تختلف بسبب اختالف الروايات، بيد أن المــوارد الــتي تحــرم الزوجــة من إرث عينها وقيمتهــا، وتتفــق جميـع الروايـات عليهــا، هي األراضـي ذات الدور. كما أن هذه األخبار تحرم الزوجة من مجرد اإلرث من عين األنهــار، دون قيمتهــا. وعلى هــذا األســاس تبقى ســائر تركــة

فق الروايات بشأنها ـ تحت شمول العام. الزوج ـ التي لم تتــع: الدليل الثاني إن األصــل في اإلرث هــو اإلرث من جمي

ــق بــالموارد الــتي وردت بشــأنها تركة الميت. وعليه ففي مــا يتعل األدلة على خالف هــذا األصـل يجب االقتصـار على المقـدار الـذي

فق عليها تلك األدلة. تت إن الكثير من الروايات الدالة على حرمــان: الدليل الثالث

الزوجة من تركة الزوج تقتصر على ذكر األراضي التي تقوم عليها ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

261هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

الدور. وإذا كان هناك من موارد أخرى غير هذه الموارد المذكورة وجبت اإلشارة إليها في هــذه الروايــات. وبعبــارة أخــرى: إن ذكــر هذه الموارد في العديــد من الروايــات يــدل على حصــرية المــورد

المذكور. اإلشكال على الدليل األول

على هــذه األدلـة(617)«مســتند الشــيعة»لقد أشــكل صـاحب ــل بجــواز تخصــيص الثالثة، وقال: الجواب عن األول أنــه إن لم نقــار ومــا الكتاب بأخبار اآلحاد فال فرق فيه بين ما اتفقت عليه األخب

ورد في بعضها بعد كون ذلك البعض حجة.را. وإن قلنا به فخبر الواحد يخصصه، وإن لم يكن متكث

اشــتراك الجميــع وبالجملة ال تأثير لكثرة األخبار وعــدمها بعدفي كونه خبر واحد.

اإلشكال على الدليل الثاني إن المــذكور في الفقــه بوصــفه قاعــدة هــو أن الــواجب هــو االقتصار في ما خالف األصــل على موضــع الــدليل، دون الوفــاق.

والدليل على تخصيص غير الرباع أيضا موجود.

اإلشكال على الدليل الثالث أما الــدليل الثــالث فال يمكن االســتناد إليــه أيضــا؛ إذ ال يلــزمن ذلك الحكم، بل هنــاك بيان كل حكم في جميع الروايات التي تبي في الفقه الكثير من الموارد التي تبين المصاديق المختلفة للحكم

في روايات متعددة. ومن الجدير بالذكر أن العالمة الحلي قد استدل لقول الشيخ

قائال: يدل القرآن على إرث الزوجة«مختلف الشيعة»المفيد في ــات ــيص عموم ــتثناء. وإن تخص ــة الميت، دون اس ــع ترك من جمي الكتاب مخــالف لظهــور القــرآن. وكلمــا كــان تخصــيص عمومــات

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد262هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

الكتاب أقل كان ذلك أفضل. وقد اتضح الجواب على هــذا االســتدالل من إشــكال صــاحب

على الدليل األول. «مستند الشيعة»

الوجه الثانيــرات ــه(618)في هــذا الوجــه، المســتفاد من تقري درس الفقي

ك بأربعــة أمــور، على ع السيد حسين البروجردي، تم التمســ المتتبالنحو التالي:

ــدور: األمر األول ــو ال إن المراد من العقار في الروايات هما تلــك الروايــات الــتي تــذكر العقــار على نحــو الســكنية، وال ســي

(619)«عقار الدور»اإلضافة، من قبيل: ، أو التي تذكر العقار منضما فأمـــا األرض»: ×إلى أمـــور أخـــرى، من قبيـــل قـــول اإلمـــام

. (620)«والعقاراتــاك واإلشكال في هذا يكمن في أن للعقار معاني كثيرة؛ فهن

؛ وهنــاك«مطلــق األرض»من اللغويين من قال: إن العقــار يعــني متــاع» و«الضــياع»من رأى للعقــار معــاني أخــرى، من قبيــل:

. وعلى هــذا األســاس،«الــدار»، وكــل مــا لــه أصــل، مثــل «البيتــام، وبااللتفات إلى تعدد المعاني المذكورة للعقار ـ ومنها ما هو ع

في«العقــار»ومنها ما هو خاص ـ ال يمكن القــول: إن المــراد من إذا جــاء االحتمــال بطــل»الروايات هو أرض الـدار. وعليـه نقــول:

. «االستداللــاع»إن الروايات المشتملة على كلمــة : األمر الثاني «الرب

تدل على أن المراد من هذين اللفظين هو الدور«عقار الدور»أو السكنية.

ويشكل على ذلك بما يلي:

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد263هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

ــان الزوجــة من: أوال إن عدم داللة هذه الروايات على حرم مطلق األرض موقوف على قولنا بحجية مفهوم اللقب، وقــد ثبت

في محله أن ال مفهوم للقب. إن الخاص والعام الموجبين ال يتعارضان فيما بينهما؛: وثانيا

إذ ورد في هذه الروايــات قولــه: إن الزوجــة ال تــرث أرض الــدار،وقالت الروايات األخرى: إن الزوجة ال ترث من مطلق األرض.

ــالث ــر الث ورد في بعض الروايـــات تعليـــل حرمـــان: األم الزوجة من اإلرث بإزعاجهـا لســائر الورثـة. ومن الواضـح أن هـذاــدور، دون مطلــق التعليــل أنســب بحرمــان الزوجــة من عقــار ال

األرض. ويشكل على هذا الكالم بما يلي:

: إن إزعاج الزوجة للورثــة ينطبــق على ســائر األراضــيأوالأيضا.

ـة؛ إذ يجب في«لئال يتزوجن...»: إن عبارة وثانيا ليست علـ هـذه الحالــة أن تجـري بالنسـبة إلى إرث الـزوج من دار الزوجـة،

وأن يمنع الزوج من أن يرث من دور الزوجة أيضا. بااللتفــات إلى االختالف في روايــات حرمــان: األمر الرابع

الزوجة من تركة الــزوج يجب االكتفــاء بالقــدر المـتيقن المسـتفاد من تلك الروايات، والقدر المتيقن منها هو عقــار الــدار، وأمــا في

سائر الموارد األخرى فيجب التمسك فيها بعموم آيات اإلرث. واإلشكال على هذا الكالم هــو أن القــائلين بحرمــان الزوجــة من مطلــق األراضــي إنمــا يــدعون ظهــور الروايــات في حرمــان الزوجة من جميع أراضــي الــزوج، ال أنهم يشــكون في المــراد منك في المـــوارد ـد من التمســـ ــ هـــذه الروايـــات، حتى يقـــال: ال ب

المشكوك فيها بعموم آيات اإلرث.

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد264هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

(621)القول الثالث

ال ترث الزوجة من عين األرض التي أقيمت عليها دار سكنية فقط، ولكنها ترث من قيمة هــذه األرض، وتــرث من ســائر تركــة

الزوج عينا وقيمة. . وذهب(622)ويعــرف هــذا القــول بأنـه قـول الســيد المرتضى

إلى قوتــه. وعلى الــرغم من ذهــاب(623)«كفاية األحكــام»صاحب ــه(624)«مختلف الشــيعة»العالمة الحلي في إلى القــول األول، فإن

عد هذا القول حسنا أيضا.

أدلة القول الثالث دليــل الســيد على هــذا القــول هــو الجمــع بين عمــوم آيــات وروايات اإلرث وما أجمع عليه األصحاب، وهو حرمان الزوجــة من أموال الزوج غــير المنقولــة، والــذي تـدل عليـه روايــات الحرمــان

أيضا.

&اإلشكال على استدالل السيد ــد رغم أن الجمع بين األدلة أسلوب متعــارف بين الفقهــاء، بي أن الجمــع الصــحيح هــو الــذي يحظى بشــاهد معتــبر من الكتــاب

»والســنة واإلجمــاع، وبعبــارة أخــرى: يجب أن ال يكــون جمعــا عيا . وفي مــا نحن فيــه ال يوجــد على هــذا الجمــع أي دليــل أو«تبر

ــبر؛ إذ إن عمــوم آيــات اإلرث تــدل على إرث الزوجــة شــاهد معت للربع أو الثمن من عين تركــة الــزوج، وإن القــول بأنهــا في بعضــد عمال بعمــوم تلــك الموارد تعطى من القيمة بدال من العين ال يع اآليات، وهذا سيضر بسالمة تلك العمومــات؛ ألن العمومــات تــدل

على إرث الزوجة من عين التركة، ال من قيمتها.

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد265هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

ــإن قيل ــوريث منف ــو الت ــوريث من العين ه : إن الزم الت القيمة أيضا؛ ألن عين كــل شــيء إذا ملكهــا شــخص ملــك قيمتهــا أيضا. وعليه فإن العمومــات تــدل على أن الزوجــة تــرث الربــع أو الثمن من عين وقيمــة تركــة الــزوج، وإن روايــات الحرمــان تــدلــرث من ــا ت ــة، ولكنه ــرث من عين بعض الترك ــة ت على أن الزوجــييق ــل على تض ــات الحرمــان تعم ــإن رواي ــا ف قيمتهــا. ومن هن وتخصيص دائرة شمول عمومــات اإلرث لعين بعض تركــة الــزوج،ــا يتعلق ل الحد األدنى من التخصيص في م وإن هذا التخصيص يمث

بالعمومات. : إن ما يقال من أن الشــخص إذا ملــكنقول في الجواب

عين شيء ملــك قيمتــه أيضــا ال تكــون فيــه ملكيــة القيمــة ملكيــة أصـيلة؛ ألن األصـل يقـوم على ملكيـة العين، وأمــا ملكيــة القيمـة فهي ملكية فرعية تابعة لملكية عين ذلك الشيء. وبعبارة أخــرى: ليس األمر بأن يجعل الشارع في ملكية األشياء أمرين مســتقلين: أمرا بالعين؛ وأمرا بالقيمة. وإذا كان لمثل هــذا الوضــع من وجــود لوجب أن يكون باإلمكان القول: يمكن للشــخص أن يمتلــك قيمــة شيء وال يمتلــك عين ذلــك الشــيء. وهــو كمــا تــرى. وعليــه فــإن األصل في الملكية هو ملكيــة عين األشــياء، والقيمــة فــرع للعين. فإذا منع الشــارع من عين مــال منــع من قيمتــه أيضــا، تبعــا لمنــعملكية العين؛ ألن الزم المنع من األصل هو المنع من الفرع أيضا. ــل على هــذا ــه؛ حيث اتضــح أن ال وجــود لشــاهد أو دلي وعلي الجمع المدعى، نتقدم خطوة إلى األمام، ونقول: مضافا إلى عدم

(625)وجود شاهد ودليل معتبر على هذا الجمع، فإن بعض الروايات

الدالة على حرمان الزوجة من قيمة األراضي تدل أيضا على عدمتمامية هذا الجمع.

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد266هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

&تقوية استدالل السيد المرتضى كما سبق أن ذكرنا فـإن بعضــهم قــد اســتند في عــدم صــحة

ــل الســيد المرتضى إلى روايــات حرمــان&الجمع المــدعى من قبــرد الزوجة ومنعها حتى من قيمة األرض. بيد أن هذا اإلشــكال ال ي على الســيد المرتضــى؛ ألن أخبــار الحرمــان المطلقــة من أخبــار اآلحاد، والسيد المرتضى ال يؤمن بحجية خبر الواحد من األساس. وعليه فمن وجهة نظر السيد المرتضــى ال يمكن لهــذه األخبــار أن تخصص العمومات، وإنما يعمل على تخصيص العمومــات بإجمــاع

الفقهاء، على ما تقدم بيانه.

رد الجواب عن اإلشكال؛ وذلــك إن الــدفاع عن اســتدالل الســيد المرتضــى غــير تــام

لألدلة الثالثة التالية: ـ إن هذه األخبار ليست أخبار آحاد، بل هي ـ كما قال بعض1 ـ من األخبار المتواترة معنويــا. ثم إذا ســلمنا أنهــا من(626)الفقهاء

أخبار اآلحاد، إال أنها مقرونة ومحفوفة بقــرائن تــدل على صــحتها.ــة ومخصصــة وإن السيد المرتضى يعتبر هذا النوع من األخبار حج للكتاب. وإن فتاوى األصحاب على طبــق أخبــار الحرمــان في حــد ذاتها قرينــة على صــحة هــذه األخبــار وحجيتهــا. وعليــه فــإن هــذه األخبار تخصص عمومات اإلرث، حتى على رأي الســيد المرتضــى

أيضا. ـ نحن ال نرى اقتصار إجماع الفقهــاء على حرمــان الزوجــة2

ح صــاحب مســالك»من عين التركة، بل إن هذا اإلجماع ـ كما صرــام ــاء(627)«األفه ــاوى الفقه ع في فت ــر من التتب ــا ـ(628)، ويظه أيض

يشمل حرمان الزوجة من العين والقيمة أيضا. ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

267هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

ـ كما تقدم أن ذكرنا فــإن اســتدالل الســيد المرتضــى إنمــا3 يكون صحيحا إذا تم االلتفــات في بــاب اإلرث إلى أمــرين، وهمــا: التوريث من العين؛ والتوريث من القيمة. ولذلك يمكن القول: إنــوريث من ــوريث من العين، وإن الت ــدم الت ــائم على ع ــاع ق اإلجم القيمة ـ الذي دلت عليه العمومات ـ قائم على حالــه. ولكن يجب القول: في باب اإلرث ال وجود لمثل هذا التقسيم في مال اإلرث، بل الذي وضع من قبل الشــارع هي الملكيــة على العين بواســطة التوريث. وإن ملكية القيمة فـرع عن تلــك الملكيــة المجعولــة منــق ــة العين من طري ــدم ملكي ــارع. ومن خالل الحكم بع ــل الش قب

اإلرث يحكم تبعا بعدم الملكية من القيمة أيضا.

(629)القول الرابع

إن هذا القول على غرار القول األول، مع فارق أن الزوجــة ـ طبقا لهذا القول ـ ال ترث من عين األشجار والنخيــل، وإنمــا تــرث

من قيمتها فقط. ، وفخــر(630)«قواعــد األحكــام»وقد ذهب العالمــة الحلي في

مســالك»، والشهيد الثاني في (631)«إيضاح الفوائد»المحققين في ، إلى اعتبار هذا القول هو المشهور. وقد تلقــاه فخــر(632)«األفهام

ــاح»المحققين في ــة«اإليض ــده العالم ــبه إلى وال ــالقبول، ونس بالحلي.

أدلة القول الرابع إلى موارد الحرمان باألدلــة«األشجار»تم االستدالل إلضافة

التالية: ، قــال:×، عن أبي عبــد اللهـــ صــحيحة مــؤمن الطــاق1

ال يرثن النساء من العقار شيئا، ولهن قيمــة البنــاء»سمعته يقول: ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد268

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

. (633)«والشجر والنخل وقيــل في كيفيــة االســتدالل بهــذه الصــحيحة: إن في حصــر

إرث النساء بقيمة األشجار داللــة صــريحة على حرمــانهن×اإلماممن اإلرث من عين األشجار.

ــان2 ــات من أعي ــدم إرث الزوج ــار الصــريحة في ع ــ األخب ـ. (634)الجذوعــات3 ــ ورد في بعض الروايـ ــة(635)ــ ــان الزوجـ ــل حرمـ تعليـ

ــزوج باحتمال أن تتزوج من رجل غريب فتدخله على سائر ورثة ال األول، األمر الذي يشق عليهم؛ أو لكي ال تستطيع الزوجة إحــداثز االنتفاع؛ أو إخراج تغيير أو تبديل في الدار، بحيث تخرجه عن حيز االنتفــاع. وعليــه فــإن هــذه الروايــات الشــجر بتقســيمه عن حي

تشمل الشجر أيضا. ومن الجدير بالتوضيح أن الجــواب عن كــل واحــد من األدلــة المتقدمـــة يتضـــح من المســـائل المـــذكورة في نقـــد ومناقشـــة

الروايات المتقدمة في اختيار القول المختار.

: هل يقتصــر حرمــان الزوجــة من بعض(636)العنوان الثاني تركة الــزوج على الزوجــة غــير ذات الولــد أم يشــمل ذات

الولد أيضا؟ هناك قوالن في هذه المسألة، وهما:

القول األولــد من إن الحرمان يقتصر على الزوجة الــتي ال يكــون لهــا ول

الزوج المتوفى. ،(637)«شـــرائع اإلســـالم»وهـــو مختـــار المحقـــق الحلي في

. وقــال الشــهيد الثــاني(638)«قواعــد األحكــام»والعالمة الحلي في

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد269هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

ــام»في ــالك األفه ــهور بين(639)«مس ــو المش ــول ه ــذا الق : إن هالمتأخرين، ثم قال: ال إشكال في هذا القول.

كيفية االستدالل بــأن هــذا التفصــيل يســتوجبأواللقد اســتدل لهــذا القــول

تقليل التخصيص في هذه اآلية الشريفة. : إن صــحيحة ابنوثانيـا صــريحة في هــذا(640)«إذا كن لهن ولد أعطين من الربــاع»أذينة:

القول.

رد االستدالل؛ وذلك لوجهين: إن هذا االستدالل غير تام

ــول ـالوجه األول : مع وجود المخصص ـ الواقع موردا للقبر العتبار قلة التخصيص خيرا من كثرته، بــل ال يكون هناك من مبر

.هذا أوالالذي يعتبر مضرا هو تخصيص األكثر وندرة المخصص، : لــو كــانت أدلــة الحرمــان تختص بالزوجــة غــير ذاتوثانيا

: تخصــيص فياألولالولد سيؤدي ذلك إلى حصــول تخصيصــين: : تخصــيص في روايــات الحرمــان،واآلخرعمومات إرث الزوجة؛

وأكثرها مطلقة وعامة. وعليه فإن هذا االستدالل ال يؤدي إلى قلةالتخصيص.

ــاني ــه الث إن هـــذه الروايـــة )صـــحيحة ابن أذينـــة(: الوج ، ال تصــريحا وال إضــمارا وال×مقطوعة؛ إذ لم يتصل سندها باإلمام

ــا ــوحي بأنه بأي شكل آخر. بل إن ظهور هذه الفقرة من الرواية يكالم أو فتوى من ابن أذينة.ــأن هــذا الكالم صــادر عنوإذا قــال شــخص : نحن نظن ب

.×اإلمام : إن مظنــون الروايــة ال يصــلح أن يكــونقلنا في الجواب

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد270هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

حجة.

دفع اإلشكال السنديــام ــة إلى اإلم ــذه الرواي ــاب ه ــروا وجهين النتس ــد ذك ،×لق

وحجيته، وهما: ــة هي من قبيــــل: المرســــالت1 ــ ــ إن هــــذه المقطوع ــ ـ

والمقطوعات والمضــمرات الــتي قيــل بشــأن رواتهــا: إن شــأنهم . وعليــه تكــون هــذه×أرفع من أن يرووا عن غير اإلمام المعصوم

الروايات الصادرة عن مثل هؤالء األشخاص حجة. وابن أذينة واحدمنهم. ـ إن شهرة األصحاب تجبر ضعف السند. 2

الجواب عن دفع اإلشكال السنديــذه ؛ إذ إن ظــاهر الكالم في ه ــام ــير ت ــواب األول غ إن الجــة في ــدة الجاري ــة. والقاع ــوى البن أذين ــه فت ــدو أن ــة يب المقطوع المراسيل والمضمرات والمقطوعات إنما تجري إذا لم يكن هناك

، في حين أن ظهــور×علم بخالف صــدورها عن اإلمــام المعصــومالكالم في هذه الرواية دليل على عدم كون هذا الكالم رواية.

كما أن الوجه الثاني غير تام أيضا؛ إذ كما تقدم ـ في معرض بيان األقوال السابقة ـ ال وجود للشهرة القولية التي تجــبر ضــعفــير من ــوع؛ إذ إن الكث ــهرة ممن ــذه الش ــل إن تحقق ه ــند، ب الســا، ومن ــد وغيره ــة ذات الول ــا بين الزوج ــرون فرق األصــحاب ال ي

، والشيخ المفيد في(641)«الكافي»هؤالء: ثقة اإلسالم الكليني في ، والشــيخ(643)«االنتصــار»، والســيد المرتضــى في (642)«المقنعة»

ــي في ــار»الطوسـ ــيخ(644)«االستبصـ ــل ذهب الشـ ــيرهم. بـ ، وغـ

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد271هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

، وابن إدريس الحلي في(645)«الخالف»الطوســــــــــــــــــي في ، إلى ادعاء اإلجماع على عدم الفرق. (646)«السرائر»

القول الثاني إن الزوجة مطلقا ـ سواء أكانت ذات ولد أم غــير ذات ولــد ـ في ما يتعلق بالحرمــان ـــ بااللتفــات إلى اختالف مــوارد الحرمــان عند الفقهــاء من حيث عين وقيمــة األبنيــة واألشــجار ـــ تحــرم من

اإلرث. ،(647)«الكـافي»والقائل بذلك هم: ثقـة اإلسـالم الكليـني في

ــد في ــ ــيخ المفي ــ ــى في(648)«المقنعة»والش ــ ــيد المرتض ــ ، والســو(650)«االستبصــار»، والشــيخ الطوســي في (649)«االنتصــار» ، وأب

، وابن إدريس الحلي(651)«الكــافي في الفقه»الصالح الحلــبي في ،(653)«المختصــر النــافع»، والمحقق الحلي في (652)«السرائر»في

، حيث قــالوا بوجــود اإلجمــاع(654)«الخالف»والشيخ الطوسي في على ذلك.

كيفية االستدالل لقد ذكـر لهـذا القـول، وهـو القــول الحـق ــ إذا قبلنـا بأصـل

الحرمان من األساس ـ، أدلة، وهي: ـ إطالق جميع روايات الحرمان وعمـوم الكثـير منهــا، الـتي1

ــد ــا قيـ ــذكر فيهـ ــد أو عدمه»لم يـ ــذا اإلطالق«ذات الولـ . وإن هـ والعموم مســتفاد من كلمــة النســاء ـــ بصــيغة الجمــع ـــ مــع تــرك

التفصيل. »ـ التعليل الوارد في بعض روايات الحرمان، من قبيل: 2 لئال ، الــدال على حرمــان مطلــق«ال يمكن تغيــيره وقلبه»، و«يتزوجن

الزوجة.

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد272هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

ــه إذا رفضــنا أن تكــون هــذه العبــارات ومن الجدير بالذكر أن تعليلية فال أقل من إمكانيـة اعتبارهـا حكمــة، ويمكن على أســاس الحكمة ـ كما تقدم ـــ القــول بــداللتها على عــدم تقييــد الزوجــة بـ

. «ذات الولد» ـ صحيحة الفضالء الخمسة )الروايــة الخامســة(، وصــحيحة3

محمد بن مسلم وزرارة )الرواية الثالثة عشرة(، حيث حكم فيهماــهمها بحرمان الزوجة من اإلرث من عين األرض، ولكنها تعطى ســاء واألدوات ــة البن ــ من قيم ــع أو الثمن ـ ــو الرب ــان ه ــ ســواء أك ـ المستعملة في الدور. ومن الواضح أن فرض الثمن إنما يكون إذاــان كان للزوجة ولد من الزوج المتوفى. فإذا أخذ في مسألة حرم

وجب أن«عــدم ذات الولد»الزوجــة من عين وقيمــة األرض قيــد يذكر في هاتين الروايتين خصوص سهم الربع؛ إذ إن الزوجــة ذات الولــد ـــ طبقــا الدعــائكم ـــ ال تمنــع من اإلرث من مطلــق األرضــاتين ــرى(. في حين أن هـ ــي األخـ ــائر األراضـ ــدار وسـ )أرض الـدان صــراحة على أن الروايتين ـــ بااللتفــات إلى ذكــر الثمن ـــ تؤكـــد ال تـــرث إال من قيمـــة البنـــاء الزوجـــة حتى إذا كـــانت ذات ول واألدوات واآلالت، وال ترث شــيئا من عين وقيمــة األرض. وبعبــارة أخرى: إذا كان ادعاؤكم صحيحا سيكون ذكر ســهم الثمن للزوجــةــرث ــة يجب أن ت ــاء على القيدي ــوا؛ إذ بن ــتين لغ ــاتين الرواي في هــة ــا، ال من القيم ــة ومن العين أيض ــد من القيم ــة ذات الول الزوج فقــط، في حين تــدل هاتــان الروايتــان على أن الزوجــة ـــ ســواءــد ـــ ال تــرث إال من قيمــة البنــاء ــد أم غــير ذات ول أكــانت ذات ول

واآلالت واألدوات، وال ترث من األرض مطلقا.

الهوامش

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد273هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد274هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

فلسفة الدينوشروط الحداثة العقلية

*(*()أ. نبيل علي صالح

في كل الجماعــات البشــرية الــتي وجــدت على وجــه األرض كان للعامل الديني الحضور األبرز واألعمــق على مســتوى الــذات والموضــوع. فكلنــا نعلم بكتابــات ورســومات البشــر األوائــل على الكهوف والمغــاور، والحقــا كتــابتهم وتــدويناتهم وتنظيمهم لثالثيــة

، الــتي ظهــرت مــع أولى التقســيمات«المعبد والملــك والشــعب»الطبقية االجتماعية ألقدم المدن البشرية المأهولة المكتشفة.

ــات ــا الحفري «األركيولوجية»إذن في العلم المــادي تقــدم لنــدين فكرة واضحة عن أنه لم تنوجد جماعة بشرية قط إال وكان ال عمودها الرئيس األهم، بمعنى أن الدين ـ بقطع النظر عن تعاليمه وطقوسه وتقاليده وقناعات الناس فيه ـ كان العبا حيويا مهما في عالم البشر منذ أقدم العصور التي وجد فيها اإلنســان؛ حيث كــان يعطي الحياة نوعا من المعنى واالمتداد الروحي واألفـق المعنـوي المنفتح على العــوالم المجهولــة، ويقــدم معهــا بعض اإلجابــاتالممكنة عن أسئلة الخلق األولى، قد تشبع ظمأ الروح البشرية.

وال يزال للدين حقيقة ـ شئنا أم أبينا ـ هذا الحضــور الشــامل اآلسر، وتلك الهالة الكبيرة، في كــل األمم والحضــارات اإلنســانية المعاصرة. ففي مجتمعاتنا العربية، التي لم تتمكن بعــد من وضــع األسس األولى لولوج عالم الحداثة العقليــة والمعرفيــة والعلميــة،

باحث وكاتب في الفكر العربي واإلسالمي. من سوريا.)*(*( ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

275هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

يبدو الدين وكأنه هــو المعيــار والفيصــل الحــاكم على النــاس، من خالل هيمنة ثقافته النمطية على الفرد والمجتمع ككل. فمن جهــةــة المعنى والمظهر الروحي الداخلي لهذه الثقافة القديمة المهيمنر على آليــة وكيفيــة م كلي لهــا بمســار هـذا الفــرد، يـؤث هنـاك تحكــاك إنتاجه وعطائه العملي؛ ومن جهة المظهر المادي الخارجي هن أشكال ومظاهر الحضارة الحديثة التي أخذت بها تلك المجتمعــات دونما تعمق أو إدراك حقيقي للفلســفة والــوعي العقلي الحــداثي

الذي أنتجها. ل في عــدم هذا التناقض الصارخ بين الذات والخــارج، المتمث وجود حالة تصالح واقعي بينهما على مستوى الفكر والعمل، يبقير على فاعليتهــا ر، بمــا يــؤث النــاس عنــدنا في حالــة القلــق والتــوت

وحضورها في زمانها الراهن. وبمـا أن طبيعـة الحلـول المقدمــة في هــذا الســياق ـــ لتلــك األزمة الوجودية ـ ال تندرج ضمن الحلول الواقعية المتناسبة إيجاباــا، بــل هي في مع ثقافة وفكر وطبيعة النسيج التاريخي لمجتمعاتن أغلبها مفروضة بقوة القهر، وقـانون الغلبـة، ممــا يجعــل اسـتجابة الفرد العربي لها بطيئة، وحذرة، وال تتناسب مــع تطــورات الحيــاة والعالم من حوله، فإن ذلــك كلــه ســيؤدي على الــدوام إلى توليــد االنتكاســات باســتمرار، بمــا يعــني البقــاء في قلب المشــكلة، واجترارها دون تغيير حقيقي، والتقلب من أزمة إلى أخرى، تخنــق المواطن العربي في عيشه وحياته، وتضع مصيره المستقبل رهن

المجهول. وبالنظر إلى هذه المشاكل والتحديات الصعبة الــتي يواجههــا الفرد والمجتمع العربي تبرز أمامنــا اليــوم أهميــة قصــوى لتجديــدــاد والحيـــوي في تحديـــد المعـــنى الحقيقي ــل الجـ البحث والتأمـ

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد276هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

لفلسفة الدين، والغاية منه، على صعيد الفرد أوال؛ وإدراك وتحديد معايير حول كيفية انخــراط هــذا الفــرد، ومن ثم المجتمــع ككــل ـ والثقافـة الدينيــة المتأصــلة عربيـا وإســالميا ــ، في شــتى ميــادين ومجاالت الحياة المعاصرة، بتنوعاتها وتعابيرهــا ومعانيهــا الواقعيــة

الواسعة والشاملة. ولكن هناك سؤال أساس يطرح نفسه حــول وجــود إمكانيــةــ المهيمنــة على فكرية وعملية في داخل ثقافتنا الدينية القديمــة ـــق مــا أو ــ يمكن أن تهيئ المجــال لحــدوث تواف ــاد والبالد ـ العبــة ــدين )كفلســفة وجودي انســجام معين ومحــدد ومضــبوط بين ال كينونية، وكهوية حضــارية تقــوم على المعــنى والتأويــل، وتســتنجد بالتاريخ لمقاربة الحاضر والمستقبل(، والحداثة )كواقــع اجتمــاعيــة، وينتج ــر، يقــوم على العقــل والتجرب واقتصــادي متحــرك ومتغي خطابا ثقافيا تنويريا متجددا يقترح على الوعي العربي واإلســالمي عمومــا رؤيــة للعــالم والمجتمــع والثقافــة مغــايرة للرؤيــة الدينيــة

التقليدية(. أال يمكن الجمع بين الرؤيتين في بوتقة واحدة؟! ــةال شك بأن المجتمعات العربية واإلســالمية تعيش اآلن حال

ر بــالمعنى العملي للكلمــة، وتنــوء تحت عجــز تــاريخي كبــير قســــبيعي وفاضح في وعيها للذات ولآلخر، وفي ممارستها لدورها الط

في الحياة والعصر. ويظهر لنا أن هناك دورا تعطيليــا تقــوم بــه معظم المفــاهيم والمعتقدات الدينية السائدة والمســيطرة على تلــك المجتمعــات، الغارقة في تخلف فكــري واجتمــاعي يعــاد اجــتراره وإنتاجــه علىــال الدوام، كما نقول دوما؛ حيث إنه من المعروف ـ في هذا المج ـ أن الفكر والمعرفة المختزنــة في داخــل كــل فــرد هي القاعــدةفاته وسلوكياته، وبالتــالي لقيامــه بــدوره، والمحرك األساس لتصر

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد277هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ومشاركته في صنع أحداث ووقائع حياته اليومية الخاصة والعامــة، أي إن رؤية هذا الفرد وفلسفته في تسيير الوجود الخاص والعــام هي المنطلق الجوهري ألي طموح أو رغبة لديــه في بنــاء عالمــه،

وتحقيق كماله الممكن له. ويمكننا أن نطلق على تلك الرؤية أو المعرفــة بكــل بســاطة

ــراكم«فلســفة اإلنســان» ــه، وت ــة من خالصــة تجارب . وهي متكون خبراته، وتجسد رؤيته، المنطلقة من ذاتيتــه المعرفيــة، المختلطــة بما يحيط به من أحداث وتحوالت شاركت في تكوين وانبثاق تلــك الفلسفة التي اكتسبها من وجوده في هذه الحياة، لتسمو وتتطور في سلم الوجــود، عــبر حواراتــه وتفاعالتــه واحتكاكاتــه واتصــاالته وتواصله مع باقي المكونات اإلنسانية في مجتمعه، مــا قــد يجعــل هذا الفرد مدركا لألحداث، ومتفــاعال معهــا، ســلبا أو إيجابــا. وهــذاــة، الكالم ال يعني عدم وجود بديهيات فكرية عقلية، وتصورات أولي أعطت المسيرة البشــرية الــدفع األكــبر في تطورهــا وترقيهــا في

الوجود. من هنـــا كـــان اإلســـالم ــــ كحالـــة في الفكـــر واإلحســـاس والممارسة، وكرؤية للكــون والوجــود والحيــاة، وكفلســفة كونيــة، وكنزعــة خالصــية ـــ هــو مصــدر الديناميكيــة التاريخيــة المؤسســةــل كة لإلنسان المسلم عموما في ك لمجمل القيم والمبادئ المحر المراحل التاريخية الــتي قطعهــا هــذا الــدين، منــذ البواكــير األولى وحــتى اآلن. هــذه حقيقــة واضــحة وصـريحة، ال يمكن غض النظـر عنها، أو محاولة القفز فوقهــا، واعتبارهــا شــأنا ثانويــا، ال أثــر أو ال

معنى لها. وإذا كــانت الغايــة المقصــودة في كــل حراكنــا المعــرفي والعملي تهدف إلى محاولة التأثير على سلوك الفرد المسلم، من

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد278هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

خالل دفعه إلى الحضور في عصــره، أي في المشــاركة الفاعلــة ـ الطوعية اإلرادية ـ في بناء واقعه وحاضره وتأمين مستقبل أجياله الطالعة والالحقة، أي استثمار وجوده الحي على نحو فاعل ومنتج ومفيد، فإن المدخل الطبيعي إلى ذلك ال بد وأن يمر عــبر دراســةكة لهذا الفــرد شــبه الضــائع أو شــبه المغيب وتحليل القوى المحر حاليا ـ وخصوصا في ظل تطــورات الحيــاة والوجــود ـــ بين واقعــه النظري المفاهيمي )اإلسالم كعقيدة وانتماء وهويــة ثابتــة مقولبــةــه ــات صــلبة( وبين واقع ــايير نصوصــية ومقدس ــدة على مع وجامر والمتحــول باســتمرار. والقضــية هنــا هي العملي الخارجي المتغي أن طاقات الفرد غير مستثمرة مطلقا، وهي مبددة وضائعة، مثــل

ثروات األمة الطبيعية الهائلة. رة هي مجموعــة وهذه القوى النظرية غــير المنظــورة المــؤثــذات، رة لإلرادة، والمحفزة لل ــر ــية المح ــادئ األساس القيم والمبــه ــة واقع والدافعة لهذا الفرد للعمل واإلنتاج واإلبداع في كل حرك الخارجي. وليس هناك وسيلة لتحقيق ذلــك إال من خالل ممارســة النقد والتحاور الفكري مع النص والنظريــة المعرفيــة المؤسســة. فبهذا الثمن يمكن أن يستعيد المسلمون هوية ســابقة، كــانت فيــة معطــاءة ومحفزة ــة وقيم ــرة إيجابي لها األولى فك ــك ــة تش لحظــة هــرمت، وفقــدت للعمــل والنشــاط الحضــاري، أو يجــددوا هوي بوصلتها ووعيها الـذاتي والموضـوعي؛ لعلهم يســتطيعون التعـرف من خاللهــا على آليــات الحداثــة، وأولويــات االنــدماج في العصــر، وبالتالي االرتقاء بممارســتها وتطبيقهــا والســيطرة عليهــا بالعمــل واإلنتاج، أي أن يكون لهم دور وأثر محقق من خالل إثبات فاعليــةد من خالل اجترار الحضور في المتن، وليس في الهامش المتجس التقليــد والتبعيــة لآلخــر، في اســتجالب ونقــل حداثتــه إلى داخــل

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد279هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

حـــدودنا الجغرافيـــة من دون وعي معاييرهـــا وبناهـــا الفلســـفيةهم والشــتائم من دون أن نعيهــا التحتيــة، مــا يجعلنــا نكيــل لهــا الت وندرس طرائق وسبل تطورها لدى اآلخر؛ ليس ألنهــا ســلبية بحــد ذاتها مع وجود سلبيات فيها، وإنما ألن ظــروف تشــكلها ومناخــات نشوئها وعملها مختلفة عن ظروفنــا وســياقاتنا الحضــارية بصــورة

وبأخرى. من هنــا يمكن التأكيــد على أن تقــدم مجتمعاتنــا العربيــةس إلنســاننا اإلسالمية مرهون أساسا بتطور وتقدم الفكــر المؤســ المسلم على طريق تقبله وقناعته الكاملة بضــرورة العيش زمانــاــراهن، العيش الحقيقي المنتج، ومكانا )عقال ووعيا( في عصــره ال وليس الهامشي الـدوني المسـتلحق لآلخـرين، أي أن ال أن يكـونب العقــل، ومهمش الحضــور. وهــذه القناعــة حاضــر الجســد مغيس، وتجديــد الذاتية لن تتولد أو تنبثق عنده إال بنقد الفكــر المؤســ المعرفــة والهويــة؛ ليكــون إنســاننا قــادرا على ممارســة معيشــتهــاريخي إنتاجا وعمال في زمانه، من خالل تجديد الفكــر الزمــني الت

نفسه.

نظرة تاريخية وفكرية إلى الحداثة العربية واإلسالمية تقدم الحداثة في عالمنا العربي واإلسالمي على أساس أنها خطاب ثقافي جديد، أو رؤية مفاهيمية جديدة مختلفة عن مفاهيم الخطابات القديمة، وتهدف إلى تشكيل وتنظيم مجتمعاتنا العربيــةــذ بعين ــدة، تأخ ــية جدي ــايير تأسيس ــا على مع ــالمية عموم واإلس االعتبار أولوية وجود اإلنسان الفرد الحر )بعقله وسلوكه( على أي شيء آخــر، مســتفيدة من أجمــل مــا في تراثنــا وماضــينا من قيم

ومبادئ تلحظ تفعيل دور ونشاط اإلنسان اإليجابي في الحياة.

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد280هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

وقـــد انبثقت الحداثـــة خالل مرحلـــة الزحـــف السياســـي والعسكري األوروبي على عالمنا العــربي واإلســالمي، الــذي امتــد زمانا منذ غزوة بونابرت لمصــر في خــواتيم القــرن الثــامن عشــر إلى انهيار اإلمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالميــة األولى، مــاب عند كثير من البــاحثين العــرب اســتنتاجا يقضــي بالشــك في رت

أصالة ميالد فكرة الحداثة، وفي شرعيتها التاريخية. ــد ــ بع وقد تمظهرت الحداثة في مجالنا الحضاري اإلسالمي ـــ من خالل أن حدثت عملية التفاعل والتعرف على حداثة الغرب ـ

: تيار اإلصالحية الدينية.والثاني: تيار الليبرالية، األولتيارين: وكانت الليبراليــة العلمانيــة في ذلــك الـوقت حديــة وجامحــة ورافضة كليا للواقع السائد، وقد حاولت نقل الحداثة الغربيــة كمــا هي ـــ في نســختها األصــلية التأسيســية ـــ في عــالم الغــرب إلى

مجالنا المعرفي والديني اإلسالمي. أما أتباع الخطاب اإلصــالحي فقــد خضــعوا لجاذبيــة الحداثــة، وسلموا بأهمية النموذج األوروبي، ودعوا إلى ضرورة األخذ به، إال أنهم في الــوقت نفســه حــذروا من اإلذعــان والتســليم لمنطقــه، وأوحديتـه المرجعيـة، ورفضـوا وجــود أي تفـوق لـه على النمـوذج

اإلسالمي. وفي اعتقــادي إن معظم المثقفين الــرواد الــذين ذهبــوا فيــوا مــع تياراتهــا ونظمهــا القــرن التاســع عشــر إلى أوروبــا، واحتكــة ــة، أو القطيع ــة الغربي ــذه الحداث ــق ه ــدركوا عم ــدة، لم ي الجديلها تلــك الحداثــة، فخلطــوا بين مفهــوم الحداثــة التاريخية التي تمثــدت وبين الثقافة الغربية التي أنتجتــه، وربطــوا عضــويا بينهمــا، فبــيرا عن نظــام آخــر، هــو نظــام الغــرب الفكــري في نظــرهم تعبر ونجتر هــذه األفكــار عنــدما واالجتماعي. وال نزال نحن نعيد ونكر

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد281هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ــه وخصوصــياته، وال نفــرق ــة والغــرب، أو ثقافت ــط بين الحداث نرب بينهما، مــع أن الحاضــنة الثقافيــة للحداثــة العلميــة الغربيــة كــانت واضحة وظاهرة في نتاجــات فالســفة التنـوير والعقالنيــة الغربيـة. وهكذا رأوا في ما هو حداثــة نظامــا غربيــا، وقــارنوه مــع نظــامهم الشرقي. وبسبب ذلــك لم يبحثــوا في أصــل هــذه الحداثــة، فبقي التاريخ الذي أوصل الغرب إلى ما هــو عليــه، تــاريخ الحداثــة، كلــه

مغيبا عنا جميعا. رات السياســية واالجتماعيــة؛ بعد ذلك حدثت جملــة من التغي نتيجة حصول معظم بلدان المشرق على استقاللها ـ ولــو بصــورة شكلية ـ عن دول االنتداب، بعد سنوات طويلة من حروب التحريرــارك ــة )المنتصــرة في مع ــا، ونجحت النخب الحاكم ــة فيه الوطني التحرير واالستقالل( في تكـوين وإرســاء أفكــار غـير وطنيــة، ذات طابع أيديولوجي شــمولي، فتشــكلت نظم قمعيــة تســلطية أمنيــةــا آذن ــف، م ــرأي المختل ــع ال ــات وتمن ــا، تكبح الحري في مجتمعاتن بانتقال دراماتيكي في الفكر والسياسة إلى حقبــة تقهقــر وتراجــع

«الثـــوابت» و«األصـــالة» و«الهوية»وانحســـار، وتقـــدم خطـــاب والشــعارات الفحوليــة المنتفخــة، على حســاب تراجــع وانكمــاش واضمحالل لخطاب الحداثة والعقل التجريبي، حتى وصلنا إلى مــا نحن عليـــه اآلن من تقهقـــر وتخلف وانســـداد في آفـــاق العمـــلــة ــارات الديني ــة للتي ــة شــبه كامل ــير واإلصــالح؛ نتيجــة هيمن والتغي والعقائــد والخطابــات االصــطفائية والنخب والنظم الشـــمولية ـ الكارهة للحرية والتنوع والتعدد ـــ على حياتنــا العموميــة، الــتي لم

ــالمعنى ــة عصــرية صــحيحة ب ــا أي حداث ــق فيه ــرفي ـ»نحق المع ، بل كل ما هناك ال يعدو أن يكون أكثر من مجــرد حداثــة«العملي

ــنى بالشــكل والمظهــر أكــثر من عنايتهــا بالمضــمون قشــرية، تع

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد282هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

والجوهر. ر عن كوننــا ال نــزال خــارج الحداثــة، كمــا إن ما نعيشه ال يعبد بــالعكس عمــق يقول أكثر من مستشرق مستغرب، وإنما يجســــون(، أو أزمة هذه الحداثة العربية الرثة )على حد تعبير برهان غليــكرية النسخة المشوهة منها التي وصلتنا من نخبنا الفكرية والعس السياسية. وهنا مكمن العطل، وجذر الخلل. إنه في نمط الحداثــةب للنص الرثة الذي اخترناه وأنتجناه، مناخ ثقــافي ـــ ديــني متعصــ

على حساب الواقع. ــة ــاريخي النمطي لمقولـ ــا التـ ــة فهمنـ ــالعودة إلى طبيعـ وبـ الحداثـة، الــذي ال يــزال مســيطرا على التفكـير والعقــول العربيـةــة ــة مقولب ــت حال ــة ليس د على أن الحداث ــا حتى اآلن، نؤك عموم جــاهزة تفــرض من عــل، وإنمــا هي مســار تــاريخي طويــل وغــير مكتمــل، وتطــور متواصــل، وتحــوالت مجتمعيــة كبــيرة، لــه )لهــذا المسار( بداية معينة بتواريخ وأحــداث وتحــوالت كبــيرة لم تكتمــل ولم تنجز بعد. وفي األصل ليس المطلوب أن يكون لهـا حالـة منــدتها هي في الثبات والنمطية المحددة، وإنما قيمتها وأهميتها وفائر الــذاتي والموضــوعي للفــرد تحولها وسيرورتها، تعبــيرا عن التغي والحياة والعــوالم الماديــة والمعنويــة. إنهــا طريــق مســتمر معقــد ومركب، يتضمن عناصــر عديــدة وكثــيرة، متماثلــة أو متباينــة، منــدم ــل تق ــوي على مراح ــتويات، تنط ــة والمس ــوالت التاريخي التح ومراحل تراجع، على خطوات قوية وأخــرى ضــعيفة، على أخطــاء وتراجعات، على كــوارث وإبـداعات فـذة، في الــوقت نفســه. هيــات، ــات والتوافق ــاءات، والنزاع ــات وااللتق ــاريخ مليء بالتناقض ت

والحروب واتفاقيات التفاهم والسالم. وباختصار: ينبغي أن ننزع من أذهاننـا تلـك الفكــرة المســبقة

التي تظهر الحداثة كما لو أنهــا نظــام أيــديولوجي ثــابت«اللعينة»

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد283هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

وكامــل متكامــل، ومتســق بين مســتوياته العقليــة ومســتوياته السياسية واالجتماعية ومستوياته االقتصادية، لنرى بأنه يوجــد فيــاء ــة بن عمق الحداثة رؤى وورشات تاريخية مفتوحة، أي إنها عملي مستمر ومتواصل ال يكتمل، يمارســه اإلنســان بعقــل مفتـوح علىــة، الحياة والعالم، ليتفاعل من خالل ذلك مع عوامل متعددة: البيئ البشر، التراث، الموارد، الوضع والســياق الجغــرافي والسياســي، الفرص التاريخية والمعيقات، إلخ. وعندما نقول: إن الحداثــة فكــرــال مفتوح فإننا نعني أنها تنطوي على عوامل تتغير وتتحول من ح إلى حــال، وقــد تكــون حركتهــا تقدميــة أو تراجعيــة على مســتوى العلم، أو على المســـــتوى التقـــــني، أو على مســـــتوى النظم

االجتماعية. معايير الحداثة في السياق المعرفي التاريخي

ــة سنحاول هنا تحديد طبيعة البناء الفكري والمعرفي للحداث التي نشأت تاريخيا في الغرب األوروبي، من خالل هذه المعطياتــل من ــورت ونضــجت عــبر زمن طوي ــتي تبل ــة ال ــايير التالي والمع الصراعات والسجاالت والديناميات والتغييرات الهائلة التي حدثتــايير ــك المع منذ ما قبل عصر النهضة األوروبي. ويمكن موضعة تل

على النحو التالي:

ـ أولوية العقل على النقل 1ـدت دراسـات البـاحثين من المعروف تاريخيا ـ بحسب ما أك التاريخيين في علم الحفريات األثرية ـ أنه لم توجد جماعة بشرية قــط إال وكــان الــدين محورهــا وناظمهــا ومحركهــا األول، بصــرف النظر عن طبيعته وخلفيته وأفكاره. ومنذ بدايــة الــدعوات الدينيــة التوحيدية حضر كل من النص والعقل في مقابل بعضــهما البعض،ــق وارتبطت مقولة النص بالنقل للنصوص الدينية، أي بكل ما يتعل بالتراث الديني اإلســالمي والمســيحي واليهــودي )وبشــكل خــاص

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد284هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

األديان الســماوية(؛ ألن هــذه األديــان تعتمــد بالدرجــة األولى على النص الديني الثابت، وعلى المعرفــة المرتبطــة بالمعرفــة الغيبيــة المنزلــة، أي المســتمدة من الــوحي كوســيط بين عــالمي الــروح

والمادة. مرتبطــة«العقل» وفي مقابل ذلك انبثقت وتطــورت فكــرة

(، الــتي ابتــدأتhumanismبما نسميه بمرحلــة النهضــة واإلنســانية )ــدأ النــاس يفكــرون أن المخــرج من اإلحباطــات الدينيــة ــدما ب عنــــط السياســــي واالنحطــــاط األخالقي والمذهبيــــة، ومن التخب

«والقــذارة»واالجتماعي، ومن حالــة الفوضــى والجهــل والتخلــف الفكريــة واالجتماعيــة، الــتي كــانت تعيش في عمقهــا أوروبــا في القرون الوسطى، ربمــا كــان بــالعودة إلى تــراث القــدماء العقلي اليوناني والرومــاني، أي العــودة إلى تــراث العقــل والفلســفة، أو الحكمة العقليـة الـتي عرفهـا األوروبيـون لفـترة طويلـة من خالل الترجمات العربيــة، وبــدأوا في لحظــة من اللحظــات يبحثــون عن حلول لمشكالتهم الكبرى وتطلعاتهم في تراث الماضي، ويعكفون

على قراءته، وعلى تعلم اللغات القديمة التي كتب بها أيضا. لقد كان الجهد الحقيقي للنهضة )برموزها ونخبهــا المفكــرة(ال في الدفع باتجاه تزخيم مفهوم العقل، وتثـويره إلى أقصـى متمث الحدود )إلى درجة تحوله إلى ما يشــبه اإللــه األرضــي(، واعتبــاره الحجر األساس في وسائل المعرفة والتقدير والتأسيس الوجودي الحياتي، أي فتح اإلمكانيــة والمســارات العمليــة أمــام اإلنســان ال ليكون مجرد وعاء تسقط عليه التعاليم والوصايا واألحكام والمثل والمبادئ من عالم الســماوات واألديــان، وإنمــا ليكــون عقــل هــذا اإلنسان مصدرا أساســيا للمعرفــة واإلبــداع الفكــري، األمــر الــذي كان له بالغ األثر في فتح آفــاق واســعة أمــام اإلنســانية على كــلــورة المســتويات واألصــعدة، وخصوصــا على مســتوى انفجــار الث

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد285هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

العلمية واالكتشافات العلمية. وتتجسد الرؤية الحداثيــة الغربيــة في رؤيتهــا لجميــع األشــياء الحقيقية، من حيث إنهــا تنطلــق من العقــل، واإلنســان هــو الــذي يعكس تلك األشياء والمدركات بواسطة وعبر إدراكاتــه المتنوعــة، وخاصة اإلدراك العقلي، أي العقل الذي يشــكل المنطلــق والقــوة األساسية الحاسمة في الرؤية والتقدير والتحليل والتوصيف، ومن ثم التقييم والحكم، بما يساعد اإلنسان على كشف ماهية وجــوده الذاتي أوال، ومحاوالت فهم أسرار عوالمه المتعــددة ثانيــا، ليصــبح لديه كامل الحرية في االختيــار، وتحقيــق المعرفــة، والتفريــق بين الخطأ والصواب. وال تفهم العقالنية بــالمعنى االجتمــاعي البشــري إال من منظور البحث المستمر في المعايير التي تقاس بها صــحة االستراتيجيات التي تصــوغها الجماعــات، أو تســعى إلى صــياغتها،ــد من أجل إحراز التقدم ومسايرة التاريخ، وتحسين مردودية الجه

اإلنساني، ورفع فعاليته. والعلم الحديث طبعا تطور ونشأ على أساس منطق التفكير العقلي النســبي في بنـاء منـاهج البحث العلمي، وتنظيم التجربـة.ــدها ــة من بعـ ــد المعرفـ ــوة تجريـ ــلت خطـ ــيئا حصـ ــيئا فشـ وشـ

الســحري واألســطوري، الــذي كــان يأخــذ باأللبــاب«الطــوطمي» والعقول واألفئدة. وشيئا فشيئا أصبحت المعرفــة العلميــة زمنيــة، مقوننة، صناعية، بنائيــة وتراكميــة، ليســت مســتقلة عن المعرفــة ب، ولكنهــا أيضـا ـزة عنهـا في أســس بنائهـا فحســ الدينيـة أو متمي مستقلة عن جميع المعارف المنقولة والمتبعة، والحكم المقدسة،

واألساطير الموروثة الماضية.

ـ التغير الجذري لمعنى الحق واكتشاف معنى القانون 2

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد286هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

«الحق» حدث في الغــرب تحــول كبــير على معــنى مفهــوم le، قاد إلى إعادة اكتشاف الحق )«الحقيقة»و Droitس (. وقد تأســ

ــاء هذا البعد الجديد على رؤية قانونية جديدة في ســياق عمليــة بن العدالة االجتماعية، فأصبح معــنى الحــق مغــايرا لمعــنى الشــريعة والعــرف الــديني الســائد، الــذي كــان يطلب من أتباعــه التســليم والخضوع واالنصياع ألحكام منصوص عليهــا، أو مطلــوب تطبيقهــاــرت في العدالــة مــرة واحــدة وإلى من قبل سلطة إلهية عليــا فك

األبد. ولكن مــع التحــول باتجــاه نســبية الحقيقــة، وإعطــاء القيمــة األكــبر للواقــع المنظــور، على حســاب النص المخبــوء والمكنــوز، اختلف الوضع، وأصبح اإلنسان ـ بحسب الرؤيــة الحداثيــة ـــ قــادرا على بنــاء رؤى جديــدة ونظــرات فكريــة متنوعــة غــير نهائيــة، بــل متحولة وسيالة، كجزء من التفكير الـدؤوب والمسـتمر في معــنى العدالة اإلنسانية، أي تفكير المجتمع نفسه بعدالة أسسه ونظمــه، وصالحيتها ومدى فعاليتهــا. إنـه نـابع من المجتمــع المســؤول عنــه وعن تطويره وتطبيقه، ال من مصدر آخر. وبالنتيجة العمليــة يعــني ذلــك أن يمــارس المجتمــع مســؤوليته في ضــبط النظــام وتوجيــه مساراته من داخل صفوفه ولتحقيق غاياته كمجتمع ال على ســبيل الطاعة أو التوافق مع مطالب الدين، أي الغايات الــتي ترســم لــه من خارجه، ولكن تلك الــتي يرســمها هــو نفســه لوجــوده. وبــذلك تحــول إلى مجتمــع سياســي أيضــا، بعــد أن كــان مجتمعــا دينيــا أو الهوتيا في طبيعة السلطة والصالحية التي تحكم نظامه. وفي هذا المخاض استقل مفهوم الحق، بالمعنى المدني القانوني، وتطبيقه معا عن مفهوم الشــريعة، فصــار نظامــا إجرائيــا متكــامال، يضــبطــؤولية ــات المس ــا درج ر عنه ــحة تعب ــات واض ــه من خالل آلي نفس

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد287هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ومرتباتها، وال يعتمــد في وجــوده على اإليمــان والــورع الشخصــي المتفاوت عند األفراد بالضــرورة، وال أيضــا على مــزاج أو معرفــة فقيه بالدين أو عالم دين أو سلطان. كما ال يحتاج لتحصــيل الحكم

وتطبيقه على التأويل الذاتي بالضرورة لكتب الدين أو الحكمة.

ـ القيمة العليا للفرد 3ــد ن شــرعية الســلطة، وتؤك )المعيار هو الحرية، كأرضــية تعي حق اإلنسان في تقريـر شــؤونه المدنيــة، دون إكــراه أو قيــد(، أي إعادة االعتبار والقيمة الحقيقية للفــرد بمــا هــو ذات واعيــة حــرة، مريدة، وبالتالي أيضا قابلة للصياغة والتكوين والمساءلة القانونيةــر ــل: اآلخ ــادرة، مث ــة وق ــان أي ذات عاقل ــا إنس ــة. فأن واألخالقي اإلنسان. وأشخاصنا يتساوون في الحقوق والواجبــات. هــذا يعــني اعـتراف الجميـع ببعضــهم كأنـداد، ال كأسـياد أو أزالم ومحاسـيب. وهذا هو مظهر االعتراف الرسمي القــانوني بالمســاواة المطلقــةــر، ال ــلية على آخ ــابقة أو أفض ــك س ــد يمل ــانية. فال أح في اإلنسب والنســب بالوراثة وال بالمعرفة وال بالعلم وال بالثروة وال بالحســــاء )وهذه نفسها قيم دينية من جوهر الدين ذاته(. فليس بين أعض المجتمــع الحــديث من هــو تــابع وال إمعــة وال زلمــة. هــذا كلــه من

تقاليد القرون الوسطى والثقافة التقليدية. من هنا ال قيمة لما يقال من أن القيم السائدة في المجتمعم مجتمعاتنــا هــو الحديث الغــربي هي قيم الفرديــة، بينمــا مــا يســ القيم الجمعيــة. العكس هــو الصــحيح تمامــا. أفرادنــا ال يــرون المجتمع إطالقا خارج نطاق دائرة األهــل والعشــيرة، وفي أحســن الحــاالت فئــات المحــرومين الــذين تحــل لهم الصــدقات. فــالقيم الجمعية هنا متعلقــة بالعصــبية والقرابــة أو الــدين، ال بالمســؤولية

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد288هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

االجتماعية، واالهتمــام بمصــير المجتمــع ونظامــه ككــل. وهــذا مــا يفسر ضــعف الحــوافز السياســية في مجتمعاتنــا إلى اليــوم، على

الرغم من اندراجها منذ قرنين في منطق الحداثة السياسية.

ـ الديمقراطية السياسية وحكم القانون 4لت البشــرية إلى تثــبيت في مسارها التاريخي الطويل توصــــديال عن حكم االســتبداد ــة السياســية، ب ــادئ الديمقراطي قيم ومبــاء الحكم المقــدس. وهــذا ــة واحتكــار الحقيقــة وادع والديكتاتوري التعميم ال يغني عن بعض التخصيص الضــروري في هــذا المجــال؛ ذلك أن مبدأ فصل السلطات ربما كان أهم مــا في الديمقراطيــة، بصـــفتها طريقـــة في التـــدبير السياســـي والحاكميـــة. ال بـــل إن مونتســكيو رأى أن العالمــة الفارقــة للمســتبد هي، بالضــبط، أنــه

يدمج السلطات جميعا، ويتوالها بنفسه. ــرف إن فصــل الســلطات، في شــكله الحــديث، هــو مــا ع

. ومــؤدى«روح القوانين»أساسا عبر كتابات مونتسكيو، وخصوصا نظرية الفصل تلك أن ثمة ثالث ســلطات ينبغي أن ال تتــداخل في مـــا بينهـــا لـــدى ممارســـتها الحكم، هي: التشـــريعية والتنفيذيـــة

ــذها بوصــفها قانونــا.األولىوالقضــائية. : تصــوغ السياســة، وتنفز العملي. والثانية ــذها في الحي ــولى تطبيقهــا وتنفي :والثالثة: تت

تفض النزاعات، طبقا للقانون، وتبعا لمعايير العدالة. ــيلة وعليه، ليست الديمقراطية هدفا بحد ذاته، وإنما هي وس يتمكن من خاللها الشــعب من اتخــاذ مواقفــه البنــاءة، بمــا يجعلــه أكثر قدرة على اإلبداع واإلنتــاج والتشــارك، عــوض أن يكــون أداة للمباركــة والتصــفيق والتصــديق على قــرارات الحكــام الفــرديين. وليست الديمقراطية أيضا مفهومــا غربيــا ضــيقا، من شــأن تبنيهــا

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد289هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

الوقوع في التبعية للغرب والخضــوع لوصــاياه. إنهــا أكــثر تواضــعا مما يعتقده البعض حولها أو ينسبه إليها أو يطالبهــا بــه، فهي أبعــد ــا ــون نظام ــل من أن تك ــاملة، وهي أق ــدة ش ــون عقي من أن تك

اقتصاديا ـ اجتماعيا له مضمون عقائدي ثابت. إن الديمقراطية المعاصرة منهج التخاذ القرارات العامــة من قبل الملزمين بها، وهي منهج ضرورة يقتضــيه التعــايش الســلمي بين أفراد المجتمع وجماعاته، منهج يقوم على مبادئ ومؤسســاتــه االختالف في اآلراء ــية من إدارة أوجـ ــة السياسـ ن الجماعـ تمكــالي، من ــة، بالت ن الدول ــلمي، وتمك ــكل س ــالح بش ــاين المص وتب السيطرة على مصادر العنف، ومواجهــة أســباب الفتن والحــروب األهلية. وتصل الديمقراطيــة المعاصــرة إلى ذلــك من خالل تقييــد الممارسة الديمقراطية بدســتور يــراعي الشــروط الــتي تتراضــىــة ــا الجماع س عليه ــع، وتؤســ ــة في المجتم ــوى الفاعل ــا الق عليه السياسية أكثرية كافية. وقــد تمكنت الديمقراطيــة المعاصــرة منلت في ذلك عندما حــررت منهجهــا في الحكم من الجمــود، فتأصــ

مجتمعات مختلفة من حيث الدين والتاريخ والثقافة. ــف إن الديمقراطيــة المعاصــرة منهج يبــدع الحلــول، ويكيــل ــ ــة أو تعطي ــ ــادئ الديمقراطي ــ ــات، دون إخالل بالمب ــ المؤسس المؤسســات الدســتورية، الــتي ال تقــوم للممارســة الديمقراطيــة

قائمة دون مراعاتها والعمل بها.ز بين ثالثــــة مســــتويات وفي هــــذا الســــياق فإننــــا نمي

للديمقراطية: : المســتوى الشــكلي )ديكــور خــارجي(، ينحصــر فيأولها

مجرد إقامــة المؤسســات الديمقراطيــة، المتمثلــة في المجــالســدني، من دون النيابية واألحزاب وغير ذلك من هياكل المجتمع الم

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد290هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

وجــود أي فاعليــة لهــا في المســتوى العملي، بــل ينحصــر عملهــا ساعتئذ في اإلمضاء على توجهات وسياسات النخب الحاكمة، من

دون أي نقاش أو مساءلة. ل في أداءوثانيها : )األداء الـــــديمقراطي الفعـــــال(، يتمث

ــا الوظيفة الديمقراطية عبر المشاركة والمساءلة الحقيقيتين؛ ألنن تعلمنا من تجارب عدة ـ وخصوصــا في عالمنــا العــربي ـــ أنــه من الممكن أن تقـــوم المؤسســـات الديمقراطيـــة، فتنشـــأ أحـــزاب،ح المجــال لهــامش من التعبــير من وتشكل مجالس نيابيــة، ويفســــه ال يتحقـــق األداء ــ ــك كل ــ ــع ذل ــ خالل صـــحف المعارضـــة، وم الديمقراطي. إنــه من الممكن أن تقــام جميــع الهياكــل المطلوبــةــرار ــاركة في الق ــوافر المش ــا، فال تت ــة تمام ــا تعطل الوظيف بينملي األمة حق مساءلة الســلطة التنفيذيــة، السياسي، وال يتاح لممث

كما هو الحال في كثير من بلداننا العربية واإلسالمية. ــذاوثالثها ــة(. وه : )التدرب على الثقافة والقيم الديمقراطي

ينصــب على شــيوع القيم الديمقراطيــة، وأهمهــا: قيمــة التســامح السياسي، وتــداول الســلطة، واحــترام حقــوق اإلنســان؛ ألنــه من الممكن أن تقوم الهياكل وتـؤدى الوظيفـة، بينمـا يفتقـد المجتمـع تلك القيم التي ال تستقر إال بمضي الوقت، واستمرار الممارســة،خ القيم الديمقراطيــة والســلوك وتــوافر األنمــوذج الــذي يرســ

الحضاري بين أبناء المجتمع.

نظرة إلى واقع السياسة العربية الراهنة لقد كــان لغيـاب الفكـر التعــددي وثقافـة االعـتراف بـاآلخر، وضـعف المشــاركة السياسـية، وســيطرة األنظمـة المســتبدة في اجتماعنا الــديني العــربي واإلســالمي، آثــار ســلبية، تمظهــرت من

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد291هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

خالل خلق وتعمق نزعات سلطوية مــدمرة لــدى النخب الحاكمــة، ال تزال قائمة ومستمرة، وخصوصا عندما يطــول وقت احتالل منــة؛ يحكمون لمقاعدهم الثابتة، فتبدو رؤيتهم لألمور وردية ومغلوط ألنها تقوم على أســاس مفتعـل ال يـدرك الواقـع، وال يعـايش نبض الجماهير، وال يستشــعر معاناتهــا؛ حيث بــاتت هنــاك فجــوة كبــيرة تفصل بين الشعوب والمجتمعــات من جهــة وبين الحكــام والنظم القائمة من جهــة أخــرى. وهــذه األزمــة والفجــوة القائمــة ليســت جديــدة، بــل هي تاريخيــة بامتيــاز، وال تــزال تغلف العالقــة بين الطـــرفين إلى حـــد أدى إلى عزلـــة من يحـــوزون الســـلطة عنــا. الجماهير العريضة بآمالها وآالمها وأحالمها وتطلعاتها وطموحاته وهو أمر يؤكد أن جزءا كبيرا من الصــراع المحتــدم نجم عن حــال الفراغ السياسي الذي يحتل المســاحة بين القمــة والقاعـدة لـدى

معظم الشعوب العربية. إن الشرعية السياســية في معظم النظم العربيــة تعــود إلىــتمرارها ــليم باس ــا، أو التس ــذ به ــعب األخ ــات يص ــار ومرجعي أفكر هو الثابت الوحيد في هذا العالم، والدنيا تتغير، وصالحيتها. فالتغيــات لم تكن ــة تجلي ــترة زمني ــل ف ــع ك ــدو م ــدل، وتب ــوال تتب واألحــوالت ــانت مطروحــة على اســتحياء من خالل مق مطروحــة، أو ك صامتة تتحدث عن اإلصالح والتغيــير والديمقراطيــة. فقــد أضــحت الديمقراطية ـ على الرغم من مصدرها الغــربي ـــ مطلبــا إنســانياريـــة من شـــأنها إذا تـــوافرت شـــروطها الذاتيـــة ونزعـــة تحر والموضوعية أن تمكن الشعوب من تحقيــق اســتقاللها التــاريخي،

والتعبير عن قدراتها الحية، ومكنوناتها الهائلة. إن إعادة بناء مفهوم الدولة داخل الفكر السياسي المعاصر،ــة ــات البني ــاال يعكس تناقض ــا مج ــة كونه ــا من زاوي ــورا إليه منظ

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد292هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ل مســألة االجتماعية وتوازنــات القــوى فيهــا، ســمحت بإعــادة تمثــدم ــات التق الديمقراطية والنضال الديمقراطي. كما أخرجت حركــة، ــة عن الســاحة الجماهيري ــا االضــطرارية أو االختياري من عزلته ودفعتهـــا إلى الخـــروج بالعمـــل السياســـي من دائرتـــه الســـرية المطلقــة إلى الــدائرة الجماهيريــة األوســـع، وأنقــذت التفكــير السياسي من مصطلحات القــاموس العســكري، كمــا قلصــت من

مظاهر ممارسة السياسة بمنطق الحرب. إذن هذه المعايير األربعة للحداثة ال تزال قائمة. وهي تتبدل باستمرار، لم ينته العمل بها بعد؛ حيث نشهد بين الفينة واألخــرىصراعات ونزاعات حول العديد من الخيارات التي توجه نشاطها. فهل يمتلك اإلســالم ـــ كــدين حــاكم على القلــوب، ومهيمنف مع على األفئدة والعقول، عندنا ـ القدرة الفكرية والعملية للتكي ما تقدم ذكره من معايير ومقتضيات ومتطلبات الحداثة، وضرورةــديني والثقــافي ــة اإلصــالح ال االنخــراط الجــدي العملي في عملي

والسياسي في عالمنا العربي واإلسالمي؟! في الواقـع ال نـزال نعيش حاليـا في مجتمعاتنـا حيـاة حديثـة بكل ما تعنيه هذه الكلمــة من معــنى، من حيث التعامــل الشــكلي والمظهري مع مقتضيات تلك الحداثة. فنحن نتعامل مع اإلنــترنت، ــا ونسافر بالطائرات، ونعمل وفق قوانين حديثة، ونتواصــل تفاعلي وتبادليا مع مختلف بقاع األرض، وتخضع كثير من حكوماتنا ونظمنا السياسية لمؤسسات وهيئات ومنظمات دولية اقتصادية وسياسيةــاليب ــنا متخلفين في أسـ ــددة...إلخ. إذن نحن لسـ ــة متعـ وثقافيـــاة ــة ال تعيش حي ــا العربي ــا. ومجتمعاتن ــة ووســائلها وطرقه الحداثــآخر القــرون الوســطى، بــل هي مجتمعــات خاضــعة بشــكل أو ب لقوانين ونظم الحداثة العالميــة ذاتهــا. ولكن الخطــر والخطــأ في

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد293هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

الموضوع هو أننا فهمنا الحداثة مجرد نقل لمنجزات اآلخر وتقنياته واختراعاته الكبيرة، ال صنعا واستنباتا لها في تربتنا المحلية، وإنمــاــد، ولكنــه غــير كــاف استهالكا وشراء. وهذا ال شك أمر عظيم وجي لصنع الحضارة والحداثة العلمية. وهذا ما ندعوه بالحداثة القشريةــة أو الحداثة الكسيحة. إنه منطق التناقضات والتشوهات المرتبط بهذه الحداثــة من جهتنــا نحن، ال من جهــة الغــرب؛ فنحن ال نــزال نعيش على استهالك متزايد لثمرات الحداثــة الناشــئة والمتطــورة خارج دائرتنا الحضارية اإلسالمية، على الرغم من أننا ســاهمنا في الماضي في التأسيس لها بصورة وبــأخرى، كمــا أننــا عجزنــا حتى اآلن عن زرع شجرة الحداثة عندنا، وبمــا يناســب مجالنـا وسـياقنا الحضاري اإلسالمي، فلم نفتح ورشــات لهــا خاصــة بنــا وبشــروط وجودنا، ال ورشــات المعرفــة الزمنيــة، المدنيــة، اإلنســانية، البحث العلمي، التطور الفكــري الحــر، وال ورشــة الدولــة الحديثــة، دولــةــة تخضــع الحق والقانون. نحن ال زلنا إلى حد كبير مجتمعات حديث لسلطة األعيان واألتباع، وكل مظاهر العشائرية والقبلية البغيضة، التي حاربها اإلسالم ذاته. ولم نطـور أيضــا بمــا ربمـا فيـه الكفايـة

مسألة الفرد كذات، أو الفردية الحرة والمسؤولة.

ر والتقهقر الحضاري؟! على من تقع مسؤولية التأخــدور ومســؤولية في الحقيقــة، وعلى الــرغم من التســليم ب العامل الخارجي في ما وصل إليه حال العــالم العــربي من تخلف وانقسام وتجذر األمراض الثقافيــة والسياســية، إال أن هنــاك وعيــا متزايدا لــدى الغالبيــة العظمى من أفــراد مجتمعاتنــا العربيــة بــأن الكوارث التي تعيشها تلك المجتمعات ليســت ناجمــة بكليتهــا عن األطمــاع والتــدخالت األجنبيــة وحــدها، وأن الكثــير منهــا يعــود إلى

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد294هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ــة ــا المنهك عجز النخب السياسية الحاكمة )التي أوصلت مجتمعاتن لالرتمــاء في حضــن اإلرهــاب، بعــدما عــانت ولعقــود من أنظمــة االستبداد( عن إيجاد الحلــول المالئمــة لتناقضــات كامنــة في بنيــة

وثقافة المجتمعات، ونظم الحكم العربية. ــة في ــوى الخارجي ب على إهمالها وتراكمها نجاح الق وقد ترتــار، أو ــة االنفجـ ــلت إلى نقطـ ــتغاللها، إلى أن وصـ ــا واسـ تعميقهـ

انفجرت بالفعل، كما هو الحال في دول عربية كثيرة. فالعراق ال يعاني من االحتالل األجنــبي فقــط، وإنمــا تجتاحــهحه في الوقت نفسه صراعات متنوعة األبعــاد والمســتويات، ترشــ للدخول في نفـق حـرب أهليـة واسـعة النطـاق، وتهـدده بـالتفتت

واالنقسام إلى دويالت طائفية عدة.ن بعد من االنتصــار لســيادته، بــل ولبنان كذلك األمر لم يتمكـذر إذا مــا تهدده على الدوام فتن طائفية، يبدو أنها لن تبقي ولن ت

بدأت فتائلها باالشتعال. واألراضي الفلسطينية ال تعاني من حروب مستمرة، واحتاللب، وإنمــا أيضــا من صــراع إسرائيلي مقترن بحصــار دولي، فحســــزال ــال بين اإلخــوة، ومــا ت ــاحري مقيت، وصــل إلى حــد االقتت تن جذوره حية، وتشكل خطرا يهدد بتصفية قضية كانت وما تزال من

أنبل وأعدل قضايا العالم قاطبة. والصومال ال يعاني فقط من تدخل أجنبي شجع أثيوبيــا علىــا لســنوات طويلــة، احتالله، وإنمــا أيضــا من صــراع قبلي ظــل حي وأدى الفشل في احتوائه إلى إغــراء اآلخــرين على التــدخل، تحت

دعوى ضبط األمن وتحقيق االستقرار. واألمر ذاته في السودان، الذي يعــاني من صــراعات عرقيــةت ومذهبية تهدده ليس فقط بتجدد الحروب األهليــة، وإنمــا بــالتفت

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد295هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

والتقسيم أيضا. أما حال بقية الدول العربيـة فال تبـدو أفضــل كثـيرا. فهــا هي سوريا دخلت منذ أكثر من ثالث سنوات في نفق وجودي مجهول، يتهدد مصــيرها ووجودهــا كدولــة وشــعب ومجتمــع متعــدد ومتنــوع

األعراق واالنتماءات والمكونات التاريخية والمجتمعية. ر اإلصــالح السياســي، والخلــل الــرهيب في إن البطالــة وتعث توزيع الثروة والمداخيل، تحولت إلى أمراض مزمنــة، راحت تنخــر في عظام هذه الدول؛ لتشكل قنابـل موقوتـة قابلـة لالنفجـار فيد على الحقــائق التاليــة في جســدها في أي لحظــة. ومن هنــا نؤك سياق ضرورة قبولنا وتبنينا ألفكار الحداثة الــتي تنسـجم مــع ذاتنـا

الحضارية: ـ إن اإلصالح الداخلي المنطلــق من تــرتيب أوضــاع بيوتنــا1 

ــروض، لن الداخلية أفضل وأقوى وأمتن من أي إصالح خارجي مف يأتي إلينا إال نتيجة الغياب المتعمد النطالقة مناخ اإلصالح الطبيعي في المجتمعــات والشــعوب بمــا ينبــع منهــا، ويتفــق مــع تقاليــدها،

ويرتبط بهويتها. ــط2 ـ اإلصالح الحقيقي المطلوب الذي يستمر ويبقى هو فق

اإلصالح الذي يتم بالطرق السلمية التسووية الحضارية، مــع رفضــالحية؛ ألن ــية اإلص ــة السياس ــورة في العملي ــق الث كامــل لمنط مفاجآتها كثيرة، وردود فعلها معقدة، ونتائجها غير مضــمونة. بينمـا اإلصالح التدريجي المدروس، وفقا لخطة زمنية معلنة، هو السبيل األفضل لالنتقال نحو غايات األمم وأهــداف الشــعوب الكــبرى في العيش اآلمن والحر والمستقر وبنــاء الــذات الفاعلــة والمزدهــرة. وتســتطيع نظم عربيـة كثــيرة أن تتــواءم مــع التطــورات المقبلــة، بشرط أن تستوعب حقــائق العصــر، وأن تمضــي نحــو المســتقبل

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد296هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

بخطى ثابتة، بدال من ترديد شــعارات خادعــة لالســتهالك المحلي،وتسويف التغيير، وإجهاض اإلصالح.

ـ إن المؤسسة الدينيــة الحاكمــة ـــ ظــاهرا أم باطنــا ـــ في3ــة أكــثر من أي وقت مضــى العــالمين العــربي واإلســالمي مطالبــني باعتماد العقل والحوار واالنفتاح على اآلخر، وإطالق خطاب ديــاء، وليس عصــري واضــح، يعتمــد على عنصــر النقــد الفاعــل البن

التلقي والقبول والتسليم الكامل. ولكن هنا نتساءل: كيف يمكن االتفــاق في هــذه الحــال على مسألة النقد، وإشكاليات النصوص والتأويالت الدينية لها، والهادفة إلى تجديد الفكر والهوية؛ لتصبح منفتحة مســتوعبة تواصــلية على مستوى تصالحها مــع الــذات وانفتاحهــا المتــوازن على اآلخــر، من دون االتفــاق حــول الغايــات والقيم األساســية الــتي ســوف تحكمــا ــة أو اجتماعاتهـ ــالمية المفككـ ــات اإلسـ ــاء المجتمعـ ــادة بنـ إعـ

السياسية؟!ــا من ــا رافقه ــناعية )وم ــة والص ــورة التقني ــد انطلقت الث لق إنجازات علمية هائلة( نتيجة انبثاق تراكم معرفي وثقافي تنــويري كبير ـــ كمــا ذكرنــا ـــ، قادتــه مجموعــة كبــيرة من النخب الفكريــة

. ولئن«فولتــير» و«ديــديرو» و«مونتســكيو»المعرفيــة، من أمثــال حدث هذا التحول الذي عرفته مجتمعات الغــرب األوروبي بفضــل ذلــك المنــاخ الثقــافي التنــويري فإننــا نســأل: هــل يمكن لثقافتنــاــه ــا أنجزت ــتثمر( بم ــتفيد وتس ل )وتس ــالمية أن تتمث ــة اإلس العربي الثقافة األوروبية؛ حتى تتمكن من إحداث النقلة النوعية المتوخــاة داخل المجتمعات العربية واإلسالمية؟! وإذا كان لكل أمـة ثقافتهـا الخاصة فال يعني هذا أن مستوى الثقافة واحد لكل الشعوب، لكن هذا المستوى يختلف من شعب إلى آخــر، لتعــدد درجــات الثقافــة

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد297هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

في مراتب الرقي. فعلى مســـتوى عالمنـــا العـــربي شـــاع ســـابقا ــــ في بعض المفاصل الزمنية القليلة ـ تأويل منفتح عقالني للدين، منسجم معــدءا من عصــر ــه، ومتفاعــل مــع الحضــارات األخــرى. ولكن ب ذات االنحطاط أخذ يسـود التأويـل اآلخــر، أي الفهم الجامـد، المنغلـق، المتعصب. وغني عن القول هنا: إن الثقافة العربيــة هي بطبيعتهــا ثقافة جذرية تأصيلية، فيها إمكانات هائلــة للنظــر والــوعي والنقــد والبناء المعرفي الحضاري، إال أن حاجتها للتجدد في عالم التحول والتغير والتنور يفرض عليها مزيدا من المساهمة الفاعلة؛ لتتمكن ــديا من أداء دورها الريــادي؛ بغيــة تنــوير المجتمعــات المؤمنــة عق بهذه الثقافة، وترشيدها بمـا يكفــل لهـا االرتقـاء في سـلم الــرقي والتقدم، كباقي الشعوب واألمم، أي إنه ال يكفي أن نــؤمن نظريــاــد من االعتقــاد بقدرة ثقافتنا على البناء والنمو والتصــاعد، بـل ال ب أن شرط النمو هنا هو في مــدى قــدرة ثقافتنــا على الــدخول في حوار ونقد مع مسببات أزمة وجودنا الراهنة مــع أنفســنا أوال قبــل

اآلخر. ولم يعد مقبوال أبدا اليوم أن تــراوح هــذه الثقافــة اإلســالمية في مكانها؛ ليجتر أصحابها مقوالت ومفــاهيم خــارج نطــاق الحيــاةحات والعصر والتاريخ الحديث، أو أن تكتفي بإنشــاد وترديــد موشــ الماضي التليد وإنجــازات العصــور القديمــة، بـل عليهــا أن تــواكب حركات التقدم الذي وصلت إليــه الثقافــات األخــرى، وأن تتفاعــل بشــكل خالق ومبــدع مــع كــل االنجــازات العلميــة والفكريــة الــتي

ساهم بها مثقفو األمم األخرى. د دائمــا على أن تجــاوز هــذه اإلشــكالية قــائم على وهنــا نؤكــل على ــ ــيطة، لكن معقدة، وهي أن نعم ــ ــة بس ــ ــألة نظري ــ مس

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد298هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

االستفادة من ثقافتنا وحضــارتنا العربيــة بمــا يتالءم ويتناســب مــع حاجات مجتمعاتنــا الراهنــة المتغــيرة، ومن دون أن نكــون أســرى لقيم الماضـــي، ومســـتغرقين في مناخاتـــه القديمـــة، وأن نأخـــذــراف بمعطيات الحاضر ونساهم في تطويره بما يمكننا من استش المستقبل. وأهم ما نحتاج إليه هو الثقافة التنويريــة؛ حيث لم يعــد مقبــوال االكتفــاء بالنشــاطات الثقافيــة الشــكلية الــتي ال تمت إلى الجوهر، بل علينا أن نساهم في عملية البناء الفكري الذي يصوب سهامه إلى مكـامن الجهــل في زوايـا مجتمعاتنـا، المتعطشــة إلىــات ــل المقوم ــير ك ــا يتطلب توف ــذا م ــة. وه ــور العلم والمعرف ن واإلمكانــات، عن طريــق إيجــاد منــاخ يكفــل حريــة البحث العلمي واإلنتاج األدبي والنقد السياســي، بمــا يؤهل مجتمعاتنــا ألن تكــونرائدة في ثقافتها منسجمة مع ماضيها، مترقبة لمستقبلها الواعد. ــاريخ وخالل العصــور. ــك هي مســيرة الثقافــات عــبر الت وتلــة، فالتواصل الثقافي بين األمم أشبه بسلسلة ذات قنوات متداخل كل قناة تأخذ مما قبلها، وتعطي ما بعدها. هكذا كان حال ثقافــات األمم الغــابرة، من مصــرية ورومانيــة وفارســية ويونانيــة وعربيــة إسالمية، مرورا بثقافة أوروبا في عصر النهضــة والتنــوير، وانتهــاء بالثقافــة المعاصــرة الــتي نعيش في رحــاب نتاجهــا، الــذي يرفــد

اإلنسانية بعوامل الرقي واإلبداع لما فيه خير البشرية جمعاء. ــر، ــع المعاص ــراط في الواق ــرب عن االنخ ــا كع ــديل لن وال ب واالهتمام بكل أحداثه ووقائعه وأحداثــه وشــؤونه المختلفــة. وهــذاــا يتطلب البحث الجدي منا عن مضامين معرفية جديدة، بما يؤهلن

ف اإليجابي»لـ مع معطيـات ومواقـع هـذا العـالم، وبالتـالي«التكيــة ــة والثقافيـ ــادية واالجتماعيـ ــياته االقتصـ ــراط في مقتضـ االنخـ والسياسية، بما يقلل من الخسائر الــتي علينـا دفـع أثمانهــا نتيجــة

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد299هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ر واالنعتــاق في فواتنا التاريخي، ريثما تتوفر شــروط عامــة للتحــرالمستقبل.

فنحن لسنا وحدنا في هذا العالم، كما أننــا لســنا مركــزه، أو غايته، أو منتهاه، بل نحن أمة مثل باقي األمم والحضارات، لها مــاــة أمم وثقافــات، ال يمكن أن لها وعليها ما عليها. إننا أمة من جمل نتكــور على أنفســنا ونتقوقــع، ونعيش من دون جــيران وأصــدقاء،ــاردة أو ســاخنة، وغــير ذلــك، وال ــوترات، ومناخــات ب ومصــالح وت نستطيع أن ننعزل عن أي تأثيرات وتطورات قد تحدث في العالم

الذي نعيش فيه. طبعا نحن عندما ندعو أهل وأتباع ثقافتنا األصيلة إلى أهميــة االنفتاح على العصر وقيم الحداثة المعاصــرة ال نقصــد الغــرق في بحور نتاجاتها الغربية بال وعي وال إدراك؛ ألن هنــاك حاجــات ذاتيــة في عمق اإلنسان ال تستطيع حتى هذه الحداثة بكــل مــا فيهــا من حيوية وفاعلية ومعان مادية وثقافيــة وفلســفية إشــباعها، فمعــنى الوجود والحياة والغاية والعلة منها ال يمكن لغير الدين أن يشبعها،

عليها. إنها أســئلة الوجــود والخلــق«بمعان وافرة»ويقدم إجابات األولى.

والقصــة هنــا هي بكــل أريحيــة وبســاطة أن أســئلة الضــمير الفردي حول الوجود، وإجابات الدين حول المعنى والحياة والكون والروح، تعطينــا فكــرة عن أن هــذا الــدين الــذي نطــالب معــاييره وأنظمته الفكرية دوما باالنفتاح على العصر هــو باألســاس رســالةــة ــة؛ للتربيـ ــروح والنفس الباطنيـ ــردي، إلى الـ ــمير الفـ إلى الضـ والتقـــويم والتكامـــل النفســـي والســـلوكي على ســـلم الكمـــال المعنوي؛ ألن بناء اإلنسان من الداخل هــو أســاس حركــة الوجــود

رت عنه مختلف النصوص: الخارجي. هذا ما عب

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد300هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

. «إنما بعثت ألتمم مكارم األخالق»�نك لعلى خلق عظ�يم﴿ . ﴾وإين﴿ . ﴾وما أرسلناك إ�ال رحمة ل�لعالم�« . «إنما بعثت رحمة مهداة، ولم أبعث لعانا

إذن، ولتحقيق هذه النهضة الذاتيــة الفرديــة الضــميرية، قبــل االنتقال للخارج، تبــدو الديمقراطيــة بأوجههــا المتعــددة السياســية واالجتماعية ـ إذا صــح التعبــير ـــ في رأس أولويـات هــذا التجديــد، وهذه النهضة المعرفيــة؛ ألن النظــام الــديمقراطي كآليــة إجرائيــة للعمــل السياســي واالجتمــاعي يســمح للــذات الفرديــة )وهي المقموعة على طول مساراتنا التاريخيــة اإلســالمية( بــالتعبير عن وجودها الحقيقي، أي يعطي للفــرد قيمتـه الحقيقيـة كــذات حـرة، وتشعره بأهميتــه كطاقــة خالقــة تحتــاج لرعايــة خارجيــة، ومن ثم الحقــا تــأتي وتتحــرك مســألة التقــدم الخــارجي، الــتي تســتدعي االنفتاح الكامل على مفــاهيم وطروحــات ومقــوالت جديــدة بــاتتــة، معروفة حاليا على نطاق واسع، كالمجتمع المدني، الديمقراطي الدولة الحديثة، المواطنة. وهذا كله يمكن اختصاره بمقولة واحدة

هي: الحكم الصالح. ــتطاعتنا وتبدو أهمية ذلك واضحة إذا أدركنا أنه لن يكون باس حيازة أو تطوير لغة سياسية حديثة، منظمــة ومؤسســة، في بنانــا السياســية والثقافيــة، إذا بقينــا خــارج تسلســل وتــاريخ األحــداث والتغيرات الهائلة التي تعصف بالعــالم المعاصــر. وهــذا أول وأهم شرط من شــروط االنتظــام في واقــع الحداثــة والتنــوير الحقيقي

المطلوب.

أخالق المعرفة الدينية ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

301هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ـ القسم الثاني ـ

*(*()د. أبو القاسم فنائي

وسيم حيدرترجمة:

. )اإلمــام(655)«]العاقــل[ هــو الــذي يضــع الشــيء مواضــعه»(.×علي

وفي ما يلي ندخل في تفاصيل نقد االستدالل المتقدم. يمكن نقد المقدمة األولى من هذا الدليل )أي نقصان العقــل

البشري( على النحو التالي.ــد أنأول مسألةوإن ينبغي االلتفات إليها هي أن الذي يري

ــه باإلمكــان االعتمــاد يثبت نقصان العقــل قــد أذعن مقــدما إلى أن على هذا العقل الناقص )على الرغم من نقصــانه(، وأن حكم هــذا العقل في ما يتعلق بمعرفــة التكليــف وجيــه ومعتــبر. أوليس هــذاــات ــذي يتم توظيفــه في الوصــول إلى إثب ــاقص هــو ال العقــل الن

«الوجــوب»ضرورة الوحي وإرسال الرسل وإنزال الكتب وإثبــات ــوب ــو وج ــوب ه ــذا الوج ــريعة؟ أوليس ه ــاع الش العقلي في اتب

أخالقي؟ ــذا ــل لم يخطئ في ه ــذي يثبت أن العق ــدليل ال ــو ال ــا ه م االســتدالل، وفي مــا يتعلــق بهــذا المــورد قــد أحــاط علمــا بجميــع الحقائق الحاضرة والغائبة، وجميع النتائج الواضحة والكامنة، وأنــه لم يكن في هذا المورد الخـاص أسـير األهـواء والرغبـات؟ أوليســة؟ اتباع النقل في معرفة التكاليف أحد األفعال اإلرادية واالختياري هل للعقل في صــدور هــذا التكليــف في مــا يتعلق بجميــع النتــائج

الكالم الجديد وفلسفة الدين. الدين وفلسفة األخالق، ومن المساهمين في إطالق عجلة علم أستاذ في جامعة المفيد، وأحد الباحثين البارزين في مجال)*(*( ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد302

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

والتبعات الدنيويـة واألخرويـة والغيبيـة وغـير الغيبيـة التبـاع النقـل إشراف وإحاطة علمية وقطعية ويقينية؟ ما هو الدليل الــذي يثبت

، بمعنى إلغاء العقل في مقابل النقل، واتبــاع«النزعة النقلية»أن المنقوالت المخالفة للعقــل، تضــمن لنــا كمــال الســعادة الدنيويــة واألخرويــة على نحــو أفضــل؟ أال يعتــبر تعطيــل العقــل في حــدود األخالق، وإحالل النقـــل محـــل األخالق، أهم أســـباب انحطـــاط المسـلمين ومــا حــل بهم من المصــائب؟ أال يســعى هــؤالء الــذين يدعون نقصان العقل ـ من خالل التمسك بهذا االستدالل العقلي ـ

»إلى أن يثبتــوا في الحــد األدنى ــا ــا ووظيفــة أخالقيــة«واجب عقلي تفوق الدين، أال وهو وجوب اتباع الشريعة والوحي والنقل؟ وعليه فالســؤال الــذي يتبــادر إلى الــذهن هــو: مــا هــو الفــرق بين هــذا الوجوب العقلي وفوق الديني وهذه الوظيفة األخالقية وبين ســائر الواجبات والمحظــورات العقليــة وســائر الوظــائف األخالقيــة ومــا وراء الدينية، التي تكون طبقا الدعاء أصحاب هذا االستدالل فاقدة

لالعتبار؟ وعلى هذا األساس يمكن لنــا أن نســتنتج أن هــذا االســتدالل يشتمل على مفارقة واضحة، وأنــه ينــاقض نفســه؛ إذ كيــف يمكن للعقل الناقص والخاضع لألهواء والرغبات أن يكــون معصــوما منــاع ــوب اتب ــه ووج ــة لل ــق الطاع ــات ح ــا يتعلق بإثب ــأ في م الخط الشريعة، وال يكون معصــوما في مــا يتعلق بــالتعرف على حقــوق اإلنسان واألخالق االجتماعية القائمة على هــذه الحقــوق، والقــول بإمكان وقوعه في الخطأ، وأن مجرد هــذا االحتمــال يســقطه عنــد ــه في تحدي ــاد علي ــاس االعتم ــق للن ــة، فال يح ــار والحجي االعتبــرع أن حقوقهم وواجباتهم؟! كيف يمكن للعقل المستقل عن الش يعجز عن فهم طبيعة اإلنسان وحقوقه، ولكن باستطاعته أن يفهم

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد303هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

طبيعة الله وحق اللــه؟ ومضــافا إلى ذلــك ألم يختلــف النــاس فيضرورة اتباع الوحي والنقل؟

: إن الرجــوع إلى النقــل ال يقضــي على تــأثير األهــواءوثانيا والرغبات على العقل، وال يزيــل نقصــان العقــل؛ ألن وصــولنا إلى الشــريعة ال يكــون بال واســطة، وإنمــا الوصــول إلى الشــريعة يتم دائما عبر توسيط هذا العقل المشوب والناقص والخــاطئ. وربمــاــراءة ــة الشــريعة من خالل ق ــل في فهم ومعرف ــذا العق أخطــأ ه

النص، وقد يقع تحت تأثير األهواء والرغبات النفسية أيضا. : لو أراد شخص أن يستنتج من نقصان العقل ووقوعهوثالثا

في قبضة األهواء إلغاءه في ما يتعلق بأخالق البشر، واللجــوء إلىــدال منــه، ال يمتلــك أي دليــل مقنــع على الســؤال الشرع والنقــل ب

. أفال يكون خلق هذا العقل«لماذا خلق الله العقل أصال؟»القائل: ـ الذي ال ينفع اإلنسان في تحديــد وظائفــه وحقوقــه، وال يســتطيع من خالله الحكم بحسن األشياء وقبحها، وصحتها وبطالنها، واتخــاذ القرارات القائمــة على تلـك األحكـام ــ عبثـا ولغـوا؟ ألم يكن من األفضل لو أن الله خلق اإلنسان فاقدا للعقل؟ ألن يكون اإلنســان غير العاقل أكــثر إطاعــة وانصــياعا لألوامــر اإللهيــة، وأكــثر إذعانــا وامتثاال ألوامر أولئك الذين يدعون تمثيــل اللـه، وأســلس خضــوعا

وانقيادا للشريعة النقلية؟ إن اإلجابة الــتي تقــدم عن هــذا الســؤال عــادة هي أن خلــق العقل ليس لغوا، وال عبثا؛ إذ بإمكان العقل أن ينشط في مساحة أصول العقائد، وإن الشــرع يــرى حكم العقــل في هــذه المســاحة حجـة ومعتـبرا، وهـذا المقـدار يكفي في إخـراج خلـق العقـل عن

اللغو والعبث. ولكن هذه اإلجابة غير مقنعة، لألسف الشديد؛ إذ:

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد304هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

: إن القول بنقصـان العقـل ووقوعـه في قبضـة األهـواءأوالره باألمور المانعــة من معرفــة الحقيقــة، ال يقتصــر والرغبات، وتأثــاحة أصــول ــري حتى على مس ــا يج ــة، وإنم ــام العملي على األحك العقائد أيضا. ومن هــذه الناحيــة ال يوجــد أدنى اختالف بين العقــل النظري والعقل العملي، أو بين أصول العقائــد والفــروع العمليــة، وخاصة إذا التفتنا إلى أن نشاط العقل في مساحة أصول العقائــدــتي تســود التفكــير هــو اآلخــر رهن بتشــخيص القيم والمعــايير ال والتحقيــق )أســاليب التفكــير والتحقيــق(، وإن الكشــف عن هــذه القيم والمعايير والحكم بشأنها يتبعان أسلوبا ومنهجا واحدا. فنحن البشــر في مــا يتعلق بالمســاحة األخالقيــة )ســواء أخالق التفكــير والتحقيـــق أو أخالق الســـلوك( ال نمتلـــك غـــير الظن، وفي كالــواء ــأثير األه ــع تحت ت ــل، ونق ــاني من نقصــان العق ــوردين نع الم والرغبات النفسية، وال نحيط علما بجميع جوانب الموضــوع، وفي كال الموردين يكون هناك اختالف في اآلراء بين الناس. فــإذا كــان الدليل إلى حاجة اإلنسان إلى الوحي يكمن في نقصان عقله فإن هذه المشــكلة قائمــة حتى في مســاحة أخالق التفكــير والتحقيــق أيضا، وال تختص بأخالق السلوك فقط. وعليه إذا قبلنا بهذا الــدليلن علينا إلغاء وتعطيل اإللهيات العقلية والطبيعيــة أيضــا، وأن ال تعي نعتمد على العقل المســتقل في مجــال العقــل النظــري ومعرفــة

األمور االعتقادية. : إن للوحي الكثير مما يقوله في أصول العقيدة أيضا،وثانيا

ــا إذا لم نقل: إن التعاليم السماوية في هذا المجال أكثر وأهم منه في الفروع واألحكام العمليــة، وإن األمــور الغيبيــة الموجــودة في أصول الدين أكثر منها في فروع الدين. والســؤال المطــروح هنــا:

لماذا ال يتوقف القول بالتعاليم السماوية في مجال العقائــد على» . وإن اإلجابــة الصــحيحة عن هــذا«إلغاء العقل ونفي الحجية عنه؟

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد305هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ــؤال تثبت ــتغني عنأوالالس ــد ال يس ــل حتى في العقائ : أن العقالــوحي أيضــا؛ من العقــل والــوحي حجــة في هــذاوثانيا : أن كال

المجال. وفي الحقيقة فإن الفصل والتفكيك بين العقــل والــوحي، وتقسيم الوظائف بينهما على النحو المتقــدم، والقــول باختصــاص حجية العقل باألمور العقائديـة، واختصــاص حجيـة الـوحي بـاألمور

الفرعية والعملية، ليس صحيحا. ويبدو أن الفصل بين العقل والنقــل، وتقســيم منــاطق نفــوذ كل واحد منهما على النحو المتقدم، إنما هو ناشئ عن افتراض الــوع يتم التصريح به عادة. وهذا االفتراض يقول: )للحيلولة دون وق

ــول بحكمـــه بـ ــ ــد القب ــ ــأ يجب تقيي ــ «القطع»العقـــل في الخطــور«اليقين»و ــيله في األم ــع واليقين يمكن تحص ــذا القط . وإن ه

العقائدية، وأمــا في الفــروع العمليــة فال يمكن تحصــيله في أغلبــوع إلى ــال من الرج ــذا المج ــة في ه ــذلك ال مندوح ــوارد، ول الم

الوحي(. وبعبارة أخرى: يقول السائل: ما الــذي يجب فعلــه من أجــل الحيلولة دون وقـوع العقــل في الخطـأ، والمنــع من تــأثير األهــواء

وسائر األمور األخرى، التي تحول دون إدراك العقل للحقيقة؟ إن اإلجابة التي يقدمها أكثر المسلمين، من الشيعة والســنة،

والعلماء وغيرهم، عن هذا السؤال ما يلي : إلثبات االعتبار«اليقين» و«القطع»ـ يجب اشتراط حصول 1

والحجية لحكم العقل. ــق بــالموارد الــتي ال نحث فيهــا على القطــع2 ـــ في مــا يتعل

واليقين يجب علينا الرجوع إلى الوحي من طريق النقل. ــذا ــؤالء عن ه ــدمها ه ــتي يق ــة ال ــرى: إن اإلجاب ــارة أخ وبعب

السؤال كالتالي:

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد306هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ـ إن الظن العقلي )الظن المستند إلى الشهود واالستدالل1العقالني( ليس حجة.

ــوص2 ــاهر النص ــتند إلى ظ ــ إن الظن النقلي )الظن المس ـالدينية( حجة.

ــارض بين الظن العقلي والظن3 ــوع التع ــد وق ــه، عن ــ وعلي ـ النقلي يكــون التقــديم دائمــا للثــاني )وإن الظن النقلي ال يســقط عن االعتبــار إال عنــد تعارضــه مــع القطــع العقلي أو الظن النقلي

األقوى منه(. ـ وعليه فإن علم الفقه المستند إلى الظنون النقلية مقــدم4

ــو ــل األول ه ــة، ب ــون العقلي ــتند إلى الظن على علم األخالق المس. (656)البديل عن الثاني

أرى أن هذا االفتراضات واألدلة الكامنة خلفها هي التي أدتــة، ــرع، وزوال العقالني ــتقل عن الش ــل المس ــاء دور العق إلى إلغ وإحالل الفقــه محــل األخالق في الثقافــة اإلســالمية؛ وأنهــا هي الســبب الــرئيس في بــؤس المســلمين، والمنشــأ األساســي في انحطاط الحضارة اإلســالمية، والبــذرة األولى لتخلف المجتمعــات اإلسالمية عن ركب العلم والحضارة البشرية. ولذلك فإنهــا تحتــاج

. فــإن كــان هنــاك من يســعى إلى(657)إلى دراســة عميقــة وجــادةــاج العلم، إحياء الحضارة اإلسالمية، والقيام بحركة تفضــي إلى إنت فــإن الطريــق إلى ذلــك يتم عــبر تحريــر العقــل من قيــود النقــل، والــدعوة إلى توســيع التحقيــق العقالني الحــر، وليس عــبر فـرض القيود على حرية التعبير، وتقييم نتائج التحقيق العقالني بمقيــاســا: المنقوالت. وإن أقل ما يقال في حق االفتراضات المذكورة آنف إنها ال تنسجم من األساس مع مقتضــيات العقالنيــة. وإن مقتضــى

العقالنية في هذه الموارد عبارة عن:

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد307هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ـ إن بعض الظنون العقلية )والتجريبية( معتبرة وحجة. 1ـ إن بعض الظنون النقلية معتبر وحجة أيضا. 2 ـ إذن، عند حصول التعارض بين الظنون يكون المقــدم هــو3

الظن األقوى، دون فرق بين أن يكون كالهما عقلي )أو تجريــبي(،. (658)أو نقلي، أو أحدهما عقلي )أو تجريبي( واآلخر نقلي

وهناك الكثير من األدلــة على اعتبــار بعض الظنــون العقليــة؛ ــدليل مختص بمجــالفــأوال : إن القطــع واليقين المســتند إلى ال

ــرى ــارف األخ ــاالت المع ــائر مج ــا س ــيات، وأم ــق والرياض المنط . وعليـه لـو حصـرنا حجيـة(659)فليست في متناول العقل البشــري

واعتبار العقل بحصول القطع واليقين فإننــا ســنعمل في الحقيقــة على تعطيله وإلغاء دوره، وإن تعطيل العقل يســتلزم هــذا القــول غير المعقول، وهو أن الله قد خلــق العقــل لغــوا وعبثــا. هــذا وإن االستدالل مورد البحث لصالح تعطيل العقل وتقديم النقل عليه لو

كان معتبرا فإنما يفيد الظن، دون القطع واليقين. ــا : إن المطالبــة بتحصـــيل القطـــع واليقين في مـــواردثاني

تعذرهما ال تنسجم مع العقالنيــة؛ إذ ال تختلــف هــذه المطالبــة عن المطالبة بصنع المستحيل! إن الطرق والمنافذ المختلفــة لكســب المعرفة وتبرير االعتقاد ما دام احتمال صوابها يغلب على احتمال الخطأ فيها، تعد موثوقة ومعتبرة، وإن تحصــيل الظن بصــدق أمــر ما يعني أن احتمال صدقه يفوق احتمــال كذبــه. فالعقــل ال يأمرنــا باإلعراض عن الظن واالحتمال بشكل مطلق، وإنمــا الــذي يريــده

العقل منا هو: ـ أن نقيس درجة تعويلنا وتمسكنا بــاألمر أو الحكم )أ( إلى1

درجة ظننا المستدل به، وأن ال نلتزم أو نرتب اآلثار على األمــر أو الحكم بما يفوق أو يقل عن الحد المناســب، وعنــدما يكــون لــدينا

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد308هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ــع واليقين، وأن دليل ظني لصالح ما ندعيه علينا أن ال ندعي القطال نتعامل مع ظنوننا معاملة القطع واليقين.

ـ عند قيام التعــارض بين األمــر أو الحكم )أ( وبين األمــر أو2 الحكم )ب(، الذي يحظى بدعامــة ظنيــة أقــوى، أو إذا عثرنــا على دليــل جديــد يخــالف األمــر أو الحكم )أ(، وكــان أقــوى من الــدليلد لهذا األمــر أو الحكم، وجب علينــا إمــا التخلي عن األمــر أو المؤي الحكم )أ(؛ أو أن نتصرف بشكل موجــه في مضــمون مــا نعتقــده؛

حتى يتم حل هذا التعارض لصالح المعتقد والدليل األقوى. : إن حجيــة الظنــون النقليــة إنمــا تثبت من خالل الظنثالثا

العقلي أيضـــا، دون القطـــع العقلي؛ إذ ال ينتفي احتمـــال الخطـــأــة. وفي ــون النقلي ــة الظن ــام االســتدالل على حجي العقلي في مق الوقت نفسه ال يعقل التفريــق بين الظنــون العقليــة )والتجريبيــة(

الصــدق،«احتمــال»والظنون النقلية؛ إذ إن المهم لدى العقل هــو «الوصــول» من الحقيقة. وهذا االحتمال عندما يتعذر «االقتراب»و

إلى الحقيقة تكــون لــه قيمتــه، ويكــون معتــبرا، ســواء حصــل منطريق األدلة العقلية )والتجريبية( أو من طريق األدلة النقلية.

إن أهم دليل على حجية الظنون النقلية هو منهج أو أســلوبر عنه بـ )السيرة العقالئية(. إال أن هــؤالء العقالء العقالء، أو ما يعب الذين يعملون بـالظنون النقليــة في ظــل ظــروف معينــة يعملــون أيضا بالظنون العقلية والتجريبية في ظــل ظــروف مشــابهة. وهم أنفسهم يعملون على طبــق الظن األقـوى عنــد حصــول التعــارض بين الظنــون المختلفــة. كمــا أنهم ال يعملــون بــذلك الخــبر وذلــك الظاهر عند عدم انسجام مضمون خبر الواحــد وظــاهر الكالم مــعــك المعتقدات الظنية العقلية )أو التجريبية( األقوى. وعلى من يش

في ذلك أن يتحرى حقيقة األمر بنفسه.

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد309هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

إن ظاهر الكالم وخبر الواحد الصادر عن»إن االدعاء القائل: ال يقبــل إال في بعض«الثقــة حجــة، إال في حالــة القطــع بــالخالف

الحوزات العلمية. أما العقــل الســليم والعــرفي لعامــة البشــر فال يصدر مثل هــذا الحكم. فال وجــود لمثــل هــذه الســيرة بين العقالء خارج الحوزة العلمية. وعلى هذا األساس نجــد أن العلمــاء األعالم قد أخطأوا في تشخيص حكم العقل وسـيرة العقالء بهــذا الشـأن. ولذلك ال يمكن أن نعثر للعقالنية الفقهية السائدة على دليل خارج الحوزات العلميــة، وفي ســائر المســاحات المعرفيــة. فمن وجهــة

،«مطلقة»نظر العقالء ال تكون حجية الظهور وحجية خبر الواحــد ة، ومن أكــثر هــذه الشــروط وإنمــا هي مشــروطة بشــرائط خاصــ تأثيرا أن ال يكون مضــمون الخــبر أو ظــاهر الكالم معارضــا للظن

األقوى منه. فلنعد إلى أصل االستدالل، ولنفترض أننا آمنا بنقصان العقل البشري في مجال األخالق. واالدعاء هنا أن نقصان العقل ال يكون في حــد ذاتــه دليال صــالحا للتشــكيك األخالقي، وإلغــاء دور العقــل

ونفي اعتباره في دائرة األخالق. يجب علينـا أن نـرى مـا هـو الطريـق الـذي يمكن من خاللــه التقليل من نقصان العقل، أو كيفيــة رفــع هــذا النقصــان إذا أمكن ذلك؟ إن نقصان العقــل البشــري في إدراك القيم األخالقيــة ليس ذاتيا، وال أبديا، بل هو أمر عارض وزائـل. ويمكن رفعــه من طــرق أخــرى غــير الرجــوع إلى الــوحي والنقــل أيضــا. وحيث إن طريــق التعويض ومعالجة هذا النقص غير منحصــرة بــالرجوع إلى الــوحي والنقــل، بــالمعنى االصــطالحي للكلمــة، فال يمكن لنــا أن نثبت أود من هذا الطريق تبعيــة األخالق المنطقيــة والمعرفيــة للــدين. نؤي فمن الناحية الدينية هناك طرق أخــرى غــير الــوحي يمكن للــه أن

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد310هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

يوظفهــا، أو قــام بتوظيفهــا، من أجــل هدايــة وإرشــاد النــاس إلى الهدايــة األخالقيــة والعمليــة. فــإن اإللهــام والشــهود واإلرشــادات األخالقية التي يعيش الناس تجربتهــا في حيــاتهم اليوميــة تعــد من أهم مصادر المعرفــة األخالقيــة، وهي نــوع من الــوحي. وقــد روي

ت آالؤه، في البرهــة» أنه قال: ×عن اإلمام علي ما بــرح للــه عــزــرهم، ــاهم في فك ــاد ناج ــترات، عب ــان الف ــة، وفي أزم ــد البره بع

. (660)«وكلمهم في ذات عقولهم وبطبيعــة الحـــال ليس هنـــاك من طريــق أو وســـيلة يمكن بواسطتها رفع نقصان العقل البشــري بشــكل كامــل، ولكن يمكن

العمل على التخفيــف من هــذا«الممارسة» و«التجربة»من خالل النقص والتقليل منه إلى حد مقبول. وعليه فإن إلغــاء دور العقــل وإحالل النقــل محلــه لن يحــل المشــكلة، بــل ســيؤدي إلى ظهــور مشاكل أخرى، أقلها إبقاء نقصان العقل كما هــو إلى األبــد )وهــذاــام ما يسعى إليه البعض لألسف الشديد(. إن مران العقل في مق النظر رهن بحرية التفكير والبيان وما وراء البيان، كما هو متوقف على االعتراف بحق اإلنسان في اختيار العقائـد واألفكـار. كمــا أن مرانه على المستوى العملي رهن بحريته في مقام اتخــاذ القــرار والعمل. لو كان األمر كمــا يــدعي األصــوليون، من تحديــد تكليــف البشر في جميع المسائل العامة والخاصــة، وأنــه مــا على النــاس في معرفة وظائفهم سوى الرجوع إلى النقل، فسوف ال يبقي أي مجال لنمو العقل العملي لدى النــاس، وهــذا يتنــافى مــع فلســفة بعثة األنبياء. وبطبيعة الحال فإن حرية التفكير واالختيـار ال تتنـافى

القيم والسنن العقالنية التي تهــدي التفكــير والعمــل،«وجود»مع الشــريعة والـوحي )وإن كــانت تنـافي إكـراه«وجــود»وكذلك مــع

ــة ــل الحكومـ ـ ــد من قب ــذه القيم والتقاليـ ــاع هـ ــاس على اتبـ النـ

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد311هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

والمؤسســات النافــذة(. وعلى هــذا األســاس إذا كــان األمــر بــأن تكــون شــريعة النقــل جامعــة وشــاملة، تســتوعب جميــع أعمــال وســلوكيات اإلنســان الفرديــة واالجتماعيــة من المهــد إلى اللحــد،

النقــل» و«يحــل الفقــه محــل األخالق»بمعنى إذا كــان األمــر بـأن محــل«شــريعة النقل»، وإذا كــان األمــر بــأن تحــل «محــل العقل

، وإذا كــان األمــر بــأن يقــوم«شــريعة العــرف» و«شريعة العقل» الفقه على إغناء الناس عن سائر العلوم األخالقية، لن يبقى هناك مجال التخاذ القرارات العقالنية، وتبعا لذلك لن يكون هناك أرضية

لتطوير اإلنسان على المستوى العقلي. ومضافا إلى ذلك، لنفــترض أن العقــل البشــري نــاقص فــإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل تم رفع هذا النقصان من خالل جعل األحكام الشرعية؟ وهل يمكن رفع هذا النقص أساسا؟ نحن نرى أن نقصان العقل إنما يتم التعويض عنه ـ وذلك إلى حــد مــا ـ من خالل الرجوع إلى ذات العقل، وليس من خالل إلغائه وتعطيلهــذا في مقابل النقل. وإن من بين األدلة التي يمكن إقامتها على ه

االدعاء ما يلي: . «معرفتها» بتعاليم الوحي ال بد من «نعمل»ـ لكي 1. «فهمه» الوحي من «معرفة»ـ ال بد لـ 2. (661)«تفسيره» الوحي من «فهم»ـ ال بد لـ 3ـد لـ 4 ـ ــ ال ب ــير»ـ ــف «تفس ــوحي من توظي ــات» ال «المعلوم

السابقة. ـ لتوظيف المعلومات السابقة يجب قبل كــل شــيء فصــل5

،«غــير ذات الصــلة» عن المعلومــات «ذات الصــلة»المعلومــات عن«المعتبرة»ومن ثم العمل على فصل المعلومات ذات الصلة

. «غير المعتبرة»المعلومات ذات الصلة

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد312هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ــــ لكي نتمكن من فصـــل المعلومـــات ذات الصـــلة عن6 المعلومات غير ذات الصلة، والمعلومات المعتبرة عن المعلومات

ــوانين ، أي«العقالنية»غير المعتبرة، تجب االستعانة بالمعايير والق الشـــهود» و«شـــريعة العقل» و«العقل»علينـــا أن نســـتعين بـ

. «العقلي وعلى هــذا األســاس فــإن وصــول النــاس إلى الــوحي وحكم الشرع ال يكون مباشرة ومن دون واسطة، بل إنهم يتوصلون إلىــل الخــاطئ، وال يمكن ــذا العق ــوحي وحكم الشــرع من خالل ه ال حذف هذه الواســطة. إن الــدين إنمــا يخــاطب العقــل، وإننــا إنمــا نحصــل على رســالة الــدين، ونــدرك هــذه الرســالة، من خالل االســتعانة بالعقــل، وإن محــدوديات هــذا العقــل حاضــرة في فهم الــدين وتفســير النصــوص الدينيــة أيضــا. وإن احتمــال الخطــأ في المعرفــة الدينيــة ومعرفــة الشــريعة )علم الفقــه( ليس بأقــل من احتمــال الخطــأ في المعرفــة األخالقيــة ومعرفــة القيم األخالقيــة

ــات(662))علم األخالق( . إذا لم يكن لدى العقل طريق إلى المعلوم الالزمة لتشخيص القيم والقواعد األخالقية بشــكل كامــل وقطعي ســيواجه هــذه المشــكلة في تشــخيص التعــاليم اإللهيــة واألحكــام الدينية أيضا، هذا إذا لم نقل: إن المشكلة في هذا المورد ستكون

أشد وأعمق. هـذا، مضـافا إلى أن األنـا والمصـلحة وخــداع الـذات وخـداع اآلخر قد تحضر في مقام فهم وإدراك أحكام الشرع أيضا، فتحول دون الفهم الصحيح لهذه األحكام، بمعنى أن العوامل الــتي تحــول دون إدراك القيم األخالقية بشكل صـحيح إذا لم نقــل: إنهــا تحــول باألولوية دون إدراك األحكام الشرعية فإنها في الحد األدنى تحول دون ذلــك بنفس الحجم والمســتوى أيضــا؛ فــإن المعرفــة الدينيــة

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد313هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

والفقهية للناس ـ كما هو الحال بالنسبة إلى معـرفتهم األخالقيـة ـرات، وليسـت بمنجى من ر بمختلـف العوامـل والمـؤث عرضة للتـأث األهواء والرغبات والميول والنزعات النفسية والمطامع الدنيويــة. ولذلك كان علم الفقه ـ مثل الكثــير من العلــوم البشــرية ـــ علمــا

« ــا . وإن فتــاوى الفقهــاء ـــ في أفضــل حاالتهــا ـــ نتــاج هــذه«ظنيالظنون.

وبعبارة أخرى: إن هذا الدليل، بدال من أن يبين تبعية األخالق للدين على المستوى المعرفي والمنطقي، وضرورة إحالل الفقــه محل األخالق، يثبت تبعيــة الــدين وأخالق الســلوك على المســتوى المنطقي والمعــرفي ألخالق التحقيــق والتفكــير. إن أخالق البحث والتحقيق والتفكير مجموعــة من القواعــد والقيم المعرفيــة الــتيك بها في مقام التفكير والتحقيق إلى اقــتراب العقــل يؤدي التمســأ، ــه في الخط ــال وقوع ــة، ويقلل من احتم ــري من الحقيق البش ويحول قدر اإلمكان دون تدخل الهــوى والحــرص والطمــع والحب

. إن التفكير الديني والتفكير األخالقي(663)والبغض في حكم العقلــل: إن بحاجة إلى أخالق البحث والتفكير بنفس المقدار، إذا لم نق

حاجة التحقيق والتفكير الديني إلى األخالق أكثر وأشد. ــخيص القيم ــأ في تش ــل من الخط ــا يمكن التقلي ــه إنم وعليــاع قيم وضــوابط أخالق البحث ــة من خالل اتب والوظــائف األخالقيــيره من ــة، وتطه ــائل المعرفي ــذهن بالفض ــليح ال ــير، وتس والتفكــوحي والنصــوص ــوع إلى ال ــرد الرج ــة. وإن مج ــل المعرفي الرذائــوى الدينية في هذا الشأن ال يحل المشكلة، وال يقلل من خطأ الق اإلدراكيــة. وهــذا الحكم يصــدق أيضــا في مــورد إدراك وتشــخيص

. (664)األحكام الشرعية أيضا لقد عمد فالسفة األخالق؛ من أجــل رفــع الموانــع والعقبــات

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد314هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

الماثلة في طريق تحصيل المعرفة األخالقية، والحيلولة دون تأثيرر واألنا والمصالح والتقليد وما إلى ذلك، أو عوامل من قبيل: التكب الحد من تأثيرها في العقل العملي، إلى تقديم مختلف األســاليب. وإن آليــة فلســفة األخالق أساســا تكمن في أنهــا تســاعدنا في تشـــخيص الحكم األخالقي. ومن هـــذه الناحيـــة ال فـــرق بين علم األخالق وسائر العلوم األخرى، فكمــا أن نقصــان العقــل واحتمــال ل دليال خطأ الفرد في مجال الفلســفة والعلــوم التجريبيــة ال يشــك صالحا للتشكيك الفلسفي والعلمي، وإحالل الدين والالهوت محل الفلسفة والعلــوم التجريبيــة، كــذلك األمــر في مــورد علم األخالق

. (665)وإحالل الفقه محلهــفة إن لكل علم منطقه الخاص، وإن منطق األخالق هو فلس

. وكما أن التعاليم الدينيــة في بــاب الفلســفة والعلــوم(666)األخالق التجريبيـــة ال تجعـــل اإلنســـان مســـتغنيا عن الفلســـفة والعلـــوم التجريبيـــة فـــإن التعـــاليم الدينيـــة في بـــاب الشـــريعة واألخالق االجتماعية ال تجعــل اإلنســان في غــنى عن علم األخالق وفلســفةــة األخالق أيضا. وكما يلهم الله اإلنسان الحقائق الفلسفية والعلمي من طريق العقل والتجربـة فـإن بإمكانـه أن يلهمــه ويعلمـه القيم

األخالقية من طريق علم األخالق وفلسفة األخالق أيضا. ومضافا إلى ذلك فإن االستفادة من التعاليم الدينية في باب

ــك ــير؛ وذل ــف على التنظ ــريعة واألخالق تتوق ــذهأوالالش : ألن هالتعاليم بحاجة إلى تفسير وشرح، : ألنها تتعارض في بعضوثانيا

الموارد فيما بينهــا، وفي بعض المــوارد تعــارض العقــل والوجــدان والتجــارب البشــرية. وعليــه فــإن المؤمــنين ســوف يحتــاجون في تفسير هذه التعاليم، ورفـع التعــارض فيمـا بينهـا من جهــة، وفيمـا بينها وبين سائر المصادر المعرفية األخرى، إلى مقدمات متنوعة،

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد315هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

سواء أكانت دينية أو غيرهــا، وإلى نظريــات أخالقيــة ومــا وراءهــا، وإلى غــير ذلــك من األمــور والمقــدمات. وعليــه ال يمكن للــوحي والنقــل أن يحــل محــل العقــل والوجــدان في دائــرة األخالق، وال يمكن له أن يسد الفراغ الحاصل في ظل غيابهما. وعليه ال يمكنــذا ك به ــ ــرة األخالق من خالل التمس ــل في دائ ــل دور العق تعطيــو أن الدليل، والعمل على إحالل علم الفقه محل علم األخالق. ولــاذ ــة، ولم يتمكن من اتخ ــة القيم األخالقي ــل عجــز عن معرف العق القرارات على أساس المعايير األخالقيــة، لن يكــون حتى بمقــدور الوحي أن يحل مشكلته. ولــو كــان عقــل اإلنســان ناقصــا وواقعــاــأثر تحت تأثير األهواء والرغبات )وهو كذلك( فإن هــذا النقص والت سيالزمه حتى في فهم الوحي أيضا، وسيحول دون الفهم الصحيح

والقطعي واليقيني للوحي أيضا. إن النصوص الدينية بحاجــة إلى شــرح وتفســير وتــبرير، وإذا لم يتم درج هــذه التعــاليم والنصــوص الدينيــة في دائــرة الســلوكــا ضمن نظرية أخالقية متكاملة ومقنعة لن يكون باإلمكان توظيفه واالستفادة منها والتعويل عليهــا، هــذا إذا لم نقــل: إنهــا لن تكــون مفهومة أصال. وحيث إن شرح وتفسير التعــاليم الــواردة في هــذه النصـــوص رهن بـــالرجوع إلى العقـــل والوجـــدان واالســـتناد إلىــاليم ــإن التع ــال األخالق ف ــة في مج ــة والوجداني ــام العقلي األحك الشرعية الموجودة في هذه النصوص لن تلبي حاجة اإلنسان إلى

العقل والوجدان في دائرة األخالق أبدا. : إن هــذا االدعــاء ال ينســجم مــع مضــامين النصــوصرابعــا

ــه ــة تقــول: إن إرشــادات الل ــة. فــإن هــذه النصــوص الديني الدينيــة. األخالقية تلهم لإلنسان من طريق الوجدان أو الفطــرة األخالقي

ومن ذلك: قوله تعالى:

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد316هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ا فجورهــا وتقواها﴿ـ واها * فألهمهــ ﴾ونفس وما سـ(. 8 ـ 7)الشمس:

ــو ألقى﴿ـ يرة * ول ــ� ه� بص ان على نفســ� ــل اإل�نســ ب(. 15 ـ 14 )القيامة: ﴾معاذ�يره

امة�﴿ـ م ب�النفس� اللو (. 2 )القيامة: ﴾وال أقس�ــ وروي عن اإلمــام علي ــه قــال: ×ـ ــا لنفســك» أن كفــاك أدب

. (667)«اجتناب ما تكرهه من غيرك : إن الرجوع إلى الدين والنصــوص الدينيــة من أجــلخامسا

ــل ــاس لم ينجح في ح معرفة القيم والقواعد المنظمة لسلوك الن الخالفات بين الناس على المستوى األخالقي، بل فاقمت من هذهــوم الخالفات بمعنى من المعاني؛ فإن علم الفقه ـ مثل سائر العلم. ومن ــ األخرى ـ كان وال يزال وسيبقى حلبة لنزاع وجدل ال يحس جهة أخرى فإن إمكان معرفــة القيم األخالقيــة من طريــق العقــل والوجدان ال يتنافى مع اختالف الناس في هذا المجال؛ ألن الناس ال يستفيدون من عقلهم في جميع الموارد، وليست لديهم الجــرأة

ــرون من ــا يف ــرون إنم ــا يف ــثر م ــير، وهم أك «الحرية»على التفكــع النــاس ال يعرفــون«الــوعي»و . وباإلضــافة إلى ذلــك فــإن جمي

األساليب الضرورية للحد من األهواء والرغبات النفسية والمطامعــذه الشخصية عند تشخيص الحكم األخالقي، أو إنهم ال يوظفون ه األساليب. وعلى أي حــال فــإنهم يتجنبــون نقــد التقاليــد األخالقيــة

التي ورثوها من أسالفهم. إن اختالف اآلراء األخالقية ال تخلو؛ فهي إما قابلة للحسم؛ أوــة غير قابلة للحسم. وإن الخالفات من النوع األول تنشأ من حقيق أن الناس في المواقف األخالقية الــتي يتخــذونها يركنــون التفكــير والنظر العقالني جانبا، وال يعملــون على توظيــف عقلهم بالشــكل

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد317هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

المطلــوب أو الصــحيح. ويبــدو أن اختالف اآلراء األخالقيــة ـــ األعم من تلك التي تقبــل الحــل والــتي ال تقبــل الحــل ـــ إنمــا تنشــأ من

المناشئ المختلفة التالية: ـ االختالف في تشخيص ومعرفة الحقائق ذات الصلة. 1 ـ االختالف في القواعــد األخالقيــة ذات الصــلة، وفي فصـل2

العوامــل األخالقيــة ذات الصــلة عن العوامــل األخالقيــة غــير ذاتالصلة. ــل: حب3 ــة، من قبي ـ الميول والرغبات النفسية غير األخالقي

األنا والذات. إن االختالفات من النوع األول في الحقيقة ليست اختالفــات

، بـــل هي أوال وبالـــذات اختالفــات علميـــة أو فلســـفية«خالصة» وكالمية، من قبيل: االختالف في الحكم األخالقي إلسقاط الجنين؛

ــة األخالقية» و«الهوية»بســبب االختالف في للجــنين،(668)«المنزل وتبعا لذلك االختالف في أن إسقاط الجنين هل هو مصــداق لقتــلــون ــل يكـ ــذا القبيـ ــوارد من هـ ــة أم ال؟ في المـ النفس المحترمـ االختالف األخالقي اختالفا بنائيا، ينشأ عن اختالف أعمــق في بــابرا في الفرضــيات العلميــة أو الفلســفية والكالميــة، ممــا يعــد مــؤث تحديــد الهويــة والمنزلــة األخالقيــة لموضــوع البحث. وإن هــذا االختالف ال يقبــل الحــل من خالل الرجــوع إلى النصــوص الدينيــة؛ ألن هذا االختالف أوال وبالــذات اختالف موضــوعي، وليس اختالفــا

حكميا. ــاني فهي اختالفــات أخالقيــة ــوع الث وأمــا االختالفــات من الن

، وتعــود إلى االختالف في مجــال النظريــة األخالقيــة، أو«خالصة» االختالف في أســلوب تــبرير األحكــام األخالقيــة. وهــذا النــوع من

االختالف ال يقبل الحل من خالل الرجوع إلى الدين أيضا.

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد318هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

إن االختالفات الناشئة من المنشــأ الثــالث ليســت اختالفــات أخالقية، وال هي من االختالف العلمي أو الفلســفي والكالمي. وإن هــذه االختالفــات أوال وبالــذات ال تنــدرج في دائــرة الحقــائق ذات الصلة، وال في دائرة الحكم األخالقي المترتب على تلك الحقــائق. وبعبــارة أخــرى: إن هــذه االختالفــات تنشــأ من األهــواء والميــولــكل اختالف ــتي تتجلى على ش ــية ال ــات النفس ــات والنزع والرغب أخالقي. وفي هــذه الفرضــية ال يكــون موقــف أحــد الطــرفين أو كليهمــا موقفــا أخالقيــا بـالمعنى الخــاص للكلمــة، بمعــنى أنهمــا ال ينشــآن من الناحيــة األخالقيــة. وإن هــذا النــوع من االختالف غــير

قابل للحل من خالل الرجوع إلى النصوص الدينية أيضا. ــة ــانت قابل ــإن هــذه االختالفــات، ســواء ك وعلى أي حــال فــوحي ــ ــوع إلى ال ــ ــا من خالل الرج ــ ــم أم ال، ال يمكن حله ــ للحس والنصــوص الدينيــة. ولــذلك نجــد الــذين يحصــلون على قيمهمــذا األخالقية من النصوص الدينية يختلفون في الحد األدنى حول ه

. وعلى(669)المقدار من المسائل والموضوعات واألحكام األخالقية أي حال يمكن العثور بسهولة على مثل هذه االختالفات في دائرة

الفقه أيضا. : يمكن لنا أن نناقش في هذا االدعاء أيضــا، والقــولسادسا

بــأن المــرء؛ نتيجــة لعــدم إحاطتــه الكاملــة بالمصــالح والمفاســد والنتائج اإليجابية والسلبية المترتبة على أعماله، يعجــز عن إدراك

الحكم األخالقي لتلك األعمال.ويمكن شرح بعض أهم تلك المناقشات على النحو التالي:

ـــ إن الحكم األخالقي لألعمـــال ليس تابعـــا لنتائجهــا على1 الدوام، وبشكل تام. وبطبيعة الحال فـإن لفالسـفة األخالق بشــأنب عليهــا الحكم الســؤال عن العوامــل والخصــائص الــتي يــترت

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد319هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ـــــــة. ولكن ـــــــات متفاوـت : إنأوالاألخالقي لألعمــــــــال إجاـبــتنتاجية» ــات واآلراء؛(670)«االس ــك اإلجاب ــا هي واحــدة من تل إنم

ــتنتاجية»، التي هي نوع خاص من (671)«األنوية»: إن وثانيا ،«االس ال تحظى بشعبية كبيرة بالمقارنة إلى سائر أنواع االستنتاجية. وإن الكثــير من فالســفة األخالق ال ينظــرون إليهــا بوصــفها نظريــةــة أخالقية، وإن كانت األنوية بوصفها تفسيرا خاصا للعقالنية العمليع بمقبولية أكبر إلى حد ما. وعلى أي حــال فــإن النتــائج الــتي تتمتــل على يشتمل عليها الفعل بالنسبة إلى شخص الفاعل إنما تحص أهميتهــا من زاويــة األخالق الفرديــة واألخرويــة، وليس من زاويــة األخالق االجتماعيـة والدنيويـة، بمعــنى أن أهميـة هـذه النتـائج من ناحية األخالق االجتماعية تكــون في الحــد األقصــى بمقــدار أهميــة

. (672)نتائج الفعل بالنسبة إلى اآلخرين في هذه الحياة الدنيوية ـ لنفترض أن الحكم األخالقي لعمل مــا تــابع بشــكل كامــل2

للنتائج التي يشتمل عليها ذلك العمل لشخص الفاعــل. ففي هــذه الحالة يمكن االدعاء بــأن اإلدراك اإلجمــالي والظني للفــرد لنتــائج عمل ما كــاف لمعرفــة الحكم األخالقي لــذلك العمــل، وإن إدراك هــذا الحكم ال يتوقــف على الــوعي والمعرفــة التفصــيلية اليقينيــة لتلك النتائج، بمعنى أن بعض نتائج العمل من األهمية بحيث يكونــك ــا التغلب على تل ــتي يمكنه ــائج المضــادة ال احتمــال وجــود النت

النتائج، وتبدل الحكم األخالقي للعمل، ضئيال جدا. باإلضافة إلى ذلــك فـإن الحكم األخالقي ينقســم إلى: الحكم

ــادئ النظر»األولي ــ ــائي. من الممكن أن ال«في ب ــ ؛ والحكم النه يدرك الفرد الحكم النهائي للعمل؛ نتيجة لعــدم إدراكــه التفصــيلي لنتائج ذلك العمل، إال أن عدم اإلدراك التفصــيلي لنتــائج العمــل ال تحول دون اإلدراك البدوي لذلك العمــل التــابع للنتــائج المعلومــة،

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد320هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

والتي يمكن توقعها. وإن مسؤولية اإلنسان األخالقية تقتضي منه ـل إلى الحكم النهــائي ـــ، أن يعمــل على طبــق عنــد عــدم التوصــ

الحكم البدوي الذي يتوصل إليه في بادئ الرأي والنظر. ــع من3 ــا تمن ـ إن عدم المعرفة التفصيلية بنتائج األعمال إنم بالحكم األخالقي لتلك األعمال. ولكن«اليقين» و«القطع»حصول

كمـــا تقـــدم أن قلنـــا: إن القطـــع واليقين المســـتدل إنمـــا يمكن الحصول عليه في مجال المنطق والرياضيات فقــط. وعليــه فــإن اإلصرار على المطالبة بتحصيل مثل هذا القطع واليقين في سائر المجاالت المعرفية يعتبر مخالفا للعقالنية؛ ألن الحصول على مثلــان ــارج عن قـــدرة اإلنسـ ــتوى من العلم واإلدراك خـ هـــذا المسـ وطاقته؛ فإن هذه الدرجة من العلم ال يمكن الحصــول عليهــا حتىــا من خالل الرجوع إلى الوحي والنصوص الدينية أيضا، ولذلك فإنن ال نمتلك حتى الظن بالكثرة الكاثرة من األحكام الشــرعية، فضــال

عن القطع واليقين. ـ إن األغلبية الغالبـة من الفتـاوى الفقهيـة إنمــا تســتند إلى4

ــل«األحكام الظاهرية» ، وكما ثبت في علم أصول الفقه فإن العمد معــذر ويرفـع العقـاب األخـروي، بالحكم الظاهري إنما هـو مجــرــالح ــائج والمص ــل من النت ــعية للعم ــار الوض ر في اآلث دون أن يغيبــة على ذلــك العمــل. وعليــه والمفاسد الدنيوية واألخرويــة المترت فإن كمال عقل الشارع وإحاطته العلمية بالنتائج الغيبية واألخروية للعمل ال ربط له من الناحية المنطقية بما نحن فيه، ولن يحــل أي مشكلة؛ ألننــا في نهايــة المطــاف نضــطر إلى العمــل بظننــا، وإن الظن النقلي بــالحكم الشــرعي ال يحــل مشــكلتنا؛ ألننــا من خاللــاء، العمل بهذا الظن ال نستطيع إحراز المصالح الغيبية مورد االدعــاء. ولكن حيث إن تحصــيل ــورد االدع ــة م ب المفاســد الغيبي وتجن

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد321هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ــة ــون المطالب ــتحيل تك ــاحة مس ــذه المس ــع واليقين في ه القط بتحصــيله مخالفــة للعقالنيــة. وعلى هــذا األســاس فإننــا في هــذه المساحة مكلفون من الناحية العقالنية بالعمل على طبق ظنوننــا. وأما إذا كان القرار على القــول بــأن الظن بــالحكم الشــرعي هــو المعتبر فإننا نقول: إن العقــل العــرفي وعــرف العقالء ال يــرى أي فرق بين هــذا الظن وبين الظن العقلي بنتــائج العمــل، الــذي هــو بحسب فرض المستدل مبنى لتشريع الحكم الشرعي. وعليه فإنع باالعتبار المعرفي الكــافي أيضــا. الظن العقلي بنتائج العمل يتمتــالحكم الشــرعي ــد التعــارض بين هــذا الظن والظن النقلي ب وعن

يجب تقديم الظن األقوى. وبعبــارة أخــرى: إن العمــل بمقتضــى الظن النقلي باألحكــامره ســوى أنــه الشرعية ـ طبقا لالستدالل المتقدم ـ ليس له ما يبر

ب المفاســد.«االحتمال»على مستوى ز إحــراز المصــالح وتجن يعزــارق بين الظن ــاك فــرق ف ــذا األســاس ال يكــون هن ولكن على ه النقلي باألحكام الشرعية وبين الظن العقلي بالمصالح والمفاســد أبــدا. وإن دعــوى أن الظن النقلي ال يســقط عن االعتبــار إال عنــد التعــارض مــع الــدليل العقلي القطعي مجـرد ادعـاء ال يســتند إلى دليل؛ فإن الظن العقلي بالمصالح والمفاسد إذا تعارض مع الظن النقلي بالحكم الشــرعي المعـارض لتلـك المصــالح والمفاسـد لن يسقط عن االعتبار، وإنما نجد عرف العقالء يعملون عنــد حصــول التعارض على طبق الظن األقوى، سواء أكان ذلــك الظن األقــوى عقليا أم نقليا، وسواء أكان متعلق الظن حكما شرعيا أم المصالح

. (673)والمفاسد المترتبة على الفعل وعليه فإن األحكام األخالقية الظنيــة الــتي يتم اكتشــافها منــف ــبرة، وال يتوق ــون معت ــة تك ــدان والتجرب ــل والوج ــق العق طري

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد322هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

اعتبارها على حصــول القطــع واليقين. وإن مجــرد احتمــال وجــودــع من ــل ال يمن ر الحكم األخالقي للعم ــتي يمكن أن تغي ــائج ال النت اعتبـار وحجيـة المتبنيـات األخالقيـة الظنيـة العقليـة. وإن االعتبـارــار والحجيــة المعرفيــة لهــذه المعتقــدات ليســت بأقــل من االعتب

والحجية المعرفية للمعتقدات الفقهية المستندة إلى النقل أبدا. وخالصة القول: إن طريق الحل التقليدي لرفع التعارض بينــل؛ فــإن العقــل والــوحي من الناحيــة العقالنيــة ال يســتند إلى دلي

إن ظــاهر النصــوص الدينيــة»طريق الحل هذا ـ كما رأينا ـ يقول: ــه بشــكل قطعي ويقيــني .«حجــة إال إذا حكم العقــل على خالف

ويدعي أنصار هذه الرؤية أنهم يستندون في ذلك إلى حكم العقل والسيرة العقالئية. ولكن عرف العقالء من وجهــة نظــري ال يحكم بهذا األمر في باب حجية الظواهر. وإنما بمقتضى العقالنية، الــتي يمكن اكتشافها من طريــق االتفــاق النســبي بين العقالء، هــو أنــه عند التعارض بين دليلين أو شــاهدين وقرينــتين يجب العمــل علىــدليل ــان ال ــوى، ســواء أك ــة األق ــدليل والشــاهد والقرين ــق ال طب والشاهد والقرينة األقوى قطعيــا أو ظنيــا، وســواء أكــان عقليــا أم نقليا. فمن الناحية العقلية وعــرف العقالء ليس هنــاك ظن يكــون

حجة ومعتبرا في مقابل ظن أقوى منه. وعلى هذا األساس فإن العقالنية تحكم بأن نعمــل في مقــام تشخيص الحقــوق والوظــائف األخالقيــة والشــرعية على الظنــون التي يرى العقــل العــرفي وعــرف العقالء أنهــا معتــبرة. وإن هــذه الظنون ال تنحصر بالظن المستند إلى خــبر الواحــد وظــاهر الكالمــا يشــمل حتى الظن المســتند إلى الشــهود العقالني ــط، وإنم فقي )التجـــربي( أيضـــا. وإن مســـاحة األخالق والفقـــه هي والحســـ

مساحة جمع الظنون وتفريقها.

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد323هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

إن أنصــار الرؤيــة التقليديــة يعتقــدون بإبطــال المتبنيــاتــارض بين ــد التع ــه عن ــنى أن ــة، بمع ــة الفقهي ــة من الناحي األخالقي المتبنيــات الفقهيــة والمتبنيــات األخالقيــة يجب تقــديم األول على ــا الدوام، وإسقاط الثاني عن االعتبار، إال إذا كان هذا الثاني قطعي ويقينيا. أمــا العقالنيــة فتقــول: عنــد حصــول التعــارض بين العقــل والنقل يجب أن نرى أيهما يتمتع بقيمــة واعتبــار ودعامــة معرفيــةــار هــو أقوى؟ وإن الطريق الوحيد لتحديد درجة ومقدار هذا االعتب المقارنــة بين المتبنيــات المتعارضــة واألدلــة القائمــة لصــالحها أو

ضررها. يقـــوم االفـــتراض المعـــرفي للرؤيـــة التقليديـــة على أن االستنباطات الفقهية ذات قيمة ومعتــبرة مــا لم يكن هنــاك قطــع بخالفها، بمعنى أنه عند حصــول التعــارض بين الفهم الفقهي وبين القيم والقواعد األخالقية إنما يفقد الفهم الفقهي اعتبـاره إذا كــان

، وفي(674)لدينا قطع ويقين بالقيم أو الواجبات األخالقية المعارضة غير هذه الصــورة فـإن الفهم الفقهي ســيبقى محافظــا على قـوةــة أو الوجــوب أو الحظــر ــانت القيم ــه، حتى إذا ك ــاره وحجيت اعتبع بدعامــة ظنيــة أقــوى. وحيث إن القطــع األخالقي المعــارض يتمت واليقين ـ وخاصة في مجال األخالق ـــ أمــر نــادر الوجــود والتحقق فإن أدنى شك أو شبهة في أمر يحول دون القطع واليقين، وعليه عند وقوع التعــارض بين العقــل والنقــل أو األخالق والفقــه يكــون

التقدم من الناحية العملية للنقل والفقه. إال أن هــذه النتيجــة غــير مقبولــة من ناحيــة العقــل العــرفي

وعرف العقالء؛ وذلك ألن العقالنية تقتضي: ــةأوال ــرفي ومنهج المعرف ــا للمصــدر المع م توقعاتن : أن نقي

بحد متوسـط النتـائج القابلـة للتحقـق من ذلـك المصـدر والمنهج؛

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد324هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

فإن كــان أكــثر المتبنيــات العقليــة والوجدانيــة في مجــال األخالقــالقطع واليقين ــة ب ظنية سيكون اشتراط اعتبار المتبنيات األخالقي مخالفا للعقالنية، على غرار نقض القائــل للعقالنيــة عنــدما يقــول: إن المتبنيات الفقهية المستندة إلى القرآن واألحاديث إنمــا تكــون

معتبرة إذا كانت قطعية ويقينية. : لو أن النقل والعقل أديا إلى نتائج مختلفة ومتعارضةوثانيا

ع بدعامــة معرفيــة أقــوى. وال وجب تقديم تلــك النتيجــة الــتي تتمت ــا فرق عند العقل العرفي وعرف العقالء بين أن يكون الظن عقلي أو نقليا، أو أن يكــون مســتندا إلى الشــهود والتجربــة أو إلى خــبر الواحد أو ظاهر الكالم. فالمهم عنده هو درجة الظن واالطمئنــان، ــا وأن يكــون ذلــك الظن واالطمئنــان منطقيــا ومعرفيــا، وليس ظن نفســيا ومزاجيــا. وإن الظن واالطمئنــان المنطقي والمعـرفي هـو الظن واالطمئنان الذي يتناسب مع الشواهد والقــرائن الموجــودة

، والــتي تحصــل للنــاظر الحيــادي، الــذي(675)والمتوفرة بين أيــديناــة، وأن ال يكــون خارجــا عن ــة طبيعي ع بقــوى وحــواس إدراكي يتمتــة حدود االعتدال والحالة الطبيعية؛ بسبب تأثير األســاليب التعليمي والتربوية الخاطئة )كأن ال يكون مصابا بغسيل الــدماغ األصــولي(. وإن هذا الظن واالطمئنان حالــة ذهنيــة عامــة، وليســت فرديــة أوــتي يســتند خاصة، بحيث لو تم عرض الشواهد والقرائن واألدلة ال إليهــا الظن واالطمئنــان على ســائر العقالء ألنتجت بشــكل وآخــر

نفس درجة الظن واليقين في أذهانهم. إن درجة ظننا واطمئناننا بالمتبنيات األخالقيــة نوعــا مــا أكــثر من درجة الظن واالطمئنان الحاصل من طريـق الظـواهر النقليـة )القرآن والسنة(، ولذلك عند حصول التعارض بين العقل والنقــل، أو األخالق والفقه، يجب أن يتم حل هذا التعارض نوعا مــا لصــالح

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد325هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

العقــل واألخالق. وفي الــوقت نفســه ال ينبغي جعــل درجــة الظن واالعتبار مالكا للحكم قبل إجــراء المقارنــة؛ ألن المعيــار الصــحيح للحكم والــــترجيح في هــــذا المــــورد يكمن في درجــــة الظنــا واالطمئنان الذي سنحصل عليه بعد إجراء المقارنة، ويخــرج منه سالما. ففرق بين أن ننظر إلى طرفي التعارض بشــكل مســتقل،ــار، وبين أن ــر االعتب ــر بنظ ــذ اآلخ ــدهما دون أخ ــر إلى أح والنظ نأخذهما معا بنظر االعتبار، ومن خالل سائر األمور المحيطة بهما،بة عليهمــا. فــإن ذات والتي يكون لها دور في تحديد النتيجة المترت المقارنة قد تقوي أو تضعف ظننا واطمئناننا بأحــد الطــرفين. وإن قوة وضــعف المتنافســين إنمــا يتضــح من خالل أدائهمــا في حلبــةد حدس الصراع، وأما تقييم النتائج قبل احتدام المنافسة فهو مجر وتخمين. وإن حكم اإلسالم أو إلــه اإلســالم ســيكون لصــالح الــذي

يفرزه هذا التنافس، ويخرج منه منتصرا. إن النتيجة التي نحصل عليها من هذا البحث هي أنه ال يمكن

ــل ــور على دلي ــارض بين«مســبق»العث ــوع التع ــد وق ــول: )عن يق األحكام الفقهية المستندة إلى النقل واألحكام األخالقية المستندة إلى العقل والوجدان يجب أن تكون األحكام الفقهية هي المقدمة دائمـا، وبشــكل مسـبق، إال إذا كـان الحكم األخالقي مـورد البحث

قطعيا ويقينيا(. في باب منهج المواءمة أو المناغمــة بين المتبنيــات الفقهيــةــان، ــان مختلفت ــاك في الحــد األدنى رؤيت ــة هن ــات األخالقي والمتبني

وهما: ــديين1 ــوليين والتقليـ ــة األولى تنتمي إلى األصـ ــ إن الرؤيـ ــ

)وحتى بعض اإلصالحيين في الدولة(. وطبقــا لهــذه الرؤيــة تكــونــ على ــة ـ ــل هي المقدم ــتندة إلى النق ــة المس ــات الفقهي المتبني

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد326هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ــ على ــارض ـ ــول التع ــوارد حص ــثر م ــتوى العملي، وفي أك المســة المتبنيات األخالقية المستندة إلى العقل؛ وذلك ألن األدلة العقلي والتجريبية المتوفرة لصــالح المتبنيــات األخالقيــة في أكــثر مــواردــع ن بواسطتها من رف التعارض ليست قطعية، وال يقينية؛ كي نتمك اليد عن حجيــة الظهــور وحجيــة خــبر الواحــد. يمكن تســمية هــذه

في مجــال المعرفــة«الرؤيــة النقليــة األصــولية التقليدية»الرؤية: الدينية.

ــا حتى اآلن منشــغلين بنقــدها، إن هــذه هي الرؤيــة، الــتي كن ونضيف هنا: إن علم الله الغيــبي وكمــال عقلــه وحكمتــه ال تــؤدي إلى حدوث فرق في هذا المجال، بمعنى أننــا من هــذا الطريــق ال نستطيع أن نوجـد فرقـا معرفيـا بين الظن العقلي والظن النقلي،ــا ــة. نعم، يجب علين وأن نمنع من العمل على طبق الظنون العقلي دائما أن نرجع إلى الله، وأن نتعــرف إلى حكمــه، وأن نعمــل على طبق ذلك الحكم. ولكن المشكلة الــتي نواجههــا هنــا هي مشــكلة معرفية، وليســت مشــكلة في مجــال االلــتزام الــديني واألخالقي.ــه ك بعلم الل ــا من خالل التمســ ه ــذه المشــكلة ال يمكن حل وإن ه الغيبي، وتــرجيح النقــل على العقــل؛ ألن العقــل والنقــل طريقــانــد الوظيفــة العمليــة. وإن مختلفــان للكشــف عن الحقيقــة وتحدي القيمة واالعتبار المنطقي والمعرفي لهذين الطريقين رهن بدرجةــا دون الظن الحاصل منهما. وليس باستطاعة اللــه أن يمضــي ظن أن يمضي الظن اآلخر األقوى منه؛ ألن مثل هذا األمر يعني ترجيح المرجــوح على الــراجح، وإن القبح األخالقي لهــذا األمــر أكــثر منــا وال عه أن يمضــي ظن قبح الترجيح بال مرجح. كمــا أن اللــه ال يســ يمضي ظنا آخر مساو له في الدرجة؛ لما في ذلك من الترجيح بال

مرجح.

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد327هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

إن القيم والمعايير األخالقيــة تنــتزع من الشــاهد المثــالي، أو من خالل الرجوع إليه. ومن الزاويــة الدينيــة يعتــبر اللــه هــو ذلــك الشــاهد المثــالي. وعليــه فــإن بحثنــا يــدور حــول أســلوب ومنهج معرفة وإدراك حكم الله. ولكن إذا كــان البنــاء على معرفــة حكم الله من طريق األدلة الظنية فــأي فــرق بين الظن العقلي والظن

النقلي؟ ــو يعلم أن»ال يمكن االدعاء ــذلك فه أن الله عالم بالغيب، ول

الظنون المستندة إلى النقل توصلنا إلى الواقع أكــثر من الظنــونــه قــد أمضــى الســيرة ــا فــإن الل المســتندة إلى العقــل، ومن هنــل، ولم يمض ــالظنون المســتندة إلى النق ــة في العمــل ب العقالئيــل نهى سيرتهم القائمة على العمل بالظن المستند إلى العقــل، ب

. إن مثـل هــذا االدعـاء«المؤمنين عن العمل على طبق هذا الظن يستلزم التناقض ومخالفة الوجدان؛ ألن االلتزام بمثل هذا االدعــاء

الظنــون العقليــة أضــعف دائمــا من»يعــني االلــتزام بفرضــية أن ، في حين أن األمر ليس كذلك بالوجدان. هــذا إذا«الظنون النقلية

تجاوزنا القول بأنــه ال يمكن لنــا أن نكــون انتقــائيين في مــا يتعلق بالسيرة العقالئية؛ فإن مالك وفلسفة العمــل بــالظن عنــد العقالء

أمر عام، وال يختص بالظنون النقلية فقط. ومضافا إلى ذلك فإن هذا األمر يستلزم نسبة اللغو إلى الله الحكيم؛ ألن هذا الكالم يعــني أن اللـه من جهــة قـد خلــق العقــل، وأصدر من جهة أخرى الحكم بتعطيله وإلغائــه. ومضــافا إلى ذلــكــة ــالظن العقلي هي ظني فإن األدلة النقلية التي تنهى عن العمل ب في حــد ذاتهــا، فكيــف يمكن الحكم من خالل الــدليل الظني على

عدم اعتبار الظن العقلي األقوى منه؟! إن األصــل»ال يوجد أي دليــل مقنــع لصــالح االدعــاء القائــل:

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد328هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

إن حجيــة واعتبــار»، و«يقــوم على عــدم حجيــة واعتبــار الظنــونــا إذا لم نتمكن من«الظنون رهن بإمضائها من قبل الشــارع ، فإنن

ــون ف ــة مكل ــرق الموثوق ــل من الط ــع الحاص ــول إلى القط الوص بالعمل على طبق الظنون الحاصلة من الطــرق المعتمــدة. وكمــا قلنــا فــإن نهي الشــارع عن العمــل بــالظنون العقليــة األقــوى من الظنون النقلية تــرجيح للمرجــوح على الــراجح، كمــا أن نهيــه عن العمل بالظنون العقلية المساوية والمتكافئة مــع الظنــون النقليــة

. (676)ترجيح بال مرجح لــو كــان بــاب العلم اليقيــني باألحكــام األخالقيــة والشــرعية مغلقــا )ومنغلقــا(، ولــو أن الشــارع لم يــأت بطريــق جديــد إلبالغــد أمضــى أحكامه، وال يمكنه أن يأتي بمثل هذا الطريق، ولو أنه قــة سيرة العقالء في العمل بالظنون، وجب علينا أن ننظر في كيفيــا ــة نظرن عمل العقالء في مقام العمل بمختلف الظنون. من وجهــرف العقالء في مقــام العمــل بــالظنون ال ــرفي وع إن العقــل العق بين الظنــون العقليــة والظنــون النقليــة، وفي ظــل ظــروف يفرة يعمــل على طبــق كال هــذين النــوعين من الظنــون، وعنــد خاصــ التعارض يعمل على طبق الظن األقــوى، وليس على طبــق الظن النقلي إلى حين حصول القطع بالخالف. تقوم ســيرة العقالء على العمل بالظن إذا كان واصــال إلينــا من طريــق معتمــد، إال إذا كــان هناك ظن أقوى بالخالف. يرى العقالء أن تقــديم الظنــون النقليــة على الظنون العقلية األقــوى منهــا، وكــذلك التفريــق بين الظنــون النقلية والظنون العقلية في مقــام العمـل، قـبيح، وال يمكن نســبة

. (677)مثل هذا األمر القبيح والشنيع إلى الله الحكيم ـ أما الرؤيــة الثانيــة المطروحــة لحــل التعــارض بين الفقــه2

ل الرؤيــة الــتي نــؤمن بهــا. واألخالق، أو العقــل والنقــل، فهي تمث

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد329هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

تقــول هــذه الرؤيــة: عنــد حصــول التعــارض بين األحكــام الفقهيــةع النقلية واألحكام األخالقية العقليــة يجب تقــديم الحكم الــذي يتمتــون ــة أقــوى. وال فــرق في هــذا الشــأن بين الظن بدعامــة معرفي المستندة إلى األدلة النقلية والظنون المستندة إلى األدلة العقلية )والحسية(. ومن وجهة نظر العقل العرفي وعــرف العقالء يتقــدم الظن العقلي بعــدم الحكم الشــرعي على الظن النقلي األضــعف

. (678)بوجود ذلك الحكم الشرعي وفي معرض حل التعارض القائم بين حكمين أو قضــيتين )أو طائفتين من األحكــام والقضــايا( ال يمكن أن نحــدد مســبقا ضــمن قاعدة كلية وعامة أي الطرفين هو المقدم. إنمــا القاعــدة العامــة

عنــد»الوحيــدة الموجــودة في هــذا الشــأن هي القاعــدة القائلــة: حصول التعارض بين حكمين أو قضيتين كان حق التقدم للحكم أو

ع باعتبار معرفي أقوى . وإن هذه القاعــدة غــير«القضية التي تتمت ناظرة إلى مجرد التعارض بين األحكام والقضايا الفقهية واألحكام والقضايا األخالقية فقط، وإنما تجري حتى في مورد التعـارض بين ســائر األحكــام والقضــايا والمتبنيــات أيضــا. إن االعتبــار المعــرفي للقضايا رهن بالمعايير والعوامل المتعددة، والتي ربما كان الجامع

. فكــل قضــية تكــون أقــرب إلى«األقربيــة إلى الواقع»بينهــا هــو الواقع، وكان احتمال صدقها أكبر، كانت هي األوجه. وأمــا مــا هــو معيار األقربية إلى الواقع؟ فهــذا بحث مســتقل. يمكن أخــذ الظن األقــوى واألكــبر هنــا بوصــفه قاعــدة عامــة، ولكن ليس على نحــو

مطلق، وإنما من خالل إحراز الشروط التالية: ـ أن يحصل الظن بعد المقارنة والمقاربة. 1 ـ أن يكون الظن بنحو مــا عامــا، وليس شخصــيا أو خاصــا،2

بمعنى أن يكون بمتناول عموم الناس الطبيعــيين الــذين يعيشــون

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد330هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ضمن مناخ واحد. ـ أن يتم حصوله من الطرق المتعارفة. 3ــنى أن4 وليس معلال، بمع ــتدال ــذا الظن مس ــون ه ــ أن يك ـ

يستند إلى الدليل )العلة المعرفية(، وليس مستندا إلى العلة )غيرالمعرفية(.

ـ أن يكون الظن متناسبا مع قوة الدليل. 5وجميع هذه الشروط من مقتضيات العقالنية.وأما النتائج التي توصلنا لها حتى اآلن فهي:

ـ إن نقصان عقل اإلنسان وكمال العقــل اإللهي ال يســتلزم1 ترجيح الظنون النقلية على الظنون العقلية، بمعنى أن هذا النقص وذلك الكمال يعتــبر من الناحيــة المعرفيــة من العوامــل غـير ذات الصلة، وال مدخلية لها في حجية الظنون وعــدم حجيتهــا، وال يجب

أن يكون لها مثل هذه المدخلية. ــق2 ــه من طري ــري ال يتم تدارك ــل البش ــان العق ــ إن نقص ـ

الرجوع إلى الوحي، وتقديم النقل على العقل. وعليــه، فــإن المقدمــة األولى والثانيــة من االســتدالل الــذي

ــاه في الفقــرة رقم ) ( لصــالح إحالل الفقــه محــل األخالق1ذكرن صادقتان، ولكنها غير ذات صلة بموضــوع بحثنـا. فنحن نــؤمن بـأن عقل البشر ناقص، وأن عقــل اللــه كامــل. وكمــا تقــدم فــإن هــذار دعوى تقدم النقل على العقــل، وال يثبت النقصان والكمال ال يبر عدم حجية الظنــون العقليــة، ومــا يســتتبع ذلــك من دعــوى إحالل

الفقه محل األخالق. ومن المستحسن هنا أن نتحدث قليال حــول المقدمــة الثالثــة

إن األحكــام الشــرعية»من هــذا الــدليل. تقــول المقدمــة الثالثــة: وضــعت لتــدارك نقصــان العقــل البشــري في مــا يتعلــق بتحديــد

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد331هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

. ويبدو لنا أن هذا االدعــاء يمكن مناقشــته من«الحقوق والتكاليفعدة جهات:

ــأوال : إن نقصــان العقــل البشــري ال يتم تداركــه بهــذهفالطريقة.

%(99: إن الكثير من األحكــام الشــرعية )ربمــا تبلــغ وثانيا عبارة عن إمضاء الشارع للعــرف الســائد في صــدر اإلســالم ومــا قبل اإلسالم. وفي الحقيقة فإن هذه األحكام الشرعية قــد انبثقت عن العقول الناقصة ألولئك الذين كانوا يعيشون في صدر اإلسالم أو قبل ظهور اإلسالم، ال عن عقل الله أو عقل النبي. وعليه، فإن تقديم هــذه األحكــام على القــوانين الســائدة في العصــر الحــديثل في القــول بــأن عقــول يتضمن دعوى غريبة وغير معقولــة، تتمث

األعراب البدويين أكمل من عقل اإلنسان المعاصر. وعلى أي حال فــإن هــذه اإلشــارة تثبت بوضــوح أن فلســفة تشريع األحكام الشرعية لم تكن تهدف إلى تدارك نقصان العقــلــتطيع البشري عن هذا الطريق. نحن نرى أن الوحي والنقل ال يس أن يمأل الفراغ الذي يخلفه العقــل في حيــاة البشــر، وإن فلســفة إرسال الرســل وبعث األنبيــاء تكمن في إثــارة العقــول وتحريكهــا وتنشــيطها، ال في كبحهــا وإلغائهــا وتعطيلهــا. كمــا أن الحكمــة والفلسفة من تشريع األحكام الشرعية تشــمل الكثــير من األمــور المتنوعة، وإنما يمكن في مورد بعض هــذه األحكــام الشــرعية أنــتي ندعي بأن هذه األحكام تنبثق عن المصالح والمفاسد الغيبية ال ال طريق للعقل البشري الناقص والمتعــارف إلى اكتشــافها. وفي الوقت نفسه يمكن لنا أن ندعي أيضا أن أكثر األحكام الشــرعية ـ وخاصة األحكام الشرعية غير العبادية ـ ليست كذلك، وإنمــا تنشــأــد تم من معايير ومالكات أخرى. إن دعوى أن األحكام الشرعية ق

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد332هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

تشريعها من أجل تدارك نقصان العقــل البشــري إنمــا تصــدق فيــول الموارد التي ال يكون للعقل البشري حكم بشأنها، وال يمكن ق الشيء نفسه بالنسبة إلى الموارد التي يكون للعقل بشــأنها حكم مغاير لحكم الشرع؛ ألن فهمنا للحكم الشرعي في هــذه المــوارد سينطوي على مناهضة للعقــل. وإن تقــديم هــذا الحكم الشــرعي على حكم العقل ال يعني سوى إلغاء العقل وترجيح المرجوح على الراجح. وإذا كانت ظنية حكم العقل دليال على نقصانه فإن الكثرة الكاثرة من األحكام الشرعية ظنية أيضا، وإن ظننا بهــذه األحكــام

أضعف بكثير من ظننا باألحكام العقلية المعارضة لها.

ـ االستدالل الثاني لصــالح إحالل علم الفقـه محـل علم3األخالق

يمكن تنسيق هذا االستدالل على النحو التالي: ـ هناك جـزء كبـير من النصــوص الدينيـة )األعم من اآليـات1

والروايات( تبين األحكام العملية. ـ لو كــان للنــاس من طريــق غــير الــوحي والنقــل لمعرفــة2

الحقوق والتكاليف األخالقية لكــان إرســال الرســل وإنــزال الكتبلغوا وعبثا، ولفقد الوحي جدارته في هداية الناس في حياتهم.

. «علم األخالق» بديال عن «علم الفقه»ـ وعليه يكون 3ــدينين ــواجس المت ــذا االســتدالل يعكس هاجســا من ه إن ه بشأن العالقــة بين الــدين واألخالق. فهم يتصــورون أنهم من خاللــة في ــل والتجرب ــل العق ــكيك األخالقي وتعطي ــتناد إلى التش االســل األخالق، ــه مح ــرة األخالق، وإحالل الفق ــل في دائ ــل النق مقاب يقــدمون خدمــة للـدين وللشــريعة وللـوحي. في حين أن هـذا من األخطــاء الكبــيرة الــتي يرتكبهــا الكثــير من المؤمــنين والمتــدينين بسذاجة. إن المضمون الصريح والمكشوف لهذا االستدالل هو أننا

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد333هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

لكي نعطي للــوحي مكانــة في حيــاة اإلنســان ال مندوحــة لنــا من إلغاء العقل والتجربة البشرية أمام النقل، وأن نسلك منهج الشكــة في ــل والتجرب ــل العق في األخالق. ولكن من الواضــح أن تعطي مقابل النقل والقــول بالشــك األخالقي ال يقــل ســوءا عن تعطيــل

الوحي والقول بالتشكيك الفقهي، إذا لم نقل: إنه أسوأ منه. ومضــافا إلى ذلــك ال يتم في هــذا االســتدالل الفصــل بين

في األخالق. إذ يتم(680)«مقــــام الحكم» و(679)«مقــــام الكشف» الخلط هنا بين حاجــة اإلنســان إلى الــدين في مقــام كشــف بعض القيم األخالقية وبين حاجته إلى الدين في مقــام الحكم األخالقي.

ق بين »في حين يجب علينا أن نفر ــا «الدين بوصفه كاشــفا أخالقيعا لألخالق»وبين . لنفــترض«الدين بوصفه حكما أو واضعا ومشــر

أننا ال نستطيع كشف بعض القيم األخالقيــة إال من طريــق الــوحي وتعاليم األنبياء، إال أن اكتشاف القيم األخالقية من طريــق الــوحي ال يســـتلزم مرجعيـــة وحكم الـــدين في مجـــال األخالق؛ إذ يمكنــل ــرة األخالق وحكم العقـ ــوحي في دائـ ــفية الـ ــع بين كاشـ الجمـ والوجدان في هذه الدائرة؛ فـإن النــاس إنمـا تعرفـوا على قـانون الجاذبيـــة والنظريـــة النســـبية للمـــرة األولى من خالل نيـــوتن وأنشتاين، إال أن معرفتهم بصدق هذه النظريات ال تعود إلى واليةــة والشــواهد ــوم على األدل ــا تق ــالمين، وإنم ــذين الع ــة ه ومرجعي

المتوفرة لصالح هاتين النظريتين. ــة دورا في ــماوية والديني ــاليم الس ــوحي والتع ولكي يلعب ال هداية سلوك البشر ليس من الضروري أن يحكم الدين في دائرةــذه ــف في ه ــرد كاش ــدين مج ــون ال ــا يكفي أن يك األخالق. وإنم الدائرة؛ ليخرجــه عن العبث واللغويــة. ولربمــا أمكن االدعــاء بأنــه من الناحية التاريخيــة تنبثــق معرفــة النــاس األخالقيــة عن الــوحي

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد334هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

وتعاليم األنبياء، إال أن تعلم المتــدينين ـــ وبتبعهم غــير المتــدينين ـ للقيم األخالقية من األنبياء أو النصوص الدينية أمر، وصدق وكــذبدية وتابعة لواليــة ومرجعيــة الــدين، أو صحة واعتبار هذه القيم تعب وكونه دائرا مدار اإلرادة التشريعية أو األمــر والنهي المولــوي للــه

الشارع وبيان ذلك من طريق الوحي، أمر آخر. يمكن اعتبار دور األنبياء في األخالق )ولربما في الدين أيضا(

فا في دائرة . كما يمكن تصنيف التعاليم الدينية في«التذكير»مصن هذا الباب في إطار التعاليم اإلرشــادية. وفي هــذه الفرضــية إنمــا يكون للناس الحق في اتبـاع هـذه التعــاليم إذا كـانت تنســجم مــع العقل والتجربة والوجدان وفهمهم العقلي والتجريبي والوجــداني،

نين يعملون على إحالل الشــريعة «في مقــام الحكم»إال أن المتديــام األخالق، وليس ــام الكشف»مقـ ــو«في مقـ ــا لـ ، في حين أننـ

القيم األخالقية يكــون من خالل«كشف»افترضنا أن الطريق إلى الوحي فقط فإن هذا األمر لن يدل بأي وجه من الوجــوه على أن تبرير هذه القيم إنما يكون عبر الوحي والنقــل أيضــا، وعليــه فإنــه

لن يدل باألولوية على: ـ أن الفقه بديل عن األخالق. 1 ـ أن المؤمنين من خالل تطبيق األحكام الفقهيــة يســتغنون2

عن األخالق. ك في أن الـــدين يســـاعدنا في اكتشـــاف بعض القيم ال شـــــأمالت ــ ه للت ــة تلعب دور المنب ــ ــوص الديني ــ ــة، وأن النص ــ األخالقيــة، إال أن الحكم بشــأن صــحة وخطــأ أو صــدق والبصــائر األخالقي وكذب القضــايا األخالقيــة وحــدودها وثغورهــا هــو على الــدوام من

. (681)شؤون العقل والتجربة والوجدان البشري في«الله»مضافا إلى ذلك فإن المهم هو الدور الــذي يلعبــه

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد335هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

في«الــوحي»حياة اإلنســان وســلوكه، وليس الــدور الــذي يلعبــه حياته. وإن العقل والوحي طريقان مختلفان الضطالع اللـه بـدوره في حيــاة اإلنســان. وإن اللــه الشــارع )إلــه الفقــه( ال يحــل محــلــان على ــة اإلنس ــام هداي ــه األخالق( في مق ــالي )إل ــاهد المث الشــوحي والنقــل أن يحال محــل المســتوى األخالقي، كمــا ال يمكن لل العقــل والحكمــة في األخالق أيضــا، ولــذلك لن يكــون باســتطاعة

.(682)الفقه أن يغني اإلنسان عن الرجوع إلى العقل واألخالق أيضاــط بين ــة وبين«المعرفة»كما أن هذا االستدالل يخل األخالقي

أيضــا. ولــو فصــلنا هــاتين«التعليم والتربيــة والتزكيــة والتهــذيب»ــدين ــدعي أن ال ــا أن ن ــتين عن بعضــهما فســوف يمكن لن المقولــا، ــة اإلنســان أخالقي ــا في تعليم وتربي ــوحي يلعب دورا جوهري وال وليس في معرفة القيم األخالقية. ومــع هــذا كلــه فــإن االضــطالعنين رؤيــة بهذا الدور الهام يتوقف أيضا على أن تكون لــدى المتــدي صحيحة في بــاب النســبة القائمــة بين الفقــه واألخالق. وفي غــيرــة ــاة األخالقي هذه الصورة سوف يتحول الدين إلى عقبة أمام الحيــاء للمتدينين. وإن تفشي الرذائل األخالقية، من قبيل: الغش والري والكذب وإخالف الوعــد وخيانــة األمانــة ومــا إلى ذلــك من األمــورن، خير دليل على هذا االدعاء. التي نشاهدها في المجتمع المتدي

لقد تعرضنا في الفصل الخامس من كتابنا )الدين في ميزانــيل. وإن ــال األخالق بالتفص ــدين في مج ــدمات ال األخالق( إلى خ أنــواع الخــدمات الــتي ذكرناهــا هنــاك للــدين والــوحي في مجــالــد األخالق تثبت بوضوح أنه لكي يلعب الوحي دورا مناسبا في البع األخالقي من حياة اإلنسان ليس من الضروري أن يعمد إلى إلغــاء وتعطيل عقله، والقــول بالتشــكيك والنســبية األخالقيــة، وأن يحــل الفقه محل األخالق، واالدعــاء بــأن األخالق اإلســالمية تختلــف عن

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد336هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

األخالق الغربية، بمعنى أن الخدمات التي يقدمها الدين في مجال األخالق ال تحتوي على أي داللــة على كــون األخالق مقولــة دينيــة، وليست مقولة علمانيـة تتخطى الحــدود الدينيــة، كمــا أن علمانيــةــة ــوص الديني ــاء النص ــك ال تســتوجب إلغ ــاء والطب والفل الفيزي

المشتملة على التعاليم الفيزيائية والطبية والفلكية. ومن ناحية أخرى يمكن لنا أن ندعي أن قسم المعامالت منــا من األخالق االجتماعيـــة، ويـــراه الفقـــه، والـــذي يعكس جانبـــو ــا ه التقليديون واألصوليون بديال لألخالق االجتماعية الحديثة، إنم بشكل عام عبارة عن إمضاء لقيم األخالق االجتماعية الــتي كــانت

. وإن هــذا(683)سائدة في مجتمع صدر اإلســالم ومــا قبــل اإلســالم اإلمضــاء إنمــا يســتمر مــا دامت تلــك القيم باقيــة، دون أن تفقــدــرات التاريخيــة قيمتها. وعليه لو تحــولت تلــك القيم؛ بفعــل المتغي واالجتماعية والفكرية والثقافية واالقتصادية، إلى ضدها أو فقــدت قيمتها لن يكون هناك شيء كي يمضيه الشارع، بمعنى أن إمضاء

الشارع في مثل هذا الفرض سيكون سالبة بانتفاء الموضوع. إن هذا االدعاء ال يؤدي إلى النسبية في مجال القيم ومعــايير األخالق االجتماعيــة، وإنمــا يعــني أن القيم والمعــايير األخالقيــة تنقسم إلى: أصلية؛ وفرعية. وإن القيم األصلية مطلقــة، وتتخطى التـاريخ؛ أمـا القيم الفرعيـة فهي حصـيلة تطـبيق القيم والمعـايير األصلية على األوضاع واألحوال والظروف الخاصـة، ولــذلك تكــونـر ـ ـر بتغي ـ ــايير تتغي ــذه القيم والمع ــان. إن ه ــان والمك ــا بالزم رهن األوضاع والظروف، وتخلي مكانها للقيم والمعايير الجديدة. يمكن لله الشارع أن يمضي القيم والمعايير من النوع األول بشكل دائم وأبــدي، وأمــا القيم والمعــايير من النــوع الثــاني فإنمــا يتمكن من إمضائها بشكل مؤقت ومشروط. وعليه فإن إمضاء اللــه الشــارع

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد337هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ــة والمشــروطة إلى قيم ال يمكنه أن يحول المعايير والقيم المؤقت ومعايير دائمة ومطلقة؛ ألن هذه القيم والمعايير في خارج ظرفها

التاريخي ال تخلو؛ إما أن تكون ذات قيمة؛ أو فاقدة للقيمة. وعليه، إذا أردنا أن نعلم ما إذا كان الحكم الشرعي الذي تم إمضاؤه قد أمضي بشكل مؤقت أو دائم ال نســتطيع االســتناد إلى ظهــور الكالم وعمومــه وإطالقــه الزمــاني أو أدلــة خلــود األحكــامــرف العقالء في العــالم، وهــل الشــرعية. وإنمــا علينــا أن نــرى ع ينظرون إلى الحكم الممضى ـ بقطع النظر عن إمضائه ـ بوصــفه ــا ومــؤطرا ــاريخ أو بوصــفه حكمــا مؤقت حكمــا مطلقــا يتخطى الت بالتاريخ؟ ال يمكن لله الشارع أن يمضي الحكم المؤقت والمــؤطر بزمانــه على نحــو مطلــق وأبــدي؛ إذ ال وجــود لهــذا الحكم خــارج نطاقه التاريخي. وبعبارة أخرى: في مثل هــذا المــورد ليس هنــاك أمر خاف ومجهول ليمكن االدعاء بأن اللــه الشــارع يعلمــه بعلمــه

الغيبي، وأننا نحن البشر ال نعلمه؛ بسبب نقصان عقلنا. وعليه ففي مــورد األحكــام الممضــاة يكــون اســتمرار وبقــاء

بغض النظر عن»إمضاء الشارع تابعا الستمرار وبقاء ذلك الحكم، ــارع ــاء الش ــرعية«إمض ــام الش ــرية األحك ، وليس العكس. ولتس

اإلمضائية على المجتمعات الراهنة، التي تختلف عن مجتمع صــدر اإلسالم اختالفا جذريا، علينا أن نصرف النظر عن إمضاء الشــارع، لنرى ما إذا كــان ذلــك الحكم يبقى على قوتــه لــو لم يكن إمضــاء الشارع موجودا أم ال؟ وهل كان سيســتمر أم ال؟ وبعبــارة أخــرى: علينا أن نرى ما إذا كانت المجتمعات غــير الدينيــة الراهنــة تعمــل بذلك الحكم أم أنها قد استبدلته بحكم آخر؟ وكذلك علينا أن نــرى لو أن ذلك الحكم قد فقد دعامته الفقهية والدينية في المجتمعات

اإلسالمية هل سيواصل الناس العمل به أم ال؟

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد338هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

وبعبارة أخــرى: إن على الفقهــاء في مقــام اســتنباط الحكمــوا أنفســهم في ــائي أن يفترض ــة األولى»اإلمض ، وأن(684)«الحال

يتصوروا المجتمع في أذهانهم وكأن األحكام الفقهيــة غــير ســائدةــذوا بينهم، ليروا أنه لو ترك الناس في هذا المجتمع وشأنهم، واتخ قــراراتهم انطالقــا من عقــولهم وطــبيعتهم العقالئيــة، هــل كــانوا يواصلون عالقاتهم على أساس ذلك الحكم أم ال؟ دون إحراز هــذا الشــرط ال يحــق لفقيــه أن يســري األحكــام الممضــاة في صــدر اإلسالم إلى األزمنة المتأخرة، ألن مثــل هــذا األمــر يعــد نوعــا من

البدعة في الدين. ــراهن أن فعلى سبيل المثال: ال يحق ألي فقيه في الوقت الــة االســترقاق ق مشــروع في اإلســالم، وإن إباح ــر ــأن ال ــول ب يق والعبودية وشراء اإلنسان وبيعه من األحكام اإلسالمية األبدية. كمار عن ال يحق ألي فقيه أن يســتند إلى اآليــات والروايــات الــتي تعب التفريق بين الرجل والمرأة، والمســلم وغــير المســلم، والشــيعي

ــدعي أن ــه، لي ــير الفقي ــه وغ ــني، والفقي ــوص»والس ــذه النص هــد واألحكام خالدة وأبدية، ولو أنكر شخص خلــود هــذه األحكــام يع

ــوظ(«مرتدا ومبتدعا ؛ ألن هذه األحكام لو كانت )في اللوح المحف مقيدة بحسب الواقع فإن الذي يدعي خلـود وأبديـة هـذه األحكـام

. (685)سيكون هو المرتد والمبتدعــا عنــد الشــك نضيف هنا أنه ال يوجد أصل أولي يحدد وظيفتنــا البنــاء على اســتمرارية في اســتمرار حكم إمضــائي يقتضــي من ودوام ذلــك الحكم، إال إذا كــان لــدينا قطــع ويقين بتوقيتــه وعــدم

. فعندما يكون لــدينا علم ســابق بــأن بعض األحكــام(686)استمراره الشرعية مؤقتة سوف نحتاج في إثبات ادعائنا القائم على توقيتــاص؛ ألن ــل خ ــرعية إلى دلي ــام الش ــل حكم من األحك أو دوام ك

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد339هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ــة ــذور ومخالف ــتمل على ذات المح ــة يش ــام المؤقت إطالق األحكــبة ــإن نس ــة، ف ــام المطلق ــد األحك ــترتب على تقيي ــاط الم االحتي االحتياط إلى كال طــرفي القضــية واحــد، ولــو نســب شــخص أحــد الطرفين إلى الشارع دون دليل وجيه سيكون مبتــدعا في الــدين.ــوى على وكما رأينا إذا كان لدينا في مورد ظن عقلي وتجريبي أق تاريخية وتوقيت حكم ما فإن أدلته النقلية الدالة على إطالقـه إمــاــه لمن الســذاجة أنها ستفقد ظهورها؛ أو ستسقط عن االعتبار. إن أن نرى االحتياط عند الشك في إطالق أو تقييد الحكم في القــول بإطالقه. مضافا إلى ذلك ال نستطيع تحديد ما هو الحكم المطلق؟ــة وما هو الحكم المؤقت؟ قبل العمل على ترجمة النصوص الديني

ثقافيا. ــدينين أن ــير من المت ــات»يتصــور الكث الحكم الشــرعي«ثب

دون في كلمــاتهم وكتابــاتهم ـ ــة لــه، ولــذلك تــراهم يؤك يعتــبر مزي بشأن القوانين الشرعية وتقــدمها على القــوانين البشــرية ـــ علىر مســتمر، بينمــا القــوانين الشــرعية أن القوانين البشــرية في تغي

. وحجتهم في ذلك أن اإلنســان ال يســتطيع وضــع(687)ثابتة ال تتغيرقوانين ثابتة وأبدية، بينما يمكن لله فعل ذلك.

: إن أصل هذا االدعاء موضــع شــك وترديــد. فهــلأوالولكن ر هناك من إحصاء حيادي يثبت أن القوانين البشــرية في حالــة تغي

وتبدل مستمر؟ : إن هؤالء األفراد ال يدركون هــذه الحقيقــةوثانيار القوانين والتشــريعات إنمــا ينشــأ عن الهامة، وهي أن ثبات وتغي

ــها، وليس عن «طبيعة» ــوانين نفس المقنن«علم» أو «إرادة» القع. فهناك من القوانين ما يتخطى التاريخ وتكون له قابليــة والمشرــر الثبات والبقاء، وتعطي نتائجهــا المطلوبـة والمنشــودة مهمــا تغين وما يتمتع به من الخصائص. الزمن، بغض النظر عن هوية المقن

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد340هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ــا ولكن سائر القوانين األخرى ليست كذلك، فهي إنما تؤتي نتائجه المطلوبة منها في فترة زمانية ومكانيـة وضـمن شــروط محــددة. ولكي يصل الفرد والمجتمع اإلنساني إلى الكمال المطلــوب فإنــه

«جميع»بحاجة إلى قوانين ثابتة، إال أن هذا األمر ال يقتضــي ثبــات ــا أن القوانين، وإنما األمر على العكس من ذلك تماما؛ إذ يمكن لن ندعي أن الكمال المنشود للفرد والمجتمع اإلنساني رهن بتوليفــةرة. وإن الدين الخالــد هــو من القوانين والتشريعات الثابتة والمتغي الــدين الــذي يــراعي هــذه الحقيقــة، ويأخــذها بنظــر االعتبــار في

. (688)تشريعاته

ـ االستدالل الثالث لصالح إحالل علم الفقــه محــل علم4األخالق

ــالث لصــالح التشــكيك األخالقي أوال ــدليل الث ــاءأمــا ال ، وإلغ العقل في مقابل النقل في دائرة األخالق ثانيا، وإحالل علم الفقه

محل علم األخالق، فيمكن بيانه على الشكل التالي: ـ إن الله أعقل العقالء )رئيس العقالء(. 1 ــــ إن من مســـؤولية اللـــه أن ينـــاغم أحكامـــه مـــع القيم2

األخالقية. ـ إن األدلــة المتقدمــة على كمــال عقــل اللــه في التشــريع3

تدل على ضــمان التنــاغم واالنســجام بين األحكــام الدينيــة والقيماألخالقية بشكل مسبق.

ـ قد يختلف حكم رئيس العقالء عن حكم سائر العقالء. 4 ـ وعليه فإن مجرد تنافي األفهــام الفقهيـة مــع حكم العقـل5

في باب األخالق ال يؤدي إلى سقوطها عن الحجية واالعتبار. ـ لذلك عند التعارض بين حكم العقالء وحكم رئيسهم يجب6

.(689)علينا اتباع حكم رئيس العقالء ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

341هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

أرى أن هذا االستدالل إنما هو صورة أخرى لالستدالل األول؛ ألن القول بأن الله أعقل العقالء أو رئيسهم إما أن يعني أنــه يعلم أشياء ال يعلمها سائر العقالء، أو أنه خالفا لسائر العقالء ال يتعرض

لتأثير األهواء والوساوس الشيطانية والنفسية. ـ وكما تقدم في االســتدالل األول ـــ إن مجــرد أنأوالولكن

ــدا لالدعــاء بــأن تلــك يعلم اللــه أمــورا ال نعلمهــا ال يصــلح دليال جير الحكم األخالقي للموضوع. األمور تغي

: يقوم االدعاء على إمكان القول من الناحيــة الدينيــة:وثانيا : الحكم األخالقي الــذيالنـوع األولإن للــه نــوعين من الحكم:

ــادي(؛ ــا )الحكم اإلرش والنوعيصدر عن الله بوصفه شاهدا مثالي : الحكم الصادر عن الله بوصفه شارعا )الحكم المولــوي(.الثاني

وعليه إذا كان هناك تعارض فإنما يكون في أحكــام رئيس العقالء، وليس بين حكم رئيس العقالء وحكم سائر العقالء. وكما رأينا فإن حكم الشــاهد المثــالي في مقــام الثبــوت يتقــدم على حكم اإللــه الشارع. وأما في مقــام اإلثبــات فإنــه في أغلب المــوارد ـــ إذا لمــوعين من الحكم عن نقل: في أجمعها ـ يتم الكشف عن هذين الن طريق األساليب واألدلة الظنية، وليس األدلــة القطعيــة واليقينيــة. وعلى هــذا األســاس فــإن الطريــق الوحيــد الــذي يمتلكــه العقالءــون. وفي للكشف عن حكم رئيسهم هو الجمع والتفريق بين الظنــة يحكم العقالء ورئيســهم بوجــوب العمــل على الظن هــذه الحال

األقوى. ر باألهواء ـ كما رأينا ـ فــإن هــذا األمــر ال وفي ما يتعلق بالتأث يختص بدائرة األخالق ومعرفة حكم الشاهد المثــالي فقــط، وإنمــا نواجــه هــذا اإلشــكال حتى في دائــرة الفقــه ومعرفــة حكم رئيس العقالء وحكم اإلله الشارع أيضا. وال يمكن حل هذه المشــكلة من

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد342هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

خالل الرجوع إلى الوحي والنقــل. وإن الطريــق الوحيــد للحــد من تأثير األهواء والرغبات النفسية على معرفة التكليــف هــو الرجــوعــة في إلى المنطق والمعرفة، مع مراعاة القيم والمعــايير األخالقي

البحث والتفكير. ــارض بين حكم وعلى هذا األساس صحيح أن علينا ـ عند التعــاع حكم رئيس العقالء )الشــاهد ــ اتب العقالء وحكم رئيس العقالء ـ

فما»المثالي(، ولكن النزاع يدور حول ماهية حكم رئيس العقالء، . يقــوم«كيــف يمكن التعــرف عليــه؟» و«هــو حكم رئيس العقالء؟

ادعــاء الــذين يقولــون بــإحالل الفقــه محــل األخالق على أن حكم رئيس العقالء هو ما نحصل عليه من طريــق الــوحي والنقــل، فيره، بل هو في الحقيقة نوع من حين أن هذا االدعاء ليس له ما يبر المصادرة على المطلوب؛ ألن اإلدراكات العقلية والوجدانية عبارة عن إلهامات رئيس العقالء نفسه، ولذلك فإن التعارض بين العقل والوحي هو تعــارض بين أحكــام رئيس العقالء، وليس تعارضــا بينــرى: يتم ــ ــارة أخ ــ ــائر العقالء. وبعب ــ حكم رئيس العقالء وحكم س الحصــــول على حكم رئيس العقالء من طــــريقين، وكال هــــذينر بــاألهواء وارد فيهمــا الطريقين ظني، وإن احتمــال الخطــأ والتــأث

على السواء.

ـ االستدالل الرابع لصــالح إحالل علم الفقــه محــل علم5األخالق

يقوم االستدالل الرابع ـ لصــالح إحالل علم الفقــه محــل علم األخالق ـ على هذه الفرضية ما بعد الحداثيــة واألصــولية الحديثــة، القائلة بأن القيم األخالقية ملطخة بالثقافة وغير شــمولية. وطبقــاــة ــ ــل: الحري ــ ــة وقيم مث ــ ــة ال يمكن لألخالق الغربي ــ ــذه الرؤي ــ له والديمقراطية وحقوق اإلنسان ـ التي تعتــبر من األصــول الجذريــة

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد343هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

لهذه األخالق ـ أن تسري على المجتمعــات الشــرقية واإلســالمية،ع بثقافة مختلفة. التي تتمت

يقــوم هــذا االســتدالل على النســبية الثقافيــة في مجــال العقالنية واألخالق. وأول التبعات المترتبة على هذا االســتدالل هــو أن القائل بـه ال يسـتطيع أن يـدعي بـأن القيم الـتي يـؤمن بهـا أو الدين الذي يعتنقـه شــمولي، بمعـنى أن األخالق العلمانيـة ليسـتــا ــا واعتباره ــر، وتســقط حجيته ــذا األم ــأثر من ه ــتي تت وحــدها ال وقابليتهــا على التعميم، بــل إن األخالق الدينيــة )الفقــه( مشــمولة لهذا الحكم أيضا، وتفقد عموميتها وشموليتها، وتتحول إلى مسألةــتكون ــبية س ــة نس ــايير األخالقي ــانت القيم والمع ــإذا ك ــبية. ف نس المعــايير الفقهيــة نســبية باألولويــة. وبعــد ذلــك ال يبقى هنــاك منــة، أو ــات الشــرقية والغربي ــات االختالف بين المجتمع ــق إلثب طري المجتمعات الدينية والمجتمعات العلمانيــة، من الناحيــة األخالقيــة. ولن يبقى هناك طريق لنقد المجتمعات الغربيــة أخالقيــا. وال يبقى هناك معيار للنقد والتقــييم العقالني لهــذين النظــامين األخالقـيين،

. (690)وإيجاد الحلول العقالنية للنزاع بينهما

ـ تبعية الدين المنطقية والمعرفية لألخالق3 وصلنا حتى اآلن إلى إثبات أن األخالق غير تابعة للــدين على المســـتوى المنطقي والمعـــرفي. وهنـــا نـــدخل في البحث عن

.«هل الدين تابع من هذه الناحية لألخالق أم ال؟»السؤال القائل: يمكن بيــان تبعيــة الــدين المنطقيــة والمعرفيــة لألخالق على

مستويين مختلفين.ـدعى أن معرفـــة الـــدين وفهمفي المســتوى األول ــ : ي

المعتقدات الدينية بالمعنى العام للكلمة يقوم على االلتزام ببعض

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد344هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

األصول والقواعد األخالقية. : يدعى أن معرفة الــدين بــالمعنىوفي المستوى الثاني

الخاص للكلمة ـ بمعنى معرفة الشــريعة وفهم الفتــاوى الفقهيــة ـ تقوم على االلـتزام بـالقيم والمعـايير األخالقيـة. وهنـا نضـطر إلىــلوك، وأن ــير وبين أخالق السـ ــل بين أخالق البحث والتفكـ الفصـ نستعرض دور وتأثير كل واحد منهما في المعرفــة الدينيــة بشــكل

. (691)مستقل

أـ دور أخالق البحث والتفكير في المعرفة الدينية تعتـــبر المعرفـــة الدينيـــة نوعـــا من النشـــاط العقالني. وإن اعتبارهــا وقيمتهــا المعرفيــة رهن بمراعاتنــا للضــوابط المنطقيــة والمعرفية أو المعايير العقالنية النظرية. وقــد بحثنــا في المواضــع السابقة من هــذا الفصــل بعض هــذه المعــايير، وسنواصــل البحث بهذا الشأن في الفصول الالحقة أيضــا. والمهم هنــا على مــا يبــدو

هو التأكيد على األمور التالية: ـ إن النقد األهم الذي يمكن توجيهــه من الناحيــة المعرفيــة1

إلى الفقه التقليـدي واالجتهـاد المصـطلح هــو أنهمـا يقومــان على فرضيات خاطئة في العقالنية أو سيرة العقالء. وإن أحد أهم هــذه

عــدم حجيــة الظنــون»الفرضــيات ـــ على مــا تقــدم ـــ عبــارة عن في مجال الفقه واألخالق، األمــر الــذي يــؤدي«العقلية والتجريبية

إلى تعطيل دور العقل المستقل عن النقــل في هــذين المجــالين، األخالق» محـــل «الفقــه النقلي»ويــؤدي تبعــا لــذلك إلى إحالل

ــا إلى«العقلية . وبطبيعة الحال فإن هذا النقد، قبل أن يكون متجهــة، بمعــنى أخالق التفكــير ــاني الفقهي ــه إلى المب الفقــه، إنمــا يتج والبحث الفقهي. يقـــوم االدعـــاء على أن أخالق البحث والتفكـــير

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد345هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

الفقهي الراهن بعيد كل البعد عن أخالق التفكــير والبحث الفقهي المثــالي؛ فــإن أخالق التفكــير والبحث الفقهي الــراهن عبــارة عن

« مجموعة القيم والمعايير العقالنية أو العقالئية الــتي تعمــل حاليــا . ونطلــق على هــذه«على توجيه البحث والتفكير في مجال الفقه

ــمية ــة الفقهية»األخالق تس ــذه«العقالني ــرف على ه . ويمكن التع األخالق أو العقالنية من خالل الرجوع إلى تاريخ الفقه. وأما أخالق

مجموعـة القيم»التفكير والبحث الفقهي المثالي فهـو عبـارة عن والمعايير العقالنية أو العقالئية التي يجــدر أو يجب أن تعمــل على توجيه وهدايــة التفكـير والبحث في مجــال الفقــه، وتكــون القيمــة

. إن هذه القيم«واالعتبار المعرفي للفتاوى الفقهية رهنا بمراعاتهاــة. ومن أجــل دي والمعايير عقالنية وعقالئية، وليست شرعية أو تعبـد من الرجـوع إلى العقـل العـرفي اكتشــافها والتعـرف عليهـا ال بــرف العقالء، ال إلى الشــرع والنصــوص المقدســة. إن معــايير وعــا من ــا وحجيته ــير والبحث تحصــل على اعتباره وقيم أخالق التفك الشــــــهود العقالني أو توافــــــق العقالء، وليس من إرادة وحكمــدين، ومن الشارع. إن هذه المعايير والقيم تفوق الفقه وتفــوق ال دون افتراضها في مقام معرفة الدين والشــريعة لن يكــون هنــاك

إمكان للمضي قدما. إن على الفقهاء والمجتهدين قبل كل شــيء أن يعملــوا علىـد لهم في ذلـــك من ــ تصـــحيح وتنقيح قواعـــدهم المعرفيـــة. وال بــدهم؛ أو أن ــة وتقلي ــاء المعرف ــرف العقالء أو علم الرجــوع إلى ع يغدوا أنفسهم من المتخصصين والمجتهدين في هــذا المجــال. إن الموضوع الذي يحتاج اليــوم ـــ في الدرجــة األولى ـــ إلى االجتهــادــة، أو ــة أو المعرفي وإعادة النظر بشكل جذري هو العقالنية الفقهي أخالق التفكير والبحث الفقهي )أخالق االجتهاد(. إذا أريد للفقه أن

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد346هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

»يكون » فيجب أن يغــدو «ناجعا ، وإذا أريــد لــه أن يكــون«عصــريا عصريا وجب إعادة النظر في أسســه وقواعــده بشــكل جــوهري. وفي هذا الشأن تحظى القواعد األخالقية والمعرفية للفقه بأهمية

زائدة على سائر القواعد والمباني األخرى. يمكن القــول بكــل جــرأة: إن الفقهــاء والمجتهــدين في مــالف، ولذلك ال يمكن العثــور يتعلق بأخالق االجتهاد إنما يقلدون الس على مثيـل للعقالنيـة السـائدة في الحـوزات العلميـة من خارجهــا أبدا. إن أهم الفوارق بين العقالنيــة الحوزويــة والعقالنيــة العرفيــة )العلمانية وما فوق الدينية( تكمن في االعتبار والحجيــة المعرفيــة بالنسبة إلى الظنون العقلية والتجريبيـة؛ فـإن العقالنيـة الحوزويـة

«القيــاس الفقهي»تحصر الظنون العقلية في الظن الحاصــل من ــل المنطقي(، و ــان»)التمثي ــر«االستحس ــداقا آخ ــرف مص ، وال تع

للظن العقلي؛ ففي هـــذه العقالنيـــة تعتـــبر الظنـــون العقليـــةــداقا لـ د مص ــاب التعب ــة من ب ــك» و«الجهل»والتجريبي ، في«الش

حين أنه في العقالنية العرفية تنقسم الظنـون العقليـة والتجريبيـة إلى أقسام متعددة، وإن بعض أقسام الظنون العقليــة والتجريبيــة

ــاديق ــدخل في مص ــبرة، وت ــة«العلم»معت ــة العرفي . وإن العقالنيــذه تصنف الظنون العقلية والتجريبية والمتبنيات المســتندة إلى ه

الظنون ضمن المتبنيات المعتبرة والمقبولة. تنقسم الظنون من وجهة نظــر علمــاء المعرفـة المعاصـرين إلى: ظنون موثوقة ومعتبرة؛ وظنون غير موثوقة وغير معتبرة، أو إلى: ظنون عقالئية؛ وظنون غير عقالئية. وإن نسبة هذه األقســام إلى الظنون العقلية والظنــون النقليــة نســبة العمــوم والخصــوص من وجه، بمعــنى أن هــذين التقســيمين ال ينطبقــان على بعضــهما تمــام االنطبــاق، في حين أنــه في العقالنيــة الحوزويــة أو الفقهيــة

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد347هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ة من تكون الظنون المعتبرة والمقبولة عبارة عن مجموعــة خاصــــون ــول: إن الظن ــة تق ــذه العقالني ــط، وإن ه ــة فق ــون النقلي الظن العقلية والتجريبية غير قابلة لالعتماد أبدا، وإن العمــل على طبــق هذه الظنــون اتبــاع للهــوى، ولــذلك فهي من الحــرام. نعم، يمكنر ال يكتفى ــ القول: عندما يمكن الحصول على القطع واليقين بيس بالظن، وعند إمكان ولزوم تحصيل الظن األقوى ال يعتــنى بــالظن األضعف؛ ألن مثل هذا األمر إنمــا يــدخل في نطــاق اتبــاع الهــوى،ــاع حكم العقــل، ولكن ال فــرق من هــذه فيمــا لــو وجب علينــا اتب الناحيـــة بين الظن العقلي والظن النقلي. إن العقالنيـــة العرفيـــة تطلب منا عند عدم التمكن من القطع واليقين أن نعمل بــالظنونــتي يمكن االعتمــاد عليهــا. وإن العمــل على طبــق الموثوقــة، وال الظنون الموثوقة، والتي يمكن االعتمـاد عليهـا، ال صـلة لـه باتبـاع الهــوى، بــل العكس هــو الصــحيح، بمعــنى أن عــدم العمــل بهــذه الظنون هو الذي ينطلق من اتباع الهوى؛ لما في ذلك من مخالفة

صريحة لحكم العقل. ، الــتي هي نــوع«التجربــة الفقهية»ومضــافا إلى ذلــك، فــإن

خاص من التجربة الدينية، تعد واحــدة من أركــان البحث والتفكــير الفقهي. إن المؤمنين مكلفون باتبــاع النــبي، وإن اتبــاع النــبي في مجال الفقه ال يكــون ممكنــا إال من خالل بســط التجربــة الفقهيــةــة ــأثير األخالق على تحقق التجرب للنبي األكرم. ولكن ال شك في ت الدينية، وكــذلك على محتواهــا ومضــمونها أيضــا. كمــا أن التجربــةرة بأخالقه أيضا. ولذلك يجب على المؤمنين في الدينية للنبي متأثــتي مــوا النصــوص ال ــة أن يقي ــة النبوي مقــام فهم وتفســير التجرب

تتحدث عن تجربته بالقيم األخالقية.

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد348هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ب ـ دور أخالق السلوك في معرفة الدين ننــاقش هنــا دور علم األخالق في معرفــة الشــريعة، ونــدافعة لهــذا العلم في اســتنباط األحكــام عن المكانــة والمنزلــة الخاصــ الشــرعية. لقــد أثبتنــا، في الفصــل الرابــع من كتابنــا )الــدين في

ــرة ) ــيزان األخالق(، في الفق ــ 4م / ــة3 (، أن األخالق من الناحي الوجوديــة متقدمــة على الشــريعة، بمعــنى أن إرادة اللــه الشــارعــايير ــة للقيم والمعـ ــرعية تابعـ ــام الشـ ــدر األحكـ ــتي هي مصـ الـ )الضـــرورات والمحظـــورات( األخالقيـــة، وال يمكن العثـــور في الشريعة وفي اللوح المحفوظ وفي عــالم الثبــوت على حكم غــير منسجم مع القيم األخالقية، وإن كــان باإلمكــان العثــور على مثــل هذه األحكام في النصوص الدينيــة. وإذا كــان النص الــديني مــورد البحث معتبرا من الناحية السندية وجب التعاطي مع متنه بوصــفهــاره من ــارج، وال يمكن اعتب ــدين من الخ ــا على ال ــا مفروض حكم

ذاتيات الدين المطلق وما فوق التاريخي. إن االلــتزام بمثــل هــذه الفرضــية في مجــال الميتافيزيقــا أو المعرفــة الوجوديــة للفقــه يضــطرنا إلى االلــتزام بأصــل هــام في

أن االســتنباط»المعرفــة الفقهيــة أيضــا، وهــذا األصــل عبــارة عن ــة األخالقية ، أي«والفهم والفتوى الفقهية قابلة لإلبطال من الناحي

إن الفتاوى الفقهية إنما تكون مقبولة ومعتـبرة بشــرط انســجامها مع القيم األخالقية. وعليه فإن وظيفة الفقهاء العقالنية والمعرفية تقتضــي منهم قبــل إصــدار الفتــوى أن يختــبروا فهمهم للنصــوص الدينية على أساس القيم األخالقية، وأن يجعلــوا الفتــوى متماهيــة

ومنسجمة مع تلك القيم. وكما قرأنا في كتــاب )الــدين في مــيزان األخالق( فــإن اللــه قادر على أن يصدر حكمــا منافيــا للقيم األخالقيــة، إال أن أوصــافه

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد349هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ــإن وفضائله األخالقية تمنع صدور هذا الحكم من قبله. ومع ذلك فــل امتنــاع صــدور الحكم غــير األخالقي أو المنــافي لألخالق من قبــة ــة أو المنافي ــوى غــير األخالقي ــاع صــدور الفت ــه شــيء، وامتن اللــل الفقهــاء شــيء آخــر تمامــا، بمعــنى أن األول ال لألخالق من قب يستوجب في حد ذاته امتناع واستحالة الثاني؛ إذ يمكن للفقيه أن يخطئ في فهم حكم الله. ومن األخطاء المحتملــة والشــائعة أنــه قـد يســتنبط حكمــا منافيــا للقيم األخالقيـة من النصــوص الدينيــة، وينسب استنباطه إلى الله. ولهــذا الســبب تمامـا؛ وللحيلولـة دونــوا فهمهم م ــاء أن يقي ــأ، يجب على الفقه ــذا الخط ــوع في ه الوق

واستنباطهم من النصوص الدينية بميزان األخالق. ــه صــفاته ــ أي إذا لم تســمح ل ــه ـ إذا لم يكن باســتطاعة الل األخالقية ـ أن يبيح على المستوى األخالقي أمرا محظورا أو واجبا على المستوى األخالقي فلن يكون باستطاعة أي فقيه أن ينســب

ــذا الحكم إلى الله ــ ــل ه ــ ــاب العلم القطعي(692)مث ــ . وحيث إن ب واليقيني في علم األخالق ـ كما هو الحــال في علم الفقــه، وأكــثر العلوم البشرية األخرى ـ مسدودا ومنسدا، وال يمكن الحصول فيــالقيم ــيكون الظن بـ ــير العلم الظني، سـ ــال على غـ ــذا المجـ هـ والمعايير األخالقية من وجهة نظر العقــل العــرفي وعــرف العقالءــد ــبرا، ويكــون ملزمــا على المســتوى العقلي واألخالقي. وعن معتــايير ــة وبين المع ــة الظني ــة العقلي ــايير األخالقي التعــارض بين المع الفقهيــة النقليــة الظنيــة يجب تقــديم المعيــار الــذي يــراه العــرف

العقالني هو األقوى من الناحية المعرفية. ــوق ــاه حق ــرف العقالء تج ــه ع ــذي يمتلك وحيث إن الظن ال اإلنسان أقوى بكثير من الظن الذي يمتلكه الفقهاء تجــاه الفتــاوىــة الفقهية المنافية لحقوق اإلنسان تسقط هذه الفتاوى عن الحجي

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد350هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

واالعتبار. وليس المقلدون غير ملــزمين بالعمــل على طبــق هــذه الفتاوى فحسب، بل ال يحــق لهم ذلــك أساســا. ولــو عملــوا بهــذه الفتاوى فــإنهم ســيكونون مســؤولين، ويســتحقون المؤاخــذة؛ ألن الفتوى المنافية للقيم األخالقية ال تسقط المسؤولية األخالقية عن كاهل اإلنسان، وال يحق ألحد أن يســتند إلى الفتــاوى الفقهيــة في تجاهــل وهضــم حقــوق اآلخــرين مــا وراء الفقهيــة والدينيــة. وهــذا

ــية في ــول األساس ــد األص ل أح ــة يمث ــل في الحقيق أخالق»األص. (693)«التقليد

ومن المناسب هنــا أن نشــير إلى بعض الشــبهات الموجــودةنين، مــع بيــان الجــواب المقنــع لهــا، على في أذهــان بعض المتــدي

النحو التالي: ــدالشبهة األولى: إن لإلنسان حقوقا، ولله حق أيضا. وعن

ــدم ك في أن التق ــه ال شــ ــق الل ــان وح ــق اإلنس ــارض بين ح التع سـيكون لحـق اللـه. وإن التعــارض بين الفتـاوى الفقهيـة وحقــوق اإلنسان يعود في الحقيقة إلى التعارض بين حقــوق اللــه وحقــوق

اإلنسان، وليس تعارضا بين الفتاوى الفقهية وحقوق اإلنسان. إال أن هذا الكالم ليس سوى مغالطــة؛ ألن الــذي يــؤمن بــأنــه الله عادل عليه أن يؤمن بأن الله ال يهضم حقوق اإلنسان. وعلي عندما تصل حقوق اإلنسان إلى مرحلة الموضوعية والفعلية تكون حقوق الله سالبة بانتفاء الموضوع، بمعنى أن الله العادل ليس له حكم يستلزم سلب الحق من أحــد؛ ألن مثـل هــذا الحكم ســيكونــدما ــذلك عن ظالما. )ونزاعنا يدور حول وجود وعدم حكم الله(. وب يكون هنـاك حـق من حقــوق اإلنســان فـإن اللـه لن يصـدر حكمــا مخالفا لذلك الحق، فيدعى بأن حق الطاعة للــه في هــذا المــورد يتعــارض مــع حقــوق اإلنســان. وبعبــارة أخــرى: إذا كــانت حــدود

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد351هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

واعتبار حقوق اإلنسان تابعـة لإلرادة التشـريعية لإللـه الشـارع لنيكون هناك معنى التصاف الله بالعدالة.

إن بيان فكرة حقوق اإلنسان إنما يأتي لدفع توهم شـائع بينــه اســتنادا إلى نين، وهو أن حق الله مطلق، وأن بإمكان الل المتدي هذا الحق أن يتجاهل القيم األخالقية، وأن يصدر حكما مخالفا لها، أو أن يــبيح لبعض عبــاده ـــ اســتنادا إلى حكمــه ـــ تجاهــل حقــوقي، وعلى الــرغم من د بقيــد لب اآلخرين وانتهاكها. إن حق اللــه مقيــة على اســتغناء اللــه وكمالــه علمنا استنادا إلى بعض األدلــة الدال األخالقي أن هذا القيد حاصل دائما، وهذا هو معــنى قولــه تعــالى:

ا يفعل وهم يسألون﴿ (، فإن عــدم23 )األنبياء: ﴾ال يسأل عم إمكان سؤال الله ال يعــني أن بإمكانــه أن ينتهــك القيم األخالقيــة، وإنما يعني أن ما يقوم به منسجم على الدوام مع القيم األخالقية. وبعبارة أخرى: إن العقل الــذي يــدرك حــق الطاعــة للــه هــو ذاته العقل الذي يــدرك حــدود وثغــور هــذا الحــق أيضــا. وإذا كــان البناء على تقييد حقوق اإلنسان بحق الله فعنـدها ســتكون حقــوق اإلنسان لغوا وفاقـدة للمعــنى. إن حقــوق اإلنســان هي حكم اللــه بوصفه شــاهدا مثاليــا )إلــه األخالق(، وإن حكم إلــه األخالق يحــدد اإلطار الذي يحق فيه لإلله الشارع )إله الفقــه( أن يصــدر حكمــه، وإن اإللــه الشــارع يــراعي هــذا اإلطــار بإرادتــه ومقتضــى صــفاتهــتوى ــا على المسـ ــان الظلم قبيحـ ــه. إذا كـ ــة، وال ينتهكـ األخالقيـــارز األخالقي فإن سلب أو إلغاء حقوق اإلنسان مصداق واضــح وبهة عن مثل هذا الظلم. نعم، للظلم، وإن ساحة الله المقدسة منز يمكن لله بطبيعة الحال أن ال يخلق اإلنسان ابتداء، أمــا أن يخلقــه

فســيكون(694)ثم يسلبه حقوقه الطبيعيـة أو يتجاهلهــا أو يحـد منهاــه التكوينيــة، ذلك لغوا وعبثا. إن إرادة الله التشريعية تابعــة إلرادت

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد352هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ــه ــتراف بحقوق ــو عين االع ــان ه ــق اإلنس وليس العكس. وإن خلالطبيعية من قبل الله.

هــذا، مضــافا إلى أننــا حتى إذا قلنــا بــأن حــق اللــه في هــذا المورد ثابت، وهو يتعارض مع حقوق اإلنسان، يمكن لنــا مــع ذلــك أن ندعي ـ كما يستنبط من بعض النصوص الدينية ـ أن اللــه يــرى تقدم حق الناس على حقه؛ ألن الله يمكنه يوم القيامة أن يتجــاوز حقوقه، ولكنه ال يســتطيع التغاضــي عن حقــوق النــاس؛ ألن ذلــك رهن برضا أصحاب الحقــوق، وإن تجــاوز اللــه عن حقــوق النــاس دون إذنهم يعتبر ظلمــا لهم. وهــذا يعــني أن اللــه يريــد من عبــاده مزيدا من االهتمام بحقوق الناس، وأن يكــون اهتمــامهم بهــا أكــثرــه من اهتمامهم بحقوق الله. وعليه كيف يمكن أن ننســب إلى اللــوق انتهاكا لحقوق اإلنسان، أو أن يبيح لبعض عباده أن ينتهكوا حق اآلخــرين؛ اســتنادا إلى حقه، في حين إذا كــان حــق النــاس تابعــا

إلرادة الله فإن تغاضي الله عن هذا الحق لن يكون ظلما؟! وبعبارة أخرى: إن حق الله ال يكــون في مرتبــة حــق النــاســاك أبدا. وعليه ال يمكن تصور حصول التعارض بينهما. وإذا كان هن تعارض فهو بين رؤيتين بشأن كيفية توزيع حق الناس بين األفراد. وفي الحقيقة فإن األصوليين الدينيين الجدد والتقليــديين يســعون؛ من خالل االستناد إلى حق الله، لتبرير التوزيــع غــير العــادل لحــق

الناس )حقوق اإلنسان( بين األفراد. ــل ــدم في الفص ــا تق ــات إلى م ــك، وبااللتف ــافا إلى ذل ومض السادس والســابع من كتــاب )الــدين في مــيزان األخالق( في مــاــارض بين ــدعي أن التع ــا أن ن ــالي، يمكن لن ــاهد المث يتعلق بالش حقوق اإلنسان والفتــاوى الفقهيــة حتى إذا أدى إلى التعــارض بين الحقوق سيكون في الحقيقة تعارضا بين حق الطاعة للــه بوصــفه

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد353هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

شاهدا مثاليا )اإلله الحكيم والعــادل والــرحيم( وحــق الطاعــة للــه الشارع والمالك؛ ألن حقوق اإلنســان تســتند إلى إرادة واعتبـار أو علم الشاهد المثــالي. ويمكن االدعــاء بوضــوح أن وجــوب إطاعــة الشاهد المثالي مقدم على وجوب إطاعة اللــه الشــارع؛ ألن حــقــة في ــتراض القيم األخالقي ــه الشــارع متوقف على اف ــة الل إطاع مرتبة سابقة، وعلى تناغم وانسجام أوامر اإلله الشارع مع تعـاليمــة أو ــق الطاع ــدة لح ــة الوحي ــمانة العقالني ــه األخالق. وإن الض إل وجــوب إطاعــة اللــه الشــارع هي الصــفات األخالقيــة للــه )وهي:

الحكمة والعدالة والرحمة(. وبعبــارة أخــرى: إن التعــارض بين الفتــاوى الفقهيــة وحقــوق اإلنسان هو غير التعارض بين حق اللـه وحقــوق اإلنســان؛ إذ يجب أوال إثبات أن الفتاوى الفقهية المعارضة لحقوق اإلنسان معتــبرة؛ كي يمكن لنا أن نستنتج أن اتباع تلـك الفتـوى من حــق اللــه، وأن تجاهلها ظلم لله. ولــو أن الفتــوى الفقهيــة مــورد البحث ســقطت عن االعتبار؛ بسبب تعارضها مع حقوق اإلنســان، فــإن اتبــاع هــذه الفتوى لن يكون مصداقا الحترام حق اللــه؛ كي يســتلزم تجاهلهــا تضييعا لحق الله. وعليه فإن هذه الشبهة تعد نوعـا من المصــادرة على الموضوع؛ ألن بحثنا يدور حول ما إذا كــانت الفتــوى الفقهيــة المعارضــة لحقــوق اإلنســان معتــبرة أم أنهــا تســقط عن االعتبــار بفعل هذا التعارض؟ إذا كانت هذه الفتـوى معتــبرة فإننـا ســنواجه موردا من موارد تعارض حــق اللــه وحقــوق اإلنســان؛ وأمــا إذا لمــا؛ النتفــاء تكن معتبرة فإن حق الله في هذا المورد لن يكون فعلي موضـوعه. فلكي نكـون هنـا في مواجهـة التعـارض بين حـق اللـه وحقوق اإلنسان يجب أن نفترض اعتبار الفتوى الفقهية. فــإذا أراد شـخص أن يثبت اعتبـار هــذه الفتــوى من خالل تطـبيق حــق اللـه

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد354هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

على هذا المورد يكون قد ارتكب مصادرة على المطلوب. ــة. وإنالشبهة الثانيــة: إن حقــوق اإلنســان حقــوق فردي

دة بانسجامها مع حق أو مصــلحة المجتمــع فعلية هذه الحقوق مقي والنظــام. وعنــد حصــول التعــارض بين الحقــوق الفرديــة وحــق أو مصــلحة المجتمــع والنظــام تكــون الحقــوق الفرديــة ســاقطة عن

ــار ــ باالســتناد إلى تقــديم مصــلحة(695)االعتب . وهنــاك من ســعى ـ المجتمع والنظام على حق الفرد ـ إلى تبرير الفتاوى الفقهية غــيرــدعى أن المجتمــع بمنزلــة المنسجمة مع حقوق اإلنسان. وأحيانا ي السفينة، وأن جميـع أفـراد المجتمـع ركابهـا، ونحن ال نسـتطيع أن

نبيح ألحد تحت ذريعة حقوق اإلنسان أن يثقب هذه السفينة. ــاطئ ــوم على فهم خ ــا يق ــة نظرن ــاء من وجه ــذا االدع إن ه

: إن المجتمع والنظــام ليس لــه من وجــودفأواللحقوق اإلنسان؛ حقيقي، وإنما هو عبارة عن مجموعة من األفراد، ولــذلك ال يوجــد لدينا حق باسم حق المجتمع والنظام. وعليه ال بد أن يكون المراد

ــد أن المجتمــع«حــق األكثرية»من حق المجتمــع والنظــام هــو . بي العادل واألخالقي ال يعتبر حقوق األكثريـة أهم من حقــوق األقليـة،ــة بمعنى أن جميع األفراد يتمتعون بحقوق متساوية، وليس لألكثريــة كي يتم من حق خاص. بمعنى أنه ال يوجد حق باسم حق األكثري من خالله انتهاك حقوق األقليــة. أجــل، يحــق لألكثريــة أن تطــالب بإدارة وتنظيم األمــور االجتماعيــة على أســاس مصــلحتها، أو حتى على أساس مذاقها، إال أن هذا الحق إنمــا يكــون مباحــا في إطــار االنسجام مع حقوق اإلنســان، بمعـنى أن حقـوق األقليـات ليسـت تابعة إلرادة األكثرية، ولذلك ال يمكن نقض حقــوق األقليــة بذريعــة رأي أو رغبــة األكثريــة. وبعبــارة أخــرى: عنــد التعــارض بين الحــق والمصلحة يكون التقدم للحق دائما، وإن الحــق هــو الــذي يرســم

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد355هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

الحدود المسموح بها من المصلحة. : إن حقوق اإلنسان ال تقوم على المصلحة، وال تنبثــقوثانيا

عن حقوق األفراد، حتى يقال: عند حصول التعــارض بين مصــلحة الفرد ومصلحة المجتمع والنظام يكون التقدم لمصـلحة المجتمــع؛ بحكم كونه هو األكبر. إن حقوق اإلنســان هي من الحقــوق. وعنــد التعــارض بين الحقــوق والمصــالح يكــون التقــدم للحقــوق دائمــا. وأساسا فإن أحد األدلة على عــدم كفايــة االجتهــاد المصــطلح فيــك ــدور حــول فل ــه ي ــه في أفضــل حاالت ــة هــو أن الحــوزات العلميــوق. وإن ــك الحق ــول فل ــدور ح ــالح، في حين أن األخالق ت المصالشيء الوحيد الذي يمكنه تحديد المصالح وتقييدها هو الحقوق.

ومضــافا إلى ذلــك فــإن هــذا االدعــاء ال ينســجم مــع فلســفة حقوق اإلنســان؛ ألن التأكيــد على حقــوق اإلنســان إنمــا يــأتي في ســياق نفي تقــدم المجتمــع والنظــام على الفــرد، والحيلولــة دونــام والســلطات؛ فــإن ــل الحك إســاءة اســتغالل هــذا األمــر من قب األنظمـة االسـتبدادية والدكتاتوريـة والشـمولية تعمـل على سـلب حقوق األفراد تحت ذريعة الحفاظ على مصالح النظام والمجتمــع، في حين أنه طبقا لحقــوق اإلنســان ال يحـق ألحــد أن يســلب حــق

فرد أو أقلية تحت ذريعة الحفاظ على المصلحة العامة. نعم، عندما يكون التعــارض بين الحقــوق يكــون المقــدم هــو الحق األهم. بيد أن هذا االدعاء ال مصــداق لــه في مــورد الحقــوق األساسية؛ ألن الحقوق األساسية أهم من سائر الحقــوق األخــرى، وإن جميع الناس يتكافأون في هذه الحقوق. وإن حقــوق اإلنســان في الحقيقـة هي حقوقـه األساسـية. فلـو تـوقفت حيـاة الجماعـة على قتــل فــرد بــريء، أو توقف إنقــاذ حيــاة النــاس على تعــذيب شخص بريء، كان قتل ذلك الفرد وتعذيبه غــير جــائز من الناحيــة

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد356هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

. (696)األخالقية ــارا ــة معي ــة واألقلي ــوق ال تشــكل األكثري ــارض الحق ــد تع عن للتقديم والتأخير، وإنما المالك يكمن في أهمية الحـق. فلـو توقف إنقاذ حياة شخص على تجاهل حق اآلخر في ملكيته، أو التصــرف في هذه الملكية دون إذنه، كــأن يتوقف إنقــاذ شــخص من الغــرق على اجتياز أرض شخص آخر من دون إذنه، كــان ذلــك جــائزا من الناحية األخالقيــة. وأمــا إذا توقف إنقــاذ شــخص على إزهــاق روح

من الناحيــة األخالقيــة؛ إذ إنشخص آخر بريء لم يكن ذلك جائزاــة، ــة األخالقي ع بقيمة واحدة ومتساوية من الزاوي أرواح الناس تتمت

. (697)وال فرق بين حق زيد في الحياة وحق عمرو فيها إن الذين يعملون على تبرير الفتاوى الفقهية غير المنسجمةــام، مع حقوق اإلنسان، من خالل االستناد إلى حق المجتمع والنظ أو حق األغلبيـة، ال يلتفتـون إلى حقيقـة أنهم في المقلب اآلخــر ال يرتضون تعميم هذا المعيار على المجتمعات غــير اإلســالمية. فلــو أن حكومة في مجتمع غربي ـ على سبيل المثــال ـــ اســتندت إلى حق المجتمع والنظام أو حق األكثرية، وعمــدت إلى تحديــد حريــةــة، وحظــروا عليهم بعض المسلمين في ممارسة فرائضهم العبادي ممارسة بعض تقاليدهم وأعـرافهم الدينيـة، العترضـوا على ذلــك،روا اعتراضهم في إطار الحقوق الطبيعية لإلنسان. تعد النزعة وبر الفردانيــة أو أصــالة الفــرد وتقديمــه على الجمــع أحــد الفرضــيات الفلسفية لحقوق اإلنســان. وإن هــذه الحقــوق في الحقيقــة تعينــة عن آراء الحدود واألطر إلرادة ومطالب األكثرية والدولة المنبثق

. (698)أغلبية المواطنينع حقــوق اآلخــرين، ال يحق ألحد من الناحية األخالقية أن يضــيــا ــع. كم لون األكثرية أو األقلية في المجتم سواء أكان اآلخرون يمث

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد357هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ال يحق للفرد أن يضـر بـاآلخرين، وإن اإلضـرار بـالغير ممنـوع من الناحية األخالقية. إال أن اإلضــرار بــاآلخرين يختلــف عن إزعــاجهم؛ فليس هناك من كالم أو فعل ال يـزعج فــردا أو جماعــة. ولــو كــانرا لتعيين حدود حقوق األفــراد ألصــبحت حقــوق ل مبر االنزعاج يمثــبر اإلنسان الغية وغير ذات مصداقية. إن عدم إزعاج اآلخــرين يعت مستحبا من الناحية األخالقية، بيد أن التغاضي عن الحق؛ من أجل

. (699)عدم إزعاج اآلخر، ليس واجبا من هذه الناحيةــة ذات ــام واألكثري ــع والنظ ــة على المجتم ــرد واألقلي إن للف الحقوق التي للمجتمع والنظام واألكثرية على الفرد واألقلية. وإنــوقهم؛ ون الطــرف عن حق ــة ال يغضــ ــع والنظــام واألكثري المجتم مخافــة إزعــاج الفــرد واألقليــة، أو إنهم غــير ملــزمين بــذلك على المستوى األخالقي. ليس للفرد وال للمجتمع وال للنظام وال لألقلية وال لألكثريــة حــق باســم حــق عــدم االنزعــاج من ســلوك أو كالم اآلخرين؛ كي نقــول: إن مراعــاة مثــل هــذا الحــق يعــد واحــدا من

. إن ســلب حقــوق األفــراد أو(700)التكاليف األخالقية على اآلخرين األقليات تحت ذريعــة عــدم اســتياء المجتمــع والنظــام أو األكثريــةل في حقيقة األمر ظلما من قبل المجتمع والنظام أو األكثريــة يمث بحق الفرد أو األقلية. وبطبيعة الحال فإن انتهاك المقدسات قــبيح من الناحية األخالقية، إال أن موضوع هذا الحكم األخالقي ال يقتصرب، بــل كــذلك ال يحــق لألكثريــة أن على مقدسات األكثريــة فحســــد العقائـــد والمتبنيـــات ــ ــك مقدســـات األقليـــة. إال أن نق ــ تنته والممارســات المذهبيــة والدينيــة وغــير الدينيــة هــو غــير اإلســاءةفاتهم، للمقدسات، ويحق للجميع أن ينتقدوا عقائد اآلخــرين وتصــر

هذا إذا لم نقل: إن ذلك قد يبلغ حد الوجوب أحيانا. وعلى هــذا األســاس يمكن القــول: إن المجتمــع العــادل هــو

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد358هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

نين. وليس هنــاك نين وغــير المتــدي الذي تتساوى فيه حقوق المتدينين؛ كي يمكن القــول على أساســه: حق اسمه عدم إزعاج المتدينين. نين ال يحق لهم قول ما من شأنه إزعــاج المتــدي إن غير المتديــابت لجميــع األفــراد ـ وإذا كــان مثــل هــذا الحــق موجــودا فهــو ثنين ــ بدرجـة واحــدة. نعم، ال يحـق ألحــد أن نين وغير المتدي المتدي ينتهك أو يدنس مقدسات اآلخرين وعقائـدهم وآراءهم، إال أن هــذانين، بــل يشــمل حــتى التكليف ـ كما سبق ـ ال يختص بغــير المتــديســوا أو نين ال يحــق لهم أن يدن نين أيضــا، بمعــنى أن المتـدي المتـدينين أيضا. وأما النقــد ينتهكوا آراء ومعتقدات ومقدسات غير المتدي المحترم آلراء اآلخرين فهو حــق مكفــول لكال الجــانبين، حتى وإن أدى ذلك إلى استياء وانزعاج أصحاب العقيدة التي تتعرض للنقد.ــع بالســفينة؟ ولكن ما الذي يمكن قوله بشأن تشبيه المجتم لنفترض أننا نسلم بهذا التشــبيه، في هــذه الصــورة يمكن القــول:ع المواطنين بحقوقهم الطبيعية بمنزلة خــرق الســفينة إذا كان تمتك ة من خالل التمســ فــإن ســلب وتضــييع هــذه الحقــوق ـــ وخاصــ بالدين وتوظيف األساليب االستبدادية ـ سيكون بمنزلة إغراق تلك الســفينة، أي إنــه إذا عمــد فــرد إلى الحيلولــة دون شــيء يعتــبره فاسدا، من خالل اللجوء إلى االستبداد، سيكون كمن يدفع الفاسد باألفسد، وسيكون كمن يفجر الســفينة بجميــع ركابهــا؛ كي يحــول

دون قيام أحدهم بثقبها. ــانالشـــبهة الثالثـــة: ــوق اإلنسـ ــا: إن حقـ ــال أحيانـ يقـ

ــرب ــيين وش ــزواج بين المثل ــة ال ــؤدي إلى إباح ــة ت والديمقراطيل أحد األسباب الرئيســة لمعارضــة الخمور وما إلى ذلك. وهذا يمثنين الســطحيين لحقــوق اإلنســان والديمقراطيــة. وإن بعض المتدينون لهــذه المشــكلة يكمن في طريق الحــل الــذي يقترحــه المتــدي

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد359هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

الفصل بين الحداثوية وأخالق الحداثة، أو فصــل الديمقراطيــة عنــة والليبراليــة الليبراليــة، وإحــداث تقابــل بين الديمقراطيــة الدينيالديمقراطية، وتقييد حقوق اإلنسان بتناغمها مع األحكام الفقهية. ولكن لو فرضنا وجــود مثــل هــذه المالزمــة حقــا، وقلنــا بــأنــذه ــات، ففي ه بع ــذه الت ــل ه ــتمل على مث ــة تش األخالق العلماني

: إنــه قبــل المقارنــة بين نظــامينأوالالصــورة يمكن القــول: أخالقيين علينا أن نصدر حكما واضحا بشأن قيمــة وأهميــة األمــور التي تشتمل على أحكام أخالقيــة مختلفــة في ذينـك النظـامين. الــزل في حرمــة الممارســات الجنســية ك في أن األخالق ال تخت شــ المحظورة وشرب الخمور وعـدم الحجــاب، بـل هنـاك الكثـير من األمور التي هي من الناحية األخالقية أشد قبحا وفظاعــة من هــذه

إذا كنت ال تشرب الخمــر فال األمور، وكما يقول الخيام، ما معناه:ــدم تطعن في السكارى، وأنت تؤسس للمكر والخديعة. ال تغتر بعــد الخمــر شرب الخمر وأنت تخضم أنــواع المحرمــات، الــتي ال يع شيئا بإزائها. فإن الظلم مثال والعنصرية واالستبداد وتضييع حقــوقــاء ــتيش والري ــاكم التف ــائق ومح ــويه الحق ــع وتش ــرين والقم اآلخ والنفاق والتظاهر بالزهد وتوظيف الدين ومــا إلى ذلــك يعتــبر منــاقرة ــير من الشــذوذ الجنســي ومع ــة أســوأ بكث ــة األخالقي الناحيكر الحاصــل بســبب الســلطة أشــد خطــرا من الخمــور. وإن الســكر الحاصل بسبب شــرب الخمــر. وهكــذا األمــر بالنســبة إلى الس االتجــار بالــدين )االرتــزاق من خالل الــدين(. وإن رفــع ســقفــاآلف ــوأ وأقبح ب ــريعة أس ــدة الش ــزاق على أعم ــلطة واالرت السد )االرتـــزاق من خالل الفحشـــاء(. وإن المـــرات من بيـــع الجســـ االلــتزام األخالقي يقتضــي من الشــخص أن يبــدي من الحساســية واالنفعــال تجــاه األفعــال المنافيــة لألخالق بمــا يتناســب مــع حجم

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد360هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

بة على تلك األمور. وأهمية األحكام األخالقية المترت إن الــذي يظهــر حساســية مفرطــة تجــاه الشــذوذ الجنســي وشرب الخمــر، ويرتــدي المــة الحــرب والكفن؛ من أجــل القضــاء على ظاهرة التصفيق وسـوء الحجــاب، وال يبـدي ذات الحساسـية تجاه االستبداد والظلم السياسي وهضم حقوق النــاس، لن تكــونــة د على العدال ــذي يؤك ــة. وهكــذا ال مشــاعره وأحاسيســه أخالقيــدي ذات ــه ال يبـ ــثروات، ولكنـ ــادل للـ ــع العـ ــادية والتوزيـ االقتصـ الحساســية تجــاه العدالــة السياســية والتقســيم العــادل للســلطة )الديمقراطية(، ال يمكنه أن يدعي بأن القلق الــذي يســاوره قلــق أخالقي، أو أنه منبثق عن الهواجس األخالقية، بل يجب النظر إلى صدق هؤالء األشخاص في مــا يــدعون بعين الشــك والريبــة. وفي الحقيقة فإن المبالغة في التأكيد على القيم األخالقيــة الثانويــة، أو التأكيد على مصاديق خاصة من القيم األخالقية العامــة، يعتــبر في حد ذاته نوعــا من الشــذوذ األخالقي؛ ألن مثــل هــذا التأكيــد يــؤديــة بالفرد والمجتمع إلى الغفلة وعدم االهتمام بنقض القيم األخالقيــاظ على األهم. ولو كان الفرد صادقا في هواجسه من أجــل الحف القيم فإنــه يجب أن ال يســاوي بين األهميــة الــتي يوليهــا للقيم ونقضــها، وإنمــا يجب أن تكـون هواجســه متناســبة مــع حجم تلـك القيم. وعند التعارض والتزاحم بين مالكــات القيم عليــه التضــحية بالقيم الدنيا من أجل القيم العليا، وأن يجعل األولويــة للــدفاع عن القيم األهم، وأن ال يــرتكب العشــرات من المنكــرات والفــواحش من أجل القضاء على منكر واحد. فما هي قيمة إغالق حانة الخمر

إذا كان ذلك يؤدي إلى فتح أبواب الزيف والنفاق والرياء؟! : يمكن القــول: إن ميــول األفــراد ورغبــاتهم الجنســيةوثانيا

والغذائية من زاويـة األخالق االجتماعيـة تـدخل في نطـاق حيـاتهم

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد361هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ــاتهم وأذواقهم الخاصة، بمعنى أن اآلخرين ال يحق لهم فرض متبنيــرين ر من ضغوط اآلخ أو دينهم على هؤالء األفراد، وإن كان التحرر من قيــود األخالق في مجــال الحيــاة الخاصــة ال يعــني التحــرــة، من خالل ــة دون االنحرافــات األخالقي ــد أن الحيلول ــة. بي الفردي ممارسة االستبداد الديني، إنما هو دفع للفاسد باألفسد، وارتكــابــالح األخالقي ال يتم لمنكر أكبر من أجل منع منكر أصغر؛ ألن اإلص عبر الضغط واإلكــراه، بــل إن مثــل هــذا األمــر هــو عين اإلفســاد؛

. (701)حيث يقضي على القيم األخالقية والدينية األسمى واألكبر وبعبارة أخرى: إننا هنا نواجه موردا من مــوارد التعــارض بين األخالق الفرديــة واألخالق االجتماعيــة. وعنــد التعــارض بين هــذين النوعين من األخالق يكون التقدم لألخالق االجتماعية؛ ألن هذا هــو مقتضى العدالــة، بمعــنى اإلنصــاف. فلــو أن الــذين يتبعــون نظــام األخالق الفردية، الذي يحظر ممارســة الشــذوذ الجنســي وشــرب الخمــر، كــانوا يعيشــون في مجتمــع تتــألف غالبيتــه من الشــاذين جنسيا والذين يشربون الخمر كــان لهم كامــل الحــق في اجتنــاب هذه الموبقات. ولو حاولت األكثرية في ذلك المجتمع حملهم على ممارسة تلك الموبقات العتبر ذلك مصداقا بارزا للظلم، وال يقــال بوجــود مثــل هــذا الحــق الــذي يــبيح لألكثريــة حمــل األقليــة على

ممارسة واتباع أخالقهم الفردية.

ـ كلمة أخيرة4ــاط المنطقي والمعــرفي بين ــا في هــذا الفصــل االرتب تناولنضنا بشكل محــدد بالنقــد والتقــييم لنظريــتي الدين واألخالق. وتعر

إحالل علم الفقــه محــل علم»، و«تبعية علم األخالق لعلم الكالم». «األخالق

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد362هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ــاء وكما رأينا، فإن حكم العقل طبقا للرؤية السائدة بين علم الشيعة إنما يكون معتــبرا إذا كــان قطعيــا ويقينيــا. ولكن حيث إنــادر التحقق ال يمكن الوصــول إلى حصــول القطــع واليقين أمــر ن حكم الشرع من خالل حكم العقل، ولذلك ال يمكن إبطال الفتاوى الفقهية باالستناد إلى القيم األخالقيــة. ومن جهــة أخــرى، حيث إن حجيــة الــوحي من وجهــة نظــر هــؤالء العلمــاء غــير متوقفــة علىــبرة أيضــا، يمكن القطــع واليقين، وإن بعض الظنــون النقليــة معت الوصول إلى حكم العقل من خالل حكم الشرع، ويمكن لنا إبطالــتركيب المتبنيات األخالقية من طريق الفتاوى الفقهية. وقد أدى الــل علم األخالق، ــه مح ــدعويين إلى إحالل علم الفق ــاتين ال بين هــخيص ــال تش ــرع في مج ــتقل عن الش ــل المس ــاء دور العق وإلغ

الحقوق والوظائف وتنظيم العالقات االجتماعية. كما تعاني ســائر الفــرق اإلســالمية، بشــكل وبــآخر، من هــذا النوع من النزعة النقلية الجزميــة أو مــا كــان على شــاكلتها، رغمــرق ــذه الف ــل بين ه ــل على العق ــديم النق ــة على تق اختالف األدل المختلفــة؛ فــإن دليــل تقــديم النقــل على العقــل عنــد األشــاعرة التقليديين ـــ مثال ـــ يقــوم على أن أحكــام الشــرع ال تتبــع المعيــارــد والمالك العقالني؛ في حين أن دليل تقديم النقل على العقل عن أكثر علماء الشيعة هو القــول بــأن الظنــون العقليــة )والتجريبيــة(

. (702)ساقطة عن االعتبار في مواجهة الظنون النقلية ،«العقل» على «النقل»وقد عمــدنا إلى نقــد القــول بتقــديم

ــل «علم الفقه»وإحالل ــان من«علم األخالق» مح بالتفصــيل. وكلنا إليهــا عــدم وجــود دليــل يشــترط حصــول بين النتائج التي توصــ القطع واليقين على اعتبار وحجية حكم العقل، ويدل على التقديمــات الفقهيــة )المســتندة إلى الــوحي المنطقي والمعــرفي للمتبني

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد363هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ــل ــ ــتندة إلى العق ــ ــة )المس ــ ــات األخالقي ــ ــل( على المتبني ــ والنقــلة من خالل ــات الحاص ــارض بين المتبني ــد التع ــدان(. وعن والوج القنوات المعرفيــة المختلفــة يحكم العقــل بضــرورة مقارنــة هــذه المتبنيات فيما بينها، وااللتزام بالمتبنى الذي يقوم الــدليل األقــوى لصالحه. وإن األدلة المتوفرة بين أيدينا لصالح المتبنيات األخالقيــة غالبا ما تكون هي األقــوى من األدلــة المتــوفرة لصــالح المتبنيــات

الفقهية المعارضة لها. ــك أيضــا. وليس كما أن التقوى والعدالة المعرفية تقتضي ذل هناك فــرق بين الــدليل العقلي والــدليل النقلي من هــذه الناحيــة. كما أن نسبة االحتياط والتسليم لحكم الله في كال طرفي القضية

متكافئ. إن النزعــة النقليــة القاطعــة، الــتي تقــوم على التفريــق بين النقــل والعقــل، وتكتفي في مــورد األدلــة النقليــة بــالوهم )الظن الذي ال يرقى إلى الخمسين بالمئة(، وتشـترط في الـوقت نفســه إلثبات الحجية لألدلة العقليــة أن تبلــغ درجــة القطــع واليقين، غــيررة، وال يمكن الدفاع عنها، بنفس المقدار الذي يكون في حالة مبر النزعة العقلية التي ال ترى أي قيمة واعتبار للتقاليد الدينيــة وغــير الدينية. إن المسؤولية المعرفية تقتضي من الفــرد أن يمنح قيمــةــوق ــة الحق ــام معرف ــل في مق ــل والنق ــل من العق ــاوية لك متس والتكاليف األخالقية والدينيــة. وعنــد حصــول التعــارض بين العقــل

والنقل يتم االنصياع لألمر الذي يحظى بدعامة معرفية أقوى. تــدخل»يذهب الدكتور عبد الكريم ســروش إلى القــول بــأن

ــة ــات العلميـ ــاء النظريـ ــاهم في بنـ ــدين يسـ ــل في فهم الـ العقـ والفلسفية والكالمية والعرفانية التي تساعد على فهم الــدين. والــه بد من اغتنام هذا العنصر المساعد، واالستمرار في توظيفه؛ ألن

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد364هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ل مفتاح السر الذي يفتح الطريــق أمــام التحــول والتقــدم في يمث.(703)«المعرفة الدينية

ــل في فهم ــدخل العق ــذا الفصــل تثبت أن ت ــوث ه إال أن بح الدين أعمق وأكثر تجذرا من ذلك؛ فــإن هــذا التــدخل يحصــل أوال من طريق المعايير العقالنيــة وأخالق التفكــير والتحقيــق )شــريعة العقل(. ولو تم االعتراف بهذا التدخل فإنه ســيفتح الطريــق أمــامــه تدخل العلم والفلسفة والكالم والعرفان. وإن الذين يقفون بوج تدخل العلم ـ األعم من العلوم الطبيعيــة واإلنســانية ـــ والفلســفة والكالم والعرفان في فهم الدين والشريعة ليس لهم مســتند غــير العقالنية وأخالق التفكير والبحث التقليدي. وإن العقالنية واألخالق هما اللـذان يحظـران مثــل هــذا التــدخل، ويعتبرانــه محرمــا وغــير مشروع. وعليه فــإن أول شــيء يتعين علينــا القيــام بــه في إطــار إحياء الفكر الديني يجب أن يكون إصالح هــذا النــوع من العقالنيــة واألخالق. وإن حــل المشــاكل الماثلــة أمــام المجتمــع الــديني في

ــر في ــادة النظـ ــة رهن بإعـ ــة الحديثـ ــاد»المرحلـ «أخالق االجتهـــدم الحاصــل في مجــال فلســفة«أخالق التقليد»و في ضــوء التق

األخالق وعلم المعرفة والهرمنيوطيقا.الهوامش

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد365هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

أصول فقه اإلمامية رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق

التأريخيةـ القسم الثاني ـ

ن *(*()الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمي

أوال: مصنفات القرن الثاني الهجري قلنا فيما مضى إنه لم يصــلنا الكثــير من المــدونات الشــيعيةع آثــار المــدونات في القرون األولى؛ لذا سيكون المنهج هنا هو تتبــا في كتب الفهارس والرجال، التي تعد المصدر األســاس إلعطائن

الصورة العامة للتأليفات الشيعية آنذاك.

كتــاب من األصــول في الروايــة على مــذاهب الشــيعة،ـ 1هـ(141ألبان بن تغلب الكوفي)

، ولــه^صــحب أبــان األئمــة زين العابــدين والبــاقر والصــادق قــال:×عندهم منزلة وقرب؛ فلما بلغ خبر وفاتــه اإلمــام الصــادق

)أما والله لقد أوجع قلــبي مــوت أبــان(. ويعــد من أعيــان الشــيعةاإلمامية.

ــة ــديث واألدب واللغـ ــه والحـ ــالقرآن والفقـ ــا بـ ــان علمـ كـ.(704)والنحو

م.2004العلمية في قم عام محاضرات ألقاها سماحة الشيخ حيدر حب الله في الحوزة وهذا البحث في عمدته عبارة عن مجموعة من سلسلة أستاذ في الحوزة العلمية، من المملكة العربية السعودية.)*( *( ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد366

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه اإلمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

ــديم) ــه ابن الن ــر ل ــة من438ذك ــته مجموع ــ( في فهرس هـــر فيــه(705)الكتب، منها: هذا الكتاب ، والذي يبدو من عنوانه أنه ذك

القواعد العامة للرواية عند الشيعة بمذاهبهم، ولم يذكر الشــيخان هـــ( ألبــان كتابــا بهــذا العنــوان،460هـ( والطوسي)450النجاشي)

، وقــد(706)وإنما ذكر الطوســي في )الفهرســت( أن ألبــان )أصــال(ـه من أشــهر الـرواة، وروى بإسـناده عن عرف النجاشــي أبـان بأن

، مخاطبا أحد الرواة، قائال: )إن أبان بن تغلب روى عني×الصادق ، وهــذا يعــني أنـه عـرف في(707)ثالثين ألف حــديث، فاروهـا عنـه(

األوساط العلمية بكونه أحد أكبر الرواة؛ بشهادة اإلمام، والمتالكــهأصال روائيا.

ــائي (708)لهذا ذهب كل من: السيد حسين المدرسي الطباطب

هـــ( إلى أن هــذا الكتــاب1434)(709)والشيخ عبد الهــادي الفضــلي الــذي نســبه ابن النــديم هــو نفس األصــل الــذي ذكــره الطوســي

. ولعلهمــا ذهبــا إلى هــذا من عنــوان الكتــاب، الــذي هــو(710)ألبــانأقرب ألصول الرواية منه إلى أصول الفقه.

ويبقى احتمال انتماء الكتاب ألصول الفقه واردا.

ــ( بين دائــرتي أصــول199ـ هشام بن الحكم الكوفي)2 هـالفقه والكالم

، وعــرف×كان هشام بن الحكم من خــواص اإلمــام الكــاظم.(711)ببراعته في علم الكالم والمناظرات المذهبية

فات مجموعــة من ــارس والمصــن ــه علمــاء الفه ــر ل وقــد ذكالكتاب، منها:

، وحديث االنتماء األصولي أـ كتاب األلفاظ

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد367هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

هــذا الكتــاب لهشــام.(712)ذكر الشيخان النجاشي والطوسيف أصــولي . وهــو وإن لم(713)وذهب كثيرون إلى أن الكتــاب مصــن

يصــلنا حتى نعــرف محتوياتــه، إال أن عنوانــه واضــح في ذلــك؛ــذا ــاظ من الموضــوعات األولى واألساســية في ه ــاحث األلف فمب

العلم. ولكن مــع هــذا، فمجــرد توافــق عنــوان الكتــاب مــع مبــاحثر عــد الكتـاب ضـمن األلفاظ الــتي تبحث في أصــول الفقــه ال يـبر المدونات األصولية. وقد شــكك مجموعــة من العلمــاء في انتمــاءالكتاب إلى أصول الفقه، ومنهم: السيد محســن األمين العــاملي)

والســيد(715)هـ(1434، والشيخ عبد الهادي الفضلي)(714)هـ(1370.(716)حسين المدرسي الطباطبائي

ــة، ــولية المتقدم ـذكر في الكتب األص ـ ــوان لم ي ــذا العن إن ه والتي من المفترض أن ينتمي إليهــا )كتــاب األلفــاظ(. ولــو رجعنــا

هـ(، وهي من أقدم ما204إلى كتاب )الرسالة(، لإلمام الشافعي)ــاحث ــوان )مب ــا عن وصــلنا أصــوليا من تلــك الفــترة، لن نجــد فيه األلفاظ( أو مــا يقــرب من هـذا العنــوان، وكـذلك الكتب األصـوليةالقديمة من بعده، ككتاب )التذكرة بأصول الفقه( للشـيخ المفيـد)

ــى)413 ــيد المرتض ــريعة( للس ــول الش ــة إلى أص ــ(، و)الذريع هـ هـــ(،460هـ(، و)العدة في أصــول الفقــه( للشــيخ الطوســي)436

وغيرهــا. ولعلنــا لن نجــد عنــوان )مبــاحث األلفــاظ( إال في القــرنالسابع الهجري أو قبله بقليل.

كما أن هناك محــاوالت تحتمــل انــدراج )كتــاب األلفــاظ( فيعلوم أخرى غير أصول الفقه، ومنها:

ـ محاولة الدكتور حسين المدرسي الطباطبائي، الذي يــرى1ــة ــاف(. فبمراجع ــحفا من )األلط ــاء مص ــاظ( ج ــوان )األلف أن عن

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد368هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه اإلمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

فهرســت الشــيخ الطوســي ال نجــده يــذكر لهشــام كتابــا بعنــوان . وهــذا(717))األلفــاظ(، بــل يــذكر كتابــا بعنــوان )كتــاب األلطــاف(

ــه هشــام، ــرف ب ــذي ع ــاحث علم الكالم ال ــوان مناســب لمب العنوخصوصا في مجال المناظرات مع المعتزلة.

كما يذكر المدرسي احتماال آخــر يمكن حمــل عنــوان )كتــابفه ضمن المــدونات الكالميــة. فبحث األلفــاظ األلفاظ( عليه، ليصن مرتبط بجـذور معرفـة األلفــاظ، وهـذا بحث كالمي، وال عالقـة لـه

بالجانب اللفظي الذي يهم األصولي.ــا ال نجــد أي ــك: إنن ــائي إلى ذل ويضــيف المدرســي الطباطب إشارة لهذا الكتاب عند متقــدمي أصــوليي الشــيعة الــذين وصــلتنا كتبهم، فضال عن النقل عنــه، وال حتى نســبة بعض اآلراء األصــولية

!(718)لهشام من هذا الكتاب ـــ محاولــة العالمــة الفضــلي، الــذي اســتبعد أن يكــون هــذا2

الكتاب منتميا إلى أصول الفقــه؛ فعنــوان )األلفــاظ( من العنــاوين المستعملة قديما في مدونات علمي المنطق والفلسفة، كمــدخل لتحديد مصطلحات العلم قبــل الــدخول في مباحثــه. وألن هشــاما عرف بتخصصه في الحكمة اســتقرب الفضــلي أن يكــون الكتــاب

في مصطلحات الحكمة.رات جزمية العتبار )كتاب األلفاظ( لهشام إذن، ال توجد مؤش بن الحكم أحد المدونات األصولية. وتبقى كل االحتماالت مفتوحــة لألخذ والرد. ويحتمل أن يكــون الكتــاب في مســألة اللفــظ اإللهيــام بن الحكم من ــه هشـ ــرف بـ ــا عـ ــبة مـ والكالم اإللهي؛ لمناسـ

تخصصه في علم الكالم اإلسالمي.

ب ـ كتاب األخبار وكيف تصح؟

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد369هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

وهــو الكتــاب اآلخــر لهشــام. وقــد ذكــره ابن النــديم في . وأما الشيخان الطوسي والنجاشي فقد ذكرا لهشــام(719)فهرسته

. وال يبعــد أن يكــون العنوانــان لكتــاب(720)كتابــا بعنــوان )األخبــار( واحد، وهو كما ذكره ابن النديم الذي عرف بدقته في الفهرســت؛

ألنه كان يعمل وراقا. وعنــوان الكتــاب يزيــد من احتمــال أن يكــون حديثــه في موضوعات أصول الفقه. فلعل حديثه حــول المعــايير في تصــحيح

األخبار.د هذا االحتمال ما نقله السيد المدرسي الطباطبائي، وما يؤك

هـ( نقل عن هشام رأيا في436من أن السيد الشريف المرتضى) . ومن المناسب أن يكون النقل من هذا(721))حجية الخبر المتواتر(

الكتاب دون بقية كتب هشام؛ لمناسبة المنقول لعنوان الكتاب.

كتـــاب اختالف الحـــديث، ليــونس بن عبـــد الرحمـــان)ـ 3هـ(208

، وكــان’صــحب اإلمــامين موســى الكــاظم وابنــه علي الرضاــد اإلمــام الرضا زا عن ــا. وفي×ممي ــه في العلم والفتي ، ويشــير إلي

.(722)حديث أن اإلمام وصفه بأنه ممن يؤخذ عنه معالم الدين . والعنوان يجعله في(723)ذكر له الشيخ الطوسي هذا الكتاب

أصول الفقه؛ إذ يبدو أن موضــوعه تعــارض األحــاديث، والــذي هــومن مهمات أصول الفقه.

واحتمــل بعضــهم أن يكــون عنــوان الكتــاب: )كتــاب اختالف (، فيكــون’الحــديث ومســائله عن أبي الحســن موســى بن جعفر

الكتاب عبارة عن مسائل في اختالف الحــديث، دونهــا يــونس عن.×اإلمام الكاظم

ما هو أول تصنيف في أصول الفقه اإلسالمي؟ ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد370

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه اإلمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

خين ألصول الفقه وقع هذا الموضوع موردا للبحث بين المؤر اإلسالمي عموما، وتضـاربت اآلراء ووجهـات النظـر فيـه. ونحـاولــات في هنا أن نضيء على الموضوع من خالل اســتعراض االتجاه

تحديد أول مدون ألصول الفقه عند المسلمين.وأبرز هذه االتجاهات التي يمكن استعراضها، هي:

ــذياالتجاه األول : أو اتجاه المدرسة الشيعية اإلمامية، واليرى أن الشيعة هم الرواد األوائل في التصنيف في أصول الفقه.

ــد هــذا وهــذا االتجــاه انقســم إلى رأيين أساســيين في تحديالمصنف األول:

: الذي يذهب إلى أن )كتــاب األلفــاظ( لهشــامالرأي األولبن الحكم هو أول مؤلف في أصول الفقه.

ــاب؟ ولكن من ــان تصــنيف الكت ــتى ك ــا ال نعلم م صــحيح أنند أنه دون قبل سنة ) ــا199المؤك ــوفي فيه هـ(، وهي السنة التي ت

هشام.ويبدو أن أول من رأى هذا الرأي هــو الســيد حســن الصــدر)

ــيد علي نقي(724)هـ(1354 ــة، منهم: السـ ــه مجموعـ ــه فيـ ، وتبعـ142، الشيخ محمد مهــدي شــمس الــدين)(725)هـ(1403الحيدري)

ــري(726)هـ(1 ــوي الجزائ ــيد علي الموس ــد(727)، الس ــيد محم ، الس، وغيرهم.(728)صادق الروحاني

ومن الواضح أن أصحاب هذا الرأي يقولون بأن هــذا الكتــابف ف في بعض مبــاحث أصــول الفقــه، ال أنــه أول مصــن أول مصــن جامع لمباحث هذا العلم، بل هذا ما نص عليه السيد الصدر بقوله:

.(729))وأول من أفرد بعض مباحثه بالتصنيف هشام بن الحكم...( : يرى أن كتــاب )اختالف الحــديث ومســائله(،الرأي الثاني

ف في أصول208ليونس بن عبد الرحمان) هـ(، هو أول مؤلف صن ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

371هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

الفقه. ومســتنده هــو أن صــاحب هــذا الــرأي، وهــو الســيد محســن

ــاملي) ــاظ(1371األمين الع ــاب األلف ــون )كت ــكك في ك ــ(، ش هـــل ســنة ) ــ( في موضــوعات أصــول الفقه199المؤلف قب .(730)هـ

ف قبــل ســنة فعليه يكون كتاب )اختالف الحديث ومسائله( قــد ألهـ(.208وفاة يونس، وهي )

ز هــذا الــرأي مــا ذكــره بعض البــاحثين، من أن عنــوان ويعــز (،×الكتاب هو )اختالف الحديث ومسائله عن أبي الحســن موسى

ــل ) ــاظم، أي قب ــام الك ــاة اإلم ــد دون في حي ــاب ق ــون الكت فيك.(731)هـ(، وهي سنة شهادة اإلمام182

: أو اتجاه المدرسة السنية، والــذي يــرى أناالتجاه الثانيالسنة هم السابقون في التصنيف في أصول الفقه.وانقسم هذا االتجاه إلى اآلراء األربعة التالية:

ــدالرأي األول : الذي يرى أن كتاب )الرسالة(، لإلمام محم هـ(، هو أول مصنف إسالمي في أصول204بن إدريس الشافعي)

الفقه.ــان بن ــد الرحم فالمروي في سبب تأليفها هو أن الحافظ عب

هـ( التمس من الشافعي، وهــو شــاب، أن198هـ أو 192المهدي)ــالقرآن والســنة ــه شــرائط االســتدالل ب ــذكر في ــا ي ــه كتاب يضــع ل واإلجماع والقيــاس، وبيــان الناســخ والمنســوخ، ومــراتب العمــوم

.(732)والخصوص؛ فوضع الشافعي له كتاب )الرسالة( ـة، عنـدما كـان شـابا ؛(733)وكان تأليفـه لهـا أول مـرة في مك

فها في بغداد هـــ(؛197هـــ و195، أي بين ســنتي )(734)وقيل: إنه أل . إال إن(735)ألنهما السنتان اللتان أقـام فيهمـا الشــافعي في بغـدادهذا مستبعد؛ بمالحظة وفاة عبد الرحمان بن المهدي.

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد372هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه اإلمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

هـــ( أو في199، أي في ســنة )(736)ثم أعاد تأليفهــا في مصر هـ( وما بعدهما؛ ألنه في إحــدى هــاتين الســنتين وصــل201سنة )

.(737)إلى مصر وهذا الرأي هو الغالب في الوســط العلمي الســني، كــالفخرر بـ)اتفق النــاس على أن أول من الرازي من المتقدمين، الذي عب

ف في هــذا العلم هــو الشــافعي( ؛ والزركشــي في )البحــر(738)صن المحيــط في أصــول الفقــه(؛ وابن خلــدون في )المقدمــة(؛ وأبــوــول(؛ ومن ــات األصـ ــول من تعليقـ ــزالي في )المنخـ ــد الغـ حامـ المتأخرين: عبد الغني الــدقر في )اإلمــام الشــافعي فقيــه الســنة األكــبر(؛ والشــيخ محمــد ســليمان األشــقر في )الواضــح في علم أصول الفقه(؛ والشيخ عبد الكريم زيدان في )الوجــيز في أصــولــه(؛ ــاب خالف في )علم أصــول الفق ــد الوه ــيخ عب ــه(؛ والش الفق الشــيخ محمــد العــثيمين في )شــرح األصــول من علم األصــول(؛

؛(739)واألستاذ أحمــد محمــد شــاكر في )تقــديم رســالة الشــافعي(وغيرهم.

فه أبــو يوســفالـرأي الثــاني : ويــرى أصــحابه أن مــا صــن هـ(، صاحب أبي حنيفــة، هــو أول مصــنف182يعقوب بن إبراهيم)

فه. ولكن في أصول الفقه، وإن لم يذكروا عنوان الكتاب الذي صنــه ف في أصول الفق ابن خلكان ذكر أن أبا يوسف هو أول من صن

.(740)على مذهب أبي حنيفة ؛(741)واحتمل هذا الرأي كل من: الشيخ مصطفى عبد الرزاق

ــان(742)والدكتور محمود الشهابي ، الذي اعتمد على كالم البن خلك الســابق، باإلضــافة إلى أن وفــاة أبي يوســف متقدمــة على وفــاة الشافعي، وهذا يعني أن تصنيفه للكتاب المنسوب إليه كــان قبــل

هـ(.182سنة ) ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

373هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

فات محمــد بن الحســنالرأي الثالث : الذي يــرى أن مصــنــولية، وهي189هـ أو 182الشيباني) فات األص هـ( هي أولى المصن

ـ كما نسبها له ابن النديم ـــ: )أصــول الفقــه( و)كتــاب االســتحان( . وقــد كــانت وفاتــه ســابقة على وفــاة(743)و)كتاب اجتهــاد الــرأي(

الشافعي بأكثر من عشر سنين..(744)وذهب لهذا الرأي الدكتور محمود الشهابي

ف في أصول الفقــه هــو مــاالرأي الرابع : هو أن أول مصنفه أبو حنيفة النعمان) هـ( أن911هـ(؛ فقد ذكر السيوطي)150صن

ف في أصول الفقه هو أبو حنيفة ، وتبعه على هــذا(745)أول من صنع ـــ مــا هي(746)أبو الوفا األفغــاني ب التتب ، ولم يــذكر أحــد ـــ بحســ

ف األصولي ألبي حنيفة. طبيعة هذا المصن هذه أبرز اآلراء في تحديد أول مصنف في أصول الفقه على

مستوى االتجاهين الشيعي والسني.

مداخالت ومالحظات ـ إن كون )كتاب األلفاظ( لهشام بن الحكم هو أول مصنف1

ــاب في ــوع الكت ــون موض ــه متوقف على أن يك ــول الفق في أص أصول الفقه. وهذا ما تمت مناقشته فيما ســبق. فليس هنــاك مــافات األصــولية، فال يدل بشكل واضــح على انتمــاء الكتــاب للمصــن

يمكن اعتباره المؤلف الرائد.ــد2 ــونس بن عب ــاب اختالف الحــديث(، لي ــون )كت ــا ك ــ وأم ـ

ــاب ــون الكت ــوان ال يك ــذا العن ــو به ف األول فه ــان، المصــن الرحم السابق في هذا المجــال؛ إذ اآلراء اآلتيــة تثبت تقــدم غــيره عليــه؛

بمالحظة سنوات الوفيات.ــاب ــاب، وهي: )كت ــوان لكت ــة لعن ــيغة الثاني ــوص الص وبخص

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد374هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه اإلمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

(،’اختالف الحــديث ومســائله عن أبي الحســن موســى بن جعفرــالرجوع إلى نســخة فهرســت ــه ب ــة؛ إال أن فهي وإن كــانت محتمل الطوسي المحققة نجدها ذكرت هذا العنوان كعنـوانين مســتقلين:

: )مســائله عن أبي الحســنواآلخر: )اختالف الحــديث(؛ األول.(747)(’موسى بن جعفر

ومع هذا، حتى لو كان عنوان الكتاب بالصــياغة الثانيــة فلعــل في حياتـه،×يونس قـد ســمع هــذه المســائل من اإلمــام الكـاظم

ــأليف الكتــاب بعــد ســنة ) وألف الكتــاب بعــد شــهادته؛ فيكــون تهـ(.183

فهذا الرأي مستبعد أيضا. ـ من الواضح أن الرأي المشهور بين علماء أهل الســنة أن3

ف أصـــولي. ولكن؛ بمالحظـــة كتـــاب )الرســـالة( هـــو أول مصـــن الرســالة، ســوف نرصــد ظــاهرتين ال يمكن بعــدهما تصــحيح هــذا

الرأي والقبول به: : القارئ لكتــاب )الرســالة( ســيالحظ فيالظاهرة األولى

، بــل(748)أولها قولــه: )أخبرنــا أبــو عبــد اللــه محمــد بن إدريس...(ر عبـارة )قـال الشـافعي( في كثـير من مقاطعها ، وهــذا(749)وتكـر

يعني أن الكتاب من إمالءات الشافعي، ال من مدوناتــه. وإلى هــذا.(750)ذهب محقق )الرسالة( األستاذ أحمد محمد شاكر

فإذا كــانت كــذلك ــ أي إنهـا من إمالء الشــافعي ــ فحـق أن هـ( هما أول من دونا148هـ( والصادق)114نعتبر اإلمامين الباقر)

في أصول الفقــه؛ فقــد أمليــا على طالبهمــا الكثــير من النصــوص األصولية. وقد جمعت في أكثر من كتاب، ككتاب )األصول المهمةــول آل ــاب )أص ــاملي، وكت ــر الع ــيخ الح ــة( للش ــول األئم في أص الرســول( للســيد هاشــم بن زين العابــدين الخوانســاري، وكتــاب

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد375هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

ــاب )األصــول )األصــول األصــيلة( للشــيخ الفيض الكاشــاني، وكتر. األصلية( للسيد عبد الله شب

ــذه ــ ــياق، وهي: إن ه ــ ــذا الس ــ ــة في ه ــ ولكن تبقى مالحظــرن’اإلمالءات من اإلمامين الباقر والصادق لم يتم تدوينها في الق

الثاني الهجري، أي لم تجمع أقوالهما في عصــرهما، إنمــا تم ذلــكبعد القرن الثاني بقرون، وكالمنا في التدوين.

ــاهرة الثانية : من المالحـــظ أن )الرســـالة( حـــوتالظـ موضوعات غير الموضوعات األصولية، مثل: )بــاب فــرض الصــالة التي دل الكتاب ثم السنة على من تزول عنه بالعــذر وعلى من الا(، تكتب صالته بالمعصية(، و)وباب الفرائض الــتي أنــزل اللــه نصــمــات النســاء و...( ــدد ومحر و)جملة الفرائض: الزكــاة والحج والع

، فــورود أمثــال هــذه الموضــوعات في )الرســالة( لن يجعلهــا(751)ــرت من أصــول الفقــه مــدونا خالصــا في أصــول الفقــه، وإن اعتب بالمعنى القديم، وقبــل أن تتبلــور القواعــد األصــولية كمــا نعرفهــا

اليوم.زة لرسالة اإلمــام الشــافعي؛ لكونهــا أحــد ومع األهمية المميب أقدم النصوص الواصلة إلينا في الفكر اإلســالمي، ولكن؛ بحســ ما بأيدينا من معطيــات، ال يمكن أن تكــون هي المــدون األول في

أصول الفقه اإلسالمي.ح مــا ذكــره العالمــة الســيوطي، من أن أبــا حنيفــة3 ـ إذا صــ

ــو ف في أصول الفقه، فبالتأكيد سيكون ه النعمان هو أول من صنهـ( متقدمة على جميع من ذكر.150السابق؛ إذ إن وفاته سنة )

ف، ولم إال أن السيوطي لم يــذكر لنــا مــا هــو عنــوان المصــنــذه ــل ه ف؛ ليالحظ ويدرس؛ فلع يصلنا ـ مع شديد األسف ـ المصن

النسبة كنسبة سبق التصنيف إلى رسالة الشافعي.

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد376هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه اإلمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

ــة في ــبقية أبي حنيف ــيوطي من أس ــود الس ــان مقص ــو ك ولــر عنــه من قواعــد اســتنباطية كــان التصــنيف األصــولي هــو مــا أث يمارسها فهذا خارج عن بحثنــا؛ فبحثنــا ـــ كمــا ذكرنــا ـــ حــول بــدء

التصنيف، ال المساهمة في التأسيس، التي تجاوزناها.ــيوطي، من أن لهذا ال يمكن االطمئنان بما ذكره العالمة الس

أبا حنيفة هو الرائد في التصنيف األصولي. ـ والمالحظة السابقة تأتي على مــا ذكــره ابن خلكــان، من4

ف في أصول الفقه؛ فلم يذكر لنا ما أن أبا يوسف هو أول من صن هو عنوان هذا المصنف؛ ولم يصلنا شيء من هــذا التصــنيف. ولــو صحت هذه النسبة ألبي يوســف فال يضــر أن يكــون تصــنيفه على وفق مذهب أستاذه أبي حنيفــة. فــالمهم أن مــا ذكــره من قواعــد وموضوعات تصب في حريم أصول الفقه، ولو لم تقبل آراؤه عند

آخرين. وعليه فليس من الواضـح أن أبـا يوسـف هـو رائـد التصـنيف

األصولي.ــة من5 ــ ــوى من بين اآلراء المطروح ــ ــرأي األق ــ ــ يبقى ال ــ ـ

ف في االتجاهين هو الرأي القائل بــأن الشــيباني هــو أول من صــن أصول الفقه؛ فعناوين الكتب الــتي ذكرهــا لــه ابن النــديم واضــحة االنتماء إلى دائرة العلم، ووفــاة الرجــل متقدمــة على غــيره ممن

يحتمل في حقهم السبق في التدوين. ــيباني عن ــال يمكن أن يطــرح ســيبعد الش ــة احتم إال أن ثم الصدارة، وهو أن يكون كتاب أبان بن تغلب المعنون بـ )كتاب منف األصــولي األصول في الرواية على مذاهب الشيعة( هــو المصــن األول؛ فالعنوان ـــ كمــا ذكرنــا آنفــا ـــ يناســب أن يكــون موضــوعا أصوليا ـ مع تجاوز ما احتملــه الــدكتوران الفضــلي والمدرســي ـــ،

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد377هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

هــــ(، وهي متقدمـــة على وفـــاة141ووفاتـــه كـــانت في ســـنة )الشيباني.

ـرح سـابقا، وهـو أن6 ـ ويمكن هنا طرح رأي آخر غـير مـا ط يكون )كتــاب األخبــار وكيــف تصــح؟(، لهشــام بن الحكم، هــو أولــرد تصنيف في أصول الفقه عنـد المســلمين؛ فعنــوان الكتــاب ال تلة على غيره من الكتب التي احتمــل عليه تلك المالحظات المسجف الرائــد؛ لوضــوح عنــوان الكتــاب في في حقها أن تكون المصــنــار؛ أو انتمائه إلى الدائرة األصولية؛ إما في البحث عن حجية األخبد هــذا مــا نقلــه الــدكتور في البحث عن تعــارض األخبــار. ويؤك

المدرسي، فراجع. وكانت وفاة هشام في أواخر القرن الثاني الهجري في سنة

ــنيف199) هـ(، فهو متقدم على كثيرين ممن قيل: إنهم رواد التصاألصولي.

ثانيا: مصنفات القرن الثالث الهجريهـ(217كتاب اختالف الحديث، لمحمد بن أبي عمير)ـ 4

. وصفه’وهو ممن صحب وروى عن اإلمامين الكاظم والرضا الشــيخ النجاشــي بأنــه )جليــل القــدر، عظيم المنزلــة فينــا وعنــد

.(753). وذكر له هذا الكتاب في )الفهرست((752)مخالفينا(ــارض والكتاب وإن لم يصلنا، إال أن عنوانه يناسب مباحث تع

األحاديث، وهو من الموضوعات األساسية في أصول الفقه.

ال)5 ـ كتاب الناسخ والمنســوخ، للحســن بن علي بن فضــهـ(224

كان من القائلين بإمامة عبــد اللــه األفطح ابن اإلمــام جعفــرــادق ــاظم×الص ــام الك ــة اإلم ــر بإمام ــام×، ثم أق . روى عن اإلم

.(754). وكان ثقة، ووصف بأنه جليل القدر، عظيم المنزلة×الرضا

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد378هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه اإلمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

.(755)ذكر له النجاشي هذا الكتاب وعنوان الناســخ والمنســوخ وإن كــان من موضــوعات علــومــا القرآن الكريم، إال أنه يعد من موضوعات أصول الفقه أيضا. ولن أن نراجع الكتب األصولية المتقدمة الواصلة إلينا، كتــذكرة الشــيخ

ــيد المرتضى(756)المفيد ــة السـ ــدة الطوسي(757) وذريعـ ،(758)، وعـ وغيرها، لنرى أنها كانت تناقش هذا الموضوع ضمن أصول الفقه.

فعد الكتاب من أصول الفقه وجيه جدا.

كيت)6 ــو يوســف يعقــوب بن إســحاق الســ ــ أب ــ(،246ـ هـواالنتماء إلى علماء أصول الفقه؟

يت من أصــحاب اإلمــامين ك ذكــر الشــيخ النجاشــي أن الســ ، وعــده من×، وممن روى عن اإلمــام الجــواد’الجــواد والهــادي

.(759)الثقات الذين ال يطعن عليهمــاب ــا: )كت ــة من الكتب، منه ــون مجموع ــه المفهرس ــر ل ذك

. وقــد(761)، و)كتاب مــا اتفــق لفظــه واختلــف معنــاه((760)األلفاظ(ــنامه ــه )دانش ــد رضــا ضــميري، في كتاب ــتاذ محم ــا األس اعتبرهميت، فقــال مــا ك فات األصــولية للســ أصــوليان شــيعه(، من المصــن ترجمته: )...وقد كتب في األصول كتاب األلفاظ؛ وكتاب مــا اتفــق

.(762)لفظه واختلف معناه. والكتابان غير موجودين(يت من ك ولنــا وقفــة مــع األســتاذ ضــميري في اعتبــاره الســ

األصوليين، وعده الكتابين من المدونات األصولية: ـ أما في ما يخص )كتاب األلفاظ( فقــد وصــلتنا نســخة من1

الكتاب، وهو مطبوع بتحقيق: الدكتور فخر الدين قباوة.ــاط للكتــاب بعلم ومن خالل مطالعة الكتاب لم نجــد أي ارتب أصول الفقه، وإنما هو في )معاجم المعاني(، ومن أقدم المصــادر

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد379هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

م إلى مائـة وســبعة(763)الواصلة إلينا في هذا المجـال . فهــو مقســ وأربعين بابا؛ مثال: باب الفقر والجــدب، بــاب الجماعــة من اإلبــل، باب حدة الفؤاد والذكاء، باب رفعك الصوت بالوقيعــة في الرجــل

تم له، باب أسماء القمر وصفته، و... والشــا في علم ــه، وإنم ــول الفق ــد ليس في أص ــاب بالتأكي فالكت

اللغة. ـ وأما كتابه اآلخر )كتاب مــا اتفــق لفظــه واختلــف معنــاه(2

ــمونه، ومن ثم الحكم ــرف على مض ــلنا حتى نتع ــاب لم يص فالكت عليه؛ إلدخاله ضمن الدائرة األصولية أو إخراجه منها. ولكن يمكنناــة؛ للخــروج بنتيجــة عامــة حــول مالحظــة مجمــوع القــرائن التالي

الكتاب:ب مــا بأيــدينا من عنــاوينالقرينة األولى : لم نجــد، بحســ

يت ك للكتب األصولية، مع التركيز على الفترة الــتي عاصــرها الســ وما بعدها، أي كتاب أصولي بهذا العنوان؛ حتى يمكن أن نستقرب

يت كتابا في أصول الفقه. ك أن يكون هذا الكتاب للس : المالحــظ أن مجموعــة من الكتب حملتالقرينـة الثانية

نفس هـــذا العنـــوان، وكلهـــا تنتمي إلى المجـــال اللغـــوي، أو أنفيها من اللغوين المعــروفين. مثال: أبــو العميثــل عبــد اللــه بن مؤل

هـــ( الشــاعر213، األصــمعي)(764)خليــد لــه كتــاب بنفس العنــواند اللغــوي(765)العــربي المعــروف لــه كتــاب بنفس العنــوان ، المــبر

هـ( له كتــاب )مــا اتفقت ألفاظــه واختلفت معانيــه في285البارز) ، األحول بن العباس من علماء اللغــة والشــعر(766)القرآن الكريم(

، وغيرهم. وهذا أيضا مما يزيد احتمــال(767)له كتاب بنفس العنوانكيت هذا في اللغة، ال في أصول الفقه. أن يكون كتاب الس

ــة الثالثة كيت فيالقرينـ ــ ــ ــية ابن الس ــ ــرفت شخص ــ : ع

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد380هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه اإلمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

األوساط العلميــة والثقافيـة كشخصــية لغويـة؛ فقــال عنــه الشــيخر(768)النجاشــي: )...وكــان وجهــا في علم العربيــة واللغــة...( ؛ وعب

عنه ابن النديم: )...وكان يعقــوب يكنى بــأبي يوســف، من علمــاء بغداد ممن أخذ عن الكوفيين... وكان عالما بنحــو الكوفــيين وعلم القرآن والشعر، وقــد لقي فصــحاء األعــراب، وأخــذ عنهم، وحكى

؛ وعده أبو بكر محمــد بن الحســن(769)في كتبه ما سمعه منهم...( الزبيـدي األندلسـي من علمـاء اللغـة، وذكـره في كتابـه )طبقــات

.(770)النحويين واللغوين( وترجم لهــ أو على مجموع هذه القرائن الثالث يسلمنا إلى االطمئنان ـ األقل إلى االحتمال القوي ـ بأن )كتــاب مــا اتفــق لفظــه واختلــف معناه( كتاب في اللغة، ال ما ذهب إليه األســتاذ ضــميري، من أنــه

في أصول الفقه. قــد يــأتي إلى الــذهن هــذا االحتمــال، وهــو: صــحيح أن هــذه القرائن المتقدمة قد أنهتنا إلى االطمئنان بـأن الكتـاب في اللغــة، ولكن هذا ال يعني أن ال يكون للكتاب نحــو ارتبــاط بأصــول الفقــه

في مباحثه اللغوية. ويمكن دفع هــذا االحتمـال من خالل االطالع على نمـاذج من محتويات الكتب التي تتناول ما اتفق لفظه واختلف معنــاه، ومنهــا

هـــ(،225ـ مثال ـ: ما دونه إبراهيم بن أبي محمــد يحــيى اليزيــدي) يقول في مفردة )الدين(: )واحد األديـان. والـدين: الطاعـة. يقــال دنت له: طعت له. والدين: الــدأب، يقــال: مــا زال ذلــك دينــه، أي

. فالكتب التي تحمــل هــذ العنــوان هي معــاجم(771)دأبه وديدنه...( في )المشترك اللفظي(، وال يمكن عدها من المــدونات األصــولية

بالمعنى الذي نقصده هنا.

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد381هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

ــاذان)7 ــل بن ش ــر والنهي، للفض ــاع األم ــالة اجتم ــ رس ـهـ(260

أحــد أشــهر المتكلمين الشــيعة في عصــره. روى عن اإلمــام.×محمد بن علي الجواد

ذكر له البــاحث محمــد رضــا ضــميري هــذه الرســالة، وبهــذاــوان ــد(772)العن ــالة، ولم نج ــذه الرس ــدرا له ــذكر مص . ولكن لم ي

ع. مصدرها، بحسب التتب

هـــ(،260إســماعيل بن علي النوبخــتي)بعــد ـ أبو سـهل 8والتعدد في التصنيف األصولي

وصفه الشـيخان النجاشـي والطوسـي بأنـه شـيخ المتكلمين. (773)من الشيعة

فاته في موضـوعات أصـول وقد تميز أبو سـهل بـوفرة مصـنرا عاليــا على تنــامي البحث األصــولي الفقه. وهذا ما يعطي مؤشــ في الوسط اإلمــامي وبـدء نضـجه في النصــف الثـاني من القــرن

الثالث الهجري.فات النوبختي في هذا المجال هي: ومصن

أـ كتاب الخصوص والعموم واألسماء واألحكام. وقد ذكــر لــه هـــذا الكتـــاب. وموضـــوع(775) والطوسي(774)الشـــيخان النجاشي

الخصوص والعموم من الموضوعات األصولية األساسية، كمــا هــوواضح.

ــت( ب ـ كتاب إبطال القياس. ذكره ابن النديم في )الفهرس . وتصنيف كتاب بهذا العنــوان يعطي الحجم الكبــير الــذي بــدأ(776)

يأخذه موضوع القياس في الوسط اإلسالمي قبوال ورفضا، بعد أنــة، ـة عن األئم ـ ــاديث المروي ــرة على األح ــه مقتص ــانت مواجهت ك

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد382هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه اإلمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

.×وخصوصا اإلمام الصادقــر في ج ـ كتاب النقض على عيسى بن أبان في االجتهاد. ذك

.(778) والطوسي(777)فهرستي النجاشي وموضوع االجتهاد من الموضوعات التي كــان موقــف األئمــة حاســما منــه؛ ألن بعض المــذاهب الفقهيــة الســنية كــانت تعتــبره مصـــدرا من مصـــادر التشـــريع في بعض الحـــاالت. وقــد تنـــاولــار األصوليون هذا الموضوع في كتبهم. وهذا ما ســيقودنا إلى اعتب

هذا النقض من المدونات األصولية.ــره ــدي. ذك ــرأي على ابن الراون ــاد ال ــاب نقض اجته ــ كت د ـ

.(780) وابن النديم(779)الطوسيوهو كسابقه في اعتباره من مدونات أصول الفقه.

ــ ـــ كتــاب نقض رســالة الشــافعي. ذكــره ابن النــديم في هـ(781))الفهرست( بهذا العنــوان ؛ ولكن الطوســي لم يـذكر لــه كتابـا

ــألة ــاب نقض مس ــوان )كت ــا بعن ــر كتاب ــا ذك ــوان، وإنم ــذا العن بهــذكور(782)الشافعي( ــاب الم . ومن المرجح أن يكون هو نفس الكت

في فهرست ابن النديم مصحفا. ومن المظنون أن الكتب األربعــة األخــيرة جــاءت في ســياق السجال المذهبي بين الشيعة وخصومهم في بعض مباني التشريع واستنباط األحكام الشرعية؛ فهذه الموضوعات كانت مادة خصــبةد أن مثــل هــذا النــوع من للمنــاظرات المذهبيــة. ولكن من المؤك الردود والنقوض كان له دور في فتح نافذة بدائية للبحث األصوليــة ســاهمت المقارن فيما بعد. ولهذا يمكن عد هذه المرحلة مرحل في تأسيس أصول الفقه المقــارن بين المــذاهب اإلســالمية فيمــا

بعد.

ــديث، ل9 ــاب اختالف الح ــ كت ــدـ ــد بن خال ــد بن محم أحم ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

383هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين• هـ(274البرقي)

والطوسي بالوثاقة. قد ذكر له(783)وصفه الشيخان النجاشي.(784)الطوسي في )الفهرست( هذا الكتاب

ـ كتاب ناسخ القــرآن ومنســوخه ومحكمــه ومتشــابهه،10هـ(299لسعد بن عبد الله األشعري)

ف الكثــير من وصف بأنه شيخ الطائفة وفقيهها في وقته. صن الكتب، ومنها: هذا الكتاب في أصــول الفقــه، الــذي ذكــره الشــيخ

.(785)النجاشي في )الفهرست(

ـ كتاب الناسخ والمنسوخ، لدارم بن قبيصة11 . وقد ذكر لــه هــذا الكتــاب في×ممن روى عن اإلمام الرضا

.(786)فهرست الشيخ النجاشي

ثالثا: مصنفات القرن الرابع الهجري هـــ(، والتنــوع352ـ أبو القاسم علي بن أحمد الكوفي)12

والتعدد في التدوين األصوليفات ــن قيل في حقه: إنه ممن غال في آخر حياته. صاحب مص

.(787)كثيرةللكوفي مجموعة من التأليفات في أصول الفقه، وهي:

أـ كتاب الفحص عن مناهج االعتبار. ذكــره الشــيخ النجاشــي.(788)في )الفهرست(

وعنوان الكتاب مناسب جدا لموضوعات أصول الفقه. ولعله يتناول المناهج التي يمكن من خاللها اعتبار الحديث أو األدلة. ومع

هذا تبقى بقية االحتماالت في مادة الكتاب مفتوحة. ب ـــ كتــاب معرفــة تــرتيب ظــواهر الشــريعة. ذكــره الشــيخ

.(789)النجاشي أيضا في )الفهرست(

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد384هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه اإلمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

ــاول في وعبارة )ظواهر الشريعة( توحي بأن الموضوع المتن هــذا الكتــاب موضــوع أصــولي؛ إذ لعلــه تنــاول فيــه شــيئا مرتبطــا

بظواهر الكالم أو األدلة.والجزم في هذا صعب.

ج ـ كتاب الرد على أهل القياس. ذكره الشيخ النجاشــي في.(790))الفهرست(

ــدئ في القــرن ونستطيع أن نعتبر هذا الكتاب امتــدادا لمــا ب السابق من البحث في األدلة الشــرعية عنــد المــذاهب اإلســالمية

األخرى، والتي وجدنا بدايتها مع أبي سهل النوبختي.ــا ــذا مم د ـ كتاب الرد على أصحاب االجتهاد في األحكام. وه

.(791)ذكره الشيخ النجاشي في فهرسته ويمكن أن نعتبر هذا الكتاب أيضــا امتــدادا لمــا وجــدنا بدايتــهــاد بوصــفه ــد النوبخــتي في القــرن الســابق. فموضــوع االجته عن مصدرا للتشريع موضوع أصولي، وسنجد لــه حضــورا واضــحا إلى

القرون المتأخرة.

ـــ كتــاب الحــديثين المختلفين، لمحمــد بن أحمــد بن13هـ(368داوود)

كان شيخ الطائفة الشــيعية وعالمهــا، وعــرف كفقيــه وعــالم.(792)في الحديث

.(793)ذكر له هذا الكتاب الشيخ النجاشي في فهرسته

ــ كتــاب في إبطــال القيــاس، ألبي منصــور الصــرام)14 ـهـ تقريبا(370

وصفه الشيخ الطوسي بأنــه )من جملــة المتكلمين من أهــل نيســـابور. وكــان رئيســـا مقــدما(. وذكـــر لــه هــذا الكتــاب في

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد385هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

.(794))الفهرست(

ـ كتاب الناسخ والمنسوخ، للشيخ أبي جعفر محمــد بن15هـ(381علي الصدوق)

أحد أهم أعالم المذهب الشيعي، وصــاحب الكتــاب الحــديثيفات المعروف )كتــاب من ال يحضــره الفقيــه(، وغــيره من المصــن كثيرة، والتي منها هذا الكتاب، الــذي ذكــره الشــيخ النجاشــي في

.(795)الفهرست

هـــ(، وريــادة300ـ الحســن بن موســى النوبخـتي)بعــد 16التدوين في خبر الواحد

فات ــارز في زمانــه، وصــاحب المصــن المتكلم اإلمــامي البالكثيرة. له في أصول الفقه:

أـ كتاب في خبر الواحد والعمل بــه. ذكــره الشــيخ النجاشــي.(796)في )الفهرست(

فات عنوانــا مخصصــا للبحث في لم نجد فيما سبق من مصــنخبر الواحد؛ فالكتاب يعد األول من نوعه في هذا المجال.

والكتاب وإن لم يصلنا؛ حتى نتعرف على محتوياته، ومــا هــو موقف النوبختي من حجية خبر الواحد تأييدا أو رفضا؟ ولكن على مستوى المنهج من المحتمل جدا أن يكون تناوله لموضــوع الخــبرر من الجهة العقلية وبمنهج عقلي؛ فالنوبختي كان متكلما، وقد عبز على نظرائــه في عنــه النجاشــي بقولــه: )شــيخنا المتكلم المــبر

.(797)زمانه، قبل الثالثمائة وبعدها( وثمة قرائن عامة يمكن من خاللهــا الميــل إلى أنــه كــان في

هذا الكتاب منتصرا لحجية الخبر، وهي:ر عنــه مثال ـأوال : لو كان الكتاب في رفض خــبر الواحــد لعب

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد386هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه اإلمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

كما هو الغالب ـ )كتاب في رد خبر الواحد والعمل به(. : قد نسبت إلى النوبخــتي ـــ كمــا ســيأتي قريبــا ـــ ردودثانيا

د بــالظن( على أبي جعفر بن قبة، الذي أثــار موضــوع )جــواز التعبب إليــه ـ في الوسط اإلمامي، وكــان من القــائلين ـــ على مــا نســد د بالظنون، فــالرد عليــه ســيكون في جــواز التعب بعدم جواز التعب

بالظنون، والتي منها خبر الواحد. لهاتين القرينتين يمكن الميل إلى أن الحسن النوبختي كانت

منتصرا لحجية خبر الواحد في هذا الكتاب. ب ـ كتاب الخصــوص والعمــوم، ذكــره الشــيخ النجاشــي في

.(798))الفهرست(ــه ألبي جعفــر بن قبة ــوان: جوابات ــ مجموعتــان بعن .&ج / د ـ

. ومن المحتمل أن تكون(799)ذكرهما الشيخ النجاشي في فهرستهـة من عـدم جــواز هـذه الجوابـات حــول الـرأي المنســوب البن قبد بالظن عقال، وهــو الموضـوع الــذي كــان ضــمن موضـوعات التعب

الساعة آنذاك.

ـ كتاب الحديثين المختلفين وكتاب القياس، لعبد18 ـ/ 17ميري) هـ تقريبا(300الله بن جعفر الح�

.(800)ذكرهما الشيخ النجاشي في )الفهرست( إلى احتمــال أن يكـون عنــوان(801)وقـد ذهب بعض البـاحثين

الكتاب هو )كتاب ما بين هشــام بن الحكم وهشــام بن ســالم فيــار والحــديثين المختلفين(، فيكــون ــة والن ــاس واألرواح والجن القي موضـــوع الكتـــاب اســـتعراض مـــا دار بين الهشـــامين في هـــذهــاس؛ ــوليان: القي ــوعان األص ــا: الموض ــتي منه ــوعات، وال الموض

والحديثان المختلفان.

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد387هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

وبهذه الصيغة يمكن اعتبــار الكتــاب من المــدونات األصــوليةــالمعنى العــام، من خالل وصــفه لالختالف بين هشــام بن الحكم ب

وهشام بن سالم الجواليقي.ــل الســيد ولكن مــا هــو مثبت في النســخة المحققــة من قب موسى الزنجاني كالتالي: كتاب مــا بين هشــام بن الحكم وهشــامــديثين ــ ــار، والح ــ ـة والن ــ ـ ــاس، واألرواح، والجن ــ ــالم، والقي ــ بن س

. فهي مجموعة من الكتب، منها: )ما بين هشام بن(802)المختلفين الحكم وهشام بن سالم(؛ و)القياس(؛ و... وعليه يكون لعبــد اللــهــاص للكتب ــالمعنى الخ ــوليان ب ــان أص ــيري كتاب ــر الحم بن جعف

: بعنــوان )الحــديثانواآلخر: بعنوان )القياس(؛ أحدهمااألصولة، المختلفان(.

ـــ كتــاب الناســخ والمنســوح، ألبي الحســن علي بن19هـ(300إبراهيم بن هاشم القمي)بعد

ــني المحدث المعروف بوثاقته، والذي روى عنه الشــيخ الكليكثيرا في كتابه )الكافي(.

.(803)ذكر له الشيخ النجاشي هذا الكتاب في )الفهرست(

ــ كتـاب الناسـخ والمنســوخ، ألبي عبـد اللـه محمـد بن20هـ(328العباس )ابن الحجام()بعد

. ذكره الشــيخ الطوســي في(804)من الثقات، كثيري الحديث.(805))الفهرست(

نتائج واستخالصات ـــ كــانت البــدايات األولى لتأســيس علم أصــول الفقــه مــع1

الممارسات العملية األولى لالجتهاد الشرعي، والتي مورست منذ

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد388هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه اإلمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

رات؛ دت عليها مجموعة من المؤش عصر حضور المعصوم، كما أكخالفا للرأي النافي لالجتهاد في عصر المعصوم.

ـ ال يمكن وصف أي شخصية أو جماعة بأنها هي المؤسسة2 لعلم أصول الفقــه؛ ألن تأســيس العلم قــائم على عامــل الــتراكم التــاريخي وامتــداده الزمــني. فللكثــير من الشخصــيات اإلســالمية مساهماتها في التأسيس للقواعد األصــولية. فليس الشــافعي هــوس، كمــا ذهب لــذلك غالبيــة أهــل الســنة وبعض الشــيعة؛ المؤســ

س ـــ بــالمعنى الــذي نقصــده من×وليس اإلمام الباقر هو المؤســ التأسيس ـ، كما ذهب إليه بعض علماء الشيعة. والحظنا كيف وقع

بعض الباحثين في خلط بين مرحلتي التأسيس والتدوين. ـ من الملحوظ أن البــدء بالتصــنيف األصــولي بــدأ متــأخرا،3

بالمقارنة بينه والعلوم األخرى العقلية. وأوضحنا أن هذا يرجع إلى ا انتماء أصول الفقه إلى العلوم النقلية، التي انتهجت منهجــا خاصــ

في التصنيف، أعاق بدء وسرعة التصنيف فيها. ـ بعد مرحلة التأسيس بدأت مرحلــة التــدوين أو التصــنيف،4

والتي كانت في القــرن الثــاني الهجــري، مــع أصــحاب أئمــة أهــل . ورأينا كيف كانت حركــة التصــنيف في تصــاعد؛ فبالرصــد^البيت

فات القرن الثاني الهجري، أما4تم التوصل إلى عناوين من مصنــاعد في10في القرن الثالث الهجري فقد تم رصد عناوين، لتتص

ــع الهجــري إلى ــا، وجــدنا أن بعضــها يمكن15القــرن الراب عنوانــه إلى دائــرة أصــول الفقــه، وبعضــها يمكن االطمئنــان إلى انتمائ

النقاش في انتمائه إلى أصول الفقه.ف جــامع5 ـ المالحظ من خالل الرصــد عـدم وجــود أي مصــن

وشامل لكــل الموضــوعات األصــولية المبحوثــة في هــذه الفــترة،ــدها في ــ ــة. ويمكن تحدي ــ ق ــوعات متفر ــ ــانت الموض ــ ــا ك ــ وإنم

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد389هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

الموضوعات التالية: أـ الموضوعات المرتبطــة بالحــديث، والــتي تنــاولت تصــحيح

األخبار، واالختالف في الحديث، والتعارض بينها، وخبر الواحد. ب ـــ الموضــوعات المرتبطــة بالقيــاس، واجتهــاد الــرأي،

والنقوض على أصول المذاهب اإلسالمية األخرى. ج ـــ الموضــوعات المرتبطــة بالمبــاحث اللفظيــة، كــالعموم

والخصوص. ــارزا د ـ موضوع الناسخ والمنسوخ الذي وجدنا لــه حضــورا ب

في هذه الفترة. ـ يمكن اعتبار هذه القرون مرحلة بذر بدايات أصول الفقــه6

المقارن بين المسلمين، وذلك من خالل الكتب الــردود على بعض مبادئ االجتهاد عند المذاهب اإلسالمية األخــرى، كنقض النوبخــتي

على رسالة الشافعي، وغيره.ف في7 ــد من اآلراء حــول أول مصــن ــ لوحــظ وجــود العدي ـ

أصول الفقه اإلســالمي بشــكل عــام. ووجــدنا أن كثــيرا من اآلراءــتي ال يمكن ــية ال ــات األساس ــلم من المالحظ ــة لم تس المطروحــول في ــاب األص ــرة بين: )كت ــاالت دائ ــا. ولكن تبقى االحتم تبنيهــة كتب ــان بن تغلب، ومجموع ــيعة( ألب ــذهب الش ــة على م الرواي الشيباني، الــتي ذكرهــا لــه ابن النــديم في )الفهرســت(، و)كتــاب

األخبار وكيف تصح؟( لهشام بن الحكم. ـ المالمح العامة للبحث األصــولي في هــذه المرحلــة يمكن8

إيجازه في التالي:ــة أـ من المتوقع أن تكون أبحاث هذه المرحلة بسيطة وخالي من البحث المعمق. وهــذه طبيعــة البــدايات، فهي تميــل إلى بــذر أسس المسائل والموضوعات التي سوف تتبلــور فيمــا يــأتي، مــع

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد390هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه اإلمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

علماء هذا العلم.ــة لعلم أصــول الفقــه في هــذه ــة عام ل رؤي ــ لم تتشــك ب ـ الفترة. فكما ذكرنا لم نجــد أي كتــاب جــامع لمبــاحث موضــوعات هذه المرحلة، وبالتالي لن يكون هناك قابلية لتشكيل رؤية نظرية

لهذا العلم.ــذه ــه في ه ــول الفق ــون أص ــدا أن يك ــل ج ــ من المحتم ج ـــوعات ــة في الموض ــوم العقلي را بعلم الكالم والعل ــأث ــة مت المرحل ودراستها ومعالجها، وإن كانت عناوين البحوث ليست كذلك. ومــافين في هـذه المرحلـة يوجه هذا االحتمال هو أن الكثير من المصن هم من المتكلمين، كالنوبختيين وابن الحكم وغـيرهم. ولعلـه لهــذا

هـ( علم الكالم أحــد1400اعتبر السيد الشهيد محمد باقر الصدر) مصــادر اإللهــام للفكــر األصــولي، والــتي تمونــه وتمــده باألفكــار

(806)والنظريات ــارا . وقد ذهب لهذا أحمد باكتجي، الذي اعتبرهم تي.(807)أصوليا ـ متكلما، له امتداده في علم أصول الفقه

هـــ(،1432وقد خالف في هذا الــدكتور أبــو القاســم كــرجي) الــذي ذهب إلى أن المبــاحث الكالميــة والمنطقيــة لم تــدخل إلى

.(808)أصول الفقه إال متأخرة، وليس في البدايات ـ ال يمكننا تحديــد األســلوب الــذي ســار عليــه اإلماميــة في9

ــلوب ــدوا األس ــل اعتم ــولي؛ فه ــاريخهم األص ــترة من ت ــذه الف هــة المذهبيــة، بمعــنى أنهم الهجــومي في معالجــة القضــايا الخالفي يقومون ـ بدون الدفاع عن وجهة نظــرهم ـــ بــرفض الموضــوعات التي اعتمــدتها أغلب المـذاهب الســنية آنـذاك، كالقيـاس واجتهــاد الرأي، أم كان أسلوبهم دفاعيا؟! ال يمكننا تحديــد األســلوب الــذيفات الــتي دونت في ساروا عليه؛ نظرا لعدم امتالكنــا هـذه المصـن

هذه الفترة. ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

391هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

الهوامش

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد392هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

التطرف والعنف الدينيقراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة

*(*()أ. د. عبد األمير كاظم زاهد

اخـــترت في البدايـــة الوقـــوف على المـــراد من مجموعـــةالمفاهيم المطروحة، ومنها:

ــاهرة ، وهي عــدد من الحــاالت الســلوكية المتكــررةالظــا والمتزايدة في مجتمع ما على نسق النشأة واآلثار المترتبة عليه في المجــاالت االجتماعيــة والسياســية واالقتصــادية. فــاذا وجــدت حالــة جزئيــة من التطــرف الفكــري أو السياســي أو الــديني...إلخق، لكنهــا حين تتكــرر فهي نقطة توتر اجتماعي تتقد في مكان ضي وتتزايد نوعا )أي اطراد التطرف(، وكمـا )أي زيـادة المتطـرفين(، ينتقل األمر إلى )الظاهرة(، وهي المتكرر الحاصل كسلوك فردير لتعظيم الظاهرة، فإن كانت وجمعي، يتبادالن بينهما التأثير والتأث معطياتها إيجابية، مثل: تحويل مفهــوم الجهــاد من معــنى الحــربــد والقتال والغزو إلى تعظيم الجهود للبناء والتقدم والتضــحية للبل واألمة، وبذل المزيد ألجل إســعاد النــاس، كــانت نتائجهــا إيجابيــة. ومثاله كــذلك: تعظيم ظــاهرة الوقــف، وتطــوير أشــكاله وأنواعــه ومشروعاته. فالوقف وإن كــان حكمــا شــرعيا، إال أنــه في نطــاق االستحباب، فإن تحول هذا االســتحباب إلى رغبــة عامــة، ومعيــارا للتفاضل االجتمــاعي، فتنتج عنــه آثــار إيجابيــة على مســتوى الكم

ية الفقه، ومدير مركز)*( *( الدراسات، في جامعة الكوفة. من العراق. رئيس قسم الدراسات العليا في كل ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

393هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد األمير كاظم زاهد•

والنوع، وذلك بتأثير األفراد ببعضهم، أو على مستوى النوع بابتكار مشروعات جديدة في الوقف، مثل: بيوت نقــل الخــبرة في مثــل أوضاع بلداننا. أما إذا كانت الظاهرة عدمية سلبية فإنها تجلب لهــار على المســتوى المــدني عــددا أكــبر من )متــدني الــوعي(، وتــؤث الحضاري لألمة، وتفتقد الظاهرة الســلبية إلى مشــروع حضــاري. فاألصل والنشأة هما اللذان يحــددان طبيعــة الظــاهرة ومعطياتهــا

وآثارها على مستوى راهن المجتمع ومستقبله. الجنوح غير المبرهن إلى اعتقاد ما بأفكارويراد بالتطرف

يعدها النهايات األخــيرة للحقيقــة. وبنــاء على ذلــك فهــو يــرى أنــهــة، وأن اآلخــرين ينطــوون على ــك الحــق والحقيقــة والحقاني يمتل

الباطل والوهم. ــط وال يرتبط التطرف بفكرة محددة. فليس من الصــحيح ربف بالفكر الديني فقط، إنمــا كــل األفكــار قابلــة لكي تكــون التطرــدأ نســبية المعرفــة فين حينمــا يغــادر أصــحابها مب مــادة للمتطــرــرف والبرهانية. فلقد عرف تاريخ الفكر البشري موجات من التط

ــرائيل ــود في إسـ ــيين واليهـ ــد الماركسـ ــار اإلنجيلي(809)عنـ والتيـ البروتستانتي، الذي صدرت عنهم عشرات المــدونات الــتي تــزعم

ــه(810)أنها وصلت إلى نهاية التاريخ . بيد أن التطرف يظهر تارة كأن حاالت فرديــة؛ ويتحــول تــارة أخــرى إلى ظــاهرة اجتماعيــة. وقــدب نــوع الــوعي يطول زمن استحكام الظاهرة؛ وقـد يقصــر؛ بحســ الذي يواجه الظاهرة، والبيئة الحاضنة، ووجــود أســباب موضــوعيةــزم أن تديم الظاهرة. وال بد من أن نسجل أنه ليس كل تطرف يلفــون ال يســتخدمون العنــف لعــرض يقــترن بــالعنف؛ فهنــاك متطرفــة على عــدم اســتخدام أفكــارهم. وقــد تجــبر الحركــات المتطرــا في العنف، مع رغبتها فيه، أن ظروفا قاهرة لها تمنعهــا. وتجربتن

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد394هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

ــئة بلدان العالم االسالمي تكشف أن ممارسة العنف الديني الناشــة ضــعف ــر إال في حال ــا نائمــة ال تظه عن التطــرف هي من خالي أجهزة الدولة؛ إما لعدم وجود الكفاءات التي تــدير مؤسســاتها؛ أو لعوامل أخرى. ويكــاد يكــون موضــوعيا أن التطــرف رؤيــة فكريــة لممارسة العنف. ويقابل مناخ التطرف الوسطية، وهي القــدر من التوازن بين المتبنيات الفكريــة وبين مــا يختلــف معهــا من أفكــار،ــه بحيث يبدأ االعتدال من ذلك القدر من المقبولية لآلخــر، على أنــة مشــروعية تلــك األفكــار. ليس بالضــرورة أن ينتج عن المقبوليــريم: ــرآن الك ــوارد في الق ــارف ال ــوم التع ــو مفه ــك ه ــل ذل ولع

، ولعل الوسطية التي يراد﴾وجعلناكم شعوبا وقبائ�ل...اآلية﴿ منها أن تكون المناخ الذي يغلق الطريق على تدني الوعي المنتج للتطــرف هي االعتبــار الممنــوح لكــل صــاحب رأي، والســماح لالســتماع لــه، ثم مطالبتــه بالبرهنــة على مــا يــرى. فهي إذن فيــدر من الشــمولية في الرؤيــة البداية منهج معرفي ينطوي على ق

متعددة األبعاد. إن األزمة في غياب الوسطية في إشكالنا الراهن )التطــرفــديني ــالفكر ال ــط ب ــري يرتب ــان الفط ــا أن اإلنس ــف( مرده والعن بسرعة، وبانجذاب قوي، ثم يقــدس التعــاليم الدينيــة، صــعودا إلىر عن فكر ديني، ويتماهى مــع المقــدس، حتى كل ما يرتبط أو يعب يصــبح الســؤال عن محتــوى ديــني أو التســاؤل عنــه )مروقــا( عن

أن الــدين عبـارة عن نظــام»الدين. لــذلك يؤكــد جــان بــول ويليم رموز يعمل ويثــير لــدى البشــر حــوافز قويــة وعميقــة ومســتديمة

، عــبر صــياغة مفــاهيم عن«ومقدسة ال يجوز السؤال عن حقائقهاــاهيم الوجود والحياة واإلنسان ودوره الوظيفي، وإعطاء هذه المفــدار الـــوعي الحقيقي ــا بمقـ ــدد نوعهـ ــلوكية، يتحـ ــيدات سـ تجسـ

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد395هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد األمير كاظم زاهد•

والبرهاني. ويرى أن الدين يوحد طريقة تصــرف عــبر الشــعائر الدينيــة، ويطرح عبر جاذبية شديدة مفــاهيم تفــوق مــا تطرحــه التجربــة أو

. ففرصـة الحــوار والمراجعــة والتأمــل غـير(811)الحقيقـة االرتقائية كافيــة. لهــذا يكــون الجهــل، وعــدم إخضــاع الفكــر الــديني للمنهج العلمي، سببا مهما في غياب التوازن والبرهانية وشــمولية الرؤيــة الفكرية، وهي عوامل مهمة للتطرف وغيــاب الممارســة النقديــة،

ف اإليجابي مع المتغيرات. وغياب االستعداد للتكيــه؛ وفي ظني أن الوسطية حاضنة لالعتدال، وليست رديفة ل

ال«وضــع األمــور في مواضــعها»ذلــك أن صــفة االعتــدال بمعــنى ــدين ــائق ال تتكون إال بعد أن يتوسط العقل بين التجاهل التام لحق وبين الغلــو في اعتبــار كــل مــا جــاء عن طريــق رجــال الــدين أوــة ر عن الحقيق ــالى، المعب المتصدين للفكر الديني هو قول الله تع الدينية النهائية. فاالعتدال ناتج عن وســطية تنظــر باعتبــار فكــريــا ــترم ذاته ــدد داع، وتح ــر، بحيث ال يبقى للتش ــات اآلخ إلى متبني الفكرية أن أدراك مناشئ التطرف وتداعياته التي تســبب أزمــاتــة ضــرورية الكتشــاف السياســات ــد مقدم ــة يع ــة ومجتمعي فكري المجتمعية للمواجهة. ويعتقد الكثير أن مواجهــة الظــاهرة العنفيــة ذات الغطاء الديني يلزم أن تنطلق من النطاق ذاته، أو من جنس

ــة ــون مواجهـ ــا، بحيث تكـ ــاهرة ذاتهـ ــاهرة العقائدية»الظـ «الظـ بالعقائــد، والثقافيــة بالثقافــة، واالقتصــادية بالوســائل االقتصــادية. فهذا هو األصل، وال يمنع من أن تعضد المواجهة األصلية بمعززات أخرى، بحيث ترسم سياسة المواجهة رسما استراتيجيا، شــموليا، يبدأ من الفكر إلى إعــادة بنــاء المجتمــع، إلى اقتصــاديات ماحقــة للتفاوت، إلى تطلع مدني للحاضر والمســتقبل ال يقــف من الــدين

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد396هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

موقفا ســلبيا. أمــا االرهــاب فال يــرادف العنــف، إنمــا اإلرهــاب أن يتحول من استخدام القوة ألجل نشر )فكر متطرف( إلى سياسـة مرسومة وقصدية تســتهدف إشــاعة أجــواء الــرعب، واإلفــادة من سايكولوجيا الخوف. فاإلرهاب استخدام مرسوم وقصــدي للعنــف

، ولتعظيم«غــير برهانية»ونمــاذج من القــوة لترســيخ قناعــات ــة الشعور بالهزيمة والوهن وعدم القدرة على الصمود أو المواجه

. في ما يطلق عليه بالتوحيش المراحــل(812)عند اآلخر المستهدف ثالث: استخدام العنــف الــديني؛ تحويلــه إلى اإلرهــاب؛ ثم تحويلــه

إلى التوحش وما تقدم. إن التطرف ناشــئ عن أســباب ذاتيــة وموضــوعية ونفســية.ــة التطــرف. وإن الوسطية واالعتدال هما البديل الذي يواجه موج وإن األزمة إشكالية مركبة لها أثار سلبية على الوضــع العــام. وإن السياسات المجتمعية عبارة عن الئحة عمــل اســتراتيجية تشــتغل عليها أجهزة الدولــة ومؤسســات المجتمــع المــدني واألفــراد. وإن

اإلرهاب وسيلة بدائية لغرض القناعات من خالل الخوف.ــيوع ــباب ش ــنعرض أس ــطلحات البحث س ــد مص وعلى تحدي ظاهرة التطــرف، وأســباب انتشــاره، ودواعي وأهــداف اســتخدام

اإلرهاب، ومحاولة رسم استراتيجيات المواجهة ومكمالتها.

الموقف القرآني من المشروع التكفيري، إشكالية الــدينوالتدين

ال يختلف اثنان على أن أصـل مشـروعية األفكـار والمفـاهيمــوالت على تفســيره ــد ت ــرآني. وق ــو المســتند الق ــادات ه واالجته عشرات األجيال من المفسرين. فكل أمر ينتسب إلى اإلســالم ال بد أن يسوغه كتاب الله المجيد... ولو وقفنا على كتاب اللــه فإننــا

نرى: ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

397هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد األمير كاظم زاهد•

�﴿ـــ أنــه يــدعو إلى الســالم، فيقــول: 1 لم ادخلوا ف�ي الســة .﴾كاف

وال تعتدوا إ�ن الله﴿ـ ويمنع ويحرم أي ممارسة عدوانية: 2.﴾ال يح�ب المعتد�ين

ـ ويتحقق اإليمان واألمان بمعرفة الله اإليمانية. 3ـ ويحرم قتل النفس إال بالحق. 4ـ ويكرم اإلنسان ويستخلفه. 5ـ ويجعل للعقائد طريق العقل وحرية االعتقاد. 6 ـــ ويمنــع النــاس من التفــتيش عن عقائــد النــاس، ويختص7

البارئ تعالى بمحاسبة الناس على اإليمان. ــرج عن8 ــل من خ ــة لك ــة والتوب ــاب اإلناب ــرآن ب ــ يفتح الق ـ

الطريق القويم. ـ ويغفر البارئ الذنوب جميعا إال الشرك بعناد. 9

ـ يــأمر بالحكمــة والجــدال بــالتي هي أحســن والموعظــة10الحسنة في الدعوة إليه.

11 ــا ــانا آمن طوع ــه المكي إنس ــرآن في نزول ــق الق ــ يخل ـ واستعد عقال لتحمل مسؤولياته، ثم يشرع له بعد ذلك في الســور

المدنية نظاما أخالقيا للحياة. فهل تجربــة الفكــر التكفــيري تجربــة منســجمة مــع التعــاليم

القرآنية الوارد ذكر بعضها في ما تقدم؟

ـ الموقف القرآني من المشروع التكفيري 1أعرض لنماذج قرآنية محددة:

ـ يتفــق الفهم العلمي للقــرآن الكــريم على أن المعتقــدات1 األساسية هي اإليمان بالله واليوم اآلخر. والشرط التــوأم لإليمــان

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد398هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

، فقال تعالى:«المشروع البنائي اإلنساني»هو العمل الصالح، أي اب�ئ�ين من﴿ إ�ن الذ�ين آمنوا والذ�ين هادوا والنصارى والصــ

ال�حا ال�حا وعم�ــل صــ ر� وعم�ــل صــ ــ ــوم� اآلخ� آمن ب�اللــه� واليم وال هم م وال خــــوف عليه� نــــد ربه� فلهم أجــــرهم ع�

. (62 )البقرة: ﴾يحزنون ـ يدين القــرآن الكــريم الغلظــة وقســاوة القلب )التــوحش2

ي﴿الــبربري(، فيقــول: ن بعــد� ذل�ــك فه� ثم قست قلــوبكم م�جارة� أو أشد قسوة . ومفهوم المخالفة أن(74 )البقرة: ﴾كالح�

المسلم يجب أن يكون رحيما. ـ ويدين القــرآن اتخــاذ المتشــابه القــرآني للفتنــة، فيقــول:3

نــه﴿ ابه م� م زيــغ فيتب�عــون مــا تشــ ا الذ�ين ف�ي قلــوب�ه� فأميل�ه� تنة� وابت�غاء تأو� (.7 )آل عمران: ﴾ابت�غاء الف�

ـ يحرم القرآن إجبار الناس على االعتقاد )بأنموذج خاص(،4ن الغي﴿فيقول: شد م� . ﴾ال إ�كراه ف�ي الدين� قد تبين الر ـ ال يفوض القرآن البشر حق التفــتيش عن عقائــد النــاس،5يط�ر *﴿فقال: م ب�مســ ت عليه� ر * لســ �نما أنت مــذك ر إ فذك

ــر * إ�ن ــه اللــه العــذاب األكب ر * فيعذب إ�ال من تولى وكفــابهم �يابهم * ثم إ�ن علينــا ح�ســ �لينا إ (.26 ـ 21 )الغاشــية: ﴾إ

ير﴿وقــال تعــالى: �نمـا عليـك البالغ واللـه بصـ� �ن تولوا فإ وإ ( مــرة11(. وقــد وردت لفظــة البالغ )30 )آل عمــران: ﴾ب�الع�باد�

في القرآن الكريم، تحدد الذي يحاسب على المعتقدات، وهو اللهفــه تعــالى، وأن اللــه لم يفــوض المحاســبة إلى البشــر، إال أنــه كل

بالدعوة والنصح واإلرشاد، وبوسائل الحكمة. ــر6 ــه إلى البش ــله الل ــذي أرس ــاني ال ــروع الرب ــ إن المش ـ

بواسطة األنبياء والقادة الربــانيين هــو مشــروع الرحمــة باإلنســان

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد399هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد األمير كاظم زاهد•

ين﴿مطلقا، فقد قال تعالى: ــالم� ﴾وما أرسلناك إ�ال رحمــة ل�لع(. 107)األنبياء:

ــرى ــعدهم. وي ــا يس ــاء بم ــبي ج ــري: ألن الن ــال الزمخش ق البيضاوي أن الدين سبب إلســعادهم؛ لصــالح معاشــهم ومعــادهم.ــة ــراد من الرحم ــة في الم ــة مهم ــاحث كالمي ــرازي مب ــد ال وعن

للعالمين. إنمـا»: |وقد روى أنهم قـالوا لـه: ادع على المشـركين، قـال

. «بعثت رحمة، ولم أبعث عذابا ـ يتضــح الموقــف القــرآني في معالجــة ظــاهرة الكفــر من7

النصوص التالية:�لى عــذاب�﴿أـ ه إ طر ر فأمتعــه قل�يال ثم أضــ ومن كفــ

(. 126 )البقرة: ﴾النار�ه﴿ب ـ في آية الحج: ومن كفر فأمتعه قل�يال ثم أضطر

(.97 )آل عمران: ﴾إ�لى عذاب� النار�واء﴿ج ـ ــ ل س ــ د ض ــ نكم فق ــك م� ــد ذل� ر بع ــ فمن كفب�يل� (.12 )المائدة: ﴾الس﴿د ـ ال�حا ــ ــل صـ ره ومن عم�ـ ــ ــه� كفـ ر فعليـ ــ من كفـ

م يمهدون ه� (. 44 )الروم: ﴾فألنفس�ــ ـ عهم﴿هـ ــا مــرج� �لين ره إ ــك كفــ ر فال يحزن ﴾ومن كفــ

(. 29)لقمان: د أن خصــائص المشــروع الربــاني أنــه هذه نماذج قرآنية تؤكــل يحقق مصــلحة اإلنســان بواســطة )العمــل الصــالح(، وأن القت والقســوة والعدميــة ال تتفــق مــع )مشــروع العمــل الصــالح(، وأن مسألة االعتقادات وتغييرها مسألة نظرية معرفية حوارية إقناعية،

طريقها العقل والجدال بالتي هي أحسن. من السنة الشريفة

ــاء في مســند أحمــد قوله1 ــ ج ــة إال من»: |ـ ــنزع الرحم ال ت ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد400

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

. (813)«شقي. (814)«أنا محمد نبي الرحمة»: |ـ جاء في مسند أحمد قوله2 ـ في دالئل النبوة: يقول ابن عباس تفســيرا لقولــه تعــالى:3

ن�ين﴿ ك�ينة ف�ي قلــوب� المــؤم� قــال: الســكينة هي﴾أنزل الســ. (815)الرحمة بوجوب نصيحة المسلم ألخيه|ـ وردت مئات األحاديث عنه4

المسلم، بل ورد أنها رأس الدين. ال تقتل نفس ظلمــا إال كــان»: |ـ جاء في مسند أحمد قوله5

ــن ــان أول من سـ ــه كـ ــا؛ ألنـ ــل من دمهـ على ابن آدم األول كفـ. (816)«القتل

المســلم أخ المســلم، ال يظلمــه» قــال: |ـ عن ابن عمر أنه6. (817)«وال يخذله

ــ ورد عنه7 ــرين»: |ـ ــو ق ــذنوب، وه ــائر ال ــل من كب إن القت. «الشرك بالله

ف مناشئ التطرــنيون بظــاهرة التطــرف ونشــوء الجماعــات ــا مع نظــرا ألننع التكفيرية الــتي تــزعم أنهــا حركــات إســالمية فإننــا ملزمــون بتتب أســباب النشــوء. ويظهــر من التتبــع أن مناشــئ ذلــك النمــط من

التطرف أربعة:. «األصول النظرية للدين»أـ المناشئ الذاتية:

ب ـ المناشئ الموضوعية: أزمات الواقع والحدث. . «أزمات الوضع النفسي المتوتر»ج ـ المناشئ النفسية:

د ـ المناشئ المنهجية في تلقي المعرفة الدينية.

«األصول النظرية للدين»أـ المناشئ الذاتية ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

401هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد األمير كاظم زاهد•

أذا أجرينــا مقارنــة مضــمونية بين القــرآن الكــريم ومحتــوى التوراة واإلنجيل فإننا نــرى أن التــوراة نص تــاريخي يحكي ســيرة )بني إسرائيل( كاملة، بينما يحكي اإلنجيل ســيرة النــبي )عيســى(ــع بين روا بالمسيحية بعده. أما الخالف الذي يق والرسل الذين بش األحبار والرهبان أو بين بعضهم فهو خالف في فهم حقائق التاريخ

ــر عنــه في العهــدين. ونجــد في القــرآن الكــريم(818)الديني ، المعب ثالثــة محــاور أساســية للــدين، هي: محــور آيــات العقيــدة، وآيــات التشريع، وآيات القيم األخالقية. وهذه اآليــات فيهــا مــا هــو محكم وفيها ما هــو متشــابه. والفــارق بينهمــا أن المتشــابه لــه أكــثر من معـــنى وأكـــثر من داللـــة، بينمـــا المحكم نص في معـــنى واحـــد

، وهو نص حاكم ومعياري للمتشابه. (819)محدد ولكــثرة المتشــابه في القــرآن الكــريم فقــد تعــددت دالالتــالك ــوع مس ــداعيات النص تن ــعة ت س، وزاد في س ــ النص المؤس التأويل، التي كثرت بازديــاد طــرق تحصــيل المعرفــة، بحيث صــار

بإمكان أي اتجاه أن يلتمس لنفسه مستندا من القرآن الكريم. وهذا الحال يفسح المجــال لتفســيرات متطرفــة وراديكاليــة،ـد ما مـع غيـاب ضـوابط التأويـل المتفـق عليهـا. لـذلك ال ب وال سـي للمؤسسات الدينية المعترف بها، والتي تعد مرجعيات للمسلمين، أن تعمل على نشر منهجيــة علميــة للتغيــير. ومــع تعــدد اتجاهــات التفسير ومدارسه، والتعامل مع آراء المفسرين على أنها بمنزلــة النص المؤسس من جهة احتوائه على الحقيقة النهائية، فإنه يزداد عدم الوصول إلى المراد. وفي ظني أن هذا العامل يعد من أبــرز

ا الذ�ين ف�ي﴿مناشئ التطرف. ويذكر القــرآن ذلــك فيقــول: فأمتنة� وابت�غاء نه ابت�غاء الف� م زيغ فيتب�عون ما تشابه م� قلوب�ه�

يل�ه� . (820)(6 )آل عمران: ﴾تأو�

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد402هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

والـــذي يفهم من اآليـــة أن جماعـــات قاصـــرة تنطلـــق من مقوالتها الفكرية، ثم تتبع المتشابه إلسناد وجهة نظرهــا. والهــدف

تحقيق الفتنة، وتأويل النص على وفق مرادها األيديولوجي.ــدعاء فيقــول: ــز�غ﴿ثم يعقب القــرآن بأســلوب ال ــا ال ت ربن

ــران: ﴾قلوبنا ــ ــاب 7 )آل عم ــ ــة»(، أي إن غي ــ ــول العلمي ــ األص في صناعة تفسير النص القــرآني، والتعامــل«والبرهانية المقارنة

ر بوصفه )حقائق نهائيــة(، دون إجــراء مقارنــة مــع مع فكر المفســكالت ــدة من المش ــا يشــكل واح ــه، ربم ــبقه أو ألحــق ب من سف؛ لفقدان الرادع الفكري أو الضد المعرفية التي ينمو فيها التطر

النوعي له. |وقد اتفق أهــل العلم على أن ســيرة الرســول محمد ، قــوال

وفعال وإقرارا، هي المصدر الثاني للفكر الديني. لكن هذا المصدر قد عانى من مجموعة من المشكالت، من أبرزهــا: إيقــاف تــدوين

ــان، ــرن من الزم ــديث لق ــه جماعــاتفي الح ــرت في وســط ظه مختلفــة الــدوافع واألهــداف عقائــديا وسياســيا، بحيث تســلل إلى

ــديث ــامين الح ــل»مض ــعيف ومرس ــريب وض ــر وغ ــو منك ــا ه م . وحينما نلحظ مــوازين التعــرف على صــحة حــديث مــا«وموضوع

ــل ــوازين، بحيث أضــحت ك ــدثين في الم ــاختالف المح نصــطدم بفــون ث المتطر مشكلة تؤدي إلى متاهــة فكريــة أكــبر. كمــا يتشــبرين، ويستندون الى أحاديث ضعيفة. ومن أبــرز بآراء شاذة للمفسص لم يســتكملوا مشاكل هذا المصدر أن أهــل العلم بهــذا التخصــق في الحديث النبوي بين ما هو )زمــني(، صياغة المعيار الذي يفر أي في حدود زمن النبوة أو ما يقــترب منــه، وبين مــا هــو إطالقيــات يعمل به في كل العصور والبيئات بمختلف المجتمعات، حتى ب لباس أهل ذلك الزمن وطريقهم تعامال مقدسا لما يجب أن يعمـل

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد403هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد األمير كاظم زاهد•

به أهل األزمان الالحقة. وعقائديا انقسمت )أمــة المســلمين( إلىفات؛ يعتمدها البعض؛ وغير معتمدة عند آخــرين، مدارس، لها مصن بحيث تهــاوت وحــدة األصــول النظريــة الحاكمــة والمعياريــة الــتيــة، نتحاكم إليها، سواء من جهة القرآن، أو من جهة الســيرة النبويــاك ــة النص الفقهي. فهن ــد، أو من جه أو من حيث نصــوص العقائ اتســاع وتبــاين وآراء لكــل الموضــوعات المســتجدة، من دون أن يكون في هذا الشأن معيار ترجيحي أو ميزان تفضيلي، مع إهمالــة ــات الحاضــر، باعتمــاد طريقــة العيش في األزمن كامــل لمتطلب

التاريخية األولى.ــيريتان: ــتان تفسـ ــر األول مدرسـ ــرت في العصـ ــد ظهـ لقـ

ــدة أنإحداهما ع في تفسير النص، مستعينة بالعقل، معتق : تتوســه فقط ــة موجــودة في النص ذات . ولم نلحــظ(821)الحقــائق النهائي

قدرا من التقارب بين المدرستين. وألن النص القرآني نص معجــز بالغة وصــياغة، نص إطالقي يتخطى األزمنــة والمــدنيات، وعنــدما نعتمد القراءة الحرفيــة نكــون قــد وقعنــا في اتجــاه يحــول الــرأي البشري إلى نص مقدس، ويعجز عن التكيف مع العصــور الالحقــةر ومقتضياتها. ونتيجة الصطدام الفهم المتقدم للنص مع واقع متغي فقد وضع أصحاب االتجاه أنفسهم أمام أمــرين؛ إمــا التحــول نحــو القــراءة العقالنيــة الواقعيــة، وبــذلك يتخلون عن اتجــاه آمن بأنــه مقدس ونهائي؛ أو التشدد على تلك القــراءة، فيقــع في التطــرف

ــه قــال:|الذي يدعونه، حتى جرهم ذلك إلى أن يرووا عن النبي أن . وهــذا الحــديث،(822)«من قال بالقرآن برأيه وأصــاب فقــد أخطأ»

رغم مخالفة )متنــه( لالعتيــاد؛ إذ الوصــول إلى الحقيقــة أو إصــابة الحق غرض شرعي ال ينسجم مــع وصـفه بأنـه )أخطــأ(؛ ألن ذلــك|إقرار باإلصابة وتوصيف بالخطأ، وهذا ال يتصور صدوره عن النبي

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد404هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

(823).ــزمن األول لمتلقي ــاد على فهم ال ب على االعتم ــرت ــد ت ولق النص أن آراء الصحابة وفهمهم صارت آثارا ملزمــة ألهــل األزمنــةــا، حتى لــو وقــف الالحقــة، فصــار الفهم الصــحابي وضــعا مرجعي الحديث عليه، فقد اعتبروه مرفوعا. وقد وضعوا لــذلك قاعــدة أن

روا ذلــك أن الصــحابي ربمــا(824)موقوف الصحابي كمرفوعه ، وبــر، فصار بحكم المرفوع. |قد سمع ذاك من النبي

مما تقدم يتبين أن الجذر األول الــذي شــكل أساســا تاريخيــا ودينيا للتطرف هــو القــراءة الحرفيــة وأحاديــة الرؤيــة. وكــان قــد تأسس في عصر الصحابة. وقد أطلق عليه بعد قرنين من الزمانلف. وارتبـط هــذا المفهــوم لف(، أو عقيدة الســ مرجعية )فهم الس بمبدأ عدالة الصــحابي مطلقــا، حــتى لــو ثبت عليــه مــا هــو خالف العدالــة، أو حتى لــو لم يكن الصــحابي فقيهــا أو عنــده شــيء من

العلم. لف في فكر اإلمام أحمـد بن حنبـل، لقد ظهرت مرجعية الســار مي ذاك بتيـ ــ ــه، وسـ ــذين زادوا على آرائـ ــه، الـ وفي آراء تابعيـ الحنابلة، الذي طــور مفهــوم البدعــة حتى شــمل كــل االجتهــادات

س لمبـدأ رفض تأويـل(825)العقالنية، وعلى رأسهم المعتزلة ، وأسـ ، ممــا أوقعهم بالتجســيم؛ ألن«الحــرفي»النص، والعمل بالظــاهر

ــراد جعلــه التأويــل عنــدهم حمــل الظــاهر على محتمــل مرجــوح ي . وتأسيسا عليــه وصــل األمــر الى تكفــير المتــأولين في(826)راجحا

القــرن الرابــع، فشــمل المرجئــة والمعتزلــة والصــفوية والشــيعةواألشاعرة واإلسماعيلية والمتكلمين...إلخ.

ــورة، وكانت نظرية الفرقة الناجية، وأطروحة الطائفة المنص التي صرفت حصـرا إلى أهـل الحـديث، من دون النـاس، مسـتندا

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد405هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد األمير كاظم زاهد•

على ضالل بقية الفرق واالتجاهات ما عدا أهل الحديث، الذين هم أحق من يتكلم بالمعرفة الدينية. وإذا كــان اإلمــام أحمــد يــرى أن من خالف )المتواتر( فهو ضال فــإن تيــار الحنابلــة اعتــبره كــافرا، وكان أحمد يرى أن البالد التي تظهر فيهــا البدعــة هي دار الكفــر، تجب الهجرة عنها، ويجوز غزوها، وتقتيــل أهلهــا. وقـد حصــل هــذا

في )ماردين(. وبذلك تأسست المبادئ األولى لخطاب العنف:

أـ اعتماد منهج القراءة الحرفية للنص الديني، والتشديد علىاالجتهاد، وإسقاط البرهنة والحوار.

ب ـ االلتزام بمعيارية فهم أهــل الــزمن األول، بحيث يتحــول الدين من حقيقــة كونيـة تســتوعب اإلنجــاز اإلنســاني إلى أنمـوذج

تاريخي سكوني. ج ـ استخدام مفهــوم البدعــة ومفهــوم الفرقــة الناجيــة ضــد

جميع فرق المسلمين، ليتحول األمر بعد ذلك إلى التكفير. ــة ــت لنظري ــا أسس ــة عليه ــا زاده الحنابل ــد وم إن آراء أحم الخطاب الديني المتشدد كمقدمة لفكر التطــرف، الــذي سيصــبحع البدعة إلى التكفير، ووسم بعض نظرية عند ابن تيمية، الذي وســل عن )المتهمين(، ــة، وتنق ــة للبدع ــا مروج ــرآن بأنه ــير الق تفاس وصنف في نقض المنطق، والرد على الفالســفة، وطــالب بإقامــةلف، ثم كفــر األشــاعرة الدولة على غرار )الخالفة( وأنمــوذج الســ والصفوية والمعتزلة والماتريدية والمرجئة والشيعة واإلســماعيلية

ما مــذهب أبي حنيفة ،(827)والدروز، وهاجم مذاهب الفقهاء، وال سيهموه باإلرجاء. وجراء تناســل فكــر التطــرف دخــل العــالم الذي ات اإلســالمي بعــد القــرن الثــامن الهجــري في غيبوبــة كاملــة، وقــد أغلقت عليــه الســلطات ســبل التطــوير والتنــوير. وقــد اســتمرت

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد406هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

الفترة المظلمة حتى القرن الثاني عشــر، فكــانت الحلقــة التاليــةــاه الشــيخ محمــد بن لهذا التناسل ظهور )اتجاه متطرف جديد يتبن

جدي، صاحب النظرية الوهابية المعاصرة(. عبد الوهاب الن لقد قدمت الوهابية نفسها كحركة تصحيحية للعقائد، معتمدةما الوسائل العنيفة والغزو. وقد اعتنقت آراء تيار الحنابلـة، وال سـي ابن تيمية، حتى عاد مرجعيــة فكريــة وحيــدة للوهابيــة. وبنــاء على رأيــه في تحــريم البنــاء على القبــور فقــد ســوغوا هــدم األضــرحةل والمساجد التي فيهــا مقــابر الصــالحين، وأفتــوا بقتــل من يتوســحوا بأن من أسموهم أهل البــدع والضــالالت أغلــظ باألولياء، وصر

، واستتب األمــر لتجربــة )دينيــة ـ(828)شركا من المشركين األوائل قبلية(، وأعلنت الجزيرة إقليما حصــريا لمــذهب واحــد، بــل لرؤيــة داخل المذهب الواحــد. واعتمــدت طرقــا تلقينيــة للتعليم الــديني، صنعت به عقال متشددا أحادي التوجه، صار بعد ذلــك بيئــة فكريــة للتطـــرف والعنـــف. ثم انتشـــر هـــذا الوبـــاء في عمـــوم العـــالم

االسالمي، محدثا فيه البالء األعظم. هذا هو التسلسل التاريخي والفكري لظاهرة دينية ـ تاريخيــة ـــ، تأسســت من مناشــئ عــدة، وســاعدت عليهــا حــاالت الــتردي المعــرفي واالنحــراف السياســي لدولــة المســلمين. فــاذا عرفنــا

المناشئ الذاتية فكيف ترسم المواجهة عقائديا وفكريا؟

ف ب ـ المناشئ الموضوعية للتطر يراد بالمناشئ الموضوعية مــا هــو مقابــل الذاتيــة )مكونــات العقل الديني(. أمــا الموضــوعية فهي )الواقــع الفعلي( الــذي بــدأد الخوارج، إال أن هذا التمرد ـ الذي دام قرنا كامال ـ قد انتهى بتمر فكريا وعمليا بعد النصــف الثــاني من القــرن الثــاني، حيث حصــل

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد407هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد األمير كاظم زاهد•

الصــدام بين الســلطة وأحمــد بن حنبــل، وبهــذا تكــونت جماعــات الحنابلة في القرن الرابع الهجري، وهــو القــرن الــذي اعتــبره آدم متز قرن الذروة الحضارية للمسلمين. بعد ذلك توالت االنتكاسات السياسية، سواء في تعدد الدويالت أو ظهــور تيــارات التشــدد، ثم هجوم المغول على العالم االســالمي. وبـدل اللجــوء إلى مشــروعــاء المجتمــع، وقــع ــدهور الفكــري وإعــادة بن عقالني لمواجهــة الت المســلمون في تــداعيات الهزيمــة، وكــان انعكاســها في تيــار ابن تيمية. وهكذا دخل العالم اإلسالمي بالغيبوبة الحضــارية، وأوجــدتــدني شعوبا ابتلت بالفقر والجهل والخرافة وسيطرة األساطير، وتــا طرق التعليم والتلقينية، وغاب االجتهاد والبرهانية غيابا تاما. فلم حل القــرن التاســع عشــر الميالدي هــاجمت أوروبـا بلـدان العـالم اإلسالمي، بدءا بالهند، ثم قامت بعد الحــرب األولى بتفكيــك دولـة الخالفة العثمانية، وشكل ذلك صدمة حضــارية أذهلت المســلمين، وشاهدوا الفرق الكبير بين ما حققه الغرب وبين ما هم عليــه من

أوضاع. وإزاء ذلك كانوا بين ثالثة خيارات: االستسالم الكامل لحضارة الغــرب بوصــفها صــانعةاألول:

للتقدم. وهذا يقتضي اإلعراض التام عن التراث والدين. ــدني المنهجيالثاني: التمسك الكامل بالتراث المملوء بالت

ــدرا والمعرفي ونتاجات عصور التدهور الحضاري. وهذا يقتضــي قكبيرا من التشدد الديني.

ــذي يحــاول مراجعــةالثــالث: االتجــاه المــدني العقالني، ال وإعــادة النظــر بــالتراث وإحيــاء األفكــار الحيويــة، وإعــادة صــياغةــمون، من مشروع النهضة على أساس مبادئ اإلسالم عالية المض منهج عقالني نقــدي، منفتح على اإلفــادة من تجــارب الشــعوب واألمم الراقية، ولديه قدرة المواءمة والتكييف بين مبادئ الــتراث

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد408هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

المشــرقة وإنجــازات العقــل البشــري. لكن هــذا االتجــاه تعــرض لهجمات واسعة من تيــار االغــتراب المتطــرف، وهجمــات أقســىــماته ــ ــر بص ــ لفي، فلم تظه ــ ــ ــار الس ــ ــديع من التي ــ ــير وتب ــ وتكف

واستراتيجياته على واقع المسلمين. ــار ــتمر التي ــدث. واس ــنع الح ــانيون في ص ــرد العلم ــد انف لقلفي. وجــراء ذلــك عــانى المســلمون العلماني باضطهاد وقمع الس من مشكالت في فشل مشــروعات التنميــة المســتدامة، وشــيوعــة ــف الدول ــتبداد، وعن ــدمات واالس ــدني الخ ــرض، وت ــر والم الفق وإرهابها، والهزائم العســكرية أمــام )عــدوان إســرائيل(، والوقــوع

في التخادم لألجنبي...إلخ. من مشكالتنا المعاصرة أن هذا الواقــع، بمــا فيــه من تــدهور في صناعة األوطان، دفــع بعض المنتفعين إلى تأســيس جماعــات دينية متطرفة، أسهمت بنشر فكر متطرف؛ لشدها إلى طموحاتهــدهور الوضــع ــاش على ت ــات تعت ــذه الجماع ــانت ه ــه، فك وأهداف

اإلســالم»الحضاري. ومن ذلك: شعار جماعة اإلخوان المسلمين: ، على الــرغم من أن جماعــة الخــوان كــانوا متقــدمين«هــو الحــل

خطوة في طرح مشروع للنهضة لصالح اإلنسان، في حين انشغلــة(، لفي بتصحيح العقائد، التي حسبها هو )منحرف عموم التيار الس

عاته. مع إهمال حاجات اإلنسان وتطل

ف ج ـ المناشئ النفسية والسياسية للتطر لزمان الهزيمــة تــداعيات، وهي الــتي دفعت قــادة جماعــات

مأزومــة، ســحقتها عصــور«أنا»التطــرف وعناصــرها إلى تحقيــق االنحطــاط الحضــاري بعــد القــرن الخــامس الهجــري حتى القــرن

التاسع عشر.

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد409هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد األمير كاظم زاهد•

فمن وجهــة نفســية إن التمــرد على الدولــة والمجتمــع، ومــا استقر عليه العــالم المعاصــر من أنمــوذج للتعــايش، يعكس حالــة ذهانية أو عصابية هدفها إرضاء الوضــع النفســي المــأزوم بين قيم

الهزيمة وقيم النهوض.ع لجماعـــات التطـــرف ومن الناحيـــة السياســـية إن المتتبــق وحركتهم من عصور اإلسالم األولى إلى اليوم يكشف أنها تنطل من بواعث سياسية، وتتجه إلى أهــداف سياســية، موظفــة الــدينــة للحصــول على مغــانم سياســية. ــة وأيديولوجي كوســيلة تعبوي فالتطرف يتشكل على خلفية سياسية بتنظير عقائدي. لذلك ترى فقــه السياســة واضــحا في مــدوناتهم، أكــثر من فقــه القيم وبنــاء

الضمير والجانب الروحي والعبادات والمعامالت. إنهم»ومن الوجهة األيديولوجية يقول الباقالني عن الخوارج:

جعلوا آيات العذاب التي نزلت في حق الكافرين في أهل اإليمــان. (829)«والتوحيد

مى بمحنــة ابن حنبــل، وصــدامات تيــار ونجد ذلك في ما تســ الحنابلة، ودعوة محمد بن الوهاب، وحركــات اإلســالم السياســي، وصوال إلى كتابــات عبــد اللــه عــزام، الــذي بشــر بــأن أفغانســتان ستكون ميدانا للمهام السياسية. ففكر التطرف يسعى أوال إلقامةــق ــدل يخل ــر المعت ــا الفك ــع؛ بينم ــام المجتم ــة، ومن ثم يق الدول

المجتمع أوال، ثم المجتمع نفسه يخلق الدولة.

القسم الثاني: تصورات لسبل المواجهة إن خطــورة مواجهــة التطــرف، الــذي يعتمــد العنــف الــدينيــد على دخــول البالد الذي أنتج )اإلرهاب( بالمصطلح المعاصر، تزي في حرب كبرى مع دولة أو عدة دول إقليمية، من حيث استنزاف

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد410هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

الــثروة واألرواح وتعطيــل الحيـاة المدنيــة، بــل هنــاك آثــار نفســية كبيرة تقع على النـاس؛ بسـبب احتمـاالت الوقـوع في واحــدة من عمليات الغدر بالمفخخات واألحزمة الناسفة والعبوات العشوائية. وكل هــذا يتطلب اكتشـاف سـبل المواجهــة. وأتصـور أن المبـادئ

العامة لسبل المواجهة ما يلي: أـ إن الدولة القوية تقلل من فرص اإلرهاب وقوى التطرف.

لذلك ال بد أوال من بناء دولة قوية. وإجراء عمليــة انــدماج»ب ـ تقليل حاالت الخصومة الوطنية

وهو هدف أعلى من المصالحة. «،وطني ج ـ الدعوة والســعي الــدؤوب إلى سياســات إقليميــة تصــغر

. «باتفاقيات اقتصادية وأمنية»المشكالت الجيوسياسية ف، ورسم الخطط على أساس فهم د ـ تحليل مناشئ التطر

أسباب النشأة والتطور على مستوى الفكر والثقافة. هـ ـ تحقيق التوافق بين المراكز الدينية في العالم؛ للتصـريح بأن التطرف ظاهرة مدانة شــرعا، وأن العنــف واالرهــاب جريمــة وانحطاط أخالقي، بحيث يضع على اإلرهابيين عـارا دينيــا ووطنيــا، واإلعالن عن عــدم اســتناد التطــرف على أســس دينيــة صــحيحة،

وذلك: ـ بإعادة دراسة السيرة النبوية. 1ـ بدراسة سيرة الصالحين من أجيال المسلمين. 2ـ بإبراز القيم السلمية المشتركة. 3 ـ ببيان أن العقائد والمعتقدات هي حق خــالص للــه تعــالى،4

ولم يفوض البــارئ أحــدا يحاســب النــاس على عقائــدهم وآرائهم. فليس من حــق أحــد أدانــة أحــد، إنمــا حقــه اإلعالن عمــا يعتقــده صـحيحا، والبرهنــة عليــه، والتــدليل على الزلــل كمــا يـراه في مــا

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد411هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد األمير كاظم زاهد•

يعتقده اآلخرون، دون إقصاء أو تكفير. ـ بإعادة النظر بوسائل التعليم الديني وطرقه، وإعالء شأن5

التفكير والبرهانية، وإعمال النقل في مسالك العقل.

الخاتمة ـ يمكن القول: إن التطرف الحاضــن للعنــف الــديني نمــط1

من استجابات غير واعية لوقائع الفشل، وألهداف سياسية تختفي وراء فكر ديني مــتزمت ماضــوي؛ إلثــارة الضــمير الــديني، ونزعـة

انتقائية للذات، وإقصائية لآلخر بواسطة البدعة والتكفير. ـ إن للتطــرف جــذورا في التــاريخ اإلســالمي، من القــراءة2

ــا ــادي( المعاصــرة. ومهم ــات )الجه ــات الحرك ــة حتى أدبي الحرفي تعددت مراحل تطور موجات التطرف فإنهــا متناسـلة ممـا قبلهــا،

وكل مرحلة الحقة تضيف )فكرا متشددا( عما في سابقها. ـ يجد الباحث أن هنــاك عالقــة طرديــة بين التخلف وفشــل3

التنمية ومشروع النهضة وبين الفرص المتاحة للتطرف.

الهوامش

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد412هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

دراسات في عالم الروح، قراءة في كتاب )للسفير عزت علي البحيري(•

دراسات في عالم الروح قراءة في كتاب )للسفير عزت علي

(830)البحيري(

*(*()أ. مختار األسدي

م، عن دار2011صدرت الطبعة األولى من هذا الكتاب عام طيبة للطباعة، في الجيزة بمصر. وقد ناشــد المؤلــف قــراءه فيــع إلى المزيــد كلمة اإلهداء على االقتراب من عالم الروح، والتطل

أرجو أن يســاهم هــذا الكتــاب في»من معارفه وعلومه. وأضاف: نشر الثقافة الروحية، التي مــا زال الكثــيرون في عالمنــا العــربي يترددون في مجــرد التعــرف عليهــا، في الــوقت الــذي قطــع فيــه العالم الغربي المتقــدم منــذ أكــثر من قــرنين من الزمــان شــوطا كبيرا في دراستها واالعتراف بها، بل وتخصيص درجات علمية لهــا في أكــبر الجامعــات الغربيــة، ومنهــا، على ســبيل المثــال، وليس

.(831)«الحصر: جامعة كامبردج؛ وجامعة أكسفوردــاب ــدي للبحث يتحــدث الكــاتب في الب ــد المــدخل التمهي بع الثاني عن تطور الدراسات الروحية على مر العصور، وعن تطــورــربي ــالمين الع ــان الســماوية، وفي الع ــذه الدراســات في األدي هــة، ــدول الغربي ــذلك في ال ــة، وك ــور الحديث ــالمي في العص واإلس كالواليات المتحدة وكندا وأمريكا الجنوبيــة، مــع تخصــيص مبحــثين

كاملين لهذه الدراسات في الدول األوروبية واالتحاد السوفياتي. باحث وناقد، من الوجوه الثقافية في العراق.)*(*(

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد413هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. مختار األسدي•

أما الباب الثالث فقد خصصه الكاتب لعالقــة هــذا البحث مــع الروحية واإليمان بالله والخلــود والصــالة وتعزيــز هــذا اإليمــان، أو

هذا االعتقاد. وفي الباب الرابع تحدث الكاتب عن الجسم األثيري ومراكــز

( في هــذا الجســم الغــريب،chakraالطاقة )الجاكرا( أو )الشاكرا( )ل إليهــا العلم الحـديث مـؤخرا، وما فيها من عجائب وغرائب توصـ

وباألرقام والدراسات العلمية والمختبرية المتطورة. أما الفصل الخامس واألخير فقد خصصه الكــاتب لمــا ســماهــة الحاســة ــدثا عن موهب ــارج الحــواس(، متح ــدرات اإلدراك خ )ق السادسة، وقدرة التخـاطر، ومـوهبتي الجالء البصـري والســمعي،

وكذلك موهبة تحريك األشياء عن بعد، حسب تعبيراته. وفي ثنايا الكتــاب أشــار المؤلف إلى الفــرق بين الدراســات

إن معظم»العربية والدراسات الغربية في هذا الخصــوص، قــائال: الدراسات التي قام بها العلماء العرب قــديما وحــديثا يغلب عليهــاــة ــارب العلميـ ــة، وليس التجـ ــة البحتـ ــات النظريـ ــابع الدراسـ طـ

.(832)«والمعملية، كالتي قام بها علماء الغرب، قديما وحديثا هذا وقد أشار الكاتب أيضا إلى بعض أسرار العقل البشــري،ب البحــوث الروحيــة ـــ المرشــد والموجه وكيف أنه أصــبح ـــ حســ

الواقع أن العلم لم يصل»للجسم األثيري في عالم الروح، فقال: إال إلى القليل اليسير من أسرار العقل البشري وما يحتويــه. وقــدــروحي(، أشار الدكتور محمد صادق العدوي، في كتابه )االتصال ال إلى أنه لو أرادت البشرية استعمال كل ما لــديها من مــواد لتبــنيــل مــا يقــوم بــه العقــل البشــري عقال إلكترونيــا يمكنــه القيــام بك القتضى األمر أن يعادل حجم هذا العقــل اإللكــتروني حجم الكــرة

.(833)«األرضية، وحتى إذا تم ذلك فلن يعرف أحد كيف يبرمجه...

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد414هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

دراسات في عالم الروح، قراءة في كتاب )للسفير عزت علي البحيري(•

كما أفرد المؤلف عدة صفحات لدراسة ظاهرة تــأثير العقــل على المادة، وكيف أنها تقــود إلى تفســير ظــاهرة العالج الــروحيــيرهم(، ــل وغ التي يقوم بها من سماهم )معالجو الفليبين والبرازي

ــق عليهم ) faithوالــذي يطل healersوكيــف قــام الــدكتور اليابــاني ،) ــارات )هيروشي موتوياما(، أستاذ جامعة ديوك األمريكية، بثالث زي

ظـــاهرة المعـــالجين الروحـــيين المـــذكورة،»للفليــبين لدراســـة مصــطحبا أحــدهم إلى مختــبره في طوكيــو؛ الســتكمال دراســاته بشكل دقيق، وكيــف وضــع المــريض في حجــرة في أحــد طوابــق معهده، بينما وضع المعالج الفليبيــني في حجــرة في طــابق آخــر، وتم تجهيز الحجرتين بكافة الوســائل التخــاذ االحتياطــات الالزمــة؛ــوع إلى أي من الحجــرتين، وذلــك لعــدم نفــوذ أي قــوى من أي ن

، وكيــف«بتغطية الجــدران والســقف واألرضــية بالرصــاص و.. و..ــتي»انتهى إلى ــة، هي ال ــل الخارق ــدرة العق ــة، وهي ق أن الطاق

ــير العقــل ــاطن يتجــاوز بكث تســيطر على المــادة، وأن العقــل الب.(834)«الواعي في توجيه حياة اإلنسان في اليقظة والمنام

(Out of Body Experienceظاهرة الموت والطرح الروحي )ــا أفرد الكاتب عدة صفحات لهاتين الظاهرتين، وأشــار خالله

ره بقولــه: إن»إلى رأي أينشتاين في ظاهرة الموت، وكيــف فســ ، معتمــدا على تفســير حــاالت«الموت هو جــواز ســفر لعــالم آخر

النوم والغيبوبة التي تعتري بعض الناس، وكذلك المــوت المــؤقت الذي يحصل لبعض الناس أيضــا، وكيــف يتكلمــون حينمــا يعــودون إلى الحياة، وما رأوه في ساعات أو دقائق طــرحهم الــروحي، أي خــروجهم من الجســد، وكيــف أن الــروح تنتقــل في عـالم الــبرزخ بسرعة هائلة، قدرها العلماء المعاصرون بأنها تعادل خمسين مرة

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد415هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. مختار األسدي•

وإذا استطاعت الــروح أن تســير بســرعة»سرعة الضوء، مضيفا: خاطفة إلى الوراء ألمكنها قراءة أحداث الماضي ومعرفــة أحــوال

.(835 )«السابقين... وفي اســتدالل واضــح على بقــاء الــروح بعــد المــوت أشــارم الجوزية أقر من خاللهــا المؤلف إلى التفاتة جيدة قدمها ابن القي

أشـخاص ثقــات بطريقــة نقــل»ببقاء الروح، معتمدا على روايـات ــاء في األحالم ــبروا األحي ــوات أخ ــؤالء األم ــف أن ه ــليمة، وكي س بمعلومات ال يعرفها إال الشخص الــذي مــات فقــط وفقــط، مثــل: مكان دفن كنز نقود ذهبية في مكان ما، أو صــك أو عقــد بيــع مــعــو لم يكن ــ ل شخص آخر، أو مكان وصية...؛ حيث من المستحيل ـ هناك روح ـ أن تبقى المعلومات بعد فناء جسد صاحبها، وأن تصل

.(836)«إلى حلم الحالمده الشـيخ طنطـاوي جـوهري، بعدها راح الكـاتب يثبت مــا أك

ــاميع»األستاذ بكلية دار العلوم، وكيف أن المحافل الروحية والمج النفســية في البالد األوروبيــة قــد نطقت فيهــا األرواح على مــرأى ومسمع من مجالس شــوراهم، وأن األرواح شــرحت مــا شــاهدتهــاءت ــقاء... وج ــؤس وش ــاء أو ب ــبرزخ من نعيم وهن ــالم ال في عــف نحن ــل نق ــك فه ــد ذل ــرى و.. و... وبع ــاة األخ ــرى بالحي البش

)أي حادث كالم األرواح(،«المسلمون أمام هذا الحادث صامتين؟ما: .(837)«إنه لعيب فاضح وخطأ واضح»ويجيب متأل

بدايات التفكير باالتصال مع األرواحــوان: ــ ــاب، وتحت عن ــ ــذا الكت ــ ــالث من ه ــ ــل الث ــ في الفص

الدراســـات الروحيـــة في الواليـــات المتحـــدة وكنـــدا وأمريكـــا» ، أشــار المؤلف إلى بــدايات االتصــال مــع عــالم األرواح«الجنوبية

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد416هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

دراسات في عالم الروح، قراءة في كتاب )للسفير عزت علي البحيري(•

بدأ البحث الجاد في الظواهر الروحية في العصــر الحــديث»قائال: في الواليات المتحدة األمريكية في منتصف القرن التاسـع عشـر،

م، عقب حدوث ظاهرة في قرية1848وبالتحديد في مارس عام هيدســفيل في نيويـورك، حيث ذكــر رجــل من ســكان القريـة أنــه سمع صوت طرقات على أرض إحدى الغــرف في بيتــه، فلم يجــد

بدا من ترك البيت. وخلفه ساكن جديد يدعى جون فوكس، فتكرر ما حــدث مــعــارق ــا الط ــاكن: أيه ــة الس ــاحت زوج ــات، فص ــابقه من طرق س المجهول، اطرق عشر طرقات، ففعل، فقالت له: كم عمر ابنــتي كاترينا؟ فطرق المجهول عدة طرقات بعدد عمر ابنتهـا. ثم قـالتت تواصــل له: إن كنت روحا اطــرق طرقــتين فقــط، ففعــل، وظل الحديث معه عن طريــق الطرق حتى علمت أنــه روح رجــل كــان يسكن في ذلك الــبيت، وقتلــه جــاره؛ ليســرق مالــه، ودفنــه فيــه. واستدعت السيدة جيرانها، واستجوبت الــروح أمــامهم، فأجــابتهم الروح بواسطة الطرق، مما جعلهم في غايــة الدهشــة، وتم اتخــاذ اإلجراءات القانونية، وأخرجت الجثة، وضبطت الشــرطة الجــاني،

هــذا وقــد انضــمت إلى». وأضاف الكــاتب: (838)«واعترف بجريمته الحركة الروحية في الواليــات المتحــدة األمريكيــة جرائــد ومجالت شتى. كما أبدى عدد كبير من كبار الساسة اهتماما بهذه الحركــة، ومنهم: الرئيس األمريكي األسبق إبراهــام لنكــولن، الــذي عقــدت

م، تلقى1862جلســات روحيــة بحضــوره في الــبيت األبيض عــام فيها وجهات نظر أثرت في آرائه العامة... كما أن المخترع الكبــيرــة أديســون كــان اشــترك في البحث الــروحي، وانضــم إلى جمعي

.(839)«م، باسم الجمعية الثيوصوفية1878روحية عام

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد417هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. مختار األسدي• الحرب ضد الروحية

ت ضــد الروحيــة، ن هذا وقد أشار الكاتب إلى الحرب التي شــــة ــة الجدلي ــا بطلب إلى الجمعي ــدم البعض في بريطاني ــف تق وكيب بلندن، وكانت تضم صفوة علماء المادة والســايكولوجي ـــ حســ تعبيره ـ، لبحث هذه البدعة المســماة الروحيــة، والــتي ال تســتند ـــامت حسب وجه نظر هذه الصفوة ـ إلى أســاس علمي. و فعال ق

عضــوا،34م، تتكــون من 1869هذه الجمعية بتشكيل لجنة عــام ــة ومهمتها القضاء نهائيا على الظواهر الروحية، التي هي من وجهت اللجنــة في عقــد جلســاتها؛ نظرهم من عمل الخيــال. واســتمر

لت في النهايــة18لبحث هذا الموضوع، لمدة شهرا، إال أنها توصــ م، تســلم فيــه بصــحة هــذه الظــواهر1871إلى تقريــر هــام عــام

تســليما تامــا، ممــا يعــد وثيقــة هامــة وخطــيرة لصــالح العلم.(840)«الروحي

مهمة الجسد األثيري إن مهمة الجسد األثيري في»ويقول المؤلف في ثنايا كتابه:

د اإلنسان والحيوان والنبات، بــل وحتى الجمــاد، هي حفــظ الجســ الفيزيقي من التبدد؛ ألن الخاليا التي يتألف منها الجسم، وتبدو لنا متالصقة، هي ليست كذلك. فإذا نظرنا إليهـا بـالمجهر اإللكـتروني نجد أنها متباعدة الواحــدة عن األخــرى تباعـدا يكـاد يكـون نســبيا، كتباعد النجوم بعضها عن بعض، ومع ذلــك ال تتفكك وال تتبـدد؛ ألنلهـــا ــها إلى بعض، ويمنـــع تحل ــ ــدها بعض ــ د األثـــيري يش ــ ــ الجس

.(841)«واندثارها والجسد األثيري ـ يضــيف الكــاتب ـــ هــو مصــدر اإلحســاس»

ر وجــود سـبعة بكل صور األحاسـيس واالنفعـاالت. وهــذا مـا يفســد األثــيري، تســمى الجــاكرا ) (،chakrasمراكز للحساسية في الجســ

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد418هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

دراسات في عالم الروح، قراءة في كتاب )للسفير عزت علي البحيري(•

ف منهــا حتى اآلن ــاأللوان بحزمــة ضــوئية المكتشــ 37وتنعكس بمليون لون.

د ولذلك يمكن القول بأن قدرة اإلحساس الكائنــة في الجســ المادي مستمدة من قدرة اإلحساس المقابلة في الجسد األثيري، وقدرة اإلحساس هذه تنتمي في النهاية إلى الشعلة المقدسة في اإلنسان، وهي الــروح حاملــة العقــل، ثم تنتقــل هــذه القــدرة إلى األعضاء المادية عن طريق الجسد األثيري، الذي هو بمثابــة حلقــة

الوصل بين العقل أو الروح وبين الجسد المادي.د األثـيري ينقــل إلى وبعبارة أخرى: يمكن القــول بـأن الجســد المــادي الــواردة من الحــواس الخمســة، الروح أحاسيس الجســد المــادي رغبــات الــروح؛ كما أن الجسد األثيري ينقــل إلى الجســ

. (842)ليقوم بتنفيذهاــروحي في ــده علمــاء البحث ال ــه أو يؤك وهــذا مــا يشــير إلي

ــولهم: ــان من»ق ــة لك ــة واقع ــيري حقيق د األث ــ ــو لم يكن الجس ل المستحيل ظهور بعض األرواح في جلسات االتصــال الــروحي في

د تام أو ناقص .(843)«حالة تجســياق: ــاتب في نفس الس ــيف الك ــذه»ويض ــعت ه ــد خض وق

ــترا ــوق بهم في إنجل ــاء الموث ــرات العلم ــوث عش ــواهر لبح الظ وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والدانمارك والســويد والبرازيــل وغيرهــا، وأمكن لبعضهم التقاط مئات الصور التي تنفي احتمــال أي خــداع أو تــدليس أو إيحــاء، أو غــير ذلــك من األمــور الــتي اعتــاد أنصــار السايكولوجي التقليديون )في علم النفس( إلقاءها على عواهنها، بال بحث وال دراية وال اطالع على هـذا المجــال الهــام من مجـاالت

.«الباراسايكولوجيد األثــيري ويوضح الكاتب العالقة بين الجسد المــادي والجســ

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد419هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. مختار األسدي•

لقد توصل بعض العلماء إلى أن كل إنســان يخلــق»والهالة، قائال: مجالــه المغناطيســي، الــذي يكشــف بــدون أي خطــأ عن نزعاتــه وميوله وأخالقه وطباعه وحالته الصحية. وبنــاء على ذلــك فالهالــة البشرية هي المجموع الكلي النفعاالت وأحاسيس وأفكار الجســمر عن األثيري والكوكبي والعقلي والروحي لإلنسان. وإن الهالة تعب نفســها بلغــة األلــوان، على أســاس أن أفكــار اإلنســان وشــعورهــادي في صــورة ده الم ــ ــول جس ــه تتجمع ح ــه وانفعاالت وأحاسيس

.(844)موجات اهتزازية دقيقة من األشعة الملونةــر الكــاتب ببحــوث العــالم الســويدي )روبــرت هــذا وقــد ذك كندي(، وقيامه بتصوير الجسد األثيري لإلنســان عن طريــق جهــاز اخترعه لالستشعار الحراري لجسم اإلنســان عن بعـد، وكيـف أنـه

ــل37وجد أن جســم اإلنســان يعطي مليــون لــون، كــل لــون يمث درجة حرارة، وكل درجــة حــرارة تنقســم في جســم اإلنســان إلىــا ــات خالي ــة من طبق ل طبق ــا يمث ــزء منه ــل ج ــزء، وك ــون ج ملي

ــون في37الجســم... فوجــد هــذا العــالم أن الـ ــون تك ــون ل مليل ألوان الطيــف الســبعة، تمــتزج كلهــا في النهاية سبعة ألوان تمث النهاية لتعطي لونا واحدا وهــو األشــعة البيضــاء، وهي أشــعة غــير

.(845)«مرئية... ووفقا لما شــرحه الــدكتور )راؤول فلــير(، في محاضــرة في

م،9/5/1926المعهــد الــدولي لمــا وراء الطبيعــة في بــاريس في يمكن وصف الهالة بأنهــا مــادة وال مــادة في نفس الــوقت؛ ففيهــا ضوء وحرارة ورعشــات خفيفــة وتيــارات كهربائيــة ومغناطيســية، وفي بعض األحيان يكون للهالة رائحة ذكية عطرة، وهي انبثــاق أود المــادي، فيض واضح المعالم للجسد األثيري المندمج في الجســ وتكون الهالة البشرية الصفات األساسية الجوهرية لقوى اإلنسان

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد420هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

دراسات في عالم الروح، قراءة في كتاب )للسفير عزت علي البحيري(•

.(846)األثيرية والنجمية والعقلية والروحية وتوصل بعض العلماء ـ والقول للمؤلف طبعــا ـــ إلى أن كــل إنسان يختلف مجاله المغناطيسي، الــذي يكشــف بــدون أي خطــأ نزعاته وميوله وأخالقه وطباعه وحالته الصحية. وبنــاء على ذلــك ـــوع الكلي ــرية هي المجم ــة البش ــ فالهال ــتنتج المؤلف ـ ــا يس كم النفعاالت وأحاسيس وأفكــار الجســم األثــيري والكوكــبي والعقلير عن نفسها بلغــة األلــوان، على والروحي لإلنسان، وإن الهالة تعب أساس أن أفكار اإلنســان وشــعوره وأحاسيســه وانفعاالتــه تتجمعــة من ــة دقيق ــات اهتزازي ــادي في صــورة موج ده الم حــول جســ

األشعة الملونة. ــارة عن ــون عب ــع ظــواهر الك ــروف أن األشــعة وجمي والمع ذبذبات لها درجات اهتزاز مختلفــة، واللــون في حقيقتــه ذبــذبات،

.(847)ولكل لون ذبذبات معينة، بسرعة معينة، خاصة بهذا اللون وال أدري لعل ما توصل إليه علماء الطب اليوم عمــا يســمى بفحص )الرنين( أو جهاز )المفراز( أو ما شابه ذلك هو نتيجــة لمــا

Semonتوصل إليه العالم الســوفياتي ســيمون كيرليــان )» Kirlian،) ــا ) ــه فالنتين ــاميراValintinaوقرينت ــتراع ك ــتينات، في اخ (، في الس

لتصوير الهالة اإلنسانية والحيوانية والنباتية، والتي شاع استعمالها في دوائر الطب في االتحاد السوفياتي؛ للمساعدة على تشخيص

.(848)«العديد من األمراض العضوية والنفسية والعجيب اآلخر ـ كما يضيف المؤلف ـ أن هذه الهالة تكشفــه ــة، وأمراض ــان الداخلي ــة اإلنس ــول حقيق ــيل ح عن أدق التفاصــدرتنا على النفسية، ومشاعره تجاه اآلخرين، وبالتالي فإن عدم قــا. رؤية الهالة بالعين المجردة تعتبر نعمة من نعم الله تعــالى علينت الكثــير من فلو كانت هذه األفكار وهــذه المشــاعر مرئيــة الختل

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد421هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. مختار األسدي•

العقول الساذجة والبسيطة، وما أكثرها في دنيا الناس! ولعل هذا ما يفسر حقيقة غريبــة الحظهــا الكثــير من النــاس

حينمــا كــان|، ونقلوهــا لنــا، وهي أنه|في عصــر الرســول األكــرمـرى لــه ظــل يســقط على األرض، حتى في وجــود ـ يمشــي ال ي الشمس، فاستدلوا بذلك على أن هالته النورانية كــانت أقــوى من نور أي إنسان، بل إنها كانت أقوى من ضوء الشمس، وأقــوى من

ده من عاصــره، في أنه كــانت لــه نورانيــة|نور القمر، وهو ما يؤكــرته: ــرى عاص ا النب�ي﴿أعظم من أي نورانية ألي روح أخ يا أيهــ

يـا إ�لى اللـه� را ونـذ�يرا * وداع� دا ومبشـ اه� �نا أرسلناك شـ إ راجا من�يرا .(849)(46 ـ 45 )األحزاب: ﴾ب�إ�ذن�ه� وس�

مستويات الهالةهذا، ويرى العلماء أن هناك خمسة مستويات للهالة، وهي:

(. ولونه أحمر. physicalـ المستوى المادي أو الفيزيقي )1(. ولونه أزرق.Ethericـ المستوى األثيري )2(. ولونه أخضر.Emotionalـ المستوى العاطفي )3(. ولونه أصفر.Mentalـ المستوى العقالني )4(. ولونه أبيض أو بنفسجي.Spiritualـ المستوى الروحي )5

ــك ــة، وذل فيما يرى آخرون أن هناك سبع مستويات من الهال (، أو مراكـــز الطاقـــة المعروفـــة،chakras)على عـــدد الشـــاكرات

وبألوانها. وهــذا ال يعــني أنــه ليس هنــاك من يســتطيع رؤيــة بعض الهاالت، وخاصة المراتب الخمســة منهــا، بــل إن عــددا كبــيرا من الناس بإمكانهم رؤية هذه المستويات الخمســة، بينمــا ال يوجــد إال القليل ممن اطلعــوا على المرتبــة السادســة. أمــا الســابعة، وهي

.(850)هالة الروح، فلم يطلع عليها أحد على اإلطالق

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد422هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

دراسات في عالم الروح، قراءة في كتاب )للسفير عزت علي البحيري(•

العقل والهالة وعن العقل والموجات الدماغية يختتم المؤلف كتابــه بقولــه:

لقــد ثبت أنــه بإمكــان العقــل االتصــال بموجــودات أو مخلوقــات» أخــرى، وأنــه بإمكــان العقــل تخطي المســافات الشاســعة، وأنــه

.«بإمكانه التأثير في حركة الجماد والحيوان...ــاطر.»ويضيف: إن الموجات الفكرية هي أساس عملية التخ

ــا وإن موطن الموجات الفكرية هو الغدة الصنوبرية، والتي يعتبره ديكارت مقر الروح. ولهذه الغدة نشــاطات بيولوجيــة؛ ونشــاطاتل ومســتقبل(، روحية، فهي بمثابــة جهــاز اتصــال الســلكي )مرســ

.(851)«تعمل على إصدار الموجات والذبذبات الفكرية واستقبالهاه العــالم البريطــاني )جوزيــف ســتيد( العقــل البشــري ويشــبــدما يفكــر يقــوم بإرســال بجهــاز الهــاتف المحمــول؛ فالعقــل عنرت في صديق لك مثال فــإن العقــل يقــوم موجات فكرية، فإذا فكــا ر فيه. فالعقــل هن بإرسال موجات فكرية إلى الشخص الذي تفك

ل رقم الهاتف .(852)«كجهاز الهاتف المحمول وصورة الشخص تمث وهذا هو سر حديث النملــة الــتي تبــادلت األفكــار مــع النــبيب رأي الكــاتب طبعــا ـــ؛ إذ سليمان حين كان يسير بجيشه ـ حســ

اك�نكم ال يحط�منكم﴿ ــ قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مسن كا م� اح� م ضــ سليمان وجنوده وهم ال يشعرون * فتبســ

(.19 ـ 18 )النمل: ﴾...قول�ها وهي مقاربة لقصة النبي سليمان نفسه مع الهدهــد وعــرش

بلقيس، التي سنتحدث عنها في مواضيع الحقة.ــوت×وهي نفس قدرة السيد المسيح في معرفته بما في بي

ــانه ــالى على لس ــه تع ــاء في قول ــه؛ إذ ج وأنبئكم ب�مــا﴿: ×قوم

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد423هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. مختار األسدي•

رون ف�ي بيوت�كم (.49 )آل عمران: ﴾تأكلون وما تدخ� وال أدري هل يمكن مقاربة هذه األمثلة مع ما ذكــره الــدكتور عبد الجليل راضي، في كتابــه )اعــرف روحــك(؟! وكيــف أن فتــاة أمريكية ظلت مريضة لمدة طويلة، ولم تأكل إال بمقدار مــا تأكلــه عصفورة ـ حسب تعبيره ـ، ولوحظ أنهــا تــرى بــدون عينيهــا، حيثز األلــوان، وتــرى مــا في جيب شــخص آخــر، تخيط المالبس، وتمي كما كانت تقرأ باللمس بغير طريقــة )بريــل( للمكفــوفين. مضــافا إلى إشارة الــدكتور المــذكور إلى حالــة أخــرى لشــخص أمــريكي، يدعى )جــوفري هودســون(، الــذي اختــبر العلمــاء، وعلى رأســهمــري، ــه في الجالء البصـ ــدار قدرتـ ــف راين(، مقـ ــدكتور )جوزيـ الـ

.(853)فالحظوا أنه يرى وهو معصوب العينين ويلخص الدكتور عبد الجليل راضي تفسيره لألساس العلمي لظــاهرة الجالء البصــري هــذه في كتابــه )العــالم غــير المتطــور(

ة»بقوله: ة من الحــواس الجســمانية الخمس حاســ إن لكــل حاســة األثيريــة تمتــاز عن زميلتهــا تماثلها في عالم األثير، وهذه الحاســ الجسمانية من حيث الحساســية، أي إن العين األثيريــة تــرى علىــة الحــواس مســافات بعيــدة جــدا، وال يعوقهــا حائــط، وهكــذا بقي

.(854 )«األثيرية األخرى...

الهوامش

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد424هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فهرست مقاالتاألعداد

44 ــ 25 االجتهاد»من مجلة

«والتجديد

في سنوات خمس ـ1434م/2017 ـ 2013

هـ1439

إعداد وتنظيم:الشيخ محمد عباس دهيني

« من مجلة »االجتهاد والتجديد44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعددكلمة التحرير

25

الجهاد في الدراسات الجديدة: رصد موجز، وتقييم

إجمالي / الحلقةالثانية

حيدر حبـــالله

ـ2627

البدعة ومبدأ ،التحذر الديني

مطالعة في زوايا جديدة للمفهوم

/ الحلقةوالتطبيقاألولى

حيدر حبـــالله

ـ2829

البدعة ومبدأ التحذر الديني،

مطالعة في زوايا جديدة للمفهوم

والتطبيق / الحلقةالثانية

حيدر حبـــالله

ـ3031

دور اإلعالم في العالقات بين

المذاهب اإلسالمية / الحلقة

األولى

حيدر حبـــالله

ـ3233

دور اإلعالم في العالقات بين

المذاهب اإلسالمية / الحلقة

الثانية

حيدر حبـــالله

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد426هـ1439م ـ 2018شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3435

خواطر حول الثابتر في الفقه والمتغي

ي / الحلقةاإلسالماألولى

حيدر حبـــالله

ـ3637

خواطر حول الثابتر في الفقه والمتغي

سالمي/الحلقةاإلالثانية

حيدر حبـــالله

ـ3839

األحكام التدبيرية في السنة

ة، بينالشريفالزمنية والتأبيد

حيدر حبـــالله

ـ4041

الدين واالستيعاب جولة، التشريعي في بعض

المنطلقات العقالنية والقرآنية

لقاعدة )ما من واقعة إال ولها

( / الحلقةحكماألولى

حيدر حبـــالله

الدين واالستيعاب42 ، جولةالتشريعي في بعض

المنطلقات العقالنية والقرآنية

)ما منلقاعدة واقعة إال ولها

/ الحلقةحكم(

حيدر حبالله

ـــ

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد427هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعددالثانية

43

الدين واالستيعاب ، جولةالتشريعي في بعض

المنطلقات العقالنية والقرآنية

)ما منلقاعدة واقعة إال ولها

/ الحلقةحكم(الثالثة

حيدر حبـــالله

44

مفهوم التجلي الزمني في السيرة

العقالئية ، نحو فهم اجتهادي آخر لمركز

اإلمضاء في األعراف اإلنسانية

العامة

حيدر حبـــالله

الدراسات الفقهية/الفقه القضائي والجزائي والجنائي

25 حكم اإلساءة إلى

السيد المسيح فيالديانة المسيحية

د. الشيخ محمد رضاالجواهري

صالح البدراوي

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد428هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ2627

الفساد المالي في ضوء الفقه والقوانين ، ماهيته،اإلسالميةوتعريفه

أ. أحمد مرتاضي / د. علي مظهر

قراملكي / د. علي أصغر موسوي

ركني / د. محسن ملك

أفضلي

حسن عليمطر

ـ2829

تعزيرية العقوبات الحكومية ودور

في«المعصية»ماهية التعزير

السيد محسنفتاحي

السيد حسنعلي الهاشمي

ـ2829

ضمان الخسارات المالية الناشئة عن

األضرار البدنية

د. علي مظهر

قراملكي / أ. فاطمةقدرتي

نظيرة غالب

ـ3233

فقه العبادات ،والقوانين الجزائية

دراسة في الفوارقالجوهرية

الشيخ أحمدعابديني

حسن عليمطر

ـ3233

شرط تساوي سالمة األعضاء في

القصاص

الشيخ عبد الحميد

إسكندري حسن علي

حسن

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد429هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3435

حقوق اإلنسان في ،البلدان اإلسالمية

دراسة في أسبابالفشل

د. حسنـــطالقاني

ـ3637

،ضرب المرأة قراءة حقوقية

وأخالقية في آيةالضرب

أ. عماد الدينالباقي

السيد حسنمطر الهاشمي

ـ4041

حكم القاضي، قراءة فقهيةبعلمه

السيد محسن الموسويالجرجاني

ـــ

42

الفقه»كتاب الجنائي في

اإلسالم، الردة ، قراءة«نموذجا

تحليلية نقدية

الشيخ نبيلـــيونس

43 ، قراءةدية العاقلة

فقهية استدالليةجديدة

الشيخ يوسفحسن مطرالصانعي

43 استئذان الولي

الفقيه في ، دراسةالقصاص

فقهية

الشيخ مسعودإمامي

حسن مطر

الدراسات الفقهية/الفقه السياسي واالجتماعي/فقهالحرية والعنف والجهاد

25 األمر بالمعروف

،والنهي عن المنكر دراسة نقدية في

الشيخ يوسفالصانعي

السيد حسنمطر الهاشمي

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد430هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدداستخدام العنف

25 استخدام أسلحة ،الدمار الشامل

المواقف الفقهية د. الشيخـــعلي ناصر

ـ2627

نقد السلطة، المجتمع

والممارسة الدينيةعند الشيخ البهائي

د. الشيخـــخنجر حمية

ـ2627

أسلحة الدمار الشامل من منظور

فقهي إسالمي د. الشيخـــعلي ناصر

ـ2627

التعذيب وعلم ، دراسة فياألخالق

الفلسفة الهيدونية د. حميدعلي الورديصادقي

ـ2829

ظاهرة االتجار ، دراسةبالبشرفقهية

الشيخ مجيد شاكر

سلماسي السيد حسنعلي البصري

ـ2829

الجهاد االبتدائي ،وحرية اإلنسان

دراسة نقدية

د. الشيخ علي أكبرجهاني

ـــ

ـ3435

)كتب الضالل(ية التعبير وحر

الشيخ مرتضىمطهري

وسيم حيدر

ـ3435

المبادئ الفكريةلفية الجهادية / للس

القسم األول د. السيد

ـــأحمد سادات

ـ3435

حقوق اإلنسان في البلدان اإلسالمية، دراسة في أسباب

الفشل

د. حسنـــطالقاني

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد431هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3435

العنف ومنطق القوة في سيرورة

: أسبابتاريخية ودوافع، نتائج

وحلول

أ. نبيل عليـــصالح

ـ3435

البغي فيفقه أهل ـــگليد. مهرناز القرآن والسنة

ـ3637

الرقية واالستعباد /القسمفي اإلسالم

األول

الشيخ مرتضىمطهري

حسن عليمطر

ـ3637

ضرب المرأة، قراءة حقوقية

وأخالقية في آيةالضرب

أ. عماد الدينالباقي

السيد حسنمطر الهاشمي

ـ3637

التطرف الديني في ،العالم العربي

مقاربة تفسيرية في الفكر والمنهج

/القسموالمآلاألول

أ. نبيل عليـــصالح

ـ3637

المبادئ الفكريةلفية للس /القسمالجهادية

الثاني

د. السيدـــأحمد سادات

ـ3839

الرقية واالستعباد /في اإلسالم

القسم الثاني

الشيخ مرتضىمطهري

حسن عليمطر

ـ3839

التطرف الديني في ،العالم العربي

مقاربة تفسيرية أ. نبيل علي

ـــصالح

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد432هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد في الفكر والمنهج

/ القسموالمآلالثاني

42

المواطنة والدين ،في مجتمع متنوع

الهوية واألخالق» السياسية سياق«لالعترافإسالمي

د. الشيخـــخنجر حمية

44

البنى المعرفية والمنهجية للفكر

، قراءةالتكفيري نقدية في المستند

الديني

أ. د. عبد األمير كاظم

زاهدـــ

44 التعددية الدينية

،والتعددية الثقافية المفاهيم

والمرتكزات

أ. أمامة مصطفىاللواتي

ـــ

الدراسات الفقهية/الفقه السياسي واالجتماعي/فقهالمرأة

ـ3031

المصافحة بين ،الرجل والمرأة

دراسة فقهية الشيخ أحمدنظيرة غالبطاهري نيا

ـ3435

االتجاهات الفقهية حول أهلية المرأة

،لتولي السلطة منظور تحليلي

نقدي مقارن

أ. مشتاق بن موسىاللواتي

ـــ

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد433هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3637

ضرب المرأة، قراءة حقوقية

وأخالقية في آيةالضرب

أ. عماد الدينالباقي

السيد حسنمطر الهاشمي

الدراسات الفقهية/الفقه السياسي واالجتماعي/فقهالفنون

ـ3031

،الغناء في اإلسالم اختالف الحكم

باختالف الموضوع الشيخ كاظمنظيرة غالبقاضي زاده

الدراسات الفقهية/الفقه السياسي واالجتماعي/فقهالتقريب

25

خطاب الدكتور القرضاوي حول ،التقريب والتبديع مطالعة وتحليل

/ القسمونقدالثاني

أ. مشتاقـــاللواتي

ـ2627

نظرات في أدبيات الفرقة الناجية، منظور تحليليونقدي مقارن

أ. مشتاق بن موسىاللواتي

ـــ

ـ3233

،اإلسالم والغرب بين منطق الحوار

وواقع الصدام أ. نبيل علي

ـــصالح

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد434هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3233

التقريب بين المذاهب اإلسالمية

، هموم،في لبنانعوائق، وتحديات

الشيخ مجيد شاكر

سلماسي حسن علي

مطر

ـ3637

منصب أمير الحاج في الفقه

السياسي، قراءةتقريبية

د. الشيخ محمد

رحمانيوسيم حيدر

42

التفاعل السني الشيعي في

القرون المبكرة، انتقال أسانيد أهل السنة إلى التراث الشيعي / القسم

األول

د. بكرقوزوديشلي

ترجمته عن اإلنجليزية:

فاطمة زراقط

43 الدعاية المذهبية المضادة، فرقة الغرابية نموذجا

أ. محمد يسري أبو

هدورـــ

43

التفاعل السني الشيعي في

القرون المبكرة، انتقال أسانيد أهل السنة إلى التراث الشيعي / القسم

الثاني

د. بكرقوزوديشلي

ترجمته عن اإلنجليزية:

فاطمة زراقط

الدراسات الفقهية/الفقه االقتصادي والمالي ـ2829

الخدمات المصرفيةفي الفقه اإلسالمي

السيد محمودنظيرة غالبالهاشمي

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد435هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ2829

صناديق الوقف االستثماري

،والبدائل الفقهية دراسة شرعية ـ

اقتصادية

د. محمد بنـــجواد الخرس

ـ3031

الربا وآثارهاالقتصادية

د. الشيخ حسن آقا نظري /

السيد باقرالمبرقع

ـــ

ـ3637

غسل المال السلبي واإليجابي

والسياسي

د. الشيخ حسن آقا نظري / أ. علي هاشمالبيضاني

ـــ

ـ3839

آثار عملية غسلالمال

د. الشيخ حسن آقا

أ. / نظري علي هاشمالبيضاني

ـــ

ـ3839

التأثير االجتماعي في التنمية ، قراءةاالقتصادية

إسالمية

الشيخ صادق /يابري محمد

الشيخ محمد تقي سبحاني

نيا

وسيم حيدر

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد436هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3839

فقه االحتكار، دراسة استداللية مقارنة / القسم

األول

الشيخ ذو الفقار عبد الرسولعواضة

ـــ

ـ4041

:غسيل األموال المشكل؛ اآلثار؛ سبل المكافحة،

فقها وقانونا

د. الشيخ حسن آقا نظري / أ.

ماجد كماشديوان

ـــ

ـ4041

فقه االحتكار، دراسة استداللية مقارنة / القسم

الثاني

الشيخ ذو الفقار عبد الرسولعواضة

ـــ

43ندات االعتبارية الس وتخريجها الفقهي في ضوء الجعالة

والضمان

د. سعيد نظري

لي / توك السيد عباس موسويان / أ.ميثم خزائي

وسيم حيدر

43 عقد التأمين

، دراسة فيالصحي المسوغات الفقهيةوالمستند األصولي

أ. د. عبد األمير كاظم

زاهدـــ

43

بة لع المهر ،الس دراسة في الصحة والبطالن، استنادا

إلى )قاعدة الضرر(

د. محمد رضا / أ. زهراگيخا

فردگلستانـــ

الدراسات الفقهية/فقه الدولة ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

437هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

25

التأسيس األصولي للنظرية الدستورية

،عند النائيني التحديدات النظرية

لفرضية البحث

أ. د. عبد األمير كاظم

زاهدـــ

ـ2627

نظريات الدولة في ، قراءةفقه الشيعة

نقدية د. صادقصالح البدراويحقيقت

ـ2627

األحكام الحكومية في الفقه ، نماذجاإلسالمي

فقهية

الشيخ محمدـــالنجار

ـ2829

ازدواجية دور المصلحة في الفقهالسياسي الشيعي

د. السيد صادقحقيقت

نظيرة غالب

ـ2829

مفهوم الحاكمية ،«حاج حمد»عند

من النقد إلى البناء أ. عبد العالي

ـــالمتقي

ـ3233

وثيقة المدينة : المفاهيمالمنورة

الحضارية، وأسسالدولة المدنية

أ. د. عبد األمير كاظم

زاهدـــ

ـ3435

تجليات الحداثة الغربية في الوطن

العربي د. قويدري

ـــاألخضر

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد438هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3637

تنظيرات الشهيد أليديولوجيا مطهري

التأسيس للحركاتاإلسالمية

أ. د. عبد األمير كاظم

زاهدـــ

ـ3637

منصب أمير الحاج في الفقه ، قراءةالسياسي

تقريبية

د. الشيخ محمد

رحمانيوسيم حيدر

ـ3637

الدولة ووالية ، العالقة بينالفقيه

التوالم والتضاد

د. رشيد ركابيان / د. حسن رضاآريايي راد

د. نظيرة غالب

ـ3839

موقف الفقهاء من ، قراءةالسلطة / القسمأصولية

األول

أ. د. عبد األمير كاظم

زاهدـــ

ـ4041

موقف الفقهاء من ، قراءةالسلطة / القسمأصوليةالثاني

عبدأ. د. األمير كاظم

زاهدـــ

42

المواطنة والدين في مجتمع متنوع،

الهوية واألخالق» السياسية سياق«لالعترافإسالمي

د. الشيخـــخنجر حمية

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد439هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

42 الرؤية السياسية

في المعاصرة المشروع الفكري

عند المطهري

د. السيد علي محمد جوادفضل الله

ـــ

43

المسلمون ومسؤولية بناء مشروع التقدم

، أسبابالتاريخي العجز عن بناء دولة

القانون والمؤسسات

والعدل

أ. نبيل عليـــصالح

44 فلسفة الدولة اإلسالمية عند

، أبعادهاالصدرومرتكزاتها

د. السيد علي محمد جوادفضل الله

ـــ

الدراسات الفقهية/فقه العلوم ومستحدثاتها

االستنساخ من25وجهة نظر فقهية

د. الشيخ عبد الله أميدي

فردـــ

ـ2627

الطرق المباشرةإلثبات الهالل

الشيخ خالدـــالغفوري

ـ2627

بحث حول تقدير المسافة في

السفر الشرعي الشيخ كاظمـــقاضي زاده

ـ2627

اتحاد القارات الثالث في إثبات

بداية الشهريالقمر

أ. مهدية فيض اإلسالم

/ د. علي مظهر

حسن عليالهاشمي

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد440هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعددقراملكي

ـ2829

إثبات الشهور ، إشكالياتالقمرية

في منهج االستدالل

السيد جعفر محمد حسين

فضل اللهـــ

ـ3435

المصلحة، بين الفقه اإلسالميوروسكو باوند

أ. د. منىـــأحمد أبو زيد

ـ3435

أفضلية األطعمة النباتية في النظام

، قراءةالغذائيأخالقية

د. أحمدوسيم حيدرالنراقي

ـ3839

دراسة في كفاية رؤية الهالل

بة باألدوات المقر )تطبيقا لرأي السيد

محمود الهاشمي(

الشيخ علي اإللهي

الخراسانيـــ

ـ3839

فقه االحتكار، دراسة استداللية مقارنة / القسم

األول

الشيخ ذو الفقار عبد الرسولعواضة

ـــ

ـ3839

فكرة األقاليم السبعة في الحديث

الشريف د. أحمدد. نظيرة غالبپاكتجي

ـ4041

الملكية االعتباريةفس ، بينللن

االستحالة واإلمكان

الشيخد. خالد الغفوري

الحسنيـــ

ـ4041

فقه االحتكار، دراسة استداللية

الشيخ ذو الفقار عبد

ـــ

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد441هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد مقارنة / القسم

الثاني الرسولعواضة

43 كتاب )صورة األرض( البن

حوقل، نقد وتعريف السيد أحمد

حسن مطرالمددي

الدراسات الفقهية/الفقه االجتماعي والتربوي ـ2829

الجمعة شخصيةالمجتمع اإلسالمي

الشيخ حسن بن موسى

الصفارـــ

ـ2829

معالجة منهجية ال»لحديث

/ القسم«نورثاألول

د. الشيخـــخالد الغفوري

ـ3031

معالجة منهجية ال»لحديث

/ القسم«نورثالثاني

د. الشيخـــخالد الغفوري

ـ3031

ية الرسول ،|ذر الخيط الرفيع بينالمحبة والطبقية

الشيخ حسينـــالخشن

ـ3031

هل يؤسس اإللحاد مذهبا إنسانيا في

، نقاشاتالحب؟ تنموية في فضاءات

إريك فروم

ـــأ. علي المدن

ـ3031

أمام ثقافةالعرب القانون

والمؤسسات أ. نبيل علي

ـــصالح

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد442هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3233

الدين في ميزان ، قراءة فياألخالق

العالقة بين األخالق الدينية واألخالق

العلمانية

د. أبو القاسمفنائي

حسن عليمطر

ـ3233

الفكر اإلسالمي ،والفكر العلماني

مطالعة في مواطن االئتالف

واالختالف

د. مخلصـــالسبتي

ـ3233

معالجة منهجية ال»لحديث

/ القسم«نورثالثالث

د. الشيخـــخالد الغفوري

ـ3233

نظرية )الشأن( في ،التراث الفقهيتحليل وتعليق

الشيخ محمد حسين صادق

زاده الشيخ علي

محسن

ـ3435

الفقه اإلسالمي وتحديات العصر

الحديث / القسماألول

د. أبو القاسمحسن مطرفنائي

ـ3435

قراءة جديدة لإلرث ، دراسةبالوالء / القسممقارنةاألول

د. الشيخـــخالد الغفوري

ـ3435

دور الرؤيا واألحالم في الثقافة

اإلسالمية

د. الشيخ حسينالخشن

ـــ

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد443هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد ـ3435

مقدمة في فقهالبيئة والمحيط

د. محسند. نظيرة غالبعميق

ـ3435

أفضلية األطعمة النباتية في النظام

الغذائي، قراءةأخالقية

د. أحمدوسيم حيدرالنراقي

ـ3637

األخبار المشكوك في أمرها في

المأثور األخالقي الشيخ جوياحسن مطرجهانبخش

ـ3637

الفقه اإلسالمي وتحديات العصر

/ القسمالحديثالثاني

د. أبو القاسمحسن مطرفنائي

ـ3637

قراءة جديدة لإلرث ، دراسةبالوالء / القسممقارنةالثاني

د. الشيخـــخالد الغفوري

ـ3839

،الدين واألخالقالهوية والتعريف

د. أبو القاسمحسن مطرفنائي

ـ3839

حديث )ال وصية ، دراسةلوارث(

تحليلية مقارنة

د. الشيخ خالد الغفوري

الحسنيـــ

ـ40 د. أبو القاسمتبعية الدين لألخالق41

وسيم حيدرفنائي

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد444هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ4041

الملكية االعتباريةفس، بين للن

االستحالة واإلمكان

الشيخد. خالد الغفوري

الحسنيـــ

42 الشيخ محمد

إسحاق الفياض، عمق الفقاهةوسمو األخالق

الشيخ حسن بن موسى

الصفارـــ

42

المواطنة والدين في مجتمع متنوع،

الهوية واألخالق» السياسية سياق«لالعترافإسالمي

د. الشيخـــخنجر حمية

تبعية األخالق للدين42/ القسم األول

د. أبو القاسمفنائي

حسن عليمطر

43 حديث )ألحقوا

،الفرائض بأهلها( دراسة تحليلية

مقارنة

د. الشيخ خالد الغفوري

الحسنيـــ

تبعية األخالق للدين43/ القسم الثاني

د. أبو القاسمفنائي

حسن عليمطر

44

،إرث الزوجة محاكمات في سياق الجدل

/الفقهي القائمالقسم األول

الشيخ فخر الدين

الصانعي حسن عليالهاشمي

وسيم حيدر د. أبو القاسم أخالق المعرفة44 ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد

445هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد الدينية / القسم

فنائياألول

44 المرأة في المنظور

الفلسفي للمالصدرا الشيرازي

السيد محمد الموسويالعقيقي

فرقد الجزائري

44

طبيعة العالقة بين حقوق اإلنسان

المعنوية والشرعية في ضوء الفقه

الشيعي

د. فاطمةـــقدرتي

44

،وقف الوقت مطالعة فقهية أولية في وقف

المنفعة والعملالتطوعي

الشيخ حيدرـــحب الله

44 ،وقف الوقت

سؤال المشروعية الفقهية وإشكالياته

في الفقه اإلسالمي

الشيخ محمدـــحسن زراقط

الدراسات الفقهية/فقه العبادات الجهر واإلخفات25

في قراءة الصالة الشيخ أحمد

ـــعابديني

ـ3031

بحث اجتهادي جديد في الطهارة

والنجاسة

لم ينشر اسم الكاتب في مجلة )نقد

ونظر( الفارسية.

وإننا نرجح أنه

حسن عليحسن

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد446هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد الشيخ نعمة الله صالحينجف آبادي

ـ3031

إفطار قضاء شهررمضان وكفارته

الشيخ أحمدـــعابديني

ـ3233

فقه العبادات والقوانين الجزائية، دراسة في الفوارق

الجوهرية

الشيخ أحمدعابديني

حسن عليمطر

ـ3233

مفطرية تعمد البقاء على الجنابة

، قراءةحتى الفجرنقدية

الشيخ يوسفـــعلي سبيتي

ـ3839

الصالة في أجزاء حيوان ال يؤكل

، قراءة نقديةلحمه الشيخ أحمد

ـــعابديني

الدراسات الفقهية/الفقه القرآني

25 دور القرآن في

االستنباط الفقهي، اإلمام الخميني

أنموذجا

د. الشيخ محمد

رحمانيصالح البدراوي

ـ2627

|عتاب النبي األكرم في آي الكتاب

المجيد د. الشيخ

ـــمحمد علوان

ـ2829

مساهمة اإلمام الخوئي في

التفسير القرآني

أ. د. عبد العزيز

ساشاديناهادي نعمة

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد447هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3031

القرآن المصدر المعرفي الديني

، نحوالوحيدتأسيس فقه قرآني

الشيخ أمينـــإيماني

ـ3233

القيم الصوتية ،وآفاقها الجمالية دراسة في ضوء

النص القرآني

أ. كواكب صالح مهدي

محمد / إشراف: أ. م. د. أزهار علي

ياسين

ـــ

ـ3233

نظرية )النبي األمي( في التراث

اإلسالمي أ. خالد محمد

ـــعبده

ـ3637

سخ في إنكار الن القرآن الكريم،نظرة تاريخية

د. محمد تقي دياري

/ د.بيدگلي عزت الله

موالئي نيا / أ. محمد

معظميگودرزي

ـــ

الدراسات الفقهية/الفقه المقارن )بين المذاهب أو بينالفقه والقانون(

ـ2627

نظرات في أدبيات الفرقة الناجية، منظور تحليليونقدي مقارن

أ. مشتاق بن موسىاللواتي

ـــ

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد448هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ2829

تدوين الرسائل ، دراسةالعملية

مقارنة بين المنهجين األخباري

واألصولي

السيد أمين حبيب

السعيديـــ

ـ3435

مصادر االستنباط بين الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي،

)مجلة األحكام العدلية( أنموذجا

د. الشيخ صاحب محمدحسين نصار

ـــ

ـ3435

، بينالمصلحة الفقه اإلسالميوروسكو باوند

أ. د. منىـــأحمد أبو زيد

ـ3839

،فقه االحتكار دراسة استداللية

/ القسممقارنةاألول

الشيخ ذو الفقار عبد الرسولعواضة

ـــ

ـ4041

،فقه االحتكار دراسة استداللية

/ القسممقارنةالثاني

الشيخ ذو الفقار عبد الرسولعواضة

ـــ

الدراسات الفقهية/تاريخ الفقه والعلوم الشرعية

25 تاريخ الفقه

، قراءةالجعفري في المراحل

واألدوار المختلفة

الشيخ عليـــحسن خازم

ـ3637

سخ في إنكار الن ،القرآن الكريم

د. محمد تقي دياري

ـــ

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد449هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

نظرة تاريخية

/ د.بيدگلي عزت الله

موالئي نيا / أ. محمد

معظميگودرزي

ـ4041

جهود الدكتور الفضلي في التأريخ للمدارس اإلسالمية

في العقيدة ، قراءةوالتشريع

في المنطلقات وخطوات العمل

وسماته

أ. حسينـــمنصور الشيخ

44

أصول فقه ، رصداإلمامية

للتكون والنشأة على ضوء الوثائق

/ القسمالتأريخيةاألول

الشيخ أحمد بن عبد الجبار

ن السميـــ

بحوث فقهية متفرقة

ـ2627

نجاسة الكلب في ،الفقه اإلسالمي

محاولة قراءةمختلفة

الشيخ أحمدـــعابديني

ـ3031

من نوادر فقهالخوارج والمعتزلة

د. السيد حسين

مدرسيالطباطبائي

نظيرة غالب

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد450هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3031

أحكام الذبائح في ،الفقه اإلسالمي

نقد اشتراط /التذكية بالحديد

القسم األول

السيد علوي البالدي

البحراني )تقريرا بقلم: السيد ماجد

(البوري

ـــ

ـ3233

أحكام الذبائح في ،الفقه اإلسالمي

نقد اشتراط /التذكية بالحديد

القسم الثاني

السيد علوي البالدي

البحراني )بقلم: السيدماجد البوري(

ـــ

ـ3435

،الذبح في منىقراءة أخرى

الشيخ أحمدـــعابديني

علم أصول الفقه اإلسالمي مثاقفة االجتهاد في25

الفقه اإلسالمي أ. د. زهيرـــالحسني

25 تواتر الحديث عند

، مطالعةالمتقدمين رصدية في أهممفاصل البحث

الشيخ أحمدـــأبو زيد

25 نظرية تنقيح المناط عند

اإلمامية الشيخ علي

ـــدهيني

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد451هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

25 شبستري... من

الهرمنوطيقا إلى األنسنة / القسم

الثاني

أ. عمادـــالهاللي

ـ2627

،في حقيقة االجتهاداألصول والضوابط

د. أحمدـــالسلطان

ـ2627

تأويل الخطاب االشتباهي عند

اإلمام الشاطبي د. البشيرـــالتهالي

ـ2829

ازدواجية دور المصلحة في الفقهالسياسي الشيعي

د. السيد صادقحقيقت

نظيرة غالب

ـ2829

الحجية الذاتية لبناء ، ودورها فيالعقالء

علم أصول الفقه

الشيخ محمد تقي أكبر

نجادنظيرة غالب

ـ3031

مناهج االجتهاد ،وطرائق المحدثينأفكار ومقترحات

حوار مع: السيد أحمد

المدديكاظم خلف

ـ3031

،علم أصول الفقه المباحث الجديدة

والمتابعات الحديثة

الشيخ ضياء الدين

المحموديـــ

ـ3031

رالهرمنوطيقا ، وتغي الحكم الشرعي

ر الزمان بتغي

د. السيد يوسف

العلوي / أ.ـــ

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد452هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد حسينوالمكان

اليوسف

ـ3233

من أصول الفقه إلى مناهج ، شكلياتاالستنباط

البحث الفقهي

الشيخ األسعد بن عليقيدارة

ـــ

ـ3233

قواعد العلم ،بالحكم الشرعي

قراءة مختلفة

السيد علي حسن مطرالهاشمي

ـــ

ـ3435

مصادر االستنباط بين الفقه اإلسالمي

،والقانون الوضعي )مجلة األحكام

العدلية( أنموذجا

د. الشيخ صاحب محمدحسين نصار

ـــ

ـ3435

المصلحة، بين الفقه اإلسالميوروسكو باوند

أ. د. منىـــأحمد أبو زيد

ـ3637

نظرية االجتهادالتفريعي والمقارن

الشيخ محمد إبراهيمالجناتي

حسن عليمطر

ـ3839

،شمولية الشريعة نقد نظرية الفراغ

القانوني فياإلسالم

تحت إشراف:

الشيخ ناصر مكارم

الشيرازي

حسن مطر

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد453هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3839

الفرق بين العام والمطلق، وبين

،التخصيص والتقييد دراسة أصولية

مختلفة

السيد علي حسن مطرالهاشمي

ـــ

ـ3839

تواتر الحديثبعيون غربية

الشيخ أحمدـــأبو زيد

ـ4041

ر في الثابت والمتغياألحكام الشرعية

الشيخ حسنـــالصفار

ـ4041

مرجعية الحديث الشيعي اإلمامي،المصدر والحدود

د. مجيد معارف / د. عبد الهادي

فقيهي زاده / د. نظيرة

غالب

ـــ

42 عالقة علم األصول

بالعلوم األخرى، ودور الشهيد الصدر

في تطويرها

د. الشيخ عبد الهاديالفضلي

ـــ

حجية الظن في42أصول الدين

د. الشيخ مهدي

الكاظميـــ

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد454هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

44

أصول فقه اإلمامية، رصد

للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / القسم

األول

الشيخ أحمد بن عبد الجبار

ن السميـــ

دراسات في السنة والحديث الشريف

25 تواتر الحديث عند

المتقدمين، مطالعة رصدية في أهممفاصل البحث

الشيخ أحمدـــأبو زيد

25 الطريق إلى مصادر

للشيخ«الكافي» ، مدخلالكليني

لدراسة فاحصة

الشيخ محمد رضا جديدي

نجاد السيد حسن

علي الهاشمي

ـ2627

من كذب»حديث ،«علي متعمدا...قراءة تحليلية

د. بكر قوزودشلي

أوغلوسامي خليفة

ـ2627

نظرات في أدبيات ،الفرقة الناجية منظور تحليليونقدي مقارن

أ. مشتاق بن موسىاللواتي

ـــ

ـ2829

األحاديث الموضوعة، قراءة

في كتاب الموضوعات في»

«اآلثار واألخبار

د. زهراءنظيرة غالبإخوان صراف

ـ3233

فتح االجتهاد في علم الجرح

د. يحيى رضاجاد

ـــ

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد455هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد ، هلوالتعديل

يمكن للمعاصرين ممارسة االجتهاد

الرجالي؟ ـ3637

األخبار المشكوك في أمرها في

المأثور األخالقي الشيخ جوياحسن مطرجهانبخش

ـ3637

منهج الحاكم النيسابوري في تصحيح أحاديث

الفضائل، دراسةوتقييم

د. يحيى عبد الحسنالدوخي

ـــ

ـ3839

تواتر الحديثبعيون غربية

الشيخ أحمدـــأبو زيد

ـ4041

الحديث الشريف بين المصادر

المذهبية ، قراءةواإلسالمية

استداللية في مرجعية الحديث

/ القسماإلسالمياألول

الشيخ حيدرـــحب الله

ـ4041

مرجعية الحديث ،الشيعي اإلماميالمصدر والحدود

د. مجيد معارف / د. عبد الهادي

فقيهي زاده / د. نظيرة

غالب

ـــ

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد456هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد ـ4041

سليمان بن داوود المنقري وكتابه في

الحديث د. محمد

د. نظيرة غالبكاظم رحمتي

42 ل علمحوارات حو

الرجال ودورهومشكالته ومآالته

حوار مع: السيد أحمد المددي /

الشيخ مسلم الداوري / الشيخ رضا مختاري /

الشيخ محمدباقر ملكيان

حسن عليالهاشمي

42

التفاعل السني الشيعي في

،القرون المبكرة انتقال أسانيد أهل السنة إلى التراث

ي / القسمالشيعاألول

د. بكرقوزوديشلي

ترجمه عن اإلنجليزية:

فاطمة زراقط

42

الحديث الشريف بين المصادر

المذهبية ، قراءةواإلسالمية

استداللية في مرجعية الحديث

/ القسماإلسالميالثاني

الشيخ حيدرـــحب الله

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد457هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

تأمالت في توثيقات42الشيخ المفيد

الشيخ محمدـــباقر ملكيان

43

التفاعل السني الشيعي في

،القرون المبكرة انتقال أسانيد أهل السنة إلى التراث

/ القسمالشيعيالثاني

د. بكرقوزوديشلي

ترجمته عن اإلنجليزية:

فاطمة زراقط

43

الحديث الشريف بين المصادر

المذهبية ، قراءةواإلسالمية

استداللية في مرجعية الحديث

/ القسماإلسالميالثالث

شيخ حيدرالـــحب الله

44 قصة المعمر المغربي )أبو

، بين الحقيقةالدنيا(والخيال

د. الشيخ حسين أحمد

الخشنـــ

44 الكتاب المشتهر بـ

)نوادر أحمد بن ،محمد بن عيسى(

رسالة في المؤلف

الشيخ محمدـــباقر ملكيان

شخصيات وفقهاء

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد458هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

25 الطريق إلى مصادر

للشيخ«الكافي» الكليني، مدخللدراسة فاحصة

الشيخ محمد رضا جديدي

نجاد السيد حسن

علي الهاشمي

ـ2627

المنهج االجتهادي عند اإلمام ، حوارالبروجردي

مع نخبة منالمراجع والفقهاء

حوار مع: الشيخ لطف الله الصافيالكلبايكاني

والشيخ حسين النوري

الهمداني والشيخ أبو

طالب تجليلالتبريزي

كاظم خلفالعزاوي

ـ2627

تأويل الخطاب االشتباهي عند

اإلمام الشاطبي د. البشيرـــالتهالي

ـ2829

مساهمة اإلمام الخوئي في

التفسير القرآني

أ. د. عبد العزيز

ساشاديناهادي نعمة

ـ2829

جدليات منهجية ، مقارباتوتنظيرية

في فكر السيدالصدر

أ. د. عبد األمير كاظم

زاهدـــ

ـ3031

الشيخ الفضلي، منارة أحسائية

عالمية ثالثة في د. محمد بنـــجواد الخرس

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد459هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد مجال الكتب

فين / القسم والمؤلاألول

ـ3233

الشيخ الفضلي، منارة أحسائية

عالمية ثالثة في مجال الكتب

فين / القسم والمؤلالثاني

د. محمد بنـــجواد الخرس

ـ3435

رسالة عدم سهو ، للشيخ|النبي

، قراءةالمفيدلوتحلي

الشيخ عمار عبد األميرالفهداوي

ـــ

ـ3435

المصلحة، بين الفقه اإلسالميوروسكو باوند

أ. د. منىـــأحمد أبو زيد

ـ3435

،الشهيد الثاني جولة في بعض

إبداعاته ونظرياتهاالجتهادية

د. الشيخ محمد

زرونديـــ

ـ3435

مستمسك السيد الحكيم، تقرير عن

ظروف طباعتهواالعتراضات عليه

الشيخ رسولجعفريان

ترجمة ونقد وتعليق: عماد

الهاللي

ـ3637

المنهج الفقهي البن أبي عقيل،

ومدرسة المتكلمين المتقدمين من

اإلمامية

د. أحمدحسن مطرپاكتجي

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد460هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3637

منهج الحاكم النيسابوري في تصحيح أحاديث

، دراسةالفضائلوتقييم

د. يحيى عبد الحسنالدوخي

ـــ

ـ3839

المفضل بن عمر وكتاب التوحيد)المنسوب له(

د. محمدد. نظيرة غالبكاظم رحمتي

ـ3839

أسئلة الشيعة للعالمة الحلي في

القرن الهجري ، تقريرالثامن

لكتاب )مسائل ابنزهرة(

د. الشيخ رسول

جعفريانوسيم حيدر

ـ4041

الجذور اليهوديةع ، دراسةللتشي

نقدية لنظريةيوليوس فلهاوزن

محمدأ. يسري محمد

حسنـــ

42

رسالة في سهو ، دراسة|النبي

نقدية لرسالة المفيد في نفي

هو عن النبي |الس

الشيخ محمدتقي التستري

تحقيق: الشيخمحمد الخاقاني

42 الشيخ محمد

،إسحاق الفياض عمق الفقاهةوسمو األخالق

الشيخ حسن بن موسى

الصفارـــ

ـــ د. الشيخ عبد عالقة علم األصول42

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد461هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد ،بالعلوم األخرى

ودور الشهيد الصدرفي تطويرها

الهاديالفضلي

في توثيقاتتأمالت42الشيخ المفيد

الشيخ محمدـــباقر ملكيان

43 الشيخ الطوسي

وتكميل كتابالفهرست

الشيخ محمدـــباقر ملكيان

الحوزة العلمية وقضاياها

ـ2829

تدوين الرسائل العملية، دراسة

مقارنة بين المنهجين األخباري

واألصولي

السيد أمين حبيب

السعيديـــ

دراسات في المناهج واالتجاهات

ـ2627

المنهج االجتهادي عند اإلمام

البروجردي، حوار مع نخبة من

المراجع والفقهاء

حوار مع: الشيخ لطف الله الصافيالكلبايكاني

والشيخ حسين النوري

الهمداني والشيخ أبو

طالب تجليلالتبريزي

كاظم خلفالعزاوي

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد462هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ2829

منهجية العلوم الشرعية في

مقابل المنهجيةالعلمية الحديثة

أ. علي بنـــمحمد الحمد

ـ2829

جدليات منهجية وتنظيرية، مقاربات

في فكر السيدالصدر

أ. د. عبد األمير كاظم

زاهدـــ

ـ2829

تدوين الرسائل العملية، دراسة

مقارنة بين المنهجين األخباري

واألصولي

السيد أمين حبيب

السعيديـــ

ـ2829

المنهجية النقدية عند النيلي بين

التطرف واالعتدال أ. مختارـــاألسدي

ـ3031

مناهج االجتهاد وطرائق المحدثين،

أفكار ومقترحات

حوار مع: السيد أحمد

المدديكاظم خلف

ـ3637

المنهج الفقهي البن أبي عقيل،

ومدرسة المتكلمين المتقدمين من

اإلمامية

د. أحمدحسن مطرپاكتجي

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد463هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3637

منهج الحاكم النيسابوري في تصحيح أحاديث

الفضائل، دراسةوتقييم

د. يحيى عبد الحسنالدوخي

ـــ

42 االتجاهات الفقهية عند اإلمامية في

القرنين الثانيوالثالث الهجريين

د. أحمدد. نظيرة غالبپاكتجي

دراسات في األديان والمذاهب والفرق

ـ3031

من نوادر فقهالخوارج والمعتزلة

د. السيد حسين

مدرسيالطباطبائي

نظيرة غالب

ـ3435

األسس الدينيةلألصولية اليهودية

أ. د. عبد األمير كاظم

زاهدـــ

ـ3637

المنهج الفقهي البن ،أبي عقيل

ومدرسة المتكلمين المتقدمين من

اإلمامية

د. أحمدحسن مطرپاكتجي

ـ3839

أسئلة الشيعة للعالمة الحلي في

القرن الهجري الثامن، تقرير

لكتاب )مسائل ابن

د. الشيخ رسول

جعفريان

وسيم حيدر

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد464هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعددزهرة(

ـ4041

الجذور اليهوديةع، دراسة للتشي

نقدية لنظريةيوليوس فلهاوزن

محمدأ. يسري محمد

حسنـــ

42 االتجاهات الفقهية

فيعند اإلمامية القرنين الثاني

والثالث الهجريين

د. أحمدد. نظيرة غالبپاكتجي

43 الدعاية المذهبية

، فرقةالمضادة الغرابية نموذجا

أ. محمد يسري أبو

هدورـــ

دراسات كالمية

ـ3435

رسالة عدم سهو ، للشيخ|النبي

المفيد، قراءةوتحليل

الشيخ عمار عبد األميرالفهداوي

ـــ

42

رسالة في سهو ، دراسة|النبي

نقدية لرسالة المفيد في نفي

هو عن النبي |الس

الشيخ محمدتقي التستري

تحقيق: الشيخمحمد الخاقاني

قراءات في كتب وأعمال فكرية

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد465هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

25 الطريق إلى مصادر

للشيخ«الكافي» الكليني، مدخللدراسة فاحصة

الشيخ محمد رضا جديدي

نجاد السيد حسن

علي الهاشمي

25

فهرست مقاالت من24 ـ 1األعداد

االجتهاد»مجلة ، في«والتجديد

السنوات الست ـ2006األولى، ـ1427م / 2012هـ1433

إعداد وتنظيم:

الشيخ محمدعباس دهيني

ـــ

ـ2627

قراءة في كتاب نحو نظرية جديدة»

في علم االجتماع«الديني

أ. د. عبد األمير كاظم

زاهدـــ

ـ2829

األحاديث ، قراءةالموضوعة في كتاب

الموضوعات في»«اآلثار واألخبار

د. زهراءنظيرة غالبإخوان صراف

ـ3031

،الشيخ الفضلي منارة أحسائية

عالمية ثالثة في مجال الكتب

فين / القسموالمؤلاألول

د. محمد بنـــجواد الخرس

ـــ د. محمد بن الشيخ الفضلي، ـ32 ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد466

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

33

منارة أحسائية عالمية ثالثة في

مجال الكتبفين / القسم والمؤل

الثاني

جواد الخرس

ـ3435

تحرير»كتاب ، دوافع«المجلة

التأليف ومساراته

د. الشيخ محمد

رحمانيوسيم حيدر

ـ3435

،طهارة أهل الكتاب قراءة وتلخيص

]عرض وتلخيص الكرامة»لكتاب

اإلنسانية، دراسة في طهارة اإلنسان

على ضوء الفقه ، للسيد«اإلسالمي

أبو الحسن نواب )األستاذ المساعد

ورئيس جامعة األديان والمذاهب

بمدينة قم([

أ. عمادـــالهاللي

ـ3435

مستمسك السيد ، تقرير عنالحكيم

ظروف طباعتهواالعتراضات عليه

الشيخ رسولجعفريان

ترجمة ونقد وتعليق: عماد

الهاللي

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد467هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3637

منهج الحاكم النيسابوري في تصحيح أحاديث

الفضائل، دراسةوتقييم

د. يحيى عبد الحسنالدوخي

ـــ

ـ3839

المفضل بن عمر وكتاب التوحيد()المنسوب له

د. محمدد. نظيرة غالبكاظم رحمتي

ـ3839

أسئلة الشيعة للعالمة الحلي في

القرن الهجري الثامن، تقرير

لكتاب )مسائل ابنزهرة(

د. الشيخ رسول

جعفريانوسيم حيدر

ـ3839

قراءة في كتاب )إضاءات في الفكر

(والدين واالجتماع الشيخ محمد

حسن مطرمرادي

ـ4041

سليمان بن داوود المنقري وكتابه في

الحديث د. محمد

د. نظيرة غالبكاظم رحمتي

42 عبيد الله بن أبي

وكتابرافع )األحكام والسنن

والقضايا(

د. محمدد. نظيرة غالبكاظم رحمتي

43 الشيخ الطوسي

وتكميل كتابالفهرست

الشيخ محمدـــباقر ملكيان

ـ العـدد الخامس واألربعون، السنة الثانية االجتهاد والتجديد468هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »االجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقاالت األعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

43 كتاب )صورة األرض( البن

، نقد وتعريفحوقل السيد أحمد

حسن مطرالمددي

44 الكتاب المشتهر بـ

)نوادر أحمد بن محمد بن عيسى(،رسالة في المؤلف

الشيخ محمدـــباقر ملكيان

ـ العــدد الخــامس واألربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، االجتهاد والتجديد469هـ1439م ـ 2018شتاء

قسيمة االشتراك مجلة االجتهاد والتجديد

أفراد مؤسسات ......................................................اســــم المشترك:

..........................................................العنوان الكامل: ..............................................................................

...................................الهاتــــف:.................فاكــــس: .................مدة االشتراك:....................... ابتــداء مـــن:

.........................المبلغ:......................عـــدد النســـــخ: .................نقـدا إلى:............................ شيك مصرفي:

..........................التــــاريــخ:.......................التوقيــــع:

االشتراك السنوي للمؤسسات دوالر 100 لألفراد سائر الدول:

)خالصة أجور البريد( دوالر 200

ثمن النسخة ليرة 5000لبنان ليرة 150سوريا دينار 2.5األردن

ـــــــــــــــــــــــــــــانير 3الكــــــــــــــــــــــــــــــويت دـن دينــار 3000العــراق درهمــا 30اإلمــارات العربيــة

ريـاال 30السـعودية ريـاال 30قطـر دنـانير 3البحـرين ــاالت 3عمــان ــال 400اليمن ري ــات 7مصــر ري جنيه

ــانير 5ليبيا شلنا 150الصومال دينار 200السودان دن

درهمــا 30المغــرب دنــانير 3تونس دينارا 30الجزائر 5قـــبرص لـــيرة 20000تركيـــا أوقيـــة 500موريتانيـــا

. دوالرات10أمريكا وأوروبا وسائر الدول األخرى جنيهات

Al-Egtihad & Attagdeed

Editor-in-chief:

Haidar Hobballah

Editor-in-Director:

Mohamad Dohaini

Responsible Director:

Rabie Sowaidan

Correspondence:

To the office of the Editor-in-chief

Winter 2018 - 1439 12 st Year – No. 45

P.O.Box: 327 / 25 Beirut – Lebanon

E-mail: info@nosos.net

. 595: 10مجمع البيان )( 1(. الهامش )180من إسالم القرآن إلى إسالم الحديث: )( 2. 185: 4تفسير األمثل )( 3. 399: 1تفسير في ظالل القرآن )( 4. 285: 1آالء الرحمن )( تفسير 5. 61)( تفسير إرشاد األذهان: 6. 138)( تفسير تبيين القرآن: 7. 126)( تفسير البالغ: 8. 504: 2 )( تفسير األمثل9

. 291: 9 )( تفسير الفرقان10. 144: 5تفسير الفرقان )( 11. 186: 3الجوهر الثمين )( 12. 178: 6 يروح المعان)( 13. 96: 6؛ كنـزالدقائق 241: 3؛ زبدة التفاسير 123: 3انوار التنـزيل )( 14. 123: 10الميزان )( 15. 2819: 9تفسير ابن أبي حاتم )( 16. 381إرشاد األذهان: )( 17. 196: 19التحرير والتنوير )( 18. 145 ـ 142: 1)( اإلتقان في علوم القرآن 19. 1922: 6تفسير ابن أبي الحاتم الرازي )( 20. 58: 11؛ جامع البيان 505: 6مجمع البيان )( 21 )الهامش(.100من إسالم القرآن إلى إسالم الحديث: )( 22 )الهامش(.181 ـ 180من إسالم القرآن إلى إسالم الحديث: )( 23. 207: 1)( التفسير الواضح 24. 174:: 1)( التفسير الوسيط 25. 278: 2)( متشابه القرآن 26. 4: 2)( تفسير ابن كثير 27. 53)( تفسير الجاللين: 28. 256: 2)( محاسن التأويل 29. 50)( التفسير المعين: 30. 150: 3)( التفسير المنير 31. 28: 2)( التفسير الوسيط 32. 223: 5)( تفسير من وحي القرآن 33. 45: 5فتح القدير )( 34. «حكم»مادة ، تاج العروس)( 35. 512)( تفسير الجاللين: 36. 34: 26جامع البيان )( 37. 302:: 3؛ بحر العلوم 238تأويل مشكل القرآن: )( 38. 119: 6)( البحر المحيط 39. 272: 3)( جواهر الحسان 40. 467: 8)( محاسن التأويل 41. 149: 3)( المحرر الوجيز 42. 313: 17)( مفاتيح الغيب 43. 166علوم القرآن: )( الحكيم، 44. 319: 5بيان المعاني )( 45. 22: 3البحر المحيط )( 46. 259)( إرشاد األذهان: 47. 233: 2)( جوامع الجامع 48

. 156: 7)( روح المعاني 49. 607: 1)( األصفى 50. 190: 3)( أنوار التنـزيل 51. 33: 3)( البحر المديد 52. 230: 2)( بحر العلوم 53ر: 54 . 255)( تفسير شب. 137: 7التفسير القرآني للقرآن )( 55. 183، 180: 13)( التفسير المنير 56. 236: 2)( التفسير الواضح 57. 1173: 2)( التفسير الوسيط 58. 383: 4)( روح البيان 59. 259إرشاد األذهان: )( 60. 114: 13جامع البيان )( 61. 35: 3البحر المديد )( 62. 266تبيين القرآن: )( 63. 290: 6)( محاسن التأويل 64. 94: 2)( متشابه القرآن 65. 458: 6)( مجمع البيان 66. 510: 2)( زاد المسير 67. 246: 4)( بيان السعادة 68. 711: 10)( مجمع البيان 69. 237: 5)( معالم التنـزيل 70. 117: 12)( مقتنيات الدرر 71. 55)( إرشاد األذهان: 72. 138: 1)( األصفى 73. 6: 2)( أنوار التنـزيل 74. 324: 1)( البحر المديد 75. 53)( تفسير الجاللين: 76. 318: 1)( الصافي 77. 4: 2)( تفسير ابن كثير 78ر: 79 . 86)( تفسير شب. 63)( التفسير المبين: 80. 145: 1)( التفسير المعين 81. 27: 2التفسير الوسيط )( 82. 78: 2)( روح المعاني 83. 213: 25)( التحرير والتنوير 84. 447: 2البحر المديد )( 85. 186: 3؛ زبدة التفاسير 106: 6؛ كنـزالدقائق 104: 3أسرار التنـزيل )( 86. 398: 1التبيان )( 87. 639: 3مفاتيح الغيب )( 88. 638: 3)( مفاتيح الغيب 89. 369: 7التفسير القرآني للقرآن )( 90. ؛ وغيرهما237: 14؛ التفسير المنير 270: 20مفاتيح الغيب )( 91. ؛ وغيرهما421: 1؛ مجمع البيان 203: 1الكشاف )( 92. 174: 1)( التفسير الوسيط 93. 53)( تفسير الجاللين: 94. 4: 2)( تفسير ابن كثير 95

. 150: 3)( التفسير المنير 96. 224: 5)( تفسير من وحي القرآن 97. 182الحكيم، علوم القرآن: )( 98. 107 ـ 106: 2)( غرائب القرآن 99

. 170علوم القرآن: )( 100. 179علوم القرآن: )( 101. 179علوم القرآن: )( 102. 34: 3الميزان )( 103. «فتن»، 23: 9التحقيق في كلمات القرآن )( 104. 35 ـ 34: 26مجموعه آثار أستاد شهيد مطهري )( 105. 21: 3الميزان )( 106. 87: 1أنوار التنـزيل )( 107. «شبه»، 503: 13لسان العرب )( 108. 185: 3أنوار التنـزيل )( 109. «شبه»القاموس المحيط، )( 110. 34: 2التحقيق في كلمات القرآن )( 111. 21: 9التبيان )( 112. 453: 3جوامع الجامع: ج)( 113. 41: 5أنوار التنـزيل )( 114. 1083: 2)( األصفى 115. 76: 2أنوار التنـزيل )( 116. 21: 3البحر المحيط )( 117. 67: 24التحرير والتنوير )( 118. 1144 ـ 1143: 12التفسير القرآني للقرآن )( 119. 64: 15األمثل )( 120. «شبه»، 404: 3)( العين 121. 11: 1تفسير العياشي )( 122. 699: 2)( مجمع البيان 123. 112: 1الزركشي، البرهان في علوم القرآن )( 124. 112: 1البرهان في علوم القرآن )( 125. 304: 2)( اإلتقان في علوم القرآن 126. 68: 2البرهان في علوم القرآن )( 127. 1، ح28: 2الكافي )( 128. 22: 3البحر المحيط )( 129. 243: 1تفسير ابن أبي حاتم )( 130. 601: 2تفسير ابن أبي حاتم )( 131. 87: 1)( تفسير مقاتل 132. 264: 1)( تفسير مقاتل 133. 195: 1بحر العلوم )( 134. 119: 3جامع البيان )( 135. 320: 5)( بيان المعاني 136. 48: 2)( تفسير ابن كثير 137. 257: 1)( زاد المسير 138. 696: 2)( مجمع البيان 139. 285: 2)( الجصاص، أحكام القرآن 140. 26: 3)( البحر المحيط 141 ؛80: 2؛ روح المعاني 295: 1؛ الجوهر الثمين 6: 2؛ روح البيان 61تبيين القرآن: )( 142

. ؛ وغيرها361: 1فتح القدير . 596: 2تفسير ابن أبي حاتم الرازي )( 143. 408مجموعه رسائل سيد عبد الحسين الري: )( 144. 253: 1االحتجاج )( 145. 409مجموعه رسائل سيد عبد الحسين الري: )( 146. 255تقريرات في أصول الفقه: )( 147. 598: 2تفسير ابن أبي حاتم )( 148. 121: 3جامع البيان )( 149. 92: 4أحكام القرآن )( 150. 79: 3أحكام القرآن )( الكياهراسي، 151. 276: 1األصفى )( 152. 12: 4األمثل )( 153. 161: 3)( الميزان 154. 93)( إرشاد األذهان: 155. 91: 2)( زبدة التفاسير 156. 157: 1)( الفواتح اإللهية 157. 393: 1)( لباب التأويل 158. 115)( الوجيز: 159. 237: 3)( التبيان 160. 101: 3)( مجمع البيان 161. 688: 3)( البحر المحيط 162. 425: 1)( زاد المسير 163. 519: 1)( البحر المديد 164. 383: 1)( تفسير مقاتل 165. 312: 1)( بحر العلوم 166. 110)( التفسير المبين: 167. 336: 1)( التفسير الوسيط 168. 654: 1)( معالم التنـزيل 169. 96: 5)( جامع البيان 170. 266: 2)( محاسن التأويل 171. 246: 1)( إيجاز البيان 172. 222: 2)( تفسير خسروي 173. 1494: 5)( تفسير ابن أبي حاتم 174. 145: 8)( جامع البيان 175. 146)( غريب القرآن: 176. 167: 8)( تفسير المراغي 177. 229: 8)( التفسير المنير 178. 172: 3)( روح البيان 179. 754: 2)( تفسير سورآبادي 180. 530: 2)( زبدة التفاسير 181. 658: 4)( مجمع البيان 182. 374: 1)( مراح لبيد 183. 171)( غريب القرآن: 184. 380: 5)( التبيان 185. 117: 2)( بحر العلوم 186. 622: 3)( كشف األسرار 187. 420: 2)( معالم التنـزيل 188

. 380: 4)( الجصاص، أحكام القرآن 189. 205: 12)( التفسير المنير 190. 216: 4)( روح البيان 191. 67: 4)( غرائب القرآن 192. 92: 12)( جامع البيان 193. 268)( دقائق التأويل: 194. 414: 2)( زاد المسير 195. 341: 3)( زبدة التفاسير 196. 198: 5)( الكشف والبيان 197. 513: 2)( لباب التأويل 198. 321: 5)( مجمع البيان 199. 476: 2)( معالم التنـزيل 200. 684: 2)( تقريب القرآن 201. 430: 6)( روح المعاني 202. 212: 3)( بيان المعاني 203. 356: 5)( مجمع البيان 204. 239)( التفسير المعين: 205. 313)( التفسير الوجيز: 206. 457)( تفسير السعدي: 207. 175: 6)( محاسن التأويل 208. 527: 2)( لباب التأويل 209. 193: 7)( أطيب البيان 210. 42: 13)( تفسير المراغي 211. 45: 13)( تفسير المراغي 212. 327: 6)( البحر المحيط 213. 70: 13)( التفسير المنير 214. 1137: 2)( التفسير الوسيط 215. 28، 5)( الجصاص، أحكام القرآن 216. 1211: 3)( ابن العربي، أحكام القرآن 217. 290)( إرشاد األذهان: 218. 680: 1)( األصفى 219. 435: 5)( إعراب القرآن وبيانه 220. 255: 3)( أنوار التنـزيل 221. 270: 3)( فتح القدير 222. 257: 11)( الجامع ألحكام القرآن 223. 70: 8)( روح المعاني 224. 182: 4)( الدر المنثور 225. 446: 1)( التسهيل لعلوم التنـزيل 226. 209: 5)( التفسير لكتاب الله المنير 227. 47: 7)( البحر المحيط 228. 597: 2)( تفسير مقاتل 229. 295: 3)( البحر المديد 230. 283: 5)( روح البيان 231. 332: 8)( روح المعاني 232. 5: 16)( تفسير المراغي 233. 539: 3)( جواهر الحسان 234. 537: 3)( المحرر الوجيز 235

. «أول»، 259: 8)( العين 236. «أول»، 377: 10)( المحيط 237. «أول»، 1628: 4)( الصحاح 238. «أول»، 33: 11)( لسان العرب 239. 162 ـ 158: 1معجم مقاييس اللغة )( 240. «أول»، 80: 1النهاية في غريب الحديث )( 241. 124: 3جامع البيان )( 242. 57: 1مغني اللبيب )( 243. 56 ـ 55)( الصدوق، التوحيد: 244. 163: 1)( تفسير العياشي 245خطبة األشباح. )( نهج البالغة، 246. 833، 828، 393، 361، 45مصباح المتهجد: )( 247. 39 ـ 32: 3)( الميزان 248. 171 ـ 169)( الحكيم، علوم القرآن: 249. 182 ـ 172)( علوم القرآن: 250. 33)( الطباطبائي، القرآن في اإلسالم: 251ر ليبي. ولد بمدينة بنغازي عام )(252 مقارنة»م. أعد أطروحة الدكتوراه حول 1937 مفك

ــاك،«األديان في جامعة القاهرة، ثم انتقل إلى ألمانيا، ودرس على يد المستشرقين هن ثم تابع دراسته في الواليات المتحدة األمريكيــة، ثم عين أســتاذا في قســم الدراســات

م، بعــدها انتقــل إلى اإلقامــة في1968الشرقية في جامعة هلســنكي في فنلنــدا عــام فاتــه: 1994جــنيف، وبقي هنــاك حتى تــوفي ســنة «اإلســالم في األسر». من أهم مؤل

.«إسالم ضد اإلسالم»و، سوريا، رياض الريس للكتب والنشر، ط26 الصادق النيهوم، إسالم ضد اإلسالم: )(2533 ،2000.

.14 المصدر السابق: )(254.1994، 2، القاهرة، سينا للنشر، ط102 نصر حامد أبو زيد، نقد الخطاب الديني: )(255 ،2، بــيروت، تالـة للطباعـة والنشــر، ط189 الصــادق الــنيهوم، تحيــة طيبــة وبعـد: )(256

1992..191 المصدر السابق: )(257 ، سوريا، دار األهــالي للنشــر والتوزيــع، دون587 محمد شحرور، الكتاب والقرآن: )(258

.1990طبعة، ، مصــر، مؤسسـة ريـاض61 الصادق النيهوم، صوت النـاس محنــة ثقافـة مـزورة: )(259

.1987الريس للكتب والنشر، .29الصادق النيهوم، إسالم ضد اإلسالم: )( 260 ، ســوريا، األهــالي للطباعــة47 محمد شحرور، نحو أصول جديدة للفقه اإلسالمي: )(261

.2000، 1والنشر والتوزيع، ط الصادق النيهوم، اإلسالم في األسر، من سرق الجامع؟ وأين ذهب يــوم الجمعــة؟:)(262

.1995، 3، سوريا، مكتبة األسر الوطنية، ط52 الصادق النيهوم، اإلسالم في األسر، من سرق الجامع؟ وأين ذهب يوم الجمعــة؟:)(ــ 263

57..16الصادق النيهوم، إسالم ضد اإلسالم: )( 264.60 الصادق النيهوم، اإلسالم في األسر: )(265 ، بــيروت، رؤيــة جديــدة، دار95 محمد شحرور، السنة الرســولية والســنة النبويــة: )(266

.2012، 1الساقي، ط الصادق النيهوم، اإلسالم في األسر، من سرق الجامع؟ وأين ذهب يــوم الجمعــة؟:)(267

139.

.139المصدر السابق: )( 268ــ 269 ــيروت، دار الطليعــة،177عبد المجيد الشرفي، اإلسالم بين الرسالة والتاريخ: )( ، ب.2008، 2ط الصادق النيهوم، اإلسالم في األسر، من سرق الجامع؟ وأين ذهب يــوم الجمعــة؟:)(270

139..187الصادق النيهوم، تحية طيبة وبعد: )( 271.54 محمد شحرور، نحو أصول جديدة للفقه اإلسالمي: )(272 ، ســوريا، األهــالي للطباعـة والنشــر267محمد شحرور، تجفيف منــابع اإلرهــاب: )(ــ 273

.2008، 1والتوزيع، ط.137 الصادق النيهوم، إسالم ضد اإلسالم: )(274.209 المصدر السابق: )(275.114محمد شحرور، نحو أصول جديدة للفقه اإلسالمي: )( 276.139 الصادق النيهوم، إسالم ضد اإلسالم: )(277.143 المصدر السابق: )(278.144 المصدر السابق: )(279.88 المصدر السابق: )(280.30المصدر السابق: )( 281.42 الصادق النيهوم، صوت الناس محنة ثقافة مزورة: )(282 الصادق النيهوم، اإلسالم في األسر، من سرق الجامع؟ وأين ذهب يــوم الجمعــة؟:)(283

90..17الصادق النيهوم، إسالم ضد اإلسالم: )( 284 الصادق النيهوم، اإلسالم في األسر، من سرق الجامع؟ وأين ذهب يــوم الجمعــة؟:)(285

31..36المصدر السابق: )( 286 ، بيروت، دار الفكر المعاصــر،242 محمد سعيد رمضان البوطي، هذه مشكالتهم: )(287

دون تاريخ.ر، مــدخل إلى)(288 قطب الريسوني، النص القرآني من تهافت القــراءة إلى أفــق التــدب

ر القرآني: ، المغــرب، منشــورات وزارة األوقــاف417نقد القراءات وتأصيل علم التدب.2010، 1والشؤون اإلسالمية، ط

(، من حــديث العربــاض بن ســارية44:ــ 5(، والترمــذي )13:ــ 5 أخرجه أبو داوود ))(289(.346: 2 )«الجامع الصغير»رضي الله عنه. والحديث صححه األلباني في صحيح

، إيــران،23 باقر شريف القرشي، الفقــه اإلســالمي: تأسيســه، أصــالته، مداركــه: )(290، دون تاريخ.1المؤسسة اإلسالمية للبحوث والمعلومات، ط

ــر، ط22 شوقي أبو خليل، قراءة علمية للقراءات المعاصرة: )(291 ،1، سوريا، دار الفك1999.

، القــاهرة، مكتبــة35 يوسف القرضاوي، الفقــه اإلســالمي بين األصــالة والتجديــد: )(292.1999، 2وهبة، ط

.89 المصدر السابق: )(293.245 محمد سعيد رمضان البوطي، هذه مشكالتهم: )(294.37 باقر شريف القرشي، الفقه اإلسالمي: تأسيسه، أصالته، مداركه: )(295 ،52 ـ 51مصطفى ملكيان، راهي به رهائي، جســتارهائي در عقالنيت ومعنــويت: )(ــ 296

هـ.ش. 1387، طهران، 3 معاصر، طنگاهنشر ــ 297 ــدد )( ــه، الع ــان، مهرنام ــطفى ملكي ــر: مص ــ 2انظ ــنة53: ــهر آذر، س ــاريخ: ش ، بت

هـ.ش. 1392 هـ.ش توصلت إلى ما أســميه بالمرحلــة1380منذ عام »يقول مصطفى ملكيان: )(ــ 298

ر عنه بالعقالنية والمعنوية. فأنــا منــذ عــام الخامسة، وهو ما صنعته بنفسي. وهو ما أعب هـ.ش[ أراوح على مدى اثني عشــر عامــا في هــذه1392هـ.ش إلى اليوم ]عام 1380

العقالنية والمعنوية، ثم إني إذا وجدت ما أنا عليه غير قابل للدفاع أيضــا قــد أنتقــل إلى . مصــطفى«المرحلة السادسة والسابعة أيضا، ولن أبالي بتغيير قنـاعتي من وقت آلخر

هـ.ش. 1392، بتاريخ: شهر آذر، سنة 53 ـ 52: 2ملكيان، مهرنامه، العدد إن )مشروع العقالنية والمعنوية( هو العنوان الــذي أطلقــه اآلخــرون على نظريــة)(ــ 299

ــع بين ــدث عن )مشــروع الجم ــان نفســه تح ــان(، وإن ملكي ــدكتور مصــطفى ملكي )ال العقالنية والمعنوية(. وعلى أي حال فإن عنوان )مشروع العقالنية والمعنوية( أصبح هو المتداول، وقد سمحت لنفسي باستعمال ذات هذا العنوان في نص المقال. انظــر إلى

العبارات األولى من كلمة الدكتور ملكيان على الرابط التالي: http://neeloofar.org/thinker/mostafamalekian/lecture/288-2012-02-10-08-44.html ومن الواضح أنه يمكن لنا أن نطرح سؤاال مشابها آخر، وهو: ما هو السبب أو األسباب الــتي دفعت الــدكتور مصــطفى ملكيــان إلى اإلعــراض عن األصــولية الدينيــة والــتراث

الديني والوجودية اإللهية؟ انظر: مقال )روح نا آرام يك روشنفكر(: السيرة الفكرية لمصــطفى ملكيــان في)(ــ 300

، بتــاريخ: أرديبهشــت وخــرداد، عــام26حوار معــه، منشــور في مجلــة )أنديشــه بويــا(: هـ.ش. )مصدر فارسي(. 1391

إن الــدكتور عبــد الكــريم ســروش، وســروش دبــاغ، وحســين أشــكوري، وهــادي)(ــ 301ــد الــديني صادقي، هم من بين المفكرين الذين أجابوا عن مدعى عدم التناغم بين التعب

والعقالنية. ــ 302 ــويت ))( وهذه الكتب هي كالتالي: راهي به رهائي، وجســتارهايي در عقالنيت ومعن

ــدگارهـــ.ش(، ومهــر 1381هـ.ش(، وسنت وسكوالريسم )1380 ، ومقــاالتي در أخالقمانهـ.ش(، ومشــتاقي ومهجــوري: حــوار في مجــال الثقافــة والسياســة )1385شناسي )

هـــ.ش(.1389هـ.ش(، وحديث آرزومندي، وجستارهائي در عقالنيت ومعنــويت )1385 وبطبيعة الحال فقد اشتمل كتاب )سنت وسكوالريسم( على مقــاالت لـــ: عبــد الكــريم

سروش، ومحمد مجتهد شبستري، ومحسن كديور، أيضا. إن من يحصــل على المقــاطع»لقد صرح الدكتور مصطفى ملكيــان نفســه قــائال: )(ــ 303

ــات ــرات واالجتماع ــاءات والمحاض ــوارات واللق ــة للح ــوص المكتوب ــوتية أو النص الص والكلمات، ويقوم بنقدها، فكأنه يقوم بنقد تراثي المكتوب، دون أن يكــون هنــاك فــرق

. انظر: مقال )روح نا آرام يك روشنفكر(: السيرة الفكرية لمصطفى ملكيان«في ذلك ، بتاريخ: أرديبهشــت وخــرداد، عــام26في حوار معه، منشور في مجلة )أنديشه پويا(:

هـ.ش. )مصدر فارسي(. 1391 انظر: مصطفى ملكيــان، ســنت وسكوالريســم )پرسشــهائي پــيرامون معنــويت(:)(ــ 304

،67ـ: 13. وانظر أيضا: مجلة )أخبار أديان(، التي تصدر كل شهرين، العدد 358 ـ 356 هـــ.ش(، وفي كتابــه )ســنت وسكوالريســم( أضــاف1384)أرديبهشــت وخــرداد، ســنة

الدكتور ملكيان النـزعة االنطوائية أيضا. هـ.ش(،1384 )أرديبهشت وخرداد، سنة 67: 13انظر: مجلة )أخبار أديان(، العدد )( 305

وفي كتابه )سنت وسكوالريسم( أضاف الدكتور ملكيان النـزعة االنطوائية أيضا. . 67: 11انظر: المصدر السابق، العدد )( 306. 71: 11انظر: المصدر السابق، العدد )( 307 يسأل الدكتور مصطفى ملكيان في كتابه )راهي به رهائي( عن )الحجية المعرفية)ـ( 308

لشخص أو أشخاص تنسب إليهم الكتب الدينيــة المقدســة(. انظــر: مصــطفى ملكيــان،ــويت: ــائي، جســتارهائي در عقالنيت ومعن ــه ره ــإن126راهي ب ــدود علمي ف . وفي ح

الـدكتور ملكيـان في مؤلفاتـه وحواراتـه وكلماتـه لم ينكـر الحجيــة واالعتبــار المعـرفي للتجارب الدينيــة ــ العرفانيـة بالنســبة إلى أصــحاب تلــك التجــارب، وإن كـان يبــدو من كلماته أنه يشكك في حجية واعتبــار تلــك التجــارب. فإنــه عنــدما يتحــدث عن المصــادر المعرفية ـ على سبيل المثال ـــ يــأتي على ذكــر الحس والعقــل والشــهود واالســتبطان

والذاكرة والشهادة، ولم أجده يدرج التجارب الدينية ـ العرفانية ضــمن قائمــة المصــادرالمعرفية.

مقال )روح نا آرام يك روشنفكر(: السيرة الفكرية لمصــطفى ملكيــان في حــوار)(ــ 309 ، بتــاريخ: أرديبهشــت وخــرداد، عــام26معــه، منشــور في مجلــة )أنديشــه پويــا(:

هـ.ش. وانظر أيضــا: مصــطفى ملكيــان، مشــتاقي ومهجــوري: حــوار في مجــال1391. )مصدر فارسي(. 1385 معاصر، طهران، نگاه، نشر 320 ـ 21الثقافة والسياسة:

كان )مايكل بوالني( و)كارل بوبر( من أوائل الذين أكدوا على دور التقليد العلمي.)ـ( 310 فقد ذهب بوالني وبوبر إلى القول بأن من األفضل للمبتدئين في مجال العلم أن يقبلوا بما يمليه عليهم األساتذة المخضرمون من دون دليل؛ كي يغدو بإمكانهم التقدم بقافلة العلم خطوة نحو األمام. انظر في هذا الشأن الكتابين التــاليين لمايكــل بــوالني وكــارل

بوبر: - Polanyi, M. 1946. Science, Faith and Society. Oxford University Press. ـ كارل بوبر، حدس ها وإبطال ها: رشد شــناخت علمي، مقــال )بــه طــرف نظريــه إي

، ترجمــه إلى اللغــة الفارســية: أحمــد آرام، نشــر شــركت166 ـ 148دربــاره ســنت(: هـ.ش. )مصدر فارسي(. 1375، طهران، 3سهامي انتشار، ط

ــازگاريانظر إلى الحوار الذي أجري مع الدكتور مصطفى ملكيان، تحت عنــوان ))(ــ 311 سمعنويت ومدرنيته(، الموجود على الرابط التالي:

http://neeloofar.org/thinker/mostafamalekian/lecture/288-2012-02-10-08-44.html 312() Knowledge by Testimony.

انظر: مصطفى ملكيان، مقال )إنسان سنتي، إنسان مدرن ومسألة تعبد(، مجلــة)(ــ 313، آذر ودي. )مصدر فارسي(. 1001: 18 ـ 17آيين، العددان

مقال )روح نا آرام يك روشنفكر(: السيرة الفكرية لمصــطفى ملكيــان في حــوار)(ــ 314ــا(: ــة )أنديشــه پوي ــاريخ: أرديبهشــت وخــرداد، عــام1001معــه، منشــور في مجل ، بت

هـ.ش. وانظر أيضــا: مصــطفى ملكيــان، مشــتاقي ومهجــوري: حــوار في مجــال1391. )مصدر فارسي(. 1385 معاصر، طهران، نگاه، نشر 320 ـ 21الثقافة والسياسة:

. 1002انظر: روح نا آرام: )( 315 للوقوف على النقد المدمر والحاسم آلراء فرويد انظر، على سبيل المثال: هانس)ـ( 316

آيسنك، أفول إمبراتوري فرويدي )أفــول اإلمبراطوريــة الفرويديــة(، ترجمــه إلى اللغــة هــ.ش. وممـا يقولـه في1379الفارسية: يوسف كريمي، انتشـارات سـمت، طهـران،

ال شك في أنــه ]أي فرويــد[ كــان عبقريــا،»الختام في معرض تقييم ونقد موقع فرويد: ــه لم يكن ــة والتســويق فقــط! إن ــه ال تكمن في علمــه، وإنمــا في الدعاي ولكن عبقريت عبقريا في عرض الوثائق الدقيقة، بل كانت عبقريته تكمن في القدرة على اإلقناع! لمــار األدبي ــمن اإلط ــرض الكالم ض ــا في ع ــبرات، وإنم ــاء المخت ــه في إنش تكن عبقريت والفني. لم يكن فرويد يتمتع بذات المكانة التي كان يتمتع بهـا كوبرنيــق ودارون، وإنمـا يمكن تصنيفه في عداد )هانس كريستيان آندرسن( واإلخوة غــرايم، من رواة القصــص

إن األسطورية. قد يبدو هذا الكالم قاسيا جدا، ولكن المستقبل كفيــل بإثبــات صــحته...ــر للقــوانين الوضــعية، وهــو في أســوأ علم النفس في أحسن حاالته إنما هو تبلــور مبك حاالته دين شبيه بالعلم، أحدث صــدمة مروعــة في علم النفس والطب النفســي، كمــا أضر بالكثير من المرضى الذين عقدوا الكثير من اآلمال عليــه. وقــد حــان الــوقت لكي

.252 ـ 3. انظر: المصدر السابق: «نتعامل معه بوصفه فضوال وتطفال تاريخيا ال أكثر...317() irrational.318() realism.319() epistemology.320() pragmatism.

ســازگاريانظر: الحوار الذي أجري مــع الــدكتور مصــطفى ملكيــان، تحت عنــوان: ))(ــ 321معنويت ومدرنيته(، الموجود على الرابط التالي:

http://neeloofar.org/thinker/mostafamalekian/lecture/288-2012-02-10-08-44.html

C و Aفي خصوص العقائد الدينية الالعقالنية في شقي »وقال ملكيان في موضع آخر: ر اإلنحيــاز ... يمكن القول: إن مجرد التأثير اإليجابي لاللتزام بالعقيــدة على النفس يــبر

ــدگار. انظر: مصــطفى ملكيــان، مهــر «إلى تلك العقيدة : مقالت في فلســفة األخالق:مانهـ.ش. )مصدر فارسي(. 1385 معاصر، طهران، نگاه، نشر 421

انظر: مقال )روح نا آرام يك روشنفكر(: السيرة الفكرية لمصــطفى ملكيــان في)(ــ 322 ، بتــاريخ: أرديبهشــت وخــرداد، عــام26حوار معــه، منشــور في مجلــة )أنديشــه پويــا(:

هـ.ش. )مصدر فارسي(. 1391 ،103انظر: مصطفى ملكيان، حديث آرزومندي: جستاري در عقالنيت ومعنويت: )ـ( 323

هـ.ش. )مصدر فارسي(. 1389 معاصر، طهران، نگاهنشر . 103انظر: المصدر السابق: )( 324

325() See: Arendt, H. 1961. Between Past and Future, Six Exercises in Political Thought, New York: The Viking Press. P. 100.

326)( منذ عقد الثمانينيات من القرن العشرين أضحت المعرفة االجتماعية مجاال رئيســاــة ــاث )المعرف ــول أبح ــد من االطالع ح ــة. للمزي ــ األمريكي ــة ـ ــفة اإلنجليزي في الفلس

االجتماعية( انظر المصدر التالي: - Encyclopedia of Philosophy, 2006. Second edition, edited by Donald M. Borchert, Vol. 9, pp. 83 - 7. كما يمثل الكتــاب الجديــد للــدكتورة )لينــدا زاكزبســكي(، بعنــوان: )الحجيــة المعرفيــة، نظرية في مجال االعتماد(، حجيــة واســتقاللية ذاتيــة في االعتقــاد الراســخ للــدفاع عن الحجية المعرفية واالستقالل المعرفي والتفسير الصحيح لهذه المفاهيم. انظر المصــدر

التالي: Zagzebski, L. T. 2012. Epistemic Authority: A Theory of Trust, Authority and Autonomy in Belief, Oxford University Press.

لقد استنتج بعض المفكرين الفوضويين عدم إمكــان الــدفاع عن هــذا االنصــياع ]أو)(327 االمتثال السياسي[، واعتبــاره أمــرا مشــروعا، وانتقــدوا الرؤيــة الفلســفية الــتي تعتــبر السلطة السياسية أمرا بديهيا، ومبررا من الناحيــة األخالقيــة. يصــر هــؤالء الفوضــويون على أن الصــيغة الوحيــدة لالجتمــاع اإلنســاني، والــتي يمكن الــدفاع عنهــا، هــو التجمع اإلنساني الذي ال يكون فيه ألحد أو منظومة سلطة على أحد، بحيث تفــرض رأيهــا على

اآلخرين بالقوة. انظر المصدر التالي: ــي: ــفه سياس ــ جين همبتن، فلس ــايار ديهيمي،25 ـ 6ـ ــية: خش ــه إلى الفارس ، ترجم

هـ.ش. )مصدر فارسي(. 1385، طهران، 2انتشارات طرح نو، ط وعلى حد تعبير ـ الخبــير بـــ )كــانت( والفوضــوي األمــريكي المعــروف ـــ )روبــرت بــول

. انظـر المصـدر«إن الدولة المشروعة من الناحية األخالقية، مفهوم مستحيل»وولف(: التالي:

Paul Wolff, R. 1998. In Defense of Anarchism, University of California Press. P. vii. ـ8انظر: مصطفى ملكيان، سنت وسكوالريسم )پرسشهائي پيرامون معنـويت(: )(ـ 328

)أرديبهشــت وخــرداد، ســنة67:ــ 13. وانظر أيضــا: مجلــة )أخبــار أديــان(، العــدد 356ــزعة1384 ــان النـ ــدكتور ملكي ــه )ســنت وسكوالريســم( أضــاف ال ــ.ش(، وفي كتاب هـ

االنطوائية أيضا. 495انظر: مصطفى ملكيان، راهي به رهائي، جستارهائي در عقالنيت ومعنويت: )ـ( 329ــفحتي 504ـ ــا بين ص ــواردة م ــامين ال ما المض ــي ــا:500 ـ 498 )وال س ــر أيض (؛ وانظ

. 356 ـ 8مصطفى ملكيان، سنت وسكوالريسم )پرسشهائي پيرامون معنويت(: ، تحقيــق: الشــيخ عبــاس الــزارعي،21)( الشيخ محمد رضا المظفر، أصــول الفقــه: 330

هـ. 1429، 5منشورات مكتب اإلعالم اإلسالمي في الحوزة العلمية بقم، ط ، إعداد وتحقيــق: لجنــة التحقيــق التابعــة للمــؤتمر19:ــ 3)( دروس في علم األصول 331

هـ. 1427، 5العالمي لإلمام الشهيد الصدر، ط ، شرح وتعليق: رضا حسين صــبح، دار48 ـ 47:ــ 1)( القوانين المحكمة في األصول 332

هـ. وكأنموذج لهذه االنتقادات الحظ مثال: الشــيخ محمــد كــاظم1430،ــ 1المرتضى، ط

وما بعدها، تحقيق وتعليــق: الشــيخ عبــاس19:ــ 1الخراساني )اآلخوند(، كفاية األصول هـ؛ الشيخ محمد حسين النائيني، أجود1432، 8الزارعي، مؤسسة النشر اإلسالمي، ط

ــ 1التقريرات )بقلم: السيد أبو القاسم الخوئي( ، تحقيق ونشر: مؤسســة صــاحب13:هـ؛ وغيرهما. 1430، 2األمر، ط

، اعتــنى بــه وعلق عليــه: نشــأت بن كمــال31)( شــرح األصــول من علم األصــول: 333المصري، دار البصيرة.

هـ. 1406، 1، دار الفكر، ط27)( أصول الفقه اإلسالمي: 334 ، مكتبة الرشد،13)( الجامع لمسائل أصول الفقه وتطبيقاتها على المذهب الصحيح: 335هـ. 1420، 1ط ، تحقيــق: مؤسســة536 ـ 453)( السيد المرتضــى، الذريعــة إلى أصــول الشــريعة: 336

هـ. 1433، 1اإلمام جعفر الصادق، مؤسسة التاريخ العربي، ط ، تحقيق: الشيخ محمد رضــا739 ـ 665)( الشيخ الطوسي، العدة في أصول الفقه: 337

هـ. 1432، 1األنصاري، مؤسسة بوستان كتاب، طهـ. 1423، 1، ط×مؤسسة اإلمام علي، 257)( المحقق الحلي، معارج األصول: 338 ، تحقيــق: عبــد الحســين214)( العالمــة الحلي، مبــادئ الوصــول إلى علم األصــول: 339

. 1المطبعة العلمية، طالبقال، ، مؤسســة النشــر اإلســالمي226)( الشيخ حســن، معــالم الــدين ومالذ المجتهــدين: 340

هـ. 1417، 12التابعة لجماعة المدرسين بقم، ط :1)( للتفصيل الحظ: الشيخ عبد الهادي الفضــلي، دروس في أصــول فقــه اإلماميــة 341

ــدير، ط73 ـ 72 ــز الغ ــة الفضــلي، مرك ــات العالم ف ــة مؤل ــة وتصــحيح: لجن ،2، مراجعهـ. 1427

هـ.1426، 41)( السيد محمد تقي الحكيم، األصول العامة للفقه المقارن: 342هـ. 1426، 5، ط20)( المعجم الوسيط: 343. 39)( السيد محمد تقي الحكيم، األصول العامة للفقه المقارن: 344. 748)( المعجم الوسيط: 345. 698)( المصدر السابق: 346. 40)( السيد محمد تقي الحكيم، األصول العامة للفقه المقارن: 347. 730)( المعجم الوسيط: 348. 32: 7 ابن قدامة، المغني )(349. 12: 39انظر: النجفي، جواهر الكالم )( 350. 110، 13، وانظر أيضا: 110 ـ 109: المصدر السابقانظر: )( 351 ؛17 ـ 14ـ: 49انظر: محمد الجواهري، موسوعة اإلمام الخوئي / مجمع الرسائل )ـ( 352

. 160: 29السرخسي، المبسوط . وفسر العاذلة بأنها المسألة380ـ: 1انظر: عالء الدين، تكملة حاشية رد المحتار )ـ( 353

المنقسمة مع الرد. . 31: 7انظر: ابن قدامة، المغني )( 354. 521: 4وهذا ما ربما يستفاد من بعضهم. انظر: البهوتي، كشاف القناع )( 355. 13: 39)( النجفي، جواهر الكالم 356. 6: 7)( ابن قدامة، المغني 357. 97: 16)( النووي، المجموع 358. 100)( المصدر السابق: 359)( المصدر نفسه. 360. 9 ـ 8: 49)( موسوعة اإلمام الخوئي، مجمع الرسائل 361. 9: 49)( موسوعة اإلمام الخوئي، مجمع الرسائل 362. 10 ـ 9: 49)( موسوعة اإلمام الخوئي، مجمع الرسائل 363

. 10: 49)( موسوعة اإلمام الخوئي، مجمع الرسائل 364. 1 من موجبات اإلرث، ح8، باب 85: 26)( انظر: الحر العاملي، وسائل الشيعة 365. 15: 49)( موسوعة اإلمام الخوئي، مجمع الرسائل 366)( المصدر نفسه. 367. 9: 49)( موسوعة اإلمام الخوئي، مجمع الرسائل 368 )( مفهوم العدد هو نفي الحكم عما زاد عليه أو نقص عنــه. محمــد حســين الحــائري،369

. 157الفصول الغروية في األصول الفقهية: . 6. األحزاب: 75)( األنفال: 370. 33، 7)( النساء: 371. 101: 39)( انظر: النجفي، جواهر الكالم 372 من1، بــاب 91 من موجبــات اإلرث؛ 8، باب 89 ـ 85:ــ 26وسائل الشيعة )( انظر: 373

؛17، بـاب 128؛ـ 8، بـاب 114؛ـ 5، بـاب 103؛ـ 4، بـاب 100ميراث األبوين واألوالد؛ ؛ وغيرها. 19، باب 134

. 121: ×)( التستري، قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب374هنا على ذلك سماحة الشيخ محمـد القـائيني، أحـد تالمـذة المحقق الخــوئي،375 )( لقد نب

ــر، وتفضل علينا بمراجعة ما كتبناه، وأخبرنا شفويا بوجود تقرير لبحثه يتضمن تقريبا آخوأضاف بعض التعليقات، وقد أدرجناها في المقالة.

. 823: 4)( المحقق الحلي، شرائع اإلسالم 376. 102 ـ 101: 39)( النجفي، جواهر الكالم 377 :19؛ النراقي، مستند الشــيعة 493:ــ 12)( انظر: علي الطباطبائي، رياض المسائل 378

143 . ،2، دار المعارف، ط193ـ: 2النعمان بن محمد التميمي المغربي، دعائم اإلسالم )ـ( 379

هـ. 1385مصر، انظر: محمـد بن ســعد، الطبقــات الكــبرى، تصــحيح: ســهيل، دار الفكــر، بــيروت،)(ـ 380

هـ. 1414 انظر: عبد الــرحمن بــدوي، تــاريخ تصــوف إســالمي )من بدايــة إلى نهايــة القــرن)(ــ 381

، ترجمــه إلى الفارســية: محمــد رضــا افتخــار زاده، دفــتر نشــر124الهجــري الثــاني(: هـ.ش )مصدر فارسي(. 1375، قم، 1معارف إسالمي، ط

،325انظر: روح الله الموســوي الخميــني، شــرح حــديث جنــود العقــل والجهــل: )(ــ 382هـ.ش )مصدر فارسي(. 1380، طهران، 5مؤسسة تنظيم ونشر آثار إمام خميني، ط

انظر: بدوي، تاريخ تصوف إسالمي )من بداية إلى نهاية القــرن الهجــري الثــاني(:)(ــ 383124 .

، دار الكتب اإلسالمية، طهران،496ـ: 5محمد بن يعقوب الكليني، أصول الكافي )ـ( 384هـ.ش.1365

وقد نقل الكليني هذا الحديث بسندين. والسند األول صحيح؛ أما السند الثاني فضعيف؛بـ )محمد بن حسن بن شمون(، و)عبد الله بن عبد الرحمن(.

)المجلس63محمد بن علي بن بابويه القمي )الصــدوق(، األمــالي أو المجـالس: )(ـ 385ــة1990، بيروت، 5السادس عشر(، مؤسسة األعلمي للمطبوعات، ط م. وهــذه الرواي

ضعيفة؛ للجهل بـ )عبد الله بن وهب(، و)ثوابة بن مسعود(، وكذلك هــو الحــال بالنســبةإلى )أنس بن مالك(.

،4، دار الكتب اإلســالمية، ط190:ــ 4 محمد بن الحسن الطوسي، تهذيب األحكام )(386 ؛117:ــ 4هـ.ش؛ محمد بن الحسن الحر العاملي، وسائل الشــيعة 1365طهران ـ قم،

هـــ. وهــذه الروايــة ضــعيفة؛1409، مؤسسة آل الــبيت إلحيــاء الــتراث، قم، 410:ــ 10للجهل بـ )عبد الله بن جابر(، ونفس )عبد الله بن مظعون(.

. وهذه17ـ: 15؛ الحر العاملي، وسائل الشيعة 122ـ: 6 الطوسي، تهذيب األحكام )(387 الرواية ضعيفة؛ للجهل بـ )ضرار بن عمرو الشمشاطي(، و)سعد بن مسعود الكنــاني(،

و)عثمان بن مظعون(. في التهذيب والوسائل وردت كلمة )الرهبانية(، بدال من )السياحة(، وهنــاك اعتــبر)(ــ 388

السياحة جهادا. |النبي األكرمإلى هنا تنتهي عبارة التهذيب والوسائل. )( 389. 190: 2النعمان المغربي، دعائم اإلسالم )( 390 ، مؤسســة الوفــاء، بــيروت،277:ــ 14انظر: محمد باقر المجلسي، بحــار األنــوار )(ــ 391

هـ. 1404. 17: 2؛ الكليني، أصول الكافي 317: 65 المجلسي، بحار األنوار )(392. 236: 5؛ الحر العاملي، وسائل الشيعة 662: 2 الكليني، أصول الكافي )(393 ، انتشارات173؛ الصدوق، معاني األخبار: 524: 10 الحر العاملي، وسائل الشيعة )(394

هـ.ش. 1361إسالمي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم، هــ؛ الحسـن الــديلمي،1414؛ انتشارات دار الثقافة، قم، 539 الطوسي، األمالي: )(395

ــوب ــاد القل ــ 1إرش ــد1412، انتشــارات الشــريف الرضــي، 140: ــ؛ ابن أبي الحدي هـــ 11المعــتزلي، شــرح نهج البالغــة ــة المرعشــي النجفي، قم،185: ، انتشــارات مكتب

هـ. 1404. 235: 2 الكليني، أصول الكافي )(396 ، مؤسســة الطباعــة245؛ تفسير فرات الكوفي: 40:ــ 65 المجلسي، بحار األنوار )(397

. 56: 1هـ؛ النعمان المغربي، دعائم اإلسالم 1410والنشر، . 45، 40: 65انظر: المجلسي، بحار األنوار )( 398. 177: 65؛ المجلسي، بحار األنوار 576 الطوسي، األمالي: )(399هـ. 1404، 325ابن شعبة الحراني، تحف العقول عن آل الرسول: )( 400 ، مؤسسة آل البيت إلحياء التراث، قم،128ـ: 1حسين النوري، مستدرك الوسائل )ـ( 401

هـ. 1408. 126: 91 المجلسي، بحار األنوار )(402. 26: 75المصدر السابق )( 403 ، دار133 ـ 132أبو جعفـر محمـد بن جريـر بن رسـتم الطـبري، دالئـل اإلمامـة: )(ـ 404

الذخائر للمطبوعات، قم. انظر: بدوي، تاريخ تصوف إسالمي )من بداية إلى نهاية القــرن الهجــري الثــاني(:)(ــ 405

. 133 ـ 132. 326 الخميني، شرح حديث جنود العقل والجهل: )(406. 30 ـ 28: 75انظر: المجلسي، بحار األنوار )( 407. 27: 75المصدر السابق )( 408 ، مكتبة المحالتي34 الحر العاملي، الرسالة االثني عشرية في الرد على الصوفية: )(409

ــ 3 أهل البيت، طفرهنگبالتعاون مع دفتر نشر ــاس القمي،1381هـ ـ 1423، هـ.ش؛ عب ، قم،3، دار األسـوة للطباعـة والنشــر، ط200:ـ 5سفينة البحار ومدينة الحكم واآلثــار

هـــ.ش؛ محمــد بــاقر الموســوي الخوانســاري، روضــات الجنــات في1380هـــ ـ 1422ــ 6أحــوال العلمــاء والســادات ــ؛ حــبيب اللــه1390، نشــر إســماعيليان، قم، 135: هـ

، دار إحيــاء الــتراث298:ــ 6الهاشمي الخــوئي، منهــاج البراعــة في شــرح نهج البالغــة م. 2003هـ ـ 1424العربي، بيروت،

،151انظــر: الحــر العــاملي، الرســالة االثــني عشــرية في الــرد على الصــوفية: )(ــ 410ــامش رقم ــار 2اله ــة الحكم واآلث ــار ومدين ــفينة البح ــ 5؛ القمي، س ــبر200: ؛ علي أك

ــة ذاكري، درستي انتساب حديقة الشيعة به مقدس أردبيلي )صحة انتساب كتاب حديق هـــ.ش )مصــدر1375،ــ 75، مجلة حوزة، العــدد 186الشيعة إلى المقدس األردبيلي(:

فارسي(. ،280،ــ 51:ــ 3؛ــ 33:ــ 2 مجلــدات( 3انظر: محمد العاملي البهــائي، الكشــكول ))(ــ 411

226 ،316.. 381: 2انظر: المصدر السابق )( 412

. 470: 3انظر: المصدر السابق )( 413. 20: 2انظر: المصدر السابق )( 414. 365: 2انظر: المصدر السابق )( 415. 227: 3؛ 382: 2؛ 42: 1انظر: المصدر السابق )( 416. 381: 2انظر: المصدر السابق )( 417. 134: 3انظر: المصدر السابق )( 418. 365: 2انظر: المصدر السابق )( 419. 217: 1انظر: المصدر السابق )( 420. 227، 228: 3؛ 381: 2؛ 288: 1انظر: المصدر السابق )( 421. 8: 1انظر: المصدر السابق )( 422. 108: 1انظر: المصدر السابق )( 423يصل عدد هذا النقل لألقوال إلى أكثر من مئتي مورد. )( 424 :2 مجلد، مع فهرسة كاملة للروايات( 2انظر: محمد العاملي البهائي، الكشكول ))ـ( 425

، تصحيح وتعليق: محمد صادق نصيري. انتشارات شركة14: 3؛ 417، 379، 141، 83طبع ونشر، ]قم[.

؛ الحر العاملي، وســائل93:ــ 74؛ المجلسي، بحار األنوار 537 الطوسي، األمالي: )(426 ، انتشــارات الشــريف الرضــي،203؛ الحســن الــديلمي، أعالم الــدين: 35:ــ 5الشــيعة

، انتشــارات مكتبــة الفقيــه، قم؛66:ــ 2هـ؛ ورام بن أبي فراس، مجموعــة ورام 1412 ،4، انتشارات الشريف الرضــي، ط471الحسن بن الفضل الطبرسي، مكارم األخالق:

؛136:ــ 3هـ؛ الخوانساري، روضات الجنــات في أحــوال العلمــاء والســادات 1412قم، ،4، مؤسســة األعلمي للمطبوعــات، ط295:ــ 2نعمة الله الجزائري، األنوار النعمانيــة،

م؛ أحمد بن محمد األردبيلي )المعروف بالمقــدس األردبيلي(،1984هـ ـ 1404بيروت، ، تصحيح: صادق حســن زادة وعلي أكــبر زمــاني نجــاد، انتشــارات748حديقة الشيعة:

هـ. 1383، قم، 3أنصاريان بالتعاون مع مؤتمر المقدس األردبيلي، طهـ. 1364، قم، 2، مؤسسة إسماعيليان، ط99: 1انظر: رجال ابن الغضائري )( 427هـ. 1407، انتشارات جماعة المدرسين، قم، 396انظر: رجال النجاشي: )( 428هـ. 1383، طهران، دانشگاه، انتشارات 505انظر: رجال ابن داوود الحلي: )( 429ــ 430 ، المكتبة المرتضوية، النجــف402انظر: محمد بن الحسن الطوسي، الفهرست: )(

هـ. 1415، انتشارات إسالمي جماعة المدرسين، قم، 447األشرف؛ رجال الطوسي: ، دار الــذخائر، قم،72؛ رجــال العالمــة الحلي: 166انظــر: رجــال النجاشــي: )(ــ 431

هـ. 1411 هـ؛ رجــال الطوســي:1348 مشهد، دانشــگاه، انتشارات 322انظر: رجال الكشي: )(ــ 432

402 .. 252؛ رجال العالمة الحلي: 335انظر: رجال النجاشي: )( 433. 95: 1انظر: رجال ابن الغضائري )( 434 .238؛ رجال العالمة الحلي: 217؛ رجال النجاشي: 77: 1انظر: المصدر السابق )( 435 ؛ رجــال362،ــ 309؛ رجــال النجاشــي: 132،ــ 159انظر: رجــال العالمــة الحلي: )(ــ 436

. 143الكشي: . 106انظر: رجال الطوسي: )( 437هـ. 1383، طهران، دانشگاه، انتشارات 8انظر: رجال البرقي: )( 438 ،191؛ رجــال ابن داوود الحلي: 116،ــ 102،ــ 94،ــ 70انظــر: رجــال الطوســي: )(ــ 439

392 .. 458انظر: الطبرسي، مكارم األخالق: )( 440 ال بد من التذكير في ما يتعلق بتصحيح الروايات ـ بناء على تطبيقاتهــا ـــ أن هنــاك)(ــ 441

أسلوبين: ففي الفقه وأحكام الفروع والمسائل المماثلة )من قبيــل: مــا نحن فيــه( يتم تصحيح الرواية على أساس السند والراوي؛ وأما في المعتقدات واألصول فيتم تصحيح الروايــة على أســاس المحتــوى ومتن الروايــة، بمعــنى أنــه إذا كــان المحتــوى بلحــاظ

الكليات االعتقادية والمباني المتقنة متخذا من محكمــات القــرآن والروايــات الصــحيحة والمتواترة )األعم من التواتر المعنــوي واللفظي( عملنــا بتلــك الروايــة، حتى إذا كــانت ضعيفة السند؛ وأما إذا كانت مخالفة لتلك الكليات لم يعمل بها، حتى إذا كانت صحيحةــد هــذا ــة خــير شــاهد على تأيي ــة واالعتقادي ــل الرجــوع إلى الكتب الفقهي الســند. ويمث المدعى. وعلى هذا األساس فإن هذه الرواية وإن كــانت صــحيحة من حيث المحتــوى، إال أنها بلحاظ االستناد إلى األمور التي ال تعد من العقائــد المتقنــة )من قبيــل: موردنــا(

تحتاج إلى دراسة السند. ويعتبر هذا هو المالك في التصحيح السندي. ؛92:ــ 74؛ المجلسي، بحار األنــوار 471،ــ 115،ــ 110 الطبرسي، مكارم األخالق: )(442

ــوب: ــديلمي، إرشــاد القل ــ 2؛ مجموعــة ورام 203ال ؛537؛ الطوســي، األمــالي: 66:. 254: 3النوري، مستدرك الوسائل

. 93: 74؛ المجلسي، بحار األنوار 115 الطبرسي، مكارم األخالق: )(443. 134: 2؛ الكليني، الكافي 702 الطوسي، األمالي: )(444. 65: 70 المجلسي، بحار األنوار )(445. 1: 64انظر: المصدر السابق )( 446هـ. 1106هـ، وتم الفراغ منه سنة 1070لقد بدأ بتأليف بحار األنوار سنة )( 447 ، تصــحيح: حســن علمي،652 ـ 645انظر: محمد بــاقر المجلســي، عين الحيــاة: )(ــ 448

انتشارات أمير كبير، طهران. ؛ الصدوق، األمالي أو المجالس:256ـ: 24؛ 62ـ: 12 الحر العاملي، وسائل الشيعة )(449

هـ. 1403، قم، 2، انتشارات جماعة المدرسين، ط271: 1؛ الصدوق، الخصال 71. 450: 6؛ الكليني، الكافي 454: 4 الحر العاملي، وسائل الشيعة )(450 ؛ المجلسي، بحــار األنــوار334:ــ 16؛ــ 254:ــ 3انظر: النوري، مستدرك الوسائل )(ــ 451

؛ قطب الدين الراوندي، فقه255ـ: 3؛ الطوسي، تهذيب األحكام 321ـ: 67ـ؛ 357ـ: 11هـ. 1405، قم، 2، انتشارات مكتبة المرعشي النجفي، ط89القرآن:

نهج البالغة، الخطبة المعروفة بـ )القاصعة(. )( 452. 235، 141انظر: الطبرسي، مكارم األخالق: )( 453ــ 454 ــي )( ــير العياش ــر: تفس ــ 2انظ ــران،136: ــران، طه ــة في طه ــة العلمي ، المطبع

هـ.ش )مجلدان(. 1380 انظر: المصدر نفسه؛ أبــو الفضــل علي بن الحســن الطبرســي، مشــكاة األنــوار:)(ــ 455

ــة، ط203 ــة الحيدريـ ــرف، 2، المكتبـ ــف األشـ ــد1385، النجـ ــ.ش؛ ابن أبي الحديـ هــ. 14: 8المعتزلي، شرح نهج البالغة

. 2: 69انظر: المجلسي، بحار األنوار )( 456. 115انظر: الطبرسي، مكارم األخالق: )( 457. 305: 2 الطوسي، تهذيب األحكام )(458. 305: 2؛ 331: 3انظر: المصدر السابق )( 459. 95: 1 الراوندي، فقه القرآن )(460. 35 ـ 34: 5؛ الحر العاملي، وسائل الشيعة 450: 6انظر: الكليني، الكافي )( 461. 35: 5 الحر العاملي، وسائل الشيعة )(462. 62: 12؛ 36: 5المصدر السابق )( 463

464() Higher Criticism. صدرت الترجمة العربية األولى للتلمود البابلي في عشرين مجلدا في عمان، عن)ـ( 465

م. 2011مركز دراسات الشرق األوسط، سنة 466() Philology. علم اللغة المقارن، وهو في األساس فقه اللغــة المقــارن، هــو أحــد فــروع علم اللغــة

التاريخي، الذي يركز على مقارنة اللغات؛ لتحديد الصلة التاريخية بينها. ــة والفارســية واللغــات الســامية )(ــ 467 ، طهــران،427:ــ 1المعجم المقــارن بين العربي

م. 1978، إيرانفرهنگمنشورات بنياد . 21 ـ 20: 24 ابن عبد البر، التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد )(468

، إشــراف: كــاظم الموســوي702 ـ 701:ــ 1 دائــرة المعــارف اإلســالمية الكــبرى )(469، )الطبعة الفارسية(. 217 ـ 215: 2البجنوردي، )الطبعة العربية(؛

، ذيل الحــديث رقم102 و101، البابان 90يقول المجلسي في كتابه بحار األنوار )(ــ 470 : دعاء السمات، وهو المعروف بدعاء الشبور: ويستحب الدعاء بــه في آخــر ســاعة12

من نهار الجمعة. وردت هذه العبارة بالعربية في النص الفارسي. )( 471 الكثير من علماء الشيعة يميلون إلى هذا الرأي. وهو المشهور، كما جاء في اختيار)( 472

.«يدعى بــه آخــر ســاعة من نهــار الجمعة»المصباح الكبير وما أضيف إليه من األدعية: ، تحقيـق: مهـدي دلـيري475:ـ 1)ابن بـاقي القرشـي الحلي، اختيـار المصــباح الكبـير

م(. 2011، قم، منشورات مكتبة العالمة المجلسي، 1الكلبايكاني، ط. 593 ـ 573: 1 شمس الدين اآلملي، نفائس الفنون في عرائس العيون )(473 جاء في مسند المفضل بن عمر الجعفي، الذي نقل دعاء السمات: ...قالوا: فنحن)(474

مات، الــذي هــو للشــبور، حتى نــدعو بــه على ظالمنــا نحب أن تملي علينــا دعــاء الســل بن ومضطهدنا، والمختالين لنا والمتعززين علينا؟ )رسول كاظم عبد السادة، المفضــ

، العراق، ديوان الوقف الشيعي،1، ط544عمر، سيرته العلمية ومسنده عند اإلمامية: م(. 2015أمانة مسجد الكوفة والمزارات الملحقة به،

انظر: محمد بن علي بن بابويه )المعروف بالشيخ الصدوق(، من ال يحضره الفقيه)ـ( 475هـ. 1403، دفتر انتشارات إسالمي، قم، 48: 3؛ 102: 1

،432انظر: محمد بن محمد بن النعمــان )المعــروف بالشــيخ المفيــد(، المقنعــة: )(ــ 476هـ. 1413المؤتمر العالمي للشيخ المفيد، قم،

هـ. 1405، دار القرآن الكريم، قم، 31: 2انظر: رسائل الشريف المرتضى )( 477. 61: 2انظر: المصدر السابق )( 478ــ 479 ــ 1انظــر محمــد بن الحســن الطوســي، االستبصــار )( ، دار الكتب اإلســالمية،63:

هـ. 1390طهران، . 7: 1انظر: المصدر السابق )( 480هـ. 1414، دفتر انتشارات إسالمي، قم، 264انظر: الطوسي، الرسائل العشر: )( 481هـ. 1403، 3: 1انظر: الصدوق، من ال يحضره الفقيه )( 482هـ. 1407، دار الكتب اإلسالمية، طهران، 3: 1انظر: الطوسي، تهذيب األحكام )( 483 طهــران، طهــران،دانشـــگاه، انتشــارات 519:ــ 2انظــر: المرتضــى، الذريعــة )(ــ 484

. 203: 1هـ.ش؛ وله أيضا: رسائل الشريف المرتضى 1376ــ 485 ــذكرة: )( ــد، مختصــر الت ــد، قم،44انظــر: المفي ــالمي للشــيخ المفي ــؤتمر الع ، الم

هـ. 1413هـ. 1417، 100: 1انظر: الطوسي، تهذيب األحكام )( 486

يجدر التنبيـه إلى أن ابن إدريس قـد نقـل كالم السـيد المرتضـى في كتـاب )السـرائر(ــدال من عبــارة )قــد روى(، وبــذلك يختلــف بــاختالف يســير، حيث أثبت كلمـة )دوري(، ب

، دفـتر51:ـ 1المعنى كليا. انظر: ابن إدريس الحلي، السرائر الحاوي لتحريـر الفتـاوي هـــ، نقال عن: وســام الخطــاوي، المنــاهج الروائيــة عنــد1410انتشارات إســالمي، قم،

هـ.1427، 164الشريف المرتضى، هامش رقم لقد عمد المحقق األول في نقده لنظرية الشيخ الطوســي إلى إســناد كالمــه إلى)(ــ 487

، ورأى أن الشيخ«خذوا بأبعدهما من قول العامة» قال فيها: ×رواية عن اإلمام الصادقدا، وليس بمنـاط أنهـا الطوسي إنما أصـدر تلــك الفتـوى على أســاس هـذه الروايـة تعب أقرب إلى الواقع بمخالفة العامة، أو وجود احتمال التقية في الموافــق للعامــة. انظــر:

ــدي، شــرح رســائل ــ 7علي محم ــر، ط281: ــ.ش )مصــدر1387، قم، 7، دار الفك هـفارسي(.

هـ.1417، 126: 1انظر: الطوسي، تهذيب األحكام

هـ.ش. 1376، 78: 2انظر: المرتضى، الذريعة )( 488هـ. 1413، 443 المفيد، المقنعة: )(489. 432المصدر السابق: )( 490. 241المصدر السابق: )( 491 ، المؤتمر العالمي للشيخ المفيــد، قم،48انظر: المفيد، الرد على أصحاب العدد: )(ــ 492

هـ.ش. 1371هـ. 1403، 48: 3؛ 102: 1انظر: الصدوق، من ال يحضره الفقيه )( 493هـ. 1415، مؤسسة اإلمام الهادي، قم، 51، 45: 14انظر: الصدوق، المقنع )( 494. 368، 338، 189، 101انظر: الصدوق، من ال يحضره الفقيه: )( 495هـ.ش. 1361، دفتر انتشارات إسالمي، 80: 1انظر: الطوسي، الخالف )( 496. 77: 4انظر: المصدر السابق )( 497هـ. 1413، المؤتمر العالمي للشيخ المفيد، قم، 67انظر: المفيد، اإلعالم: )( 498 ، رابطــة الثقافــة والعالقــات اإلســالمية، قم،410انظــر: المرتضــى، الناصــريات: )(ــ 499

هـ. 1415، 565هـ؛ وله أيضا: االنتصار: 1417هـ. 1400، دار الفكر العربي، بيروت، 97انظر: الطوسي، النهاية: )( 500هـ. 1403، 262: 1انظر: الصدوق، من ال يحضره الفقيه )( 501. 136انظر: المرتضى، الناصريات: )( 502، مؤسسة اإلمام الهادي، قم. 80انظر: الصدوق، المقنع: )( 503 ،63انظــر: حمــزة بن عبــد العزيــز )المعــروف بــأبي الصــالح ســالر(، المراســم: )(ــ 504

هـ. 1404منشورات الحرمين، قم، انظر: تقي الدين بن نجم الــدين )المعــروف بــأبي الصــالح الحلــبي(، الكــافي في)(ــ 505

هـ. 1403، مكتبة أمير المؤمنين، إصفهان، 141الفقه: . 667انظر: الطوسي، النهاية: )( 506هـ. 1390، 193: 4انظر: الطوسي، االستبصار )( 507. 264انظر: الطوسي، الرسائل العشر: )( 508. 96: 4انظر: الطوسي، االستبصار )( 509. 341: 1انظر: الصدوق )( 510ــ 511 ــ 1انظــر: الطوســي، االستبصــار )( ــ 235: ــ 256، ــ 334، ــ 335، ، دار الكتب341،

هـ.ش. 1390اإلسالمية، طهران، ، دار المعارف،19ـ: 3ـ؛ 349ـ: 1انظر: النعمان بن محمد المغربي، تأويل الدعائم )ـ( 512

هـ. 1413، 114، 80القاهرة؛ المفيد، المقنعة: . 127 ـ 126: 1عدة األصول )( 513. 153: 1عدة األصول )( 514 أقول: كالمه في المقام ـ وال سيما صدره الذي لم نــذكره ـــ حــول االعتمــاد على)(ــ 515

الثقات. وما استظهرنا من كالمه هو بالداللة االلتزامية، فافهم. . 14: 1االحتجاج )( 516. 4المصباح: )( 517. 154: 2مجمع الرجال )( 518. 177: 3مجمع الرجال )( 519. 98: 2مجمع الرجال )( 520. 6، الرقم 202خالصة األقوال: )( 521

وعلى سبيل المثال الحظ: )( 522 :5، باب من طاف على غير وضوء، وقارنه مع: تهذيب األحكام 2، ح420ـ: 4أـ الكافي

، باب الطواف. والخبر مأخوذ من مشيخة ابن محبوب ظاهرا. 51، ح116، ح76:ــ 8، باب طالق الصبيان، وقارنه مع: تهذيب األحكــام 4، ح124:ــ 6ب ـ الكافي

، باب طالق الصبي. والخبر مأخوذ4، ح303ـ: 3، باب أحكام الطالق؛ واالستبصار 176من كتاب ابن بكير.

، وقارنــه مــع: تهـذيب95، ح125:ـ 8، باب كتمــان الشــهادة؛ 3، ح381:ـ 7ج ـ الكافي ، باب البينات. والخبر مأخوذ من مسائل علي بن سويد. 162، ح276: 6األحكام

. 40 ـ 39: 1منتقى الجمان )( 523. 73: 1روضة المتقين )( 524. 179: 1مرآة العقول )( 525. 88: 1الرسائل الفقهية )( 526. 358: 5الحدائق الناضرة )( 527. 3 ـ 2: 1من ال يحضره الفقيه )( 528 . ومما ذكرنا يعلم أن هذه العبارة لم ترتبط ـــ بــأي وجــه ـــ بوثاقــة أحــد5المقنع: )(ــ 529

189ـ: 1. خاتمة المستدرك رجال الطرق إلى هذه الكتب، كما توهم المحدث النوري. 190ـ

المتقين )ـ( 530 المتقين 29ـ: 1روضة أيضا: روضة ،279ـ، 238ـ، 133ـ، 30ـ: 1. والحظ . 71، 29: 14؛ 692، 312: 2؛ 411، 297

. 98: 2الرسائل األحمدية )( 531. 5: 10تهذيب األحكام )المشيخة( )( 532. 88: 10تهذيب األحكام )المشيخة( )( 533. 968؛ 25وعلى سبيل المثال الحظ: رجال النجاشي، الرقم )( 534الرقم )ـ( 535 النجاشي، المثال الحظ: رجال ؛36ـ؛ 32ـ؛ 31ـ؛ 28ـ؛ 27ـ؛ 24وعلى سبيل

50 . ؛366ـ؛ 365ـ؛ 361ـ؛ 228ـ؛ 173 وعلى سبيل المثال الحظ: رجال النجاشي، الرقم )(536

373 .. 120 وعلى سبيل المثال الحظ: رجال النجاشي، الرقم )(537 .420؛ 418؛ 328؛ 302؛ 297 وعلى سبيل المثال الحظ: رجال النجاشي، الرقم )(538. 432 وعلى سبيل المثال الحظ: رجال النجاشي، الرقم )(539. 105 وعلى سبيل المثال الحظ: رجال النجاشي، الرقم )(540. 582 وعلى سبيل المثال الحظ: رجال النجاشي، الرقم )(541. 1125؛ 10الحظ: رجال النجاشي، الرقم )( 542 ثم إنه قد عد من الفهارس فهرست ابن الجنيد وفهرسـت السـيد المرتضـى و...،)(ـ 543

ــا. الفهرســت، فها هو بابا باب حيث قال الشيخ في ترجمة ابن الجنيد: وفهرست كتبه صن . وقال في ترجمة الســيد المرتضــى: ولــه من التصــانيف ومســائل البلــدان602الرقم

. الحــظ:432شيء كثــير، يشــتمل على ذلــك فهرســته المعــروف. الفهرســت، الــرقم ــط بين263المدخل إلى موسوعة الحديث النبوي عند اإلمامية: ــه خل . ولكن الظاهر أن

الفهرست بمعنى قائمة األبواب والمحتوى وبين الفهرست في ما نحن فيه؛ فإن الشيخ قال في ابن قولويه ـ وهو أحد أصــحاب الفهــارس ـــ: لــه فهرســت مــا رواه من الكتب

له فهرســت مــا رواه من الكتب». فالفرق بين قوله: 141واألصول. الفهرست، الرقم » وقوله: «واألصول فها هو بابـا بابـا ف إلى ذلـك إن كـان«فهرست كتبه صن واضـح. أضـ

للسيد المرتضى وابن الجنيد فهرست فلماذا لم ينقل الشيخ والنجاشي في البحث عنالطرق واألسانيد عنهما، كما ينقالن عن فهرست ابن قولويه؟!

، وفيه: وله فهرست كتب ما رواه. 316الفهرست، الرقم )( 544، وفيه: فهرست كتبه. 440الفهرست، الرقم )( 545 ، وفيه: قال حميد بن زياد في فهرسته؛ الرقم615الحظ: رجال النجاشي، الرقم )ـ( 546

، وفيه: قال حميد في فهرسته. 675 ، وفيــه: ذكــره ابن بطــة في فهرســته؛ الــرقم507الحظ: رجال النجاشي، الرقم )(ــ 547

، وفيه: وفي فهرست ما رواه غلط كثير. 1019 ، وفيه: ذكـره محمـد بن الحســن بن الوليــد في71الحظ: رجال النجاشي، الرقم )(ـ 548

فهرسته. ، وفيه: وله فهرست ما رواه من الكتب واألصول. 141الفهرست، الرقم )( 549 ، وفيه: طرقي إليها معروفــة في فهــرس الكتب الــتي4:ــ 1من ال يحضره الفقيه )(ــ 550

رويتها عن مشايخي وأسالفي ـ رضــي اللــه عنهم ـــ. والحــظ أيضــا: الفهرســت، الــرقم300 .

، وفيه: زاد أحمد بن عبدون في فهرسته. 7الفهرست، الرقم )( 551 قد قام الشيخ مهدي خداميان اآلراني بجمع هــذه الفهــارس الثمانيــة من مطــاوي)(ــ 552

ه، وعليه أجره. كلمات الشيخ والنجاشي ، فلله در فهرست النجاشي، المشتهر اليوم بـ )رجال النجاشي(، هو في الحقيقة فهرست،)ـ( 553

رنا في هذا الكتاب وغيره عنه برجال النجاشي فتسامح، وفاقا للقوم. وإن عب. 4، ح6، الباب 207: 26 الحر العاملي، وسائل الشيعة )(554. 1، ح6، الباب 205: 26المصدر السابق )( 555. 4، ح6، الباب 207: 26المصدر السابق )( 556المصدر نفسه. )( 557. 3، ح128: 7 الكليني، الكافي )(558. 24، ح297: 9 الطوسي، تهذيب األحكام )(559. 1، ح151: 4انظر: الطوسي، االستبصار )( 560هكذا في األصل. )( 561. 6، ح6، الباب 208: 26 الحر العاملي، وسائل الشيعة )(562. 10، ح6، الباب 209: 26المصدر السابق )( 563. 8، ح6، الباب 208: 26المصدر السابق )( 564. 11، ح6، الباب 210: 26المصدر السابق )( 565 جاء بشأن يزيد الصائغ: يزيد الصــائغ ـــ بــالغين418وفي كتاب )خالصة األقوال(: )(ــ 566

المعجمــة ـــ قــال الكاشــي: ذكــر الفضــل في بعض كتبــه: الكــذابون المشــهورون: أبــوالخطاب، ويونس بن ظبيان، ويزيد الصائغ، ومحمد بن سنان، وأبو سمينة أشهرهم.

. 35، ح79: 8 الكليني، الكافي )(567. 3، ح6، الباب 206: 26 الحر العاملي، وسائل الشيعة )(568. 2، ح6، الباب 206: 16المصدر السابق )( 569. 7، ح6، الباب 208: 26المصدر السابق )( 570. 9، ح6، الباب 209: 26المصدر السابق )( 571. 13، ح6، الباب 210: 26المصدر السابق )( 572 ؛579، ح154ـ: 4؛ االستبصار 1074، ح300ـ: 9انظر: الطوسي، تهذيب األحكام )ـ( 573

، ح372، الباب 572: 2؛ علل الشرائع 808، ح251: 4الصدوق، من ال يحضره الفقيه هـ. 1384، قم، 2، تحقيق: السيد فضل الله الطباطبائي اليزدي، ط2

ناه االشتهاردي، تقريرات ثالثــة )تقريــر بحث األســتاذ الســيد حســينپالشيخ علي )(ــ 574 ، مؤسســة النشــر اإلســالمي، قم111الطباطبــائي الــبروجردي / مــيراث األزواج(:

هـ. 1416المقدسة، إن طريق الرواية في )علل الشرائع( إلى محمد بن سنان كما يلي: حدثنا علي بن)( 575

أحمد بن محمد )رضي الله عنه( قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن علي بن العباس قال: حــدثنا القاســم بن الربيــع الصــحاف،

(. 4، ح231: 2عن محمد بن سنان. )انظر: علل الشرائع ،1444، رقم 367انظــر: العالمــة الحلي، خالصــة األقــوال في معرفــة الرجــال: )(ــ 576

هـ. 1417، قم المقدسة، 1تحقيق: جواد القيومي، مؤسسة النشر اإلسالمي، ط. 574، ح152: 4؛ االستبصار 1068، ح298: 9انظر: الطوسي، تهذيب األحكام )( 577. 619، 591، رقم 206انظر: الطوسي، الفهرست: )( 578. 15، ح6، الباب 211: 26 الحر العاملي، وسائل الشيعة )(579 ،4، ح225محمــد بن الحســن الصــفار، بصــائر الــدرجات في منــاقب آل محمــد: )(ــ 580

،22ـ: 26هـ.ش؛ الحر العاملي، وسائل الشيعة 1384، قم المقدسة، 1طليعة النور، ط. 17، ح6الباب

. 1704، رقم 420انظر: العالمة الحلي، خالصة األقوال في معرفة الرجال: )( 581. 378: 19انظر: مهدي النراقي، مستند الشيعة )( 582. 131، المسألة رقم 116: 4انظر: الطوسي، الخالف )( 583. 140: 2انظر: القاضي ابن البراج، المهذب )( 584. 391انظر: عماد الدين الطوسي )المعروف بابن حمزة(، الوسيلة: )( 585. 374انظر: أبو الصالح الحلبي، الكافي في الفقه: )( 586. 29 ـ 28: 4انظر: المحقق الحلي، شرائع اإلسالم )( 587. 10، المسألة 56: 9انظر: العالمة الحلي، مختلف الشيعة )( 588. 125: 2انظر: العالمة الحلي، إرشاد األذهان )( 589. 248انظر: الشهيد األول، اللمعة الدمشقية: )( 590. 358: 2انظر: الشهيد األول، الدروس الشرعية )( 591. 184: 13انظر: الشهيد الثاني زين الدين العاملي، مسالك األفهام )( 592 ،329:ــ 3انظر: محمد محسن )المعروف بــالفيض الكاشــاني(، مفــاتيح الشــرائع )(ــ 593

مجلدات(. 3هـ )1401، 1تحقيق: السيد مهدي الرجائي، مجمع الذخائر اإلسالمية، ط. 41: 5انظر: العالمة الحلي، تحرير األحكام الشرعية )( 594. 376: 3انظر: العالمة الحلي، قواعد األحكام )( 595 .240: 4انظر: فخر المحققين الشيخ أبو طالب بن المطهر الحلي، إيضاح الفوائد )( 596، ضمن: غاية المراد. 587: 3انظر: نكت اإلرشاد )( 597 ،183:ــ 4انظر: مفلح الصيمري البحراني، غاية المرام في شرح شرائع اإلســالم )(ــ 598

مجلدات(. 4هـ )1420، 1تحقيق: جعفر الكوثراني العاملي، الناشر: دار الهادي، ط. 450: 11انظر: المقدس األردبيلي، مجمع الفائدة والبرهان )( 599. 184: 13انظر: الشهيد الثاني، مسالك األفهام )( 600. 329: 3انظر: الفيض الكاشاني، مفاتيح الشرائع )( 601. 853: 2انظر: محمد المؤمن )المعروف بالمحقق السبزواري(، كفاية األحكام )( 602. 131، المسألة رقم 116: 4انظر: الطوسي، الخالف )( 603. 29 ـ 28: 4انظر: المحقق الحلي، شرائع اإلسالم )( 604. 376: 3انظر: العالمة الحلي، قواعد األحكام )( 605. 190: 13انظر: الشهيد الثاني، مسالك األفهام )( 606 ،5،ــ 4، ح6، البــاب 211،ــ 210،ــ 207:ــ 26انظر: الحر العاملي، وسائل الشيعة )(ــ 607

12 ،16 .. 213: 39انظر: محمد حسن النجفي، جواهر الكالم في شرح شرائع اإلسالم )( 608 هذه الروايات عبارة عن: الروايات السابعة، والتاسعة، والعاشرة، والثانية عشرة،)ـ( 609

والثالثة عشرة، والتي تقدم ذكرها في معرض البحث عن الروايات. القول األول الذي تقدم في صفحة سابقة. )( 610. 687انظر: الشيخ المفيد، المقنعة: )( 611. 276 ـ 275: 3انظر: ابن إدريس الحلي، السرائر )( 612. 272انظر: المحقق الحلي، المختصر النافع: )( 613. 463: 2انظر: الفاضل اآلبي، كشف الرموز )( 614. 54: 9انظر: العالمة الحلي، مختلف الشيعة )( 615. 860: 2انظر: المحقق السبزواري، كفاية األحكام )( 616. 375 ـ 374: 19انظر: أحمد بن محمد مهدي النراقي، مستند الشيعة )( 617 ناه االشتهاردي، تقريرات ثالثــة )تقريــر بحث األســتاذ الســيد حســينپالشيخ علي )(ــ 618

، حيث نسب حرمان الزوجة من118 ـ 117الطباطبائي البروجردي / ميراث األزواج(: مطلق األراضي إلى السيد البروجردي، ولكن الشيخ الصافي الكلبايكــاني في تقريراتــه

وهــو مختــار»نقل ميل أستاذه ]السيد البروجردي[ إلى قول الشــيخ المفيــد؛ إذ يقــول:

المفيد... ومال إليه سيدنا األســتاذ الفقيــه الكبــير الســيد الــبروجردي ـــ أعلى اللــه في . انظر: إبانة«الخلد مقامه ـ، بل كان يفتي بذلك، إذا لم يتصالح سائر الورثة مع الزوجة

. وقد طبع هـذا البحث في كتـاب مسـتقل بعنـوان: )صـيانة222المختار، إرث الزوجة: اإلبانة( أيضا.

. 7، ح6، الباب 208: 26انظر: الحر العاملي، وسائل الشيعة )( 619. 3، ح6، الباب 206: 26انظر: المصدر السابق )( 620القول الثاني المتقدم في صفحة سابقة. )( 621. 585انظر: علي بن الحسين الموسوي )المعروف بعلم الهدى(، االنتصار: )( 622. 860: 2انظر: المحقق السبزواري، كفاية األحكام )( 623. 10، المسألة 54: 9انظر: العالمة الحلي، مختلف الشيعة )( 624 . ولمزيــد من االطالع انظــر: الحــر14 إلى 11من قبيل: مــا تقــدم من الروايــات )(ــ 625

. 9، 3، 2، ح6، الباب 209: 26العاملي، وسائل الشيعة . 378: 14انظر: السيد علي الطباطبائي، رياض المسائل )( 626. 184: 13انظر: الشهيد الثاني، مسالك األفهام )( 627 ؛ أبــو الصــالح الحلــبي في141 ـ 140:ــ 2مثل: القاضي ابن الــبراج في المهــذب )(ــ 628

. 374الكافي في الفقه: القول الثالث المتقدم في صفحة سابقة. )( 629. 376: 3انظر: العالمة الحلي، قواعد األحكام )( 630. 240: 4انظر: فخر المحققين، إيضاح الفوائد )( 631. 185: 13انظر: الشهيد الثاني زين الدين العاملي، مسالك األفهام )( 632. 16، ح6، الباب 211: 26انظر: الحر العاملي، وسائل الشيعة )( 633. 16، الباب السادس، ح211: 26انظر: المصدر السابق )( 634. 15انظر: المصدر السابق، ح)( 635العنوان األول الذي تقدم في صفحة سابقة. )( 636. 29 ـ 28: 4انظر: المحقق الحلي، شرائع اإلسالم )( 637. 376: 3انظر: العالمة الحلي، قواعد األحكام )( 638. 190: 13انظر: الشهيد الثاني، مسالك األفهام )( 639. 2، ح7، الباب 213: 26انظر: الحر العاملي، وسائل الشيعة )( 640. 127: 7انظر: الكليني، الكافي )( 641. 678انظر: المفيد، المقنعة: )( 642. 585انظر: المرتضى، االنتصار: )( 643. 154: 4انظر: الطوسي، االستبصار )( 644. 131 ـ 130، المسألتان 116: 4انظر: الطوسي، الخالف )( 645. 276: 3انظر: ابن إدريس الحلي، السرائر )( 646. 127: 7انظر: الكليني، الكافي )( 647. 678انظر: المفيد، المقنعة: )( 648. 585انظر: المرتضى، االنتصار: )( 649. 154: 4انظر: الطوسي، االستبصار )( 650. 374انظر: أبو الصالح الحلبي، الكافي في الفقه: )( 651. 276: 3انظر: ابن إدريس الحلي، السرائر )( 652. 272انظر: المحقق الحلي، المختصر النافع: )( 653. 131 ـ 130، المسألتان 116: 4انظر: الطوسي، الخالف )( 654. 235نهج البالغة، قصار الحكم، الحكمة رقم )( 655 ولذلك يـذهب بعض علمـاء األصـول إلى اخـتزال حكم العقـل في )وجـوب حفـظ)(ـ 656

النظام( و)حرمة اإلخالل بالنظام(؛ إذ يرى أن األحكام العقلية ال تكون قطعية وال يقينيةــه، ج ــر، أصــول الفق ، قم انتشــارات2إال في هــذين المــوردين. انظــر: الشــيخ المظف

ــذا البعض من ــ ــراد ه ــ ــماعيليان. وال يخفى أن م ــ ــام»إس ــ ــارة عن «النظ ــ النظم» عب

. وعليه يكون مراده من )وجوب حفظ النظام( ليس هو وجوب حفظ نظام«االجتماعي حكومي خاص، وإنما المراد هو وجوب حفظ النظم. كما أن مــراده من )حرمــة اإلخالل

بالنظام( هو حرمة اإلخالل بالنظم االجتماعي. اإلدارة» محل «اإلدارة الفقهية»يشكو الدكتور سروش في بعض كتاباته من إحالل )( 657

اإلدارة نحتاج إلى شيء أكثر من الفقه، أال وهو». ومراده التأكيد على أننا في «العلميةــك في: مــدارا«العلم التجريبي . انظر: سروش، سقف معيشت بر ستون شريعت، وذل

. وهذا كالم صحيح. ولكن تعبيره يوحي بــأن الــتركيب والمــزج المناســب55ومديريت: بين علم الفقه والعلوم التجرييبة هــو كــل مــا نحتاجــه في اإلدارة الناجحــة للمجتمعــات اإلسالمية في العالم المعاصر. وهذا ال يبــدو صــحيحا من وجهــة نظرنــا؛ ألن علم الفقــه ليس عاجزا عن ملء فراغ العلوم التجريبية فحسب، بل هو كــذلك عــاجز عن أن يســد الفراغ الحاصل نتيجة غياب علم األخالق وعلم الحقوق أيضا. وأساسا فإن إجحاف أتباع اإلدارة الفقهية بحق العلوم التجريبية ينشأ من موضع آخر؛ فــإن هــؤالء إنمــا ال يعــيرون أهمية للعلــوم التجريبيــة ـــ األعم من الطبيعيــة واإلنســانية ـــ في إدارة المجتمــع؛ ألنهم

ــون ــون «أخالق اإلدراة» محــل «فقــه اإلدارة»يحل محــل«اإلدارة الفقهية»، أو أنهم يحل . إن قيم األخالق اإلدارية هي التي تلزم المدراء في العالم المعاصــر«اإلدارة األخالقية»

ــون ــذين يحل ــة، وإن ال ــوم التجريبي ــف العل ــل «الفقه»بتوظي ــع«األخالق» مح في جمي المجاالت ال يرون قيمة للضــرورات والمحظــورات والقيم األخالقيــة في مجــال اإلدارة، بما في ذلك ضرورة االستفادة من معطيــات العلــوم التجريبيــة في مســألة اإلدارة، والــذه ــود ه يلزمون أنفسهم بضرورة اتباع تلك القيم. هذا إذا لم نقل: إنهم ال يعلمون بوج

القيم والضرورات والمحظورات أساسا. ــزيج من ــ ــوم على مـ ــ ــارة أدق: إن اإلدارة تقـ ــ «الوجــــود» أو «القيم» و«العلم»وبعبـ

، ولــذلك تكــون اإلدارة الفقهيــة البحتــة، واإلدارة العلميــة البحتــة، واإلدارة«الوجــوب»وــا للعلــوم األخالقية البحتة، مفاهيم خالية من المصاديق. إن أولئك الذين ال يقيمــون وزن

ــون ،«اإلدارة العلمية» محــل «اإلدارة الفقهية»التجريبية في إدارتهم في الحقيقة ال يحل وإنمــا يعمــدون إلى تــركيب ومــزج الضــرورات والمحظــورات الفقهيــة بمــا لــديهم من المعلومات العاميــة والخــام والمنســوخة وغــير الناضــجة في مجــال العلــوم التجريبيــة،

ــون ــإنهم يحل ــذلك ف ــل «اإلدارة الجاهلة»وب ــوم«اإلدارة العلمية» مح ــوار العل . وإلى ج في طريقة اإلدارة، وإن األخالق هي التي«أخالق اإلدارة»التجريبية هناك تأثير حيوي لـ

ــا إذا ــة؟ وم تقول للمدراء: كيف، وأين، ومتى، يمكنهم توظيف معطيات العلوم التجريبيفين باالضطالع بهذا الدور أم ال؟ كانوا مكل

ــالم ــات اإلســالمية في الع ــل مشــاكل المجتمع ــدكتور ســروش أن ح يفهم من كالم ال المعاصر يكمن في اتباع العلوم التجريبية، أو بعبارة أدق: إن حل هــذه المشــاكل يكمن

...لم يكن األســلوب العلمي»في مزج الفقه بالعلوم التجريبية، حيث قال بهذا الشــأن: في حل المسائل واإلدارة العلمية للمجتمع معروفا حتى هــذه األيــام القليلــة الماضــية؛ فاإلدارة التي كانت معروفة ومألوفة حتى اآلن هي اإلدارة الفقهيــة، ال غــير. ولكن هــل يمكن لنا اليوم أن ننكر الضجيج الصناعي والتجاري الصاخب؟ وهــل يمكن إخمــاد غبــاررة الــتي تحكم السياســة العالميــة؟ وهــل يمكن الســيطرة على مــارد العالقــات المتــوت المشاكل البشرية المعاصــرة بمجــرد توظيــف علم الفقــه؟ إن الــذي يــدخل في حــدود صالحية الفقه هو رسم الحدود النهائية لدائرة نشاط اإلنســان، فال يتخطوهــا، وأمــا في

ــد من تــرك األمــور إلى العلم. انظـر: المصــدر نفسـه: . والتأكيـدات54غــير ذلـك فال ب فهـل جميـع مشــاكل»المضافة من عندنا. كما قال الــدكتور ســروش في موضـع آخـر:

ها من الفقــه؟... فالفقــه على الــرغم العالم والحياة هي مشاكل حقوقية حتى نتوقع حلــه ال يقــدم ــة على مســتوى الكمــال، ولكن من إصــداره األحكــام، وهــو من هــذه الناحي

ــرغم من54. انظر: المصدر نفسه: «منهجا... . والتأكيدات المضافة من عندنا. وعلى ال إن الفقه غني باألحكام، كما هو غني بالمنــاهج. ويمكن لنــا»أن بعض علماء الدين قال:

. انظــر:«أن نســتوعب الغــنى في جــانب األحكــام...، إال أن األحكــام هي غــير المنــاهجــديريت: ــدارا وم ــك في: م ــنات دين، وذل ــدمات وحس ــروش، خ ــدات257س . والتأكي

المضافة من عندنا. ــل علم األخالق ــه مح ــان إحالل علم الفق ــرى إمك ــه ي ــيرات وكأن ــذه التعب يفهم من ه

)االجتماعية( وعلم الحقوق. في حين أننا نــرى : أن األحكــام الفقهيــة كمــا ال تحــلأوال محل المناهج العلمية، فإنهــا كــذلك ال تحــل محــل القيم األخالقيــة واألحكــام الحقوقيــة

أيضــا. ــا أن نطلب حــلوثانيــا : إن أخالق اإلدارة مقدمــة على فقــه اإلدارة. وينبغي لن المشاكل الراهنــة للمجتمعــات اإلســالمية في العــالم المعاصــر من خالل الــتركيب بين الفقه والحقــوق واألخالق والعلــوم التجريبيــة. وال يمكن ألي واحــد من هــذه العلــوم أن يحل محل اآلخر. ومن ناحيــة أخــرى فــإن الفقــه لم يبلــغ حــد الكمــال، حتى من ناحيــة األحكام؛ إذ ليس هنــاك دليــل يثبت هــذا االدعــاء القائــل بــأن للــه حكم في كــل واقعــة

يجب العمل بها بمقتضى«ملزمة»وحادثة ومسألة. نعم، نعلم إجماال أن للشارع أحكاما اإليمان، وإن علم الفقه يتكفل بمعرفة هـذه األحكــام. وأمـا االدعـاء بــأن هـذه األحكــام

، وأنــه لــذلك يغــني المســلمين«جامع« و«كامل»شاملة، وأن علم الفقه تبعا لذلك علم عن علم األخالق االجتماعية وعلم الحقوق، فهو مجرد ادعاء لم يثبت بدليل.

نعم، إذا اعتبرنا األصول العملية، من قبيل: أصالتي البراءة واإلباحــة ومــا تقتضــيه هــذهاألصول بوصفها من األحكام الشرعية أيضا، فعندها يكون الفقه كامال. ولكن ــذاأوال : ه

ــة ــة الحقوقي ــط؛ حيث إن األنظم ــه فق ــوف ال يختص بعلم الفق ــال س ــوع من الكم النع بمثل هذا الكمال أيضــا؛ ألن األصــول العمليــة هي أصــول العلمانية األخرى سوف تتمت

عقالئية معترف بها في جميع األنظمة الحقوقية، : إن البراءة واإلباحة في مجــالوثانيا عن كاهــل«الشــرعي» لمخالفــة الحكم اإللــزامي «اآلثــار التكليفية»الفقــه إنمــا ترفــع

المكلف في ظرف الشك بالحكم الشرعي. ومقتضى هذه األصول عنـدما يتم توظيفهـاــة ــه وظيف فا، وال تكون لدي في مجال الفقه هو أن المؤمن في ذلك المورد ال يكون مكل

»، وال يكون مؤاخذا وال مسؤوال «شرعية» . وهذا ال يعني عــدم وجــود أي تكليــف«شرعا أو وظيفــة في ذلــك المــورد أبــدا. إن تطــبيق هــذه األصــول في مجــال الفقــه ال يرفــع

عن كاهــل المؤمــنين. ويمكن الجمــع بين عــدم وجــود«األخالقية« و«العرفية»الوظائف ــرعي»الحكم ــزامي «الشـ ــود الحكم اإللـ ــورد وبين وجـ ــزامي في مـ أو«العقلي» اإللـ

في ذلــك المــورد. وعلى هــذا األســاس فــإن علم الفقــه ال يحــل محــل علم«العــرفي»ــة ال ترفــع ــبراءة واإلباحــة الفقهي الحقــوق، وال يحــل محــل علم األخالق. بمعــنى أن ال الواجبات والمحرمات األخالقية والحقوقية عن كاهل المؤمنين، وال يحق ألي فقيه ـ بــل ال يمكنــه ـــ أن يــبيح الواجبــات والمحرمــات الحقوقيــة واألخالقيــة؛ وذلــك ألن ســكوت الشارع أو عدم وجود دليل معتبر على وجود الحكم الشرعي اإللــزامي في مــورد إنمــاــة على إباحــة يعني مجرد إباحة ذلك العمل من الناحية الشرعية، وهذا ال يحمل أي دالل ذلك العمل من الناحية العرفية واألخالقيــة. وإن اإلباحــة الشــرعية تعــني أيضــا ســكوت الشارع، وعدم تشريع الحكم اإللــزامي من قبلــه. قــد يمكن ألمــر أن يكــون مباحــا منــا أن الناحية الشرعية، إال أنه يكون واجبا أو محرما من الناحية العرفية أو األخالقية، كمــة الشــرعية ــه من الناحي ــة ال يســتلزم إباحت ــة واألخالقي ــة العرفي إباحــة أمــر من الناحي والفقهية. في ما يتعلق بكمال الفقه انظر: سعيدي، تأمالتي پــيرامون فقــه وكمــال آن،

. 1، العدد فرهنگيكيهان الفقه»ال يخفى أن الدكتور سروش يعمد في موضع آخر إلى نقد هذا الرأي القائل بأن

، قــائال: إن الحكم غــير المنهج. وإن المشــاكل االجتماعيــة ال«يكفي لتنظيم أمور الــدنيا تنحصر بالمشاكل الحقوقيـة فقـط. ومن ثم أشــار إلى الـرأي الـذي يحـل الفقــه محــل

ـاء»األخالق بوصفه خطأ آخر، وقال: إن المسألة الجـديرة باالهتمـام هي أن بعض األطب في قطرنــا يجهلــون دقــائق األخالق الطبيــة. يعقــدون مــؤتمرا ينــاقش الفقــه الطــبي،ــة يســتطيعون التغلب على المشــاكل ــل المســائل الفقهي متصــورين أنهم من خالل ح

. انظــر: ســروش،«األخالقية أيضا، وكأن الفقه حالل المشاكل األخالقية. وهذا خطأ آخرــك في: مــدارا ومــديريت: ــدكتور256خــدمات وحســنات دين، وذل ــدو من ال ــا يب . وهن

. ولكن يبدو أنــه ال«األخالق الطبية» ال يحل محل «الفقه الطبي»سروش أنه يلتزم بأن . وعلى أي حــال«الحقــوق الطبية» محــل «الفقــه الطبي»يزال معتقدا بإمكان أن يحل

ــاني محــل فإن القول باختالف األخالق الطبية عن الفقه الطبي، وعدم إمكان إحالل الثــة األحكــام. ولــذلك فإنــه ال يلــبي حاجــة ــاقص، حتى من ناحي األول، يعــني أن الفقــه نح في الصفحة المجتمع اإلسالمي إلى األحكام المعيارية بشكل كامل. في حين أنه يصر

التالية بإمكانية القول بكمال الفقه من ناحية األحكام. وكما أسلفنا، يمكن ويحق للشارع أن يوجب أو يحرم الفعل المباح عرفــا وأخالقــا، وإن

. كما يمكن للشارع«األخالقية»كان ال يستطيع إباحة ما كان واجبا أو محرما من الناحية . )وهــذه االدعــاءات بأجمعهــا من«العرفية»أن يبيح ما كان واجبا أو محرما من الناحيــة

نتائج القول بالتقدم الوجودي والميتافيزيقي لألخالق على الدين(. ولكن : هذا االمرأوال يحتاج أوال إلى دليل خاص، وال يمكن إثبات مثل هذا الــترخيص من خالل أصــل الــبراءة واإلباحة، وهذا يعني أن علم الفقــه ال يغــني المســلمين عن علم الحقــوق، وال عن علم

األخالق، وال يمكنه أن يسد الفراغ الحاصل؛ بســبب غيابهمــا. : إن الــدليل الــدالوثانياــي، ال على ــدل على حكم تأسيس ــرف يجب أن ي ــالف للع ــرعي المخ على الحكم الش إمضـاء العـرف السـابق. فمن خالل إمضــاء الشـارع للعـرف السـابق ال يمكن مخالفـةر العـرف يصــبح إمضــاء الشـارع األحكام العرفية المتأخرة عن زمن الشارع؛ إذ مـع تغي

من قبيل: السالبة بانتفاء الموضوع. إن الظن ـ سواء حصـل من طريـق العقـل أو من طريـق النقـل ــ ال يسـقط عن)(ـ 658

﴿الحجية إال عند التعـارض مـع ظن أقـوى منـه. وإن مفـاد قولـه تعـالى: وإ�ن الظن اليئا ن الحق شــ ( ال يعــني أن الظن ســاقط عن الحجيــة مطلقــا،28 )النجم: ﴾يغن�ي م�

وإنما هذه اآلية تسقط الحجية عن الظن فيما لو كان الحــق واضــحا والحبــا، وهــذا عين ســهال ويســيرا ال«الوصــول إلى الحقيقة»العقالنية. فالعقالنية تقول أيضا: عندما يكــون

«التقرب من الحقيقة»يحل محله ــا . وأما إذا قلنا بأن هذه اآلية تنفي حجية الظن مطلق وجب االلــتزام بهــا في نفي الحجيــة عن الظنــون النقليــة أيضــا؛ ألن لســان اآليــة يــأبى التخصيص، وإن عدم حجية النقل الظني سوف يشمل هذه اآلية نفسها أيضا. وال يخفى

. ومن وجهــة«ظنون غير معتبرة»؛ و«ظنون معتبرة»أن العلماء يقسمون الظنون إلى: نظــر الغالبيــة العظمى من العلمــاء الشــيعة، وبعض علمــاء الســنة، ال تثبت الحجيــة إال

، وأما سائر الظنون فهي ساقطة«خبر الواحد» و«ظاهر الكالم»للظنون المستندة إلى عن االعتبار، وال يجوز االعتمــاد عليهــا في مقــام اســتنباط الحكم الشــرعي. وإن الظن العقلي من وجهة نظــر هــؤالء العلمــاء عبــارة عن الظن الحاصــل من القيــاس الفقهي )التمثيل المنطقي(، واالستحسان، والمصالح المرسلة. إن هؤالء العلمــاء غــير مطلعين على الشهود العقالني وسائر األساليب العقلية المنتجــة للظن، والــتي تعــد معتــبرة من

وجهة نظر العقالء وفي علم المعرفة الحديث. إلى«المســتند»مرادنــا من القطــع واليقين هنــا هــو القطــع واليقين المســتدل، و)(ــ 659

ــدليل، و ــل«المتناسب»ال ــرائن، دون القطــع واليقين المعل ــة والشــواهد والق مــع األدل والمستند إلى العلة، أو الذي ال يقوم على أساس وقاعدة، أو غير المتناسب مــع األدلــة والشواهد والقرائن؛ ألن القطــع واليقين المســتند إلى الــدليل والمتناســب مــع الــدليلــع واليقين المعتبر من الناحية المعرفية هو وحده الموثوق والمعتبر. وإن مثل هذا القط ال يمكن الحصول عليــه إال في مجــال المنطــق والرياضــيات؛ إذ إن القــرائن والشــواهد واألدلة المتوفرة في هذا المجال هي وحدها التي تتناسب مــع القطــع واليقين بالنســبة

إلى المدعى. . وقد ورد في كالم بعض أصحاب222الشريف الرضي، نهج البالغة، الخطبة رقم )ـ( 660

. إال أنني ال أستطيع الجزم بما إذا كــان هــذا«اقرأ القرآن وكأنه قد أوحي إليك»الشأن: الكالم مضمون رواية أم ال.

إن توقف االستدالل على هذه المقدمة إنما يكون ضروريا على قول من يقول بأن)( 661«الفهم» غير «التفسير» . وبطبيعة الحــال هنــاك قــول آخــر يــرى الفهم والتفســير أمــرا

؛ ألن«معرفة الوحي»واحدا. وفي هذا االستدالل هناك شيء من التسامح في التعبير بـ الوحي من ســنخ النص )شــيء دال(، ويقــع متعلقــا للفهم، في حين أن المعرفــة تتعلق باألشياء التي هي ليست من سنخ النص )أشياء غير دالة(. ومراد المؤلف هو أن العمل

على طبق إرادة الله )مــدلول الــوحي( يتوقف على معرفــة هــذه اإلرادة، ولكي نعــرف هذه اإلرادة يجب أن نفهم الوحي. أشكر األستاذ العزيز الســيد مصــطفى ملكيــان على

تذكيره إياي بهاتين المسألتين. قد يدعي شخص أن احتمال الخطأ في المعرفة الدينيــة أقــل من احتمــال الخطــأ)(ــ 662

ــة، في في المعرفة األخالقية؛ ألن المعرفة الدينية من سنخ فهم النصوص واألمور الدال حين أن المعرفة األخالقية من سنخ التعرف على األمور غير الدالة، وإن احتمال الخطأ

. إال أن هــذا التقريــر ال يــؤدي إلى«المعرفة» أقل من احتمــال الخطــأ في «الفهم»في شيء؛ ألن صاحبه ال يستطيع أن يبين لنــا الفــرق الفــارق بين الفهم والمعرفــة، والــذي يسوغ ويصحح مثل هذا االدعاء. هذا وقد تقدم أن فهم النص يقوم دائما على المعرفـة، وأن الفهم بال معرفة مفهوم بال مصداق. مع الشكر الجزيل لألســتاذ مصــطفى ملكيــان

على طرح هذا اإلشكال، واإلجابة عنه. ل جــزءا صــغيرا من قواعــد وقيم أخالق)(ــ 663 إن المعــايير والضــوابط المنطقيــة تشــك

التفكير. في ما يتعلق بأخالق البحث والتفكير انظر: الدين في مــيزان األخالق، الفصــل. 2 / 3 / 2الثاني، الفقرة

قال الله تعالى في القرآن الكريم: )( 664﴿ـ ين إ�ال ن�ين وال يز�يــد الظال�م� فاء ورحمة ل�لمؤم� ن القرآن� ما هو ش� ل م� وننز

(. 82 )اإلسراء: ﴾خسارارون﴿ـ ه إ�ال المطه (. 79 )الواقعة: ﴾ال يمس

ومن الجدير ذكره أن للفضائل والرذائل األخالقية دورا معرفيا أيضا. كون بهــذا النــوع من االســتدالل لتعطيــل)(ــ 665 إنه لمن المثــير للعجب أن الــذين يتمســ

ــه، ال يقومــون بالشــيء ذاتــه في دائــرة ــون النقــل محل العقل في دائــرة األخالق، ويحل الفلسفة والعلوم التجريبيــة، في حين أنــه من الناحيــة المعرفيــة ال يوجــد أي فــرق بين

هذين الموردين. مــا»إن المراد من فلسفة األخالق هنا هو المعنى الخاص للكلمة، بمعنى خصوص )(ــ 666

( بالمعنى العام للكلمة في فلســفة الغــربethics(. وإن مفردة )metaethics )«فوق األخالقل عنوانا لكل ، الشاملة لعلم األخالق أيضا. «األخالق المعرفية»تمث

. 412الشريف الرضي، نهج البالغة، قصار الحكم، الحكمة رقم )( 667668() moral status.

من الجدير هنا التذكير بأننا ال نخالف الرجوع إلى الوحي والنقل في دائرة األخالق،)( 669 االســتفادة«كيفية» هــذا الرجــوع و«طريقة»ونرى ذلك عين العقالنية. وإنمــا الكالم في

من الوحي والنقل في هذا المجال. ويقوم االدعاء على أن األحكام الفردية واالجتماعية للشريعة إنما يمكن الــدفاع عنهــا إذا لم تنقض القواعــد والقيم األخالقيــة. فال الشــريعةفـه األخالق في حيــاة النــاس الفرديــة واالجتماعيــة، وال يمكنها أن تمأل الفراغ الـذي تخل

الوحي والنقل يمكنه أنه يغني الناس عن الرجوع إلى عقلهم العملي. 670() consequentialism.671() egoism.

؟ مشابه«ما هي العناصر التي يكون الحكم األخالقي تابعا لها»إن السؤال القائل: )ـ( 672 أو«حسن»تماما للسؤال عن األوصــاف والخصــائص الــتي تعمــل على صــياغة مــا هــو

على المستوى األخالقي. إن هذا الســؤال في الحقيقــة«خاطئ» أو «صحيح» أو «قبيح»ــدرس في ــتي ت ــ ال ــد ـ ــ وربمــا هــو الموضــوع الوحي األخالق»هــو من أهم المواضــيع ـ

normative )«المعيارية ethicsالــتي هي فــرع أو جــزء من فلســفة األخالق، وإن نظريــات ،) األخالق المعيارية إنما هي في الحقيقة إجابات مختلفة عن هـذا السـؤال. وإن النظريـة الصحيحة في هذا الشأن هي النظرية التي تكون أكــثر انســجاما مــع الشــهود األخالقي وما وراء الشهود األخالقي، واألقـرب أيضــا من المعتقــدات المبنائيــة ذات الصــلة. ومن وجهة نظري إن هذه النظرية مزيج من نفعية ومسؤولية )كانت( ومســؤولية )راســي(.ــاب )أخالق التفكــير األخالقي(. ــة في كت وقــد ذكــرت الشــرح التفصــيلي لهــذه النظري وللمزيد من البحث التفصــيلي بشــأن األوصــاف والخصــائص الــتي تلعب دورا في حكم

العمل األخالقي انظر إلى كتاب: - Kagan, S. (1997) Normative Ethics (Oxford: Westview).

هــذا إذا كــان منشــأ اســتنباط القيم األخالقيــة واألحكــام الشــرعية هــو المصــالح)(ــ 673 والمفاسد الغيبية واألخروية، في حين هناك تشكيك جاد في هاتين الدعويين. فقد تقدم الحــديث بشــأن االســتقالل النســبي للقيم والواجبــات والمحظــورات األخالقيــة لنتــائجة بالنســبة إلى شــخص الفاعــل. وأمــا بشــأن تبعيــة األحكــام الشــرعية العمــل، وخاصــ

للمصالح والمفاسد الغيبية بشكل مطلق فسوف نتناوله. ال يخفى أن األمثلة الـتي تـذكر للقيم القطعيـة واليقينيـة األخالقيـة ليسـت يقينيـة)(ـ 674

«التكليــف بمــا ال يطــاق»وقطعية بالمعنى الدقيق للكلمة. فعلى ســبيل المثــال: لـو أن كان مشتمال على مصلحة غيبية وأخرويــة أقــوى من مفســدتها،«كفران نعمة المنعم»و

ومن القبح الناشئ من تلك المفسدة، ال تقوم على دليل أبدا. وعليه فـإن قبح التكليـفبما ال يطاق ووجوب شكر المنعم، وإن كان بديهيا، ولكنه ليس يقينيا.

. «التناسب بين الدليل والمدعى»يتم تعريف العقالنية النظرية بـ )( 675ــ 676 ــاريخ«الظن النقلي»يأتي الحديث عن )( هنا من باب المجاراة، وإال فإن العالمين بت

ــير الحديث وكيفية جمعه، ومقدار ما تعرضت له كتب الحديث من التحريف المتعمد وغ المتعمد، يدركون أنه في الكثير من الموارد ال نحصل حتى من األحاديث المعتبرة سندا على ظن معتبر، فضال عن سائر األحاديث األخرى. وإن التبرير المعــرفي الوحيــد الــذي يمكن ذكره لالهتمام بمثل هذه األحاديث هو العلم اإلجمالي بصدور بعضها عن النبي أو اإلمام المعصوم. إال أن هذا العلم اإلجمــالي ال يقتضــي أن نعمــل حتى باألحــاديث الــتي يخــالف مضــمونها حكم العقــل والعــرف أيضــا؛ إذ ال يمكن العثــور على عاقــل يرتضــي العمل بمثل هذه األحاديث انطالقا من حكم عقلــه أو من أجــل ســيرة العقالء وبنــائهم. وفي فهم ومعرفة سيرة العقالء في مقام العمل بخبر الواحد ال يمكن لنا العمل بشكل انتزاعي، بل ال بد من عرض مجموع األخبار واألحــاديث الموجــودة، مــع تــاريخ الحــديث ومســار تكوينــه وتدوينــه وجمعــه في الكتب الروائيــة، على العقالء؛ لــنرى مــا إذا كــانوا يعملون بمثل هذه األخبار واألحاديث أم ال؟ وإذا كانوا يعملون بهـا فكيــف يعملــون بهـا؟ وما هي حدود العمل بها؟ ال يمكن العثور على أي عاقل يتعارض عنـده مضــمون روايـةع بدعامة أقـوى، ودليـل أكـثر إحكامـا، ومـع ذلـك يـرى أو ظاهر آية مع حكم عقلي يتمت االعتبار والحجية لمضمون تلك الرواية أو ظاهر تلك اآلية. إن سيرة العقالء في العمــل بخبر الواحد وظــاهر الكالم ليس مطلقــا، وال انتزاعيــا، وإن العقالء في معــرض العمــل بخبر الواحد وظاهر الكالم يأخذون المضمون والظهور بنظــر االعتبــار أيضــا، فــإذا كــانــه مضمون الخبر أو ظاهر اآلية غير منسجم مع الظن العقلي األقوى منه أو المساوي ل ال يقبلون العمل بذلك المضمون والظهــور. وعلى هــذا األســاس في مــا يتعلق بالعمــل بسيرة العقالء ال يمكن فصل هذه السيرة عن قيود وشرائط الفلسفة وأطرها الخاصة. فليس لــدى العقالء ســيرة تقضــي بدراســة ســند روايــة بشــكل مســتقل وبمعــزل عن االهتمام بمضمونها، كمــا أنهــا لم تقم على العمــل بــذلك المضــمون بعـد إحــراز اعتبــار

السند، حتى إذا كان ذلك المضمون معارضا للظنون العقلية والتجريبية. ال يمكن اعتبار حجية الظنون العقلية بمعنى حجيــة مطلــق الظن. وإن مرادنــا أن)(ــ 677

الظنون الخاصة الــتي تعتــبر حجــة من الناحيــة العقليــة والشــرعية ال تنحصــر بــالظنون الحاصلة من أخبار اآلحاد وظواهر الكالم فقط، وإنما تشمل بعض الظنون األخــرى، أير مثــل هــذه الظنون العقلية والتجربية والشهودية أيضا. وإن علم المعرفة الحــديث يــبري الظنون؛ حيث ترى المعرفة الحديثة أن الظن الحاصــل من التجربــة والشــهود الحســ والعقالني يكــون في بعض الظــروف الخاصــة معتــبرا، وأن هــذا الظن ليس من قبيــل: الظن الحاصل من القياس واالستحسان، وإنمــا هــو أعم منــه. ومضــافا إلى ذلــك فــإن المعرفــة الحديثــة تــرى الظن الحاصــل من القيــاس واالستحســان في بعض الظــروف الخاصة معتبرا أيضا. فإن الظن المعتبر من الناحيــة المعرفيــة هــو الظن المســتند إلى الــدليل المناســب، أمــا الظن المســتند إلى العلــة، وكــذلك الظن المســتند إلى الــدليل الفاقد لالعتبار والقيمة، فيعتبر مفتقرا إلى القيمة واالعتبار. يضاف إلى ذلك أن شروط

اعتبار الظنون النقلية في علم المعرفة الحديث تختلــف عن شــروط اعتبارهــا في علم أصول الفقه. وإن هذه الشروط تخضع للبحث والتحقيق تحت عنـوان العلم من طريـق

(. knowledge by testimonyالشهادة والبينة ) يمكن لنا أن نــدعي أن المتبنيـات األخالقيــة على المسـتوى المـرحلي تســتند إلى)(ـ 678

القواعد واألسس، بمعنى أنها تتمتع بدرجة من التــبرير االبتــدائي الحاصــل من الشــهود والتجربة األخالقية والعقالنية. إال أن هذا التبرير يعتبر تــبريرا مرحليــا وآنيــا، بمعــنى أنــه يقبل التعزيز والتضعيف، وإن أساسية المتبنى بهذا المعنى ال ينفي القابليـة على إعـادة النظر في ذلك. وعلى هذا األساس فإننا في سياق العمل على المواءمة بين المتبنيات األخالقية والمتبنيات الفقهية قد تقتضــي المسـؤولية العقالنيــة والمعرفيــة منــا أن نحــل التعارض من خالل التصرف في المتبنى األخالقي لصــالح المتبنى الفقهي أحيانــا. وهــذا األمر بطبيعة الحال مشروط بأن تكــون األدلــة المتــوفرة لصــالح ذلــك المتبنى الفقهي أقوى من األدلة المتوفرة لصالح المتبنى األخالقي، بمعــنى أننــا في هــذه الحالــة فقــط نكون ملزمين من الناحية العقالنية بحل التعارض لصالح المتبنى الفقهي، رغم أننا نرى هذا مجرد افتراض ال مصداق لــه على أرض الواقــع. إن هــذه النظريــة تعتــبر نوعــا من

األصولية المعرفية المعتدلة التي ال تختلف كثيرا عن التناغمية المعرفية المعتدلة. 679() context of discovery.680() context ofjustification.

إنه لمما يستحق التدبر والتأمل أن الله يقول في القرآن بشأن الكثير من األنبياء:)( 681 إنه قد أعطاهم الحكمة، باإلضافة إلى الكتاب. في حين أنه لو كــانت النصــوص الدينيــةــان ــو والعبث، وإذا ك غ ــة من الل ــاء الحكم ــان تعليم األنبي ــني اإلنســان عن األخالق ك تغ الرجوع إلى العقل في مقام تشخيص الوظيفة يؤدي إلى لغوية النصوص الدينيــة لكــان تعليم األنبياء الحكمة مشتمال على هذه الخصوصية أيضا. هذا، وإن القــرآن الكــريم قــد صرح بأن رسالة نبي اإلسالم ال تنحصر بتعليم الكتاب، وإنما تشمل تعليم الحكمة أيضا. والحكمة على قسمين: نظرية؛ وعملية. والحكمة العمليــة تــدل على معنــيين مختلفين، وفي الوقت نفسه مرتبطين ببعضهما. والحكمة بالمعنى األول فضيلة يتمكن الفــرد من خاللها من إدراك الحسن والقبح والصواب والخطأ وما ينبغي وما ال ينبغي من األعمال. وأما بالمعنى الثاني فهي عبارة عن القيم والمعايير التي تعــد نتيجتهــا وثمرتهــا فضــيلة،

ــه في القــرآن الكــريم: نهم يتلــو﴿قــال الل وال م� يين رســ هو الذ�ي بعث ف�ي األمي ن قبــل لف� كمــة وإ�ن كــانوا م� م ويعلمهم الك�تاب والح� م آيات�ه� ويزكيه� عليه�

ولكن لو كان البناء على اشتمال الكتاب على حكم جميــع(.ــ 2 )الجمعة: ﴾ضالل مب�يناألشياء لكان األنبياء والمؤمنون في غنى عن الحكمة.

انظر في هذا الشأن إلى كتابنا )الدين في ميزان األخالق(. )(682 تنقسم األبواب الفقهية إلى قسمين، وهمــا: العبــادات؛ والمعــامالت. والمــراد من)(ــ 683

ــات ــا بتنظيم العالق ــا م ــتي تتكفل نوع ــة، ال ــير العبادي ــام غ ــا هي األحك ــامالت هن المعاالجتماعية، وليس خصوص المعامالت التجارية فقط.

684() original position. إن القول بتوقيت بعض أحكام الدين ـــ مثــل القــول بخلــود بعض األحكــام الدينيــة)(ــ 685

ــرون األخرى ـ يعد من بديهيات وضروريات ومقومات خلود الدين. وعليه فإن الذين ينك وجود األحكــام المؤقتــة في الــدين إنمــا ينكــرون في الحقيقــة ضــروريا من ضــرورياتــاال ببعض ــام الشــرعية، نعلم إجم ــإطالق بعض األحك ــاال ب ــا نعلم إجم ــدين. ونحن كم ال األحكام الشرعية األخرى المؤقتة والمقيدة أيضا، ولذلك فإن نسبة أصل االحتياط تجاهــدوام كال طرفي القضية متكافئ، وال يوجد أي أصل أولي يقتضــي حمــل الحكم على ال

والخلود عند الشك في خلوده أو توقيته. ؛ أز إســالم تــاريخي بــه إســالم معنــوي،429 ـ 428انظر في هذا الشأن: كديور: )(ــ 686

صراط. فرهنگي، طهران، مؤسسه 431 ـ 405سنت وسكوالريسم: إن اإلنسان لم يخلق»على سبيل المثال: يقول الشيخ المنتظري في هذا الشأن: )ـ( 687

ه ساحة اللــه الحكيم عن ذلــك. بــل إن الهــدف من خلــق اإلنســان يكمن في عبثا؛ لتنـز

حصوله على الفضائل والكمــاالت واكتســاب الــدرجات وبلــوغ المــراتب المعنويــة. وإن الوصول إلى هذه األهداف يفتقر إلى برنــامج كامــل وأحكــام شــاملة وقــوانين جامعــة، تنظم حياته وتضمن حقوقه وحريته ورخــاءه، وتمنحــه الطمأنينــة واالســتقرار، وترشــدهمــه أســاليب الحصــول على الكمــاالت إلى طريــق التكامــل والصــراط المســتقيم، وتعلــرية والوصول إلى السعادة األبدية. ومثل هذا البرنامج ال يمكن أن تصوغه العقول البش

الناقصة؛ وذلك : ألن العلوم البشرية ناقصة ومحــدودة، وال يمكن لإلنســان أن يلبيأوال احتياجاته المادية والمعنوية المتنوعة كمــا يســتطيع صــانعه وخالقــه تلبيتهــا، كمــا أنــه ال يعرف سبل الوصول إلى الغاية كما يعرفها خالقــه. ولــذلك نجــد اإلنســان في كــل يــومعين من بــني البشــر يأتي بقانون جديد يلغي به القانون الذي صاغه باألمس. إن المشر ال يدركون جميع الفضائل والكماالت واالحتياجات المعنوية والحقيقيــة لإلنســان وطــرق الحصول على السعادة في الدنيا واآلخرة، وغالبا ما يحصرون سعادة اإلنسان في تلبيـة أموره المادية والدنيوية، في حين هناك ارتباط وثيق بين حاجة اإلنسان المادية وحياتــه

الدنيوية، وحاجته المعنوية وحياته األخروية. : إن إدراك جهات الخير والشــر عنــدوثانيا البشر غالبا ما تقترن باألهواء واألطماع واألنانية، وعليه ال يسع اإلنسان أن يرى مصالح اإلنسانية بأجمعها، وفي جميع األزمنة، دون اإلغضاء عن مصالحه الشخصــية أو مصــالحقة المحيطة به، ليضع القوانين الجامعة والشاملة على هذا األساس. فعلى الحلقة الضي هذا األساس يجب على الله أن يبعث الرســل لهدايــة اإلنســان، وال ينبغي باللــه الحكيم واللطيف والمحيط الكامل بحاجة مخلوقاته ويعلم الطريق إلى سعادتهم، مع ما له منــترك ــه وشــأنه، وأن ي ــه، أن يترك ــع مخلوقات ــه على جمي ــة باإلنســان، حتى كرم الرحم المجتمع البشري دون مرشد وال هاد من شاكلتهم، يصلحون من جميــع الجهــات لحمــلنــون من أخــذ الحقــائق عن اللــه وإبالغهــا إلى البشــر، وأن أعباء رسالة الهدايــة، ويتمك يكونوا وسطاء بين الخالق ومخلوقاتــه. ومن هنــا يــأتي احترامنــا لجميــع األنبيــاء، البــالغما أولي العزم منهم، وهم: النبي نــوح، والنــبي إبــراهيم، عددهم أربعمئة وألف نبي، سي

. ونعتقــد بعصــمتهم من|، وخــاتم الرســل ســيدنا محمد^والنبي موسى، والنــبي عيسىد|الذنوب واألخطاء. ولما كان النبي محمد ــابقة، ومؤي خاتم األنبياء، ومكمل األديان الس

ما كان حقا منهــا من جهــة، وكــانت تشــريعاته وقوانينــه أفضــل القــوانين والتشــريعاتــة من دينه ــوانين النهائي ــريعات والق ــذ التش ــا نأخ ــا، فإنن ــيخ«وأكمله ــالة للش . عن رس

المنتظري على شبكة اإلنترنت، وإضافة التأكيدات من قبلنا. ــالي، وال«وجوب»إن هذا النوع من االستدالل إنما يثبت مجرد الرجوع إلى الشاهد المث

الرجوع إليــه. في حين أن نــزاع أتبــاع األخالق الدينيــة واألخالق العلمانيــة«كيفية»تبين ــول ليس في الرجوع إلى الشاهد المثالي وعدم الرجوع له، وإنما يدور النـزاع بينهما ح

كشف أحكام الشاهد المثالي. إن هــذا الــدليل ال يقتضــى«أسلوب»كيفية هذا الرجوع و منا إحالل إله الفقــه محــل إلــه األخالق أبــدا. وبهــذا الــدليل ال نســتطيع إثبــات الــدعوىــد القائلة بأن الظنون المستندة إلى الوحي والنقل تبقى على اعتبارها وحجيتها حتى عن تعارضها مع الظنون العقلية األقوى منها. فالواجب على اللــه ـــ لقاعــدة اللطــف ـــ هــود، وليس من هداية الناس. وأما أن تكون هذه الهداية من طريـق الـوحي والنقـل والتعب طريق العقل والتفكير والتجربــة، وال من خالل التلفيــق بين العقــل والتجربــة والــوحي، فهذا ما ال يمكن إثباته بهـذا الـدليل. وعليـه لـو اضـطر الفـرد إلدراك اإلرشــاد والهدايـة اإللهية إلى العمل بظنونه ففي هذه الحالة لن يكــون هنــاك فــرق بين الظنــون العقليــة

والتجريبية وبين الظنون النقلية أبدا. هذا، مضافا إلى أننا نتساءل ونقـول أيضـا: أفال تكــون الفتـاوى الفقهيـة نفسـها عرضـة للتغيير والتحــول؟ وهــل عــدم إمكــان التغاضــي عن المصــالح الشخصــية خــاص بمقــام

الحكم فقط؟ وهـل يمكن للفـرد أن يتغاضـى ببسـاطة عن مصـالحه«جعل» و«الوضع»قة المحيطة به في مقام فهم الحكم الشــرعي، عنــدما ينظــر إلى ومصالح الحلقة الضي مصلحة اإلنســانية بأســرها؟ إن الزم هــذا االســتدالل أن يكــون رواة الحــديث والفقهــاءدوهم من المعصومين أيضا، على شــاكلة األنبيــاء واألئمــة أيضــا؛ كي يصــل الحكم ومقل الواقعي إلى الناس كما هو في اللوح المحفوظ، وأن ال يحصل أي خطأ في فهم الحكم

الشرعي. من وجهة نظرنا إن هذا الكالم يقوم على فهم خــاطئ للعقالنيــة، كمــا يقــوم على فرضيات خاطئة بشأن مناهج وشروط نجاة النــاس وفالحهم. إن ســعادة اإلنســان رهن بصدقه وجديته في مقام الكشف عن التكليــف والعمــل بــه، وليســت رهنــا بنتــائج

العمل. يعمد الدكتور سروش إلى تقسيم القيم إلى: قيم خادمة؛ وقيم مخدومة. ويرى أن)ـ( 688

القيم الخادمة هي القيم التي تكون من أجل الحيــاة، وأمــا القيم المخدومــة فهي القيم التي تكون الحياة من أجلها. ويمكن القــول: إن هــذا التقســيم هــو تعبــير آخــر عن هــذا

ــك في: بســط«1خاتميت پيامبر ـ »االدعاء تقريبا. انظر في هذا الشأن: سروش، ، وذل. 179 ـ 161تجربه نبوي:

يستفاد هذا الدليل من كلمات الشهيد السيد محمد بـاقر الصــدر في بحث قاعـدة)(ـ 689 المالزمة بين حكم العقل وحكم الشـرع. انظـر: الصـدر، بحـوث في علم األصـول، قم،

مؤسسة دائرة معارف الفقه اإلسالمي. للوقوف على النقد التفصيلي الدعاء النسبية الثقافية في مجــال حقــوق اإلنســان)(ــ 690

ــرائي فــرهنگيحقوق بشر ومسـئله نســبيت »انظر: المقال التوضيحي والممتع )حقــوق«گاإلنسان ومسألة النسبية الثقافية(، بقلم: د. آرش نراقي، على الرابط التالي:

http: //www. uweb. ucsb. edu/~anaraghi/articles_f. htmهـ.ش. 1388 معاصر، نگاهوذلك في: أخالق حقوق بشر، طهران، نشر

في ما يتعلق بكيفية ارتباط المعرفة الدينية بالمعنى العام للكلمة بســائر الفــروع)(ــ 691 نظريــة تكامــل المعرفــة»المعرفيــة انظــر: ســروش، قبض وبســط تئوريــك شــريعت

صراط.فرهنگي، طهران، مؤسسه «الدينية داده هــاي»وفي ما يتعلق بالطرق المتنوعة للجمع بين العقل والوحي انظــر: ملكيــان،

، وذلــك في: راهي بــه رهــائي: جســتارهائي در عقالنيت«وحياني ويافتــه هــاي إنســاني معاصر. نگاه، طهران، نشر 52 ـ 35ومعنويت:

المراد أن الله ال يستطيع أن يرفع عن كاهل اإلنسان مسؤولية ألقتها األخالق على)( 692ــألة كاهله، ال أن الله معني بأن يصدر حكما شرعيا متناظرا مع الحكم األخالقي. والمس هنا أن سكوت اللــه الشــارع في هــذه المــوارد يعــني مجــرد عـدم وجــود حكم إلـزامي شرعي في هذه الموارد، وليس بمعنى عــدم وجــود الحكم األخالقي الملــزم. إن أصــل

إن المكلف غير مسؤول تجاه الحكم»البراءة أو قاعدة قبح العقاب بال بيان إنما تقول: إن المكلــف». وهــذا األصــل ال يقــول: «اإللزامي المجهول له، ولن يكون مؤاخذا بسببه

غير مسؤول عن الحكم األخالقي المعلوم له أيضا، إال إذا دل الدليل النقلي على وجــودــير«حكم إلزامي شرعي في ذلك المورد ــزامي األخالقي غ . وحيث إن وجود الحكم اإلل

مرتبط بإرادة الله الشارع فإن رفع مثل هذا الحكم ال يمكن أن يكون دائرا مدار إرادته أيضا. وعليه ال يمكن لنا أن نستنتج من سكوت الله الشـارع في هـذه المـوارد ضـرورة أن يكون ذلك العمل مباحا ومجازا على المستوى األخالقي أيضا. وإنما النتيجة الوحيدة المعقولة والمقبولة، التي يمكن أن نستنبطها من سكوت الشارع، هي عدم وجود حكمــه. إال شرعي إلزامي في هذا المورد، أو إذا كان موجودا ال يكون المكلف مسؤوال تجاه أن عدم وجود الحكم اإللزامي الشرعي ال يستلزم عدم وجود الحكم اإللــزامي العقلي،ــبراءة ال يرفــع مســؤولية المكلف تجــاه الحكم اإللــزامي العقلي إذا كــان وإن أصــل ال

موجودا. إن أخالق التقليد موضوع فصل من فصــول كتــاب آخــر لنــا، تحت عنــوان: )أخالق)(ــ 693

دينداري(. ر عن حقوقه الطبيعية، بمعنى أن هــذه الحقــوق)(ــ 694 كما ذكرنا فإن حقوق اإلنسان تعب

هي من قبيــل: الصــفات الطبيعيــة لألشــياء الماديــة. إن بإمكــان اللــه أن ال يخلــقــبي الهيدروجين أو الذهب، ولكن ال يمكنه أن يخلق الهيدروجين ويسلب عنه ميله التركي باألوكسيجين، أو أن يخلق الذهب ويسلب عنه عدم ميله التركيبي باألوكسيجين؛ إذ في هذه الصورة لن يكون الــذهب ذهبــا، وال الهيــدروجين هــو الهيــدروجين. أشــكر األســتاذ

مصطفى ملكيان على طرحه لهذا االستدالل.

؛151 ـ 150،ــ 45، كيــان: «در بــاب تــزاحم»انظــر في هــذا الشــأن: المنتظــري، )(ــ 695. 33 ـ 24، 49، كيان: «گويا وراهگشافقه »موحدي ساوجي،

بطبيعة الحال فإنه على أساس النتائج العامة والفوائد الخاصة ال يكون هذا الكالم)ـ( 696 صحيحا؛ فــإن عــدم تنــاغم النـــزعة االســتنتاجية والنـــزعة المصــلحية مــع هــذا الشــهود األخالقي من األمــور الــتي يســتثمرها الوظيفيــون في نقــد االســتنتاجيين. مــع الشــكر

الجزيل لألستاذ مصطفى ملكيان على التذكير بهذه المسألة. ن أجل� ذل�ــك كتبنــا على بن�ي﴿وهذا االدعاء موافق لمضمون اآلية الشريفة: )(ــ 697 م�

ــل اد ف�ي األرض� فكأنمــا قت إ�سرائ�يل أنه من قتل نفسا ب�غير� نفس أو فســيعــا... يعا ومن أحياهــا فكأنمــا أحيــا الناس جم� (. وال32 )المائــدة: ﴾الناس جم�

يستثنى من هذا الحكم األخالقي غير حالة الدفاع عن النفس. فلو هاجم شخص شخصا بريئا، وتوقف دفع المجرم على قتلــه، جــاز قتلــه من الناحيــة األخالقيــة. وأمــا إذا أمكن دفعه بغير القتل كــان قتلــه ممنوعــا من الناحيــة األخالقيــة. وكمــا ســنرى في الفصــولــة القادمة فإن أصل المقابلة بالمثل يتناغم مع أصل العدالة بوصــفها أس القيم األخالقي االجتماعيــة في حــدها األدنى. وعلى هــذا األســاس على الشــخص أن ال يتجــاوز حــدود العدالة، حتى إذا كان في مقام الدفاع عن النفس. وإن العدوان ال يصلح مسوغا للظلم

يا أيها الذ�ين آمنوا كونوا﴿من الناحية األخالقية. قال الله تعالى في القرآن الكريم: نآن قــوم على أن ال تعــد�لوا ر�منكم شــ سط� وال يجــ ين لله� شهداء ب�الق� ام� قو

ــون ــير ب�مــا تعمل ــدة:﴾اعد�لوا هو أقرب ل�لتقوى واتقوا الله إ�ن الله خب� )المائ8 .)

سوف نشرح جوهر األخالق الديمقراطية في كتاب )أخالق دينداري(. وسوف نرى)ـ( 698 هناك أن الديمقراطية ال تعني مجرد حكم األغلبية، أو حكم الشــعب من قبــل الشــعب،ل الشرط الضروري للديمقراطية، إال أنــه ال يحقق وأن مجرد رأي األكثرية وإن كان يمث

الديمقراطية. ربما كان التعبير األصح أن نقول: إن إزعاج اآلخرين من حيث هو هو وفي حد ذاته)( 699

خاطئ أو غير صحيح من الناحية األخالقية، بــل هــو غــير صــحيح إذا لم يكن ضــروريا أو منافيا للعدالة؛ وأما إذا كان ضروريا وعادال فهو صــحيح. مــع الشــكر لألســتاذ مصــطفى

ملكيان على تذكيره بهذه المسألة. بغض النظر عن عدم وجود حق للفرد والمجتمع أو النظــام أو األقليــة أو األكثريــة)(ــ 700

في االنزعاج، فحتى لو كان لهم مثل هذا الحق فــإن هــذا الحــق ال يســتتبع تكليفــا علىــل يمكن المجتمع أو الفرد أو األكثرية أو األقلية؛ ألن الحق ال يستلزم التكليف دائما. فه

ــني»ألحدنا أن يقول لآلخر مثال: ، أو«إن من حقي أن أكون محبوبا فيجب عليــك أن تحب«إن من حقي أن أتزوج فيجب عليك أن تقبلي بي زوجـا لك»أن يقول لفتاة: . وأساســا

إن استلزام الحق للتكليف يتوقف على شروط، وال يمكنه أن يكون حكما مطلقــا. وفي فلسفة الحقوق الحديثة هناك في الحد األدنى أربعة أنواع من الحقوق، وليس من بينها

ما يستلزم التكليف سوى نوع واحد منها فقط. )لمزيد من التوضيح انظر: - Wenar, L. (2007(, «Rights», The Stanford Encyclopedia of Philosophy, http: // plato. stanford. edu/entries/rights/#1.

مع الشكر الجزيل لألستاذ مصطفى ملكيان على توضيح هذه المسألة. ، وذلــك في: أخالق خــدايان:«آزادي چون روشن»انظر في هذا الشأن: سروش، )(ــ 701

. 39 ـ 11، وذلك في: أخالق خدايان: «أخالق خدايان»؛ سروش، 91 ـ 69 على الرغم من أن األصوليين ـ وهم جماعة خاصة من علمــاء الشــيعة ـــ يــذهبون)(ــ 702

إلى القول بأن لألحكام الشرعية مالكات ومعايير عقلية، ولكنهم يدعون أيضا بــأن هــذه المالكات والمعايير عبارة عن مصــالح ومفاســد غيبيــة ليســت بمتنــاول العقـل العــرفي للبشر، ولذلك ال يمكن لنا أن نكتشف حكم الشرع من طريق الحكم العقلي األخالقي.

،315: «نظريــة تكامــل المعرفــة الدينية» سروش، قبض وبسط تئوريــك شــريعت )(703صراط. فرهنگيطهران، مؤسسه

، تحقيــق: الســيد موســى الشــبيري11 ـ 10)( أحمد بن علي النجاشي، الفهرست: 704هـ. 1429، 9الزنجاني، مؤسسة النشر اإلسالمي، ط

. 276)( ابن النديم، الفهرست: 705ــومي، ط59)( محمد بن الحسن الطوسي، الفهرست: 706 ،3، تحقيق: الشيخ جواد القي

هـ. 1429. 12)( النجاشي، الفهرست: 707سي الطباطبائي، ميراث مكتوب شيعه أز سه قــرن نخســتين708 )( السيد حسين المدر

،1، ترجمــة: ســيد علي قــرائي، رســول جعفريــان، نشــر مــؤرخ، ط164هجــري: هـ.ش. 1386

،2، مركــز الغــدير، ط143)( الشيخ عبد الهادي الفضلي، تأريخ التشريع اإلســالمي: 709هـ. 1432

ــد[ من األصــول على710 سي الطباطبائي عنوان الكتــاب: كتــاب ]يع )( ذكر السيد المدرمذاهب اإلمامية. ولكن النسخة المتوفرة من كتاب ابن النديم بدون ما بين ][.

وما بعدها. 258)( الطوسي، الفهرست: 711. 259؛ الطوسي، الفهرست: 433)( النجاشي، الفهرست: 712 ؛ الشــيخ فاضــل القــائيني، علم65)( محمد باقر الصدر، المعالم الجديــدة لألصــول: 713

هـــ،1399،ــ 1، دار الزهراء للطباعــة والنشــر والتوزيــع، ط72األصول: تاريخا وتطورا: ، مؤسســة النشــر اإلســالمي14الشيخ محمد مهدي اآلصفي، مقدمة أصــول المظفــر:

سين بقم، ط هـ؛ الشيخ عباس الزارعي، مقدمـة أصـول1430،ـ 5التابعة لجماعة المدر ، مؤسسه بوستان الكتاب )منشورات مكتب اإلعالم اإلسالمي في الحوزة10المظفر:

، دار151:ــ 3هـــ؛ الســيد صــادق الشــيرازي، بيــان األصــول 1429،ــ 5العلمية بقم(، ط هـ؛ الشيخ محمد رضا األنصاري، مقدمة العدة في أصــول الفقــه:1427،ــ 2األنصار، ط

هـ؛ السيد محمد جــواد العلــوي الطباطبــائي،1432،ــ 1، مؤسسه بوستان كتاب، ط66 هــ؛1412،ـ 1، أنصــاريان، ط141:ـ 1مدخل الحاشية على الكفاية للســيد الـبروجردي

، مؤسســة13:ــ 1الشيخ جعفــر الســبحاني، تقــديم منــاهج الوصــول إلى علم األصــول هـــ؛ الشــيخ علي آل كاشــف الغطــاء،1415،ــ 1تنظيم ونشر تراث اإلمام الخميــني، ط

هـ، الشيخ محمــد1381،ــ 1، مطبعة النجف، ط107:ــ 1النور الساطع في الفقه النافع رة ،3، مجمــع الفكــر اإلســالمي، ط57:ــ 1علي األنصاري، الموســوعة الفقهيــة الميســ

هـــ؛ محمــد رضــا1405،ــ 2، ط68هـ؛ الشيخ عبد اللــه نعمــة، هشــام بن الحكم: 1424هـ.ش. 1393، 1، مؤسسه بوستان كتاب، ط73: 1ضميري، دانشنامه أصوليان شيعه

ــيعة 714 ــان الش ــن األمين، أعي ــ 1)( محس ــن األمين، دار137: ــريج: حس ــق وتخ ، تحقيالتعارف للمطبوعات.

ــدم إلى9)( الفضلي، الشيخ المفيد: مؤسس المدرسة األصولية اإلمامية: 715 ، بحث مقهـ. 1413رئاسة مؤتمر ألفية الشيخ المفيد سنة

سي الطباطبائي، ميراث مكتوب شيعه أز سه قرن نخستين هجري: 716 . 330)( المدر )( بمراجعة فهرست الشيخ الطوسي المطبوع والمتداول يذكر الطوسي لهشــام بن717

ــت: ــاف )الفهرس ــاظ؛ واأللط ــابين: األلف ــي259الحكم الكت ــيد المدرس ــل الس (. ولعالطباطبائي اعتمد على نسخة أخرى لم يذكر فيها سوى )كتاب األلطاف(.

سي الطباطبائي، ميراث مكتوب شيعه أز سه قرن نخستين هجري: 718 . 330)( المدر. 224)( ابن النديم، الفهرست: 719. 259؛ الطوسي، الفهرست: 433)( النجاشي، الفهرست: 720سي الطباطبائي، ميراث مكتوب شيعه أز سه قرن نخستين هجري: 721 . 331)( المدر وما بعدها. 446)( النجاشي، الفهرست: 722. 266)( الطوسي، الفهرست: 723 ، تحقيــق: الســيد مرتضــى الميرســجادي، مؤسســة327)( الشيعة وفنون اإلســالم: 724

هـ. 1427، 1السبطين، ط ، انتشــارات41)( أصــول االســتنباط في أصــول الفقــه وتاريخــه بأســلوب حــديث: 725

هـ. 1417، 4محالتي، طخ16:ـ 1)( تقديم كتــاب اإلشـارات والتنبيهـات في شــرح أصـول الفقــه 726 ، دار المــؤر

هـ. 1418، 1العربي، ط، مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين بقم، ط6: 1)( تحرير األصول 727هـ. 1430، 1

هـ. 1424، 2، نشر حديث دل، ط10: 1)( زبدة األصول 728. 328)( الشيعة وفنون اإلسالم: 729

. 329: 5؛ 137: 1)( أعيان الشيعة 730 46)( الحظ: الشــيخ حيــدر حب اللــه، نظريــة الســنة في الفكــر اإلمــامي الشــيعية: 731

م. 2006، 1)الهامش(، دار االنتشار العربي، ط. 153)( فخر الدين الرازي، مناقب الشافعي: 732 ، مطبعـة مصــطفى البــابي الحلــبي11)( أحمد محمد شاكر، تقديم تحقيق الرسالة: 733

هـ. 1357، 1وأوالده بمصر، ط. 157)( فخر الدين الرازي، مناقب الشافعي: 734هـ.165: 4)( الحظ: ابن خلكان، وفيات األعيان 735

ــة، وأرســلها إلى وقد ذهب عبد الغني الدقر إلى أن الشافعي كتب )الرسالة( وهــو بمك(. 119عبد الرحمان المهدي في بغداد )الحظ: اإلمام الشافعي فقيه السنة األكبر:

. 157)( فخر الدين الرازي، مناقب الشافعي: 736. 165: 4)( ابن خلكان، وفيات األعيان 737.153)( فخر الدين الرازي، مناقب الشافعي: 738 ؛201هـ؛ المقدمة: 1414ـ، 1، دار الكتبي، ط18)( البحر المحيط في أصول الفقه: 739

، تحقيــق: الــدكتور محمــد حســن هيتــو، دار الفكــر610المنخول من تعليقات األصول: ــ 3المعاصر، ط ؛ الواضــح في علم116هـ؛ اإلمام الشافعي فقيه السنة األكــبر: 1419،

،16هـــ؛ الوجــيز في أصــول الفقــه: 1404،ــ 2، الــدار الســلفية، ط13أصــول الفقــه: ؛ شــرح األصــول من8، الــدعوة اإلســالمية، ط17مؤسسة قرطبة؛ علم أصول الفقــه:

، اعتنى به وعلق عليه: نشأت بن كمال المصري، دار البصيرة؛ تقديم35علم األصول: . 13الرسالة:

، تحقيق: الدكتور إحسان عباس، دار الصادر. 382: 6)( ابن خلكان، وفيات األعيان 740 ومــا بعــدها، تقــديم: محمــد حلمي عبــد344)( تمهيــد لتــاريخ الفلســفة اإلســالمية: 741

م. 2011الوهاب، مكتبة اإلسكندرية، ،1 إلحيــاء الــتراث، ط^، تحقيــق: مؤسســة آل الــبيت14)( تقــديم وقايــة األذهــان: 742

هـ. 1413. 258 ـ 257)( ابن النديم، الفهرست: 743)( المصدر نفسه. 744ــل، نقال عن: الشــيخ محمــد745 )( جالل الــدين الســيوطي، الوســائل إلى معرفــة األوائ

، انتشــارات أمــير كبــير،223:ــ 1إبــراهيم الجنــاتي، تطــور اجتهــاد در حــوزه اســتنباط هـ.ش. 1386

، نشـر لجنـة إحيــاء المعـارف3:ـ 1)( أبو الوفا األفغاني، تقديم أصـول السرخسـي، 746النعمانية، حيدر أباد الركن.

. 266)( الطوسي، الفهرست: 747. 7)( الرسالة: 748 وغيرها. 20، 16، 14، 7)( الحظ مثال: الصفحات: 749. 12)( مقدمة التحقيق: 750 وما بعدها.176، 147، 17)( الرسالة: 751. 226)( النجاشي، الفهرست: 752. 327)( المصدر السابق: 753. 98)( الطوسي، الفهرست: 754. 34)( النجاشي، الفهرست: 755 وما بعــدها، تحقيــق: الشــيخ مهــدي نجــف، دار42)( المفيد، التذكرة بأصول الفقه: 756

هـ. 1414، 2المفيد، ط ومــا بعــدها، تحقيــق: مجموعــة من299)( المرتضى، الذريعة إلى أصول الشريعة: 757

هـ. 1433، 1المحققين بإشراف الشيخ جعفر السبحاني، ط وما بعدها. 517)( الطوسي، العدة في أصول الفقه: 758. 449)( النجاشي، الفهرست: 759. 449؛ النجاشي، الفهرست: 79)( ابن النديم، الفهرست: 760. 449)( النجاشي، الفهرست: 761. 82: 1)( ضميري، دانشنامه أصوليان شيعه 762م. 1998، 1، مكتبة لبنان ناشرون، ط3)( مقدمة تحقيق كتاب األلفاظ: 763. 55)( ابن النديم، الفهرست: 764

. 61)( المصدر السابق: 765. 65)( المصدر السابق: 766. 87)( المصدر السابق: 767. 449)( النجاشي، الفهرست: 768. 79)( ابن النديم، الفهرست: 769 ، تحقيــق:202)( محمد بن الحسن الزبيدي األندلسي، طبقات النحــويين واللغــوين: 770

. 2محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، طــاه: 771 ، تحقيــق:7)( إبراهيم بن أبي محمد يحيى اليزيدي، ما اتفق لفظه واختلــف معن

هـ1407، 1عبد الرحمان بن سليمان العثيمين، ط. 82)( ضميري، دانشنامه أصوليان شيعه: 772. 31؛ النجاشي، الفهرست: 49)( راجع: الطوسي، الفهرست: 773. 32)( النجاشي، الفهرست: 774. 49)( الطوسي، الفهرست: 775. 225)( ابن النديم، الفهرست: 776. 32)( النجاشي، الفهرست: 777. 49)( الطوسي، الفهرست: 778. 50)( المصدر السابق: 779. 225)( ابن النديم، الفهرست: 780. 225)( المصدر السابق: 781. 49)( الطوسي، الفهرست: 782. 76)( راجع: النجاشي، الفهرست: 783. 63)( الطوسي، الفهرست: 784. 177)( النجاشي، الفهرست: 785. 162)( المصدر السابق: 786. 265)( المصدر السابق: 787. 266)( المصدر السابق: 788. 265)( المصدر السابق: 789. 268)( المصدر السابق: 790. 266)( المصدر السابق: 791. 384)( المصدر السابق: 792. 384)( المصدر السابق: 793. 277)( الطوسي، الفهرست: 794. 392)( النجاشي، الفهرست: 795. 63)( المصدر السابق: 796)( المصدر نفسه. 797)( المصدر نفسه. 798)( المصدر نفسه. 799. 220)( المصدر السابق: 800. 358: 8)( أحمد باكتجي، دائرة المعارف اإلسالمية الكبرى 801 ، طبعــة مؤسســة النشــر اإلســالمي التابعــة لجامعــة220)( النجاشــي، الفهرســت: 802

سين بقم. المدر. 260)( المصدر السابق: 803. 379)( النجاشي، الفهرست: 804. 228)( الطوسي، الفهرست: 805. 113)( محمد باقر الصدر، المعالم الجديدة لألصول: 806 )أصول فقه(. 357 ـ 356: 8)( أحمد باكتجي، دائرة المعارف اإلسالمية الكبرى 807 ، ســازمان مطالعــه وتــدوين كتب320)( د. أبو القاسم كرجي، تاريخ فقه وفقهــاء،: 808

هـ.ش. 1388، 10 )سمت(، طدانشگاههاعلوم إنساني . 177)( جمال الدين البدري، االحزاب الدينية اإلسرائيلية، النشأة والتطور: 809. 15)( روجيه جارودي، األصوليات المعاصرة: 810. 137ول ويليم، األديان في علم االجتماع: پ)( جان 811

)( أبو بكر ناجي، إدارة التوحش. 812. 201: 16)( مسند أحمد بن حنبل 813. 202: 16)( المصدر السابق 814. 250: 4)( البيهقي، دالئل النبوة 815.485: 7)( مسند أحمد بن حنبل 816. 129: 11)( المصدر السابق 817. 11)( زينو، موسوعة األديان الحية: 818. 152)( الذهبي، التفسير والمفسرون: 819

. 144: 1انظر: محمد أديب صالح، تفسير النصوص في الفقه اإلسالمي )( يمكن التحقق من ذلك باستعراض تفاسير )راديكالية(، مثــل: )في ظالل القــرآن(،820

لسيد قطب. . 56)( محمد هادي معرفت، التفسير والمفسرون: 821. 799: 2؛ سنن أبي داوود 235)( المال علي القاري، المشكاة: 822)( قال عنه أهل العلم: إنه حديث ضعيف وغريب. 823

. 360: 1انظر: سنن الترمذي )( ابن الصالح، مصطلح الحديث. 824ده825 )( البدعة عند أحمد ما أحدث في الدين وليس منه، وما خالف الســنة، ومــا لم يؤي

سلوك الصحابة والتابعين وأتباعهم. وهي أخطر من الكفر. فأحمد ال يرى توبة لمن دعا إلى بدعة، بينما للكافر الحق في التوبة، ويرى أن الرد على أهل البدع أعظم من جهاد

الكفار. . 117)( انظر: السبكي، جمع الجوامع: 826 241: 2)( ابن تيمية، منهاج السنة 827

. 33: 7انظر: ابن تيمية، مجموع الفتاوي . 111: 7)( موسوعة مؤلفات ابن عبد الوهاب 828. 67: 1)( الباقالني، اإلنصاف 829. رئيس الجمعية المصرية العلمية للدراسات الروحية بالقاهرة)( 830 )اإلهداء(.3دراسات في عالم الروح: )( 831. 15المصدر السابق: )( 832. 32المصدر السابق: )( 833. 36 ـ 35المصدر السابق: )( 834. 44المصدر السابق: )( 835. 85المصدر السابق: )( 836. 87المصدر السابق: )( 837. 90المصدر السابق: )( 838. 91المصدر السابق: )( 839. 94المصدر السابق: )( 840. 132المصدر السابق: )( 841. 133 المصدر السابق: )(842. 137المصدر السابق: )( 843. 155المصدر السابق: )( 844ــاب141)( المصــدر الســابق: 845 ــا لكت ــد جــاءت تفاصــيل أخــرى في قراءتن ــذا، وق . ه

(، منهــا:2013، عــام 1)الباراسايكولوجي ـ القدرات الخارقة، إعــداد: يوســف علي، ط قصة الداعية اإلسالمي )أحمد ديدات(، الــذي زار هــذا العــالم الســويدي، وتم اكتشــاف

هذه األلوان على جهازه. . 154دراسات في عالم الروح: )( 846. 155المصدر السابق: )( 847. 157المصدر السابق: )( 848. 163المصدر السابق: )( 849

. 177المصدر السابق: )( 850. 216المصدر السابق: )( 851. 216المصدر السابق: )( 852. 224المصدر السابق: )( 853. 224المصدر السابق: )( 854